الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
11 - الإجارة
- الإجارة: عقد على منفعة مباحة معلومة، مدة معلومة، بعوض معلوم، كأن يؤجره داره بألف ريال لمدة سنة.
- حكمة مشروعية الإجارة:
أباح الله الإجارة لما فيها من تبادل المنافع بين الناس، فالناس يحتاجون البيوت للسكن، والدواب والسيارات للركوب والحمل، والآلات للمنافع، وأرباب الحِرَف للعمل.
وأرباب الحرف يكسبون رزقهم، ويعفُّون أنفسهم بالعمل عند غيرهم.
ولكثرة الحاجات، وكثرة المهن، وكون الإنسان غير قادر على معرفتها وتنفيذها، والناس في حاجة إلى المنافع كما هم في حاجة إلى شراء الأعيان، لهذه الأمور وغيرها أباح الله الإجارة؛ تيسيراً على الناس، وقضاءً لحاجاتهم، بيسير من المال، مع انتفاع الطرفين، فلله الحمد والمنة.
- حكم الإجارة:
الإجارة جائزة، وهي عقد لازم من الطرفين إذا تمت.
وتنعقد بكل لفظ يدل عليها كأجرتك، وأكْرَيتك ونحو ذلك مما جرى به العرف.
1 -
قال الله تعالى: {قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَاأَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ (26)} [القصص:26].
2 -
وقال الله تعالى: {وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ
لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى (6)} [الطلاق:6].
3 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالتْ: اسْتَأْجَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأبُو بَكْرٍ رَجُلاً مِنْ بَنِي الدِّيلِ، هَادِياً خِرِّيتاً، وَهُوَ عَلَى دِينِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ، فَدَفَعَا إِلَيْهِ رَاحِلَتَيْهِمَا، وَوَاعَدَاهُ غَارَ ثَوْرٍ بَعْدَ ثَلاثِ لَيَالٍ، فأتاهما بِرَاحِلَتَيْهِمَا صُبْحَ ثَلاثٍ. أخرجه البخاري (1).
4 -
وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَا بَعَثَ اللهُ نَبِيّاً إِلا رَعَى الغَنَمَ» . فَقال أصْحَابُهُ: وَأنْتَ؟ فَقالَ: «نَعَمْ، كُنْتُ أرْعَاهَا عَلَى قَرَارِيطَ لأهْلِ مَكَّةَ» . أخرجه البخاري (2).
- أقسام العقود:
العقود ثلاثة أقسام:
الأول: عقود جائزة لكل من الطرفين فسخها كالوكالة، والجعالة، والشركة.
الثاني: عقود لازمة، وهي نوعان:
1 -
عقد يلزم بمجرد العقد فلا خيار فيه كالوقف، والنكاح ونحوهما.
2 -
عقد لازم، لكن يثبت فيه خيار مجلس، وخيار شرط كالبيع، والإجارة، والصلح ونحو ذلك.
الثالث: عقد لازم من أحد الطرفين، جائز في حق الآخر.
وضابطه: أن يكون الحق لواحد على الآخر كالراهن، والضامن، والكافل.
(1) أخرجه البخاري برقم (2264).
(2)
أخرجه البخاري برقم (2262).
فهذا لازم في حق هؤلاء، جائز في حق المضمون عنه، والمكفول له، والمرتهن.
- أنواع الإجارة:
الإجارة نوعان:
1 -
إجارة على منفعة عين معلومة كأجرتك هذه الدار بكذا.
2 -
إجارة على عمل معلوم كأن يستأجر شخصاً لبناء جدار، أو حرث أرض، أو حمل متاع.
والمنفعة قد تكون منفعة عين كسكنى الدار، وركوب السيارة، وقد تكون منفعة عمل، مثل عمل البناء، والحداد، والخياط ونحوهم، وقد تكون منفعة الشخص الذي يبذل جهده كالخادم والعامل.
- أركان الإجارة:
أركان الإجارة خمسة، وهي:
المؤجر: وهو الذي يؤجر المنفعة .. والمستأجر: الذي يبذل الأجرة .. والأجرة: وهي المال المبذول مقابل المنفعة .. والمنفعة: وهي الشيء المعقود عليه .. والصيغة: وهي الإيجاب والقبول من الطرفين.
