الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال صاحب فقه السنة: ذهب جمهور العلماء إلى أنه لا زكاة فى العسل، وقال البخارى: ليس فى زكاة العسل شىء يصح، أى عن النبى صلى الله عليه وسلم، وقال الشافعى: واختيارى ألا يؤخذ منه.. وقال ابن المنذر: ليس فى وجوب الصدقة فى العسل خبر يثبت، ولا إجماع، فلا زكاة فيه، وهو قول الجمهور. وذهب الحنفية وأحمد إلى أن فى العسل زكاة، لأنه وإن لم يصح فى إيجابه حديث، إلا أنه جاء فيه اثار يقوى بعضها بعضا، ولأنه يتولد من نور الشجر والزهر، ويكال ويدّخر، فوجبت فيه الزكاة كالحب والتمر، ولأن الكلفة فيه دون الكلفة فى الزروع والثمار اهـ.
(د) ما ورد من الأحاديث فى النحل واليعسوب والعسل والزنبور:
[646]
عن عائشة رضى الله عنها قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبّ العسل والحلوى، وكان إذا انصرف من العصر دخل على نسائه فيدنو من إحداهنّ، فدخل على حفصة بنت عمر فاحتبس أكثر ما كان يحتبس، فغرت، فسألت عن ذلك، فقيل لى: أهدت لها امرأة من قومها عكة عسل، فسقت النّبىّ صلى الله عليه وسلم منه شربة، فقلت: أما والله لنحتالنّ له، فقلت لسودة بنت زمعة: إنه سيدنو منك، فإذا دنا منك فقولى: أكلت مغافير، فإنه سيقول لك: لا، فقولى له: ما هذه الريح التى أجد منك؟ فإنه سيقول لك: سقتنى حفصة شربة عسل، فقولى له: جرست نحله العرفط «1» ، وسأقول ذلك. وقولى أنت يا صفية ذاك. قالت تقول سودة: فو الله ما هو إلا أن قام على الباب فأردت أن أبادئه بما أمرتنى به فرقا منك. فلما دنا منها قالت له سودة: يا رسول الله، أكلت مغافير قال: لا. قالت: فما هذه الريح التى أجد منك؟
(1) أصل الجرس: الصوت الخفى ومنه حديث صفة الجنة «يسمع جرس الطير» ولا يقال: جرس بمعنى رعى إلا للنحل وجرست النحل العسل تجرسه جرسا إذا لحسته. والعرفط: نبات مر له ورقة عريضة تفرش بالأرض وله شوكة وثمرة بيضاء كالقطن وهو خبيث الرائحة.
قال: سقتنى حفصة شربة عسل. فقالت: جرست نحله العرفط. فلما دار إلىّ قلت له نحو ذلك. فلما دار إلى صفية قالت له مثل ذلك، فلما دار إلى حفصة قالت: يا رسول الله ألا أسقيك منه؟ قال: لا حاجة لى فيه. قالت تقول سودة: والله لقد حرمناه، قلت لها: اسكتى» «1» .
[647]
عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنّه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «والّذى نفس محمّد بيده إنّ مثل المؤمن لكمثل النّحلة أكلت طيّبا ووضعت طيّبا ووقعت فلم تكسر ولم تفسد» «2» .
[648]
[649]
عن عمر بن الخطاب- رضى الله عنه- يقول: «كان إذا نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحى يسمع عند وجهه دوى كدوى النحل» «4» .
(1) حديث صحيح.. رواه البخارى- كتاب الطلاق- باب: لم تحرم ما أحل الله لك؟ حديث (5268) ، ومسلم، كتاب الطلاق، حديث (22) ، وأحمد فى المسند (6/ 59) .
(2)
حديث صحيح.. رواه أحمد فى المسند (2/ 162، 169) ، والحاكم فى المستدرك (1/ 75- 76) ، وصححه ووافقه الذهبى، وهو جزء من حديث طويل.
(3)
خبر إسناده جيد.. رواه الدارمى فى مقدمة السنن (5) 1/ 16.
