المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مفاتيح الرزق الحلال - موسوعة الفقه الإسلامي - التويجري - جـ ٣

[محمد بن إبراهيم التويجري]

فهرس الكتاب

- ‌4 - كتاب الزكاة

- ‌1 - الزكاة المفروضة

- ‌1 - الأموال التي تجب فيها الزكاة

- ‌1 - زكاة الذهب والفضة

- ‌2 - زكاة الأوراق النقدية

- ‌3 - زكاة عروض التجارة

- ‌4 - زكاة بهيمة الأنعام

- ‌5 - زكاة الحبوب والثمار

- ‌6 - زكاة الركاز

- ‌7 - زكاة المعادن

- ‌2 - إخراج الزكاة

- ‌3 - آداب إخراج الزكاة

- ‌4 - أهل الزكاة

- ‌2 - زكاة الفطر

- ‌3 - صدقة التطوع

- ‌5 - كتاب الصيام

- ‌1 - فقه الصيام

- ‌2 - حكم الصيام

- ‌3 - فضائل الصيام

- ‌4 - أقسام الصيام

- ‌5 - أحكام الصيام

- ‌6 - سنن الصيام

- ‌7 - ما يجب على الصائم

- ‌8 - ما يحرم على الصائم

- ‌9 - ما يكره للصائم

- ‌10 - ما يجوز للصائم

- ‌11 - أقسام المفطرات

- ‌12 - قضاء الصيام

- ‌13 - صيام التطوع

- ‌14 - الاعتكاف

- ‌6 - كتاب الحج والعمرة

- ‌1 - شعائر الحج والعمرة

- ‌2 - حكم الحج والعمرة

- ‌1 - الحج

- ‌2 - العمرة

- ‌3 - شروط الحج والعمرة

- ‌4 - أركان الحج والعمرة

- ‌5 - واجبات الحج والعمرة

- ‌6 - سنن الحج والعمرة

- ‌7 - مواقيت الحج والعمرة

- ‌8 - باب الإحرام

- ‌9 - باب الفدية

- ‌10 - باب الهدي

- ‌11 - صفة العمرة

- ‌12 - صفة الحج

- ‌13 - صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌14 - أحكام الحج والعمرة

- ‌15 - زيارة المسجد النبوي

- ‌الباب الحادي عشركتاب المعاملات

- ‌1 - كتاب البيع

- ‌مفاتيح الرزق الحلال

- ‌أركان البيع

- ‌شروط البيع

- ‌البيوع المباحة

- ‌البيوع المنهي عنها

- ‌1 - البيوع الممنوعة بسبب العاقد

- ‌2 - البيوع الممنوعة بسبب صيغة العقد

- ‌3 - البيوع الممنوعة بسبب المعقود عليه

- ‌1 - البيوع المحرمة بسبب الغرر والجهالة

- ‌2 - البيوع المحرمة بسبب الربا

- ‌3 - البيوع المحرمة بسبب الضرر والخداع

- ‌4 - البيوع المحرمة لذاتها

- ‌5 - البيوع المحرمة لغيرها

- ‌4 - البيوع الممنوعة بسبب وصف أو شرط أو نهي شرعي

- ‌أحكام البيع

- ‌2 - الخيار

- ‌3 - السَّلَم

- ‌4 - الربا

- ‌5 - القرض

- ‌6 - الرهن

- ‌7 - الضمان

- ‌8 - الكفالة

- ‌9 - الحوالة

- ‌10 - الوكالة

- ‌11 - الإجارة

- ‌12 - الجعالة

- ‌13 - الوديعة

- ‌14 - العارية

- ‌15 - الشركة

- ‌الشركات المعاصرة

- ‌16 - الشفعة

- ‌17 - المساقاة والمزارعة

- ‌18 - إحياء الموات

- ‌19 - المسابقة

- ‌20 - اللقطة

- ‌21 - الغصب

- ‌22 - الحَجْر

- ‌23 - الصلح

- ‌24 - القسمة

- ‌25 - الهبة

- ‌26 - الوصية

- ‌27 - الوقف

- ‌28 - العتق

الفصل: ‌مفاتيح الرزق الحلال

‌مفاتيح الرزق الحلال

- أهم مفاتيح الرزق التي يُستنزل بها الرزق من الله عز وجل:

1 -

تقوى الله عز وجل:

1 -

قال الله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (96)} [الأعراف:96].

2 -

وقال الله تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} [الطلاق:2 - 3].

2 -

الاستغفار والتوبة إلى الله:

1 -

قال الله تعالى: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا (12)} [نوح:10 - 12].

