المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌1 - الزكاة المفروضة - موسوعة الفقه الإسلامي - التويجري - جـ ٣

[محمد بن إبراهيم التويجري]

فهرس الكتاب

- ‌4 - كتاب الزكاة

- ‌1 - الزكاة المفروضة

- ‌1 - الأموال التي تجب فيها الزكاة

- ‌1 - زكاة الذهب والفضة

- ‌2 - زكاة الأوراق النقدية

- ‌3 - زكاة عروض التجارة

- ‌4 - زكاة بهيمة الأنعام

- ‌5 - زكاة الحبوب والثمار

- ‌6 - زكاة الركاز

- ‌7 - زكاة المعادن

- ‌2 - إخراج الزكاة

- ‌3 - آداب إخراج الزكاة

- ‌4 - أهل الزكاة

- ‌2 - زكاة الفطر

- ‌3 - صدقة التطوع

- ‌5 - كتاب الصيام

- ‌1 - فقه الصيام

- ‌2 - حكم الصيام

- ‌3 - فضائل الصيام

- ‌4 - أقسام الصيام

- ‌5 - أحكام الصيام

- ‌6 - سنن الصيام

- ‌7 - ما يجب على الصائم

- ‌8 - ما يحرم على الصائم

- ‌9 - ما يكره للصائم

- ‌10 - ما يجوز للصائم

- ‌11 - أقسام المفطرات

- ‌12 - قضاء الصيام

- ‌13 - صيام التطوع

- ‌14 - الاعتكاف

- ‌6 - كتاب الحج والعمرة

- ‌1 - شعائر الحج والعمرة

- ‌2 - حكم الحج والعمرة

- ‌1 - الحج

- ‌2 - العمرة

- ‌3 - شروط الحج والعمرة

- ‌4 - أركان الحج والعمرة

- ‌5 - واجبات الحج والعمرة

- ‌6 - سنن الحج والعمرة

- ‌7 - مواقيت الحج والعمرة

- ‌8 - باب الإحرام

- ‌9 - باب الفدية

- ‌10 - باب الهدي

- ‌11 - صفة العمرة

- ‌12 - صفة الحج

- ‌13 - صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌14 - أحكام الحج والعمرة

- ‌15 - زيارة المسجد النبوي

- ‌الباب الحادي عشركتاب المعاملات

- ‌1 - كتاب البيع

- ‌مفاتيح الرزق الحلال

- ‌أركان البيع

- ‌شروط البيع

- ‌البيوع المباحة

- ‌البيوع المنهي عنها

- ‌1 - البيوع الممنوعة بسبب العاقد

- ‌2 - البيوع الممنوعة بسبب صيغة العقد

- ‌3 - البيوع الممنوعة بسبب المعقود عليه

- ‌1 - البيوع المحرمة بسبب الغرر والجهالة

- ‌2 - البيوع المحرمة بسبب الربا

- ‌3 - البيوع المحرمة بسبب الضرر والخداع

- ‌4 - البيوع المحرمة لذاتها

- ‌5 - البيوع المحرمة لغيرها

- ‌4 - البيوع الممنوعة بسبب وصف أو شرط أو نهي شرعي

- ‌أحكام البيع

- ‌2 - الخيار

- ‌3 - السَّلَم

- ‌4 - الربا

- ‌5 - القرض

- ‌6 - الرهن

- ‌7 - الضمان

- ‌8 - الكفالة

- ‌9 - الحوالة

- ‌10 - الوكالة

- ‌11 - الإجارة

- ‌12 - الجعالة

- ‌13 - الوديعة

- ‌14 - العارية

- ‌15 - الشركة

- ‌الشركات المعاصرة

- ‌16 - الشفعة

- ‌17 - المساقاة والمزارعة

- ‌18 - إحياء الموات

- ‌19 - المسابقة

- ‌20 - اللقطة

- ‌21 - الغصب

- ‌22 - الحَجْر

- ‌23 - الصلح

- ‌24 - القسمة

- ‌25 - الهبة

- ‌26 - الوصية

- ‌27 - الوقف

- ‌28 - العتق

الفصل: ‌1 - الزكاة المفروضة

‌1 - الزكاة المفروضة

- حكمة مشروعية العبادات:

شرع الله سبحانه لعباده عبادات متنوعة في أوقات مختلفة.

