الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
5- الفرس
(أ) طبائع الفرس:
وفى الفرس الزهو والخيلاء والسرور بنفسه، والمحبة لصاحبه. ومن أخلاقه الدالة على شرف نفسه وكرمه أنه لا يأكل بقية علف غيره. ومن علو همته أن أشقر مروان كان سائسه لا يدخل عليه إلا بإذن؛ وهو أن يحرك له المخلاة، فإن حمحم دخل، وإن دخل ولم يحمحم شد عليه!
والأنثى من الخيل ذات شبق شديد، ولذلك تطيع الفحل من غير نوعها وجنسها.
قال الجاحظ: والحيض يعرض للإناث منهن، ولكنه قليل. والذكر ينزو إلى تمام أربعين سنة، وربما عمّر إلى تسعين.
(ب) ما جاء بشأنها فى الحديث الشريف:
[506]
روى أبو داود والحاكم عن أبى هريرة- رضى الله تعالى عنه- «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسمى الأنثى من الخيل فرسا» «1» .
[507]
عن مجاهد قال: شهد ابن عمر الفتح وهو ابن عشرين سنة، ومعه فرس حرون ورمح ثقيل، فذهب ابن عمر يختلى لفرسه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن عبد الله
…
إن عبد الله» «2» .
[508]
عن أبى بن عباس بن سهل عن أبيه عن جده قال: كان للنبى صلى الله عليه وسلم فى حائطنا فرس يقال له اللّحيف. وقال بعضهم: اللّخيف «3» .
[509]
وفى سنن البيهقى، فى كتاب البيوع أن عبد الرحمن بن
(1) حديث صحيح.. رواه أبو داود (2546) ، والحاكم (2/ 144) ، والبيهقى (6/ 330) .
(2)
رواه أحمد فى سنده 2/ 12.
(3)
رواه البخارى فى صحيحه، كتاب الجهاد والسير، باب اسم الفرس والحمار.
عوف اشترى من عثمان بن عفان- رضى الله تعالى عنهما- فرسا بأربعين ألفا.
[510]
والفرس الذى اشتراه النبى صلى الله عليه وسلم من الأعرابى وشهد له به خزيمة اسمه «المرتجز» ، واسم الأعرابى: سواد بن الحارث المحاربى.
وكان النبى صلى الله عليه وسلم ابتاعه منه، فاستتبعه ليقبض ثمنه منه، فأسرع النبى صلى الله عليه وسلم المشى، وأبطأ الأعرابى، فساومه رجال لا يشعرون أن النبى صلى الله عليه وسلم ابتاعه منه. فنادى الأعرابى، إن كنت مبتاعا هذا الفرس، وإلا بعته. فقال النبى صلى الله عليه وسلم:«أو ليس قد ابتعته منك؟» فقال الأعرابى: لا والله. وطفق الأعرابى يقول: هلم بشهيد. فقال خزيمة: أنا أشهد. فأقبل النبى صلى الله عليه وسلم على خزيمة فقال: «بم تشهد؟» قال: بتصديقك يا رسول الله. فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادة خزيمة بشهادة رجلين» [رواه أبو داود، والنسائى] .
وفى رواية فى الحديث: «هلا حضرتنا يا خزيمة؟» . قال: لا.
قال: «فكيف تشهد بذلك؟» . فقال خزيمة: بأبى أنت وأمى يا رسول الله، أصدقك على أخبار السماء، وما يكون فى غد، ولا أصدقك فى ابتياعك هذا الفرس! فقال- عليه الصلاة والسلام:«إنك لذو الشهادتين يا خزيمة» «1» .
[511]
وفى مسند الإمام أحمد عن روح بن زنباع أنه روى عن تميم الدارى- رضى الله عنه- أنه قال: إن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «من نقّى لفرسه شعيرا ثم جاءه حتى يعلفه، كتب الله له بكل شعيرة حسنة» ورواه ابن ماجه بمعناه «2» .
(1) قال السهيلى: وفى مسند الحارث زيادة، وهى أن النبى صلى الله عليه وسلم رد الفرس على ذلك الأعرابى، وقال:«لا بارك الله لك فيها» فأصبحت من الغد شائلة برجليها؛ أى: ماتت، والحديث صحيح، وانظر هذه الزيادة، وهى ضعيفة فى «مسند الحارث- بغية الباحث» برقم (1030- طبع دار الطلائع) .
