الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
25 - الهبة
- الهبة: هي تمليك الإنسان ماله لغيره في الحياة بلا عوض.
- الهدية: هي ما يُهدي للإنسان من مال غيره في الحياة بلا عوض.
- العطية: هي التبرع بالمال بلا عوض.
- الوصية: هي التبرع بالمال بعد الوفاة.
- الصدقة: هي التبرع بالمال في الحياة طلباً للثواب من الله تعالى.
وتطلق الهبة على الهدية والعطية، والجميع داخل في باب البر والإحسان، والصلة والمعروف، فالهبة والصدقة والعطية من رأس المال، والوصية من الثلث فأقل لغير وارث، وما زاد على الثلث، وكان لوارث، فهو موقوف على إجازة الورثة بعد الموت.
- حكمة مشروعية الهبة:
شرع الله الهبة لما فيها من تأليف القلوب، وتوثيق عرى المحبة بين الناس، خاصة إذا كانت على قريب، أو جار، أو ذي عداوة، فقد تحصل الخصومات، ويقع التنافر والتدابر، وتنقطع صلة الأرحام، فشرع الله الهبة والهدية لتصفية القلوب، وإزالة كل ما يسبب الفرقة بين الناس، ويطهر النفوس من رذيلة البخل والشح والطمع، وتحصيل الأجر والثواب لمن فعلها ابتغاء وجه الله تعالى.
- حكم الهبة:
الهبة عبادة من العبادات، وهي مستحبة؛ لما فيها من تأليف القلوب،
وتحصيل الأجر والثواب، وحصول المحبة والمودة.
1 -
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قالتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقْبَلُ الهَدِيَّةَ وَيُثِيبُ عَلَيْهَا. أخرجه البخاري (1).
2 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قالتْ: قُلتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ لِي جَارَيْنِ، فَإِلَى أيِّهِمَا أهْدِي؟ قال:«إِلَى أقْرَبِهِمَا مِنْكِ باباً» . أخرجه البخاري (2).
- فضل الهبة:
1 -
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «يَا نِسَاءَ المُسْلِمَاتِ، لا تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا، وَلَوْ فِرْسِنَ شَاةٍ» . متفق عليه (3).
2 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أنَّهَا قالتْ لِعُرْوَةَ: ابْنَ أخْتِي، إِنْ كُنَّا لَنَنْظُرُ إِلَى الهِلالِ، ثُمَّ الهِلالِ، ثَلاثَةَ أهِلَّةٍ فِي شَهْرَيْنِ، وَمَا أوقِدَتْ فِي أبْيَاتِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَارٌ. فَقُلتُ: يَا خَالَةُ، مَا كَانَ يُعِيشُكُمْ؟ قالتِ الأَسْوَدَانِ: التَّمْرُ وَالمَاءُ، إِلا أنَّهُ قَدْ كَانَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم جِيرَانٌ مِنَ الأَنْصَارِ، كَانَتْ لَهُمْ مَنَائِحُ، وَكَانُوا يَمْنَحُونَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ ألبَانِهِمْ فَيَسْقِينَا. متفق عليه (4).
- فقه الإنفاق الشرعي:
الله عز وجل كريم يحب الجود والكرم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان، وكان صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية ويثيب عليها .. ويدعو إلى قبولها .. ويرغِّب فيها .. وكان أعظم الناس صدقة بما ملكت
(1) أخرجه البخاري برقم (2585).
(2)
أخرجه البخاري برقم (2595).
(3)
متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2566) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1030).
(4)
متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3567) ، واللفظ له، ومسلم برقم (2972).
يده .. لا يسأله أحد شيئاً إلا أعطاه إياه قليلاً كان أو كثيراً .. يعطي عطاء من لا يخشى الفقر.
وكان العطاء والصدقة أحب شيء إليه، وكان فرحه وسروره بما يعطيه أعظم من سرور الآخذ بما يأخذه منه، إذا عرض له محتاج آثره على نفسه.
