الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
8 - باب الإحرام
- الإحرام: هو نية الدخول في النسك حجاً كان أو عمرة.
- حكمة مشروعية الإحرام:
شرع الله الإحرام لإظهار تذلل العبد لربه، وذلك بإظهار الشعث، وترك الرفث، والمنع من أسباب الزينة.
والإحرام مبدأ النسك والعبادة، فهو للحج أو العمرة كتكبيرة الإحرام للصلاة يَحْرم بعدها ما كان مباحاً قبلها، فكذلك المُحْرِم يترك بعد الإحرام ما كان مباحاً له من قبل.
والإحرام من المواقيت زيادة في شرف البيت وفضله، فجعل لبيته الحرام حرماً آمناً، وأكد ذلك وقواه بأن جعل لحرمه حرماً وهو المواقيت المعروفة.
فلا يدخل من أراد النسك إلى الحرم إلا إذا كان على وصف معين، ونية معينة؛ تعظيماً لله، وتكريماً وتشريفاً لبيته وحرمه.
{ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ (32)} [الحج:32].
- أقسام الناس في الإحرام:
الناس في الإحرام ثلاثة أقسام:
الأول: مَنْ وطنه خارج المواقيت.
الثاني: مَنْ وطنه ما بين الميقات والحرم.
الثالث: مَنْ وطنه الحرم.
فالأول يحرم من الميقات، فإن جاوزه رجع إليه وأحرم منه، فإن لم يرجع
وأحرم دونه فهو آثم، وقد ترك واجباً عليه، وإحرامه مجزئ.
ومَنْ هو دون الميقات من جهة مكة يحرم من مكانه، ولا يدخل الحرم إلا بإحرام.
فإن جاوزه إلى الحرم لزمه أن يرجع إلى مكانه ليحرم منه، فإن لم يرجع وأحرم من الحرم فهو آثم، لأنه ترك واجباً عليه، وإحرامه مجزئ.
ومَنْ هو في الحرم يُحرم من الحرم من حيث أنشأ النية مفرداً، أو قارناً.
وإذا أراد العمرة أو الحج متمتعاً خرج إلى أدنى الحل ليحرم منه، فإن أحرم للعمرة من الحرم فهو آثم؛ لأنه ترك واجباً عليه وإحرامه مجزئ.
عَنِ الأسْود قَالَ: قَالتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: يَا رَسُولَ اللهِ، يَصْدُرُ النَّاسُ بِنُسُكَيْنِ وَأصْدُرُ بِنُسُكٍ؟ فَقِيلَ لَهَا:«انْتَظِرِي، فَإِذَا طَهُرْتِ فَاخْرُجِي إِلَى التَّنْعِيمِ فَأهِلِّي، ثُمَّ ائْتِينَا بِمَكَانِ كَذَا، وَلَكِنَّهَا عَلَى قَدْرِ نَفَقَتِكِ أوْ نَصَبِكِ» . متفق عليه (1).
- أنواع الإحرام بالحج:
يُحرم المسلم بالحج على إحدى كيفيات ثلاث:
الإفراد .. أو القران .. أو التمتع.
1 -
فالإفراد: أن يُهل بالحج وحده قائلاً: لبيك حجاً.
2 -
والقران: أن يُهل بالعمرة والحج معاً قائلاً: لبيك عمرة وحجاً، أو يُدخل الحج على العمرة قبل الطواف.
3 -
والتمتع: أن يُهل بالعمرة فقط في أشهر الحج قائلاً: لبيك عمرة، ثم إذا فرغ
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1787) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1211).
من العمرة حل، ثم يحرم بالحج في العام نفسه.
ويسن للمسلم أن يهل بهذا مرة .. وبهذا مرة .. وبهذا مرة .. إحياءً للسنة .. وعملاً بها بوجوهها المشروعة.
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «مَنْ أرَادَ مِنْكُمْ أنْ يُهِلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ، فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أرَادَ أنْ يُهِلَّ بِحَجٍّ، فَلْيُهِلَّ، وَمَنْ أرَادَ أنْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ، فَلْيُهِلَّ» . قَالَتْ عَائِشَةُ: فَأهَلَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِحَجٍّ، وَأهَلَّ بِهِ نَاسٌ مَعَهُ وَأهَلَّ نَاسٌ بِالعُمْرَةِ، وَالحَجِّ وَأهَلَّ نَاسٌ بِعُمْرَةٍ، وَكُنْتُ فِيمَنْ أهَلَّ بِالعُمْرَةِ. أخرجه مسلم (1).
- كيفية اختيار النسك:
1 -
إذا أراد المسلم أن يفرد العمرة بسفرة، ويفرد الحج بسفرة، فهذا الإفراد أفضل له من القران والتمتع الذي يؤديه في سفرة واحدة.
2 -
إذا أراد أن يجمع النسكين العمرة والحج في سفرة واحدة، وقدم إلى مكة في أشهر الحج، ولم يسق الهدي، فهذا التمتع أفضل له.
3 -
إذا أراد أن يجمع بين النسكين العمرة والحج، ويقرن بينهما في سفرة واحدة، ويسوق الهدي من بلده، فهذا القران أفضل له اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم.
والذي اختاره الله عز وجل لنبيه القِران، وسوق الهدي.
والذي اختاره الرسول صلى الله عليه وسلم لأمته هو التمتع بلا سوق الهدي.
