المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌4 - كتاب الزكاة

- ‌1 - الزكاة المفروضة

- ‌1 - الأموال التي تجب فيها الزكاة

- ‌1 - زكاة الذهب والفضة

- ‌2 - زكاة الأوراق النقدية

- ‌3 - زكاة عروض التجارة

- ‌4 - زكاة بهيمة الأنعام

- ‌5 - زكاة الحبوب والثمار

- ‌6 - زكاة الركاز

- ‌7 - زكاة المعادن

- ‌2 - إخراج الزكاة

- ‌3 - آداب إخراج الزكاة

- ‌4 - أهل الزكاة

- ‌2 - زكاة الفطر

- ‌3 - صدقة التطوع

- ‌5 - كتاب الصيام

- ‌1 - فقه الصيام

- ‌2 - حكم الصيام

- ‌3 - فضائل الصيام

- ‌4 - أقسام الصيام

- ‌5 - أحكام الصيام

- ‌6 - سنن الصيام

- ‌7 - ما يجب على الصائم

- ‌8 - ما يحرم على الصائم

- ‌9 - ما يكره للصائم

- ‌10 - ما يجوز للصائم

- ‌11 - أقسام المفطرات

- ‌12 - قضاء الصيام

- ‌13 - صيام التطوع

- ‌14 - الاعتكاف

- ‌6 - كتاب الحج والعمرة

- ‌1 - شعائر الحج والعمرة

- ‌2 - حكم الحج والعمرة

- ‌1 - الحج

- ‌2 - العمرة

- ‌3 - شروط الحج والعمرة

- ‌4 - أركان الحج والعمرة

- ‌5 - واجبات الحج والعمرة

- ‌6 - سنن الحج والعمرة

- ‌7 - مواقيت الحج والعمرة

- ‌8 - باب الإحرام

- ‌9 - باب الفدية

- ‌10 - باب الهدي

- ‌11 - صفة العمرة

- ‌12 - صفة الحج

- ‌13 - صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌14 - أحكام الحج والعمرة

- ‌15 - زيارة المسجد النبوي

- ‌الباب الحادي عشركتاب المعاملات

- ‌1 - كتاب البيع

- ‌مفاتيح الرزق الحلال

- ‌أركان البيع

- ‌شروط البيع

- ‌البيوع المباحة

- ‌البيوع المنهي عنها

- ‌1 - البيوع الممنوعة بسبب العاقد

- ‌2 - البيوع الممنوعة بسبب صيغة العقد

- ‌3 - البيوع الممنوعة بسبب المعقود عليه

- ‌1 - البيوع المحرمة بسبب الغرر والجهالة

- ‌2 - البيوع المحرمة بسبب الربا

- ‌3 - البيوع المحرمة بسبب الضرر والخداع

- ‌4 - البيوع المحرمة لذاتها

- ‌5 - البيوع المحرمة لغيرها

- ‌4 - البيوع الممنوعة بسبب وصف أو شرط أو نهي شرعي

- ‌أحكام البيع

- ‌2 - الخيار

- ‌3 - السَّلَم

- ‌4 - الربا

- ‌5 - القرض

- ‌6 - الرهن

- ‌7 - الضمان

- ‌8 - الكفالة

- ‌9 - الحوالة

- ‌10 - الوكالة

- ‌11 - الإجارة

- ‌12 - الجعالة

- ‌13 - الوديعة

- ‌14 - العارية

- ‌15 - الشركة

- ‌الشركات المعاصرة

- ‌16 - الشفعة

- ‌17 - المساقاة والمزارعة

- ‌18 - إحياء الموات

- ‌19 - المسابقة

- ‌20 - اللقطة

- ‌21 - الغصب

- ‌22 - الحَجْر

- ‌23 - الصلح

- ‌24 - القسمة

- ‌25 - الهبة

- ‌26 - الوصية

- ‌27 - الوقف

- ‌28 - العتق

الفصل: ‌1 - كتاب البيع

‌1 - كتاب البيع

- البيع: هو مبادلة مال بمال على سبيل التراضي.

- فقه المعاملات:

امتثال أوامر الله عز وجل كله عبادة، فالمسلم كما يعبد الله في مسجده، كذلك يعبده في سوقه، وفي بيعه وشرائه، وفي أخذه وعطائه، فأحكام الله عز وجل على الإنسان كاملة تستغرق جميع أوقاته وأحواله.

