الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
14 - الاعتكاف
- الاعتكاف: هو لزوم مسجد لطاعة الله تعالى.
- حكمة مشروعية الاعتكاف:
القلوب مع كثرة الاختلاط تتعلق بما سوى الله، وتتأثر به، وتنشغل به.
ومن رحمة العزيز الرحيم أن شرع لعباده ما يقطعهم عن ذلك، ويصلهم بربهم، ويذكِّرهم بالله، وذلك بحبس النفس على طاعة الله، والأنس به، والتلذذ بعبادته، وإخلاء القلب عن كل ما يشغل عن ذكر الله عز وجل، لتعتاد النفوس ذكر خالقها، وتتلذذ بالخلوة به، وتنشط لطاعته وعبادته، فشرع لهم الاعتكاف تحقيقاً لهذه المقاصد.
- حقيقة الاعتكاف:
الاعتكاف هو عكوف القلب على الله، وقطع المعتكف علائقه بما سواه، والخلوة بربه، والتلذذ بمناجاته، وجمعية نفسه وخواطره وأفكاره عليه.
وسر الاعتكاف ولبه الاتصال الدائم بالخالق، وقطع العلائق عن الخلائق، بالتفكر في أسماء الله وصفاته، وذكر نعمه وآلائه، وذكر خلقه وشرعه، وذكر اليوم الآخر، ولزوم العبادات الخاصة من الذكر، والدعاء، والاستغفار، والصلاة، وقراءة القرآن ونحو ذلك مما يُصلح القلب من القربات والطاعات وحسن الأخلاق.
- حكم الاعتكاف:
الاعتكاف قربة إلى الله عز وجل.
ويصح الاعتكاف في كل وقت من العام ليلة، أو يوماً، أو أياماً، أو غيرها.
ويسن الاعتكاف في رمضان، وهو في العشر الأواخر من رمضان آكد؛ لما يرجى فيها من موافقة ليلة القدر.
ويصح الاعتكاف بلا صوم، وهو مع الصوم أفضل، ويجب بالنذر.
والاعتكاف من الطاعات المستحبة والأعمال الجليلة، ولهذا شرعه الله لنا ولمن قبلنا من الأمم من الرجال والنساء.
1 -
قال الله تعالى: {وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (125)} [البقرة:125].
2 -
وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَعْتَكِفُ فِي كُلِّ رَمَضَانٍ عَشْرَةَ أيَّامٍ، فَلَمَّا كَانَ العَامُ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ اعْتَكَفَ عِشْرِينَ يَوْماً. أخرجه البخاري (1).
3 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَعْتَكِفُ العَشْرَ الأواخر مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللهُ، ثُمَّ اعْتَكَفَ أزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ. متفق عليه (2).
4 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قالتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُجَاوِرُ فِي العَشْرِ الأواخر مِنْ رَمَضَانَ، وَيَقُولُ:«تَحَرَّوْا لَيْلَةَ القَدْرِ فِي العَشْرِ الأواخر مِنْ رَمَضَانَ» . متفق عليه (3).
- شروط صحة الاعتكاف:
يشترط لصحة الاعتكاف ثلاثة شروط:
(1) أخرجه البخاري برقم (2044).
(2)
متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2026) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1172).
(3)
متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2020) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1169).
الإسلام .. ونية الاعتكاف .. وأن يكون في مسجد تقام فيه الجماعة.
- أفضل أماكن الاعتكاف:
1 -
الاعتكاف في المسجد الحرام أو المسجد النبوي أو المسجد الأقصى أفضل من غيرها من المساجد، فإن عيَّن الأعلى كالمسجد الحرام لم يجز فيما دونه، وإن عيَّن الأدنى جاز الاعتكاف فيه وفي الأعلى.
2 -
أفضل المساجد المسجد الحرام، والصلاة فيه بمائة ألف صلاة، ثم المسجد النبوي، والصلاة فيه بألف صلاة، ثم المسجد الأقصى، والصلاة فيه بمائتين وخمسين صلاة.