(2)
حديث حسن
…
رواه أحمد (4/ 103) .
[512]
عن ابن عمر رضى الله عنهما أنه كان له فرس يوم لقى المسلمون عدوّهم، وأمير المسلمين يومئذ خالد بن الوليد، بعثه أبو بكر، فأخذه العدوّ، فلما هزم العدوّ ردّ خالد فرسه «1» .
[513]
وفى الصحيح أن النبى صلى الله عليه وسلم ركب فرسا معرورا لأبى طلحة، وقال:«وجدناه بحرا أو إنه بحر» «2» ، وكان فرسا يبطّأ.
[514]
وفى «الفائق» أن أهل المدينة فزعوا مرة فركب النبى صلى الله عليه وسلم فرسا مقرفا وركض فى اثارهم، فلما رجع قال:«إن وجدناه لبحرا» .
قال حماد بن سلمة: كان هذا الفرس بطيئا، فلما قال النبى صلى الله عليه وسلم هذا القول صار سابقا لا يلحق «3» .
[515]
وروى النسائى والطبرانى من حديث عبد الله بن أبى الجعد، أخى سالم بن أبى الجعد عن جعيل الأشجعى- رضى الله تعالى عنه- قال: خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى بعض غزواته، وأنا على فرس عجفاء، فكنت فى اخر الناس فلحقنى النبى صلى الله عليه وسلم فقال:«سر يا صاحب الفرس» . فقلت: يا رسول الله: إنها فرس عجفاء ضعيفة. قال: فرفع النبى صلى الله عليه وسلم مخفقة كانت معه فضربها بها، وقال:«اللهم بارك له فيها» .
فلقد رأيتنى ما أملك رأسها حتى صرت قدام القوم، ولقد بعت من بطنها باثنى عشر ألفا «4» .
[516]
وروى البخارى عن سعيد المقبرى أنه قال: سمعت أبا هريرة
(1) رواه البخارى فى كتاب الجهاد والسير، باب إذا غنم المشركون مال مسلم، ثم وجده المسلم.
(2)
حديث رواه البخارى (4/ 27)، ومسلم (2307) . وجدناه بحرا: واسع الجرى، وكان فرسا يبطأ: معروف بالبطء وسوء السير.
(3)
حديث رواه البخارى (4/ 27) .
(4)
حديث رواه الطبرانى فى «الكبير برقم (2172) ، وهو صحيح.
- رضى الله تعالى عنه- يقول: قال النبى صلى الله عليه وسلم: «من احتبس فرسا فى سبيل الله تعالى إيمانا بالله- عز وجل واحتسابا، وتصديقا بوعده، فإن شبعه، وريه، وروثه، وبوله، فى ميزانه يوم القيامة» يعنى حسنات «1» .
[517]
وروى ابن حبان فى صحيحه عن أبى عامر الهوازنى عن أبى كبشة الأنمارى: أنه أتاه فقال: أطرقنى فرسك، فإنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:«من أطرق فرسا فعقب له كان له أجر كأجر سبعين فرسا حمل عليها فى سبيل الله تعالى، وإن لم يعقب كان كأجر فرس حمل عليها فى سبيل الله» «2» .
[518]
عن أسيد بن حضير قال: بينما هو يقرأ من الليل سورة البقرة، وفرسه مربوط عنده؛ إذ جالت «3» الفرس، فسكت فسكنت، فقرأ فجالت الفرس، فسكت وسكنت الفرس، ثم قرأ فجالت الفرس، فانصرف، وكان ابنه يحيى قريبا منها، فأشفق أن تصيبه «4» ، فلما اجترّه «5» رفع رأسه إلى السماء حتى ما يراها «6» ، فلما أصبح حدّث النبى صلى الله عليه وسلم، فقال له:«اقرأ يا بن حضير.. اقرأ بابن حضير» «7» قال:
فأشفقت يا رسول الله أن تطأ يحيى، وكان منها قريبا، فرفعت رأسى،
(1) حديث صحيح.. رواه البخارى (2853) .
(2)
حديث حسن.. رواه ابن حبان (1937- موارد الظمان) .
(3)
جالت: يقال: جال، واجتال: إذا ذهب وجاء، ومنه الجولان فى الحرب، واجتال الشىء إذا ذهب به وساقه، والجائل: الزائل عن مكانه.
