المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌شروط البيع - أنواع الشروط: يجب أن يتوفر في عقد البيع أربعة - موسوعة الفقه الإسلامي - التويجري - جـ ٣

[محمد بن إبراهيم التويجري]

فهرس الكتاب

- ‌4 - كتاب الزكاة

- ‌1 - الزكاة المفروضة

- ‌1 - الأموال التي تجب فيها الزكاة

- ‌1 - زكاة الذهب والفضة

- ‌2 - زكاة الأوراق النقدية

- ‌3 - زكاة عروض التجارة

- ‌4 - زكاة بهيمة الأنعام

- ‌5 - زكاة الحبوب والثمار

- ‌6 - زكاة الركاز

- ‌7 - زكاة المعادن

- ‌2 - إخراج الزكاة

- ‌3 - آداب إخراج الزكاة

- ‌4 - أهل الزكاة

- ‌2 - زكاة الفطر

- ‌3 - صدقة التطوع

- ‌5 - كتاب الصيام

- ‌1 - فقه الصيام

- ‌2 - حكم الصيام

- ‌3 - فضائل الصيام

- ‌4 - أقسام الصيام

- ‌5 - أحكام الصيام

- ‌6 - سنن الصيام

- ‌7 - ما يجب على الصائم

- ‌8 - ما يحرم على الصائم

- ‌9 - ما يكره للصائم

- ‌10 - ما يجوز للصائم

- ‌11 - أقسام المفطرات

- ‌12 - قضاء الصيام

- ‌13 - صيام التطوع

- ‌14 - الاعتكاف

- ‌6 - كتاب الحج والعمرة

- ‌1 - شعائر الحج والعمرة

- ‌2 - حكم الحج والعمرة

- ‌1 - الحج

- ‌2 - العمرة

- ‌3 - شروط الحج والعمرة

- ‌4 - أركان الحج والعمرة

- ‌5 - واجبات الحج والعمرة

- ‌6 - سنن الحج والعمرة

- ‌7 - مواقيت الحج والعمرة

- ‌8 - باب الإحرام

- ‌9 - باب الفدية

- ‌10 - باب الهدي

- ‌11 - صفة العمرة

- ‌12 - صفة الحج

- ‌13 - صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌14 - أحكام الحج والعمرة

- ‌15 - زيارة المسجد النبوي

- ‌الباب الحادي عشركتاب المعاملات

- ‌1 - كتاب البيع

- ‌مفاتيح الرزق الحلال

- ‌أركان البيع

- ‌شروط البيع

- ‌البيوع المباحة

- ‌البيوع المنهي عنها

- ‌1 - البيوع الممنوعة بسبب العاقد

- ‌2 - البيوع الممنوعة بسبب صيغة العقد

- ‌3 - البيوع الممنوعة بسبب المعقود عليه

- ‌1 - البيوع المحرمة بسبب الغرر والجهالة

- ‌2 - البيوع المحرمة بسبب الربا

- ‌3 - البيوع المحرمة بسبب الضرر والخداع

- ‌4 - البيوع المحرمة لذاتها

- ‌5 - البيوع المحرمة لغيرها

- ‌4 - البيوع الممنوعة بسبب وصف أو شرط أو نهي شرعي

- ‌أحكام البيع

- ‌2 - الخيار

- ‌3 - السَّلَم

- ‌4 - الربا

- ‌5 - القرض

- ‌6 - الرهن

- ‌7 - الضمان

- ‌8 - الكفالة

- ‌9 - الحوالة

- ‌10 - الوكالة

- ‌11 - الإجارة

- ‌12 - الجعالة

- ‌13 - الوديعة

- ‌14 - العارية

- ‌15 - الشركة

- ‌الشركات المعاصرة

- ‌16 - الشفعة

- ‌17 - المساقاة والمزارعة

- ‌18 - إحياء الموات

- ‌19 - المسابقة

- ‌20 - اللقطة

- ‌21 - الغصب

- ‌22 - الحَجْر

- ‌23 - الصلح

- ‌24 - القسمة

- ‌25 - الهبة

- ‌26 - الوصية

- ‌27 - الوقف

- ‌28 - العتق

الفصل: ‌ ‌شروط البيع - أنواع الشروط: يجب أن يتوفر في عقد البيع أربعة

‌شروط البيع

- أنواع الشروط:

يجب أن يتوفر في عقد البيع أربعة أنواع من الشروط، حتى يكون العقد صحيحاً لازماً نافذاً.