(4)
حديث ضعيف.. رواه أحمد فى مسنده (1/ 34) ، والترمذى كتاب التفسير، باب تفسير سورة المؤمنون (3222، 3223) 9/ 16- 17، والنسائى فى السنن الكبرى وقال: هذا حديث منكر لا نعلم أحدا رواه غير يونس بن سليم، ويونس لا نعرفه والله أعلم. وانظر تحفة الأشراف للمزى 8/ 83.
[650]
عن عبد الرّحمن جبير بن نفير، عن أبيه، جبير بن نفير، عن النّوّاس بن سمعان، قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدّجّال ذات غداة، فخفّض فيه ورفّع، حتّى ظننّاه فى طائفة النّخل، فلمّا رحنا إليه عرف ذلك فينا، فقال:«ما شأنكم؟» قلنا: يا رسول الله! ذكرت الدّجّال غداة، فخفضت فيه ورفّعت، حتّى ظننّاه فى طائفة النّخل. فقال:
«غير الدّجّال أخوفنى عليكم إن يخرج، وأنّا فيكم، فأنّا حجيجه دونكم، وإن يخرج، ولست فيكم، فامرؤ حجيج نفسه، والله خليفتى على كلّ مسلم. إنّه شاب قطط «1» عينه طافئة كأنّى أشبّهه بعبد العزّى ابن قطن، فمن أدركه منكم فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف. إنّه خارج خلّة بين الشّأم والعراق «2» . فعاث «3» يمينا وعاث شمالا. يا عباد الله فاثبتوا» قلنا: يا رسول الله! وما لبثه فى الأرض؟
قال: «أربعون يوما. يوم كسنة، ويوم كشهر. ويوم كجمعة وسائر أيّامه كأيّامكم» قلنا: يا رسول الله! فذلك اليوم الّذى كسنة، أتكفينا فيه صلاة يوم؟ قال «لا. اقدروا له قدره» قلنا: يا رسول الله! وما إسراعه فى الأرض؟ قال: «كالغيث استدبرته الرّيح. فيأتى على القوم فيدعوهم، فيؤمنون به ويستجيبون له، فيأمر السّماء فتمطر، والأرض فتنبت، فتروح عليهم سارحتهم، أطول ما كانت ذرا، وأسبغه «4» ضروعا، وأمدّه خواصر، ثمّ يأتى القوم، فيدعوهم فيردّون عليه قوله،
(1) قطط: أى شديد جعودة الشعر.
(2)
خلة: قيل: هو موضع حزن وصخور. أى فى طريق.
(3)
فعاث: العيث الفساد، أو أشد الفساد والإسراع فيه.
(4)
ذرا، وأسبغه: الذرا الأعالى والأسنمة جمع ذروة، وأسبغه أى أطوله لكثرة اللبن.
فينصرف عنهم، فيصبحون ممحلين «1» ليس بأيديهم شىء من أموالهم، ويمرّ بالخربة فيقول لها: أخرجى كنوزك، فتتبعه كنوزها كيعاسيب النّحل، ثمّ يدعو رجلا ممتلئا شبابا فيضربه بالسّيف فيقطعه جزلتين رمية الغرض «2» ثمّ يدعوه فيقبل ويتهلّل وجهه، يضحك، فبينما هو كذلك إذ بعث الله المسيح ابن مريم، فينزل عند المنارة البيضاء شرقىّ دمشق بين مهرودتين «3» واضعا كفّيه على أجنحة ملكين إذا طأطأ رأسه قطر، وإذا رفعه تحدّر منه جمان كالّلؤلؤ «4» فلا يحلّ* لكافر يجد ريح نفسه إلّا مات. ونفسه ينتهى حيث ينتهى طرفه، فيطلبه حتّى يدركه بباب لدّ «5» فيقتله، ثمّ يأتى عيسى ابن مريم قوم قد عصمهم الله منه، فيمسح عن وجوههم ويحدّثهم بدرجاتهم فى الجنّة، فبينما هو كذلك إذ أوحى الله إلى عيسى: إنّى قد أخرجت عبادا لى، لا يدان لأحد بقتالهم** فحرز عبادى «6» إلى الطّور. ويبعث الله يأجوج ومأجوج، وهم من كلّ حدب ينسلون «7» ، فيمرّ أوائلهم على بحيرة طبريّة فيشربون ما فيها، ويمرّ اخرهم فيقولون: لقد كان بهذه مرّة ماء، ويحصر نبىّ الله عيسى وأصحابه، حتّى يكون رأس الثّور لأحدهم
(1) ممحلين: المحل: الجدب والقحط، والإمحال كون الأرض ذات جدب وقحط.
