الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
«الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة» «1» .
ووقع فى رواية ابن إدريس عن حصين فى هذا الحديث قوله صلى الله عليه وسلم:
«والإبل عزّ لأهلها، والغنم بركة»
[أخرجه البرقانى فى مستخرجه، ونبه عليه الحميدى، ونقله ابن حجر (فتح البارى 6/ 395) ]
وروى النسائى عن زيد بن خالد الجهنى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله:
«لا تسبوا الديك فإنه يوقظ للصلاة» .
[رواه أبو داود أيضا وابن حبّان فى صحيحه إلا أنه قال: «فإنه يدعو للصلاة» على ما نقله المنذرى (5/ 133) ] .
الرفق بالحيوان:
ولقد ضرب المسلمون أروع الأمثال فى الرفق بالحيوان، فهناك من أجار الجراد، ومنهم من كان يفت الخبز للنمل، ويقول: إنهن جارات ولهن حق، ومنهم من كان يرى أن الطريق مشترك بينه وبين الكلب، وليس من حقه أن ينحيه عنه؛ ولا عجب فقد تلقوا مبادئ الرفق بالحيوان من الرسول الكريم الذى جعل الإحسان إلى الحيوان والرفق به عبادة من العبادات تكاد تصل إلى أعلى الدرجات؛ فمن ذلك حديث أبى هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:«بينما رجل يمشى بطريق اشتد عليه الحر، فوجد بئرا، فنزل فيها فشرب، ثم خرج؛ فإذا كلب يلهث؛ يأكل الثرى من العطش؛ فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذى كان بلغ منى! فنزل البئر فملأ خفّه ماء، ثم أمسكه بفيه حتى رقى، فسقى الكلب، فشكر الله له!» .
فقالوا: يا رسول الله: إن لنا فى البهائم أجرا؟ فقال:
[رواه مالك والبخارى ومسلم وأبو داود وابن حبان فى صحيحه]
وفى رواية: «فشكر الله له؛ فأدخله الجنة» .
(1) صحيح: أخرجه البخارى (2849) ، ومسلم (1871) .
وأخرج مسلم عن أبى بكر بن أبى شيبة بسنده إلى أبى هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
[يطيف: يدور حولها.. أدلع لسانه: أخرجه لشدة العطش]
نعم غفر الله لتلك البغىّ ذنوبها بسبب ما فعلته من سقى الكلب.
وأخرج البخارى ومسلم عن عبد الله بن مسلمة من حديث أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
«الخيل لثلاثة: لرجل أجر، ولرجل ستر، وعلى رجل وزر. فأما الذى له أجر؛ فرجل ربطها فى سبيل الله، فأطال فى مرج أو روضة، فما أصابت فى طيلها من ذلك المرج أو الروضة كانت له حسنات، ولو أنها قطعت طيلها، فاستنت شرفا أو شرفين كانت أرواثها واثارها حسنات له، ولو أنها مرت بنهر فشربت منه، ولم يرد أن يسقيها كان ذلك حسنات له
…
الحديث «1» » .
وعن محمود بن الربيع أن سراقة بن جعشم قال: يا رسول الله؛ إن الضالة ترد على حوضى، فهل من أجر إن سقيتها؟
قال «اسقها فإن فى كل ذات كبد حراء أجرا» .
[رواه ابن حبان فى صحيحه (1/ 377) ورواه ابن ماجه والبيهقى]
وعن عبد الله بن عمرو أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنى أنزع فى حوضى حتى إذا ملأته لإبلى ورد علىّ البعير لغيرى فسقيته؛ فهل لى فى ذلك من أجر؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فى كل ذات كبد أجر» .
[رواه أحمد ورواته ثقات- المسند 2/ 222، 2/ 375]
(1) حديث صحيح. رواه البخارى فى الزكاة- باب زكاة البقر (2/ 148) ، ومسلم فى كتاب الزكاة- باب إثم مانع الزكاة (3/ 70- 71) .
وكما أن الإحسان إلى الحيوان والرفق به عبادة من العبادات التى قد تصل فى بعض الأحيان إلى أعلى الدرجات وأقوى أسباب المغفرة؛ فإن الإساءة للحيوان تعد معصية تودى بصاحبها إلى أعمق دركات الإثم والعذاب!
