الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
14 - العارية
- العارية: هي إباحة نفع عين بلا عوض؛ سميت بذلك لتعرِّيها عن العوض.
- حكمة مشروعية العارية:
قد يحتاج الإنسان إلى الانتفاع بعين من الأعيان، وهو لا يستطيع أن يتملكها، ولا يملك مالاً ليدفع أجرتها، وبعض الناس قد لا تقوى نفسه على الهدية أو الصدقة.
لهذا شرع الله العارية قضاءً لحاجة المستعير، مع حصول الأجر للمعير ببذل المنفعة لأخيه مع بقاء العين له.
- حكم العارية:
العارية عقد جائز، فيجوز لكل واحد من الطرفين فسخها، وهي قربة مستحبة؛ لما فيها من الإحسان، وقضاء الحاجات، وجلب المودة والمحبة.
وتنعقد بكل قول أو لفظ يدل عليها، وتتأكد مع استغناء المالك عنها، وحاجة الإنسان لها، وهي من التعاون على البر والتقوى.
1 -
قال الله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (2)} [المائدة:2].
2 -
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللهِ رضي الله عنهما عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ» . أخرجه البخاري (1).
3 -
وَعَنْ أنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ فَزَعٌ بِالمَدِينَةِ، فَاسْتَعَارَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم
(1) أخرجه البخاري برقم (6021).
فَرَساً مِنْ أَبِي طَلحَةَ، يُقَالُ لَهُ: المَنْدُوْبُ، فَرَكِبَ، فَلَمَّا رَجَعَ قَالَ:«مَا رَأيْنَا مِنْ شَيْءٍ، وَإِنْ وَجَدْنَاهُ لَبَحْراً» . متفق عليه (1).
- أركان العارية:
أركان العارية أربعة:
المعير: وهو صاحب العين .. والمستعير: وهو الذي ينتفع بالعين .. والعارية: وهي العين المعارة من دابة أو آلة .. والصيغة: وهي الإيجاب والقبول بين الطرفين حسب العرف.
- متى تجب العارية؟:
إذا كان المستعير مضطراً إلى العارية، ولم يكن في إعارتها ضرر على المعير، فيجب بذلها له، كما لو وُجد عريان في وقت برد شديد، ومالك الثوب غير محتاج إليه، فيجب إعارته للعريان؛ حفظاً له من الهلاك.
قال الله تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5) الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ (6) وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ (7)} [الماعون:4 - 7].
- شروط العارية:
يشترط لصحة العارية ما يلي:
1 -
أن تكون العين منتفعاً بها مع بقائها.
2 -
أن يكون النفع مباحاً.
3 -
أن يكون المعير أهلاً للتبرع.
4 -
أن يكون المعير مالكاً لما يعيره، أو مأذوناً له فيه.
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2627) ، واللفظ له، ومسلم برقم (2307).
5 -
أن يكون المستعير أهلاً للتصرف.
- ما تحرم إعارته:
تجوز إعارة كل عين يُنتفع بها مع بقائها كالدور، والآلات، والدواب ونحوها مما منفعته مباحة الاستعمال، فلا تجوز إعارة الأواني لشرب الخمر .. ولا الأجهزة لسماع الغناء .. ولا الدور للبغاء .. ولا الجواري للاستمتاع .. ولا المصحف للكافر .. ولا المحل لبيع المحرمات؛ لما في ذلك وغيره من التعاون على الإثم والعدوان.
- حفظ العارية:
يجب على المستعير حفظ العارية، والعناية بها، واستعمالها استعمالاً حسناً، وردها سليمة إلى صاحبها.
- ضمان العارية:
يجب على المستعير حفظ العارية، وحسن استعمالها.
وإذا تلفت العارية بيد المستعير ضمنها مطلقاً، سواء فرط أو لم يفرط؛ لأن على اليد ما أخذت حتى تؤديه، والمستعير استعارها لمصلحته، ولأنها مال يجب رده لمالكه، فيضمن عند تلفه بقيمته يوم التلف، وهذا فيما لو تلفت بدون الاستعمال. أما إذا تلفت بالاستعمال المأذون فيه فلا ضمان إلا إن تعدى المستعير أو فرط.
1 -
قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (58)} [النساء:58].
