المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌أحكام البيع - حكم التسعير: التسعير: هو وضع ثمن محدد للسلع. والتسعير نوعان: الأول: - موسوعة الفقه الإسلامي - التويجري - جـ ٣

[محمد بن إبراهيم التويجري]

فهرس الكتاب

- ‌4 - كتاب الزكاة

- ‌1 - الزكاة المفروضة

- ‌1 - الأموال التي تجب فيها الزكاة

- ‌1 - زكاة الذهب والفضة

- ‌2 - زكاة الأوراق النقدية

- ‌3 - زكاة عروض التجارة

- ‌4 - زكاة بهيمة الأنعام

- ‌5 - زكاة الحبوب والثمار

- ‌6 - زكاة الركاز

- ‌7 - زكاة المعادن

- ‌2 - إخراج الزكاة

- ‌3 - آداب إخراج الزكاة

- ‌4 - أهل الزكاة

- ‌2 - زكاة الفطر

- ‌3 - صدقة التطوع

- ‌5 - كتاب الصيام

- ‌1 - فقه الصيام

- ‌2 - حكم الصيام

- ‌3 - فضائل الصيام

- ‌4 - أقسام الصيام

- ‌5 - أحكام الصيام

- ‌6 - سنن الصيام

- ‌7 - ما يجب على الصائم

- ‌8 - ما يحرم على الصائم

- ‌9 - ما يكره للصائم

- ‌10 - ما يجوز للصائم

- ‌11 - أقسام المفطرات

- ‌12 - قضاء الصيام

- ‌13 - صيام التطوع

- ‌14 - الاعتكاف

- ‌6 - كتاب الحج والعمرة

- ‌1 - شعائر الحج والعمرة

- ‌2 - حكم الحج والعمرة

- ‌1 - الحج

- ‌2 - العمرة

- ‌3 - شروط الحج والعمرة

- ‌4 - أركان الحج والعمرة

- ‌5 - واجبات الحج والعمرة

- ‌6 - سنن الحج والعمرة

- ‌7 - مواقيت الحج والعمرة

- ‌8 - باب الإحرام

- ‌9 - باب الفدية

- ‌10 - باب الهدي

- ‌11 - صفة العمرة

- ‌12 - صفة الحج

- ‌13 - صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌14 - أحكام الحج والعمرة

- ‌15 - زيارة المسجد النبوي

- ‌الباب الحادي عشركتاب المعاملات

- ‌1 - كتاب البيع

- ‌مفاتيح الرزق الحلال

- ‌أركان البيع

- ‌شروط البيع

- ‌البيوع المباحة

- ‌البيوع المنهي عنها

- ‌1 - البيوع الممنوعة بسبب العاقد

- ‌2 - البيوع الممنوعة بسبب صيغة العقد

- ‌3 - البيوع الممنوعة بسبب المعقود عليه

- ‌1 - البيوع المحرمة بسبب الغرر والجهالة

- ‌2 - البيوع المحرمة بسبب الربا

- ‌3 - البيوع المحرمة بسبب الضرر والخداع

- ‌4 - البيوع المحرمة لذاتها

- ‌5 - البيوع المحرمة لغيرها

- ‌4 - البيوع الممنوعة بسبب وصف أو شرط أو نهي شرعي

- ‌أحكام البيع

- ‌2 - الخيار

- ‌3 - السَّلَم

- ‌4 - الربا

- ‌5 - القرض

- ‌6 - الرهن

- ‌7 - الضمان

- ‌8 - الكفالة

- ‌9 - الحوالة

- ‌10 - الوكالة

- ‌11 - الإجارة

- ‌12 - الجعالة

- ‌13 - الوديعة

- ‌14 - العارية

- ‌15 - الشركة

- ‌الشركات المعاصرة

- ‌16 - الشفعة

- ‌17 - المساقاة والمزارعة

- ‌18 - إحياء الموات

- ‌19 - المسابقة

- ‌20 - اللقطة

- ‌21 - الغصب

- ‌22 - الحَجْر

- ‌23 - الصلح

- ‌24 - القسمة

- ‌25 - الهبة

- ‌26 - الوصية

- ‌27 - الوقف

- ‌28 - العتق

الفصل: ‌ ‌أحكام البيع - حكم التسعير: التسعير: هو وضع ثمن محدد للسلع. والتسعير نوعان: الأول:

‌أحكام البيع

- حكم التسعير:

التسعير: هو وضع ثمن محدد للسلع.