فالتمتع أفضل الأنساك .. وأسهلها وأيسرها .. وأكثرها عملاً وأجراً.
1 -
عَنْ جَابِر بن عَبْدِاللهِ رضي الله عنهما أنَّهُ حَجَّ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ سَاقَ البُدْنَ
(1) أخرجه مسلم برقم (1211).
مَعَهُ، وَقَدْ أهَلُّوا بِالحَجِّ مُفْرَداً، فَقال لَهُمْ:«أحِلُّوا مِنْ إِحْرَامِكُمْ، بِطَوَافِ البَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ، وَقَصِّرُوا، ثُمَّ أقِيمُوا حَلالاً، حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ فَأهِلُّوا بِالحَجِّ، وَاجْعَلُوا الَّتِي قَدِمْتُمْ بِهَا مُتْعَةً» . فَقالوا: كَيْفَ نَجْعَلُهَا مُتْعَةً، وَقَدْ سَمَّيْنَا الحَجَّ؟ فَقال:«افْعَلُوا مَا أمَرْتُكُمْ، فَلَوْلا أنِّي سُقْتُ الهَدْيَ لَفَعَلْتُ مِثْلَ الَّذِي أمَرْتُكُمْ، وَلَكِنْ لا يَحِلُّ مِنِّي حَرَامٌ حَتَّى يَبْلُغَ الهَدْيُ مَحِلَّهُ» . فَفَعَلُوا. متفق عليه (1).
2 -
وَعَنْ أبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَنِي إِلَى اليَمَنِ، قال: فَوَافَقْتُهُ فِي العَامِ الَّذِي حَجَّ فِيهِ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«يَا أبَا مُوسَى! كَيْفَ قُلْتَ حِينَ أحْرَمْتَ؟» . قال قُلْتُ: لَبَّيْكَ إِهْلالاً كَإِهْلالِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:«هَلْ سُقْتَ هَدْياً؟» . فَقُلْتُ: لا، قال:«فَانْطَلِقْ فَطُفْ بِالبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ ثُمَّ أحِلَّ» . متفق عليه (2).
- حكم من أطلق نية الإحرام:
من أحرم إحراماً مطلقاً، قاصداً أداء ما فرض الله عليه، ولم يعين نوعاً من أنواع النسك لعدم معرفته به، جاز وصح حجه، وفعل واحداً من الثلاثة تمتعاً أو قراناً أو إفراداً.
وكذا لو قال: أهللت بما أهلّ به فلان صح وفَعَل مثله.
عَنْ أبِي مُوسَى رضي الله عنه قال: بَعَثَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى قَوْمٍ بِاليَمَنِ، فَجِئْتُ وَهُوَ بِالبَطْحَاءِ، فَقال:«بِمَا أهْلَلْتَ» . قُلْتُ: أهْلَلْتُ كَإِهْلالِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قال:«هَلْ مَعَكَ مِنْ هَدْيٍ» . قُلْتُ: لا، فَأمَرَنِي فَطُفْتُ بِالبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالمَرْوَةِ، ثُمَّ
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1568) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1216).
(2)
متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1559) ، ومسلم برقم (1221) ، واللفظ له.
أمَرَنِي فَأحْلَلْتُ. متفق عليه (1).
- سنن الإحرام:
1 -
الغسل عند الإحرام، ولو كانت المرأة حائضاً أو نفساء.
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: نُفِسَتْ أسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ بِمُحَمَّدِ بْنِ أبِي بَكْرٍ، بِالشَّجَرَةِ فَأمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أبَا بَكْرٍ يَأْمُرُهَا أنْ تَغْتَسِلَ وَتُهِلَّ. أخرجه مسلم (2).
2 -
تطييب البدن قبل الإحرام.
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالتْ: كُنْتُ أطَيِّبُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لإحْرَامِهِ حِينَ يُحْرِمُ، وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أنْ يَطُوفَ بِالبَيْتِ. متفق عليه (3).
3 -
إحرام الرجل في إزار ورداء أبيضين نظيفين.
وإحرام المرأة فيما شاءت من الثياب غير متبرجة بزينة.
عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: انْطَلَقَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنَ المَدِينَةِ، بَعْدَ مَا تَرَجَّلَ وَادَّهَنَ، وَلَبِسَ إِزَارَهُ وَرِدَاءَهُ، هُوَ وَأصْحَابُهُ، فَلَمْ يَنْهَ عَنْ شَيْءٍ مِنَ الأرْدِيَةِ وَالأُزُرِ تُلْبَسُ، إِلا المُزَعْفَرَةَ الَّتِي تَرْدَعُ عَلَى الجِلْدِ. أخرجه البخاري (4).
4 -
نية الإحرام عقب صلاة فريضة، أو نافلة كتحية المسجد أو ركعتي الوضوء.
عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال: «اللَّيْلَةَ أتَانِي آتٍ مِنْ رَبِّي -وَهُوَ بِالعَقِيقِ- أنْ صَلِّ فِي هَذَا الوَادِي المُبَارَكِ، وَقُلْ: عُمْرَةٌ فِي حَجَّةٍ» . أخرجه
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1559) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1221).
(2)
أخرجه مسلم برقم (1209).
(3)
متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1539) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1189).
(4)
أخرجه البخاري برقم (1545).