شروط عقد البيع .. شروط صحة البيع .. شروط نفاذ البيع .. شروط لزوم البيع.

وهذه الشروط لازمة لمنع وقوع المنازعات بين الناس، وحماية لمصالح المتعاقدين، ونفي الغرر والضرر، والبعد عن المخاطر بسبب الظلم والجهالة.

- شروط عقد البيع:

يشترط لصحة عقد البيع ما يلي:

1 -

الشروط المتعلقة بالمتعاقدين ثلاثة:

1 -

أن يكون كل من المتعاقدين جائز التصرف، وهو من جمع أربع صفات:

الحرية .. والبلوغ .. والعقل .. والرشد.

1 -

قال الله تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [النساء:6].

2 -

وَعَنْ ابن عُمَر رضي الله عنهما قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنِ ابْتَاعَ نَخْلاً بَعْدَ أنْ تُؤَبَّرَ فَثَمَرَتُهَا لِلْبَائِعِ إِلا أنْ يَشْتَرِطَ المُبْتَاعُ، وَمَنِ ابْتَاعَ عَبْداً وَلَهُ

ص: 385

مَالٌ فَمَالُهُ لِلَّذِي بَاعَهُ إِلا أنْ يَشْتَرِطَ المُبْتَاعُ». متفق عليه (1).

3 -

وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «رُفِعَ القَلَمُ عَنْ ثلَاثٍ عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ وَعَنِ الصَّغِيرِ حَتَّى يَكْبُرَ وَعَنِ المَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ أَوْ يُفِيقَ» . أخرجه أبو داود والنسائي (2).

2 -

حصول التراضي بين المتعاقدين إلا من أُكره بحق.

قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (29)} [النساء:29].

3 -

أن يكون كل من المتعاقدين مالكاً للمعقود عليه، أو قائماً مقام مالكه.

عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رضي الله عنه قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: يَأْتِينِي الرَّجُلُ يَسْأَلُنِي مِنَ البَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدِي أَبْتَاعُ لَهُ مِنَ السُّوقِ ثمَّ أَبيعُهُ. قَالَ: «لَا تَبعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ» . أخرجه أبو داود والترمذي (3).

2 -

الشروط المتعلقة بالمعقود عليه ستة:

1 -

أن يكون المعقود عليه موجوداً؛ لأن بيع المعدوم لا ينعقد، لما فيه من الجهالة، فلا يجوز بيع حمل في بطن، ولا لبن في ضرع، ولا ثمر لم ينعقد على الشجر.

2 -

أن يكون المعقود عليه مقدوراً على تسليمه؛ لأن ما لا يُقدر على تسليمه كالمعدوم لا يصح بيعه، فلا يصح بيع الطير في الهواء، ولا السمك في

(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2379) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1543).

(2)

صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (4398) ، وأخرجه النسائي برقم (3432) ، وهذا لفظه.

(3)

صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (3503) ، وأخرجه الترمذي برقم (1232) ، وهذا لفظه.

ص: 386

البحر، ولا الحيوان الشارد في الأرض.

3 -

أن يكون المعقود عليه مما يباح الانتفاع به مطلقاً من عقار ومنقول، فلا يصح بيع ما لا نفع فيه .. ولا يصح بيع ما يحرم الانتفاع به كالخمر والخنزير، والميتة، وآلات اللهو ونحو ذلك من المحرمات.

قال الله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ} [المائدة:3].

4 -

أن يكون المعقود عليه معلوماً للمتعاقدين برؤية أو صفة.

5 -

أن يكون المعقود عليه مقبوضاً عنده.

عَنْ ابْن عُمَرَ رضي الله عنهما قالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَنِ ابْتَاعَ طَعَاماً فَلا يَبِعْهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ» . متفق عليه (1).

6 -

أن يكون المعقود عليه خالياً من موانع الصحة كالبيوع الربوية، والجهالة، والغرر ونحو ذلك.