منها ما يتعلق بالبدن كالصلاة، ومنها ما يتعلق ببذل المحبوب إلى النفس كالزكاة والصدقة، ومنها ما يتعلق بالبدن وبذل المال كالحج والجهاد، ومنها ما يتعلق بكف النفس عن محبوباتها كالصيام.

ونوَّع الله العبادات ليختبر العباد، وليعلم من يقدِّم طاعة ربه على هوى نفسه، ولئلا تمل النفوس، وتكل الأبدان، وليقوم كل واحد بما يسهل عليه، وتنشط له نفسه من واجب أو مسنون.

وجعل سبحانه هذه العبادات أسباباً ينال بها العباد مرضاة ربهم، ويكسبون بها عظيم الأجر والثواب، وتطمئن بها قلوبهم، وتزكوا نفوسهم، وتنشرح صدورهم، وتطيب حياتهم، وتصلح أحوالهم.

- الزكاة: هي التعبد لله تعالى بإخراج جزء واجب شرعاً، في مال معين، لطائفة أو جهة مخصوصة.

والزكاة نماء وزيادة وبركة، سميت بذلك؛ لأنها تزيد إيمان من أخرجها، وتزيد المال المخرج منه وتنمِّيه، وتطهر النفوس والأموال مما يضرها، وتطهر قلب من أخذها من الحقد والحسد.

وسميت الزكاة صدقة؛ لأنها دليل على صحة إيمان مؤديها وصِدْقه؛ لأن المال محبوب إلى النفس، ولا يخرجه إلا صادق الإيمان.

ص: 8

قال الله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (103)} [التوبة:103].

- حكمة مشروعية الزكاة:

شرع الله عز وجل الزكاة عبودية للرب، وطهرة للنفس، وطهرة للمال، وإحساناً إلى الخلق، وزيادة في الأجر، وشكراً للرب.

1 -

فالزكاة بذل محبوب النفس -وهو المال- من أجل محبوب الرب -وهو طاعته وعبادته- التي يحصل بها رضاه.

2 -

في الزكاة تطهير للنفس من رذيلة الشح والبخل؛ ليعلو الإنسان على المال، ويكون سيداً له لا عبداً له، ومن هنا جاءت الزكاة لتزكي المعطي والآخذ وتطهرهما معاً.

3 -

الزكاة تطهر المال من الأوساخ، وتقيه من الآفات، وتثمره وتنميه وتزيده زيادة حسية ومعنوية.

4 -

الزكاة تسد حاجة الفقراء والمساكين، وترفع آفة الذل والفقر، وتقطع دابر الجرائم الخلقية والمالية كالسرقات، والنهب، والسطو.

5 -

الزكاة جسر قوي يربط بين الأغنياء والفقراء، فتصفو النفوس، وتزول الأحقاد والبغضاء، ويرتفع الذل والفقر، وينعم الجميع بالأمن والمحبة والرحمة.

6 -

الزكاة تزيد في حسنات مؤديها، وتكفر خطاياه، فهي تزيد المال كمية وبركة، وتزيد إيمان من أخرجها، وتزيد أعماله وحسناته، وتزيد أخلاقه حسناً وكمالاً وجمالاً، فيتعود السماحة، ويرتاض لأداء الأمانات، وإيصال الحقوق.

ص: 9

فهي بذل وعطاء، وكرم وسخاء، وذلك محبوب للرب، وللنفس، وللخلق.

7 -

الزكاة سبب لدخول الجنة، والنجاة من النار، والأمن في الدنيا ويوم القيامة.