البخاري (1).
5 -
التحميد والتسبيح والتكبير قبل الإهلال عند ركوب الدابة.
عَنْ أنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَنَحْنُ مَعَهُ بِالمَدِينَةِ الظُّهْرَ أرْبَعاً، وَالعَصْرَ بِذِي الحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ بَاتَ بِهَا حَتَّى أصْبَحَ، ثُمَّ رَكِبَ حَتَّى اسْتَوَتْ بِهِ عَلَى البَيْدَاءِ، حَمِدَ اللهَ وَسَبَّحَ وَكَبَّرَ، ثُمَّ أهَلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ. أخرجه البخاري (2).
6 -
استقبال القبلة عند الإهلال.
عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما إِذَا صَلَّى بِالغَدَاةِ بِذِي الحُلَيْفَةِ، أمَرَ بِرَاحِلَتِهِ فَرُحِلَتْ، ثُمَّ رَكِبَ، فَإِذَا اسْتَوَتْ بِهِ اسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ قَائِماً، ثُمَّ يُلَبِّي حَتَّى يَبْلُغَ الحَرَمَ، ثُمَّ يُمْسِكُ، حَتَّى إِذَا جَاءَ ذَا طُوىً بَاتَ بِهِ حَتَّى يُصْبِحَ، فَإِذَا صَلَّى الغَدَاةَ اغْتَسَلَ، وَزَعَمَ أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَعَلَ ذَلِكَ. أخرجه البخاري (3).
7 -
رفع الصوت بالتلبية، والمرأة لا ترفع صوتها بحضرة الرجال الأجانب.
عَنِ السَّائِب بْنِ خَلَاّدٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَتَانِي جِبْرِيلُ فَأَمَرَنِي أَنْ آمُرَ أَصْحَابي أَنْ يَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بالإهْلَالِ وَالتَّلْبيَةِ» . أخرجه أبو داود والترمذي (4).
- كيفية الإحرام:
يسن لمريد الإحرام بالحج أو العمرة أن يغتسل، ويتنظف، ويتطيب في بدنه، ولا يطيب ثيابه، ويلبس إزاراً ورداءً أبيضين نظيفين بعد أن يتجرد من
(1) أخرجه البخاري برقم (2337).
(2)
أخرجه البخاري برقم (1551).
(3)
أخرجه البخاري برقم (1553).
(4)
صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (1814) ، وأخرجه الترمذي برقم (829) ، وهذا لفظه.
المخيط، ويلبس النعلين.
ويسن للمرأة أن تغتسل للإحرام ولو كانت حائضاً أو نفساء، وتلبس ما شاءت من الثياب الساترة، وتجتنب لباس الشهرة، والثياب الضيقة، وما فيه تشبه بالرجال أو الكفار.
ويسن أن يحرم عقب صلاة فريضة إن تيسر.
وليس للإحرام صلاة تخصه، لكن لو أحرم عقب ركعتين مسنونتين فلا حرج كتحية المسجد، أو ركعتي الوضوء، أو صلاة الضحى ونحو ذلك.
وينوي بقلبه الدخول في النسك الذي يريده من حج أو عمرة.
ويسن إحرامه وإهلاله دبر الصلاة في المسجد، أو إذا ركب واستقلت به راحلته، مستقبلاً القبلة.
ويسن للمحرم أن يذكر نسكه، فيقول من يريد العمرة: لبيك عمرة، ويقول المفرد: لبيك حجاً، ويقول القارن: لبيك عمرة وحجاً، ويقول المتمتع: لبيك عمرة.
- حكم اشتراط التحلل من النسك عند العذر:
1 -
يسن للمحرم إذا كان مريضاً أو خائفاً أن يشترط عند إحرامه التحلل متى حبسه حابس عن إتمام النسك من مرض أو عذر.
فإذا اشترط ولم يتمكن من إتمام النسك بسبب حصر، أو مرض، أو عذر حلّ ولا هدي عليه.
2 -
إذا لم يشترط المحرم، وحبسه عارض، لزمه دم يذبحه ثم يحل.
1 -
قال الله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا
رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة:196].
2 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى ضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ لَهَا:«لَعَلَّكِ أرَدْتِ الحَجَّ» . قَالَتْ: وَاللهِ لا أجِدُنِي إِلا وَجِعَةً، فَقَالَ لَهَا:«حُجِّي وَاشْتَرِطِي، قُولِي: اللهمَّ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي» . وَكَانَتْ تَحْتَ المِقْدَادِ بْنِ الأسْوَدِ. متفق عليه (1).
- ما يُفعل بالمحرم إذا مات:
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ رَجُلاً وَقَصَهُ بَعِيرُهُ، وَنَحْنُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ مُحْرِمٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ، وَلَا تُمِسُّوهُ طِيباً، وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فَإِنَّ اللهَ يَبْعَثُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ مُلَبِّياً» . متفق عليه (2).
- صفة إحرام الحائض والنفساء:
يسن للحائض والنفساء ما يسن للطاهرة من الاغتسال والإحرام بالحج أو العمرة.
فإن أحرمت بالحج فتبقى على إحرامها، وتؤدي مناسك الحج، لكن لا تطوف بالبيت حتى تطهر، ثم تغتسل، ثم تكمل نسكها بالطواف، ثم تحل.
