المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌4 - كتاب الزكاة

- ‌1 - الزكاة المفروضة

- ‌1 - الأموال التي تجب فيها الزكاة

- ‌1 - زكاة الذهب والفضة

- ‌2 - زكاة الأوراق النقدية

- ‌3 - زكاة عروض التجارة

- ‌4 - زكاة بهيمة الأنعام

- ‌5 - زكاة الحبوب والثمار

- ‌6 - زكاة الركاز

- ‌7 - زكاة المعادن

- ‌2 - إخراج الزكاة

- ‌3 - آداب إخراج الزكاة

- ‌4 - أهل الزكاة

- ‌2 - زكاة الفطر

- ‌3 - صدقة التطوع

- ‌5 - كتاب الصيام

- ‌1 - فقه الصيام

- ‌2 - حكم الصيام

- ‌3 - فضائل الصيام

- ‌4 - أقسام الصيام

- ‌5 - أحكام الصيام

- ‌6 - سنن الصيام

- ‌7 - ما يجب على الصائم

- ‌8 - ما يحرم على الصائم

- ‌9 - ما يكره للصائم

- ‌10 - ما يجوز للصائم

- ‌11 - أقسام المفطرات

- ‌12 - قضاء الصيام

- ‌13 - صيام التطوع

- ‌14 - الاعتكاف

- ‌6 - كتاب الحج والعمرة

- ‌1 - شعائر الحج والعمرة

- ‌2 - حكم الحج والعمرة

- ‌1 - الحج

- ‌2 - العمرة

- ‌3 - شروط الحج والعمرة

- ‌4 - أركان الحج والعمرة

- ‌5 - واجبات الحج والعمرة

- ‌6 - سنن الحج والعمرة

- ‌7 - مواقيت الحج والعمرة

- ‌8 - باب الإحرام

- ‌9 - باب الفدية

- ‌10 - باب الهدي

- ‌11 - صفة العمرة

- ‌12 - صفة الحج

- ‌13 - صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌14 - أحكام الحج والعمرة

- ‌15 - زيارة المسجد النبوي

- ‌الباب الحادي عشركتاب المعاملات

- ‌1 - كتاب البيع

- ‌مفاتيح الرزق الحلال

- ‌أركان البيع

- ‌شروط البيع

- ‌البيوع المباحة

- ‌البيوع المنهي عنها

- ‌1 - البيوع الممنوعة بسبب العاقد

- ‌2 - البيوع الممنوعة بسبب صيغة العقد

- ‌3 - البيوع الممنوعة بسبب المعقود عليه

- ‌1 - البيوع المحرمة بسبب الغرر والجهالة

- ‌2 - البيوع المحرمة بسبب الربا

- ‌3 - البيوع المحرمة بسبب الضرر والخداع

- ‌4 - البيوع المحرمة لذاتها

- ‌5 - البيوع المحرمة لغيرها

- ‌4 - البيوع الممنوعة بسبب وصف أو شرط أو نهي شرعي

- ‌أحكام البيع

- ‌2 - الخيار

- ‌3 - السَّلَم

- ‌4 - الربا

- ‌5 - القرض

- ‌6 - الرهن

- ‌7 - الضمان

- ‌8 - الكفالة

- ‌9 - الحوالة

- ‌10 - الوكالة

- ‌11 - الإجارة

- ‌12 - الجعالة

- ‌13 - الوديعة

- ‌14 - العارية

- ‌15 - الشركة

- ‌الشركات المعاصرة

- ‌16 - الشفعة

- ‌17 - المساقاة والمزارعة

- ‌18 - إحياء الموات

- ‌19 - المسابقة

- ‌20 - اللقطة

- ‌21 - الغصب

- ‌22 - الحَجْر

- ‌23 - الصلح

- ‌24 - القسمة

- ‌25 - الهبة

- ‌26 - الوصية

- ‌27 - الوقف

- ‌28 - العتق

الفصل: ‌4 - الربا

‌4 - الربا

- أصول البيوع المحرمة:

أصول البيوع التي حرمها الله ورسوله هي:

1 -

أن يكون المبيع محرم العين كالخمر، والخنزير، والأصنام.

