الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
12 - صفة الحج
- صفة الحج الذي فعله النبي صلى الله عليه وسلم، وبيَّنه، وأمر به أصحابه رضي الله عنهم.
- أعمال الحج تبدأ من اليوم الثامن من شهر ذي الحجة، وتنتهي بغروب شمس اليوم الثالث عشر منه.
- ما يفعله الحاج قبل اليوم الثامن:
1 -
يحرم المتمتع من الميقات قائلاً: لبيك عمرة.
ثم يطوف .. ثم يسعى .. ثم يحلق رأسه وهو الأفضل أو يقصر .. ثم يحل من إحرامه .. ثم يلبس ثيابه.
2 -
يحرم القارن من الميقات قائلاً: لبيك عمرة وحجاً.
ثم يطوف القادم من خارج مكة طواف القدوم .. ثم يسعى بين الصفا والمروة .. ولا يحلق رأسه ولا يحل .. بل يبقى على إحرامه إلى أن يرمي جمرة العقبة يوم النحر.
3 -
يحرم المفرد من الميقات قائلاً: لبيك حجاً.
ثم يطوف القادم من خارج مكة طواف القدوم .. ثم يسعى بين الصفا والمروة، ولا يحل من إحرامه حتى يرمي جمرة العقبة يوم النحر.
وطواف القدوم سنة للمفرد والقارن، ويجوز لهما تأخير السعي إلى ما بعد طواف الإفاضة بعد عرفة.
وهذه أيام الحج وأعماله:
1 -
اليوم الثامن من ذي الحجة يوم التروية:
يسن للمحلين بمكة، وأهل مكة، الاغتسال والتطيب، ثم الإحرام بالحج ضحى اليوم الثامن من ذي الحجة، يحرم كل حاج من مكانه الذي هو فيه في مكة أو منى أو غيرهما قائلاً: لبيك حجاً.
وأما القارن أو المفرد فهو باق على إحرامه.
ثم يخرج كل من أراد الحج إلى منى قبل الزوال.
والسنة أن يصلي بها مع الإمام محرماً الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، قصراً بلا جمع، فإن لم يتيسر صلاها جماعة في مكانه في منى.
يصلي كل صلاة في وقتها .. ويكثر من التلبية .. ويبيت بها ليلة التاسع .. ويصلي التهجد والوتر .. ويحفظ جوارحه من الآثام.
1 -
عَنْ عَبْدِالعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ قَالَ: سَألْتُ أنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه قُلْتُ: أخْبِرْنِي بِشَيْءٍ عَقَلْتَهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أيْنَ صَلَّى الظُّهْرَ وَالعَصْرَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ؟ قَالَ: بِمِنىً، قُلْتُ: فَأيْنَ صَلَّى العَصْرَ يَوْمَ النَّفْرِ؟ قال: بِالأبْطَحِ، ثُمَّ قال: افْعَلْ كَمَا يَفْعَلُ أُمَرَاؤُكَ. متفق عليه (1).
2 -
وَعَنْ حَارِثَةَ بْنِ وَهْبٍ الخُزَاعِيِّ رضي الله عنه قَالَ: صَلَّى بِنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ أكْثَرُ مَا كُنَّا قَطُّ وَآمَنُهُ، بِمِنىً رَكْعَتَيْنِ. متفق عليه (2).
2 -
اليوم التاسع يوم عرفة:
السنة أن يصلي الحاج الفجر بمنى، ثم يجلس للذكر والدعاء.
فإذا طلعت الشمس من اليوم التاسع سار من منى إلى عرفة راكباً ملبياً مكبراً، فينزل بنمرة إلى الزوال إن تيسر.
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1653) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1309).
(2)
متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1656) ، واللفظ له، ومسلم برقم (696).
ونمرة مكان على حدود عرفة من جهة مكة، وليست من عرفة، وقد بني فيها الآن مسجد اسمه مسجد نمرة، مقدمته في نمرة ومؤخرته داخل عرفة.
فإذا زالت الشمس رحل إلى أول عرفة.