وكان صلى الله عليه وسلم ينوِّع في أصناف عطائه وصدقته:
تارة بالهبة .. وتارة بالصدقة .. وتارة بالهدية .. وتارة يشتري الشيء فيعطي أكثر من ثمنه .. وتارة يقترض الشيء فيرد أكثر منه .. وتارة يشتري الشيء ثم يعطي البائع الثمن والسلعة جميعاً.
وبذلك كان أشرح الناس صدراً، وأطيبهم نفساً، فصلوات الله وسلامه عليه.
- كرم النبي صلى الله عليه وسلم:
1 -
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ القُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أجْوَدُ بِالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ. متفق عليه (1).
2 -
وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: مَا سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الإِسْلَامِ شَيْئاً إِلَاّ أَعْطَاهُ، قَالَ: فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَأَعْطَاهُ غَنَماً بَيْنَ جَبَلَيْنِ، فَرَجَعَ إِلَى قَوْمِهِ، فَقَالَ: يَاقَوْمِ! أَسْلِمُوا، فَإِنَّ مُحَمَّداً يُعْطِي عَطَاءً لَا يَخْشَى الفَاقَةَ. أخرجه مسلم (2).
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6) ، واللفظ له، ومسلم برقم (2308).
(2)
أخرجه مسلم برقم (2312).
- ما تنعقد به الهبة:
تنعقد الهبة بكل لفظ يفيد تمليك المال بلا عوض كوهبتك، أو أهديتك، أو أعطيتك، وتنعقد بكل معاطاة دالة عليها.
- ما يصح هبته:
كل ما يجوز بيعه تجوز هبته من الأموال، والعقار، والمنقول، قليلاً كان أو كثيراً، ويستحب قبولها، ويكره ردها وإن قلّت.
- شروط الهبة:
يشترط لصحة الهبة ما يلي:
أن يكون الواهب جائز التصرف .. وأن يكون مختاراً .. وأن يكون مالكاً للموهوب .. وأن يصدر منه ما يدل على الهبة.
ويشترط في الموهوب: أن يكون موجوداً حقيقة .. وأن يكون مالاً متقوّماً .. وأن يكون مملوكاً للواهب.
- أنواع الهبة:
الهبة إن كانت من الغني لمثله فهي للمودة والمحبة، وإن كانت من الغني إلى الفقير فهي للإحسان والمواساة، وإن كانت من الفقير إلى الغني فهي غالباً يراد بها المكافأة.
فالهبة نوعان:
1 -
هبة مطلقة لا يُقصد بها العوض، وإنما يُقصد بها الأجر، وحصول المودة، سواء كانت لمن دونه، أو أعلى منه، أو مثله، وهذه هي الأصل، وهي مستحبة.
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ أُمِّي افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا، وَأَظُنُّهَا لَوْ تَكَلَّمَتْ تَصَدَّقَتْ، فَهَل لَهَا أَجْرٌ إِنْ تَصَدَّقْتُ عَنْهَا؟ قَالَ:«نَعَمْ» . متفق عليه (1).
2 -
هبة مقيدة، وهي التي يُقصد بها ثواب الدنيا.
فهذه حكمها حكم البيع، والغالب أن المهدي يطلب بها أكثر مما أهدى، والأفضل أن يقنع بما يُعطى، ولا يجعل الهدية طريقاً لابتزاز أموال الناس.
- ما تُملك به الهبة:
الهبة والصدقة تُملك بالقبض، فإذا لم يقبض الإنسان الهبة أو الصدقة فمن حق الواهب أو المتصدق أن يرجع فيها عند وجود عارض يمنعه من الصدقة أو الهبة.
- مقدار الهبة:
من كان له صبر على الفاقة، وقلة ذات اليد، فله التصدق بكل ماله أو بأكثره.
ومن لا صبر له، ويتكفف الناس إذا احتاج، لم يحل له أن يتصدق بجميع ماله ولا بأكثره.
- الأَوْلى بالهدية:
الأولى بالإهداء إليه الأقرب فالأقرب من الأهل، والأقارب، والجيران، والأصدقاء، من الأغنياء والفقراء.