وإذا صح عقد الإجارة ثبت للمستأجر ملك المنفعة، وثبت للمؤجر ملك الأجرة.
- شروط الإجارة:
يشترط لصحة الإجارة ما يلي:
1 -
أن يكون كل من العاقدين جائز التصرف.
2 -
معرفة المنفعة كسكنى الدار، أو خدمة الآدمي.
3 -
معرفة الأجرة.
4 -
أن تكون المنفعة مباحة لا محرمة كدار للسكن.
فلا تصح الإجارة على نفع محرم كالغناء، وجعل داره كنيسة، أو لبيع الخمر.
5 -
معرفة العين المؤجرة برؤية أو صفة، وأن يعقد على نفعها دون أجزائها، وأن تكون مقدوراً على تسليمها، وأن تشتمل على المنفعة المباحة، وأن تكون مملوكة للمؤجر، أو مأذوناً له فيها.
6 -
أن تكون الإجارة برضا الطرفين إلا من أكره بحق.
7 -
حصول الإيجاب والقبول بين الطرفين.
8 -
معرفة مدة الإجارة كشهر، أو سنة ونحوهما.
- وقت وجوب الأجرة:
تجب الأجرة بالعقد، ويجب تسليم الأجرة بعد مضي مدة الإجارة.
وإن تراضيا على التعجيل، أو التأجيل، أو التقسيط جاز، ويستحق الأجير أجرته إذا أتم عمله متقناً، فيعطى أجرته قبل أن يجف عرقه.
وإذا كانت الإجارة على عين مستأجَرة فتستحق الأجرة بعد استيفاء المنفعة.
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «قالَ اللهُ: ثَلاثَةٌ أنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ: رَجُلٌ أعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ، وَرَجُلٌ بَاعَ حُرّاً فَأكَلَ ثَمَنَهُ، وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أجِيراً فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُعْطِ أجْرَهُ» . أخرجه البخاري (1).
(1) أخرجه البخاري برقم (2227).
- ما يجوز إجارته:
كل ما يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه تصح إجارته، وكل ما يصح بيعه تصح إجارته ما لم يمنع من ذلك مانع شرعي.
وكل ما حَرُم بيعه حَرُمت إجارته إلا الوقف، والحر، وأم الولد.
- حكم تأجير العين المؤجرة:
يجوز للمستأجر أن ينتفع بالعين المؤجرة بنفسه، وله إجارتها لمن يقوم مقامه بما شاء إن كان مثله، أو أقل منه، لا بأكثر منه ضرراً.
- حكم بيع العين المؤجرة:
يجوز للمؤجر بيع العين المستأجرة كالدار والسيارة ونحوهما، ويأخذها المشتري بعد اسيتفاء المستأجر منفعته، وانتهاء مدة إجارته.
ويجوز للمستأجر أن يتنازل عن العين المستأجرة قبل تمام المدة، بأجر أو بدون أجر.
- حكم ضمان العين المؤجرة:
يد مستأجر العين يد أمانة، فلا يضمن ما تلف بيده إلا بالتعدي أو التفريط، ومخالفة شروط العقد.
- حكم ضمان الأجير:
1 -
الأجير الخاص كالخادم في المنزل، والأجير في المحل أو البستان يده يد أمانة كالوكيل، فلا يكون ضامناً للعين التي تُسلّم إليه للعمل فيها ما لم يحصل منه تعد أو تفريط فيضمن، سواء تلف الشيء في يده، أو أثناء عمله.
2 -
الأجير المشترك كالحداد والصباغ والخياط ونحوهم، وهو الذي يستحق
الأجرة بالعمل لا بتسليم النفس، فهذا يده يد ضمان، فهو ضامن لما يهلك في يده، إلا إذا حصل الهلاك بحريق، أو غرق عام، وذلك احتياطاً لأموال الناس، لأن الأجير المشترك يقبض العين لمصلحته، فيضمن كالمستعير.
- أنواع الأجير:
الأجير نوعان:
1 -
الأجير الخاص: وهو من يستأجره الإنسان مدة معلومة ليعمل عنده، فهذا لا يحل له العمل عند غير مستأجره، فإن عمل عند غيره في المدة نَقَص من أجره بقدر عمله.
