الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 - البيوع المحرمة بسبب الضرر والخداع
1 -
بيع النجش:
وهو أن يزيد الإنسان في ثمن السلعة وهو لا يريد شراءها، بل ليوقع غيره فيها، أو يمدح المبيع بما ليس فيه ليروِّجه.
ويقع ذلك غالباً بمواطأة مع البائع فيشتركان في الإثم، ويقع ذلك أحياناً بغير علم البائع فيأثم الناجش وحده.
وبيع النجش باطل وحرام؛ لما فيه من خديعة المسلم، وأكل المال بالباطل.
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنِ النَّجْشِ. متفق عليه (1).
2 -
بيع الرجل على بيع أخيه:
وهو أن يقول الإنسان لمن اشترى سلعة في مدة الخيار: افسخ هذا البيع، وأنا أبيعك مثله أو أجود منه بأرخص من ثمنه.
أو يقول للبائع في مدة الخيار: افسخ هذا البيع، وأنا أشتريه منك بأكثر من هذا الثمن، أو يسوم بأكثر بعد استقرار البيع.
وهذا البيع والشراء باطل وحرام؛ لما فيه من الضرر والإفساد على المسلم، ولما يسببه من التدابر والتحاسد.
1 -
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لا يَبِعِ الرَّجُلُ عَلَى بَيْعِ أخِيهِ، وَلا يَخْطُبْ عَلَى خِطْبَةِ أخِيهِ، إِلا أنْ يَأْذَنَ لَهُ» . متفق عليه (2).
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2142) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1516).
(2)
متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2139) ، ومسلم برقم (1412) ، واللفظ له.
2 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لا يَسُمِ المُسْلِمُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ» . متفق عليه (1).
3 -
بيع الصفقة:
هو البيع المشتمل على حلال وحرام، أو معلوم ومجهول، أو مملوك وغير مملوك، أو صحيح وفاسد، أو طيب وخبيث.
وهذا البيع باطل ومحرم؛ لما فيه من الضرر والخداع، وأكل أموال الناس بالباطل.
4 -
بيع الاحتكار:
وهو أن يشتري ما يحتاجه الناس كالطعام في وقت الغلاء للتجارة، ولا يبيعه في الحال، بل يدخره ليغلو ثمنه أكثر ثم يبيعه، فهذا الاحتكار محرم؛ دفعاً للضرر عن الناس.
عَنْ مَعْمَرِ بْنِ عَبْداللهِ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا يَحْتَكِرُ إلاّ خَاطِىءٌ» . أخرجه مسلم (2).
5 -
بيع تَلَقِّي الجَلَب أو الركبان أو السلع:
وهو أن يقوم بعض الناس بالخروج لتَلَقِّي السلع قبل ورودها إلى السوق، وقبل أن يعرف أصحابها الأسعار، فيخبروهم أن السعر ساقط، والسوق كاسدة، فيخدعونهم ويشترون بضاعتهم بأقل مما تستحق.
وهذا البيع باطل ومحرم؛ لما فيه من الضرر والخداع لأصحاب السلع.
عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لا يَبِيعُ بَعْضُكُمْ
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2727) ، ومسلم برقم (1515) ، واللفظ له.
(2)
أخرجه مسلم برقم (1605).
عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَلا تَلَقَّوُا السِّلَعَ حَتَّى يُهْبَطَ بِهَا إِلَى السُّوقِ». متفق عليه (1).
6 -
بيع الحاضر للباد:
هو أن يخرج السمسار -وهو متولي البيع والشراء لغيره- إلى جالب السلعة، ويقول له: ضعه عندي لأبيعه لك على التدريج بأغلى من هذا السعر، فيضر بالناس، ويستغل حاجتهم.
وهذا البيع محرم وباطل؛ للنهي عنه، والنهي يقتضي الفساد، ولما فيه من الإضرار بالمسلمين.
1 -
عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ، دَعُوا النَّاسَ يَرْزُقِ اللهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ» . أخرجه مسلم (2).
2 -
وعَنْ طَاوس عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لا تَلَقَّوُا الرُّكْبَانَ، وَلا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ» . قالَ: فَقُلْتُ لابْنِ عَبَّاسٍ: مَا قَوْلُهُ: «لا يَبِيعُ حَاضِرٌ لِبَادٍ» . قال: لا يَكُونُ لَهُ سِمْسَاراً. متفق عليه (3).
7 -
بيع فضل الماء:
وهو أن يكون للإنسان بئر في الفلاة، وفيها ماء فاضل عن حاجته، فيمنعه من احتاج إليه من الناس والمواشي إلا بعوض، ولا يكون هناك سوى هذه البئر، أو يمنع الناس من ماء العين أو النهر من الشرب إلا بعوض.