1 -

قال الله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (261)} [البقرة:261].

2 -

وقال الله تعالى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (274)} [البقرة:274].

- حكم الزكاة:

الزكاة هي الركن الثالث من أركان الإسلام، وهي أهم أركان الإسلام بعد الشهادتين والصلاة.

والزكاة فرض عين على كل من توفرت فيه شروط وجوبها.

ولا تصح الزكاة من كافر ولا تقبل؛ لأنها عبادة، فلا تقبل إلا من مسلم.

ولا تجب على مملوك؛ لأنه وماله ملك لسيده.

ولا تجب في الأموال العامة كالأوقاف، وما ليس له مالك معين.

1 -

قال الله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (110)} [البقرة:110].

2 -

وقال الله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (103)} [التوبة:103].

3 -

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «بُنِيَ الإسْلامُ عَلَى

ص: 10

خمْسٍ: شَهَادَةِ أنْ لا إلَهَ إلا اللهُ وَأنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ، وَإقَامِ الصَّلاةِ، وَإيتَاءِ الزَّكَاةِ، والحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ». متفق عليه (1).

4 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ مُعَاذاً رضي الله عنه إِلَى اليَمَنِ، فَقال:«ادْعُهُمْ إِلَى: شَهَادَةِ أنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ وَأنِّي رَسُولُ اللهِ، فَإِنْ هُمْ أطَاعُوا لِذَلِكَ، فَأعْلِمْهُمْ أنَّ اللهَ قَدِ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَإِنْ هُمْ أطَاعُوا لِذَلِكَ، فَأعْلِمْهُمْ أنَّ اللهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً فِي أمْوَالِهِم، تُؤْخَذُ مِنْ أغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِم» . متفق عليه (2).

5 -

وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَيْسَ عَلَى المُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَلا فَرَسِهِ صَدَقَةٌ» . متفق عليه (3).

- قوة الزكاة:

كل شيء له قوة، وقوة الزكاة الزيادة والنماء والبركة.

فكل شيء زاد عدداً، أو نما حجماً، أو تبارك سعة فقد زكا.

والزكاة وإن كانت في ظاهرها نقص كمية المال، لكن آثارها المحسوسة زيادة المال بركة وكثرة وكمية.

فقد يفتح الله للعبد من أبواب الرزق ما لا يخطر بباله إذا قام بما أوجب الله من إخراج الزكاة والصدقات.

وفي الزكاة زيادة أخرى، وهي زيادة الإيمان في قلب صاحبها.

وهي كذلك تزيد في خلق الإنسان، فالزكاة بذل وعطاء، والبذل والعطاء

(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (8) ، واللفظ له، ومسلم برقم (16).

(2)

متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1395) ، واللفظ له، ومسلم برقم (19).

(3)

متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1463) ، ومسلم برقم (982) ، واللفظ له.

ص: 11

والكرم من الأخلاق التي تزيد قيمة المؤمن عند الله وعند الناس.

والإنفاق سواء كان واجباً أو تطوعاً يزيد في انشراح الصدر، وطمأنينة القلب.

والزكاة سبب لرفعة الدرجات، ومضاعفة الحسنات، وتكفير السيئات، ودخول الجنات.

1 -

قال الله تعالى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (274)} [البقرة:274].

2 -

وقال الله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (261)} [البقرة:261].

3 -

وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لا يَتَصَدَّقُ أحَدٌ بِتَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ، إِلا أخَذَهَا اللهُ بِيَمِينِهِ، فَيُرَبِّيهَا كَمَا يُرَبِّي أحَدُكُمْ فَلُوَّهُ أوْ قَلُوصَهُ، حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الجَبَلِ، أوْ أعْظَمَ» . متفق عليه (1).

- صفة المال الذي ينفع صاحبه:

المال لا ينفع صاحبه إلا إذا توفرت فيه ثلاثة شروط:

1 -

أن يكون حلالاً طيباً في نفسه وكسبه.

