المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌4 - كتاب الزكاة

- ‌1 - الزكاة المفروضة

- ‌1 - الأموال التي تجب فيها الزكاة

- ‌1 - زكاة الذهب والفضة

- ‌2 - زكاة الأوراق النقدية

- ‌3 - زكاة عروض التجارة

- ‌4 - زكاة بهيمة الأنعام

- ‌5 - زكاة الحبوب والثمار

- ‌6 - زكاة الركاز

- ‌7 - زكاة المعادن

- ‌2 - إخراج الزكاة

- ‌3 - آداب إخراج الزكاة

- ‌4 - أهل الزكاة

- ‌2 - زكاة الفطر

- ‌3 - صدقة التطوع

- ‌5 - كتاب الصيام

- ‌1 - فقه الصيام

- ‌2 - حكم الصيام

- ‌3 - فضائل الصيام

- ‌4 - أقسام الصيام

- ‌5 - أحكام الصيام

- ‌6 - سنن الصيام

- ‌7 - ما يجب على الصائم

- ‌8 - ما يحرم على الصائم

- ‌9 - ما يكره للصائم

- ‌10 - ما يجوز للصائم

- ‌11 - أقسام المفطرات

- ‌12 - قضاء الصيام

- ‌13 - صيام التطوع

- ‌14 - الاعتكاف

- ‌6 - كتاب الحج والعمرة

- ‌1 - شعائر الحج والعمرة

- ‌2 - حكم الحج والعمرة

- ‌1 - الحج

- ‌2 - العمرة

- ‌3 - شروط الحج والعمرة

- ‌4 - أركان الحج والعمرة

- ‌5 - واجبات الحج والعمرة

- ‌6 - سنن الحج والعمرة

- ‌7 - مواقيت الحج والعمرة

- ‌8 - باب الإحرام

- ‌9 - باب الفدية

- ‌10 - باب الهدي

- ‌11 - صفة العمرة

- ‌12 - صفة الحج

- ‌13 - صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌14 - أحكام الحج والعمرة

- ‌15 - زيارة المسجد النبوي

- ‌الباب الحادي عشركتاب المعاملات

- ‌1 - كتاب البيع

- ‌مفاتيح الرزق الحلال

- ‌أركان البيع

- ‌شروط البيع

- ‌البيوع المباحة

- ‌البيوع المنهي عنها

- ‌1 - البيوع الممنوعة بسبب العاقد

- ‌2 - البيوع الممنوعة بسبب صيغة العقد

- ‌3 - البيوع الممنوعة بسبب المعقود عليه

- ‌1 - البيوع المحرمة بسبب الغرر والجهالة

- ‌2 - البيوع المحرمة بسبب الربا

- ‌3 - البيوع المحرمة بسبب الضرر والخداع

- ‌4 - البيوع المحرمة لذاتها

- ‌5 - البيوع المحرمة لغيرها

- ‌4 - البيوع الممنوعة بسبب وصف أو شرط أو نهي شرعي

- ‌أحكام البيع

- ‌2 - الخيار

- ‌3 - السَّلَم

- ‌4 - الربا

- ‌5 - القرض

- ‌6 - الرهن

- ‌7 - الضمان

- ‌8 - الكفالة

- ‌9 - الحوالة

- ‌10 - الوكالة

- ‌11 - الإجارة

- ‌12 - الجعالة

- ‌13 - الوديعة

- ‌14 - العارية

- ‌15 - الشركة

- ‌الشركات المعاصرة

- ‌16 - الشفعة

- ‌17 - المساقاة والمزارعة

- ‌18 - إحياء الموات

- ‌19 - المسابقة

- ‌20 - اللقطة

- ‌21 - الغصب

- ‌22 - الحَجْر

- ‌23 - الصلح

- ‌24 - القسمة

- ‌25 - الهبة

- ‌26 - الوصية

- ‌27 - الوقف

- ‌28 - العتق

الفصل: ‌3 - صدقة التطوع

‌3 - صدقة التطوع

- صدقة التطوع: هي التعبد لله بإنفاق مال، أو عمل غير واجب فيما يحبه الله.

- حكمة مشروعية الصدقة:

1 -

دعا الإسلام إلى البذل وحض عليه؛ رحمة بالضعفاء، ومواساة للفقراء، إلى جانب ما فيه من كسب الأجر ومضاعفته، وتطهير النفوس من آفة البخل والشح، والتخلق بأخلاق الأنبياء عليهم الصلاة والسلام من البذل، والإحسان، والعطاء ونحو ذلك مما يجلب المحبة والمودة.

2 -

الصلوات منها الواجب، والتطوع، والصدقات منها الواجب، والتطوع، والتطوع تكمَّل به الفرائض يوم القيامة، وباب مفتوح لكسب الأجر وزيادة الحسنات.

- حكم صدقة التطوع:

1 -

صدقة التطوع مستحبة في كل وقت، وفي كل مكان، وفي كل حال.

قال الله تعالى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (274)} [البقرة:274].

2 -

صدقة التطوع تتأكد في زمان وأحوال:

فالزمان: كرمضان، والعشر الأُوَل من ذي الحجة، وهي أفضل.

1 -

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ

ص: 93

رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ القُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أجْوَدُ بِالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ. متفق عليه (1).

2 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ أَيَّامٍ العَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ العَشْرِ» . فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَلَا الجِهَادُ فِي سَبيلِ اللهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«وَلَا الجِهَادُ فِي سَبيلِ اللهِ، إِلَاّ رَجُلٌ خَرَجَ بنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذلِكَ بشَيْءٍ» . أخرجه الترمذي وابن ماجه (2).

3 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «مَا العَمَلُ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنْهَا فِي هَذِهِ» . قَالُوا: وَلَا الجِهَادُ؟ قَالَ: «وَلَا الجِهَادُ، إِلَاّ رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ» . أخرجه البخاري (3).

وأوقات الحاجة أفضل.

دائمة كفصل الشتاء، أو طارئة كأن تحدث كارثة، أو مجاعة، أو مصيبة، أو جدب ونحو ذلك.

قال الله تعالى: {فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (12) فَكُّ رَقَبَةٍ (13) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (14) يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ (15) أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ (16) ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ (17)} [البلد:11 - 17].

- فضائل صدقة التطوع:

1 -

قال الله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (261)} [البقرة:261].

(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6) ، واللفظ له، ومسلم برقم (2308).

(2)

صحيح/ أخرجه الترمذي برقم (757) ، وهذا لفظه، وابن ماجه برقم (1727).

(3)

أخرجه البخاري برقم (969).

ص: 94

2 -

وقال الله تعالى: {وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ (7)} [الحديد:7].

3 -

وقال الله تعالى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (274)} [البقرة:274].

4 -

وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ، وَلا يَقْبَلُ اللهُ إِلا الطَّيِّبَ وَإِنَّ اللهَ يَتَقَبَّلُهَا بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهِ، كَمَا يُرَبِّي أحَدُكُمْ فَلُوَّهُ، حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الجَبَلِ» . متفق عليه (1).