3 -
يسن الاعتكاف في أي مسجد من مساجد المسلمين تقام فيه الجماعة.
قال الله تعالى: {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة:187].
- أفضل أوقات الاعتكاف:
أفضل أوقات الاعتكاف للرجال والنساء العشر الأواخر من رمضان.
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَعْتَكِفُ العَشْرَ الأوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ، حَتَّى تَوَفَّاهُ اللهُ، ثُمَّ اعْتَكَفَ أزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ. متفق عليه (1).
- أقل مدة الاعتكاف:
يصح الاعتكاف في أي وقت، وفي أي مدة: ليلة، أو يوماً، أو أياماً، أو شهراً ونحو ذلك، وأفضل الاعتكاف في رمضان، وأفضله في العشر الأواخر منه.
1 -
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَعْتَكِفُ فِي كُلِّ رَمَضَانٍ عَشْرَةَ أيَّامٍ، فَلَمَّا كَانَ العَامُ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ اعْتَكَفَ عِشْرِينَ يَوْماً. أخرجه
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2026) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1172).
البخاري (1).
2 -
وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه أنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي نَذَرْتُ فِي الجَاهِلِيَّةِ أنْ أعْتَكِفَ لَيْلَةً فِي المَسْجِدِ الحَرَامِ، فَقال لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«أوْفِ نَذْرَكَ» . فَاعْتَكَفَ لَيْلَةً. متفق عليه (2).
- وقت بداية الاعتكاف ونهايته:
1 -
إذا أراد المسلم أن يعتكف يوماً دخل المعتكف بعد صلاة الفجر، وخرج بعد غروب الشمس، وإذا أراد أن يعتكف ليلة دخل المعتكف قبل غروب الشمس، وخرج بعد طلوع الشمس من الغد.
وإذا أراد أن يعتكف يوماً وليلة دخل معتكفه قبل غروب الشمس، وخرج بعد غروب الشمس من الغد.
2 -
إذا أراد المسلم اعتكاف العشر الأواخر من رمضان دخل معتكفه قبل غروب شمس ليلة إحدى وعشرين، وخرج بعد غروب شمس آخر يوم من رمضان.
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قالتْ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَعْتَكِفُ فِي العَشْرِ الأواخر مِنْ رَمَضَانَ، فَكُنْتُ أضْرِبُ لَهُ خِبَاءً، فَيُصَلِّي الصُّبْحَ ثُمَّ يَدْخُلُهُ. متفق عليه (3).
- أقسام الاعتكاف:
الاعتكاف ينقسم إلى قسمين:
1 -
الاعتكاف المسنون: وهو ما تطوع به المسلم تقرباً إلى الله عز وجل، وطلباً لثوابه، واقتداءً بالرسول صلى الله عليه وسلم.
(1) أخرجه البخاري برقم (2044).
(2)
متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2042) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1656).
(3)
متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2033) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1173).
وهو مشروع كل وقت، وهو في رمضان أفضل، وآكده في العشر الأواخر من رمضان.
2 -
الاعتكاف الواجب: وهو ما أوجبه المسلم على نفسه:
إما بالنذر المطلق كأن يقول: للهِ علي أن أعتكف يوماً، فيجب عليه الوفاء به.
وإما بالنذر المقيد كأن يقول: للهِ علي إن شفاني الله أن أعتكف أسبوعاً مثلاً، فيجب عليه الوفاء به.
1 -
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ نَذَرَ أنْ يُطِيعَ اللهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أنْ يَعْصِيَهُ فَلا يَعْصِهِ» . أخرجه البخاري (1).
2 -
وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه أنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي نَذَرْتُ فِي الجَاهِلِيَّةِ أنْ أعْتَكِفَ لَيْلَةً فِي المَسْجِدِ الحَرَامِ، فَقال لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«أوْفِ نَذْرَكَ» . فَاعْتَكَفَ لَيْلَةً. متفق عليه (2).
