الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
17 - المساقاة والمزارعة
- المساقاة: هي دفع شجر له ثمر إلى آخر ليقوم بسقيه بجزء معلوم مشاع من ثمره كالربع أو النصف ونحوهما، والباقي للمالك.
- المزارعة: هي دفع أرض لمن يزرعها بجزء معلوم مشاع مما يخرج منها كالنصف أو الربع ونحوهما، والباقي لمالك الأرض.
- فضل المساقاة والمزارعة:
عَنْ أنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْساً أوْ يَزْرَعُ زَرْعاً، فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ، أوْ إِنْسَانٌ، أوْ بَهِيمَةٌ، إِلا كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ» . متفق عليه (1).
- حكمة مشروعية المساقاة والمزارعة:
الله عز وجل قسّم الأرزاق والطاقات بين الناس، فمن الناس من يملك الأرض والشجر، أو يملك الأرض والحب، ولكنه لا يستطيع سقيها والعناية بها، إما لعدم معرفته، أو لانشغاله، أو لعدم قدرته، ومن الناس من يملك القدرة على العمل، لكنه لا يملك الأرض والشجر.
فلمصلحة الطرفين أباح الإسلام المساقاة والمزارعة؛ عمارة للأرض، وتنمية للثروة، وتشغيلاً للأيدي العاملة التي تملك القدرة على العمل، ولا تملك المال والشجر.
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2320) ، ومسلم برقم (1553).
- حكم المساقاة والمزارعة:
1 -
تجوز المساقاة والمزارعة بجزء مشاع معلوم مما يخرج من الزرع والثمر كالنصف أو الربع ونحوهما.
والمساقاة والمزارعة عقد لازم، لا يجوز فسخهما إلا برضاهما.
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَامَلَ أَهْلَ خَيْبَرَ بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ. متفق عليه (1).
2 -
لا تجوز المساقاة والمزارعة إذا كان النصيب معيناً من الثمر أو الزرع كالذي على الجداول أو السواقي، أو يحدد بقعة معينة من الزرع، أو نخلاً أو شجراً معيناً، أو يقول المالك هذه الجهة لي، وهذه الجهة لك، فهذه مزارعة ومساقاة مجهولة؛ لأنه لا يعلم عاقبة الأمر، فربما صح هذا، وتلف هذا، فمُنع من أجل جهالته وخطره، وهذه المزارعة تسمى المخابرة.
عَنْ حَنْظَلَة بن قَيْسٍ الأَنْصَارِيّ قَالَ: سَأَلتُ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ عَنْ كِرَاءِ الأَرْضِ بِالذَّهَبِ وَالوَرِقِ؟ فَقَالَ: لا بَأْسَ بِهِ، إِنَّمَا كَانَ النَّاسُ يُؤَاجِرُونَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى المَاذِيَانَاتِ، وَأَقْبَالِ الجَدَاوِلِ وَأَشْيَاءَ مِنَ الزَّرْعِ فَيَهْلِكُ هَذَا وَيَسْلَمُ هَذَا، وَيَسْلَمُ هَذَا، وَيَهْلِكُ هَذَا، فَلَمْ يَكُنْ لِلنَّاسِ كِرَاءٌ إِلا هَذَا، فَلِذَلِكَ زُجِرَ عَنْهُ فَأَمَّا شَيْءٌ مَعْلُومٌ مَضْمُونٌ فَلا بَأْسَ بِهِ. أخرجه مسلم (2).
وهذه المزارعة فاسدة ممنوعة، منهي عنها.
عَنْ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ المُزَارَعَةِ.
أخرجه مسلم (3).
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2328) ، ومسلم برقم (1551) ، واللفظ له.
(2)
أخرجه مسلم برقم (1547).
(3)
أخرجه مسلم برقم (1549).
- حكم الجمع بين المساقاة والمزارعة:
يجوز الجمع بين المساقاة والمزارعة في بستان واحد، بأن يساقيه على الشجر بجزء معلوم مشاع من الثمرة، ويزرعه الأرض بجزء معلوم مشاع من المزروع.
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: عَامَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ ثَمَرٍ أوْ زَرْعٍ. متفق عليه (1).
- شروط المزارعة:
يشترط لصحة المزارعة ما يلي:
1 -
أهلية العاقدين ورضاهما.
2 -
صلاحية الأرض للزراعة.
3 -
تسليم الأرض للعامل.
4 -
بيان مَنْ عليه البذر منعاً للنزاع.
5 -
بيان نصيب كل من العاقدين بجزء مشاع كالنصف أو الربع ونحوهما.
6 -
معرفة جنس البذر وقدره.