5 -

وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ العِبَادُ فِيهِ، إِلا مَلَكَانِ يَنْزِلانِ، فَيَقُولُ أحَدُهُمَا: اللهمَّ أعْطِ مُنْفِقاً خَلَفاً، وَيَقُولُ الآخَرُ اللهمَّ: أعْطِ مُمْسِكاً تَلَفاً» . متفق عليه (2).

- أنواع الصدقات:

الصدقة أنواع كثيرة، فكل معروف وإحسان صدقة.

1 -

عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ سُلامَى مِنَ النَّاسِ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ، كُلَّ يَوْمٍ تَطْلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ، يَعْدِلُ بَيْنَ الاثْنَيْنِ صَدَقَةٌ، وَيُعِينُ الرَّجُلَ عَلَى دَابَّتِهِ فَيَحْمِلُ عَلَيْهَا، أوْ يَرْفَعُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ، وَالكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ خُطْوَةٍ يَخْطُوهَا إِلَى الصَّلاةِ صَدَقَةٌ، وَيُمِيطُ الأذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ» . متفق عليه (3).

(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1410) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1014).

(2)

متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1442) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1010).

(3)

متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2989) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1009).

ص: 95

2 -

وَعَنْ أبِي ذَرٍّ رضي الله عنه أنَّ نَاساً مِنْ أصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالُوا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: يَا رَسُولَ اللهِ! ذَهَبَ أهْلُ الدُّثُورِ بِالأجُورِ، يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي، وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ، وَيَتَصَدَّقُونَ بِفُضُولِ أمْوَالِهِمْ، قال:«أوَ لَيْسَ قَدْ جَعَلَ اللهُ لَكُمْ مَا تَصَّدَّقُونَ؟ إِنَّ بِكُلِّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةً، وَأمْرٌ بِالمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ، عَنْ مُنْكَرٍ صَدَقَةٌ، وَفِي بُضْعِ أحَدِكُمْ صَدَقَةٌ» . قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ! أيَأتِي أحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أجْرٌ، قال:«أرَأيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ؟ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الحَلالِ كَانَ لَهُ أجْراً» . أخرجه مسلم (1).

3 -

وَعَنْ أبِي مُوسَى الأشْعَرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ صَدَقَةٌ» . قَالُوا: فَإِنْ لَمْ يَجِدْ؟ قَالَ: «فَيَعْمَلُ بِيَدَيْهِ فَيَنْفَعُ نَفْسَهُ وَيَتَصَدَّقُ» . قَالُوا: فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أوْ لَمْ يَفْعَلْ؟ قال: «فَيُعِينُ ذَا الحَاجَةِ المَلْهُوفَ» . قَالُوا: فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ؟ قال: «فَيَأْمُرُ بِالخَيْرِ، أوْ قال: بِالمَعْرُوفِ» . قال: فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ؟ قال: «فَيُمْسِكُ عَنِ الشَّرِّ فَإِنَّهُ لَهُ صَدَقَةٌ» . متفق عليه (2).

4 -

وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللهِ رضي الله عنهما عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ» . أخرجه البخاري (3).

5 -

وَعَنْ أنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْساً أوْ يَزْرَعُ زَرْعاً، فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ، أوْ إِنْسَانٌ، أوْ بَهِيمَةٌ، إِلا كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ» . متفق عليه (4).

(1) أخرجه مسلم برقم (1006).

(2)

متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6022) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1008).

(3)

أخرجه البخاري برقم (6021).

(4)

متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2320) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1353).

ص: 96

- أفضل الصدقة:

ثواب الصدقة يتعلق بالمتصدِّق، والمتصدَّق عليه، وبالمال المتصدق به.

1 -

عَنْ أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «خَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنىً، وَابْدَأ بِمَنْ تَعُولُ» . أخرجه البخاري (1).

2 -

وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فقال: يَا رَسُولَ اللهِ، أيُّ الصَّدَقَةِ أعْظَمُ أجْراً؟ قَالَ:«أنْ تَصَدَّقَ وَأنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ، تَخْشَى الفَقْرَ وَتَأمُلُ الغِنَى، وَلا تُمْهِلُ حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الحُلْقُومَ، قُلْتَ: لِفُلانٍ كَذَا، وَلِفُلانٍ كَذَا، وَقَدْ كَانَ لِفُلانٍ» . متفق عليه (2).

3 -

وَعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «جُهْدُ المُقِلِّ وَابْدَأْ بمَنْ تَعُولُ» . أخرجه أحمد وأبو داود (3).

4 -

وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «دِينَارٌ أنْفَقْتَهُ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَدِينَارٌ أنْفَقْتَهُ فِي رَقَبَةٍ، وَدِينَارٌ تَصَدَّقْتَ بِهِ عَلَى مِسْكِينٍ، وَدِينَارٌ أنْفَقْتَهُ عَلَى أهْلِكَ، أعْظَمُهَا أجْراً الَّذِي أنْفَقْتَهُ عَلَى أهْلِكَ» . أخرجه مسلم (4).

5 -

وَعَن أُمِّ كُلْثُومٍ بنتِ عُقْبَةَ رضي الله عنها قَالَت: قَالَ رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ عَلَى ذِي الرَّحِمِ الكَاشِحِ» أخرجه الحاكم (5).

- أحوال الإنفاق من المال:

الإنفاق من المال على ثلاث درجات:

(1) أخرجه البخاري برقم (1426).

(2)

متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1419) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1032).

(3)

صحيح/ أخرجه أحمد برقم (8702) ، وأبو داود برقم (1677).

(4)

أخرجه مسلم برقم (995).

(5)

صحيح/ أخرجه الحاكم برقم (1515) ، انظر الإرواء (892).

ص: 97

1 -

الزكاة المفروضة، وهي أعظم الحقوق.

2 -

إذا نزل بالناس نازلة من مجاعة أو كارثة وجب صرف المال إليها.

3 -

الصدقات والهدايا، وهي حقوق مستحبة، وهي من مكارم الأخلاق من مواساة قرابة .. وإعطاء سائل .. وصلة أرحام .. وإعارة محتاج ونحو ذلك من مكارم الأخلاق.

1 -

قال الله تعالى: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (177)} [البقرة:177].

2 -

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ كَانَ مَعَهُ فَضْلُ ظَهْرٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لَا ظَهْرَ لَهُ، وَمَنْ كَانَ لَهُ فَضْلٌ مِنْ زَادٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لَا زَادَ لَهُ» . أخرجه مسلم (1).

- فضل المبادرة بالصدقة:

1 -

قال الله تعالى: {وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ (10) وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (11)} [المنافقون:10 - 11].

2 -

وَعَنْ حَارِثَةَ بْنَ وَهْبٍ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «تَصَدَّقُوا،

فَإِنَّهُ يَأتِي عَلَيْكُمْ زَمَانٌ يَمْشِي الرَّجُلُ بِصَدَقَتِهِ فَلا يَجِدُ مَنْ يَقْبَلُهَا، يَقُولُ

(1) أخرجه مسلم برقم (1728).