- حكم نذر الاعتكاف:
1 -
من نذر الصلاة أو الاعتكاف في أحد المساجد الثلاثة لزمه الوفاء بنذره كما سبق، وإن عين الأفضل كالمسجد الحرام لم يجز فيما دونه، وإن عين ما دونه جاز فيه وفي الأفضل منه.
عَنْ جَابرِ بْنِ عَبْدِاللهِ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلاً قَامَ يَوْمَ الفَتْحِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي نَذرْتُ للهِ إِنْ فَتَحَ اللهُ عَلَيْكَ مَكَّةَ أَنْ أُصَلِّيَ فِي بَيْتِ المَقْدِسِ رَكْعَتَيْنِ. قَالَ: «صَلِّ هَاهُنَا» ، ثمَّ أَعَادَ عَلَيْهِ فَقَالَ:«صَلِّ هَاهُنَا» ، ثمَّ أَعَادَ عَلَيْهِ فَقَالَ:
(1) أخرجه البخاري برقم (6696).
(2)
متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2042) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1656).
«شَأْنُكَ إِذنْ» . أخرجه أبو داود (1).
2 -
من نذر الصلاة أو الاعتكاف في بلد أو مسجد غير المساجد الثلاثة فلا يلزمه، فيجوز له الاعتكاف والصلاة في أي مسجد وبلد؛ لأن البقاع كلها سواء، ولا تشد الرحال إلا للمساجد الثلاثة فقط.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَاّ إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: المَسْجِدِ الحَرَامِ، وَمَسْجِدِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، وَمَسْجِدِ الأَقْصَى» . متفق عليه (2).
- ما يجوز للمعتكف فعله:
يباح للمعتكف فعل ما يلي:
1 -
تنظيف بدنه من الشعث والوسخ، وترجيل الشعر، وحلق الرأس، وتقليم الأظفار، والاغتسال، ولبس أحسن الثياب، والبخور والطيب.
2 -
الخروج من المسجد لحاجة الإنسان التي لا بد منها كقضاء الحاجة، والوضوء، والغسل ونحو ذلك.
3 -
الخروج للأكل والشرب إذا لم يتيسر وصوله إليه في المسجد.
4 -
الأكل والشرب والنوم في المسجد في مكان أو خباء، مع المحافظة على نظافة المسجد وصيانته عن الأقذار.
5 -
حضور حلق الذكر والعلم أحياناً في المسجد الذي يعتكف فيه.
6 -
زيارة مريض له حق عليه، وشهود جنازة من له حق عليه، كأحد الوالدين أو
(1) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (3305).
(2)
متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1189) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1397).
قريب ونحوهما.
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، إِذَا اعْتَكَفَ يُدْنِي إِلَيَّ رَأْسَهُ فَأُرَجِّلُهُ، وَكَانَ لا يَدْخُلُ البَيْتَ إِلا لِحَاجَةِ الإنْسَانِ. متفق عليه (1).
- ما يسن للمعتكف فعله:
يسن للمعتكف فعل ما يلي:
1 -
الإكثار من ذكر الله .. والتفكر في آلاء الله ونعمه .. والإعراض عن كل ما يشغله عن ربه .. واجتناب ما لا يعنيه من قول أو فعل.
2 -
يسن له الاشتغال والاجتهاد بأنواع العبادة كتلاوة القرآن، والدعاء، وكثرة الاستغفار، وصلاة النوافل، والتهجد، والوتر، والإحسان بالقول والفعل، وحفظ الوقت فيما ينفعه.
3 -
الاجتهاد ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان، وآكدها ليالي الوتر، وأرجاها ليلة سبع وعشرين.