2 -

أن لا يشغل صاحبه عن طاعة الله ورسوله.

3 -

أن يؤدي حق الله فيه من زكاة وصدقات.

(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1410) ، ومسلم برقم (1014) ، واللفظ له.

ص: 12

عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أيُّهَا النَّاسُ! إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إِلا طَيِّباً، وَإِنَّ اللهَ أمَرَ المُؤْمِنِينَ بِمَا أمَرَ بِهِ المُرْسَلِينَ، فَقَالَ: {يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ}. وَقَالَ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ}. ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ، أشْعَثَ أغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ، يَا رَبِّ! يَا رَبِّ! وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالحَرَامِ، فَأنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟» . متفق عليه (1).

- المالك الحقيقي للمال:

الله جل جلاله خالق هذا الكون ومالكه، ويتصرف في ملكه كما يشاء، لا راد لقضائه، ولا معقب لحكمه.

ونظام المال في الإسلام يقوم على أساس الاعتراف بأن الله وحده هو المالك الأصيل للمال، وله سبحانه وحده الحق في تنظيم قضية تملك الأموال، وإيجاب الحقوق في المال، وتحديدها وتقديرها، وبيان مصارفها، وطرق اكتسابها، وطرق إنفاقها.

1 -

قال الله تعالى: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26)} [آل عمران:26].

2 -

وقال الله تعالى: {آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ (7)} [الحديد:7].

(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (91) ، ومسلم برقم (1015) ، واللفظ له.

ص: 13

- الحقوق المتعلقة بالمال:

الحقوق المتعلقة بالمال ثلاثة:

الأول: حق الله تعالى، ويقتضي هذا الحق التعبد لله باكتساب المال الحلال من طرق حلال، واستعماله في وجه حلال، وبذله في مرضاة الله عز وجل.

الثاني: حق الفرد، وذلك بالانتفاع بهذا المال فيما هو مباح شرعاً، والاستعانة به على طاعة الله وعبادته.

الثالث: حق الأمة، وذلك بأداء الزكاة الواجبة فيه، والإحسان إلى الفقراء والمساكين منه، وتأليف قلوب الشاردين عن الإسلام به.

- وقت فرض الزكاة:

فرض الله سبحانه الزكاة في أول الإسلام بمكة قبل الهجرة، وكان فرضها مطلقاً، ولم يحدد فيه المال الذي تجب فيه، ولا قدر ما ينفق فيه، ولا وقته، وإنما ترك الله ذلك لشعور المسلمين وسجيتهم في الكرم والإعطاء والإحسان كما قال سبحانه:

{وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (25)} [المعارج:24 - 25].

وفي السنة الثانية من الهجرة لما امتلأت القلوب بالإيمان، وجاء التنافس في الأعمال الصالحة فرض الله عز وجل مقادير الزكاة، وبيّن الأموال التي تجب فيها، وأوقات إخراجها، وأحكامها التفصيلية النهائية.

وفي السنة التاسعة من الهجرة بعث النبي صلى الله عليه وسلم السعاة والجباة لجبايتها وتوزيعها.

قال الله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ

ص: 14

قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (60)} [التوبة:60].

- فضائل الزكاة:

1 -

قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (277)} [البقرة:277].

2 -

وقال الله تعالى: {وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ (39)} [الروم:39].

3 -

وقال الله تعالى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (274)} [البقرة:274].

4 -

وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا تَصَدَّقَ أحَدٌ بِصَدَقَةٍ مِنْ طَيِّبٍ، وَلا يَقْبَلُ اللهُ إِلا الطَّيِّبَ، إِلا أخَذَهَا الرَّحْمَنُ بِيَمِينِهِ، وَإِنْ كَانَتْ تَمْرَةً، فَتَرْبُو فِي كَفِّ الرَّحْمَنِ حَتَّى تَكُونَ أعْظَمَ مِنَ الجَبَلِ، كَمَا يُرَبِّي أحَدُكُمْ فَلُوَّهُ أوْ فَصِيلَهُ» . متفق عليه (1).

