الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
16 - الشفعة
- الشفعة: هي استحقاق الشريك انتزاع حصة شريكه من يد مشتريها بالثمن الذي استقر عليه العقد.
- حكمة مشروعية الشفعة:
الشفعة من محاسن الإسلام، شرعت لنفع الشريك، ودفع الضرر عنه؛ لأنه ربما يشتري نصيب شريكه عدو له، أو ذو أخلاق سيئة، أو ممن لا يرغب في جواره، فيحدث بسبب ذلك التباغض والتقاطع، ويتأذى الجار، وتزيد الفرقة والخلاف.
لهذا شرع الله الشفعة دفعاً للأذى والضرر.
- حكم الشفعة:
تجوز الشفعة للشريك في كل ما لم يُقسم من أرض، أو دار، أو حائط.
والشفعة حق للشريك، سواء كان مسلماً أو كافراً.
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللهِ رضي الله عنهما قَالَ: قَضَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالشُّفْعَةِ فِي كُلِّ مَا لَمْ يُقْسَمْ، فَإِذَا وَقَعَتِ الحُدُودُ، وَصُرِّفَتِ الطُّرُقُ، فَلا شُفْعَةَ. متفق عليه (1).
- محل الشفعة:
تثبت الشفعة للشريك في كل شيء لم يُقسم من أرض، أو دار، أو حائط، أو بئر، ويأخذ الشفيع المبيع بكل الثمن، فإن عجز عنه سقطت.
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2257) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1608).
- أركان الشفعة:
أركان الشفعة أربعة:
شافع: وهو الآخذ .. ومشفوع عليه: وهو المأخوذ منه .. ومشفوع فيه: وهو العين المباعة .. والصيغة: وهي ما يدل من الشفيع على الأخذ.
- وقت الشفعة:
الشفعة حق للشريك تثبت له متى علم بالبيع، فإن أخرها بعد علمه بطلت شفعته؛ إلا أن يكون غائباً أو معذوراً فيكون على شفعته متى قدر عليها، وإن أمكنه الإشهاد على المطالبة بها ولم يشهد بطلت شفعته، وإذا مات الشفيع ثبتت الشفعة لورثته.
- شروط الشفعة:
يشترط لصحة الشفعة ما يلي:
1 -
أن يكون المشفوع فيه لم يُقسم.
2 -
أن يكون الشفيع شريكاً في المشفوع فيه.
3 -
أن يُخرِج المشفوع فيه من ملك صاحبه بعوض مالي كالبيع.
4 -
أن يطلب الشفيع الشفعة متى علم على الفور.
5 -
أن يأخذ الشفيع جميع الصفقة بثمنها كله.
- حكم الحيلة لإسقاط الشفعة:
يحسن بالشريك إذا أراد بيع نصيبه أن يعرضه على شريكه.
ولا تجوز الحيلة لإسقاط الشفعة، كأن يقر لإنسان ببعض الملك، ثم يبيعه
الباقي.
ومن أسقط الشفعة بطرق كاذبة، وتمويهات باطلة فقد ظلم نفسه بارتكاب المعصية، وظلم الشفيع لحرمانه من حقه الذي أوجبه الله له، سواء كان ذلك قبل حصول البيع أو بعده.
ولو احتال لم تسقط؛ لأنها شرعت لدفع الضرر، وإذا أسقطها بالاحتيال حصل الضرر.
- ما تسقط به الشفعة:
تسقط الشفعة بواحد مما يلي:
إذا عجز الشفيع عن دفع الثمن كله أو بعضه .. إذا تأخر الشفيع عن المطالبة بالشفعة بلا عذر .. بيع الشفيع ما يشفع به قبل العلم بالشفعة .. إذا انتقل نصيب الشريك إلى غيره بغير عوض كالإرث والهبة ونحوهما .. إذا مات الشفيع قبل أن يطلب الشفعة .. إذا أسقط الشفيع حقه في الشفعة.
- الحكم عند تزاحم الشفعاء:
إذا كان الشفعاء أكثر من واحد، وكل منهم يطلب الشفعة:
فإن كانوا من مرتبة واحدة كالشركاء في المبيع، يقسم العقار المشفوع فيه بين الشفعاء على قدر حصصهم منه؛ لأن الضرر داخل على كل واحد من الشركاء بحسب ما يملكه.
وإن لم يكن الشفعاء من مرتبة واحدة، فيقدم الشريك في المبيع أولاً، ثم الشريك في حق الارتفاق، ثم الجار الملاصق.
- حكم شفعة الجار:
الجار أحق بشفعة جاره، فإذا كان بين الجارين حق مشترك من طريق، أو ماء،
أو مسيل، تثبت الشفعة لكل منهما.
فلا يبيع أحدهما حتى يستأذن جاره، وإن باع من غير إذنه كان أولى بالمبيع من المشتري؛ لدفع الضرر والمفسدة.