1 -
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ لِي جَارَيْنِ، فَإِلَى أيِّهِمَا
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1388) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1004).
أهْدِي؟ قال: «إِلَى أقْرَبِهِمَا مِنْكِ باباً» . أخرجه البخاري (1).
2 -
وَعَنْ مَيْمُونَةَ بِنْتِ الحَارِثِ رضي الله عنها أنَّهَا أعْتَقَتْ وَلِيدَةً فِي زَمَانِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:«لَوْ أعْطَيْتِهَا أخْوَالَكِ كَانَ أعْظَمَ لأَجْرِكِ» . متفق عليه (2).
- ما لا يرد من الهدايا:
1 -
عَنْ أنَسٍ رضي الله عنه أنَّهُ كَانَ لا يَرُدُّ الطِّيبَ، وَزَعَمَ أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ لا يَرُدُّ الطِّيبَ. أخرجه البخاري (3).
2 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ عُرِضَ عَلَيْهِ رَيْحَانٌ فَلَا يَرُدُّهُ، فَإِنَّهُ خَفِيفُ المَحْمِلِ طَيِّبُ الرِّيحِ» . أخرجه مسلم (4).
- حكم قبول الهدية:
يستحب قبول الهدية، والإثابة عليها؛ مقابلةً للجميل بمثله أو أفضل منه، فإن لم يجد دعا له.
1 -
عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُعْطِينِي العَطَاءَ، فَأقُولُ: أعْطِهِ مَنْ هُوَ أفْقَرُ إِلَيْهِ مِنِّي. فَقال: «خُذْهُ، إِذَا جَاءَكَ مِنْ هَذَا المَالِ شَيْءٌ وَأنْتَ غَيْرُ مُشْرِفٍ وَلا سَائِلٍ فَخُذْهُ، وَمَا لا فَلا تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ» . متفق عليه (5).
2 -
وَعَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ صُنِعَ إِلَيْهِ
(1) أخرجه البخاري برقم (2259).
(2)
متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2594) ، ومسلم برقم (999) ، واللفظ له.
(3)
أخرجه البخاري برقم (5929).
(4)
أخرجه مسلم برقم (2253).
(5)
متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1473) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1045).
مَعْرُوفٌ فَقَالَ لِفَاعِلِهِ جَزَاكَ اللهُ خَيْراً فَقَدْ أَبْلَغَ فِي الثنَاءِ». أخرجه الترمذي (1).
- حكم قبول الهدية من المشركين:
تجوز الهدية للمشرك، وقبولها منه؛ تأليفاً لقلبه، وطمعاً في إسلامه.
1 -
عَنْ أنَسٍ رضي الله عنه قالَ: أُهْدِيَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم جُبَّةُ سُنْدُسٍ، وَكَانَ يَنْهَى عَنِ الحَرِيرِ، فَعَجِبَ النَّاسُ مِنْهَا، فَقال:«وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَمَنَادِيلُ سَعْدِ ابْنِ مُعَاذٍ فِي الجَنَّةِ أحْسَنُ مِنْ هَذَا» . متفق عليه (2).
2 -
وَعَنْ أنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أنَّ يَهُودِيَّةً أتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِشَاةٍ مَسْمُومَةٍ فَأكَلَ مِنْهَا، فَجِيءَ بِهَا، فَقِيلَ: ألا نَقْتُلُهَا؟ قال: «لا» . فَمَا زِلتُ أعْرِفُهَا فِي لَهَوَاتِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. متفق عليه (3).
- ما يفعل بالهدية التي لا تليق به:
1 -
عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قالَ: أهْدَى إِلَيَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حُلَّةَ سِيَرَاءَ، فَلَبِسْتُهَا، فَرَأيْتُ الغَضَبَ فِي وَجْهِهِ، فَشَقَقْتُهَا بَيْنَ نِسَائِي. متفق عليه (4).