والتسعير نوعان:

الأول: تسعير جائز: وهو أن يسعِّر التاجر معروضاته؛ ليسهل على المشتري معرفة القيمة بسهولة.

فهذا جائز إذا سعَّرها بربح يسير ينفع البائع، ولا يرهق المشتري.

الثاني: التسعير من الحاكم، وهذا له حكمان:

1 -

تسعير محرم: وهو الذي يتضمن ظلم الناس، وإكراههم بغير حق، ومنعهم مما أباح الله لهم.

وهذا التسعير محرم؛ لأنه يؤدي إلى اختفاء السلع، وذلك يؤدي إلى ارتفاع أسعارها، وارتفاع الأسعار يضر بالأغنياء والفقراء، ويسبب الضيق والجرائم.

2 -

تسعير جائز: وهو الذي لا يُظلم فيه البائع، ولا يُرهَق فيه المشتري، فيرخَّص فيه عند الحاجة فقط كأن يمتنع أصحاب السلع من بيعها إلا بزيادة فاحشة، مع حاجة الناس إليها، أو عند الكوارث والنكبات، فتضطرب الأسعار، ويتضرر الناس.

فهنا يجب على الحاكم التسعير بالمثل، صيانة لحقوق الناس، ومنعاً للاحتكار، ودفعاً لجشع التجار.

ص: 436

1 -

قال الله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (2)} [المائدة:2].

2 -

وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّاسُ: يَا رَسُولَ اللهِ غَلَا السِّعْرُ فَسَعِّرْ لَنَا. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللهَ هُوَ المُسَعِّرُ القَابضُ البَاسِطُ الرَّازِقُ، وَإِنِّي لأَرْجُو أَنْ أَلْقَى اللهَ وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْكُمْ يُطَالِبُنِي بمَظْلَمَةٍ فِي دَمٍ وَلَا مَالٍ» . أخرجه أبو داود والترمذي (1).

- أسباب الغلاء والرُّخْص:

الغلاء: هو ارتفاع أسعار السلع، والرخص: انخفاضها. وكل ذلك من جملة الحوادث التي لا خالق لها إلا الله، ولا يكون منها شيء إلا بمشيئة الله، لكن الله عز وجل قد جعل بعض أفعال العباد سبباً في بعض الحوادث.

فارتفاع الأسعار قد يكون ابتلاءً .. وقد يكون بسبب ظلم بعض العباد .. وقد يكون بسبب كثرة المعاصي.

كما أن انخفاض الأسعار قد يكون ابتلاءً .. وقد يكون بسبب طاعات العباد .. وقد يكون بسبب إحسان بعض الناس.

وقد يكون الغلاء والرخص بسبب قلة أو كثرة الأموال والأشياء .. وقد يكون بسبب الرغبة في الشيء أو عدم الرغبة.

فإذا زادت الرغبة في شيء، وقَلَّ المرغوب فيه، ارتفع سعره، وإذا كثر وقَلَّت الرغبة فيه انخفض سعره.

ولله في ذلك حِكَم ومنافع للعباد تعجز العقول عن إدراكها.

(1) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (3451) ، وهذا لفظه، وأخرجه الترمذي برقم (1314).

ص: 437

قال الله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (96)} [الأعراف:96].

- حكم الاحتكار:

الاحتكار: هو شراء السلع التي يحتاجها الناس، وحبسها لتقل بين الناس، فإذا تضاعف سعرها باعها.

والاحتكار محرم؛ لما فيه من الجشع والطمع، والتضييق على الناس في حاجاتهم، والتحكم في أرزاقهم بغير حق.

عَنْ مَعْمَرِ بْنِ عَبْدِاللهِ رضي الله عنه أنَّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا يَحْتَكِرُ إلاّ خَاطِىءٌ» . أخرجه مسلم (1).

- حكم المزايدة:

عقد المزايدة: هو عقد معاوضة يُدعى الناس للمشاركة فيه، ثم تباع السلع بأعلى سعر وصلت إليه برضا البائع.

وبيع المزايد جائز بشروط البيع المعلومة، سواء كان المالك فرداً، أو جهة حكومية، أو شركة معتبرة.

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللهِ رضي الله عنهما أنَّ رَجُلاً أعْتَقَ غُلاماً لَهُ عَنْ دُبُرٍ، فَاحْتَاجَ، فَأخَذَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقال:«مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنِّي» . فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِاللهِ بِكَذَا وَكَذَا، فَدَفَعَهُ إِلَيْهِ. متفق عليه (2).