ويستحق الأجرة إذا سلَّم نفسه، وقام بالعمل، وله كامل الأجرة إذا فسخ المؤجر الإجارة قبل تمام المدة، ما لم يكن هناك عذر من مرض أو عجز، فله أجرة المدة التي عمل فيها فقط.
2 -
الأجير المشترك: وهو من يشترك في نفعه أكثر من واحد كالحداد، والسَّبَّاك، والصباغ، والخياط ونحوهم، فهذا ليس لمن استأجره أن يمنعه من العمل لغيره، ولا يستحق الأجرة إلا بالعمل.
- حكم استئجار الكفار:
يجوز استئجار الكفار في المصالح العامة والخاصة التي تعود على المسلمين بالنفع.
فإذا حصلت مفسدة في استئجارهم، فدرء المفاسد مقدَّم على جلب المصالح، كما رأى عمر رضي الله عنه المفسدة في بقاء يهود خيبر بين المسلمين فأجلاهم عنها.
1 -
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالتْ: اسْتَأْجَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأبُو بَكْرٍ رَجُلاً مِنْ بَنِي الدِّيلِ، هَادِياً خِرِّيتاً، وَهُوَ عَلَى دِينِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ، فَدَفَعَا إِلَيْهِ رَاحِلَتَيْهِمَا، وَوَاعَدَاهُ غَارَ ثَوْرٍ بَعْدَ ثَلاثِ لَيَالٍ، فأتاهما بِرَاحِلَتَيْهِمَا صُبْحَ ثَلاثٍ. أخرجه البخاري (1).
2 -
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رضي الله عنه أجْلَى اليَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنْ أرْضِ الحِجَازِ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا ظَهَرَ عَلَى خَيْبَرَ أرَادَ إِخْرَاجَ اليَهُودِ مِنْهَا، وَكَانَتِ الأَرْض حِينَ ظَهَرَ عَلَيْهَا للهِ وَلِرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم وَلِلمُسْلِمِينَ، وَأرَادَ إِخْرَاجَ اليَهُودِ مِنْهَا، فَسَألَتِ اليَهُودُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِيُقِرَّهُمْ بِهَا أنْ يَكْفُوا عَمَلَهَا، وَلَهُمْ نِصْفُ الثَّمَرِ، فَقال لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«نُقِرُّكُمْ بِهَا عَلَى ذَلِكَ مَا شِئْنَا» . فَقَرُّوا بِهَا حَتَّى أجْلاهُمْ عُمَرُ إِلَى تَيْمَاءَ وَأرِيحَاءَ. متفق عليه (2).
- حكم عمل المسلم عند الكافر:
يجوز للمسلم العمل عند الكافر بثلاثة شروط:
1 -
أن يكون عمله فيما يحل للمسلم فعله كبناء منزل، وتوصيل متاع ونحوهما.
2 -
ألا يعينهم فيما يعود ضرره على المسلمين.
3 -
ألا يكون في العمل إذلال للمسلم.
فلا يجوز للمسلم إجارة نفسه في خدمة الكافر؛ لما فيه من إذلال المسلم، وسيطرة الكافر على المسلم، ويجوز للمسلم العمل عند الكافر في غير خدمته كما سبق.
(1) أخرجه البخاري برقم (2264).
(2)
متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2338) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1551).
قال الله تعالى عن يوسف صلى الله عليه وسلم: {وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ (54) قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ (55)} [يوسف:54 - 55].
- حكم عمل المرأة خارج المنزل:
الأصل أن عمل المرأة في بيتها؛ رعاية لأطفالها، وصيانة لحقوق زوجها، ولا يجوز للمرأة الخروج من بيتها إلا بإذن زوجها.
وإذا احتاجت الأمة إلى عمل المرأة في الطب أو التعليم ونحوهما مما له ضرورة، أو اضطرت هي للعمل خارج بيتها لكسب العيش، فإن ذلك يجوز بشروط:
1 -
أن تخرج باللباس الشرعي المحتشم، غير متبرجة ولا متعطرة.