2 -

وقال الله تعالى: {وَيَاقَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ (52)} [هود:52].

3 -

التوكل على الله عز وجل:

1 -

قال الله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (3)} [الطلاق:3].

2 -

وَعَنْ عُمَرَ بنِ الخَطّابِ رضي الله عنه قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لَوْ أَنَّكُمْ تَوَكَّلْتُمْ عَلَى اللهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ تَغْدُو خِمَاصاً وَتَرُوحُ بطَاناً» . أخرجه الترمذي وابن ماجه (1).

(1) صحيح/ أخرجه الترمذي برقم (2344) ، وأخرجه ابن ماجه برقم (4164) ، وهذا لفظه.

ص: 372

4 -

اجتناب المعاصي:

قال الله تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (41)} [الروم:41].

5 -

الدعاء:

1 -

قال الله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186)} [البقرة:186].

2 -

وقال الله تعالى: {قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (114) قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ (115)} [المائدة:114 - 115].

6 -

الإنفاق في سبيل الله تعالى:

1 -

قال الله تعالى: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (39)} [سبأ:39].

2 -

وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «قالَ اللهُ تبارك وتعالى: يَاابْنَ آدَمَ! أنْفِقْ أنْفِقْ عَلَيْكَ» . أخرجه مسلم (1).

7 -

الإنفاق على أهل العلم:

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ أَخَوَانِ عَلَى عَهْدِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فَكَانَ أَحَدُهُمَا يَأْتِي النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم وَالآخَرُ يَحْتَرِفُ فَشَكَا المُحْتَرِفُ أَخَاهُ إِلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم

فَقَالَ: َ «لَعَلَّكَ تُرْزَقُ بهِ» . أخرجه الترمذي (2).

(1) أخرجه مسلم برقم (993).

(2)

صحيح/ أخرجه الترمذي برقم (2345).

ص: 373

8 -

إكرام الضعفاء والإحسان إليهم:

عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: رَأى سَعْدٌ رضي الله عنه أنَّ لَهُ فَضْلاً عَلَى مَنْ دُونَهُ، فَقال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«هَلْ تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إِلَاّ بِضُعَفَائِكُمْ» . أخرجه البخاري (1).

9 -

صلة الرحم:

عَنْ أنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ سَرَّهُ أنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، أوْ يُنْسَأ لَهُ فِي أثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ» . متفق عليه (2).

10 -

التبكير في طلب الرزق:

عَنْ صَخْرٍ الغَامِدِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «اللَّهُمَّ بَارِكْ لأمَّتِي فِي بُكُورِهَا» . وَكَانَ إِذا بَعَث سَرِيَّةً أَوْ جَيْشاً بَعَثهُمْ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ وَكَانَ صَخْرٌ رَجُلاً تَاجِراً وَكَانَ يَبْعَث تِجَارَتَهُ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ فَأَثرَى وَكَثرَ مَالُهُ. أخرجه أبو داود والترمذي (3).

11 -

الهجرة في سبيل الله تعالى:

قال الله تعالى: {وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (100)} [النساء:100].

12 -

التفرغ لعبادة الله عز وجل:

ومعناه: حضور القلب وخشوعه وخضوعه للهِ أثناء العبادة.

(1) أخرجه البخاري برقم (2896).

(2)

متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2067) ، واللفظ له، ومسلم برقم (2557).

(3)

صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (2606) ، وهذا لفظه، وأخرجه الترمذي برقم (1212).

ص: 374

عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «يَقُولُ رَبُّكُمْ تبارك وتعالى: يَا ابْنَ آدَمَ، تَفَرَّغْ لِعِبَادَتِي، أَمْلأْ قَلْبَكَ غِنىً، وَأَمْلأْ يَدَيْكَ رِزْقاً، يَا ابْنَ آدَمَ، لا تَبَاعَدْ مِنِّي، فَأَمْلأْ قَلْبَكَ فَقْراً، وَأَمْلأْ يَدَيْكَ شُغْلاً» . أخرجه الحاكم (1).

13 -

الاستعاذة بالله من المأثم والمَغْرم:

عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَدْعُو فِي الصَّلاةِ: «اللَّهُمَّ! إِنِّي أعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ، وَأعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجَّالِ، وَأعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ المَحْيَا وَالمَمَاتِ، اللَّهُمَّ! إِنِّي أعُوذُ بِكَ مِنَ المَأْثَمِ وَالمَغْرَمِ» . قَالَتْ: فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ: مَا أكْثَرَ مَا تَسْتَعِيذُ مِنَ المَغْرَمِ يَا رَسُولَ اللهِ! فَقَالَ: «إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا غَرِمَ، حَدَّثَ فَكَذَبَ، وَوَعَدَ فَأخْلَفَ» . متفق عليه (2).