- شروط صحة البيع:

يكون البيع صحيحاً إذا خلا من ستة عيوب هي:

الجهالة .. والغرر .. والضرر .. والإكراه .. والتوقيت .. والشروط المفسدة.

1 -

الجهالة: كجهالة وصف الثمن والمبيع، أو مقداره، أو أجله إن كان هناك أجل.

2 -

الغرر: وهو ما كان المبيع فيه محتملاً للوجود والعدم كبيع نتاج النتاج، وبيع

(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2133) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1526).

ص: 387

الحمل الموجود.

3 -

الضرر: وهو ما كان تسليم المبيع لا يمكن إلا بإدخال ضرر على البائع، كما لو باع خشبة من سقف، أو ذراعاً من ثوب.

4 -

الإكراه: وهو حمل المكره على أمر يفعله، وهو نوعان:

1 -

إكراه ملجئ: كتهديد الإنسان بالقتل أو الضرب الشديد.

2 -

إكراه غير ملجئ: كالتهديد بالحبس أو الضرب أو الحرمان.

5 -

التوقيت: وهو أن يؤقت البيع بمدة معينة كما لو قال: بعتك هذه السيارة شهراً أو سنة، فلا يصح؛ لأن ملكية العين لا تقبل التأقيت.

6 -

الشروط المفسدة: وهي كل شرط فيه نفع لأحد المتبايعين إذا لم يكن قد ورد به الشرع، أو جرى به العرف، أو يقتضيه العقد، كأن يشترط المشتري على البائع في العقد أن يقرضه ألفاً مثلاً.

- شروط نفاذ البيع:

يشترط لنفاذ البيع شرطان:

1 -

الملك أو الولاية، بأن يكون العاقد مالكاً للشيء، أو نائباً عن مالكه كالوكيل والولي.

2 -

ألا يكون في المبيع حق لغير البائع، فلا ينفذ بيع الراهن للمرهون.

- شروط لزوم البيع:

يشترط للزوم البيع خلوه من أحد الخيارات التي تسوِّغ لأحد العاقدين فسخ العقد مثل: خيار الشرط، والوصف، والغبن، والتعيين، والعيب، والرؤية ونحو ذلك.

ص: 388

فإذا وُجِد في البيع شيء من هذه الخيارات منع لزومه في حق من له الخيار، فله أن يفسخ البيع أو يقبله.

- حكم الشرط في البيع:

كل بيع معلق على شرط لا يحل حراماً ولا يحرم حلالاً فهو صحيح، كأن يشترط البائع سكنى الدار شهراً، أو يشترط المشتري حمل البضاعة إلى داره، أو حمل الحطب إلى منزله وتكسيره.

- الشرط اللغو أو الباطل:

وهو كل شرط فيه ضرر لأحد العاقدين كأن يبيعه سيارة بشرط ألا يبيعها أو لا يهبها أو لا يوقفها، فالبيع جائز، والشرط باطل.

أو يشترط عقداً في عقد، كأن يبيعه شيئاً بشرط أن يبيعه شيئاً آخر، أو يشتري منه، أو يسلفه، أو يؤجره، أو يزوجه، فالبيع فاسد؛ للنهي عن بيعتين في بيعة.

1 -

عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، عَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ، وَعَنْ بَيْعٍ وَسَلَفٍ، وَعَنْ رِبْحِ مَا لَمْ يُضْمَنْ، وَعَنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ. أخرجه أحمد والنسائي (1).

2 -

وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «

فَمَا بَالُ أقْوَامٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطاً لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللهِ، مَا كَانَ مِنْ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللهِ عز وجل فَهُوَ بَاطِلٌ، وَإنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ». متفق عليه (2).

(1) حسن/ أخرجه أحمد برقم (6628) ، وهذا لفظه، وأخرجه النسائي برقم (4631).

(2)

متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (456) ، ومسلم برقم (1504) ، واللفظ له.

ص: 389

- بم ينعقد البيع:

ينعقد البيع إذا اكتملت شروطه بإحدى صفتين:

1 -

قولية: بأن يقول البائع: بعتك، أو ملَّكتك، أو نحوهما مما جرى به العرف.

ويقول المشتري: اشتريت، أو قبلت ونحوهما مما جرى به العرف.