2 -
أن تدعو الحاجة إلى عملها.
3 -
عدم الاختلاط بالرجال سواء كان في المواصلات، أو في العمل.
4 -
أن تعمل في عمل يناسب النساء من تعليم وتمريض ونحوهما.
5 -
ألا تضيِّع من تعول من أولادها، ولا تقصِّر في حقوق زوجها ووالديها.
6 -
أن تأمن على نفسها في الطريق ومكان العمل.
فإذا تحققت هذه الشروط جاز لها العمل خارج بيتها.
- حكم مَنْ مَنَع الأجير أجرته:
يجب على من استأجر أحداً أن يعطيه أجرته إذا أدى عمله من غير مماطلة؛ لأنه أدى العمل، فوجب تسليمه أجرته.
ويحرم منع الأجير أجرته، ومن منعها أو أكلها فالله خصمه يوم القيامة.
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «قالَ اللهُ: ثَلاثَةٌ أنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ: رَجُلٌ أعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ، وَرَجُلٌ بَاعَ حُرّاً فَأكَلَ ثَمَنَهُ، وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أجِيراً فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُعْطِ أجْرَهُ» . أخرجه البخاري (1).
- حكم أخذ الرَّزْق على القُرَب:
لا يجوز للمسلم أخذ الأجرة على الطاعات كالأذان والصلاة ونحوهما، ويجوز للإمام والمؤذن والمعلم للقرآن أن يأخذ رَزْقاً من بيت المال، ومَنْ عمل من هؤلاء لله تعالى أثيب ولو أخذ رَزْقاً، وما يأخذه من بيت المال إعانة على التفرغ للطاعات والقيام بها، لا عوضاً أو أجرة على عمله، ومثله الموقوف على أعمال البر.
1 -
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ نَفَراً مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَرُّوا بِمَاءٍ، فِيهِمْ لَدِيغٌ أَوْ سَلِيمٌ، فَعَرَضَ لَهُمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ المَاءِ، فَقالَ: هَل فِيكُمْ مِنْ رَاقٍ، إِنَّ فِي المَاءِ رَجُلاً لَدِيغاً أَوْ سَلِيماً، فَانْطَلَقَ رَجُلٌ مِنْهُمْ، فَقَرَأَ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ عَلَى شَاءٍ، فَبَرَأَ، فَجَاءَ بِالشَّاءِ إِلَى أَصْحَابِهِ، فَكَرِهُوا ذَلِكَ وَقَالُوا: أَخَذْتَ عَلَى كِتَابِ اللهِ أَجْراً، حَتَّى قَدِمُوا المَدِينَةَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَخَذَ عَلَى كِتَابِ اللهِ أَجْراً، فَقال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْراً كِتَابُ اللهِ» . أخرجه البخاري (2).
2 -
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه أَنَّ نَاساً مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَتَوْا عَلَى حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ العَرَبِ فَلَمْ يَقْرُوهُمْ، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ، إِذْ لُدِغَ سَيِّدُ أُولَئِكَ، فَقَالُوا: هَل مَعَكُمْ مِنْ دَوَاءٍ أَوْرَاقٍ؟ فَقَالُوا: إِنَّكُمْ لَمْ تَقْرُونَا، وَلا نَفْعَلُ
(1) أخرجه البخاري برقم (2227).
(2)
أخرجه البخاري برقم (5737).
حَتَّى تَجْعَلُوا لَنَا جُعْلاً، فَجَعَلُوا لَهُمْ قَطِيعاً مِنَ الشَّاءِ، فَجَعَلَ يَقْرَأُ بِأُمِّ القُرْآنِ، وَيَجْمَعُ بُزَاقَهُ وَيَتْفِلُ، فَبَرَأَ فَأَتَوْا بِالشَّاءِ، فَقَالُوا: لا نَأْخُذُهُ حَتَّى نَسْأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَسَأَلُوهُ فَضَحِكَ وَقال:«وَمَا أَدْرَاكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ، خُذُوهَا وَاضْرِبُوا لِي بِسَهْمٍ» . متفق عليه (1).