14 -

المتابعة بين الحج والعمرة:

عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «تَابعُوا بَيْنَ الحَجِّ وَالعُمْرَةِ فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الفَقْرَ وَالذنُوبَ كَمَا يَنْفِي الكِيرُ خَبَث الحَدِيدِ وَالذهَب وَالفِضَّةِ وَلَيْسَ لِلْحَجَّةِ المَبْرُورَةِ ثوَابٌ إِلَاّ الجَنَّةُ» . أخرجه الترمذي والنسائي (3).

- كيفية الحصول على الأموال:

يحصل الناس على الأموال من خمسة أبواب:

الأول: باب الإيمان والتقوى: كمن يحصل على رزقه بالإيمان والأعمال الصالحة كالاستغفار، والتقوى، وحسن الخلق، وصلة الرحم، والإحسان

(1) صحيح/ أخرجه الحاكم برقم (7926) ، انظر السلسلة الصحيحة رقم (1359).

(2)

متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6375) ، ومسلم برقم (589) ، واللفظ له.

(3)

حسن/ أخرجه الترمذي برقم (810) ، وهذا لفظه، وأخرجه النسائي برقم (2631).

ص: 375

إلى الخَلق، والهجرة والإنفاق في سبيل الله ونحو ذلك.

الثاني: باب المجاهدة والتعب، كالبيع والشراء، والتجارة والصناعة والزراعة ونحو ذلك مما أحل الله.

الثالث: باب الحقوق والواجبات والمستحبات.

فيأتيه المال بلا تعب عن طريق الوصية، أو الوقف، أو الميراث، أو الزكاة، أو الصدقة، أو الهدية ونحو ذلك.

الرابع: باب المحرمات، كمن يأخذ المال بطريق الربا، أو السرقة، أو الغصب، أو الغش، أو الاحتكار، أو الميسر، أو القمار، أو الرشوة ونحو ذلك من أكل أموال الناس بالباطل.

الخامس: باب الذل والهوان، كمن يسأل الناس ويتذلل لهم ليعطوه.

فالأول أعلاها وأشرفها وأزكاها، وهو طريق الأنبياء والصالحين .. والثاني مباح مأمور به شرعاً .. والثالث مباح شرعاً .. والرابع أخطرها وأشدها إثماً .. والخامس أخسها وأدناها.

1 -

قال الله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (96)} [الأعراف:96].

2 -

وقال الله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (65) وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ (66)} [المائدة:65 - 66].

ص: 376

- الأسباب التي يحصل بها الرزق:

الأسباب التي يحصل بها الرزق كثيرة، وهي من جملة ما قدره الله وكتبه.

فإذا قدَّر الله أنه يرزق العبد بسعيه وكسبه ألهمه السعي والاكتساب.

وما قدَّر الله له من الرزق بغير اكتساب يأتيه بغير اكتساب عن طريق الميراث، أو الوصية، أو الهدية ونحوها.

وأكثر الذين يعجزون عن الأسباب يُرزقون على أيدي من يعطيهم إما هدية، أو صدقة، أو نذر، أو كفارة أو غيرها.

والتاجر يفعل السبب المأمور به، ويتوكل على الله فيما يخرج عن قدرته.

وغاية قدرته تحصيل السلعة ونقلها وعرضها.

أما إلقاء الرغبة في قلب من يطلبها، وبذل الثمن الذي يربح به، ووقت البيع، فهذا كله بيد الله وحده، وليس مقدوراً للعبد.

1 -

قال الله تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (6)} [هود:6].

2 -

وقال الله تعالى: {أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (32)} [الزُّخرُف:32].

- فقه الرزق:

من جاءه المال عن طريق الكسب الحلال، أو الميراث، أو الهدية ونحو ذلك فهذا من الرزق الذي أباحه الله عز وجل.

ومن سرق وأكل الحرام فليس هذا من الرزق الذي أباحه الله له، ولكن هذا

ص: 377

الرزق الذي سبق به علم الله وقدره.

فكما أن الله كتب على العبد ما يعمله من خير وشر، وهو يثيبه على الخير، ويعاقبه على الشر، فكذلك كتب ما يرزقه العبد من حلال وحرام، وهو يثيبه على الحلال، ويعاقبه على الحرام، وكل ذلك واقع بمشيئة الله وقدره، ولا عذر لأحد بالقدر.