- حكم اعتكاف النساء في المسجد:
يسن الاعتكاف في المسجد للنساء كما يسن للرجال، ما لم تخش منه فتنة أو حرج، فتُمنع منه النساء درءاً للمفسدة.
1 -
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَعْتَكِفُ العَشْرَ الأواخر مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللهُ، ثُمَّ اعْتَكَفَ أزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ. متفق عليه (2).
2 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قالتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَعْتَكِفُ فِي كُلِّ
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2029) ، ومسلم برقم (297) ، واللفظ له.
(2)
متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2026) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1172).
رَمَضَانٍ، وَإِذَا صَلَّى الغَدَاةَ دَخَلَ مَكَانَهُ الَّذِي اعْتَكَفَ فِيهِ. قال: فَاسْتَأْذَنَتْهُ عَائِشَةُ أنْ تَعْتَكِفَ فَأذِنَ لَهَا، فَضَرَبَتْ فِيهِ قُبَّةً، فَسَمِعَتْ بِهَا حَفْصَةُ فَضَرَبَتْ قُبَّةً، وَسَمِعَتْ زَيْنَبُ بِهَا فَضَرَبَتْ قُبَّةً أخْرَى، فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الغَدَاةِ أبْصَرَ أرْبَعَ قِباب، فَقال:«مَا هَذَا» . فَأخْبِرَ خَبَرَهُنَّ، فَقال:«مَا حَمَلَهُنَّ عَلَى هَذَا؟ آلْبِرُّ؟ انْزِعُوهَا فَلا أرَاهَا» . فَنُزِعَتْ، فَلَمْ يَعْتَكِفْ فِي رَمَضَانَ حَتَّى اعْتَكَفَ فِي آخِرِ العَشْرِ مِنْ شَوَّالٍ. متفق عليه (1).
- شروط اعتكاف المرأة:
يشترط لصحة اعتكاف المرأة ثلاثة شروط:
1 -
أن يأذن لها وليها في الاعتكاف.
2 -
أن لا يكون في اعتكافها فتنة لها أو لغيرها.
3 -
أن تستتر عن الرجال في خباء خاص بالنساء؛ لئلا تَفتن أو تُفتن.
- حكم اعتكاف المرأة المستحاضة:
يسن للمرأة المسلمة الاعتكاف في المسجد، سواء كانت طاهراً، أو مستحاضة، أو حائضاً، لكن ينبغي للمستحاضة والحائض أن تتحفظ لئلا تلوث المسجد، وليس للمرأة أن تعتكف في مسجد بيتها؛ لأنه ليس بمسجد حقيقة.
1 -
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قالتِ: اعْتَكَفَتْ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم امْرَأةٌ مِنْ أزْوَاجِهِ مُسْتَحَاضَةٌ، فَكَانَتْ تَرَى الحُمْرَةَ وَالصُّفْرَةَ، فَرُبَّمَا وَضَعْنَا الطَّسْتَ تَحْتَهَا وَهِيَ تُصَلِّي. أخرجه البخاري (2).
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2041) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1173).
(2)
أخرجه البخاري برقم (2037).
2 -
وَعَنْ أمِّ عَطِيَّةَ رضي الله عنها قَالَتْ: أمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، أنْ نُخْرِجَهُنَّ فِي الفِطْرِ وَالأضْحَى، العَوَاتِقَ وَالحُيَّضَ وَذَوَاتِ الخُدُورِ، فَأمَّا الحُيَّضُ فَيَعْتَزِلْنَ الصَّلاةَ وَيَشْهَدْنَ الخَيْرَ وَدَعْوَةَ المُسْلِمِينَ، قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ! إِحْدَانَا لا يَكُونُ لَهَا جِلْبَابٌ، قال:«لِتُلْبِسْهَا أخْتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا» . متفق عليه (1).
- حكم زيارة المرأة زوجها في معتكفه:
يجوز للمرأة أن تزور زوجها في معتكفه، وله أن يخلو بها، ويقلبها إلى بيتها، ولأهله وأصحابه أن يزوروه.