2 -
وَعَنْ يَعْلَى رضي الله عنه قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذا أَتَتْكَ رُسُلِي
فَأَعْطِهِمْ ثلَاثِينَ دِرْعاً وَثلَاثِينَ بَعِيراً» قَالَ: فَقُلتُ يَا رَسُولَ اللهِ أَعَوَرٌ مَضْمُونَةٌ أَوْ عَوَرٌ مُؤَدَّاةٌ؟ قَالَ: «بَل مُؤَدَّاةٌ» . أخرجه أبو داود (1).
- الفرق بين العارية والوديعة:
1 -
العارية مضمونة فرط المستعير أو لم يفرط، أما الوديعة فلا تضمن إلا إن تعدى أو فرط.
2 -
جاحد العارية كالسارق تقطع يده، أما الوديعة فلا.
3 -
العارية يأخذها الإنسان لحاجته فيضمنها، أما الوديعة فيأخذها الإنسان عنده قربة إلى الله فهو أمين لا ضمان عليه إلا إن تعدى أو فرط.
- حكم إعارة العارية:
يجوز للمستعير الانتفاع بالعارية بنفسه أو بمن يقوم مقامه، ولا يجوز له أن يؤجرها أو يعيرها إلا بإذن المالك، فإن أعارها بدون إذن المالك فتلفت عند الثاني ضمنها الثاني؛ لأنه قبضها على أنه ضامن لها، وتلفت في يده، فاستقر الضمان عليه، كالغاصب من الغاصب.
وللمالك مطالبة من شاء منهما ليعود إليه حقه.
- حكم الظَّفَر بالمال:
من له حق على غيره فله حالتان:
1 -
إن كان سبب الحق ظاهراً كالنكاح، والنفقة، وحق الضيف، فهذا يجوز له الأخذ بالمعروف، وصاحب الحق يأخذ بقدر حقه، ويرد ما زاد عليه لصاحبه.
(1) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (3566).
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قالتْ هِنْدٌ أمُّ مُعَاوِيَةَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ أبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ، فَهَل عَلَيَّ جُنَاحٌ أنْ آخُذَ مِنْ مَالِهِ سِرّاً؟ قال:«خُذِي أنْتِ وَبَنُوكِ مَا يَكْفِيكِ بِالمَعْرُوفِ» . متفق عليه (1).
2 -
إن كان سبب الحق خفياً، ويُنسب الآخذ إلى خيانة أمانته فلا يأخذ؛ لئلا يُعرِّض نفسه للتهمة والخيانة.
- حكم رد العارية:
المعير محسن إلى المستعير، فيجب على المستعير أن يرد العارية التي استعارها إذا قضى حاجته، وأن يردها سليمة كما استلمها، ولا يجوز له حبسها أو جحدها، فإن فعل فهو خائن آثم.
وللمعير أن يسترد العارية متى شاء ما لم يسبب ضرراً للمستعير، فإن كان في استردادها ضرراً بالمستعير أَجَّل قبضها حتى يزول الضرر كمن أعار أرضاً ثم زرعها المستعير، فليس للمعير استردادها حتى يحصدها المستعير.
1 -
قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (58)} [النساء:58].
2 -
وقال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (27)} [الأنفال:27].
- الحكم إذا اختلف المعير والمستعير:
1 -
إذا اختلفا في أصل العقد كما إذا ادعى أحدهما الإعارة، وادعى الآخر الإجارة، ولم تكن بينة، فالقول قول المالك مع يمينه، لأن الأصل عدم الإذن
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2211) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1714).
بالانتفاع.
2 -
إن اختلفا في التلف، ولم تكن بينة، فيصدَّق المستعير مع يمينه؛ لأنه مؤتمن.
3 -
إن اختلفا في الرد، فادعى المستعير أنه ردها، وأنكر المعير ذلك، ولم تكن بينة، فيصدَّق المعير مع يمينه؛ لأن الأصل عدم الرد حتى يثبت، والمستعير مدّع، فعليه البينة، والمعير منكر، واليمين على من أنكر.
- انتهاء العارية:
ينتهي عقد العارية بما يلي:
1 -
طلب المعير العارية.
2 -
رد المستعير العارية.
3 -
موت أحد العاقدين أو جنونه.
4 -
الحجر على المعير بسبب الإفلاس.
5 -
الحجر على أحد العاقدين بالسفه.