بل القدر نؤمن به، ولا نحتج به على ركوب المعاصي.

والرزق الحلال الذي ضمنه الله لعباده هو لمن يتقيه، بأن يجعل له مخرجاً، ويرزقه من حيث لا يحتسب.

ومن ليس من المتقين ضمن له ما يناسبه، بأن يمنحه ما يعيش به في الدنيا، ثم يعاقبه في الآخرة.

والله عز وجل أباح الرزق لمن يستعين به على طاعة الله، ولم يبحه لمن يستعين به على معصيته.

1 -

قال الله تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (3)} [الطلاق:2 - 3].

2 -

وقال الله تعالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (32)} [الأعراف:32].

ص: 378

- هل يزيد الرزق وينقص؟:

الرزق نوعان:

أحدهما: ما كتبه الله وعلمه وقدره أنه يرزقه عبده، فهذا لا يتغير.

الثاني: ما كتبه الله وأعلم به الملائكة.

فهذا يزيد وينقص بحسب الأسباب، فإن الله يأمر الملك أن يكتب رزق العبد وأجله، وإن وصل رحمه زاده الله.

1 -

عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ سَرَّهُ أنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، أوْ يُنْسَأ لَهُ فِي أثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ» . أخرجه البخاري (1).

2 -

وَعَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «يَدْخُلُ المَلَكُ عَلَى النُّطْفَةِ بَعْدَ مَا تَسْتَقِرُّ فِى الرَّحِمِ بِأَرْبَعِينَ أَوْ خَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ أَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ؟ فَيُكْتَبَانِ. فَيَقُولُ: أَىْ رَبِّ أَذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى؟ فَيُكْتَبَانِ. وَيُكْتَبُ عَمَلُهُ، وَأَثَرُهُ، وَأَجَلُهُ، وَرِزْقُهُ، ثُمَّ تُطْوَى الصُّحُفُ، فَلَا يُزَادُ فِيهَا وَلَا يُنْقَصُ» . أخرجه مسلم (2).

- كيفية التصرف في المال:

المال نعمة من نِعم الله على عباده، جعله الله سبباً لقضاء حوائج الناس.

وقد انقسم الصحابة رضي الله عنهم بعد الفتوح إلى ثلاثة أقسام:

الأول: من أعرض عن المال، وواسى به المحاويج، وبقي على عيشة الكفاف.

وهؤلاء قليل، ومنهم أبو ذر رضي الله عنه.

(1) أخرجه البخاري برقم (5985).

(2)

أخرجه مسلم برقم (2644).

ص: 379

الثاني: من تَبَسَّطَ ببعض المباح فيما يتعلق بكثرة النساء، والخدم، والملابس ونحوها ولم يستكثر.

وهؤلاء كثير، ومنهم عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.

الثالث: من زاد فاستكثر بالتجارة وغيرها، مع القيام بالحقوق الواجبة والمندوبة.

وهؤلاء كثير، ومنهم عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه.

وفي كلٍّ خير، وكلٌّ ميسَّر لما خُلق له، واليد العليا خير من اليد السفلى.

1 -

قال الله تعالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (32)} [الأعراف:32].

2 -

وقال الله تعالى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (274)} [البقرة:274].

3 -

وقال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (9) فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (10)} [الجمعة:9 - 10].

- أحوال الأغنياء يوم القيامة:

الأغنياء يوم القيامة نوعان:

1 -

أغنياء متقون أنفقوا أموالهم في سبيل الله ومرضاته وفيما أحل الله.

فهؤلاء في الجنة، ودرجاتهم بحسب إيمانهم وأعمالهم وإنفاقهم.

ص: 380

قال الله تعالى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (262)} [البقرة:262].

2 -

أغنياء فجار أنفقوا أموالهم في معصية الله، وفيما حرم الله.

فهؤلاء في النار يوم القيامة، وعذابهم بقدر فجورهم وإنفاقهم.

1 -

قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ (36)} [الأنفال:36].

2 -

وَعَنْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شِبْلٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّ التُّجَّارَ هُمُ الْفُجَّارُ» . قِيلَ يَا رَسُولَ اللهِ: أَوَلَيْسَ قَدْ أَحَلّ اللهُ البَيْعَ؟ قال: «بَلَى، وَلَكِنَّهُمْ يُحَدِّثُونَ فَيَكْذِبُونَ، وَيَحْلِفُونَ وَيَأْثَمُونَ» . أخرجه أحمد (1).

(1) صحيح/ أخرجه أحمد برقم (15530).

ص: 381