والمسلم يعمل في أي عمل كسبي مشروع لتنفيذ أمر الله في ذلك العمل .. وإرضاء ربه بامتثال أوامره .. وإحياء سنة الرسول صلى الله عليه وسلم في ذلك العمل .. وفعل الأسباب المأمور بها شرعاً .. والتوكل على الله وحده في جلب الرزق .. ثم الله بعد ذلك يرزقه رزقاً حسناً .. ويوفقه لأن يصرفه في مصرف حسن.

ومعرفة أحكام الحلال والحرام، والبيع والشراء، والأخذ والعطاء، تبصِّر الناس بمعرفة أحكام الله التي شرعها لعباده.

فيأخذون الحلال الطيب الذي أحله الله ورسوله، ويجتنبون المعاملات والأشياء المحرمة الخبيثة.

وفي ذلك نفع للمسلمين .. وتكميل لعبوديتهم لربهم .. وسلامة لهم من الوقوع في المحرمات والمشتبهات والعقوبات.

1 -

قال الله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة:3].

2 -

وقال الله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ

ص: 361

وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (96)} [الأعراف:96].

- الفرق بين الشعائر والشرائع:

الإسلام كله أعمال صادرة من المخلوق حسب أمر الخالق سبحانه، والمسلم يعبد الله بامتثال تلك الأوامر في جميع أحواله، ويؤجر على ذلك.

فالإسلام دين كامل جاء بما يسعد الناس في الدنيا والآخرة.

جاء بتنظيم المعاملات بين الخالق والمخلوق بالعبادات التي تزكي النفوس، وتطهر القلوب، وتُعِدّها لطاعة الله في كل حال.

وجاء بتنظيم المعاملات بين المخلوق والمخلوق بالعدل والإحسان كالبيوع، والنكاح، والمواريث، والحدود وغيرها.

- أقسام العقود:

تنقسم العقود الشرعية إلى ما يلي:

1 -

عقود المعاوضة: وهي كل عقد اشتمل على بذل عوض مقابل شيء كالبيع والإجارة ونحوهما.

2 -

عقود التبرع: وهي كل عقد اشتمل على تبرع بلا عوض كالهبة والصدقة، والوقف والوصية.

3 -

عقود الإرفاق: وهي التي يقصد بها الإرفاق دون مقابل كالقرض والعارية ونحوهما.

4 -

عقود التوثيق: وهي التي يقصد بها توثيق الحق كالرهن والضمان والكفالة والنكاح.

5 -

عقود الأمانات: وهي التي مبناها على الأمانة كالوديعة.

ص: 362

- حكمة مشروعية البيع:

لما كانت النقود والعروض والسلع موزعة بين الناس كلهم، وحاجة الإنسان تتعلق بما في يد صاحبه، وهو لا يبذله غالباً بغير عوض.

وفي إباحة البيع قضاء لحاجته، ووصول إلى غرضه، وإلا لجأ الناس إلى النهب والسرقة، والحيل والمقاتلة.

لهذا أحل الله البيع لتحقيق تلك المصالح، وإطفاء تلك الشرور.

- مصالح البيع والشراء:

أباح الله البيع والشراء لحكم عظيمة، وتحقيق مصالح كثيرة منها:

1 -

أن المسلم إذا كسب المال الحلال أعف نفسه، واستغنى بذلك عن الناس، وعاش كريماً بعيداً عن الذل والمهانة.

2 -

أن المسلم يستعين بالمال الحلال على طاعة الله، فينفق في سبيل الله، ويهدي ويتصدق ابتغاء مرضاة الله، فنعم المال الصالح للرجل الصالح.

3 -

أن المسلم بالبيع والشراء يترفع عن البطالة والخمول، ويكسب الحلال بالوجه المباح، وإذا قعد الناس عن العمل تعطلت مصالح الناس، وحصل الضيق في المعيشة.

4 -

أن الكسب يعين الناس على تحقيق مصالحهم في الطعام والدواء، والسكن والكساء وغيرها، وإذا احتسب التاجر نفع المسلمين، وسد حاجاتهم، ليحمدوا الله المنعم بها، أثابه الله، وبارك في رزقه.