(1) أخرجه مسلم برقم (1605).

(2)

متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2141) ، واللفظ له، ومسلم برقم (997).

ص: 438

- حكم بيع التورق:

التورق: هو أن يحتاج الإنسان إلى نقد، ولا يجد من يقرضه، فيشتري سلعة إلى أجل، ثم يبيعها نقداً على غير بائعها، ثم ينتفع بثمنها.

وبيع التورق يجوز بثلاثة شروط:

الأول: أن يتعذر عليه الحصول على المال بطريق مباح كالقرض أو السلم.

الثاني: أن يكون محتاجاً للمال حاجة ماسة.

الثالث: أن تكون السلعة عند البائع.

- حكم الإقالة:

الإقالة: هي فسخ العقد ورجوع كل من المتعاقدين بما كان له.

وتجوز الإقالة للنادم من بائع ومشتر، بعوض وبدون عوض، وهي مستحبة في حق المُقيل، مباحة في حق المستقيل.

وتشرع إذا ندم أحد الطرفين، أو زالت حاجته، أو لم يقدر على الثمن ونحو ذلك.

والإقالة مستحبة، وهي من معروف المسلم على أخيه عند الحاجة إليها.

عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَقَالَ مُسْلِماً أَقَالَهُ اللهُ عَثرَتَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ» . أخرجه أبو داود وابن ماجه (1).

- حكم بيع المرابحة:

بيع المرابحة: هو أن يشتري الإنسان سلعة بمائة مثلاً، ثم يقول للمشتري: أنا

اشتريتها بمائة فكم تربحني؟ أو من يربحني فيها خمسة أو أقل أو أكثر.

(1) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (3460) ، وأخرجه ابن ماجه برقم (2199) ، وهذا لفظه.

ص: 439

فهذا البيع جائز وينفذ إذا صدق البائع، وحصل التراضي.

- حكم بيع الميتة:

الميت: كل من فارق الحياة من إنسان أو حيوان.

والميت من الحيوان: من مات حنف نفسه، أو بغير ذكاة شرعية.

1 -

ميتة الحيوان نوعان:

1 -

ميتة البحر: كالسمك والحوت وغيرهما مما في البحر.

فهذه يجوز أكلها وبيعها وشراؤها.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّا نَرْكَبُ البَحْرَ وَنَحْمِلُ مَعَنَا القَلِيلَ مِنَ المَاءِ فَإِنْ تَوَضَّأْنَا بهِ عَطِشْنَا أَفَنَتَوَضَّأُ بمَاءِ البَحْرِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الحِلُّ مَيْتَتُهُ» . أخرجه أبو داود والترمذي (1).

2 -

ميتة البر: كالدواب والحيوانات والطيور وغيرها.

فهذه لا يجوز بيع الميت منها، سواء كانت محنطة أو غير محنطة.

ويستثنى من ميتة البر الجراد، فيجوز أكله وبيعه وشراؤه.

2 -

ميتة الإنسان:

ميتة الآدمي سواء كان مسلماً أم كافراً، لا يجوز بيعها ولا شراؤها، وكذلك أعضاؤه؛ لأن الإنسان كله ملك لله عز وجل، وقد خلقه الله بيده، ونفخ فيه من روحه، وكرمه على غيره.

ولذلك إذا مات الإنسان، يُدفن المسلم في القبر، ويوارى الكافر بالتراب؛

(1) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (83) ، وأخرجه الترمذي برقم (69).

ص: 440

تكريماً لجثته.

قال الله تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا (70)} [الإسراء:70].

- حكم بيع أعضاء الإنسان:

1 -

لا يجوز بيع العضو أو الجزء من الإنسان قبل الموت أو بعده، وإذا لم يحصل عليه المضطر إلا بثمن جاز الدفع للضرورة، وحَرُم على الآخذ.

وإن وهب العضو أو الجزء بعد الموت لأي مضطر، وأُعطي مكافأة عليها قبل الموت جاز له أخذها.

ولا يجوز للإنسان حال الحياة أن يبيع أو يهب عضواً من أعضائه لغيره؛ لما في ذلك من إفساد البدن، وتعطيله عن القيام بما فرض الله عليه، وتصرفه في ملك الغير بغير إذنه.