(4)
أى خاف عليه أن تصيبه الفرس.
(5)
اجتره: أى اجتر ولده من المكان الذى هو فيه حتى لا تطأه الفرس.
(6)
قال الحافظ فى الفتح: فيه اختصار، وقد أورده أبو عبيد كاملا، ولفظه:«رفع رأسه إلى السماء، فإذا هو بمثل الظلة فيها أمثال المصابيح عرجت إلى السماء حتى ما يراها» اهـ.
(7)
أى: كان ينبغى أن تستمر على قراءتك، وليس أمرا بالقراءة، فى حالة التحديث، فكأنه يقول له: استمر على قراءتك لتستمر لك البركة بنزول الملائكة واستماعها لقراءتك، وفهم أسيد ذلك فأجاب بعذره فى قطع القراءة بقوله: خفت أن تطأ يحيى.
فانصرفت إليه، فرفعت رأسى إلى السماء، فإذا مثل الظّلّة فيها أمثال المصابيح فخرجت حتى لا أراها. قال:«وتدرى ما ذاك؟» قال: لا.
قال: تلك الملائكة، دنت لصوتك، ولو قرأت لأصبحت ينظر الناس إليها، لا تتوارى «1» منهم «2» .
[519]
عن أسماء بنت أبى بكر قالت: «تزوجنى الزبير، وما له فى الأرض من مال ولا مملوك ولا شىء غير فرسه. قالت: فكنت أعلف فرسه، وأكفيه مئونته، وأسوسه «3» ، وأدقّ النوى لناضحه، وأعلفه، وأستقى الماء، وأخرز غربه «4» ، وأعجن «5» ، ولم أكن أحسن أخبز، وكان يخبز لى جارات من الأنصار، وكنّ نسوة صدق. قالت: وكنت أنقل النوى من أرض الزّبير التى أقطعه «6» رسول الله صلى الله عليه وسلم على رأسى، وهى على ثلثى فرسخ «7» . وقالت: فجئت يوما والنوى على رأسى، فلقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه نفر من أصحابه، فدعانى، ثم قال: إخ إخ «8» ؛ ليحملنى خلفه، فاستحييت وعرفت غيرتك. فقال: والله لحملك النوى على رأسك أشدّ من ركوبك معه! قالت: حتى أرسل إلىّ
(1) لا تتوارى: أى لا تستتر من الناس.
(2)
حديث صحيح.. رواه البخارى فى صحيحه- كتاب فضائل القران- باب نزول السكينة، والملائكة عند قراءة القران (5018) .
(3)
أسوسه: أى: أتولى أمره، والسياسة القيام على الشىء بما يصلحه.
(4)
الغرب: الدلو الكبير.
(5)
كل ما ذكرته أسماء من الواجبات التى تقوم بها هى من المعروف والمروات التى أطبق الناس عليها، وهى أن المرأة تخدم زوجها بهذه الأمور المذكورة ونحوها، وكله تبرع من المرأة، وإحسان منها إلى زوجها، وحسن معاشرة، وفعل معروف معه، ولا يجب عليها شىء من ذلك، ولا يحل له إلزامها بشىء من هذا، وإنما تفعله المرأة تبرعا، وهى عادة جميلة استمر عليها النساء من الزمن الأول إلى الان، وإنما الواجب عليها شيئان: تمكينها زوجها من نفسها، وملازمة بيته.
(6)
أقطعه: أعطاه، ومنحه.
(7)
على ثلثى فرسخ: أى من مسكنها بالمدينة، والفرسخ ثلاثة أميال.
(8)
إخ إخ: بكسر الهمزة وإسكان الخاء- كلمة تقال للبعير ليبرك.
أبو بكر بعد ذلك بخادم فكفتنى سياسة الفرس، فكأنما أعتقتنى «1» .
[520]
عن أبى هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من خير معاش النّاس لهم رجل ممسك عنان فرسه «2» فى سبيل الله يطير على متنه «3» كلما سمع هيعة «4» أو فزعة «5» طار عليه يبتغى القتل والموت مظانّه، أو رجل فى غنيمة «6» فى رأس شعفة «7» من هذه الشّعف، أو بطن واد من هذه الأودية يقيم الصّلاة ويؤتى الزكاة ويعبد ربّه حتّى يأتيه اليقين، ليس من الناس إلّا فى خير» «8» .