وإن أحرمت الحائض أو النفساء بالعمرة فتبقى حتى تطهر، ثم تغتسل، ثم تؤدي نسك العمرة، ثم تحل.
وللحائض والنفساء أن تدخل المسجد الحرام وغيره من المساجد، وتجلس
تذكر الله، وتقرأ القرآن، لكن تعتزل المصلى وقت الصلاة.
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5089) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1207).
(2)
متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1267) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1206).
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: نُفِسَتْ أسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ بِمُحَمَّدِ بْنِ أبِي بَكْرٍ، بِالشَّجَرَةِ فَأمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أبَا بَكْرٍ، يَأْمُرُهَا أنْ تَغْتَسِلَ وَتُهِلَّ. أخرجه مسلم (1).
- حكم التلبية:
التلبية شعار الحج والعمرة.
يصوت بها الرجل، وتجهر بها المرأة إلا عند الرجال الأجانب فتسر بها.
ويسن الإكثار من التلبية من حين الإحرام إلى بداية طواف العمرة، وإلى رمي جمرة العقبة في الحج يوم العيد.
ويلبي راكباً وماشياً .. وفي حال النزول والصعود .. وعلى كل حال.
1 -
عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أنَّ تَلْبِيَةَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَبَّيْكَ اللهمَّ! لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالمُلْكَ لا شَرِيكَ لَكَ» . متفق عليه (2).
2 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أنَّ أسَامَةَ رضي الله عنه كَانَ رِدْفَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، مِنْ عَرَفَةَ إِلَى المُزْدَلِفَةِ، ثُمَّ أرْدَفَ الفَضْلَ مِنَ المزْدَلِفَةِ إِلَى مِنًى، قال: فَكِلاهُمَا قال: لَمْ يَزَلِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُلَبِّي حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ العَقَبَةِ. متفق عليه (3).
- صفة التلبية:
يسن للمحرم عقب الإحرام أن يلبي بتلبية النبي صلى الله عليه وسلم؛ لملازمته لها في جميع
نسكه من حج أو عمرة.
(1) أخرجه مسلم برقم (1209).
(2)
متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1549) ، ومسلم برقم (1184) ، واللفظ له.
(3)
متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1544) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1281).
1 -
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُهِلُّ مُلَبِّداً، يَقُولُ:«لَبَّيْكَ اللهمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالمُلْكَ، لا شَرِيكَ لَكَ» . لا يَزِيدُ عَلَى هَؤُلاءِ الكَلِمَاتِ. متفق عليه (1).
2 -
وَعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ مِنْ تَلْبيَةِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم لَبَّيْكَ إِلَهَ الحَقِّ. أخرجه النسائي وابن ماجه (2).
- فضل التلبية:
عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُلَبي إِلَاّ لَبَّى مَنْ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ شِمَالِهِ مِنْ حَجَرٍ أَوْ شَجَرٍ أَوْ مَدَرٍ حَتَّى تَنْقَطِعَ الأَرْضُ مِنْ هَاهُنَا وَهَاهُنَا» . أخرجه الترمذي وابن ماجه (3).
- ما يجوز للمحرم فعله:
يجوز للمحرم بعد إحرامه ما يلي:
الاغتسال للنظافة والتبرد .. وغسل رأسه .. وغسل ثيابه وتبديلها .. وتسريح شعر الرأس .. وحك رأسه وجلده.
وله لبس الإزار والرداء والحزام والحذاء، ولو كان ذلك كله مخيطاً.
وله لبس الساعة في اليد، وخاتم الفضة، ونظارة العين، وسماعة الأذن.
وله شم الريحان والطيب بلا قصد منه للتلذذ به بل لاختباره، وله شد الإزار بعضه ببعض أو بحزام أو يجعله وزرة على شكل تنُّورة المرأة.
ويجوز له أن يكتحل، ويحتجم لوجع ونحوه ولو قطع بعض الشعر، وله نزع
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5915) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1184).
(2)
صحيح/ أخرجه النسائي برقم (2752) ، وهذا لفظه، وأخرجه ابن ماجه برقم (2920).
(3)
صحيح/ أخرجه الترمذي برقم (828) ، وهذا لفظه، وأخرجه ابن ماجه برقم (2921).
الضرس، وفقء الدُّمَّل، وإماطة الأذى، ومداواة الجرح، ونزع الظفر الذي انكسر ونحو ذلك.
وله تغطية وجهه ليتقي الغبار، أو الشمس، أو البرد ونحو ذلك.
وله الاستظلال بالخيمة، أو السيارة، أو الشمسية ونحو ذلك.
ويجوز الخضاب بالحناء ونحوه للرجل والمرأة.
ويجوز له صيد البحر وطعامه، وذبح بهيمة الأنعام والدجاج ونحوها من الحيوان الأهلي.
ويجوز للمحرم قتل الصائل المؤذي في الحل والحرم كالأسد والذئب والنمر والفهد والحية والعقرب والفأرة، وكل مؤذ كالوزغ والبعوض ونحوهما.
ويجوز للمرأة لبس الحلي، ولبس السراويل والثياب والخفين، غير أنها لا تنتقب، ولا تلبس القفازين.
وللمرأة أن تلبس ما شاءت من اللباس الشرعي، وتجتنب ما فيه زينة، أو شهرة، أو إسراف، أو تشبه بالرجال، أو الكفار، وللمرأة إسدال خمارها على وجهها عند الحاجة، ويجب عند مرور الأجانب بها.