2 -

فعلية: وهي المعاطاة: بأن يقول أعطني بعشرة ريالات لحماً فيعطيه بلا قول، أو يعطيه المشتري ريالاً، ثم يأخذ خبزاً أو لبناً ونحو ذلك مما جرى به العرف، وحصل به التراضي.

فالأولى تكون غالباً في الأشياء النفيسة والكبيرة كالأرض والسيارة.

والثانية تكون غالباً في الأشياء الصغيرة المتكررة من الحاجات اليومية.

- ما يتناوله البيع:

إذا باع شخص داراً تناول البيع أرضها وأسفلها وأعلاها، وكل ما فيها، وإن كانت المباعة أرضاً شمل البيع كل ما فيها ما لم يستثن منها.

وإن باعه سيارة أو آلة شملها كلها، وإن باعه شقة في عمارة ذات أدوار تناول البيع كامل الشقة وما فيها، وجزء من الأرض التي أسفلها بحسبها.

وإن باعه بستاناً أو مزرعة تناول البيع أرضها وما عليها من ثابت، ومنقول، ما لم يستثن منها.

- حكم الزيادة أو النقص في البيع:

إذا باع شخص داراً أو أرضاً على أنها مائة متر مثلاً، فبانت أقل أو أكثر، فالبيع صحيح، والزيادة للبائع، والنقص عليه، ولمن جهله منهما وفات غرضه الخيار.

ص: 390

- حكم التصرف في المبيع قبل القبض:

لا يجوز التصرف في المبيع قبل القبض سواء كان منقولاً طعاماً أو غيره، أو عقاراً كأرض ودار وبستان؛ وذلك لعدم القدرة على التسليم، ولوجود الغرر.

1 -

عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قالَ: أمَّا الَّذِي نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَهُوَ الطَّعَامُ أنْ يُبَاعَ حَتَّى يُقْبَضَ. قال ابْنُ عَبَّاسٍ: وَلا أحْسِبُ كُلَّ شَيْءٍ إِلا مِثْلَهُ. متفق عليه (1).

2 -

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنِ ابْتَاعَ طَعَاماً فَلا يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ» . زَادَ إِسْمَاعِيلُ: «مَنِ ابْتَاعَ طَعَاماً فَلا يَبِعْهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ» . متفق عليه (2).

- حكم استبدال الثمن:

يجوز استبدال ثمن المبيع بغيره من النقد إذا كان بسعر يومه، فيعطيه الدينار مكان الدرهم، أو الجنيه مكان الريال ونحو ذلك.

- صفة تسليم المبيع والثمن:

يسلِّم البائع السلعة إلى المشتري، ثم يقبض الثمن.

وإن اختلفا في التسليم أُجبر البائع على تسليم المبيع، ثم أُجبر المشتري على تسليم الثمن.

وللبائع حبس المبيع حتى يقبض الثمن إن خاف فوته، وللمشتري حبس الثمن حتى يقبض المبيع إن خاف فوته.

(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2135) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1525).

(2)

متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2136) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1526).

ص: 391

- حكم هلاك المبيع:

المبيع إما أن يهلك كله أو بعضه، قبل القبض أو بعده.

1 -

إذا هلك المبيع كله قبل القبض بآفة سماوية، أو بفعل المبيع نفسه كحيوان أكل ما يضره فمات، أو بفعل البائع، انفسخ عقد البيع.

وإن هلك بفعل المشتري فلا ينفسخ البيع، وعليه الثمن، أما إن هلك المبيع بفعل أجنبي فلا ينفسخ البيع، ويكون المشتري بالخيار، إن شاء فسخ البيع، وإن شاء أمضاه ودفع الثمن، وطالب الأجنبي بالضمان.

2 -

إذا هلك المبيع كله بعد القبض لم ينفسخ البيع، وتقرر الثمن عليه، ويرجع بالضمان على الأجنبي إن كان الهلاك بسببه.

3 -

إن هلك بعض المبيع قبل القبض، فإن كان بآفة سماوية فهلك بعضه، وسلم بعضه، انفسخ العقد بقدر الهالك، وسقطت حصته من الثمن، وللمشتري الخيار في الباقي، إن شاء أخذه بحصته، وإن شاء فسخ البيع، لتفرق الصفقة عليه.