- حكم بيع الدم:

لا يجوز بيع الدم لعلاج ولا غيره، ويستحب للإنسان إسعاف أخيه بالدم إن احتاج إليه.

وإن احتاج المريض للدم، ولم يتمكن من الحصول عليه إلا بثمن، جاز له أخذه بثمن، وحَرُم أخذ العوض على من باعه.

أما دم الحيوان فكله نجس لا يجوز بيعه ولا الانتفاع به، ويُغتفر لليسير منه كالدم الباقي في الذبيحة بعد تذكيتها.

قال الله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى

النُّصُبِ} [المائدة:3].

ص: 441

- حكم بيع المشاع:

إذا باع مشاعاً بينه وبين غيره، فإن باعه على هذا الغير فالبيع صحيح، وإن باعه على غيره صح في نصيبه بقسطه، وللمشتري الخيار إن جهل الحال.

- حكم فسخ العقد:

البيع عقد لازم لا يجوز فسخه إلا برضا الطرفين.

والبيع الباطل ملك غير لازم، فيجب على المتعاقدين فسخه ولو من غير رضا الآخر إذا كان قبل القبض، وإن كان بعد القبض، فإن كان الفساد راجعاً إلى العوض كأن يكون الثمن خمراً، أو خنزيراً، فيحق لكل منهما الفسخ.

وإن كان الفساد راجعاً إلى شرط منفعة زائدة، أو إلى أجل مجهول ونحو ذلك، فالعقد غير لازم، ولكل منهما الفسخ.

- ما يُبطل حق الفسخ:

إذا قبض المشتري السلعة، ثم تصرف فيها، ثم تبين أن البيع باطل، فإن كان التصرف مزيلاً للملك كالبيع والهبة، فهنا يبطل حق الفسخ، وعلى المشتري القيمة أو المثل للأول.

وإن كان التصرف بما لا يزيل الملك كالإجارة، فله حق الفسخ، فللمالك الأول فسخ الإجارة، ثم فسخ البيع بسبب الفساد، فكل ما بني على الباطل فهو باطل.

وحق الفسخ يورث؛ لأن الوارث يقوم مقام الميت في حق الفسخ.

- حكم الزيادة في المبيع الفاسد:

إذا حصلت زيادة في المبيع بيعاً فاسداً فله حالتان:

ص: 442

1 -

إن كانت الزيادة متصلة متولدة من الأصل كالسِّمَن فلا تمنع الفسخ؛ لأنها تابعة للأصل، وإن كانت الزيادة غير متولدة من الأصل كخلط الدقيق بالسمن أو العسل، فإنها تمنع الفسخ؛ لأنه لا يمكن فصلهما، فيدفع للبائع قيمته أو المثل.

2 -

إن كانت الزيادة منفصلة متولدة من الأصل كالولد واللبن والثمرة ونحو ذلك فلا تمنع الفسخ، وللبائع أن يسترد الأصل مع الزيادة؛ لأنها متولدة منه، والأصل مضمون، فكذلك الزيادة، وإن كانت غير متولدة منه كالهبة والصدقة والكسب، فإنها لا تمنع الفسخ، وللبائع أن يسترد الأصل مع الزيادة، ويدفع للمشتري قدر ما أنفق في الحالتين.

- حكم بيع السلع المسروقة:

السلع المسروقة يتعلق بها حقان:

الأول: حق الله: بتعدي حدوده بشراء أو بيع السلع المسروقة، وذلك من التعاون على الإثم والعدوان، وأكل أموال الناس بالباطل، وهذا الإثم العظيم لا يرتفع إلا بالتوبة.

قال الله تعالى: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ (14)} [النساء:14].

الثاني: حق المخلوق: فالبيع فاسد؛ لأن من شروط صحة البيع أن يكون البائع مالكاً للسلعة، وأن يكون المشتري مالكاً للثمن، أو مأذوناً لهما بالتصرف، وبناءً على ذلك لا يجوز بيع أو شراء السلع المسروقة.

- حكم السلعة المسروقة:

السلعة ملك لصاحبها، ومن اشترى سلعة مسروقة فعليه أن يرد السلعة على

ص: 443

من سُرقت منه إن عرفه؛ لتبرأ ذمته، ثم يرجع بالثمن على من اشتراها منه.