1 -
قال الله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (96)} [المائدة:96].
2 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «خَمْسٌ فَوَاسِقُ يُقْتَلْنَ
فِي الحَرَمِ: العَقْرَبُ، وَالفَأْرَةُ، وَالحُدَيَّا، وَالغُرَابُ، وَالكَلْبُ العَقُورُ» متفق عليه (1).
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1829) ، ومسلم برقم (1198) ، واللفظ له.
3 -
وَعَنْ أمِّ الحُصَيْنِ رضي الله عنها قَالَتْ: حَجَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَجَّةَ الوَدَاعِ، فَرَأيْتُ أسَامَةَ وَبِلالا، وَأحَدُهُمَا آخِذٌ بِخِطَامِ نَاقَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَالآخَرُ رَافِعٌ ثَوْبَهُ يَسْتُرُهُ مِنَ الحَرِّ، حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ العَقَبَةِ. أخرجه مسلم (1).
4 -
وَعَنِ ابْنِ بُحَيْنَةَ رضي الله عنه قَالَ: احْتَجَمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُحْرِمٌ، بِلَحْيِ جَمَلٍ، فِي وَسَطِ رَأْسِهِ. متفق عليه (2).
5 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ، فَمِنَّا مَنْ أهَلَّ بِعُمْرَةٍ، وَمِنَّا مَنْ أهَلَّ بِحَجٍّ، فَقَدِمْنَا مَكَّةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ أحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَلَمْ يُهْدِ فَلْيُحْلِلْ، وَمَنْ أحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَأهْدَى فَلا يُحِلُّ، حَتَّى يُحِلَّ بِنَحْرِ هَدْيِهِ، وَمَنْ أهَلَّ بِحَجِّه فَلْيُتِمَّ حَجَّهُ» . قَالَتْ فَحِضْتُ، فَلَمْ أزَلْ حَائِضاً حَتَّى كَانَ يَوْمُ عَرَفَةَ، وَلَمْ أهْلِلْ إلا بِعُمْرَةٍ، فَأمَرَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أنْ أنْقُضَ رَأْسِي، وَأمْتَشِطَ، وَأهِلَّ بِحَجٍّ، وَأتْرُكَ العُمْرَةَ، فَفَعَلْتُ ذَلِكَ، حَتَّى قَضَيْتُ حَجِّي. متفق عليه (3).
6 -
وَعَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ حُنَيْنٍ أنَّ ابنَ عبَّاسٍ أرْسَلهُ إلى أبِي أيُوبَ فقَالَ: أرْسَلَنِي إِلَيْكَ عَبْدُاللهِ بْنُ عَبَّاسٍ، أسْألُكَ كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ، فَوَضَعَ أبُو أيُّوبَ يَدَهُ عَلَى الثَّوْبِ، فَطَأْطَأهُ حَتَّى بَدَا لِي رَأْسُهُ، ثُمَّ قال لإنْسَانٍ يَصُبُّ: اصْبُبْ، فَصَبَّ عَلَى رَأْسِهِ، ثُمَّ حَرَّكَ رَأْسَهُ بِيَدَيْهِ، فَأقْبَلَ بِهِمَا وَأدْبَرَ،
ثُمَّ قال: هَكَذَا رَأيْتُهُ صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُ. متفق عليه (4).
(1) أخرجه مسلم برقم (1298).
(2)
متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1836) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1203).
(3)
متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (319) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1211).
(4)
متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1840) ، ومسلم برقم (1205) ، واللفظ له.
- ما لايجوز للمحرم فعله:
ما لا يجوز للمحرم أن يفعله على ثلاثة أوجه:
أحدها: في نفسه.
فلا يحلق شعره، ولا يقلم ظفره، ولا يمس طيباً.
الثاني: في لبسه.
فلا يلبس الرجل المخيط، ولا يغطي رأسه، ولا يلبس الخفين.
ولا تغطي المرأة وجهها، ولا تنتقب، ولا تلبس القفازين، ولا يلبس المحرم ثوباً مسه الطيب.
الثالث: في غيره، وهو نوعان:
1 -
أحدهما: قتل الصيد البري المأكول، أو أَكْله.
2 -
الثاني: الجماع، وعقد النكاح وخطبته.
- محظورات الإحرام:
محظورات الإحرام: هي الأعمال الممنوعة على المحرم بسبب إحرامه.
وتنقسم محظورات الإحرام إلى قسمين:
الأول: محظورات تفسد الحج والعمرة، وهو واحد فقط، وهو الجماع في الحج قبل رمي جمرة العقبة يوم العيد، والجماع قبل إتمام نسك العمرة.
وهذان أشد المحظورات إثماً، وأعظمها تأثيراً في النسك.
ويلزم إتمام هذا الحج رغم فساده، وإتمام العمرة رغم فسادها.
وعليهما قضاء الحج في العام القابل، والهدي بدنة، وكذلك العمرة يقضيها، وعليه فدية الأذى.
وإذا أُكرهت المرأة على الجماع فإن حجها صحيح، ولا إثم عليها، ولا فدية عليها.