عَنْ عَلِيّ بن الحُسَيْنِ رضي الله عنهما أنَّ صَفِيَّةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أخْبَرَتْهُ: أنَّهَا جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَزُورُهُ فِي اعْتِكَافِهِ فِي المَسْجِدِ، فِي العَشْرِ الأواخر مِنْ رَمَضَانَ، فَتَحَدَّثَتْ عِنْدَهُ سَاعَةً، ثُمَّ قَامَتْ تَنْقَلِبُ، فَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَعَهَا يَقْلِبُهَا، حَتَّى إِذَا بَلَغَتْ باب المَسْجِدِ عِنْدَ باب أمِّ سَلَمَةَ، مَرَّ رَجُلانِ مِنَ الأنْصار، فَسَلَّمَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقال لَهُمَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«عَلَى رِسْلِكُمَا، إِنَّمَا هِيَ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ» . فَقالا: سُبْحَانَ اللهِ يَا رَسُولَ اللهِ، وَكَبُرَ عَلَيْهِمَا، فَقال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّ الشَّيْطَانَ يَبْلُغُ مِنَ الإنْسَانِ مَبْلَغَ الدَّمِ، وَإِنِّي خَشِيتُ أنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا شَيْئاً» . متفق عليه (2).
- حكم قطع الاعتكاف:
1 -
يسن للمسلم إذا نوى الاعتكاف وشرع فيه أن يتمه، ويجوز له قطع الاعتكاف لعذر أو مصلحة قبل تمام المدة، ولا حرج عليه.
2 -
الاعتكاف سنة، ومن قطعه لعذر فيستحب له قضاؤه ولا يجب، ولا حرج
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (974) ، ومسلم برقم (890) ، واللفظ له.
(2)
متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2035) ، واللفظ له، ومسلم برقم (2175).
عليه.
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قالتْ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَعْتَكِفُ فِي العَشْرِ الأواخر مِنْ رَمَضَانَ، فَكُنْتُ أضْرِبُ لَهُ خِبَاءً، فَيُصَلِّي الصُّبْحَ ثُمَّ يَدْخُلُهُ، فَاسْتَأْذَنَتْ حَفْصَةُ عَائِشَةَ أنْ تَضْرِبَ خِبَاءً فَأذِنَتْ لَهَا، فَضَرَبَتْ خِبَاءً، فَلَمَّا رَأتْهُ زَيْنَبُ ابْنَةُ جَحْشٍ ضَرَبَتْ خِبَاءً آخَرَ، فَلَمَّا أصْبَحَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَأى الأخْبِيَةَ، فَقال:«مَا هَذَا» . فَأُخْبِرَ، فَقال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«آلْبِرَّ تُرَوْنَ بِهِنَّ» . فَتَرَكَ الاعْتِكَافَ ذَلِكَ الشَّهْرَ، ثُمَّ اعْتَكَفَ عَشْراً مِنْ شَوَّالٍ. متفق عليه (1).
- ما يبطل به الاعتكاف:
يبطل الاعتكاف بما يلي:
1 -
الخروج من المسجد لغير حاجة.
2 -
الجماع، فمن جامع زوجته وهو معتكف بطل اعتكافه، وله مباشرتها ولمسها من غير شهوة، والاحتلام لا يفسد الاعتكاف.
3 -
السكر.
4 -
الردة.
1 -
قال الله تعالى: {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (187)} [البقرة:187].
2 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، إِذَا اعْتَكَفَ، يُدْنِي إِلَيَّ رَأْسَهُ فَأُرَجِّلُهُ، وَكَانَ لا يَدْخُلُ البَيْتَ إِلا لِحَاجَةِ الإنْسَانِ. متفق عليه (2).
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2033) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1173).
(2)
متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2029)، ومسلم برقم (297) ، واللفظ له.