وإن تعذر العلم بصاحب السلعة المسروقة فيبيعها من اشتراها، ويتصدق بثمنها على نية صاحبها، أو يتصدق بها، وبهذا تبرأ ذمته، والله يعوضه خيراً منها ومن ثمنها، ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه.

- حكم التجارة في المحرمات:

التجارة في المحرمات كالخمور والمخدرات والدخان .. والصحف والمجلات والأشرطة التي تحمل الأفكار السيئة، والصور الماجنة، والأفلام الساقطة، وأصوات المعازف .. وكل ما يدعو إلى الفاحشة والرذيلة .. كل ذلك يحرم بيعه وشراؤه .. ورؤيته وسماعه .. والتجارة فيه .. وإهداؤه .. وتأجير أصحابه، والمال الذي يحصل من ذلك كله سحت وحرام لا يحل لصاحبه.

1 -

قال الله تعالى: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (14)} [المطفِّفين:14].

2 -

وَعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ -وَأَهْوَى النُّعْمَانُ بِإِصْبَعَيْهِ إِلَى أُذُنَيْهِ-: «إِنَّ الحَلَالَ بَيِّنٌ وَإِنَّ الحَرَامَ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ وَمَنْ وَقَعَ فِى الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِى الحَرَامِ كَالرَّاعِى يَرْعَى حَوْلَ الحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى أَلَا وَإِنَّ حِمَى اللهِ مَحَارِمُهُ أَلَا وَإِنَّ فِى الجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ أَلَا وَهِىَ

القَلْبُ». متفق عليه (1).

(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (52) ، ومسلم برقم (1599)، واللفظ له.

ص: 444

- حكم ترويج السلع بالهدايا:

الهدايا والجوائز المقدمة من الأسواق والمحلات التجارية لمن يشتري من بضائعهم محرمة، وهي من القمار -الذي هو الميسر- الذي حرمه الله؛ لما فيه من المفاسد العظيمة.

ففي تلك الهدايا المغرية أكل لأموال الناس بالباطل بجر الناس لشراء ما لا يحتاجون من محرم أو حلال .. وإغراء للناس بالشراء منهم دون غيرهم .. وقطع لأرزاق الآخرين .. وكسر للتجار الصغار.

والجائزة التي يأخذها المشتري منهم محرمة؛ لكونها من الميسر الذي حرمه الله عز وجل، وحذرنا منه.

قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (91)} [المائدة:90 - 91].

- حكم بيع الاسم التجاري:

الاسم التجاري، والعنوان التجاري، والعلامة التجارية، والتأليف، والاختراع، حقوق خاصة لأصحابها، ولها قيمة مالية معتبرة، فلا يجوز الاعتداء عليها، أو التصرف فيها إلا بإذن أهلها.

ويجوز نقل أيّ منها بعوض مالي يُدفع لأصحابها إذا انتفى الغرر والتدليس والغش.

ص: 445

- حكم بيع أو تأجير أرض المشاعر:

أرض منى ومزدلفة وعرفات مشاعر كالمساجد لعموم المسلمين، فلا يجوز بيعها أو تأجيرها، ومن فعل ذلك فهو عاص آثم ظالم، والأجرة عليه حرام، ومن دفعها محتاجاً فلا إثم عليه.

- حكم التعامل مع البنوك الربوية:

1 -

إن كان البيع والشراء على وفق الشرع فهذا جائز؛ لتعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع اليهود وهم أكلة الربا.

عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اشْتَرَى طَعَاماً مِنْ يَهُودِيٍّ إِلَى أجَلٍ، وَرَهَنَهُ دِرْعاً مِنْ حَدِيدٍ. متفق عليه (1).

2 -

إن كان البيع والشراء بمعاملات ربوية فهذا محرم.

3 -

إذا لم يجد المسلم مصرفاً إسلامياً، وخاف على نفسه وماله، فيجوز له الإيداع عند البنوك الربوية مؤقتاً من دون أخذ الربا.

- حكم التأمين:

التأمين قسمان:

الأول: التأمين التعاوني:

وهو أن يتفق مجموعة من الأقارب، أو الأصدقاء، أو الزملاء على أن يدفع

كل منهم اشتراكاً معيناً، لتعويض الأضرار التي قد تصيب أحدهم إذا تعرض لخطر معين من مرض، أو خسارة، أو احتراق.

فهذا جائز؛ لأنه من عقود التبرعات، ومن التعاون على البر، إذا حصل

(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2068) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1603).

ص: 446

التراضي، وطابت به النفوس.