- أحوال المزارعة:
للمزارعة أربعة أحوال هي:
1 -
أن تكون الأرض والبذر من واحد، والعمل وآلة العمل من واحد.
2 -
أن تكون الأرض لواحد، والبذر والعمل وآلة العمل من واحد.
3 -
أن تكون الأرض والبذر وآلة العمل لواحد، والعمل من واحد.
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2329) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1551).
4 -
أن تكون الأرض وآلة العمل كالحراثة لواحد، والعمل والبذر من واحد.
وكل هذه الصور جائزة بين الطرفين متى حصل التراضي، وانتفى الجهل والغرر والضرر.
- ما يجوز به إجارة الأرض:
تجوز إجارة الأرض بالنقود .. وبالذهب والفضة .. وبجزء معلوم مشاع مما يخرج منها من ثمر، أو زرع كالنصف، أو الربع ونحوهما .. وبكل ما يعد مالاً.
1 -
عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ قَيْسٍ أَنَّهُ سَأَلَ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ عَنْ كِرَاءِ الأَرْضِ؟ فَقَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ كِرَاءِ الأَرْض، ِ قَالَ: فَقُلتُ أَبِالذَّهَبِ وَالوَرِقِ؟ فَقَالَ: أَمَّا بِالذَّهَبِ وَالوَرِقِ فَلا بَأْسَ بِهِ. أخرجه مسلم (1).
2 -
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أعْطَى خَيْبَرَ اليَهُودَ، عَلَى أنْ يَعْمَلُوهَا وَيَزْرَعُوهَا، وَلَهُمْ شَطْرُ مَا خَرَجَ مِنْهَا. متفق عليه (2).
- حكم المساقاة والمزارعة مع الكفار:
المساقاة والمزارعة من عقود المعاوضة التي تجوز مع المسلم والكافر بشروطها الشرعية المعتبرة.
عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ دَفَعَ إِلَى يَهُودِ خَيْبَرَ نَخْلَ خَيْبَرَ وَأَرْضَهَا، عَلَى أَنْ يَعْتَمِلُوهَا مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَلِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم
شَطْرُ ثَمَرِهَا. متفق عليه (3).
(1) أخرجه مسلم برقم (1547).
(2)
متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2331) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1551).
(3)
متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2285) ، ومسلم برقم (1551) ، واللفظ له.
- عقوبة التوسع في الأعمال:
عَنْ أبِي أمَامَةَ البَاهِلِيِّ رضي الله عنه -وَرَأى سِكَّةً وَشَيْئاً مِنْ آلَةِ الحَرْثِ- فَقالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لا يَدْخُلُ هَذَا بَيْتَ قَوْمٍ إِلا أدْخَلَهُ اللهُ الذُّلَّ» . أخرجه البخاري (1).
- فضل المواساة في المزارعة:
الأفضل للمسلم مواساة أخيه المحتاج، فإذا ملك أرضاً وهو لا يريد أن يزرعها فالأحسن أن يعطيها لأخيه ليزرعها وله أجرها وثوابها.
1 -
عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: كَانُوا يَزْرَعُونَهَا بِالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ وَالنِّصْفِ، فَقال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ كَانَتْ لَهُ أرْضٌ فَليَزْرَعْهَا، أوْ لِيَمْنَحْهَا، فَإِنْ لَمْ يَفْعَل فَليُمْسِكْ أرْضَهُ» . متفق عليه (2).
2 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ إِلَى أرْضٍ تَهْتَزُّ زَرْعاً، فَقال:«لِمَنْ هَذِهِ؟» . فَقالوا: اكْتَرَاهَا فُلانٌ، فَقال:«أمَا إِنَّهُ لَوْ مَنَحَهَا إِيَّاهُ، كَانَ خَيْراً لَهُ مِنْ أنْ يَأْخُذَ عَلَيْهَا أجْراً مَعْلُوماً» . متفق عليه (3).
- صفة الزراعة في الجنة:
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَوْماً يُحَدِّثُ، وَعِنْدَهُ رَجُلٌ مِنْ أهْلِ البَادِيَةِ: «أنَّ رَجُلا مِنْ أهْلِ الجَنَّةِ اسْتَأْذَنَ رَبَّهُ فِي الزَّرْعِ، فَقال لَهُ: ألَسْتَ
فِيمَا شِئْتَ؟ قال: بَلَى، وَلَكِنِّي أحِبُّ أنْ أزْرَعَ، قال: فَبَذَرَ، فَبَادَرَ الطَّرْفَ نَبَاتُهُ وَاسْتِوَاؤُهُ وَاسْتِحْصَادُهُ، فَكَانَ أمْثَالَ الجِبَالِ، فَيَقُولُ اللهُ: دُونَكَ يَا ابْنَ آدَمَ،
(1) أخرجه البخاري برقم (2321).