[521]
عن ابن عباس رضى الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم قال يوم بدر:
«هذا جبريل اخذ برأس فرسه عليه أداة الحر» «9» .
[522]
عن الأزرق بن قيس قال: «كنّا على شاطئ نهر بالأهواز «10» قد نضب عنه الماء «11» ، فجاء أبو برزة الأسلمىّ على فرس فصلّى وخلّى فرسه فانطلقت الفرس، فترك صلاته، وتبعها حتّى أدركها فأخذها ثمّ جاء فقضى صلاته، وفينا رجل له رأى فأقبل يقول: انظروا إلى هذا الشّيخ ترك صلاته من أجل فرس، فأقبل فقال: ما عنّفنى أحد منذ فارقت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: إنّ منزلى متراخ فلو صلّيت وتركت لم ات أهلى إلى اللّيل،
(1) حديث صحيح.. رواه مسلم فى صحيحه «كتاب السلام» باب جوار إرداف المرأة الأجنبية إذا أعيت (2181) .
(2)
عنان فرسه: أى أنه مستعد ومتأهب للجهاد فى سبيل الله.
(3)
أى أنه يسرع جدا بالفرس حتى كأنه يطير وهو على ظهر الفرس.
(4)
الهيعة: هى حدوث الصوت عند حضور العدو.
(5)
الفزعة: هى النهوض إلى العدو.
(6)
غنيمة: تصغير غنم أى عدد قليل من الغنم.
(7)
الشعفة: هى أعلى الجبل.
(8)
حديث صحيح.. رواه مسلم فى كتاب الإمارة- باب فضل الجهاد والرباط (6/ 39- 40) .
(9)
حديث صحيح.. رواه البخارى فى كتاب المناقب- باب شهود الملائكة بدرا (5/ 103) .
(10)
الأهواز: بلدة بين البصرة وفارس.
(11)
نضب عنه الماء: أى زال عنه الماء وأصبح خاويا.
وذكر أنّه صحب النّبىّ صلى الله عليه وسلم فرأى من تيسيره» «1» .
[523]
عن أبى هريرة- رضى الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «جعل الله الرّحمة مائة جزء، فأمسك عنده تسعة وتسعين جزا، وأنزل فى الأرض جزا واحدا، فمن ذلك الجزء يتراحم الخلق حتّى ترفع الفرس حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه» «2» .
[524]
عن أبى هريرة- رضى الله عنه- قال: قال النّبىّ صلى الله عليه وسلم:
«ليس على المسلم فى فرسه وغلامه صدقة» «3» .
[525]
عن عبد الله بن الزّبير قال: «كنت يوم الأحزاب جعلت أنا وعمر بن أبى سلمة فى النّساء، فنظرت فإذا أنا بالزّبير على فرسه يختلف إلى بنى قريظة مرّتين أو ثلاثا، فلمّا رجعت قلت: يا أبت رأيتك تختلف قال: أو هل رأيتنى يا بنى؟ قلت: نعم. قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
من يأت بنى قريظة فيأتينى بخبرهم، فانطلقت فلمّا رجعت جمع لى رسول الله صلى الله عليه وسلم أبويه فقال:«فداك أبى وأمّى» «4» .
[526]
عن جابر بن سمرة قال: «صلّى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابن الدّحداح، ثم أتى بفرس عرى «5» فعقله رجل «6» فركبه، فجعل يتوقّص «7»
(1) حديث صحيح.. رواه البخارى فى كتاب الأدب- باب قول النبى صلى الله عليه وسلم (يسروا ولا تعسروا)(8/ 37) .
(2)
حديث صحيح.. رواه البخارى فى كتاب الأدب- باب جعل الله الرحمة مائة جزء (8/ 9) .
(3)
حديث صحيح.. رواه البخارى فى كتاب الزكاة- باب ليس على المسلم فى فرسه صدقة (2/ 149) . ومسلم فى كتاب الزكاة- باب لا زكاة على المسلم فى عبده وفرسه (3/ 67) .
(4)
حديث صحيح.. رواه البخارى فى كتاب فضائل أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم باب مناقب الزبير بن العوام (5/ 27) .
(5)
بفرس عرى: أى لا سرج ولا لجام له.
(6)
فعقله رجل: أى أمسكه وحبسه.