5 -

أن التاجر يستفيد من تجارته وأسفاره معرفة الأمصار والأشخاص، فيرى عجائب قدرة الله فيزيد إيمانه، ويرى الناس صفاته الطيبة، وحسن معاملته،

ص: 363

فيتأثرون به، ويحصل بذلك من المصالح له ولغيره ما لا يخفى.

1 -

قال الله تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (10)} [الجمعة:10].

2 -

وَعَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ العَوَّامِ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لأنْ يَأخُذَ أحَدُكُمْ حَبْلَهُ، فَيَأتِيَ بِحُزْمَةِ الحَطَبِ عَلَى ظَهْرِهِ فَيَبِيعَهَا، فَيَكُفَّ اللهُ بِهَا وَجْهَهُ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أنْ يَسْألَ النَّاسَ، أعْطَوْهُ أوْ مَنَعُوهُ» . أخرجه البخاري (1).

3 -

وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالتْ: كَانَ أصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عُمَّالَ أنْفُسِهِمْ، وَكَانَ يَكُونُ لَهُمْ أرْوَاحٌ، فَقِيلَ لَهُمْ:«لَوِ اغْتَسَلْتُمْ» . متفق عليه (2).

- فضل الكسب الحلال:

1 -

قال الله تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (10)} [الجمعة:10].

2 -

وَعَنِ المِقْدَامِ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَا أكَلَ أحَدٌ طَعَاماً قَطُّ خَيْراً مِنْ أنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ، وَإِنَّ نَبِيَّ اللهِ دَاوُدَ عليه السلام كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ» . أخرجه البخاري (3).

3 -

وَعَنْ حَكِيم بن حِزَامٍ رضي الله عنه قَالَ: سَألْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأعْطَانِي، ثُمَّ سَألْتُهُ فَأعْطَانِي، ثُمَّ سَألْتُهُ فَأعْطَانِي ثُمَّ، قال:«يَا حَكِيمُ، إِنَّ هَذَا المَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، فَمَنْ أخَذَهُ بِسَخَاوَةِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ، وَمَنْ أخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ، كَالَّذِي يَأكُلُ وَلا يَشْبَعُ، اليَدُ العُلْيَا خَيْرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى» . قال:

(1) أخرجه البخاري برقم (1471).

(2)

متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2071) ، واللفظ له، ومسلم برقم (847).

(3)

أخرجه البخاري برقم (2072).

ص: 364

حَكِيمٌ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ، لا أرْزَأ أحَداً بَعْدَكَ شَيْئاً، حَتَّى أفَارِقَ الدُّنْيَا. متفق عليه (1).

4 -

وَعَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه، إِنَّ نَاساً مِنَ الأَنْصار، سَألُوا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأعْطَاهُمْ، ثُمَّ سَألُوهُ فَأعْطَاهُمْ، ثُمَّ سَألُوهُ فَأعْطَاهُمْ، حَتَّى نَفِدَ مَا عِنْدَهُ، فَقالَ:«مَا يَكُونُ عِنْدِي مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ أدَّخِرَهُ عَنْكُمْ، وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللهُ، وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللهُ وَمَا أعْطِيَ أحَدٌ عَطَاءً خَيْراً وَأوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ» . متفق عليه (2).

5 -

وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال:«وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لانْ يَأخُذَ أحَدُكُمْ حَبْلَهُ، فَيَحْتَطِبَ عَلَى ظَهْرِهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أنْ يَأتِيَ رَجُلاً فَيَسْألَهُ، أعْطَاهُ أوْ مَنَعَهُ» . متفق عليه (3).

- أفضل المكاسب:

المكاسب منها ما هو مباح، ومنها ما هو محرم.

والمكاسب تختلف باختلاف الناس، وكل إنسان مهيء لما يناسبه من الأعمال والحِرَف والصناعات، وأطيب المكاسب عمل الإنسان بيده والأفضل لكل أحد ما يناسب حاله من زراعة، أو صناعة، أو تجارة بشروطها الشرعية.

ولابد في جميع المكاسب من النصح، وعدم الغش، والقيام بالواجب، وإذا نصح المسلم في بيعه وشرائه، وفي عمله وحرفته، وفي أخذه وعطائه، فعمله

(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1472) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1035).

(2)

متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1469) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1053).

(3)

متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1470) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1042).