2 -
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: أتَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْتَ فَاطِمَةَ فَلَمْ يَدْخُل عَلَيْهَا، وَجَاءَ عَلِيٌّ فَذَكَرَتْ لَهُ ذَلِكَ، فَذَكَرَهُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال:«إِنِّي رَأيْتُ عَلَى بابهَا سِتْراً مَوْشِيّاً» . فَقال: «مَا لِي وَلِلدُّنْيَا» . فَأتَاهَا عَلِيٌّ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهَا، فَقالت: لِيَأْمُرْنِي فِيهِ بِمَا شَاءَ، قال: «تُرْسِلُ بِهِ إِلَى فُلانٍ، أهْلِ بَيْتٍ بِهِمْ
حَاجَةٌ». أخرجه البخاري (5).
(1) صحيح/ أخرجه الترمذي برقم (2035).
(2)
متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2615) ، واللفظ له، ومسلم برقم (2469).
(3)
متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2617) ، واللفظ له، ومسلم برقم (2190).
(4)
متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2614) ، واللفظ له، ومسلم برقم (2071).
(5)
أخرجه البخاري برقم (2613).
3 -
وَعَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: رَأى عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ حُلَّةً سِيَرَاءَ عِنْدَ باب المَسْجِدِ، فَقال: يَا رَسُولَ اللهِ، لَوِ اشْتَرَيْتَهَا فَلَبِسْتَهَا يَوْمَ الجُمُعَةِ وَلِلوَفْدِ، قال:«إِنَّمَا يَلبَسُهَا مَنْ لا خَلاقَ لَهُ فِي الآخِرَةِ» . ثُمَّ جَاءَتْ حُلَلٌ، فَأعْطَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عُمَرَ مِنْهَا حُلَّةً، وَقال: أكَسَوْتَنِيهَا، وَقُلتَ فِي حُلَّةِ عُطَارِدٍ مَا قُلتَ؟ فَقال:«إِنِّي لَمْ أكْسُكَهَا لِتَلبَسَهَا» . فَكَسَاهَا عُمَرُ أخاً لَهُ بِمَكَّةَ مُشْرِكاً. متفق عليه (1).
- من أهدي له هدية في مجلس فهو أحق بها:
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أنَّهُ كَانَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، فَكَانَ عَلَى بَكْرٍ لِعُمَرَ صَعْبٍ، فَكَانَ يَتَقَدَّمُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَيَقُولُ أبُوهُ: يَا عَبْدَاللهِ، لا يَتَقَدَّمُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أحَدٌ. فَقال لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«بِعْنِيهِ» . فَقال عُمَرُ: هُوَ لَكَ، فَاشْتَرَاهُ، ثُمَّ قال:«هُوَ لَكَ يَا عَبْدَاللهِ، فَاصْنَعْ بِهِ مَا شِئْتَ» . أخرجه البخاري (2).
- قبول الهدية وإن قلّت:
1 -
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال: «لَوْ دُعِيتُ إِلَى ذِرَاعٍ، أوْ كُرَاعٍ لأَجَبْتُ، وَلَوْ أهْدِيَ إِلَيَّ ذِرَاعٌ أوْ كُرَاعٌ لَقَبِلتُ» . أخرجه البخاري (3).
2 -
وَعَنْ أنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قال: أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِلَحْمٍ، فَقِيلَ: تُصُدِّقَ عَلَى بَرِيرَةَ، قال:«هُوَ لَهَا صَدَقَةٌ، وَلَنَا هَدِيَّةٌ» . متفق عليه (4).
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2612) ، واللفظ له، ومسلم برقم (2068).
(2)
أخرجه البخاري برقم (2610).
(3)
أخرجه البخاري برقم (2568).
(4)
متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2577) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1074).
- حكم الهدية للمشرك:
1 -
قال الله تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8)} [الممتحنة:8].
2 -
وقال الله تعالى: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (8) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا (9)} [الإنسان:8 - 9].