(7)
فجعل يتوقص: أى يثب عليه. العذق (بالفتح) النخلة، وبالكسر العرجون بما فيه من الشماريخ ويروى «مذلّل كما ذكره ابن الأثير» .
به ونحن نتّبعه نسعى خلفه، قال: فقال رجل من القوم: إنّ النّبىّ صلى الله عليه وسلم قال:
«كم من عذق معلّق أو مدلّى فى الجنّة لابن الدّحداح» «1» .
[527]
عن أنس بن مالك- رضى الله عنه «أنّ أهل المدينة فزعوا مرّة فركب النّبىّ صلى الله عليه وسلم فرسا لأبى طلحة كان يقطف «2» أو كان فيه قطاف فلمّا رجع قال: وجدنا فرسكم هذا بحرا فكان بعد ذلك لا يجارى» «3» .
[528]
عن عبد الله بن عمر قال: سمعت النّبىّ صلى الله عليه وسلم يقول: «إنّما الشّؤم «4» فى ثلاثة: فى الفرس والمرأة والدّار» «5» [ومثله، عن سهل ابن سعد الساعدى] .
[529]
عن أسلم سمعت عمر بن الخطّاب- رضى الله عنه- يقول: «حملت على فرس فى سبيل الله فأضاعه الّذى كان عنده، فأردت أن أشتريه منه، وظننت أنّه بائعه برخص، فسألت عن ذلك النّبىّ صلى الله عليه وسلم فقال: لا تشتره وإن أعطاكه بدرهم واحد، فإنّ العائد فى صدقته كالكلب يعود فى قيئه» «6» .
[530]
عن أسماء بنت أبى بكر- رضى الله عنهما- قالت:
(1) حديث صحيح.. رواه مسلم فى كتاب الجنائز- باب ركوب المصلى على الجنازة إذا انصرف (3/ 60) .
(2)
الفرس القطوف: أى البطئ المشى.
(3)
حديث صحيح.. رواه البخارى فى كتاب الجهاد والسير- باب الفرس القطوف (4/ 37) .
(4)
قال العلماء الشؤم: ضد اليمن وشؤم الفرس؛ ألا يغزى عليه، وشؤم المرأة بأن لا تلد، وأن تكون لسناء. وشؤم الدار: بأن تكون ضيقة سيئة الجيران.
(5)
حديث صحيح.. رواه البخارى فى كتاب الجهاد والسير- ما يذكر من شؤم الفرس (4/ 35) ، وفى كتاب النكاح- باب ما يتقى من شؤم المرأة (7/ 10) ، وفى كتاب الطب- باب لا عدوى (7/ 179) ، ومسلم فى كتاب السلام- باب الطيرة والفأل وما يكون فيه (7/ 34) ، وابن ماجه (1995) .
(6)
حديث صحيح.. رواه البخارى فى كتاب الهبة وفضلها (3/ 315) وفى كتاب الوصايا- باب وقف الدواب والكراع (4/ 15) ، وفى كتاب الجهاد والسير- باب الجعائل والحملان فى سبيل الله (4/ 64) ، ومسلم فى كتاب الهبات- باب كراهة شراء الإنسان ما تصدق به ممن تصدق عليه (5/ 63) .
«نحرنا على عهد النّبىّ صلى الله عليه وسلم فرسا فأكلناه» «1» .
[531]
عن معاوية بن خديج «أنّه مرّ على أبى ذرّ وهو قائم عند فرس له، فسأله: ما تعالج من فرسك هذا؟ فقال: إنّى أظنّ أنّ هذا الفرس قد استجيب له دعوته. قال: وما دعاء البهيمة من البهائم؟ قال:
والّذى نفسى بيده ما من فرس إلّا وهو يدعو كلّ سحر. فيقول: اللهمّ أنت خوّلتنى عبدا من عبادك وجعلت رزقى بيده فاجعلنى أحبّ إليه من أهله وماله وولده» قال أبى: ووافقه عمرو بن الحارث عن أبى شماسة «2» .
[532]
عن أبى بكر الصّدّيق قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يدخل الجنّة سيّئ الملكة» . قالوا: يا رسول الله أليس أخبرتنا أنّ هذه الأمّة أكثر الأمم مملوكين ويتامى؟ قال: «نعم؛ فاكرموهم ككرامة أولادكم، وأطعموهم ممّا تأكلون» . قالوا: فما ينفعنا فى الدّنيا؟ قال: «فرس ترتبطه تقاتل عليه فى سبيل الله، مملوكك يكفيك، فإذا صلّى فهو أخوك» «3» .