(2)
متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2340) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1536).
(3)
متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2634) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1550).
فَإِنَّهُ لا يُشْبِعُكَ شَيْءٌ». أخرجه البخاري (1).
- حكم المغارسة:
المغارسة: هي أن يدفع الرجل أرضه لمن يغرس فيها شجراً أو نخلاً، ويكون للعامل نصيب مقدر من الأرض والشجر كالربع والنصف ونحوهما.
وهي جائزة إذا حصل التراضي، وانتفى الجهل والغرر.
- حكم بيع المحاقلة والمخاضرة والمخابرة:
1 -
المحاقلة: بيع الحب بعد اشتداده في سنبله بحب من جنسه مُصفى.
وهذه الصورة محرمة؛ لما فيها من الجهالة والربا.
2 -
المخاضرة: هي بيع الثمار والحبوب قبل بدو صلاحها مع عدم القطع في الحال.
وهذه الصورة محرمة؛ لما فيها من الجهالة والغرر.
3 -
المخابرة: هي أن يكري الأرض، ويكون لصاحب الأرض جانب معين من الزرع، وللمزارع الجانب الآخر.
وهذه هي المزارعة الفاسدة، وهي محرمة؛ لما فيها من الجهالة والضرر.
1 -
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللهِ رضي الله عنه قَالَ: نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنِ المُخَابَرَةِ وَالمُحَاقَلَةِ، وَعَنِ المُزَابَنَةِ، وَعَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاحُهَا، وَأنْ لا تُبَاعَ
إِلا بِالدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ إِلا العَرَايَا. متفق عليه (2).
2 -
وَعَنْ أنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أنَّهُ قال: نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ المُحَاقَلَةِ،
(1) أخرجه البخاري برقم (2348).
(2)
متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2381) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1536).
وَالمُخَاضَرَةِ، وَالمُلامَسَةِ، وَالمُنَابَذَةِ، وَالمُزَابَنَةِ. أخرجه البخاري (1).
- حكم منع فضل الماء:
يجب على المسلم إذا استغنى عن بعض الماء أن يعطيه لأخيه المحتاج.
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لا تَمْنَعُوا فَضْلَ المَاءِ لِتَمْنَعُوا بِهِ فَضْلَ الكَلأ» . متفق عليه (2).
- فضل سقي الماء:
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «بَيْنَا رَجُلٌ يَمْشِي، فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ العَطَشُ، فَنَزَلَ بِئْراً فَشَرِبَ مِنْهَا، ثُمَّ خَرَجَ فَإِذَا هُوَ بِكَلبٍ يَلهَثُ، يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ العَطَشِ، فَقال: لَقَدْ بَلَغَ هَذَا مِثْلُ الَّذِي بَلَغَ بِي، فَمَلأ خُفَّهُ ثُمَّ أمْسَكَهُ بِفِيهِ، ثُمَّ رَقِيَ فَسَقَى الكَلبَ، فَشَكَرَ اللهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ» . قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَإِنَّ لَنَا فِي البَهَائِمِ أجْراً؟ قال:«فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أجْرٌ» . متفق عليه (3).
- حكم من منع ابن السبيل الماء:
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «ثَلاثَةٌ لا يَنْظُرُ اللهُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ القِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ ألِيمٌ: رَجُلٌ كَانَ لَهُ فَضْلُ مَاءٍ بِالطَّرِيقِ فَمَنَعَهُ مِنِ ابْنِ السَّبِيلِ، وَرَجُلٌ بَايَعَ إِمَاماً لا يُبَايِعُهُ إِلا لِدُنْيَا، فَإِنْ
أعْطَاهُ مِنْهَا رَضِيَ وَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ مِنْهَا سَخِطَ، وَرَجُلٌ أقَامَ سِلعَتَهُ بَعْدَ العَصْرِ فَقال: وَاللهِ الَّذِي لا إِلَهَ غَيْرُهُ، لَقَدْ أعْطَيْتُ بِهَا كَذَا وَكَذَا، فَصَدَّقَهُ رَجُلٌ». ثُمَّ قَرَأ هَذِهِ الآيَةَ:{إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} . متفق عليه (4).
(1) أخرجه البخاري برقم (2207).
(2)
متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2354) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1566).
(3)
متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2363) ، واللفظ له، ومسلم برقم (2244).
(4)
متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2358) ، واللفظ له، ومسلم برقم (108).