1 -

قال الله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (2)} [المائدة:2].

2 -

وَعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَثَلُ المُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ، مَثَلُ الجَسَدِ، إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ، تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالحُمَّى» . متفق عليه (1).

الثاني: التأمين التجاري:

وهو عقد يُلزَم فيه المؤمِّن أن يدفع للمؤمَّن له عوضاً مادياً يُتفق عليه عند وقوع خطر أو خسارة، مقابل رسم مالي يؤديه المؤمَّن له.

وهذا التأمين بجميع أنواعه محرم؛ لما فيه من الغرر والجهالة، والغبن والربا، وهو ضرب من الميسر، وأكل لأموال الناس بالباطل.

والغرر في التأمين كثير؛ لأن من أركان التأمين الخطر، والخطر حادث محتمل الوقوع، لا محقق الوقوع، وغير معروف وقوعه.

ويمكن الاستغناء عنه بالتأمين التعاوني القائم على التبرع، وإلغاء الوسيط المستغل لحاجة الناس، والذي يسعى إلى الربح.

فلا يجوز هذا التأمين بكل أنواعه، سواء كان على النفس، أو على البضائع،

أو الآلات، أو غيرها، ومن ألزم الناس به فعليه وزره.

1 -

قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء:29].

(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6011) ، ومسلم برقم (2586) ، واللفظ له.

ص: 447

2 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ الحَصَاةِ، وَعَنْ بَيْعِ الغَرَرِ. أخرجه مسلم (1).

- حكم بيع الأصول والثمار:

المراد بالأصول: الأراضي .. والدور .. والبساتين .. والحيوانات .. والآلات.

فمن باع أرضاً دخل فيها كل ما اتصل بها من غراس، وبناء ونحوهما.

ومن باع داراً دخل في البيع بناؤها وفناؤها، وما فيها من شجر مغروس، ولا يتناول ما فيها من كنز مدفون، ولا منفصل عنها كحبل، ودلو، وخشب ونحو ذلك.

ومن باع حيواناً شمل جميع أجزائه، ومن باع آلة شمل جميع محركاتها وما اتصل بها لمصلحتها، ولا يشمل ما على ظهرها إلا أن يشترطه المشتري.

- حكم بيع البساتين:

1 -

إذا باع الإنسان أرضاً فيها نخل أو شجر:

فإن كان النخل قد أُبِّر -أي لُقِّح-، والشجر ثمره باد، فهو للبائع إلا أن يشترطه المشتري فهو له.

وإن كان النخل لم يؤبَّر، أو الشجر لم يظهر طلعه فهو للمشتري.

عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ بَاعَ نَخْلاً قَدْ

أُبِّرَتْ فَثَمَرُهَا لِلْبَائِعِ، إِلا أنْ يَشْتَرِطَ المُبْتَاعُ». متفق عليه (2).

2 -

لا يجوز ولا يصح بيع ثمر النخيل أو غيرها من الأشجار حتى يبدو صلاحها

(1) أخرجه مسلم برقم (1513).

(2)

متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2204) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1543).

ص: 448

بأن تحمر، أو تصفر، أو تلين، أو تظهر حلاوتها، أو يبدو نضجها، ولا يصح بيع الزرع قبل اشتداد حبه.

3 -

لا يجوز بيع الثمار قبل أن تظهر، ولا يجوز بيعها بعد ظهورها قبل بدو الصلاح.

ويجوز بيعها بعد بدو الصلاح، وقبل بدو الصلاح بشرط القطع فيما ينتفع به، أو باع الثمار مع الأصل، أو باع الزرع والشجر مع الأرض.

4 -

إذا اشترى أحد ثمرة وتركها إلى الجذاذ أو الحصاد بلا تأخير ولا تفريط، ثم أصابتها آفة سماوية كالريح والبرد فأتلفها، فللمشتري أن يرجع بالثمن على البائع، وإن أتلفها المشتري لزمته.

وإن أتلفها آدمي خُيِّر المشتري بين الفسخ، أو الإمضاء ومطالبة من أتلفها بالبدل أو الثمن.

1 -

عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاحُهَا، نَهَى البَائِعَ وَالمُبْتَاعَ. متفق عليه (1).

2 -

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيْعِ النَّخْلِ حَتَّى يَزْهُوَ، وَعَنِ السُّنْبُلِ حَتَّى يَبْيَضَّ وَيَأْمَنَ العَاهَةَ، نَهَى البَائِعَ وَالمُشْتَرِيَ. أخرجه مسلم (2).