ص: 98

الرَّجُلُ: لَوْ جِئْتَ بِهَا بِالأمْسِ لَقَبِلْتُهَا، فَأمَّا اليَوْمَ فَلا حَاجَةَ لِي بِهَا». متفق عليه (1).

3 -

وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ الحَارِثِ رضي الله عنه قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم العَصْرَ، فَلَمَّا سَلَّمَ قَامَ سَرِيعاً، دَخَلَ عَلَى بَعْضِ نِسَائِهِ، ثُمَّ خَرَجَ، وَرَأَى مَا فِي وُجُوهِ القَوْمِ مِنْ تَعَجُّبِهِمْ لِسُرْعَتِهِ، فَقَالَ:«ذَكَرْتُ وَأَنَا فِي الصَّلَاةِ تِبْراً عِنْدَنَا، فَكَرِهْتُ أَنْ يُمْسِيَ، أَوْ يَبِيتَ عِنْدَنَا، فَأَمَرْتُ بِقِسْمَتِهِ» . أخرجه البخاري (2).

- فضل الصدقة الجارية:

1 -

قال الله تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (245)} [البقرة:245].

2 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إلاّ مِنْ ثَلَاثٍ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» . أخرجه مسلم (3).

- حكم الصدقة بكل المال:

يجوز للمسلم أن يتصدق بجميع ماله إذا كان قوياً مكتسباً، صابراً غير مدين، ليس عنده من يجب الإنفاق عليه، قوي الإيمان واليقين، والأفضل أن يترك لنفسه ما يعفه عن السؤال والإشراف.

عَنْ عُمَرَ بْنَ الخَطَّاب رضي الله عنه قَالَ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَتَصَدَّقَ

فَوَافَقَ ذلِكَ عِنْدِي مَالاً فَقُلْتُ: اليَوْمَ أَسْبقُ أَبَا بَكْرٍ إِنْ سَبَقْتُهُ يَوْماً، قَالَ: فَجِئْتُ

(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1411) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1011).

(2)

أخرجه البخاري برقم (1221).

(3)

أخرجه مسلم برقم (1631).

ص: 99

بنِصْفِ مَالِي، فَقَالََ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«مَا أَبْقَيْتَ لأَهْلِكَ؟» قُلْتُ مِثلَهُ، وَأَتَى أَبُو بَكْرٍ بكُلِّ مَا عِنْدَهُ فَقَالََ يَا أَبَا بَكْرٍ:«مَا أَبْقَيْتَ لأَهْلِكَ؟» قَالَ: أَبْقَيْتُ لَهُمُ اللهَ وَرَسُولَهُ. قُلْتُ: وَاللهِ لَا أَسْبقُهُ إِلَى شَيْءٍ أَبَداً. أخرجه أبو داود والترمذي (1).

- فضل الإكثار من الصدقة:

1 -

قال الله تعالى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (274)} [البقرة:274].

2 -

وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ العِبَادُ فِيهِ، إِلا مَلَكَانِ يَنْزِلانِ، فَيَقُولُ أحَدُهُمَا: اللهمَّ أعْطِ مُنْفِقاً خَلَفاً، وَيَقُولُ الآخَرُ اللهمَّ: أعْطِ مُمْسِكاً تَلَفاً» . متفق عليه (2).

3 -

وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ أنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللهِ، دَعَاهُ خَزَنَةُ الجَنَّةِ، كُلُّ خَزَنَةِ بابٍ: أيْ فُلُ هَلُمَّ» . قال أبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللهِ، ذَاكَ الَّذِي لا تَوَى عَلَيْهِ، فَقال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«إِنِّي لأَرْجُو أنْ تَكُونَ مِنْهُمْ» . متفق عليه (3).

- قوة الصدقة:

1 -

عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ رضي الله عنه قَالَ: ذَكَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم النَّارَ فَأعْرَضَ وَأشَاحَ، ثُمَّ قال:«اتَّقُوا النَّارَ» . ثُمَّ أعْرَضَ وَأشَاحَ حَتَّى ظَنَنَّا أنَّهُ كَأنَّمَا يَنْظُرُ

إِلَيْهَا، ثُمَّ قال:«اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَمَنْ لَمْ يجِدْ، فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ» . متفق

(1) حسن/ أخرجه أبو داود برقم (1678) ، والترمذي برقم (3675) ، وهذا لفظه.

(2)

متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1442) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1010).

(3)

متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2841) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1027).

ص: 100

عليه (1).

2 -

وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لا يَتَصَدَّقُ أحَدٌ بِتَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ، إِلا أخَذَهَا اللهُ بِيَمِينِهِ، فَيُرَبِّيهَا كَمَا يُرَبِّي أحَدُكُمْ فَلُوَّهُ أوْ قَلُوصَهُ، حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الجَبَلِ، أوْ أعْظَمَ» . متفق عليه (2).

3 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ، وَمَا زَادَ اللهُ عَبْداً بِعَفْوٍ إِلَاّ عِزّاً، وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ للهِ إِلَاّ رَفَعَهُ اللهُ» . أخرجه مسلم (3).

- فضل اليد العليا:

اليد العليا هي المنفقة، واليد السفلى هي السائلة، والمنفقة أعلى من الآخذة، وأعلى من السائلة.

عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «اليَدُ العُلْيَا خَيْرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى، وَابْدَأ بِمَنْ تَعُولُ، وَخَيْرُ الصَّدَقَةِ عَنْ ظَهْرِ غِنىً، وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللهُ» . متفق عليه (4).

- فضل الترغيب في الصدقة:

1 -

عَنْ أبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا جَاءَهُ السَّائِلُ، أوْ طُلِبَتْ إِلَيْهِ حَاجَةٌ، قَالَ: «اشْفَعُوا تُؤْجَرُوا، وَيَقْضِي اللهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم مَا

شَاءَ». متفق عليه (5).

(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6540) ، ومسلم برقم (1016) ، واللفظ له.

(2)

متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1410) ، ومسلم برقم (1014) ، واللفظ له.

(3)

أخرجه مسلم برقم (2588).

(4)

متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1427) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1034).

(5)

متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1432) ، واللفظ له، ومسلم برقم (2627).

ص: 101

2 -

وَعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيّ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إلَى النّبِيّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إنّي أُبْدِعَ بِي فَاحْمِلْنِي، فَقَالَ:«مَا عِنْدِي» فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ أَنَا أَدُلّهُ عَلَىَ مَنْ يَحْمِلُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ دَلّ علىَ خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ» . أخرجه مسلم (1).

- أفضل أحوال الصدقة:

1 -

الصدقة في رمضان وعشر ذي الحجة أفضل من غيرهما؛ لشرف الزمان، والصدقة في الجهاد وحالات الشدة والحاجة أفضل من غيرهما؛ لأهمية الحال.

2 -

إذا تعارض شرف الزمان، وشرف المكان، وشرف الحال، فإنه يقدم شرف الحال؛ لأن الصدقة عبادة شرعت لدفع الحاجة، وإذا كان الفضل يتعلق بذات العبادة كانت مراعاته أولى من الفضل الذي يتعلق بزمانها أو مكانها، ومن يرد الله به خيراً يفقهه في الدين.