ويسن لإمام المسلمين أن يخطب هناك، وهو الآن داخل المسجد فيخطب بالحجاج خطبة تناسب الحال.
يذكِّرهم فيها بربهم .. ويقرر فيها التوحيد .. ويعلمهم مناسك حجهم .. ومهمات دينهم.
فإذا فرغ الإمام من الخطبة أذن المؤذن لصلاة الظهر ثم يقيم، ثم يصلي الإمام بهم الظهر والعصر جمعاً وقصراً، ركعتين ركعتين، يجمع بينهما جمع تقديم بأذان واحد وإقامتين، فإن لم يتيسر صلى الحاج جماعة مع رفقته في منزله بعرفة جمعاً وقصراً كما سبق.
ثم يسن له بعد الصلاة أن يتوجه إلى عرفات ليقف بها.
والوقوف بعرفة معناه وجود الحاج في عرفة في اليوم التاسع، سواء كان قائماً أم جالساً أم راكباً، والوقوف بعرفة ركن من أركان الحج لا يصح الحج بدونه.
ويبدأ وقت الوقوف بعرفة من طلوع فجر اليوم التاسع، إلى طلوع فجر اليوم العاشر، فمن وقف بعرفة في هذا الوقت ولو لحظة فقد صح حجه.
والسنة أن يدخل عرفة بعد زوال الشمس، ويقف بها إلى غروب الشمس.
عَنْ عُرْوَةَ بْنِ مُضَرِّسِ رضي الله عنه قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بالمُزْدَلِفَةِ حِينَ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! إِنِّي جِئْتُ مِنْ جَبَلَيْ طَيِّئٍ أَكْلَلْتُ
رَاحِلَتِي وَأَتْعَبْتُ نَفْسِي وَاللهِ مَا تَرَكْتُ مِنْ حَبْلٍ إِلَاّ وَقَفْتُ عَلَيْهِ فَهَلْ لِي مِنْ
حَجٍّ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ شَهِدَ صَلَاتَنَا هَذِهِ وَوَقَفَ مَعَنَا حَتَّى نَدْفَعَ وَقَدْ وَقَفَ بعَرَفَةَ قَبْلَ ذلِكَ لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَقَدْ أَتَمَّ حَجَّهُ وَقَضَى تَفَثهُ» . أخرجه أبو داود والترمذي (1).
وعرفة كلها موقف إلا بطن عرنة.
وقد وقف النبي صلى الله عليه وسلم عند الجبل المسمى جبل عرفة.
فيسن للحاج أن يقف عنده، ويجعله بينه وبين القبلة، ويستقبل القبلة، ويجعل حبل المشاة بين يديه، ولا يصعد الجبل، ولا يرقى على الصخرات، ولا يقف بوادي عرنة وهو واد قبل عرفة.
فإن لم يتيسر للحاج الوقوف عند الجبل وقف في أي مكان من عرفة.
ويسن للحاج في يوم عرفة أن يقف للذكر والدعاء في مكان يخشع فيه قلبه .. ويستقبل القبلة .. ويرفع يديه بخشوع وتذلل سواء كان جالساً على الأرض أو راكباً على راحلته .. ويذكر الله ويدعوه .. ويسأله ويستغفره .. ويلبي ويكبر ويهلل .. ويتذكر عظمة هذا اليوم وفضله.
ويكثر من الدعاء بما ورد في القرآن والسنة .. ويكثر من الاستغفار والتوبة .. ويكثر من الثناء على الله عز وجل والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم .. ويظهر الافتقار إلى الله تعالى .. ويلح في الدعاء .. ويظل يذكر الله ويدعوه حتى يغيب قرص الشمس.
ثم ينصرف الحاج من عرفة إلى مزدلفة بعد غروب الشمس، ومن وقف
بعرفة نهاراً، ثم دفع قبل الغروب، فحجه صحيح، لكنه ترك الأفضل.
(1) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (1950) ، وأخرجه الترمذي برقم (891) ، وهذا لفظه.
1 -
عَنْ عَائِشَة رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَا مِنْ يَوْمٍ أكْثَرَ مِنْ أنْ يُعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْداً مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمُ المَلائِكَةَ، فَيَقُولُ: مَا أرَادَ هَؤُلاءِ؟» . أخرجه مسلم (1).