وإن كان النقصان نقصان وصف فلا ينفسخ البيع، ويلزم الثمن كله، ويكون المشتري بالخيار، إن شاء أخذه بجميع الثمن، وإن شاء تركه؛ لتعيُّب المبيع.

وإن كان الهلاك بفعل المبيع نفسه كحيوان جرح نفسه، فلا ينفسخ البيع، ولا يسقط شيء من الثمن، وللمشتري الخيار إن شاء أخذ الباقي بجميع الثمن، وإن شاء فسخ العقد.

وإن كان الهلاك بفعل البائع بطل البيع بقدره، ويسقط عن المشتري ثمن الهالك، وللمشتري الخيار في الباقي بحصته من الثمن.

وإن كان الهلاك بفعل المشتري فلا يبطل البيع، ويلزمه جميع الثمن.

ص: 392

4 -

إذا هلك بعض المبيع بعد القبض بآفة سماوية، أو بفعل المشتري، أو المبيع نفسه، أو بفعل أجنبي، فالبيع لازم، والثمن لازم، ويرجع بالضمان على الأجنبي إن كان التلف بسببه.

وإن كان الهلاك بفعل البائع، وقد قبضه المشتري، ضمنه البائع كالأجنبي.

- حكم هلاك الثمن:

إذا هلك الثمن في مجلس العقد قبل القبض، فإن كان له مِثْل كالنقود فلا ينفسخ العقد؛ لأنه يمكن تسليم مثله، وإن هلك وليس له مِثْل في الحال فيخير البائع: إن شاء فسخ البيع، وإن شاء أخذ قيمة الفلوس؛ لأنها ثابتة في الذمة.

- صفة قبض السلع:

قبض المبيع يتم بعدة طرق:

الأولى: التخلية: وهي أن يتمكن المشتري من أخذ المبيع بلا مانع.

فإن كان عقاراً أو داراً أو مزرعة يكون القبض بتمكين المشتري من التصرف فيها، واستلام مفاتيحها، وصكوك الملكية.

وإن كان منقولاً كالآلات، والأمتعة، والحيوان ونحوها فيكون قبضها بحسب العرف في ذلك.

وإن كان المبيع طعاماً فقبضه يكون بكيله أو وزنه، ونقله من مكانه إن كان جزافاً، ويرجع إلى العرف فيما لا نص فيه.

الثانية: القبض السابق: بأن يكون المبيع عند المشتري بقبض سابق، ثم باعه المالك له كمؤجر، ومرهون، ومغصوب، ومودع، ومعار. فإذا كانت هذه

ص: 393

الأشياء موجودة في يد المشتري، ثم باعها صاحبها عليه، صار بذلك قابضاً لها.

الثالثة: الإتلاف: فلو أتلف المشتري المبيع في يد البائع صار قابضاً للمبيع، ولزمه ثمنه، لأن التخلية تمكين من التصرف.

- حكم تصرفات الصبي المميز:

تصرفات الصبي المميز ثلاثة أنواع:

الأول: التصرفات النافعة نفعاً محضاً كالاحتطاب، والاحتشاش، والاصطياد، ونحوها.

فهذه تصرفات تصح من الصبي المميز دون إذن الولي.

الثاني: التصرفات الضارة ضرراً محضاً كالطلاق، والإقراض، والهبة ونحوها.

فهذه لا تصح من الصبي المميز ولا تنفذ.

الثالث: التصرفات الدائرة بين الضرر والنفع كالبيع والشراء، والإيجار والاستئجار، والمشاركة ونحو ذلك.

فهذه التصرفات غير صحيحة، لكن إذا أذن له وليه بالتصرف، فالمعتبر هنا إذن الولي، لا مجرد تصرف الصبي؛ لعدم بلوغه، وقصور عقله، وهذا في الأمور الكبيرة، أما الأمور اليسيرة فيصح تصرفه بإذن وليه.

1 -

قال الله تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [النساء:6].

2 -

وقال الله تعالى: {فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ} [البقرة:282].

ص: 394

- حكم بيع السمسرة:

السمسرة: هي الوساطة بين البائع والمشتري لإجراء البيع.

ويسمى من يقوم بذلك السمسار، أو الدلال، أو الوسيط.