وفى ذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم فى الحديث الذى رواه البخارى ومسلم:
«عذبت امرأة فى هرة لم تطعمها ولم تسقها، ولم تتركها تأكل من خشاش الأرض» .
وروى البخارى بسنده إلى أسماء بنت أبى بكر أن النبى صلى الله عليه وسلم قال:
«
…
ودنت منّى النار حتى قلت: أى ربّ وأنا معهم؛ فإذا امرأة حسبت أنه قال: تخدشها هرّة- قلت: ما شأن هذه؟ قالوا:
حسبتها حتى ماتت جوعا» .
قال النووى فى شرح هذا الحديث عن مسلم (9/ 89)«إن المرأة كانت مسلمة، وأنها دخلت النار بسببها، وهذه المعصية ليست صغيرة؛ صارت بإصرارها كبيرة» .
هذا هو الإسلام، وهذه هى تعاليمه ومبادئه السمحة، حرم تعذيب الحيوان، ولعن المخالفين على مخالفتهم، ولا أدل على ذلك مما رواه مسلم بسنده إلى ابن عباس أن النبى صلى الله عليه وسلم مر على حمار قد وسم فى وجهه فقال:
وفى رواية: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الضرب فى الوجه، وعن الوسم فى الوجه» .
وروى الطبرانى بإسناد جيد مختصرا:
«أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن من يسم فى الوجه» .
والأحاديث فى النهى عن الكىّ فى الوجه أو الضرب كثيرة تدل على أن هذا الدين دين الرحمة والشفقة، ولقد حرمت الشريعة أن تقتل الحيوانات صبرا، أى تحبس لترمى حتى تموت.
كما حرّم «المثلة» وهى قطع أطراف الحيوان، فقد أخرج البخارى ومسلم عن عبد الله بن عمر أنه قال:«لعن النبى صلى الله عليه وسلم من مثّل بالحيوان» (8/ 284) .
قال العسقلانى فى شرح هذا الحديث: واللعن من دلائل التحريم كما لا يخفى.
ويقول ابن حجر بعد أن ساق كثيرا من الأحاديث:
وفى هذه الأحاديث: تحريم تعذيب الحيوان، والتحريم يقتضى العقاب، والعقاب أثر من اثار الجريمة، وهذا يعنى: أن الإساءة إلى الحيوان، وتعذيبه، وعدم الرفق به يعتبر جريمة فى نظر الشريعة الإسلامية.
ولا عجب إذا ما رأينا الإسلام يحرم أنواعا من التصرفات مع الحيوان ربما شاعت وانتشرت فى الدول التى تتشدق بحمل راية الرفق بالحيوان بينما تمارس فيها فنون لا تتم إلا بتعذيب الحيوان كمصارعة الثيران، وتهييج الديكة والكباش بعضها على بعض فى مباريات دموية يسعد برؤيتها أولئك الذين يؤسسون جمعيات للرفق بالحيوان!
وقد اعتبرت الشريعة الإسلامية ذلك من الفعل المحرم الذى يستحق العقوبة، فقد روى ابن عباس «أن النبى صلى الله عليه وسلم نهى عن التحريش بين البهائم» .
[أخرجه أبو داود فى سننه فى كتاب الجهاد حديث رقم (2562) ورواه الترمذى متصلا ومرسلا، وقال فى المرسل: هو أصح]
وروى عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بن الخطاب عن أبيه قال:
«كنا مع النبى صلى الله عليه وسلم فى سفر فانطلق لحاجته، فرأينا حمّرة معها فرخان، فأخذنا فرخيها، فجاءت الحمّرة فجعلت تعرش، فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
«من فجع هذه بولدها؟ ردّوا ولدها إليها» .
وعن الشريد قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
«من قتل عصفورا عبثا عجّ إلى الله يوم القيامة يقول: يا ربّ إن فلانا قتلنى عبثا، ولم يقتلنى منفعة» . [رواه النسائى، وابن حبان فى صحيحه (7/ 557) ]
وعن ابن عمر، أنه مر بفتيان من قريش قد نصبوا طيرا أو دجاجة- يترامونها-