[533]
عن عبد الرّحمن بن مالك المدلجىّ وهو ابن أخى سراقة بن مالك بن جعشم أنّ أباه أخبره أنّه سمع سراقة يقول: جاءنا رسل كفّار قريش يجعلون فى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفى أبى بكر- رضى الله عنه- دية كلّ واحد منهما لمن قتلهما أو أسرهما. فبينا أنا جالس فى مجلس من
(1) حديث صحيح.. رواه البخارى فى كتاب الذبائح والصيد- باب النحر والذبح (7/ 121) ، وأحمد فى مسنده (6/ 353) ، والدارمى فى كتاب الأضاحى- باب فى أكل لحوم الخيل (2/ 87) .
(2)
رواه الإمام أحمد فى مسنده (5/ 162) وفيه أبو شماسة، ولم نعثر على ترجمة له، ومتن الحديث غريب!!
(3)
حديث ضعيف.. رواه أحمد فى مسنده (1/ 4، 7، 12) ، وابن ماجه فى سننه، كتاب الأدب (3691) 2/ 1217، والخرائطى فى مساوئ الأخلاق (359، 360، 712، 713) 141، 142، 250، والترمذى فى جامعه، كتاب البر والصلة (2011) 6/ 77، والبغوى فى شرح السنة (2414) 9/ 349 كلهم بسند فيه فرقد السنجى وهو ضعيف.
مجالس قومى بنى مدلج «1» أقبل رجل منهم حتّى قام علينا فقال:
يا سراقة إنّى رأيت انفا أسودة «2» بالسّاحل إنى أراها محمدا وأصحابه.
قال سراقة: فعرفت أنّهم هم. فقلت: إنّهم ليسوا بهم، ولكن رأيت فلانا وفلانا انطلق انفا قال: ثمّ لبثت فى المجلس «3» ساعة حتّى قمت فدخلت بيتى فأمرت جاريتى أن تخرج لى فرسى وهى من وراء أكمة فتحبسها علىّ، وأخذت رمحى فخرجت به من ظهر البيت فخططت برمحى الأرض، وخفضت عالية الرّمح حتّى أتيت فرسى فركبتها فرفعتها تقرب بى حتّى رأيت أسودتهما، فلمّا دنوت منهم حيث يسمعهم الصّوت عثرت «4» بى فرسى فخررت عنها فقمت فأهويت بيدى إلى كنانتى «5» فاستخرجت منها الأزلام «6» فأستقسمت بها أضرّهم أم لا، فخرج الّذى أكره ألاأضّرهم، فركبت فرسى وعصيت الأزلام فرفعتها تقرب بى حتّى إذا دنوت منهم عثرت بى فرسى فخررت عنها فقمت فأهويت بيدى إلى كنانتى «7» ، فأخرجت الأزلام فاستقسمت بها فخرج الّذى أكره ألاأضرّهم فعصيت الأزلام وركبت فرسى فرفعتها تقرب بى حتّى إذا سمعت قراءة النّبىّ صلى الله عليه وسلم وهو لا يلتفت، وأبو بكر- رضى
(1) بنو مدلج: بطن من كنانة، من العدنانية، وهم بنو مدلج بن مرة بن عبد مناة، كان منهم من اختص بعلم القيافة، وهو إصابة الفراسة فى معرفة الأشياء فى الأولاد، والقرابات، ومعرفة الاثار.
(2)
أسودة: جمع قلة لسواد، وهو الشخص؛ لأنه يرى من بعيد أسود.
(3)
لبثت فى المجلس: أى جلست فى المجلس. ورفعتها: كلفتها المرفوع من السير.
(4)
عثرت: وقعت بى.
(5)
كنانتى: الكنانة جعبة صغيرة من جلد يوضع بها النّبل.
(6)
الأزلام: هى القداح التى كانت فى الجاهلية عليها مكتوب الأمر والنهى، افعل ولا تفعل، كان الرجل منهم يضعها فى وعاء له، فإذا أراد سفرا أو أمرا مهما أدخل يده فيه فأخرج منها زلما، فإن خرج الأمر مضى لشأنه، وإن خرج النهى كف عنه ولم يفعله.