- حكم أخذ الأجرة على قراءة القرآن:
1 -
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللهِ رضي الله عنهما قَالَ: دَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم المَسْجِدَ، فَإِذَا فِيهِ قَوْمٌ يَقْرَؤُونَ القُرْآنَ، قالَ:«اقْرَءُوا القُرْآنَ وَابْتَغُوا بِهِ اللهَ عز وجل، مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ قَوْمٌ يُقِيمُونَهُ إِقَامَةَ القِدْحِ يَتَعَجَّلُونَهُ وَلَا يَتَأَجَّلُونَهُ» . أخرجه أحمد وأبو داود (2).
2 -
وَعَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ شِبْلٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «اقْرَءُوا القُرْآنَ، وَلَا تَغْلُوا فِيهِ، وَلَا تَجْفُوا عَنْهُ، وَلَا تَأْكُلُوا بِهِ، وَلَا تَسْتَكْثِرُوا بِهِ» . أخرجه أحمد (3).
- ما يترتب على عقد الإجارة:
إذا تم عقد الإجارة ترتب عليه ما يلي:
لزوم بذل المؤجر العين المستأجرة .. ولزوم بذل المستأجر الأجرة .. مُلك المستأجر منفعة العين المؤجرة مدة الإجارة .. مُلك المؤجر كامل الأجرة.
- حكم الحسم من الأجرة:
من استأجر أجيراً فعليه أن يعطيه حقه كاملاً إذا أدى عمله كاملاً.
ومن استأجر عاملاً لمدة شهر مثلاً، فليس له أن يحسم عليه من راتبه اليوم
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5736) ، واللفظ له، ومسلم برقم (2201).
(2)
صحيح/ أخرجه أحمد برقم (14855) ، وهذا لفظه، وأبو داود برقم (830).
(3)
صحيح/ أخرجه أحمد برقم (15529).
بيومين، إذا غاب بدون عذر؛ لأن أموال الناس محترمة، والتعزير بالمال لا يجوز إلا لولي الأمر، والأجير له حق يأخذه، وعليه حق يؤديه، فلا يَظلم ولا يُظلم.
فإذا غاب يوماً يُحسم من راتبه يوم، والزيادة على ذلك أكل لأموال الناس بالباطل.
1 -
قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (29)} [النساء:29].
2 -
وقال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (58)} [النساء:58].
3 -
وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «قالَ اللهُ تَعَالَى: ثَلاثَةٌ أنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ: رَجُلٌ أعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ، وَرَجُلٌ بَاعَ حُرّاً فَأكَلَ ثَمَنَهُ، وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أجِيراً فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُعْطِهِ أجْرَهُ» . أخرجه البخاري (1).
- حكم الإيجار المنتهي بالتمليك:
صفته: أن يشتري الإنسان من شركة مثلاً سيارة بمائة ألف ريال مؤجلة، على أن يسددها أقساطاً شهرية في موعدها، فإن سددها في موعدها صارت ملكاً له.
وإن لم يتمكن من إكمال سدادها صار ما دفعه من أقساط مجرد أجرة مقابل انتفاعه بالسيارة تلك المدة.
(1) أخرجه البخاري برقم (2270).
وحكم هذا العقد: أنه غير جائز؛ لاشتماله على عقدين في سلعة واحدة، وهما البيع والإجارة، وقد نهى الشرع عن بيعتين في بيعة؛ لما فيهما من الضرر والغرر.
عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ. أخرجه الترمذي (1).
- حكم دفع بدل الخلو:
إذا كان السكن أو الدكان في مكان مرغوب مطلوب، فيجوز دفع بدل الخلو للمستأجر أثناء مدة الإجارة، مقابل تخلِّيه عن بقية مدة الإجارة، ويُحسب هذا البدل من الأجرة، أما إذا انقضت مدة الإجارة فليس للمستأجر أخذ بدل الخلو من المالك أو المستأجر الجديد؛ لأن العين المستأجرة انتقلت إلى المالك، ولا حق للمستأجر فيها.
- حكم تأجير أهل المحرمات:
لا يجوز تأجير البيوت والمحلات على من يبيع المحرمات كآلات اللهو المحرمة .. والأفلام والصور .. وأشرطة الفيديو والغناء .. والخمور والمخدرات .. والدخان والجراك.