2 -
وَعَنْ مُحَمَّد بن أَبِي بَكْرٍ الثَّقَفِيّ قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسَ، وَنَحْنُ غَادِيَانِ مِنْ مِنىً إِلَى عَرَفَاتٍ عَنِ التَّلْبِيَةِ: كَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: كَانَ يُلَبِّي المُلَبِّي لَا يُنْكَرُ عَلَيْهِ، وَيُكَبِّرُ المُكَبِّرُ فَلَا يُنْكَرُ عَلَيْهِ. متفق عليه (2).
وفي ليلة العاشر: ينصرف إلى مزدلفة ويبيت بها.
فإذا غابت الشمس من يوم عرفة أفاض الحاج من عرفة إلى مزدلفة.
ويسن للحاج أن ينصرف بسكينة ملبياً، ولا يزاحم الناس بنفسه أو دابته، وإذا وجد فجوة أسرع.
فإذا وصل إلى مزدلفة أذن وصلى بها المغرب ثلاثاً والعشاء ركعتين جماعة، يجمع بينهما جمع تأخير بأذان واحد وإقامتين.
ويبيت تلك الليلة بمزدلفة، ويصلي التهجد والوتر.
ثم يصلي الفجر مع سنتها بغلس بعد دخول الوقت.
فإذا صلى الفجر أتى المشعر الحرام، وهو الآن مسجد مزدلفة، فيقف هناك مستقبلاً القبلة رافعاً يديه للذكر والدعاء .. يحمد الله ويهلل ويكبر ويلبي .. ويدعو قائماً أو قاعداً أو راكباً حتى يسفر جداً.
ثم يدفع الحاج من مزدلفة إلى منى قبل طلوع الشمس.
وإن لم يتيسر له الذهاب إلى المشعر الحرام وقف في أي مكان من مزدلفة،
(1) أخرجه مسلم برقم (1348).
(2)
متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (970) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1285).
واستقبل القبلة ودعا حتى يسفر جداً.
ويجوز للضعفاء وذوي الأعذار من الرجال والنساء ومن يرافقهم أن يدفعوا من مزدلفة إلى منى إذا غاب القمر، أو إذا مضى أكثر الليل، ثم يرموا جمرة العقبة إذا وصلوا منى.
1 -
عَن عُرْوَةَ قَالَ: سُئِلَ أسَامَةُ وَأنَا جَالِسٌ: كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَسِيرُ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ حِينَ دَفَعَ؟ قال: كَانَ يَسِيرُ العَنَقَ، فَإِذَا وَجَدَ فَجْوَةً نَصَّ. متفق عليه (1).
2 -
وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: أنَّهُ دَفَعَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ عَرَفَةَ، فَسَمِعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَرَاءَهُ زَجْراً شَدِيداً، وَضَرْباً وَصَوْتاً لِلإبِلِ، فَأشَارَ بِسَوْطِهِ إِلَيْهِمْ، وَقال:«أيُّهَا النَّاسُ، عَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ، فَإِنَّ البِرَّ لَيْسَ بِالإيضَاعِ» . أخرجه البخاري (2).
3 -
وَعَنْ ابنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: جَمَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ المَغْرِبِ وَالعِشَاءِ بِجَمْعٍ، لَيْسَ بَيْنَهُمَا سَجْدَةٌ، وَصَلَّى المَغْرِبَ ثَلاثَ رَكَعَاتٍ، وَصَلَّى العِشَاءَ رَكْعَتَيْنِ. أخرجه مسلم (3).