3 -
وَعَنْ أسْمَاءَ بِنْتِ أبِي بَكْرٍ رضي الله عنها قَالتْ: قَدِمَتْ عَلَيَّ أمِّي وَهِيَ مُشْرِكَةٌ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَاسْتَفْتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قُلتُ: إِنَّ أُمِّي قَدمَتْ وَهِيَ رَاغِبَةٌ، أفَأصِلُ أمِّي؟ قال:«نَعَمْ، صِلِي أمَّكِ» . متفق عليه (1).
- حكم المكافأة على الهدية:
يستحب قبول الهدية، والمكافأة عليها بأحسن منها أو مثلها؛ مقابلة للجميل بمثله، ولئلا يكون لأحد عليه منَّة، فإن لم يجد دعا له.
1 -
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قالتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقْبَلُ الهَدِيَّةَ وَيُثِيبُ عَلَيْهَا. أخرجه البخاري (2).
2 -
وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّهُ أخَذَ سِنّاً، فَجَاءَ صَاحِبُهُ يَتَقَاضَاهُ، فَقالَ:«إِنَّ لِصَاحِبِ الحَقِّ مَقالا» . ثُمَّ قَضَاهُ أفْضَلَ مِنْ سِنِّهِ، وَقال:«أفْضَلُكُمْ أحْسَنُكُمْ قَضَاءً» . متفق عليه (3).
- حكم الثناء على المهدي:
يستحب الثناء على المهدي، والدعاء له، شكراً لإحسانه وبذله.
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2620) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1003).
(2)
أخرجه البخاري برقم (2585).
(3)
متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2609) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1601).
1 -
عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ صُنِعَ إِلَيْهِ مَعْرُوفٌ فَقَالََ لِفَاعِلِهِ: جَزَاكَ اللهُ خَيْراً فَقَدْ أَبْلَغَ فِي الثنَاءِ» . أخرجه الترمذي (1).
2 -
وعَنْ أَنَسٍ َ رضي الله عنه قَالَ: لَمَّا قَدِمَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم المَدِينَةَ أَتَاهُ المُهَاجِرُونَ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ مَا رَأَيْنَا قَوْماً أَبْذلَ مِنْ كَثيرٍ وَلَا أَحْسَنَ مُوَاسَاةً مِنْ قَلِيلٍ مِنْ قَوْمٍ نَزَلنَا بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ، لَقَدْ كَفَوْنَا المُؤْنَةَ وَأَشْرَكُونَا فِي المَهْنَإِ حَتَّى لَقَدْ خِفْنَا أَنْ يَذهَبُوا بالأَجْرِ كُلِّهِ. فَقَالََ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:«لا، مَا دَعَوْتُمُ اللهَ لَهُمْ وَأَثنَيْتُمْ عَلَيْهِمْ» . أخرجه أحمد والترمذي (2).
- حكم الهدية لجلب مصلحة:
من أهدى هدية لولي أمر أو غيره ليفعل معه ما لا يجوز، كان حراماً على المهدي والمهدى إليه؛ لأن ذلك من الرشوة الملعون آخذها ومعطيها.
وإن أهداه هدية ليكف ظلمه عنه، أو ليعيطه حقه الواجب له، فهذه الهدية حرام على الآخذ، وجاز للدافع دفعها إليه دفعاً لشره، وحفظاً لحق الدافع.
1 -
عَنْ أبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ رضي الله عنه قَالَ: اسْتَعْمَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَجُلاً مِنْ بَنِي أسْدٍ يُقَالُ لَهُ ابْنُ الأَتَبِيَّةِ، عَلَى صَدَقَةٍ، فَلَمَّا قَدِمَ قال: هَذَا لَكُمْ وَهَذَا أُهْدِيَ لِي، فَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى المِنْبَرِ، فَحَمِدَ اللهَ وَأثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قال: «مَا بَالُ العَامِلِ نَبْعَثُهُ، فَيَأْتِي يَقُولُ: هَذَا لَكَ وَهَذَا لِي، فَهَلا جَلَسَ فِي بَيْتِ أبِيهِ وَأُمِّهِ فَيَنْظُرُ أيُهْدَى لَهُ أمْ لا؟ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لا يَأْتِي بِشَيْءٍ إِلا جَاءَ بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى رَقَبَتِهِ: إِنْ كَانَ بَعِيراً لَهُ رُغَاءٌ، أوْ بَقَرَةً لَهَا خُوَارٌ، أوْ شَاةً
تَيْعَرُ». ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى رَأيْنَا عُفْرَتَيْ إِبْطَيْهِ: «ألا هَل بَلَّغْتُ» . ثَلاثاً. متفق
(1) صحيح/ أخرجه الترمذي برقم (2035).