وكذا من يتعاطى المعاملات المحرمة كالبنوك الربوية .. ومن يتخذ المحل معملاً للخمر .. أو مأوى لأهل الملاهي والزنا .. أو مكاناً لعرض أزياء التبرج وبيعها .. أو محلاً لبيع أواني الذهب والفضة .. أو محلاً لحلق اللحى ونحو ذلك؛ لما في ذلك من الإعانة على المحرم، وغش المسلمين،
والتعرض لعقوبة الله، وحصول الفتنة.
(1) حسن/ أخرجه الترمذي برقم (1231).
1 -
قال الله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (2)} [المائدة:2].
2 -
وقال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ (10)} [البروج:10].
- زيادة الأجرة:
يلزم المستأجر دفع الأجرة المتفق عليها، وإذا ارتفعت الأجور فليس للمؤجر فسخ الإجارة، أو إلزام المستأجر أثناء مدة العقد بزيادة الأجرة، أو ترك المحل المستأجر.
وإذا انخفضت الإجارات فليس للمستأجر فسخ الإجارة، أو إلزام المؤجر بتخيفض الأجرة أثناء مدة العقد.
ومن طابت نفسه لأخيه أن يأخذ أو يعطي أجرة المثل فهو أفضل؛ لما في ذلك من الإحسان الموجب للمحبة.
عَنْ أنَسٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال: «لا يُؤْمِنُ أحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ» . متفق عليه (1).
- حكم إعانة المضطر:
إذا اضطر إنسان مكروب، أو مفجوع، أو مغلوب، فيجب على من رآه أن ينقذه ويعينه، وأن يفرج كربته، وأن يقف معه، ما دام قادراً على ذلك.
بإنقاذ الغريق والحريق .. وإسعاف المرأة في طلقها .. ومن نزف دمه بحيث
لو تُرك مات .. ونقل الجريح والكسير إلى المستشفى ونحو ذلك من حالات
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (13) ، واللفظ له، ومسلم برقم (45).
الضرورة الحرجة.
ومن أمكنه إعانة أخيه المضطر، وتوقفت نجاته على إسعافه فلم يفعل فهو آثم؛ لأن إنقاذ النفس واجب شرعاً، يأثم بتركه من قدر عليه.
عَنْ عَبدِاللهِ بنِ عُمَر رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «المُسْلِمُ أَخُو المُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ، مَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ، كَانَ اللهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً، فَرَّجَ اللهُ عَنْهُ بِهَا كُرْبَةً، مِنْ كُرَبِ يَوْمِ القِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِماً، سَتَرَهُ اللهُ يَوْمَ القِيَامَةِ» . متفق عليه (1).
- انتهاء عقد الإجارة:
ينتهي عقد الإجارة بواحد مما يلي:
1 -
هلاك العين المؤجرة المعينة كالدار، أو السيارة ونحوهما.
2 -
انقضاء مدة الإجارة.
3 -
الإقالة، بأن يطلب أحد الطرفين من الآخر أن يقيله.
4 -
حدوث عيب في العين المستأجرة كتهدم البيت، وخراب الآلة بسببٍ من غير المستأجر ونحو ذلك.
5 -
إفلاس المستأجر، أو لحوق المؤجر دين لا يمكن استيفاؤه إلا من العين المؤجرة.
ولا تنفسخ الإجارة بموت أحد الطرفين، ولا ببيع العين المستأجرة، ومن استؤجر لعمل خاص ثم مات فإن الإجارة تنفسخ.
ومتى انقضت مدة الإجارة رفع المستأجر يده، وسلَّم العين المستأجرة إلى
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2442) ، ومسلم برقم (2580) ، واللفظ له.
المؤجر إن كانت منقولة.
- حكم اختلاف المتعاقدين في الإجارة:
إذا صح عقد الإجارة، ثم اختلف المتعاقدان، فإما أن يكون الخلاف قبل استيفاء المنافع أو بعدها، فإن اختلفا قبل استيفاء المنافع تحالفا وترادا، وانفسخت الإجارة، وإن نكل أحدهما عن اليمين لزمه ما ادعى به صاحبه.