(2)
الجزلة: أى قطعة، أى يجعله بين القطعتين مقدار رمية.
(3)
مهرودتين: قيل: هما ثوبان مصبوغان بورس ثم يزعفران، وقيل: هما شقتان.
(4)
جمان اللؤلؤ: الجمان حبات من الفضة تصنع على هيئة اللؤلؤ الكبار، والمراد ينحدر منه الماء على هيئة اللؤلؤ فى صفائه.
* لا يحل: لا يمكن ولا يقع.
(5)
باب لد: بلدة قريبة من بيت المقدس.
** لا يدان لأحد: لا قدرة لأحد.
(6)
فحرز عبادى: أى ضمهم واجعله لهم حرزا، يقال: أحرزت الشىء أحرزه إحرازا إذا حفظته وضممته إليك.
(7)
المراد من كل موضع يمشون مسرعين.
خيرا من مائة دينار لأحدكم اليوم، فيرغب نبىّ الله عيسى وأصحابه، فيرسل الله عليهم النّغف «1» فى رقابهم. فيصبحون فرسى «2» كموت نفس واحدة ثمّ يهبط نبىّ الله عيسى وأصحابه إلى الأرض.
فلا يجدون فى الأرض موضع شبر إلّا ملأه زهمهم ونتنهم، فيرغب نبىّ الله عيسى وأصحابه إلى الله، فيرسل الله طيرا كأعناق البخت، فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله ثمّ يرسل الله مطرا لا يكنّ* منه بيت مدر ولا وبر، فيغسل الأرض حتّى يتركها كالزّلفة «3» ، ثمّ يقال للأرض: أنبتى ثمرتك، وردّى بركتك، فيومئذ تأكل العصابة من الرّمّانة ويستظلّون بقحفها، ويبارك فى الرّسل «4» حتّى أنّ اللّقحة من الإبل لتكفى الفئام «5» من النّاس، واللّقحة من البقر لتكفى القبيلة من النّاس واللّقحة من الغنم لتكفى الفخذ من النّاس «6» فبينما هم كذلك إذ بعث الله ريحا طيّبة، فتأخذهم تحت اباطهم، فتقبض روح كلّ مؤمن وكلّ مسلم، ويبقى شرار النّاس، يتهارجون فيها تهارج الحمر «7» ، فعليهم تقوم السّاعة» «8» .
[651]
عن أبى موسى قال: غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى بعض
(1) النغف: دود يكون فى أنوف الإبل والغنم، الواحدة نغفة.
(2)
فرسى: أى قتلى.
* لا يكن: لا يمنع من نزول الماء.
(3)
أى المراة فى صفائها ونظافتها.
(4)
الرسل: اللبن.
(5)
الفئام: الجماعة الكثيرة.
(6)
الفخذ من الناس: الجماعة من الأقارب، وهم دون البطن، والبطن دون القبيلة.
(7)
أى يجامع الرجال النساء علانية بحضرة الناس كما يفعل الحمير.
(8)
حديث صحيح.. رواه مسلم فى كتاب الفتن وأشراط الساعة- باب ذكر الدجال (5/ 785) ، وابن ماجه فى كتاب الفتن- باب فتنة الدجال وخروج عيسى ابن مريم، حديث (4075) .