فهذا البيع محرم؛ لما فيه من الضرر على الناس والمواشي.
1 -
وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «ثَلاثَةٌ لا يَنْظُرُ اللهُ
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2165) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1412).
(2)
أخرجه مسلم برقم (1522).
(3)
متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2158) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1521).
إِلَيْهِمْ يَوْمَ القِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ ألِيمٌ: رَجُلٌ كَانَ لَهُ فَضْلُ مَاءٍ بِالطَّرِيقِ فَمَنَعَهُ مِنِ ابْنِ السَّبِيلِ، وَرَجُلٌ بَايَعَ إِمَاماً لا يُبَايِعُهُ إِلا لِدُنْيَا، فَإِنْ أعْطَاهُ مِنْهَا رَضِيَ وَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ مِنْهَا سَخِطَ، وَرَجُلٌ أقَامَ سِلْعَتَهُ بَعْدَ العَصْرِ فَقال: وَاللهِ الَّذِي لا إِلَهَ غَيْرُهُ، لَقَدْ أعْطَيْتُ بِهَا كَذَا وَكَذَا، فَصَدَّقَهُ رَجُلٌ». ثُمَّ قَرَأ هَذِهِ الآيَةَ:{إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} . متفق عليه (1).
8 -
بيع الغش والمكر والكذب:
وهذا النوع يكون بالقول والفعل، وله صور كثيرة:
1 -
إخفاء العيب عن الناس:
بوضع الجيد في الأعلى والرديء في الأسفل، وطلاء الأثاث والآلات القديمة لتظهر أنها حديثة، وتغيير عدّاد السيارة ليظهر أنها قليلة الاستعمال، وبيع المصراة بحبس لبنها في ضرعها ليوهم المشتري أنها غزيرة اللبن ونحو ذلك.
وكل هذا البيع باطل ومحرم؛ لأنه غش وخداع وإضرار بالناس.
1 -
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّ عَلَى صُبْرَةِ طَعَامٍ، فَأدْخَلَ يَدَهُ فِيهَا، فَنَالَتْ أصَابِعُهُ بَلَلا، فَقَالَ:«مَا هَذَا يَا صَاحِبَ الطَّعَامِ؟» قال: أصَابَتْهُ السَّمَاءُ يَا رَسُولَ اللهِ! قال: «أفَلا جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعَامِ كَيْ يَرَاهُ النَّاسُ؟ مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي» . أخرجه مسلم (2).
2 -
وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لا تَلَقَّوُا الرُّكْبَانَ، وَلا
يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَلا تَنَاجَشُوا، وَلا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ، وَلا تُصَرُّوا
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2358) ، واللفظ له، ومسلم برقم (108).
(2)
أخرجه مسلم برقم (102).
الغَنَمَ، وَمَنِ ابْتَاعَهَا فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أنْ يَحْتَلِبَهَا: إِنْ رَضِيَهَا أمْسَكَهَا، وَإِنْ سَخِطَهَا رَدَّهَا وَصَاعاً مِنْ تَمْرٍ». متفق عليه (1).
2 -
كتمان الحقيقة والكذب:
كأن يمدح السلعة بما ليس فيها، ويكتم البائع ما فيها من عيب، كتصدع في جدران المنزل، وكسر في محرك الآلة، ومرض في الدابة المباعة ونحو ذلك.
وكل ذلك محرم؛ لما فيه من الغش والكذب.
أو يمدح السلعة بما ليس فيها ليغري الناس بشرائها، كأن يقول: هذه السيارة أو الدار تساوي أكثر، أو لا مثيل لهذه البضاعة في السوق، أو دُفِع لي بها أكثر فلم أقبل ونحو ذلك من المغريات الكاذبة.
وكل ذلك محرم؛ لما فيه من الكذب والغش وأكل أموال الناس بالباطل.
قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء:29].
9 -
بيع الإكراه والاضطرار:
كأن يهدده شخص بقتله، أو قطع أحد أعضائه، أو ضربه إذا لم يفعل ما يطلبه منه، أو يضطر إلى البيع لتهريب أمواله من وجه ظالم يريد أخذها، أو يكتب عقداً ويتظاهر بالبيع كذباً من غير نية.
فهذا البيع كله باطل لا يصح؛ لوجود الإكراه، وفقد التراضي والكذب، وهو
محرم.
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2150) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1515).
أما الإكراه بحق فجائز كما لو أكرهه الحاكم على بيع ماله لوفاء دينه.
قال الله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (188)} [البقرة:188].