1 -

قال الله تعالى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (274)} [البقرة:274].

2 -

وقال الله تعالى: {فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (12) فَكُّ رَقَبَةٍ (13) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (14) يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ (15) أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ (16) ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ (17)} [البلد:11 - 17].

(1) أخرجه مسلم برقم (1893).

ص: 102

- مقدار صدقة التطوع:

1 -

تسن صدقة التطوع بما زاد عن حاجة الإنسان وحاجة من يمونه ممن تجب عليه نفقته.

قال الله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (219)} [البقرة:219].

2 -

إذا تصدق المسلم بما يُنقص مؤنة من يعول فهو آثم؛ لأنه نَفَع الأجنبي، وحَرَم وأضاع من تلزمه مؤنته.

عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عَمْرو رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «كَفَى بِالمَرْءِ إِثْماً أنْ يَحْبِسَ عَمَّنْ يَمْلِكُ قُوتَهُ» . أخرجه مسلم (1).

3 -

إذا علم المسلم من نفسه قوة الصبر والتوكل فلا حرج عليه أن يتصدق بكل ما يملك إذا لم يتضرر هو أو من يعول، ومن تصدق بما يملك وخرج يتكفف الناس فقد ظلم نفسه.

- أولى الناس بالصدقة:

أولى الناس بالصدقة أهل المتصدق، وأولاده، وأقاربه، وجيرانه، وذو الحاجة الماسة.

ولا يجوز للمسلم أن يتصدق على البعيد وهو محتاج إلى ما يتصدق به لنفقته ونفقة عياله.

عَنْ جَابِر بنِ عَبدِاللهِ رضي الله عنهما أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ لِرَجُلٍ: «ابْدَأْ بِنَفْسِكَ

فَتَصَدَّقْ عَلَيْهَا، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلأَهْلِكَ، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ أهْلِكَ شَيْءٌ فَلِذِي

(1) أخرجه مسلم برقم (996).

ص: 103

قَرَابَتِكَ، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ ذِي قَرَابَتِكَ شَيْءٌ فَهَكَذَا وَهَكَذَا». يَقُولُ: فَبَيْنَ يَدَيْكَ وَعَنْ يَمِينِكَ وَعَنْ شِمَالِكَ. أخرجه مسلم (1).

- فضل الصدقة على الأقارب:

1 -

عَنْ مَيْمُونَةَ بِنْتِ الحَارِثِ رضي الله عنها أنَّهَا أعْتَقَتْ وَلِيدَةً فِي زَمَانِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:«لَوْ أعْطَيْتِهَا أخْوَالَكِ، كَانَ أعْظَمَ لأَجْرِكِ» . متفق عليه (2).

2 -

وَعَنْ أنَس بن مَالِكٍ رضي الله عنه قالَ: كَانَ أبُو طَلْحَةَ أكْثَرَ الأَنْصار بِالمَدِينَةِ مَالا مِنْ نَخْلٍ، وَكَانَ أحَبُّ أمْوَالِهِ إِلَيْهِ بَيْرُحَاءَ، وَكَانَتْ مُسْتَقْبِلَةَ المَسْجِدِ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَدْخُلُهَا، وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ. قال أنَسٌ: فَلَمَّا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الايَةُ: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} . قَامَ أبُو طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقال: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ اللهَ تبارك وتعالى يَقُولُ:{لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} . وَإِنَّ أحَبَّ أمْوَالِي إِلَيَّ بَيْرُحَاءَ، وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ للهِ، أرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللهِ، فَضَعْهَا يَا رَسُولَ اللهِ حَيْثُ أرَاكَ اللهُ. قال: فَقال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «بَخٍ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ، وَقَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ، وَإِنِّي أرَى أنْ تَجْعَلَهَا فِي الأقْرَبِينَ» . فَقال أبُو طَلْحَةَ: أفْعَلُ يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَسَمَهَا أبُو طَلْحَةَ فِي أقَارِبِهِ وَبَنِي عَمِّهِ. متفق عليه (3).

- فضل الصدقة على الحيوان:

1 -

عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «بَيْنَا رَجُلٌ يَمْشِي، فَاشْتَدَّ

(1) أخرجه مسلم برقم (997).

(2)

متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2592) ، ومسلم برقم (999) ، واللفظ له.

(3)

متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1461) ، واللفظ له، ومسلم برقم (998).

ص: 104

عَلَيْهِ العَطَشُ، فَنَزَلَ بِئْراً فَشَرِبَ مِنْهَا، ثُمَّ خَرَجَ فَإِذَا هُوَ بِكَلْبٍ يَلْهَثُ، يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ العَطَشِ، فَقال: لَقَدْ بَلَغَ هَذَا مِثْلُ الَّذِي بَلَغَ بِي، فَمَلأ خُفَّهُ ثُمَّ أمْسَكَهُ بِفِيهِ، ثُمَّ رَقِيَ فَسَقَى الكَلْبَ، فَشَكَرَ اللهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ». قالوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَإِنَّ لَنَا فِي البَهَائِمِ أجْراً؟ قال:«فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أجْرٌ» . متفق عليه (1).

2 -

وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «بَيْنَمَا كَلْبٌ يُطِيفُ بِرَكِيَّةٍ، قَدْ كَادَ يَقْتُلُهُ العَطَشُ، إِذْ رَأَتْهُ بَغِىٌّ مِنْ بَغَايَا بَنِى إِسْرَائِيلَ، فَنَزَعَتْ مُوقَهَا، فَاسْتَقَتْ لَهُ بِهِ فَسَقَتْهُ إِيَّاهُ، فَغُفِرَ لَهَا بِهِ» . متفق عليه (2).

- فضل الصدقة بالزرع:

1 -

عَنْ أنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْساً أوْ يَزْرَعُ زَرْعاً، فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ، أوْ إِنْسَانٌ، أوْ بَهِيمَةٌ، إِلا كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ» . متفق عليه (3).

2 -

وَعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْساً إِلا كَانَ مَا أُكِلَ مِنْهُ لَهُ صَدَقَةً، وَمَا سُرِقَ مِنْهُ لَهُ صَدَقَةٌ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ مِنْهُ فَهُوَ لَهُ صَدَقَةٌ، وَمَا أَكَلَتِ الطَّيْرُ فَهُوَ لَهُ صَدَقَةٌ، وَلا يَرْزَؤُهُ أَحَدٌ إِلا كَانَ لَهُ صَدَقَةٌ» . أخرجه مسلم (4).

- فضل الصدقة في سبيل الله:

1 -

قال الله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ

سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (261)}

(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2363) ، واللفظ له، ومسلم برقم (2244).

(2)

متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3467) ، ومسلم برقم (2245) ، واللفظ له.

(3)

متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2320) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1553).

(4)

أخرجه مسلم برقم (1552).

ص: 105

[البقرة:261].