4 -
وَعَنْ عَبْداللهِ مَوْلَى أسْمَاءَ رضي الله عنها عَنْ أسْمَاءَ أنَّهَا نَزَلَتْ لَيْلَةَ جَمْعٍ عِنْدَ المُزْدَلِفَةِ، فَقَامَتْ تُصَلِّي، فَصَلَّتْ سَاعَةً، ثُمَّ قالتْ: يَا بُنَيَّ، هَلْ غَابَ القَمَرُ؟
قُلْتُ: لا، فَصَلَّتْ سَاعَةً، ثُمَّ قالتْ: هَلْ غَابَ القَمَرُ؟ قُلْت: نَعَمْ، قالتْ: فَارْتَحِلُوا، فَارْتَحَلْنَا وَمَضَيْنَا، حَتَّى رَمَتِ الجَمْرَةَ، ثُمَّ رَجَعَتْ فَصَلَّتِ الصُّبْحَ
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1666) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1280).
(2)
أخرجه البخاري برقم (1671).
(3)
أخرجه مسلم برقم (1288).
فِي مَنْزِلِهَا، فَقُلْتُ لَهَا: يَا هَنْتَاهُ، مَا أُرَانَا إِلا قَدْ غَلَّسْنَا، قالتْ: يَا بُنَيَّ، إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أذِنَ لِلظُّعُنِ. متفق عليه (1).
3 -
اليوم العاشر يوم النحر، يوم العيد، يوم الحج الأكبر:
يدفع الحاج من مزدلفة إلى منى قبل طلوع الشمس بسكينة، ويكثر في طريقه من التلبية.
فإذا بلغ محسراً، وهو وادٍ بين مزدلفة ومنى، أسرع قدر رمية حجر سواء كان راكباً أو ماشياً.
ويلتقط سبع حصيات من طريقه إلى الجمرات، أو من عند الجمرات، وإن أخذها من مزدلفة جاز.
ويلبي ويكبر في طريقه، ويقطع التلبية إذا رمى جمرة العقبة، فإذا وصل إلى منى قام بأعمال يوم العيد وهي كما يلي على الترتيب:
رمي جمرة العقبة .. ثم النحر .. ثم الحلق أو التقصير .. ثم الطواف .. ثم السعي.
فإذا وصل إلى جمرة العقبة، وهي آخر الجمرات من جهة منى، وأولها من جهة مكة، رماها بسبع حصيات بعد طلوع الشمس، يكبر مع كل حصاة، ويرفع يده اليمنى بالرمي، جاعلاً مكة عن يساره، ومنى عن يمينه عند الرمي، ثم ينصرف ويحل من إحرامه.
وإذا رمى جمرة العقبة حلت له جميع محظورات الإحرام إلا النساء، إلا من ساق الهدي فلا يحل حتى ينحر هديه.
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1679) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1291).
والسنة في حصى الجمار أن تكون صغيرة بين الحمص والبندق، مثل حصى الخذف.
ولا يجوز الرمي بحصاة كبيرة، ولا بغير الحصى كالخفاف والنعال والمعادن ونحوها.
ولا يجوز لمن يرمي الجمار أن يؤذي الناس، ولا يزاحمهم عند الرمي وغيره.
ويبدأ وقت رمي جمرة العقبة يوم العيد من طلوع الشمس، ويستمر وقت الرمي إلى طلوع فجر اليوم الحادي عشر.
فإن رمى قبل الفجر أو بعده صح وأجزأ، لكن الأفضل الرمي بعد طلوع الشمس من يوم النحر.
والعمل الثاني من أعمال يوم العيد نحر الهدي.
فيذبح المتمتع والقارن هديه.
ويسن أن يأكل من لحمه .. ويشرب من مرقه .. ويطعم منه المساكين، والهدي واجب على المتمتع والقارن، ومستحب للمفرد.
والعمل الثالث من أعمال يوم العيد الحلق أو التقصير، فيحلق الرجل رأسه وهو الأفضل، أو يقصر من جميعه، أما المرأة فتقصر من شعر رأسها قدر أنملة من أطرافه.
والعمل الرابع من أعمال يوم العيد الطواف بالبيت العتيق.
فإذا رمى الحاج جمرة العقبة، ونحر هديه، وحلق أو قصر، اغتسل، ولبس ثيابه، وتطيب، وأفاض إلى مكة ضحى، ليطوف بالبيت طواف الإفاضة،
وهو طواف الحج، ولا رمل فيه، ثم يصلي بعده ركعتين خلف مقام إبراهيم صلى الله عليه وسلم.