5 -

وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ تَعَالَى فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إِلا ظِلُّهُ: إِمَامٌ عَدْلٌ، وَشَابٌّ نَشَأ فِي عِبَادَةِ اللهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي المَسَاجِدِ، وَرَجُلانِ تَحَابَّا فِي اللهِ، اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ،

وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ، فَقال: إِنِّي أخَافُ اللهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ، فَأخْفَاهَا حَتَّى لا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللهَ خَالِياً

(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1410) ، ومسلم برقم (1014) ، واللفظ له.

ص: 15

فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ». متفق عليه (1).

6 -

وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أنَّ أعْرَابيا أتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقال: دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ، إِذَا عَمِلْتُهُ دَخَلْتُ الجَنَّةَ. قال:«تَعْبُدُ اللهَ لا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً، وَتُقِيمُ الصَّلاةَ، المَكْتُوبَةَ، وَتُؤَدِّي الزَّكَاةَ المَفْرُوضَةَ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ» . قال: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لا أزِيدُ عَلَى هَذَا. فَلَمَّا وَلَّى، قال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ سَرَّهُ أنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أهْلِ الجَنَّةِ، فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا» . متفق عليه (2).

- مقادير الزكاة:

جعل الله عز وجل قدر الزكاة على حسب التعب في المال الذي تُخرج منه:

1 -

الركاز: وهو ما وجده الإنسان مدفوناً بلا تعب، ويجب فيه الخمس = 20%.

2 -

ما فيه التعب من طرف واحد، وهو ما سقي بلا مؤنة، ويجب فيه نصف الخمس، أي العشر = 10%.

3 -

ما فيه التعب من طرفين (البذر والسقي) وهو ما سقي بمؤنة، ويجب فيه ربع الخمس، أي نصف العشر = 5%.

4 -

ما يكثر فيه التعب والتقليب طول العام كالنقود، وعروض التجارة، يجب فيه ثمن الخمس، أي ربع العشر = 2.5%.

- شروط وجوب الزكاة:

تجب الزكاة في الأموال بأمرين:

وجود الشروط، وانتفاء الموانع.

(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1423) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1031).

(2)

متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1397) ، واللفظ له، ومسلم برقم (14).

ص: 16

والشروط قسمان:

شروط فيمن تجب في ماله الزكاة، وشروط في المال نفسه.

1 -

الشروط الواجبة في صاحب المال:

يشترط في صاحب المال الذي تجب فيه الزكاة شرطان:

الأول: الإسلام، فلا زكاة على الكافر حتى يسلم؛ لأن الزكاة عبادة مطهرة، والكافر لا طهرة له ما دام على كفره، فلا تقبل منه، ولكنه سيحاسب عليها يوم القيامة، وعلى تركه الإسلام وشرائعه.

قال الله تعالى: {وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ (54)} [التوبة:54].

الثاني: الحرية، فلا تجب الزكاة على العبد؛ لأنه وما عنده مال مملوك لسيده.

2 -

الشروط الواجبة في المال الذي تجب فيه الزكاة:

يشترط في المال الذي تجب فيه الزكاة ما يلي:

1 -

أن يكون المال من الأصناف التي تجب فيها الزكاة.

2 -

أن يبلغ النصاب المقدر شرعاً.

3 -

أن يحول الحول على المال إلا المعشرات.

4 -

أن يكون المال مملوكاً لصاحبه ملكاً تاماً مستقراً، فلا زكاة في مال لا مالك له.

فإذا نقص من هذه الشروط شرط لم تجب الزكاة.

- الذين تجب عليهم الزكاة:

تجب الزكاة في مال الكبير والصغير، والذكر والأنثى، والعاقل والمجنون،

ص: 17

إذا كان المال مستقراً، وبلغ نصاباً، وحال عليه الحول، وكان المالك مسلماً حراً.

قال الله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} [التوبة:103].