وإن كان الاختلاف بعد استيفاء المستأجر بعض المنفعة بأن سكن الدار مدة مثلاً، فالقول قول المستأجر مع يمينه، ويتحالفان، وتنفسخ الإجارة فيما بقي.
وإن كان الاختلاف بعد انتهاء مدة الإجارة، فالقول قول المستأجر في مقدار البدل مع يمينه، ولا يمين على المؤجر.
وإن كان الاختلاف في دعوى التلف أو التعيُّب، فالقول قول المستأجر؛ لأنه أمين، فيصدّق بيمينه، ما لم تكن للمؤجر بينة.
وإن كان الاختلاف في دعوى الرد، بأن ادعى المستأجر أنه رد العين إلى المؤجر، وأنكر المؤجر، فالقول قول المؤجر بيمينه؛ لأن الأصل عدم الرد، والقول قول المنكر بيمينه إن لم تكن للمستأجر بينة.
- حكم كسب الحجام:
كسب الحجام حلال، لكنه من المهن الدنيئة، وخُبْث كسب الحجام من جنس خبث أكل الثوم والبصل، هذا خبيث الرائحة، وذاك خبيث الكسب.
ولو كان كسب الحجام محرماً لم يعط النبي صلى الله عليه وسلم الحاجم أجرته على
الحجامة، ولكن لدناءة هذا الكسب أمر الحاجم أن يعلفه ناضحه أو رقيقه.
وتستحب الحجامة بعد أيام البيض؛ لما فيها من الرفق بالبدن، لأن الدم يسكن بعد فَوَرانه في أيام البيض.
1 -
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: احْتَجَمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأعْطَى الحَجَّامَ أجره. متفق عليه (1).
2 -
وَعَنْ رَافِع بن خَدِيجٍ رضي الله عنه أنَّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «ثَمَنُ الكَلبِ خَبِيثٌ، وَمَهْرُ البَغِيِّ خَبِيثٌ، وَكَسْبُ الحَجَّامِ خَبِيثٌ» . أخرجه مسلم (2).
- حكم التأجير بالنسبة:
1 -
مَنْ ملك سيارة وأجّرها على غيره بنصف الدخل الذي يأتي منها، فيجوز ذلك كالمضاربة، فمن الأول العين، ومن الثاني العمل، والربح بينهما حسب الاتفاق.
2 -
إذا أعطى صاحب المحل التجاري، أو المصنع، أو المزرعة، غيره ليتقبله ويعطيه كل شهر ثلاثة آلاف مثلاً، وما زاد فهو له، فهذا النوع من الإجارة محرم؛ لما فيه من الجهالة والغرر، فإن اتفقا على نسبة من الربح كالربع مثلاً صح.
3 -
إذا تعطلت بعض منافع العين المؤجرة كالمزرعة والدار، سقط من الأجرة بقدر ما تعطل من المنفعة المستحَقَّة بالعقد.
4 -
يجوز استئجار الأجير بنسبة معلومة من عمله، كما لو استأجره على طحن كيس قمح بعشرة مثلاً.
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2278) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1202).
(2)
أخرجه مسلم برقم (1567).
- حكم عقد الصيانة:
عقد الصيانة: هو عقد معاوضة مستقل، يلتزم فيه الإنسان أو الشركة بصيانة وإصلاح ما تحتاجه آلة أو غيرها لمدة معلومة، بعوض معلوم، وقد يلتزم فيه الصائن بالعمل وحده، أو بالعمل وقطع الصيانة، فإن كان العقد غير مقترن بعقد آخر فهو عقد إجارة جائز.
وإن كانت الصيانة مشروطة على البائع في عقد البيع لمدة معلومة. فهذا عقد اجتمع فيه بيع وشرط وهو جائز.
وإن كانت الصيانة مشروطة في عقد الإجارة على أحد الطرفين، فإن توقفت على استيفاء المنفعة فهي على مالك العين المؤجرة، وما لا يتوقف عليه استيفاء المنفعة يجوز اشتراطه على المؤجر والمستأجر.
ويشترط في جميع الصور تعيين الصيانة، وتبيين المواد إذا كانت على الصائن، وتحديد الأجرة؛ لقطع النزاع، ودفع الجهالة.