ويبدأ وقت طواف الإفاضة بعد طلوع فجر يوم العيد، وأفضل وقته ضحى يوم العيد.
ويجوز أن يطوف آخر الليل لمن وقف بعرفة، وتعجل من مزدلفة، ويجوز أن يؤخره عن يوم العيد، لكنه خلاف الأفضل.
والعمل الخامس من أعمال يوم العيد السعي بين الصفا والمروة، فيسعى الحاج بين الصفا والمروة إن كان متمتعاً، وإن كان مفرداً أو قارناً، ولم يسع مع طواف القدوم، طاف وسعى كالمتمتع، وإن سعى بعد طواف القدوم -وهو الأفضل- فلا سعي عليه بعد طواف الإفاضة.
ثم قد حل للحاج كل شيء مما حرم عليه حال الإحرام حتى النساء.
ثم يرجع الحاج إلى منى، ويصلي بها الظهر إن تيسر، ويمكث الحاج في منى بقية يوم العيد، وأيام التشريق ولياليها.
ويصلي الصلوات الخمس مع الجماعة في أوقاتها قصراً بلا جمع في مسجد الخيف إن تيسر، وإلا صلى جماعة في أي مكان من منى.
1 -
قال الله تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ (198) ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ
رَحِيمٌ (199)} [البقرة:198 - 199].
2 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: أنَّ أسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ رضي الله عنهما كَانَ
رِدْفَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ عَرَفَةَ إِلَى المُزْدَلِفَةِ، ثُمَّ أرْدَفَ الفَضْلَ مِنَ المُزْدَلِفَةِ إِلَى مِنىً، قال: فَكِلاهُمَا قال: لَمْ يَزَلِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُلَبِّي حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ العَقَبَةِ. أخرجه البخاري (1).
3 -
وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «اللَّهمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ» . قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ وَلِلْمُقَصِّرِينَ؟ قال: «اللَّهمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ» . قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ وَلِلْمُقَصِّرِينَ؟ قال: «اللَّهمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ» . قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ وَلِلْمُقَصِّرِينَ؟ قال: «وَلِلْمُقَصِّرِينَ» . متفق عليه (2).
4 -
وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه أنَّهُ انْتَهَى إِلَى الجَمْرَةِ الكُبْرَى، جَعَلَ البَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ، وَمِنًى عَنْ يَمِينِهِ، وَرَمَى بِسَبْعٍ، وَقال: هَكَذَا رَمَى الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ البَقَرَةِ صلى الله عليه وسلم. متفق عليه (3).
5 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَتْ: كُنْتُ أطَيِّبُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لإحْرَامِهِ حِينَ يُحْرِمُ، وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أنْ يَطُوفَ بِالبَيْتِ. متفق عليه (4).
4 -
اليوم الحادي عشر:
أيام التشريق ثلاثة:
اليوم الحادي عشر .. واليوم الثاني عشر .. واليوم الثالث عشر.
سميت بذلك لأن لحوم الهدي كانت تُشرَّق فيها، وتقطع، وتجفف بالشمس، وهي أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل.
(1) أخرجه البخاري برقم (1686).
(2)
متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1728) ، ومسلم برقم (1302) ، واللفظ له.
(3)
متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1748) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1296).
(4)
متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1539) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1189).
ويجب على الحاج البقاء في منى أيام التشريق ولياليها، ورمي الجمرات الثلاث كل يوم بعد الزوال.
ومقدار الحصى لكل يوم إحدى وعشرون حصاة، يلتقطها كل يوم من أي مكان في منى.
ويسن أن يذهب إلى الجمرات ويرميها ماشياً إن تيسر، فيرمي في اليوم الحادي عشر بعد الزوال الجمرة الأولى، وهي الصغرى التي تلي مسجد الخيف، ويرفع يده اليمنى مع كل حصاة، مستقبلاً القبلة إن تيسر، ويرميها بسبع حصيات متعاقبات قائلاً (الله أكبر) مع كل حصاة.