1 -
عَنْ أبِي رَافِعٍ رضي الله عنه مَوْلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «الجَارُ أحَقُّ بِسَقَبِهِ» . أخرجه البخاري (1).
2 -
وَعَنْ جَابرِ بْنِ عَبْدِاللهِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «الجَارُ أَحَقُّ بشُفْعَةِ جَارِهِ يُنْتَظَرُ بهَا وَإِنْ كَانَ غَائِباً إِذا كَانَ طَرِيقُهُمَا وَاحِداً» . أخرجه أبو داود وابن ماجه (2).
- حكم اختلاف الشفيع والمشتري:
إذا اختلف الشفيع والمشتري في قدر الثمن، ولم تكن بينة، فالقول قول المشتري مع يمينه؛ لأنه أعلم بما اشتراه من الشفيع، وإن اختلفا في صفة الثمن، بأن قال المشتري: اشتريته بثمن معجل، وقال الشفيع: بل بثمن مؤجل، ولم تكن بينة، فالقول قول المشتري مع يمينه؛ لأن الحلول في الثمن أصل، ولأن العاقد أعرف بصفة الثمن من غيره، فكان القول قوله.
- حكم ما يطرأ على المشفوع فيه:
قد يطرأ على المشفوع فيه وهو في يد المشتري قبل القضاء بالشفعة للشفيع بعض التغيرات، كعقودٍ وتصرفاتٍ ناقلة للملكية كالبيع والهبة، أو مرتبة لحق انتفاع كالإجارة والإعارة ونحوهما، أو حصول زيادة كالبناء في الأرض
والغرس، أو حصول نقص كهلاك، وهدم، واحتراق.
(1) أخرجه البخاري برقم (2258).
(2)
صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (3518) ، وأخرجه ابن ماجه برقم (2494).
فكل العقود والتصرفات بعد طلب الشفيع الشفعة لا تصح؛ لانتقال الملك إلى الشفيع بالطلب، ولتعلق حق الغير بالمبيع.
وإذا نما المبيع عند المشتري، كأن أثمر الشجر، فإن كان النماء متصلاً كالشجر يكبر، فهو للشفيع؛ لأنه تبع للأصل.
وإن كان النماء منفصلاً كالثمرة، والأجرة، فهي للمشتري؛ لأنها حدثت في ملك المشتري، وإن كانت الزيادة محدَثة كالغرس، أو الزرع، أو البناء، ففي حالة الزرع تثبت الشفعة للشفيع، والزرع للمشتري، وعليه أجرة المثل إن تصرف بعد طلب الشفيع الشفعة، وأما في حالة البناء والغرس فللشفيع الأخذ بالشفعة، وللمشتري الحق في قلع الغرس، ونقض البناء.
وإن لم يختر المشتري القلع فالشفيع بالخيار بين ترك الشفعة، وبين دفع قيمة البناء والغرس وأخذ المشفوع فيه.
وإن نقص المشفوع فيه، فإن كان النقص جزءاً من توابع الأرض كقطف الثمرة، وهلاك الآلة، فإنه يُسقط من الثمن قيمة ما نقص، وإن كان النقص متصلاً بالأرض مثل يبس الشجر واحتراقه، وتهدم البناء، فإن كان بصنع المشتري نقص من الثمن بقيمة ما زال.
وإن حصل الضرر بآفة سماوية، فعلى الشفيع دفع الثمن كله؛ لأن النقص ليس بجناية أحد، وإن كان النقص في الأرض نفسها كأن أغرقها السيل، فللشفيع الخيار بين ترك الشفعة، وبين أخذ الباقي بحصته من الثمن.
- حكم الشفاعة:
الشفاعة: هي سؤال العون للغير، وتستعمل غالباً في سؤال الخير للغير.
- أقسام الشفاعة:
تنقسم الشفاعة إلى قسمين:
1 -
الشفاعة الحسنة: وهي ما كانت في كل ما استحسنه الشرع.
كأن يشفع الإنسان لإزالة ضرر، أو تحصيل منفعة لمستحق، أو رفع مظلمة عن مظلوم ونحو ذلك.
فهذه الشفاعة محمودة، وصاحبها مأجور.
2 -
الشفاعة السيئة: وهي ما كانت فيما حرمه الشرع.
كأن يشفع الإنسان في إسقاط حد شرعي، أو هضم حق لأحد، أو إعطاء حق لغير مستحقه ونحو ذلك.
فهذه مذمومة، وصاحبها آثم.
1 -
قال الله تعالى: {مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا (85)} [النساء:85].
2 -
وَعَنْ أبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا جَاءَهُ السَّائِلُ، أوْ طُلِبَتْ إِلَيْهِ حَاجَةٌ، قال:«اشْفَعُوا تُؤْجَرُوا، وَيَقْضِي اللهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم مَا شَاءَ» . متفق عليه (1).
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1432) ، واللفظ له، ومسلم برقم (2627).