2 -

وَعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيّ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ بِنَاقَةٍ مَخْطُومَةٍ، فَقَالَ: هَذِه فِي سَبِيلِ الله، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:«لَكَ بِهَا يَوْمَ القِيَامَةِ سَبْعُمِائَةِ نَاقَةٍ، كُلّهَا مَخْطُومَةٌ» . أخرجه مسلم (1).

- فضل الصدقة عن الميت:

1 -

عَنْ ابْن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ رضي الله عنه تُوُفِّيَتْ أمُّهُ وَهُوَ غَائِبٌ عَنْهَا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أمِّي تُوُفِّيَتْ وَأنَا غَائِبٌ عَنْهَا، أيَنْفَعُهَا شَيْءٌ إِنْ تَصَدَّقْتُ بِهِ عَنْهَا؟ قال:«نَعَمْ» . قال: فَإِنِّي أُشْهِدُكَ أنَّ حَائِطِيَ المِخْرَافَ صَدَقَةٌ عَلَيْهَا. أخرجه البخاري (2).

2 -

وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أنَّ رَجُلاً أتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ أمِّيَ افْتُلِتَتْ نَفْسَهَا وَلَمْ تُوصِ، وَأظُنُّهَا لَوْ تَكَلَّمَتْ تَصَدَّقَتْ، أفَلَهَا أجْرٌ إِنْ تَصَدَّقْتُ عَنْهَا؟ قال:«نَعَمْ» . متفق عليه (3).

- فضل الإيثار:

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنّ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ بَاتَ بِهِ ضَيْفٌ، فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ إِلاّ قُوتُهُ وَقُوتُ صِبْيَانِهِ، فَقَالَ لاِمْرَأَتِهِ: نَوّمِي الصّبْيَةَ وَأَطْفِئِي السّرَاجَ وَقَرّبِي لِلضّيْفِ مَا عِنْدَكِ، قَالَ فَنَزَلَتْ هََذِهِ الَايَةُ: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ

كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ}. متفق عليه (4).

(1) أخرجه مسلم برقم (1892).

(2)

أخرجه البخاري برقم (2756).

(3)

متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1388)، ومسلم برقم (1004) ، واللفظ له.

(4)

متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3798) ، ومسلم برقم (2054) ، واللفظ له.

ص: 106

- فضل الصدقة وإن وقعت في غير محلها:

من تصدق بصدقة فوقعت في غير محلها وهو لا يعلم فقد ثبت أجره.

عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: «قال رَجُلٌ: لأتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ، فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ، فَوَضَعَهَا فِي يَدِ سَارِقٍ، فَأصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ: تُصُدِّقَ عَلَى سَارِقٍ، فَقال: اللهمَّ لَكَ الحَمْدُ، لأتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ، فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ فَوَضَعَهَا فِي يَدَيْ زَانِيَةٍ، فَأصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ: تُصُدِّقَ اللَّيْلَةَ عَلَى زَانِيَةٍ، فَقال: اللهمَّ لَكَ الحَمْدُ، عَلَى زَانِيَةٍ؟ لأتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ، فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ، فَوَضَعَهَا فِي يَدَيْ غَنِيٍّ، فَأصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ: تُصُدِّقَ عَلَى غَنِيٍّ، فَقال: اللهمَّ لَكَ الحَمْدُ، عَلَى سَارِقٍ، وَعَلَى زَانِيَةٍ، وَعَلَى غَنِيٍّ، فَأتِيَ: فَقِيلَ لَهُ: أمَّا صَدَقَتُكَ عَلَى سَارِقٍ: فَلَعَلَّهُ أنْ يَسْتَعِفَّ عَنْ سَرِقَتِهِ، وَأمَّا الزَّانِيَةُ: فَلَعَلَّهَا أنْ تَسْتَعِفَّ عَنْ زِنَاهَا، وَأمَّا الغَنِيُّ: فَلَعَلَّهُ يَعْتَبِرُ، فَيُنْفِقُ مِمَّا أعْطَاهُ اللهُ» . متفق عليه (1).

- فضل الصدقة من الحلال الطيب:

1 -

قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (267) الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (268)} [البقرة:267 - 268].

2 -

وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَصَدَّقَ بِعَدْلِ

تَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ، وَلا يَصْعَدُ إِلَى اللهِ إِلا الطَّيِّبُ، فَإِنَّ اللهَ يَتَقَبَّلُهَا بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهِ كَمَا يُرَبِّي أحَدُكُمْ فُلُوَّهُ، حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الجَبَلِ». متفق

(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1421) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1022).

ص: 107

عليه (1).

- حكم الصدقة من الحرام:

الله تبارك وتعالى غني عن العالمين، فلا يرضى لعباده ولا من عباده إلا كل طيب وحلال، ولا يتقبل الأعمال إلا من المتقين، ولا يقبل الصدقات إذا كانت من حرام وخبيث.

1 -

قال الله تعالى: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (27)} [المائدة:27].

2 -

وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أيُّهَا النَّاسُ! إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إِلا طَيِّباً، وَإِنَّ اللهَ أمَرَ المُؤْمِنِينَ بِمَا أمَرَ بِهِ المُرْسَلِينَ، فَقَالَ: {يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ}. وَقَالَ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ}. ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ، أشْعَثَ أغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ، يَا رَبِّ! يَا رَبِّ! وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالحَرَامِ، فَأنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟» . متفق عليه (2).

3 -

وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لا تُقْبَلُ صَلاةٌ بِغَيْرِ طُهُورٍ، وَلا صَدَقَةٌ مِنْ غُلُولٍ» . أخرجه مسلم (3).

- حكم إظهار الصدقة:

إخفاء صدقة التطوع أفضل من إظهارها، ولا يشرع الجهر بالصدقة إلا لمصلحة من الاقتداء به، أو رفع التهمة عنه ونحوهما.

(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7430) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1014).

(2)

متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (91) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1015) ، واللفظ له.

(3)

أخرجه مسلم برقم (224).

ص: 108

1 -

قال الله تعالى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (274)} [البقرة:274].

2 -

وقال الله تعالى: {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (271)} [البقرة:271].

3 -

وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ تَعَالَى فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إِلا ظِلُّهُ: إِمَامٌ عَدْلٌ، وَشَابٌّ نَشَأ فِي عِبَادَةِ اللهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي المَسَاجِدِ، وَرَجُلانِ تَحَابَّا فِي اللهِ، اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ، فَقال: إِنِّي أخَافُ اللهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ، فَأخْفَاهَا حَتَّى لا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللهَ خَالِياً فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ» . متفق عليه (1).

- ما يبطل الصدقة:

1 -

قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (264)} [البقرة:264].

2 -

وَعَنْ أبِي ذَرٍّ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «ثَلاثَةٌ لا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَلا يَنْظُرُ إلَيْهِمْ، وَلا يُزَكِّيهِمْ، وَلَهُمْ عَذَابٌ ألِيمٌ» . قال فَقَرَأهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثَلاثَ مِرَاراً قال أبُو ذَرٍّ: خَابُوا وَخَسِرُوا، مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قال:

(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1423) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1031).