وإذا جامع في الحج بعد رمي جمرة العقبة، وقبل أن يطوف ويسعى، لم يفسد حجه، لكنه آثم، ويجب عليه أن يخرج إلى الحل ويُحرم، ليطوف الإفاضة محرماً؛ لأنه فسد ما بقي من إحرامه، فوجب أن يجدده، وعليه الفدية، وإن جامع المحرم قبل التحلل من العمرة، أو قبل التحلل الأول من الحج قبل رمي جمرة العقبة، ناسياً أو جاهلاً، فلا يفسد نسكه، ولا إثم عليه، ولا كفارة، ولا غيرها.
1 -
قال الله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (5)} [الأحزاب:5].
2 -
وقال الله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ (197)} [البقرة:197].
الثاني: محظورات لا تفسد الحج والعمرة، وهي إحدى عشرة.
1 -
حلق شعر الرأس أو تقصيره أو نتفه أو إزالته، وشعر سائر البدن.
قال الله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا
رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة:196].
2 -
تقليم الأظافر، وفيه الإثم لا الفدية.
قص الأظافر كحلق الشعر بالنسبة للمحرم، وقضاء التفث يكون بما يلي:
حلق الرأس .. وتقليم الأظفار .. ونتف الإبط.
قال الله تعالى: {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (29)} [الحج:29].
3 -
استعمال الطيب على الثوب أو البدن.
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: بَيْنَا رَجُلٌ وَاقِفٌ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِعَرَفَةَ، إِذْ وَقَعَ عَنْ رَاحِلَتِهِ فَوَقَصَتْهُ، أوْ قَالَ: فَأوْقَصَتْهُ، فَقال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ، وَلا تَمَسُّوهُ طِيباً، وَلا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ وَلا تُحَنِّطُوهُ، فَإِنَّ اللهَ يَبْعَثُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ مُلَبِّياً» . متفق عليه (1).
4 -
تغطية رأس الرجل بملاصق.
فلا يجوز للمحرم أن يلبس على رأسه عمامة، ولا طاقية، ولا غترة، ولا قلنسوة، ولا غيرها.
ويجوز له أن يستظل بمنفصل عنه كشمسية، أو سيارة، أو خيمة، أو شجرة ونحو ذلك.
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، خَرَّ رَجُلٌ مِنْ بَعِيرِهِ، فَوُقِصَ، فَمَاتَ، فَقَالَ: «اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ، وَلا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ،
فَإِنَّ اللهَ يَبْعَثُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ مُلَبِّياً». متفق عليه (2).
5 -
لبس الذكر المخيط.
والمخيط: هو كل ما خيط على قدر البدن كله كالثوب والقميص .. أو على قدر نصفه الأعلى كالفنيلة .. أوعلى نصفه الأسفل كالسراويل .. وكل ما خيط على قدر العضو: لليدين كالقفازين .. وللرجلين كالخفين .. وللرأس
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1850) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1206).
(2)
متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1365) ، ومسلم برقم (1206) ، واللفظ له.
كالعمامة والطاقية ونحو ذلك.
فلا يجوز للمحرم لبس هذه الأشياء على صفتها، لكن لو التحف بها أو اتزر جاز له ذلك.
عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أنَّ رَجلاً قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا يَلْبَسُ المُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ؟ قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«لا يَلْبَسُ القُمُصَ، وَلا العَمَائِمَ، وَلا السَّرَاوِيلاتِ، وَلا البَرَانِسَ، وَلا الخِفَافَ، إِلا أحَدٌ لا يَجِدُ نَعْلَيْنِ، فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ، وَلْيَقْطَعْهُمَا أسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ، وَلا تَلْبَسُوا مِنَ الثِّيَابِ شَيْئاً مَسَّهُ الزَّعْفَرَانُ، أوْ وَرْسٌ» . متفق عليه (1).
6 -
قتل صيد البر المأكول أو صيده.
وصيد البر: ما كان وحشياً مباحاً أكله.
فلا يجوز للمُحْرم التعرض لصيد البر المأكول، سواء كان بالقتل، أو الذبح، أو الإشارة، أو الإعانة، أو الدلالة، وعدم الأكل منه.
1 -
قال الله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (96)} [المائدة:96].
2 -
وَعَنِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ اللَّيْثِيِّ رضي الله عنه أنَّهُ أهْدَى لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، حِمَاراً وَحْشِيّاً، وَهُوَ بِالأبْوَاءِ أوْ بِوَدَّانَ، فَرَدَّهُ عَلَيْهِ، فَلَمَّا رَأى مَا فِي وَجْهِهِ قال:«إِنَّا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكَ إِلا أنَّا حُرُمٌ» . متفق عليه (2).
7 -
دواعي الجماع.
فيحرم على المحرم قبلة المرأة بشهوة، ومباشرتها فيما دون الفرج، فإن أنزل
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1542) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1177).
(2)
متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1825) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1193).
لم يفسد حجه ولا إحرامه، لكنه آثم، وعليه الفدية.
قال الله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ (197)} [البقرة:197].
8 -
خطبة المرأة وعقد النكاح.
عَنْ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لا يَنْكِحُ المُحْرِمُ وَلا يُنْكَحُ وَلا يَخْطُبُ» . أخرجه مسلم (1).
9 -
الفسوق والجدال.
يجب اجتناب الفسوق والجدال في كل وقت، ويتأكد تحريم ذلك على المحرم.