3 -

وَعَنْ أنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى

تُزْهِيَ. فَقِيلَ لَهُ: وَمَا تُزْهِي؟ قال: حَتَّى تَحْمَرَّ. فَقال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أرَأيْتَ إِذَا مَنَعَ اللهُ الثَّمَرَةَ، بِمَ يَأْخُذُ أحَدُكُمْ مَالَ أخِيهِ» . متفق عليه (3).

(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2194) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1534).

(2)

أخرجه مسلم برقم (1535).

(3)

متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2198) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1555).

ص: 449

- حكم ترك الثمار بعد بدو الصلاح:

من اشترى ثماراً بعد بدو الصلاح، وتركها أكثر من العادة، فإن كان الترك بإذن البائع جاز وطاب له الفضل، وإن كان بغير إذنه تحمل الضرر المشتري، ودفع ما زاد للبائع إلا أن يسامحه البائع فيحل له.

وإن أخرجت الشجرة في مدة الترك ثمرة أخرى فهي للبائع؛ لأنها نماء ملك البائع.

- حكم بيع الثمار المتلاحقة:

إذا باع ثمراً وزرعاً بعد بدو صلاحه، وكان يغلب تلاحقه وتكاثره كتين، وقِثّاء، وبطيخ وبقول، فالبيع صحيح في الكل؛ عملاً بحسن الظن بالله تعالى، ولأن ذلك يشق تمييزه، فيُجعل ما لم يظهر تبعاً لما ظهر، كما أن ما لم يبد صلاحه تبعاً لما بدا.

- حكم الجوائح:

الجائحة: هي كل آفة لا صنع للآدمي فيها كالريح الشديدة، والبرد القارس، والحر الشديد، والجراد ونحو ذلك من الآفات السماوية، وما حصل بفعل الآدمي لا يسمى جائحة.

ومحل الجوائح هو البقول والثمار، ولا فرق بين قليل الجائحة وكثيرها.

- حكم وضع الجوائح:

الجوائح لها حالتان:

الأولى: إن وقعت الجائحة قبل القبض فهو من ضمان البائع:

1 -

عَنْ جَابِر بن عَبْدِاللهِ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَوْ بِعْتَ مِنْ

ص: 450

أَخِيكَ ثَمَرًا فَأَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ فَلَا يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا بِمَ تَأْخُذُ مَالَ أَخِيكَ بِغَيْرِ حَقٍّ». أخرجه مسلم (1).

2 -

وَعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِوَضْعِ الجَوَائِحِ. أخرجه مسلم (2).

الثانية: إذا وقعت الجائحة بعد القبض:

إذا هلك المبيع بعد القبض سواء كان ذلك بآفة سماوية، أو بفعل المشتري، أو بفعل البائع، أو بفعل أجنبي، فإن البيع لا ينفسخ، ويكون هلاكه على ضمان المشتري؛ لأنه خرج من عهدة البائع بقبض المشتري له، ويرجع المشتري بالضمان على الأجنبي إن كان التلف بسببه.

وإن باعها البائع مع أصلها، ثم تلفت بجائحة فهي من ضمان المشتري، والبيع نافذ، سواء كان قبل القبض أو بعده.

- حكم بيع الصفقة:

الصفقة: هي أن يبيع ما يجوز بيعه وما لا يجوز بيعه، في صفقة واحدة، بثمن واحد.

وبيع الصفقة له ثلاث صور:

الأولى: أن يبيع معلوماً ومجهولاً:

كأن يقول بعتك هذا الجمل، وما في بطن هذه الناقة بكذا، فهذا البيع باطل.

الثانية: أن يبيع حلالاً وحراماً:

كأن يقول بعتك هذا الخل والخمر بكذا، فهذا البيع باطل.

(1) أخرجه مسلم برقم (1554).

(2)

أخرجه مسلم برقم (1554).

ص: 451

الثالثة: أن يبيع مشاعاً بينه وبين غيره بغير إذن شريكه:

فيصح البيع في نصيبه بقسطه، وللمشتري الخيار إن جهل الحال.

- صاحب السلعة أحق بالسوم:

إذا أراد الإنسان شراء شيء طلب من صاحبه بيان قيمته.