ص: 109

«المُسْبِلُ وَالمَنَّانُ وَالمُنَفِّقُ سِلْعَتَهُ بِالحَلِفِ الكَاذِبِ» . أخرجه مسلم (1).

- حكم صدقات المشرك قبل إسلامه:

إذا أسلم المشرك فله أجر صدقته قبل الإسلام.

عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رضي الله عنه قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ، أرَأيْتَ أشْيَاءَ كُنْتُ أتَحَنَّثُ بِهَا فِي الجَاهِلِيَّةِ مِنْ صَدَقَةٍ، أوْ عَتَاقَةٍ، وَصِلَةِ رَحِمٍ، فَهَلْ فِيهَا مِنْ أجْرٍ؟ فَقال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«أسْلَمْتَ عَلَى مَا سَلَفَ مِنْ خَيْرٍ» . متفق عليه (2).

- حكم الأكل من الصدقة:

إذا وصلت الصدقة إلى مستحقها مَلَكها، إن شاء باعها، وإن شاء صرفها على نفسه، أو أكرم بها غيره.

1 -

عَنْ أنَسٍ رضي الله عنه أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أتِيَ بِلَحْمٍ، تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ، فَقَالَ:«هُوَ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ، وَهُوَ لَنَا هَدِيَّةٌ» . متفق عليه (3).

2 -

وَعَنْ أمِّ عَطِيَّةَ رضي الله عنها قَالَت: بُعِثَ إِلَى نُسَيْبَةَ الأَنْصاريَّةِ بِشَاةٍ، فَأرْسَلَتْ إِلَى عَائِشَةَ رضي الله عنها مِنْهَا، فَقال: النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «عِنْدَكُمْ شَيْءٌ» . فَقُلْتُ: لا، إِلا مَا أرْسَلَتْ بِهِ نُسَيْبَةُ مِنْ تِلْكَ الشَّاةِ، فَقال:«هَاتِ فَقَدْ بَلَغَتْ مَحِلَّهَا» . متفق

عليه (4).

- حكم شراء الصدقة:

لا يجوز لأحد تَصَدَّق بصدقة على إنسان أن يشتريها منه؛ لأنه أخرجها من

(1) أخرجه مسلم برقم (106).

(2)

متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1436) ، واللفظ له، ومسلم برقم (123).

(3)

متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1495) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1074).

(4)

متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1446) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1076).

ص: 110

ملكه لله، فلا يحل له الرجوع فيما أعطاه لله ولو كانت بقيمة، أما غيره فيجوز له شراؤها.

عَنِ ابنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ رضي الله عنه يَقُولُ: حَمَلْتُ عَلَى فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللهِ، فَأضَاعَهُ الَّذِي كَانَ عِنْدَهُ، فَأرَدْتُ أنْ أشْتَرِيَهُ، وَظَنَنْتُ أنَّهُ يَبِيعُهُ بِرُخْصٍ، فَسَألْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقالَ:«لا تَشْتَرِه، وَلا تَعُدْ فِي صَدَقَتِكَ، وَإِنْ أعْطَاكَهُ بِدِرْهَمٍ، فَإِنَّ العَائِدَ فِي صَدَقَتهِ كَالعَائِدِ فِي قَيْئِهِ» . متفق عليه (1).

- حكم الصدقة على الكافر:

تسن الصدقة على المسلم، وتشرع الصدقة على الكافر؛ تأليفاً لقلبه، وسداً لجوعته، وتفريجاً لكربته، ويثاب على ذلك المسلم المتصدق.

1 -

قال الله تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8)} [الممتحنة:8].

2 -

وَعَنْ أسْمَاءَ بِنْتِ أبِي بَكْرٍ رضي الله عنها قَالَتْ: قَدِمَتْ عَلَيَّ أمِّي وَهِيَ مُشْرِكَةٌ فِي عَهْدِ قُرَيْشٍ إِذْ عَاهَدَهُمْ، فَاسْتَفْتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! قَدِمَتْ عَلَيَّ أمِّي وَهِيَ رَاغِبَةٌ، أفَأصِلُ أمِّي؟ قال: «نَعَمْ صِلِي

أمَّكِ». متفق عليه (2).

- حكم الصدقة على بني هاشم:

النبي صلى الله عليه وسلم لا تحل له الزكاة الواجبة، ولا صدقة التطوع، وبنو هاشم ومواليهم لا تحل لهم الزكاة الواجبة، ولا تحل لهم صدقة التطوع؛ لشرف النبوة،

(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1490) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1620).

(2)

متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2620) ، ومسلم برقم (1003) ، واللفظ له.

ص: 111

ولأنها أوساخ لا تليق بذلك المقام.

عَنْ أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قالَ: أخَذَ الحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ تمْرَةً مِنْ تمْرِ الصَّدَقَةِ، فَجَعَلَهَا فِي فِيهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«كِخْ كِخْ، ارْمِ بِهَا، أمَا عَلِمْتَ أنَّا لا نَأْكُلُ الصَّدَقَةَ؟» . متفق عليه (1).

- حكم الهدية لبني هاشم:

بنو هاشم جميعاً ومواليهم تجوز الهدية لهم لا الصدقة.

1 -

عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أتِيَ بِطَعَامٍ سَألَ عَنْهُ: «أهَدِيَّةٌ أمْ صَدَقَةٌ» . فَإِنْ قِيلَ صَدَقَةٌ، قال لأَصْحَابِهِ:«كُلُوا» وَلَمْ يَأْكُلْ، وَإِنْ قِيلَ هَدِيَّةٌ ضَرَبَ بِيَدِهِ صلى الله عليه وسلم فَأكَلَ مَعَهُمْ. متفق عليه (2).

2 -

وَعَنْ أنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِلَحْمٍ، فَقِيلَ: تُصُدِّقَ عَلَى بَرِيرَةَ، قال:«هُوَ لَهَا صَدَقَةٌ، وَلَنَا هَدِيَّةٌ» . متفق عليه (3).

- حكم صدقة المرأة من بيت زوجها:

1 -

يجوز للمرأة أن تتصدق من بيت زوجها بإذنه غير مُفسدة، فلزوجها الأجر،

ولها من الأجر مثله.

عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قالتْ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أنْفَقَتِ المَرْأةُ مِنْ طَعَامِ بَيْتِهَا غَيْرَ مُفْسِدَةٍ، كَانَ لَهَا أجْرُهَا بِمَا أنْفَقَتْ، وَلِزَوْجِهَا بِمَا كَسَبَ، وَلِلْخَازِنِ مِثْلُ ذَلِكَ، لا يَنْقُصُ بَعْضُهُمْ أجْرَ بَعْضٍ شَيْئاً» . متفق عليه (4).

(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1485) ، ومسلم برقم (1069) ، واللفظ له.

(2)

متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2576) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1077).

(3)

متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2577) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1074).

(4)

متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2065) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1024).

ص: 112

2 -

إذا أنفقت من بيته عن غير أمره، وهي تعلم أنه يرضى، غير مُفسدة، فلها نصف الأجر، ولزوجها نصف الأجر.