- الذين لا تصح منهم الزكاة:

1 -

الكافر لا تصح منه الزكاة، ولا تقبل منه؛ لأنها عبادة، لكنه سيحاسب على تركه الإسلام وشرائعه.

2 -

العبد لا تجب عليه الزكاة ولا تصح؛ لأنه وما في يده ملك لسيده.

- ما لا يشترط له الحول من الأموال:

1 -

الركاز، تجب الزكاة في قليله وكثيره، ولا يشترط له نصاب ولا حول.

2 -

الخارج من الأرض كالحبوب والثمار، يزكى عند وجوده، كما قال سبحانه:{وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ}

[الأنعام:141].

3 -

ربح التجارة، حوله تابع لحول أصله.

4 -

نتاج السائمة من بهيمة الأنعام، حوله تابع لحول أصله.

- حكم المال المستفاد أثناء الحول:

المال المستفاد في أثناء الحول ثلاثة أنواع:

1 -

المال المستفاد من ربح المال الذي عنده كربح التجارة، ونتاج السائمة، فهذا يضم إلى أصله، ويعتبر حوله حول أصله.

2 -

المال المستفاد من غير جنس المال الذي عنده، فمن ماله إبلاً، واستفاد ذهباً أو عقاراً بإرث أو بيع ونحو ذلك، فهذا المال المستفاد يعتبر له حول من يوم

ص: 18

استفادته إن كان نصاباً.

3 -

المال المستفاد من جنس المال الذي عنده، لكن ليس من نماء المال الأول، كأن يكون عنده خمسون من الإبل، ومضى عليها بعض الحول، ثم يشتري خمسين أخرى، فهذا يضم المال المستفاد إلى النصاب، ولكن يجعل له حولاً يبدأ من تملكه له.

- حكم زكاة الوقف:

الوقف هو ما يوقفه الإنسان على غيره من مال ابتغاء وجه الله.

والأوقاف قسمان:

1 -

الأوقاف العامة: وهي كل ما وقف على جهات خيرية عامة كالمساجد، والمدارس، والرباط، والمزارع ونحوها، فهذه ليس فيها زكاة.

وكل ما أعد للإنفاق في وجوه البر العامة فهو كالوقف لا زكاة فيه.

2 -

الأوقاف الخاصة: وهي كل وقف على شخص أو أشخاص معينين كالوقف على أولاده وأقاربه، فهذه تجب فيها الزكاة إذا بلغت النصاب، وحال عليها الحول.

- حكم زكاة الدين:

الديون نوعان:

1 -

دين يرجى أداؤه، بأن يكون للإنسان دين على موسر مقر بالدين، فهذا الدين يخرج صاحبه زكاته في كل حول إذا بلغ نصاباً، وهذا هو الأفضل والأسلم،

وإن شاء أخر زكاته حتى يقضيه، ثم يزكيه لما مضى من السنين.

2 -

دين لا يرجى أداؤه، بأن يكون على معسر، أو على جاحد، ولا بينة، فهذا إذا

ص: 19

قبضه زكّاه مرة واحدة لسنة واحدة عن كل ما مضى من السنين؛ لأن قبضه إياه يشبه تحصيل ما خرج من الأرض، يزكى عند الحصول عليه.

- حكم زكاة الأمانة:

من له أمانة عند غيره فيجب عليه إخراج الزكاة عنها؛ لأنها في حكم المال الموجود، ولا يحل لمن عنده أمانة أن يتصرف فيها إلا بإذن صاحبها.

فإن أنفقها الذي هي عنده، وكان فقيراً، فلا يجب على الإنسان أن يخرج زكاتها، لكن إذا قبضها صاحبها أخرج زكاتها لسنة واحدة عن كل ما مضى؛ لأنه أنظر المعسر، والإنظار كالصدقة:{وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (280)} [البقرة:280].