والسمسرة جائزة، والأجر الذي يأخذه السمسار حلال؛ لأنه أجر على عمل وجهد معقول، لكن بشرط أن يصدق وينصح للبائع والمشتري.

عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ رضي الله عنه أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ» . قُلْنَا: لِمَنْ؟ قال: «للهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأئِمَّةِ المُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ» . أخرجه مسلم (1).

- حكم الجمع بين البيع والإجارة:

يجوز الجمع بين البيع والإجارة في عقد واحد.

فلو قال البائع للمشتري: بعتك هذا البيت بمائة ألف، وأجرتك هذه الدار بعشرة آلاف، فقال الآخر: قبلت، صح البيع والإجارة.

وكذا لو قال: بعتك هذا البيت، وأجرتك هذه المزرعة سنة بمائة ألف لهما، فقال الآخر: قبلت، صح العقد في الجميع.

- حكم بيع العربون:

بيع العربون: هو أن يشتري الإنسان شيئاً، ثم يدفع للبائع من قيمته خمسة مثلاً، فإن نفذ البيع احتسب المدفوع من الثمن، وإن لم ينفذ فالمدفوع للبائع، فهو مبيع يثبت فيه الخيار للمشتري.

وهذا البيع صحيح، إذا قيدت فترة الخيار بمدة معلومة، دفعاً للضرر عن البائع.

(1) أخرجه مسلم برقم (55).

ص: 395

- حكم الاستثناء في البيع:

يجوز أن يبيع الإنسان سلعة ويستثني منها شيئاً معلوماً، كأن يبيع الشجر ويستثني منها واحدة، أو يبيع بيوتاً ويستثني منها بيتاً، أو يبيع سيارات ويستثني منها واحدة.

فإن باع أكثر من واحد، واستثنى شيئاً مجهولاً غير معلوم، لم يصح البيع؛ لما فيه من الجهالة والضرر، كأن يبيعه قطيعاً من الغنم، ويستثني واحدة غير معلومة ونحو ذلك.

عَنْ جَابِرٍ بْنِ عَبْدِاللهِ رضي الله عنه قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ المُحَاقَلَةِ وَالمُزَابَنَةِ وَالمُعَاوَمَةِ وَالمُخَابَرَةِ. قَالَ: أَحَدُهُمَا بَيْعُ السِّنِينَ هِيَ المُعَاوَمَةُ، وَعَنِ الثُّنْيَا وَرَخَّصَ فِي العَرَايَا. أخرجه مسلم (1).

- حكم الشروط في البيع:

الشروط في البيع نوعان:

الأول: صحيح لازم: وهو كل ما وافق مقتضى العقد.

وهو ثلاثة أنواع:

1 -

شرط يقتضيه العقد كشرط التقابض، وحلول الثمن.

2 -

ما يكون من مصلحة العقد، مثل شرط تأجيل الثمن أو بعضه، أو شرط صفة معينة في المبيع، فإن وجد الشرط لزم البيع، وإن لم يوجد الشرط فللمشتري فسخ العقد.

3 -

ما فيه نفع معلوم للبائع أو المشتري، كما لو باع داراً واشترط أن يسكنها

(1) أخرجه مسلم برقم (1536).

ص: 396

شهراً، أو باع دابة واشترط أن تحمله إلى مكان معين ونحو ذلك.

1 -

عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «الصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ المُسْلِمِينَ» زَادَ أَحْمَدُ: «إِلَاّ صُلْحاً أَحَلَّ حَرَاماً أَوْ حَرَّمَ حَلَالاً» . أخرجه أبوداود (1).

2 -

وَعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قالَ:

غَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى نَاضِحٍ لَنَا فَأزْحَفَ الجَمَلُ، فَتَخَلَّفَ عَلَيَّ، فَوَكَزَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ خَلْفِهِ، قال:«بِعْنِيهِ وَلَكَ ظَهْرُهُ إِلَى المَدِينَةِ» . متفق عليه (2).

الثاني: شرط فاسد: وهو أنواع:

1 -

ما يبطل العقد من أصله:

كأن يشترط على صاحبه عقداً آخر، مثل أن يقول: أبيعك هذه الدار على أن تبيعني سيارتك، أو تقرضني كذا ونحو ذلك.