قال الله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ (197)} [البقرة:197].
10 -
تغطية وجه المرأة بالنقاب أو البرقع، ويديها بالقفازين.
عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَامَ رَجُلٌ فَقال: يَا رَسُولَ اللهِ، مَاذَا تَأْمُرُنَا أنْ نَلْبَسَ مِنَ الثِّيَابِ فِي الإِحْرَامِ؟ فَقالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«لا تَلْبَسُوا القَمِيصَ، وَلا السَّرَاوِيلاتِ، وَلا العَمَائِمَ، وَلا البَرَانِسَ، إِلا أنْ يَكُونَ أحَدٌ لَيْسَتْ لَهُ نَعْلانِ فَلْيَلْبَسِ الخُفَّيْنِ، وَلْيَقْطَعْ أسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ، وَلا تَلْبَسُوا شَيْئاً مَسَّهُ زَعْفَرَانٌ وَلا الوَرْسُ، وَلا تَنْتَقِبِ المَرْأةُ المُحْرِمَةُ، وَلا تَلْبَسِ القُفَّازَيْنِ» . متفق عليه (2).
(1) أخرجه مسلم برقم (1409).
(2)
متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1838) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1177).
11 -
جماع المرأة بعد التحلل الأول في الحج.
ومن جامع فلا يفسد نسكه، ولكنه آثم، وعليه الفدية والغسل والتوبة.
- حكم من فعل شيئاً من محظورات الإحرام:
من فعل شيئاً من محظورات الإحرام جاهلاً أو ناسياً أو مكرهاً فلا إثم عليه ولا فدية، لكن عليه أن يتخلى عن المحظور فوراً.
ومن فعلها متعمداً عالماً ذاكراً لحاجة، فعليه الفدية، ولا إثم عليه.
ومن فعلها متعمداً بلا عذر ولا حاجة فعليه الفدية مع الإثم.
1 -
قال الله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (5)} [الأحزاب:5].
2 -
وقال الله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة:196].
3 -
وَعَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ رضي الله عنه أنَّ رَجلاً أتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ بِالجِعْرَانَةِ، وَأنَا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَعَلَيْهِ مُقَطَّعَاتٌ (يَعْنِي جُبَّةً). وَهُوَ مُتَضَمِّخٌ بِالخَلُوقِ، فَقَالَ:
إِنِّي أحْرَمْتُ بِالعُمْرَةِ وَعَلَيَّ هَذَا، وَأنَا مُتَضَمِّخٌ بِالخَلُوقِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ:«مَا كُنْتَ صَانِعاً فِي حَجِّكَ؟» . قال: أنْزِعُ عَنِّي هَذِهِ الثِّيَابَ، وَأغْسِلُ عَنِّي هَذَا الخَلُوقَ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ:«مَا كُنْتَ صَانِعاً فِي حَجِّكَ، فَاصْنَعْهُ فِي عُمْرَتِكَ» . متفق عليه (1).
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1536) ، ومسلم برقم (1180) ، واللفظ له.
- الفرق بين إحرام الرجل والمرأة:
المرأة كالرجل في المنع من محظورات الإحرام إلا فيما يلي:
1 -
لبس المخيط، فلها أن تلبس من الثياب ما شاءت غير متبرجة.
2 -
تغطية الرأس، فلها أن تغطي رأسها.
3 -
تغطية الوجه عند الرجال الأجانب بما يستره، ولكن لا تلبس النقاب ولا البرقع ولا القفازين.
- ما يجوز للمحرم قتله وصيده:
1 -
ذبح الحيوانات والطيور الأهلية المباحة كبهيمة الأنعام، والدجاج والحمام ونحو ذلك.
قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ (1)} [المائدة:1].
2 -
صيد البحر.
قال الله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (96)} [المائدة:96].
3 -
قتل محرم الأكل المفترس وهو كل ذي ناب من السباع كالأسد، والنمر، وكل ذي مخلب من الطير كالصقر والنسر.
4 -
قتل كل ما أمر الشرع بقتله، وكل ما يؤذي، وكل ما لا يؤمن أذاه كالحية، والعقرب، والفأرة، والكلب العقور ونحوها.
ويجوز قتل البعوض والذباب والقمل والبراغيث إذا كانت تؤذيه.
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ، كُلُّهُنَّ
فَاسِقٌ، يُقْتَلْنَ فِي الحَرَمِ: الغُرَابُ، وَالحِدَأةُ، وَالعَقْرَبُ، وَالفَأْرَةُ، وَالكَلْبُ العَقُورُ». متفق عليه (1).
5 -
قتل الآدمي الصائل عليه إذا لم يندفع إلا بالقتل.
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ! أرَأيْتَ إنْ جَاءَ رَجُلٌ يُرِيدُ أخْذَ مَالِي؟ قال: «فَلا تُعْطِهِ مَالَكَ» . قال: أرَأيْتَ إنْ قَاتَلَنِي؟ قال: «قَاتِلْهُ» . قال: أرَأيْتَ إنْ قَتَلَنِي؟ قال: «فَأنْتَ شَهِيدٌ» . قال: أرَأيْتَ إنْ قَتَلْتُهُ؟ قال: «هُوَ فِي النَّارِ» . أخرجه مسلم (2).
- حكم الأضحية للحاج:
السنة لمن أراد الحج الاكتفاء بالهدي عن الأضحية؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ذبح الهدي، ولم يُضح في حجته.