(2)
صحيح/ أخرجه أحمد برقم (13075) ، وأخرجه الترمذي برقم (2487) ، وهذا لفظه.
عليه (1).
2 -
وَعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الرَّاشِيَ وَالمُرْتَشِيَ فِي الحُكْمِ. أخرجه أحمد والترمذي (2).
- الفرق بين الهدية والرشوة:
الراشي يقصد بالرشوة إبطال حق، أو إحقاق باطل، فهذا محرم، فإن رشا لدفع الظلم عن نفسه اختص المرتشي وحده باللعنة.
وأما المهدي فقصده استجلاب المودة والإحسان، فإنْ قَصَد المكافأة فهو معاوض، وإن قصد الربح فهو مكاثر.
- حكم العُمْرَى والرُّقْبَى:
العمرى: أن يهب الإنسان غيره شيئاً مدة عمره، فإذا مات عادت للواهب، كأن يقول: أعمرتك هذه الدار مدة عمرك، أو مدة عمري.
الرقبى: كأن يقول: أرقبتك داري مدة حياتك، فإن مت قبلي رَجَعَتْ إليّ، وإن مت قبلك فهي لك ولعقبك.
فالعمرى والرقبى نوع من الهبة، لكنه مؤقت بوقت.
وحكمها أنها جائزة، والتوقيت باطل، فتكون العمرى والرقبى لمن وهبت له حياته، ولورثته من بعده، ولا ترجع للواهب.
1 -
عَنْ جَابِرِ بْن عَبْداللهِ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَمْسِكُوا
عَلَيْكُمْ أَمْوَالَكُمْ وَلَا تُفْسِدُوهَا، فَإنّهُ مَنْ أَعْمَرَ عُمْرَى فَهِيَ لِلّذِي أُعْمِرَهَا، حَيّاً
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7174) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1832).
(2)
صحيح/ أخرجه أحمد برقم (9023)، وأخرجه الترمذي برقم (1336) وهذا لفظه.
وَمَيّتاً، وَلِعَقِبِهِ». أخرجه مسلم (1).
2 -
وَعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَضَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالعُمْرَى، أنَّهَا لِمَنْ وُهِبَتْ لَهُ. متفق عليه (2).
- حكم الهبة في مرض الموت:
المريض مرض الموت إذا وهب غيره هبة فحكم هبته كحكم الوصية، فلا تصح إلا إذا أجازها الورثة بعد الموت، ولا تصح لغير وارث بأكثر من الثلث إلا بإجازة الورثة لها بعد الموت.
وإن وهب في مرض الموت ثم شفي فالهبة صحيحة.
- حكم الإشهاد على الهبة:
يستحب الإشهاد على الهبة قطعاً للنزاع والخلاف.
عَنِ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ رضي الله عنهما قَالَ: أعْطَانِي أبِي عَطِيَّةً، فَقالتْ عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ: لا أرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَأتَى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقال: إِنِّي أعْطَيْتُ ابْنِي مِنْ عَمْرَةَ بِنْتِ رَوَاحَةَ عَطِيَّةً، فَأمَرَتْنِي أنْ أُشْهِدَكَ يَا رَسُولَ اللهِ، قالَ:«أعْطَيْتَ سَائِرَ وَلَدِكَ مِثْلَ هَذَا» . قال: لا، قال:«فَاتَّقُوا اللهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أوْلادِكُمْ» . قالَ: فَرَجَعَ فَرَدَّ عَطِيَّتَهُ. متفق عليه (3).