عَنْ أنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «يَا بَنِي النَّجَّارِ، ثَامِنُونِي بِحَائِطِكُمْ» . متفق عليه (1).

- صفة تسليم السلعة والثمن:

الأصل أن البائع يسلِّم المشتري السلعة، ثم يقبض منه الثمن، وإن قال البائع لا أسلِّم السلعة حتى أقبض ثمنها، وقال المشتري لا أسلم الثمن حتى أقبض السلعة، فهذا يُجعل بينهما عدل يقبض منهما، ويسلِّم إليهما.

فإن أبيا ذلك أجبر الحاكم البائع على تسليم المبيع، ثم أجبر المشتري على تسليم الثمن.

- مقدار الربح في التجارة:

ليست الأرباح في التجارة محددة، بل تتبع أحوال العرض والطلب كثرة وقلة، ونوعية المبيع وجودته، وقلته وكثرته، لكن يحسن بالمسلم أن يكون سهلاً سمحاً في جميع معاملاته، وفي بيعه وشرائه، يحب لأخيه ما يحب

لنفسه، ويتخلق بخلق السماحة والقناعة، ولا يتمادى في الجشع والطمع، ويجتنب الكذب والغرر والضرر.

1 -

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللهِ رضي الله عنهما أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «رَحِمَ اللهُ رَجُلاً،

(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2106) ، واللفظ له، ومسلم برقم (524).

ص: 452

سَمْحاً إِذَا بَاعَ، وَإِذَا اشْتَرَى، وَإِذَا اقْتَضَى». أخرجه البخاري (1).

2 -

وَعَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِاللهِ رضي الله عنهما قَالَ: بَايَعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى إقَامِ الصَّلاةِ، وَإيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ. متفق عليه (2).

- حكم البيع والشراء من الكفار:

الأصل جواز شراء المسلم ما يحتاجه مما أحل الله من المسلم أو الكافر، وقد اشترى النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من أهل الكتاب.

فإن عدل المسلم عن الشراء من المسلم من غير سبب من غش، أو رفع سعر، أو رداءة سلعة، إلى محبة الشراء من كافر، وإيثاره من دون مبرر.

فهذا الفعل محرم لا يجوز؛ لما فيه من موالاة الكفار، وإيثارهم بالمنافع على إخوانه المسلمين.

1 -

قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء:29].

2 -

وَعَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ أبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ مُشْرِكٌ مُشْعَانٌّ طَوِيلٌ، بِغَنَمٍ يَسُوقُهَا، فَقال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«بَيْعاً أمْ عَطِيَّةً؟ أوْ قال: أمْ هِبَةً» . قال: لا، بَلْ بَيْعٌ، فَاشْتَرَى مِنْهُ شَاةً. متفق عليه (3).

- حكم مزاولة النساء التجارة:

المرأة كالرجل في حق التملك والتجارة، والأصل إباحة الاكتساب والتجارة للرجال والنساء في كل مال حلال.

(1) أخرجه البخاري برقم (2076).

(2)

متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (57) ، واللفظ له، ومسلم برقم (56).

(3)

متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2216) ، واللفظ له، ومسلم برقم (2056).

ص: 453

ويجب على المرأة حسن الاحتشام، وعدم إبداء زينتها أمام الرجال، وعدم الخلوة مع أحدهم.

فإن كانت مزاولة التجارة تُعَرِّض المرأة لكشف زينتها، أو سفرها بدون محرم، أو خلوتها بأحد الرجال، فالواجب منعها؛ لارتكابها محرماً في سبيل تحصيل مباح، ولما يحصل بسبب ذلك من الفتنة، وفساد الدين، والخلق، لها ولغيرها.

قال الله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (2)} [المائدة:2].

- شراء الإنسان حوائجه بنفسه:

الأحسن للإنسان أن يشتري حوائجه بنفسه إلا لعذر، فلا يمنعه منصبه أو جاهه أو إمارته من مخالطة الناس، ومعرفة ما يجري وما يباع، ورؤية الفقراء ومواساتهم، وإفشاء السلام، ونصح المسلمين.

عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالت: اشْتَرَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ يَهُودِيٍّ طَعَاماً بِنَسِيئَةٍ، وَرَهَنَهُ دِرْعَهُ. متفق عليه (1).

- فضل الاستقامة مع التجارة:

1 -

قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى

ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (9) فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (10)} [الجمعة:9 - 10].

(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2096) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1603).

ص: 454