ص: 365

هذا من البر والإحسان الذي يثاب عليه في الدنيا والآخرة.

والكسب المبرور عبادة، وهو كل كسب جمع الصدق والنصح والعدل، وخلا من الكذب والغش والخداع، واليمين الكاذبة.

1 -

عَنِ المِقْدَامِ رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَا أكَلَ أحَدٌ طَعَاماً قَطُّ خَيْراً مِنْ أنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ، وَإِنَّ نَبِيَّ اللهِ دَاوُدَ عليه السلام كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ» . أخرجه البخاري (1).

2 -

وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لا يُبَالِي المَرْءُ مَا أخَذَ مِنْهُ، أمِنَ الحَلالِ أمْ مِنَ الحَرَامِ» . أخرجه البخاري (2).

- فضل الورع في المعاملات:

يجب على المسلم أن يكون بيعه وشراؤه، وطعامه وشرابه، وسائر معاملاته على السنة، فيأخذ الحلال البيِّن ويتعامل به .. ويجتنب الحرام البيِّن ولا يتعامل به .. أما المشتبه فينبغي تركه؛ حماية لدينه وعرضه، ولئلا يقع في الحرام.

1 -

قال الله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (216)} [البقرة:216].

2 -

وَعَنِ النّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (وَأَهْوَى النّعْمَانُ بِإِصْبَعَيْهِ إلَىَ أُذُنَيْهِ) «إنّ الحَلَالَ بَيّنٌ وَإنّ الحَرَامَ بَيّنٌ وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنّ كَثِيرٌ مِنَ النّاسِ، فَمَنِ اتّقَى الشّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ

(1) أخرجه البخاري برقم (2072).

(2)

أخرجه البخاري برقم (2059).

ص: 366

لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الحَرَامِ، كَالرّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الحِمَى، يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ، أَلَا وَإنّ لِكُلّ مَلِكٍ حِمىً، أَلَا وَإِنّ حِمَى الله مَحَارِمُهُ، أَلَا وَإِنّ فِي الجَسَدِ مُضْغَةً، إذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلّهُ وَإذَا فَسَدَتْ، فَسَدَ الجَسَدُ كُلّهُ، أَلَا وَهِيَ القَلْبُ». متفق عليه (1).

- كيفية صرف الأموال المشتبهة:

المشتبهات من الأموال ينبغي صرفها في المنافع، الأبعد فالأبعد، فأقربها ما دخل في البطن .. ثم ما وَلِيَ الظاهر من اللباس .. ثم ما عرض من المراكب كالسيارة والخيل ونحوهما .. ثم في الوقود والعلف .. وهكذا.

- حكم الكسب:

الأصل في المعاملات والعادات، والبيع والشراء، الحل والإباحة، أما المعاملات والعقود المحرمة فترجع إلى ظلم الطرفين أو أحدهما.

وذلك يرجع إلى ثلاث قواعد:

قاعدة الربا .. وقاعدة الغرر والجهالة .. وقاعدة الخداع.

فهذه أساس المعاملات المحرمة.

1 -

قال الله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة:275].

2 -

وقال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء:29].

3 -

وَعَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «البَيِّعَانِ بِالخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، أوْ قال: حَتَّى يَتَفَرَّقَا، فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ

(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (52) ، ومسلم برقم (1599) ، واللفظ له.

ص: 367

كَتَمَا وَكَذَبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا». متفق عليه (1).

- ما يطيب به الكسب:

المكاسب لا تطيب إلا بأمرين:

الأول: أن يكون مشروعاً مأذوناً فيه من الله ورسوله.

الثاني: أن يؤدي المسلم العمل كاملاً على أتم الوجوه؛ ليسلم من الغش والتقصير في العمل.

1 -

عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِاللهِ رضي الله عنه قَالَ: بَايَعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى إقَامِ الصَّلاةِ، وَإيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ. متفق عليه (2).

2 -

وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلاحَ فَلَيْسَ مِنَّا، وَمَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا» . أخرجه مسلم (3).

- حكم المكاسب الخبيثة:

تحرم جميع المكاسب الخبيثة كالربا والغش، والسرقة والنهب وغيرها، وهي شؤم على صاحبها، ويظهر أثرها في عبادته، فيُسلب الخشوع، ويُسلب قبول الدعاء، ويُسلب الطمأنينة.