أو يقول بعتك هذه الأرض على أن تزوجني ابنتك.

عَنْ عَبْدِاللهِ بْنَ عَمْرو رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَحِلُّ سَلَفٌ وَبَيْعٌ وَلَا شَرْطَانِ فِي بَيْعٍ» . أخرجه أبو داود والترمذي (3).

2 -

ما يصح معه البيع ويبطل الشرط: وهو الشرط المنافي لمقتضى العقد، كأن يبيعه أرضاً ويشترط عليه ألا يبيعها أو لايهبها، فالبيع صحيح، والشرط باطل.

عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «

فَمَا بَالُ أقْوَامٍ يَشْتَرِطُونَ

(1) حسن/ أخرجه أبو داود برقم (3594).

(2)

متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2406) ، واللفظ له، ومسلم برقم (715).

(3)

صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (3504) ، وهذا لفظه، وأخرجه الترمذي برقم (1234).

ص: 397

شُرُوطاً لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللهِ، مَا كَانَ مِنْ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللهِ عز وجل فَهُوَ بَاطِلٌ، وَإنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ». متفق عليه (1).

3 -

ما لا ينعقد معه البيع: مثل أن يقول: بعتك إن رضي فلان، أو إن حضر فلان أو نحو ذلك من كل بيع عُلِّق على شرط مستقبل، فهذا البيع لا ينعقد حتى يحصل الشرط.

- الآثار المترتبة على البيع:

يترتب على عقد البيع ثلاثة أمور:

1 -

تسليم المبيع للمشتري.

2 -

أداء الثمن الحال للبائع، فإن كان مؤجلاً فهو إلى أجله.

3 -

انتقال الملك، فيملك المشتري المبيع، ويملك البائع الثمن.

- حكم الشرط الجزائي:

الشرط الجزائي شرط صحيح معتبر، فهو عقد جائز، يجب الأخذ به، لإتمام العقد في وقته، ولسد أبواب الفوضى والتلاعب بحقوق العباد، ما لم يكن هناك عذر شرعي، فيكون العذر مسقطاً لوجوبه.

وإن كان الشرط كثيراً عرفاً، فيجب الرجوع إلى العدل والإنصاف، حسب ما فات من منفعة، أو لحق من مضرة، يقدِّر ذلك الحاكم بواسطة أهل النظر والخبرة.

- مثال الشرط الجزائي:

أن يتفق إنسان مع آخر على أن يبني له بيتاً خلال سنة بمائة ألف ريال، وإذا

(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (456) ، ومسلم برقم (1504) ، واللفظ له.

ص: 398

تأخر عن السَّنَة بلا عذر فعليه أن يدفع عن كل شهر ألف ريال، فتأخر عن السنة أربعة أشهر بلا عذر، فهذا يلزمه أن يدفع أربعة آلاف ريال لصاحب الدار.

عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «الصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ المُسْلِمِينَ» زَادَ أَحْمَدُ: إِلَاّ صُلْحاً أَحَلَّ حَرَاماً أَوْ حَرَّمَ حَلَالاً. وَزَادَ سُلَيْمَانُ ابْنُ دَاوُدَ، وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«المُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ» . أخرجه أبو داود (1).

- حكم بيع الفضولي:

الفضولي: هو من يتصرف في حق غيره بغير إذن شرعي، وهو كل من لم يكن أصيلاً، ولا ولياً، ولا وكيلاً.

وبيع الفضولي وشراؤه جائز إذا كان لمصلحة، مع وقوف نفاذه على إجازة المالك.

عَنْ عُرْوَةَ البَارقي رضي الله عنه أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أعْطَاهُ دِينَاراً يَشْتَرِي لَهُ بِهِ شَاةً، فَاشْتَرَى لَهُ بِهِ شَاتَيْنِ، فَبَاعَ إِحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ، وَجَاءَهُ بِدِينَارٍ وَشَاةٍ، فَدَعَا لَهُ بِالبَرَكَةِ فِي بَيْعِهِ، وَكَانَ لَوِ اشْتَرَى التُّرَابَ لَرَبِحَ فِيهِ. أخرجه البخاري (2).

(1) حسن/ أخرجه أبو داود برقم (3594).

(2)

أخرجه البخاري برقم (3642).

ص: 399