أسفاره، قال: فعرس «1» بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانتهيت بعض الليل إلى مناخ رسول الله صلى الله عليه وسلم أطلبه، فلم أجده، قال: فخرجت بارزا أطلبه، وإذا رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يطلب ما أطلب، قال: فبينا نحن كذلك إذ اتجه إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: فقلنا: يا رسول الله، أنت بأرض حرب، ولا نأمن عليك، فلولا إذا بدت لك الحاجة قلت لبعض أصحابك فقام معك.. قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنى سمعت هزيزا كهزيز الرحى، أو حنينا كحنين النحل، واتانى ات من ربى عز وجل قال: فخيّرنى أن يدخل شطر أمتى الجنة وبين شفاعتى لهم، فاخترت شفاعتى لهم، وعلمت أنها أوسع لهم، فخيّرنى بأن يدخل ثلث أمتى الجنة وبين الشفاعة لهم، فاخترت لهم شفاعتى وعلمت أنها أوسع لهم» فقال: يا رسول الله، ادع الله تعالى أن يجعلنا من أهل شفاعتك، قال: فدعا لهما، ثم إنهما نبها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبراهم بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: فجعلوا يأتونه ويقولون: يا رسول الله، ادع الله تعالى أن يجعلنا أهل شفاعتك، فيدعو لهم، قال:
فلما أضب عليه القوم وكثروا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنها لمن مات وهو يشهد ألاإله إلا الله» «2» .
[652]
عن النعمان بين بشير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن مما تذكرون من جلال الله: التسبيح والتهليل، والتحميد، ينعطفن حول العرش، لهن دوىّ كدوىّ النحل، تذكّر بصاحبها. أما يحبّ أحدكم أن يكون له- أو لا يزال له- من يذكّر به؟!» «3» .
(1) عرس المسافرون: نزلوا اخر الليل للراحة.
(2)
رواه أحمد فى مسنده 4/ 415.
(3)
رواه ابن ماجه فى سننه، كتاب الأدب، حديث رقم 3809، وأحمد فى سنده 4/ 268، 271.
[653]
عن يحيى بن سعيد، أن أبا بكر الصديق بعث جيوشا إلى الشام، فخرج يمشى مع يزيد بن أبى سفيان، وكان أمير ربع من تلك الأرباع، فزعموا أن يزيد قال لأبى بكر: إما أن تركب وإما أن أنزل.
فقال أبو بكر: ما أنت بنازل وما أنا براكب، إنّى أحتسب خطاى هذه فى سبيل الله. ثم قال له: إنك ستجد قوما زعموا أنهم حبسوا أنفسهم لله. فذرهم وما زعموا أنهم حبّسوا أنفسهم له، وستجد قوما فحصوا عن أوساط رؤسهم من الشّعر، فاضرب ما فحصوا عنه بالسيف. وإنّى موصيك بعشر: لا تقتلنّ امرأة ولا صبيّا، ولا كبيرا هرما، ولا تقطعنّ شجرا مثمرا، ولا تخربنّ عامرا، ولا تعقرن شاة، ولا بعيرا، إلا لمأكلة، ولا تحرقنّ نحلا، ولا تفرّقنّه، ولا تغلل، ولا تجبن «1» .
[654]
عن أبى سيّارة المتّقى قال: قلت: يا رسول الله، إن لى نحلا، قال:«أدّ العشر» قال: قلت: يا رسول الله، احمها لى..
فحماها «2» .
6-
النّحوص: (الأتان)(انظر الدواب) .
(1) رواه مالك فى الموطأ، كتاب الجهاد، حديث رقم 10.. وحبسوا: أن وقفوا.
(2)
رواه ابن ماجه فى سننه، كتاب الزكاة، حديث رقم 1823.. قال ابن أبى حاتم عن أبيه: لم يلق سليمان بن موسى أبا سيارة، والحديث مرسل. وحكى الترمذى فى العلل عن البخارى، عقب هذا الحديث، أنه مرسل، ثم قال: لم يدرك سليمان أحدا من الصحابة اهـ. وأبو سيارة ليس له عند ابن ماجه سوى هذا الحديث الواحد، وليس له شىء فى الأصول الخمسة. أدّ العشر: أى من عسله.. احمها: احفظها حتى لا يطمع فيها أحد.