(7)
فأهويت بيدى إلى كنانتى: أى وضعت يدى فى الجعبة.
الله عنه- يكثر الالتفات، ساخت يدا فرسى «1» فى الأرض حتّى بلغت الرّكبتين فخررت عنها فرجرتها فنهضت، فلم تكد تخرج يديها فلمّا استوت قائمة إذ لا أثر بها ولها عثان ساطع فى السّماء مثل الدّخان قال معمر: قلت لأبى عمرو بن العلاء ما العثان؟ فسكت ساعة ثمّ قال: هو الدّخان من غير نار. قال الزّهرىّ فى حديثه فاستقسمت بالأزلام فخرج الّذى أكره ألاأضرّهم فناديتهما بالأمان فوقفوا فركبت فرسى حتّى جئتهم فوقع فى نفسى حين لقيت ما لقيت من الحبس عنهم أنّه سيظهر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت له: إنّ قومك قد جعلوا فيك الدّية، وأخبرتهم من أخبار سفرهم، وما يريد النّاس بهم، وعرضت عليهم الزّاد والمتاع فلم يرزؤنى شيئا «2» ولم يسألونى إلّا أن أخف عنّا، فسألته أن يكتب لى كتاب موادعة «3» امن به، فأمر عامر بن فهيرة فكتب لى فى رقعة من أديم ثمّ مضى» «4» .
[534]
عن أبى هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«من أدخل فرسا بين فرسين، وهو لا يأمن أن يسبق فليس بقمار..
ومن أدخل فرسا بين فرسين وهو يأمن أن يسبق فهو قمار» «5» .
[535]
عن خالد بن يزيد الجهنى قال: كان عقبة بن عامر يمرّ بى فيقول: يا خالد، اخرج بنا نرمى، فلما كان ذات يوم أبطأت عنه، فقال: يا خالد، تعال أخبرك بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتيته فقال: قال
(1) ساخت يدا فرسى: المراد غاصت فى الأرض.
(2)
يرزؤنى: أى لم ينقصونى شيئا.
(3)
الموادعة: الموادعة المتاركة، والمراد المصالحة والمسالمة على ترك الحرب والأذى.
(4)
حديث حسن.. رواه الإمام أحمد فى مسنده (4/ 174- 176) .
(5)
رواه ابن ماجه فى سننه، كتاب الجهاد، حديث رقم 2876 وأحمد فى مسنده 2/ 505.
رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله يدخل بالسهم الواحد ثلاثة نفر الجنة، صانعه يحتسب فى صنعه الخير، والرامى به، ومنبّله.. وارموا واركبوا، وأن ترموا أحب إلىّ من أن تركبوا، وليس اللهو «1» إلا فى ثلاثة: تأديب الرجل فرسه، وملاعبته امرأته، ورميه بقوسه ونبله، ومن ترك الرمى بعد ما علمه رغبة عنه، فإنها نعمة كفرها، أو قال: كفر بها» «2» .
[536]
وفى حديث توبة كعب بن مالك وصاحبيه، عن عبد الله بن كعب، قال: سمعت كعب بن مالك يحدث حديثه حين تخلّف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فى غزوة تبوك، قال كعب بن مالك: لم أتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فى غزوة غزاها قط، إلا فى غزوة تبوك، غير أنى تخلفت فى غزوة بدر، لم يعاتب أحدا تخلف عنه، إنما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون يريدون عير قريش.. الحديث وفيه:
فبنا أنا جالس على الحال التى ذكر الله عز وجل منّا، قد ضاقت علىّ نفسى، وضاقت علىّ الأرض بما رحبت، سمعت صوت صارخ أوفى على سلع «3» بقول بأعلى صوته: يا كعب بن مالك أبشر
…
قال:
فخررت ساجدا، وعرفت أن قد جاء فرج.
قال: فاذن رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس «4» بتوبة الله علينا حين صلّى صلاة الفجر، فذهب الناس يبشروننا، فذهب قبل صاحبىّ مبشرون، وركض رجل إلىّ فرسا، وسعى ساع من أسلم قبلى، وأوفى الجبل، فكان الصوت أسرع من الفرس
…
الحديث «5» .
(1) وليس اللهو: أى المشروع أو المباح.
(2)
رواه النسائى فى سننه، كتاب الخيل، باب: تأديب الرجل فرسه.