عَنْ أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا أنْفَقَتِ المَرْأةُ مِنْ كَسْبِ زَوْجِهَا، عَنْ غَيْرِ أمْرِهِ، فَلَهُ نِصْفُ أجْرِهِ» . متفق عليه (1).

3 -

لا يجوز للمرأة أن تتصدق من بيت زوجها إذا علمت أنه لا يرضى، فلا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه.

- حكم إعطاء من سأل بالله:

عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنِ اسْتَعَاذ باللهِ فَأَعِيذوهُ وَمَنْ سَأَلَ باللهِ فَأَعْطُوهُ وَمَنْ دَعَاكُمْ فَأَجِيبُوهُ وَمَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفاً فَكَافِؤهُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا تُكَافِؤنَهُ فَادْعُوا لَهُ حَتَّى تَرَوْا أَنَّكُمْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ» . أخرجه أبو داود والنسائي (2).

- حكم إعطاء السائل:

يسن إعطاء السائل ولو صغرت العطية.

1 -

قال الله تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ

مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)} [الزلزلة:7 - 8].

2 -

وَعَنْ أُمِّ بُجَيْدٍ رضي الله عنها قالتْ: يَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْكَ، إِنَّ المِسْكِينَ لَيَقُومُ عَلَى بَابي فَمَا أَجِدُ لَهُ شَيْئاً أُعْطِيهِ إِيَّاهُ. فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«إِنْ لَمْ تَجِدِي لَهُ شَيْئاً تُعْطِينَهُ إِيَّاهُ إِلَاّ ظِلْفاً مُحْرَقاً فَادْفَعِيهِ إِلَيْهِ فِي يَدِهِ» . أخرجه أبو داود والترمذي (3).

(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2066) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1026).

(2)

صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (1672) ، وهذا لفظه، والنسائي برقم (2567).

(3)

صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (1667) ، وهذا لفظه، والترمذي برقم (665).

ص: 113

- حكم السؤال من غير حاجة:

1 -

يحرم على الإنسان سؤال الناس الزكاة، أو الصدقة وعنده ما يكفيه، ومن سأل الناس تكثراً فإنما يجمع جمراً يوقد عليه في نار جهنم.

عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قالَ: قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سَألَ النَّاسَ أمْوَالَهُمْ تَكَثُّراً، فَإِنَّمَا يَسْألُ جَمْراً، فَلْيَسْتَقِلَّ أوْ لِيَسْتَكْثِر» . أخرجه مسلم (1).

2 -

من أبيح له شيء من الزكاة أو الصدقة أبيح له سؤاله وطلبه؛ لأنه يطلب حقه الذي أبيح له، والأولى التعفف والسكوت، وعدم السؤال.

1 -

عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ العَوَّامِ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لأنْ يَأخُذَ أحَدُكُمْ حَبْلَهُ، فَيَأتِيَ بِحُزْمَةِ الحَطَبِ عَلَى ظَهْرِهِ فَيَبِيعَهَا، فَيَكُفَّ اللهُ بِهَا وَجْهَهُ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أنْ يَسْألَ النَّاسَ، أعْطَوْهُ أوْ مَنَعُوهُ» . أخرجه البخاري (2).

2 -

وَعَنِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّ اللهَ كَرِهَ لَكُمْ ثَلاثاً: قِيلَ وَقَالَ، وَإِضَاعَةَ المَالِ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ» . متفق عليه (3).

- مفاسد السؤال من غير حاجة:

1 -

سؤال غير الله عند الحاجة ظلم في حق الله؛ لأن الله أمر بسؤاله وحده، لأنه قاضي الحاجات وحده، وظلم في حق السائل؛ لأنه أذل نفسه لغير الله، وظلم في حق المسؤل؛ لأنه قد يعطي وهو كاره.

2 -

سؤال غير الله من غير حاجة فيه ذل للسائل، وتعطيل للقوى والمواهب، وجحد لنعمة الله بالتشبه بالفقراء، وخداع للناس، وكذب عليهم، وأكل

(1) أخرجه مسلم برقم (1041).

(2)

أخرجه البخاري برقم (1471).

(3)

متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1477) ، واللفظ له، ومسلم برقم (593).

ص: 114

لأموال الناس بالباطل، وكل ذلك محرم.

عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قال: قال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَسْألُ النَّاسَ، حَتَّى يَأتِيَ يَوْمَ القِيَامَةِ لَيْسَ فِي وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ» . متفق عليه (1).

- حكم أخذ ما جاء من غير سؤال:

من أعطاه الله شيئاً من غير سؤال ولا إشراف نفس فليأخذه فإنما هو رزق ساقه الله إليه، فإن شاء تموّله، وإن شاء تصدق به.

عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ يَقُولُ: قَدْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُعْطِينِي العَطَاءَ، فَأقُولُ: أعْطِهِ أفْقَرَ إِلَيْهِ مِنِّي، حَتَّى أعْطَانِي مَرَّةً مَالاً، فَقُلْتُ: أعْطِهِ أفْقَرَ إِلَيْهِ مِنِّي، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«خُذْهُ، وَمَا جَاءَكَ مِنْ هَذَا المَالِ وَأنْتَ غَيْرُ مُشْرِفٍ وَلا سَائِلٍ فَخُذْهُ، وَمَا لا فَلا تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ» . متفق عليه (2).

- فضل التعفف عن السؤال:

1 -

عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه إِنَّ نَاساً مِنَ الأَنْصار سَألُوا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأعْطَاهُمْ، ثُمَّ سَألُوهُ فَأعْطَاهُمْ، ثُمَّ سَألُوهُ فَأعْطَاهُمْ، حَتَّى نَفِدَ مَا عِنْدَهُ، فَقال:«مَا يَكُونُ عِنْدِي مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ أدَّخِرَهُ عَنْكُمْ، وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللهُ، وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللهُ وَمَا أعْطِيَ أحَدٌ عَطَاءً خَيْراً وَأوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ» . متفق عليه (3).

2 -

وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ،

(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1474) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1040).

(2)

متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1473)، ومسلم برقم (1045) ، واللفظ له.

(3)

متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1469) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1053).

ص: 115

لَأنْ يَأخُذَ أحَدُكُمْ حَبْلَهُ، فَيَحْتَطِبَ عَلَى ظَهْرِهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أنْ يَأتِيَ رَجُلاً فَيَسْألَهُ، أعْطَاهُ أوْ مَنَعَهُ». متفق عليه (1).

- حكم سؤال السلطان:

1 -

يستحب للمسلم أن يعف نفسه عن السؤال، فإن احتاج سأل السلطان؛ لأنه أمين المسلمين على بيت مالهم، وكل مسلم له حق في بيت المال.

عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنِ المَسْأَلَةَ كَدٌّ يَكُدُّ بهَا الرَّجُلُ وَجْهَهُ إِلَاّ أَنْ يَسْأَلَ الرَّجُلُ سُلْطَاناً أَوْ فِي أَمْرٍ لَا بُدَّ مِنْهُ» . أخرجه أبو داود والترمذي (2).