- حكم الرجوع في الهبة:
من وهب لغيره هبة فلا يجوز له الرجوع فيها، إلا الوالد إذا وهب ولده فله
الرجوع، ويجوز للأب أن يأخذ من مال ولده ما لا يضره ولا يحتاجه.
(1) أخرجه مسلم برقم (1625).
(2)
متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2625) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1625).
(3)
متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2587) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1623).
1 -
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «العَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالكَلبِ، يَقِيءُ ثُمَّ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ» . متفق عليه (1).
2 -
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما يَرْفَعَانِ الحَدِيث قَالَ: لَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يُعْطِيَ عَطِيَّةً ثمَّ يَرْجِعُ فِيهَا إِلَاّ الوَالِدَ فِيمَا يُعْطِي وَلَدَهُ. أخرجه أبو داود والترمذي (2).
- حكم رد الهدية:
يستحب قبول الهدية، ويجوز ردها لسبب كأن يعلم أن المهدي صاحب منّة، أو يعيّرك بها، أو يتحدث بها أمام الناس.
ويجب رد الهدية لمانع شرعي كأن تكون مسروقة، أو مغصوبة، أو محرمة.
1 -
عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَنِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ اللَّيْثِيِّ: أنَّهُ أهْدَى لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حِمَاراً وَحْشِيّاً، وَهُوَ بِالأبْوَاءِ أوْ بِوَدَّانَ، فَرَدَّهُ عَلَيْهِ، فَلَمَّا رَأى مَا فِي وَجْهِهِ قال:«إِنَّا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكَ إِلا أنَّا حُرُمٌ» . متفق عليه (3).
2 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى فِي خَمِيصَةٍ لَهَا أعْلامٌ، فَنَظَرَ إلَى أعْلامِهَا نَظْرَةً، فَلَمَّا انْصَرَفَ قال:«اذْهَبُوا بِخَمِيصَتِي هَذِهِ إلَى أبِي جَهْمٍ، وَأْتُونِي بِأنْبِجَانِيَّةِ أبِي جَهْمٍ، فَإنَّهَا ألهَتْنِي آنِفاً عَنْ صَلاتِي» . متفق عليه (4).
- كيف يعطي الإنسان أولاده؟:
1 -
إذا أراد الإنسان أن يعطي أولاده من ماله فيجب عليه التسوية بينهم حسب
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2589) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1622).
(2)
صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (3539) ، وأخرجه الترمذي برقم (2132) ، وهذا لفظه.
(3)
متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1825) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1193).
(4)
متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (373) ، واللفظ له، ومسلم برقم (556).
ميراثهم، للذكر مثل حظ الأنثيين، فإن فضّل بعضهم على بعض سَوَّى برجوع أو زيادة.
2 -
إذا أعطى الإنسان أحد أولاده لسبب خاص من حاجة، أو زَمَانة، أو مرض، أو عجز، أو كثرة أولاد، أو لانشغاله بالعلم ونحوه، فيجوز التخصيص من أجل ذلك، ويحرم ذلك على سبيل الأَثَرة، وكذلك يعطي الورثة حسب ميراثهم.
عَنْ عَامِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ رضي الله عنه وَهُوَ عَلَى المِنْبَرِ يَقُولُ: أعْطَانِي أبِي عَطِيَّةً، فَقالتْ عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ: لا أرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَأتَى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقال: إِنِّي أعْطَيْتُ ابْنِي مِنْ عَمْرَةَ بِنْتِ رَوَاحَةَ عَطِيَّةً، فَأمَرَتْنِي أنْ أُشْهِدَكَ يَا رَسُولَ اللهِ، قال:«أعْطَيْتَ سَائِرَ وَلَدِكَ مِثْلَ هَذَا» . قال: لا، قال:«فَاتَّقُوا اللهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أوْلادِكُمْ» . قال: فَرَجَعَ فَرَدَّ عَطِيَّتَهُ. متفق عليه (1).
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2587) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1622).