- حكم زكاة المال المغصوب:

المال المغصوب، والمسروق، والضائع ونحو ذلك كل ذلك يزكيه صاحبه إذا رجع إليه وقبضه، ويبتدئ له حولاً جديداً تبدأ الزكاة منه؛ لأنه قبل ذلك لا يملك التصرف فيه.

- حكم زكاة المال المرهون:

إذا كان المال المرهون من الأموال الزكوية كالحلي وعروض التجارة ففيه الزكاة على صاحبه ربع العشر.

- حكم زكاة من عليه دين:

1 -

الزكاة واجبة على كل من عنده مال زكوي، سواء كان عليه دين أم ليس عليه

دين، والدَّين لا يمنع إخراج الزكاة نهائياً؛ لأن الدَّين واجب في الذمة، والزكاة واجبة في المال، ولا علاقة للدين بالمال الذي وجبت زكاته، فعليه

ص: 20

أن يخرج الزكاة، وإذا احتاج المدين إلى ما يسدد دينه يعطى من الزكاة.

2 -

الزكاة واجبة مطلقاً، ولو كان المزكي عليه دين يُنقِص النصاب، إلا ديناً وجب قبل حلول الزكاة، فيجب أداؤه، ثم يزكي ما بقي بعده من المال.

- الأموال التي لا تجب فيها الزكاة:

أموال الدولة العامة، والأوقاف العامة، وما أعد للإنفاق في وجوه البر، وما ليس له مالك معين، وكل ما أعد للقنية والاستعمال كالأثاث، والثياب، والدار، والدابة، والسيارة ونحو ذلك.

- الأموال التي تجب فيها الزكاة:

1 -

الأثمان، وهما الذهب والفضة.

2 -

الأوراق المالية.

3 -

عروض التجارة.

4 -

بهيمة الأنعام (الإبل والبقر والغنم).

5 -

الخارج من الأرض من الزروع والثمار.

6 -

الركاز.

7 -

المعادن.

- حد الغنى:

الغنى درجات وأنواع، يفسَّر في كل باب بما يناسبه:

1 -

الغني في باب الزكاة من عنده نصاب الزكاة.

2 -

الغني في باب أهل الزكاة من عنده كفاية سنة.

ص: 21

3 -

الغني في باب النفقات من عنده ما ينفقه على من تجب عليه مؤنته.

4 -

الغني في باب زكاة الفطر من عنده ما يزيد على قوت يومه.

- فضل الزكاة:

الزكاة والنفقة الواجبة أفضل من صدقة التطوع؛ لأن أداء الفرائض أحب إلى الله من النوافل، ولأن الزكاة مزكية للنفوس، ومطهرة من الذنوب.

1 -

قال الله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (103)} [التوبة:103].

2 -

وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللهَ قال: مَنْ عَادَى لِي وَلِيّاً فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَألَنِي لأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ، وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ المُؤْمِنِ، يَكْرَهُ المَوْتَ وأنَا أكْرَهُ مَسَاءَتَهُ» . أخرجه البخاري (1).

- قيمة المال:

1 -

المال قوام حياة الأفراد والجماعات، فيجب أن يوزع توزيعاً عادلاً يكفل لكل فرد كفايته، حتى لا يبقى فرد مضيَّع لا قوام له، ولهذا أمرنا الله بحفظه، وصرفه في مكانه اللائق به كما قال سبحانه: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ

اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا (5)} [النساء:5].

(1) أخرجه البخاري برقم (6502).

ص: 22

2 -

حث الإسلام على أفضل وسيلة لجمع المال وهي الكسب، وعلى أفضل وسيلة لتوزيعه بالعدل بإخراج الزكاة والصدقات التي ترفع مستوى الفقير إلى حد الكفاية، وتجلب المودة والمحبة.

3 -

الزكاة حق من حقوق الفقراء في أموال الأغنياء، فليست منَّة يهبها الغني للفقير، وإنما هي حق استودعه الله الغني ليؤديه إلى أهله، وينال بذلك الأجر المضاعف.

ص: 23