فإذا فرغ تقدم قليلاً عن يمينه، ووقف مستقبلاً القبلة، رافعاً يديه، فيذكر الله ويدعوه طويلاً بقدر سورة البقرة.
ثم يسير إلى الجمرة الوسطى، ويرميها بسبع حصيات كما سبق، ويرفع يده اليمنى مع كل حصاة ويكبر.
فإذا فرغ تقدم قليلاً إلى الأمام، ووقف مستقبلاً القبلة رافعاً يديه، ويدعو طويلاً، لكن أقل من دعائه في الأولى ثم يسير إلى جمرة العقبة، ويرميها كما سبق بسبع حصيات، جاعلاً مكة عن يساره، ومنى عن يمينه، ولا يقف عندها للدعاء، وبذلك يكون قد رمى إحدى وعشرين حصاة عن اليوم الأول من أيام التشريق.
ثم يرجع إلى رحله، ويشتغل بالذكر والدعاء، وتلاوة القرآن، والأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر، وإطعام الطعام، وإفشاء السلام وغير ذلك من الأعمال الصالحة.
5 -
اليوم الثاني عشر:
إذا زالت الشمس من اليوم الثاني عشر فَعَل ما فَعَله في اليوم الحادي عشر، يرمي الجمار الثلاث كلها بعد الزوال كما سبق، فإن أحب التعجل في هذا اليوم فإنه يخرج من منى قبل غروب الشمس.
فإن غربت الشمس وهو مستقر في منى لزمه المبيت والرمي في اليوم الثالث عشر.
وإن أراد التأخر إلى اليوم الثالث عشر عاد إلى رحله، وبقي فيه، وهذا هو الأفضل؛ لأنه فِعل النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع.
قال الله تعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (203)} [البقرة:203].
6 -
اليوم الثالث عشر:
يرمي الحاج في اليوم الثالث عشر الجمار الثلاث بعد الزوال كما سبق، وينتهي وقت الرمي بغروب شمس اليوم الثالث عشر.
ويجوز للمعذور ألا يبيت في منى، وأن يجمع رمي يومين في يوم واحد، وأن يؤخر الرمي إلى آخر أيام التشريق، أو يرمي في الليل؛ لأن أيام التشريق كلها وقت للرمي.
وصفة الرمي إذا أخره:
يبدأ بالرمي عن اليوم الأول من أيام التشريق، فيرمي الجمرات الثلاث مرتبة كما سبق بعد الزوال، ثم يرجع للجمرة الصغرى ويرمي مرتباً كما سبق عن اليوم الثاني عشر .. وهكذا يرمي عن اليوم الثالث عشر.
وبذلك يكون الحاج قد فرغ من أعمال الحج.
ثم بعد رمي اليوم الثالث عشر بعد الزوال يخرج الحاج من منى، والرمي لا يُقضى إذا فات وقته.
ومن السنة إذا خرج أن ينزل بالأبطح إن تيسر، ويصلي به الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، ويبيت به بعض الليل.
ثم ينزل إلى مكة، ويطوف طواف الوداع إن كان من غير أهل مكة، والحائض والنفساء لا طواف للوداع عليهما.
فإذا طاف للوداع نفر إلى بلده.
ويسن للمسلم إذا فرغ من حجه أن يذكر الله عز وجل الذي وفقه لأداء الطاعة، ويحمده على ما يسر له من أداء الفريضة، ويستغفره من التقصير.
قال الله تعالى: {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا} [البقرة:200].
- ما يقوله إذا رجع من الحج أو العمرة أو غيرها:
عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، إِذَا قَفَلَ مِنَ الجُيُوشِ أوِ السَّرَايَا أوِ الحَجِّ أوِ العُمْرَةِ، إِذَا أوْفَى عَلَى ثَنِيَّةٍ أوْ فَدْفَدٍ، كَبَّرَ ثَلاثاً، ثُمَّ قال: «لا إِلَهَ إِلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ
عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ سَاجِدُونَ، لِرَبِّنَا حَامِدُونَ، صَدَقَ اللهُ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأحْزَابَ وَحْدَهُ». متفق عليه (1).
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1797) ، ومسلم برقم (1344) ، واللفظ له.