الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد جعلوا لصاحب الطير كل خاطئة من نبلهم؛ فلما رأوا ابن عمر تفرقوا، فقال ابن عمر: من فعل هذا؟ لعن الله من فعل هذا! «إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن من اتخذ شيئا فيه الروح غرضا» . [رواه البخارى ومسلم]
قال الصنعانى فى سبل السلام (4/ 86) بعد أن أورد هذا الحديث بلفظ مسلم: الحديث نهى عن جعل الحيوان هدفا يرمى إليه.
والنهى للتحريم؛ لأنه أصله، ويؤيده قوة حديث «لعن الله من فعل هذا» ووجه حكمة النهى: أن فيه إيلاما للحيوان!
بل إن هناك ما هو أبلغ فى إكرام الحيوان وتجنّب أذيته فى بدنه، ولطمه على وجهه، ففى صحيح مسلم «أن امرأة كانت على ناقة فضجرت فلعنتها؛ فسمع رسول الله- صلى الله عليه وسلم فأمر بإعراء الناقة مما عليها، وإرسالها عقوبة لصاحبتها» .
حقوق الحيوان:
وإذا كانت هناك حقوق للإنسان على أخيه الإنسان، فإن الإسلام جعل للحيوان حقوقا على الإنسان:
1-
فمن حق الحيوان الذى أبيح لنا ذبحه والاستمتاع بطيّب لحمه- من حقه أن نحسن ذبحه، فقد وجه الرسول صلى الله عليه وسلم المسلمين إلى هذا الحق فقال:
«.. وإذا ذبحتم فأحسنوا الذّبحة، وليحدّ أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته» «1» .
وكتب الفقه الإسلامى مليئة باداب ذبح الحيوان تدل على سمو الإسلام، وأنه دين المرحمة!
2-
وإذا كان الإسلام قد أذن فى قتل المؤذى من الحيوان كالكلب العقور،
(1) أخرجه مسلم فى صحيحه (كتاب الصيد رقم (57) وأبو داود فى الأضاحى (11) والترمذى فى الديات (14) والنسائى فى الضحايا (22، 26، 27) وابن ماجه فى الذبائح (3) والدارمى فى الأضاحى (10) وأحمد (4/ 123، 124، 125) .
والأفعى، والفأر، فإنه أمرنا بإحسان القتلة كما أمر بإحسان الذّبحة سواء بسواء؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«إن الله كتب الإحسان فى كل شىء؛ فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة» [مسلم فى صحيحه كتاب الصيد (رقم 57) ، وأحمد (4/ 123) ]
3-
وإذا كان ربنا- سبحانه- قد سخر لنا الدواب لتحمل أثقالنا، وتنقلنا من بلد إلى بلد؛ فإن لها علينا حقوقا. فمن حقها أن نتيح لها فرصة الرعى والاستراحة فى السفر الطويل، فقد أخرج البخارى ومسلم عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
«إذا سافرتم فى الخصب فأعطوا الإبل حظها من الأرض» .
[مسلم: كتاب الإجارة (رقم 178) ، وأحمد (2/ 337) ]
وقد جاء فى أول هذا الحديث من رواية مالك: «إن الله رفيق يحب الرفق» .
4-
ومن حق الدابة المعدة للركوب ألا يركب عليها ثلاثة فى ان واحد.
فقد أخرج الطبرانى فى الأوسط عن جابر قال:
«نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يركب ثلاثة على دابة» [الطبرانى كما جاء فى مجمع الزوائد 8/ 109]
وهذا إذا كانت غير مطيقة، فلم يصرح أحد بالجواز مع العجز.
5-
ومن المحرم فى الشريعة الإسلاميّة وقوف الراكب على الدابة وقوفا يؤلمها؛ فقد ورد فى سنن أبى داود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
[أخرجه أبو داود فى سننه. كتاب الجهاد رقم 2567]
ولا يجوز الركوب على ما لم يخلق للركوب كالبقر، ولا خلاف فى أن البقر لا يجوز أن يحمل عليها، ويكفيها إثارة الأرض، وسقى الحرث، وإنتاج اللبن.
6-
ولا يجوز أن يكون مقود الدابة ضارّا بها، وعلينا أن نوفر لها الجو
الهادئ، فلا نزعجها، ولا نثيرها، ولا نعرضها للتلف فى الحر الشديد، أو البرد القارس إن هى إلا أمم أمثالنا خلقها الله، وسخرها لنا، وعلينا أن نستشعر هذه النعمة، ونشكر الخالق عليها بالقول والعمل؛ فلا قيمة لقول بلا عمل.
هذه بعض الأحكام المتعلقة بالحيوان بصفة عامة
…
والان إلى موضوع الكتاب، وما جاء من ذكر للحيوان فى الحديث النبوى الشريف وبيان أحكام كل منها..
سائلين الله عز وجل أن نكون قد وفقنا فى عرض المادة العلمية وتصنيفها حتى تعم الفائدة المرجوة.
وَما تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ [هود: 88] .
عبد اللطيف عاشور