وكل كسب خبيث سببه عدم الإيمان أو نقصه، ومن كان مكسبه خبيثاً سلط الله عليه من يسلبه منه، وعذبه به في الدنيا، وعاقبه عليه في الآخرة.

1 -

قال الله تعالى: {فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ (55)} [التوبة:55].

(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2082) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1532).

(2)

متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (57) ، واللفظ له، ومسلم برقم (56).

(3)

أخرجه مسلم برقم (102).

ص: 368

2 -

وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أيُّهَا النَّاسُ! إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إِلا طَيِّباً، وَإِنَّ اللهَ أمَرَ المُؤْمِنِينَ بِمَا أمَرَ بِهِ المُرْسَلِينَ، فَقَالَ: {يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ}. وَقَالَ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ}. ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ، أشْعَثَ أغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ، يَا رَبِّ! يَا رَبِّ! وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالحَرَامِ، فَأنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟» . أخرجه مسلم (1).

- أقسام الأموال:

الأموال ثلاثة أنواع:

الأول: الذهب والفضة: وهما قِيَم الأشياء.

الثاني: المنقولات: وهي كل شيء يمكن نقله من الأعيان مثل: الأطعمة، والملابس، والمراكب، والآلات، والأواني وغيرها.

الثالث: العقارات: وتشمل الأراضي، والدور، والمزارع.

- فضل السماحة في البيع والشراء:

ينبغي أن يكون الإنسان في معاملاته سهلاً سمحاً حتى ينال رحمة الله.

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللهِ رضي الله عنهما أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «رَحِمَ اللهُ رَجُلاً، سَمْحاً إِذَا بَاعَ، وَإِذَا اشْتَرَى، وَإِذَا اقْتَضَى» . أخرجه البخاري (2).

(1) أخرجه مسلم برقم (1015).

(2)

أخرجه البخاري برقم (2076).

ص: 369

- آداب البيع:

للبيع آداب كثيرة منها:

1 -

صدق المعاملة: بأن يصدق في وصف البضاعة، ونوعها، وجنسها، ومصدرها، وجودتها.

2 -

عدم المغالاة في الربح: فالغبن الفاحش محرم، والربح الطيب المبارك فيه ما كان يسيراً بقدر الثلث فأقل، ومن زاد فلا حرج.

3 -

السماحة في المعاملة: بأن يكون كل من البائع والمشتري سهلاً سمحاً في البيع والقيمة والتسليم.

4 -

تجنب كثرة الحلف ولو كان صادقاً: فينبغي الامتناع عن الحلف بالله مطلقاً في البيع؛ لأنه امتهان لاسم الله تعالى.

5 -

كتابة الدَّين والإشهاد عليه: فينبغي كتابة عقد البيع والإجارة، ومقدار الدين المؤجل، ووقت حلوله؛ حفظاً للأموال، واحترازاً من النسيان.

قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} [البقرة:282].

6 -

الإكثار من الصدقات: يُندب للتاجر الإكثار من الصدقات؛ تكفيراً لما يقع في البيع من الحلف، أو الغش، أو كتمان عيب، أو غبن في السعر، أو سوء خلق ونحو ذلك.

7 -

أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه في كل شيء.

ص: 370

- صور البيع:

للبيع تسع صور لا يخرج عنها أبداً وهي:

بيع عين بعين .. أو ذمة بذمة .. أوعين بذمة.

والبيع في هذه الصور الثلاث إما أن يكون ناجزاً من الطرفين، أو يكون نسيئة منهما، أو نسيئة من أحدهما ناجزاً من الآخر.

فهذه تسع صور تستغرق كل بيع على وجه الأرض.

وكلها جائزة إلا إذا كان البيع نسيئة من الطرفين معاً، فهنا يحرم البيع ولا يصح؛ لما فيه من الغرر والربا، سواء كان عيناً بعين، أو ذمة بذمة، أو ذمة بعين.

قال الله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة:275].

- أنواع البيع:

البيع على ثلاثة أوجه:

أحدها: ثَمَنان، وهذا هو الصرف كبيع الريال بالجنيه مثلاً.

الثاني: عِوَضان، وهذه هي المقايضة كبيع سلعة بأخرى.

الثالث: عوض وثمن، وهذا هو البيع المطلق المعروف.

ص: 371