(3)
أوفى على سلع: صعده وارتفع عليه، وسلع جبل معروف بالمدينة.
(4)
اذن الناس: أعلمهم.
(5)
رواه مسلم فى صحيحه، كتاب التوبة، حديث رقم 53.
[537]
عن زيد بن أسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أعطوا السائل وإن جاء على فرس» «1» .
[538]
عن الزبير بن العوام أنه حمل على فرس يقال له غمر أو غمرة، فرأى مهرا «2» أو مهرة من أفلائها «3» يباع، ينسب إلى فرسه.
فنهى عنها «4» .
[539]
عن أبى سعيد الخدرى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: «مثل المؤمن كمثل الفرس على اخيته، يجول ثم يرجع إلى اخيته، وإن المؤمن يسهو ثم يرجع إلى الإيمان» «5» .
[540]
عن أبى سعيد الخدرى قال: يعرض الناس على جسر جهنم، عليه حسك وكلاليب وخطاطيف تخطف الناس.. قال: فيمر الناس مثل البرق، واخرون مثل الريح، واخرون مثل الفرس المجد، واخرون يسعون سعيا، واخرون يمشون مشيا، واخرون يحبون حبوا، واخرون يزحفون زحفا، أما أهل النار فلا يموتون ولا يحيون.. وأما ناس فيؤخذون بذنوبهم فيحرقون فيكونون فحما، ثم يأذن الله فى الشفاعة
…
الحديث «6» .
[541]
عن قاسم بن محمد قال: سمعت رجلا يسأل عبد الله بن عباس رضى الله عنهما عن الأنفال.. فقال ابن عباس: الفرس من
(1) رواه مالك فى الموطأ، كتاب الصدقة، حديث رقم 3.. وقال ابن عبد البر: لا أعلم فى إرسال هذا الحديث خلافا عن مالك، وليس فيه مسند يحتج به فيما أعلم. ورواه أيضا أحمد فى مسنده 1/ 201.
(2)
المهر: ولد الفرس.. والأنثى: مهرة.
(3)
أفلائها: جمع فلو، وهو المهر.
(4)
رواه ابن ماجه فى سننه، حديث رقم 2393.
(5)
رواه أحمد فى مسنده 3/ 38.. والاخية: عروة تثبت فى أرض أو حائط وتربط فيها الدابة.
(6)
رواه أحمد فى مسنده 3/ 25.
النّفل، والسّلب من النّفل. قال: ثم عاد الرجل لمسألته، فقال ابن عباس: ذلك أيضا. ثم قال الرجل: الأنفال التى قال الله فى كتابه ما هى؟ قال القاسم: فلم يزل يسأل حتى كاد أن يحرجه. ثم قال ابن عباس:
أتدرون ما مثل هذا؟ مثل صبيغ الذى ضربه عمر بن الخطاب «1» .
[542]
عن أبى إسحاق الهمدانى قال: قدم على النبى صلى الله عليه وسلم ذو الجوشن وأهدى له فرسا، وهو يومئذ مشرك، فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقبله، ثم قال:«إن شئت بعتنيه، أو هل لك أن تبيعنيه بالمتخيرة من دروع بدر.. ثم قال صلى الله عليه وسلم: «هل لك أن تكون أول من يدخل فى هذا الأمر؟ فقال: لا.. فقال له النبى صلى الله عليه وسلم: «ما يمنعك من ذلك؟» .. قال: رأيت قومك قد كذّبوك وأخرجوك وقاتلوك، فأنظر ما تصنع؛ فإن ظهرت عليهم امنت بك واتبعتك، وإن ظهروا عليك لم أتبعك
…
الحديث «2» .
(1) رواه مالك فى الموطأ، كتاب الجهاد برقم 19. وصبيغ الذى ضربه عمر.. فقد روى الدارمى عن سليمان بن يسار ونافع قالا: قدم المدينة رجل فجعل يسأل عن متشابه القران، فأرسل إليه عمر، وأعدّ له عراجين النخل، فقال: من أنت؟ قال: أنا عبد الله صبيغ، قال: وأنا عبد الله عمر.. فضربه حتى دمّى رأسه.. فقال حسبك يا أمير المؤمنين، قد ذهب الذى كنت أجده فى رأسى.. ثم نفاه إلى البصرة.
(2)
رواه أحمد فى سنده 4/ 68.