2 -

يستحب للمسلم أن لا يكثر من سؤال السلطان، لا سيما أهل العلم والفضل؛ لأنه إسقاط لوقارهم، وجلال العلم فيهم، وانهماك في جمع المال.

1 -

عَنْ حَكِيم بن حِزَامٍ رضي الله عنه قَالَ: سَألْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأعْطَانِي، ثُمَّ سَألْتُهُ فَأعْطَانِي، ثُمَّ سَألْتُهُ فَأعْطَانِي ثُمَّ، قال: «يَا حَكِيمُ، إِنَّ هَذَا المَالَ خَضِرَةٌ

حُلْوَةٌ، فَمَنْ أخَذَهُ بِسَخَاوَةِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ، وَمَنْ أخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ، كَالَّذِي يَأكُلُ وَلا يَشْبَعُ، اليَدُ العُلْيَا خَيْرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى». قال: حَكِيمٌ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ، لا أرْزَأ أحَداً بَعْدَكَ شَيْئاً، حَتَّى أفَارِقَ الدُّنْيَا. متفق عليه (3).

2 -

وَعَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه إِنَّ نَاساً مِنَ الأَنْصار سَألُوا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأعْطَاهُمْ، ثُمَّ سَألُوهُ فَأعْطَاهُمْ، ثُمَّ سَألُوهُ فَأعْطَاهُمْ، حَتَّى نَفِدَ مَا عِنْدَهُ،

(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1470) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1042).

(2)

صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (1639) ، والترمذي برقم (681) ، وهذا لفظه.

(3)

متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1472) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1035).

ص: 116

فَقال: «مَا يَكُونُ عِنْدِي مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ أدَّخِرَهُ عَنْكُمْ، وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللهُ، وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللهُ وَمَا أعْطِيَ أحَدٌ عَطَاءً خَيْراً وَأوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ» . متفق عليه (1).

- حكم إعطاء من سأل بفحش وغلظة:

1 -

عَنْ عُمَر بن الخَطَّابِ رضي الله عنه قالَ: قَسَمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَسْماً، فَقُلْتُ: وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ لَغَيْرُ هَؤُلاءِ كَانَ أحَقَّ بِهِ مِنْهُمْ، قال:«إِنَّهُمْ خَيَّرُونِي أنْ يَسْألُونِي بِالفُحْشِ أوْ يُبَخِّلُونِي، فَلَسْتُ بِبَاخِلٍ» . أخرجه مسلم (2).

2 -

وَعَنْ أنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: كُنْتُ أمْشِي مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَعَلَيْهِ بُرْدٌ نَجْرَانِيٌّ غَلِيظُ الحَاشِيَةِ، فَأدْرَكَهُ أعْرَابِيٌّ فَجَذَبَهُ جَذْبَةً شَدِيدَةً، حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى صَفْحَةِ عَاتِقِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَدْ أثَّرَتْ بِهِ حَاشِيَةُ الرِّدَاءِ مِنْ شِدَّةِ جَذْبَتِهِ، ثُمَّ قال: مُرْ لِي مِنْ مَالِ اللهِ الَّذِي عِنْدَكَ، فَالتَفَتَ إِلَيْهِ فَضَحِكَ، ثُمَّ أمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ. متفق عليه (3).

- من تحل له المسألة:

1 -

عَنْ سَمُرَةَ بنِ جُندُب رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «المَسَائِلُ كُدُوحٌ يَكْدَحُ بهَا الرَّجُلُ وَجْهَهُ فَمَنْ شَاءَ أَبْقَى عَلَى وَجْهِهِ وَمَنْ شَاءَ تَرَكَ إِلَاّ أَنْ يَسْأَلَ الرَّجُلُ ذا سُلْطَانٍ أَوْ فِي أَمْرٍ لَا يَجِدُ مِنْهُ بُدّاً» . أخرجه أحمد وأبو داود (4).

2 -

وَعَنْ قَبِيصَةَ بْنِ مُخَارِقٍ الهِلالِيِّ رضي الله عنه قَالَ: تَحَمَّلْتُ حَمَالَةً، فَأتَيْتُ

(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1469) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1053).

(2)

أخرجه مسلم برقم (1056).

(3)

متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3149) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1057).

(4)

صحيح/ أخرجه أحمد برقم (20529) ، وأبو داود برقم (1639) ، وهذا لفظه.

ص: 117

رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أسْألُهُ فِيهَا، فَقَالَ:«أقِمْ حَتَّى تَأْتِيَنَا الصَّدَقَةُ، فَنَأْمُرَ لَكَ بِهَا» . قال: ثُمَّ قال: «يَا قَبِيصَةُ! إِنَّ المَسْألَةَ لا تَحِلُّ إِلا لأَحَدِ ثَلاثَةٍ: رَجُلٍ تَحَمَّلَ حَمَالَةً فَحَلَّتْ لَهُ المَسْألَةُ حَتَّى يُصِيبَهَا ثُمَّ يُمْسِكُ، وَرَجُلٌ أصَابَتْهُ جَائِحَةٌ اجْتَاحَتْ مَالَهُ فَحَلَّتْ لَهُ المَسْألَةُ حَتَّى يُصِيبَ قِوَاماً مِنْ عَيْشٍ (أوْ قال سِدَاداً مِنْ عَيْشٍ). وَرَجُلٌ أصَابَتْهُ فَاقَةٌ حَتَّى يَقُومَ ثَلاثَةٌ مِنْ ذَوِي الحِجَا مِنْ قَوْمِهِ: لَقَدْ أصَابَتْ فُلاناً فَاقَةٌ فَحَلَّتْ لَهُ المَسْألَةُ، حَتَّى يُصِيبَ قِوَاماً مِنْ عَيْشٍ (أوْ قال سِدَاداً مِنْ عَيْشٍ) فَمَا سِوَاهُنَّ مِنَ المَسْألَةِ، يَا قَبِيصَةُ سُحْتاً يَأْكُلُهَا صَاحِبُهَا سُحْتاً» . أخرجه مسلم (1).

- فضل شكر المعروف:

السنة لمن صُنع إليه معروف أن يكافئه، فإن لم يجد دعا له.

عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ صُنِعَ إِلَيْهِ مَعْرُوفٌ فَقَالََ لِفَاعِلِهِ جَزَاكَ اللهُ خَيْراً فَقَدْ أَبْلَغَ فِي الثنَاءِ» . أخرجه الترمذي (2).

- مراتب المواساة بالمال:

المواساة بالمال لها ثلاث درجات:

الأولى: أن تُؤْثر الفقير على نفسك، وهذه مرتبة الصديقين، وهي أعلاها.

الثانية: أن تُنْزله منزلة نفسك، وترضى بمشاركته لك في مالك.

الثالثة: أن تُنْزله منزلة عبدك، فتعطيه ابتداء، ولا تُحوجه للسؤال، وهذه أدناها.

(1) أخرجه مسلم برقم (1044).

(2)

صحيح/ أخرجه الترمذي برقم (2035).

ص: 118