ومن أراد أن يضحي، وحج في عشر ذي الحجة، فلا ينبغي له عند الإحرام أن يأخذ من بدنه وشعره وظفره شيئاً، لكن يجوز له حلق رأسه أو تقصيره فقط إن كان متمتعاً، لكون الحلق أو التقصير نسكاً.
عَنْ أُمّ سَلَمَةَ رضي الله عنها أَنّ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا دَخَلَتِ العَشْرُ، وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحّيَ، فَلَا يَمَسّ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئاً» . أخرجه مسلم (3).
- حكم من أحرم بالحج ثم فاته:
من أحرم بالحج، ثم فاته الحج لعذر فلا إثم عليه، ويتحلل بعمرة، ثم يرجع إلى بلده، فإذا كان العام القادم حج وأهدى ما تيسر من الهدي.
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1829) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1198).
(2)
أخرجه مسلم برقم (140).
(3)
أخرجه مسلم برقم (1977).
- حكم الإحرام بالثياب:
1 -
يجب على المحرم الذكر أن يحرم بالإزار والرداء، ويحرم عليه لبس المخيط، وتُحرم المرأة فيما شاءت من الثياب غير متبرجة.
2 -
مَنْ طبيعة عمله تتطلب لباساً خاصاً كالجنود وأمثالهم فهؤلاء من لم يتمكن منهم من لباس الإحرام يُحرم بلباسه، وعليه فدية الأذى صيام، أو طعام، أو ذبيحة.
- حكم الإحرام بالخفين:
1 -
السنة أن يحرم الرجل بالنعلين ولا يجوز له أن يحرم بالخفين ولا الجوربين إلا إذا لم يجد النعلين، فيلبس الخفين ولا يقطعهما.
والخف: كل ما يغطي الكعبين.
2 -
يجوز للمرأة أن تحرم بالخفين أو الجوربين أو النعلين.
3 -
لا يجوز للمحرم ولا المحرمة لبس القفازين.
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: خَطَبَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِعَرَفَاتٍ، فَقال:«مَنْ لَمْ يَجِدِ الإزَارَ فَلْيَلْبَسِ السَّرَاوِيلَ، وَمَنْ لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسِ الخُفَّيْنِ» . متفق عليه (1).
- حكم المرأة المتمتعة إذا حاضت قبل الطواف:
1 -
إذا حاضت المرأة المحرمة المتمتعة قبل الطواف مكثت حتى تطهر، ثم
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1843) ، ومسلم برقم (1178).
تغتسل، ثم تكمل عمرتها، ثم تحل، ثم تحرم بالحج فيما بعد.
2 -
إذا حاضت المرأة المتمتعة قبل الطواف، وخشيت فوات الحج، رفضت العمرة، وأحرمت بالحج، وصارت قارنة، ومثلها المعذور بمرض، أو زحام، أو ضيق وقت ونحو ذلك.
3 -
إن أصاب الحيض المرأة المتمتعة أثناء الطواف خرجت منه، وأحرمت بالحج، وصارت قارنة.
4 -
الحائض والنفساء تفعل مناسك الحج كلها غير الطواف بالبيت، فلا تطوف حتى تطهر.
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: خَرَجْنَا مُوَافِينَ لِهِلالِ ذِي الحِجَّةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ أحَبَّ أنْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ فَلْيُهْلِلْ، فَإنِّي لَوْلا أنِّي أهْدَيْتُ لأهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ» . فَأهَلَّ بَعْضُهُمْ بِعُمْرَةٍ وَأهَلَّ بَعْضُهُمْ بِحَجٍّ وَكُنْتُ أنَا مِمَّنْ أهَلَّ بِعُمْرَةٍ، فَأدْرَكَنِي يَوْمُ عَرَفَةَ وَأنَا حَائِضٌ، فَشَكَوْتُ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:«دَعِي عُمْرَتَكِ، وَانْقُضِي رَأْسَكِ، وَامْتَشِطِي وَأهِلِّي بِحَجٍّ» . فَفَعَلْتُ، حَتَّى إذَا كَانَ لَيْلَةُ الحَصْبَةِ، أرْسَلَ مَعِي أخِي عَبْدَالرَّحْمَن بْنَ أبِي بَكْرٍ، فَخَرَجْتُ إلَى
التَّنْعِيمِ، فَأهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ مَكَانَ عُمْرَتِي. متفق عليه (1).
- مراتب الوطء في الحج:
مراتب الوطء في الحج أربع:
الأولى: أن يطأ المُحْرم زوجته قبل عرفة، أو في عرفة، أو بعد عرفة قبل التحلل الأول.
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (317) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1211).
فهذا حجه فاسد، ويلزمه إتمامه، وهو آثم، وعليه قضاؤه، وعليه الفدية بدنة.
الثانية: أن يطأ زوجته بعد التحلل الأول.
فهذا حجه صحيح، لكنه آثم، وعليه فدية الأذى.
الثالثة: أن يطأ زوجته بعد التحلل الثاني.
فهذا جائز، وحجه صحيح، ولا إثم عليه ولا فدية.
الرابعة: أن يجامع زوجته ناسياً أو جاهلاً أو مكرهاً.
فهذا حجه صحيح، ولا إثم عليه ولا فدية.