2 -

أن يكون البيع من بيوع الربا.

3 -

أن يكون البيع من بيوع الغرر.

4 -

أن يشتمل البيع على شرط يؤول إلى الربا، أو إلى الغرر، أو إليهما معاً.

5 -

أن يكون الشرط مناقضاً لمقتضى العقد.

فهذه الأصول تجمع البيوع المحرمة.

- الربا: هو الزيادة في بيع شيئين يجري فيهما الربا.

- أحكام المعاملات المالية:

المعاملات المالية لها ثلاثة أحكام:

عدل .. وفضل .. وظلم.

فالعدل هو البيع، والفضل هو الإحسان والصدقة، والظلم هو الربا ونحوه.

1 -

قال الله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة:275].

2 -

وقال الله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (261)} [البقرة:261].

ص: 470

- أقسام المحرمات:

المحرمات في الشرع قسمان:

الأول: محرم لعينه كالنجاسات من الدم، والميتة، والخنزير ونحوها.

الثاني: محرم لحق الغير: وهو ما جنسه مباح من المطاعم والمشارب، والمساكن والملابس، والمراكب والأموال ونحوها.

وهذه إنما تَحْرم لأمرين:

أحدهما: أَخْذها بغير طيب نفس صاحبها، ولا إذن الشارع فيها، بطريق السرقة أو الغضب أو الخيانة، وهذا هو الظلم المحض.

الثاني: أَخْذها بغير إذن الشارع -وإنْ أذن صاحبها-، وهي العقود والقبوض المحرمة كالربا والميسر ونحوهما.

والواجب على من حصلت بيده هذه الأموال ردها إلى أصحابها.

فإن لم يعلم صاحبها فإتلافها إضاعة لها، وهو محرم، وحبسها مع أنه لا يرجى معرفة صاحبها أشد حرمة من إتلافها.

فتعين إنفاقها في جهات البر والخير التي تنفع الناس، فإن الله خلق الخلق لعبادته، وخلق الأموال ليستعينوا بها على طاعته.

- حكم الربا:

الربا من كبائر الذنوب، وهو محرم في جميع الأديان السماوية؛ لما فيه من عظيم الأضرار، وكثير الأخطار.

1 -

قال الله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة:275].

2 -

وقال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً

ص: 471

وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (130)} [آل عمران:130].

3 -

وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقَاتِ» . قالوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا هُنَّ؟ قال:«الشِّرْكُ بِاللهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلا بِالحَقِّ، وَأكْلُ الرِّبَا، وَأكْلُ مَالِ اليَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ الغَافِلاتِ» . متفق عليه (1).

- أنواع الربا:

الربا المحرم في الإسلام نوعان:

الأول: ربا النسيئة: وهو أصل الربا، ولم تكن العرب في الجاهلية تعرف سواه، وهو الذي كانوا يأخذونه بسبب تأخير قضاء دين مستحَق إلى أجل جديد، وقد ثبت تحريمه بالقرآن والسنة.

وهو الذي حذرهم الله منه بقوله سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (130)} [آل عمران:130].

الثاني: ربا البيوع: ويسمى ربا الفضل، وقد حُرِّم سداً للذرائع؛ لأنه ذريعة إلى ربا النسيئة، لاشتماله على زيادة بدون عوض.

وهو بيع النقود بالنقود مع الزيادة، أو الطعام بالطعام مع الزيادة، وقد ثبت تحريمه بالسنة.

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيّ رضي الله عنه أَنّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا تَبِيعُوا الذّهَبَ بِالذّهَبِ وَلَا الوَرِقَ بِالوَرِقِ، إلاّ وَزْناً بِوَزْنٍ، مِثْلاً بِمِثْلٍ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ» .

متفق عليه (2).

(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2766) ، واللفظ له، ومسلم برقم (89).

(2)

متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2176) ، ومسلم برقم (1584) ، واللفظ له.

ص: 472

- حكم عقد الربا:

عقد الربا سواء كان ربا النسيئة، أو ربا الفضل، كل ذلك محرم وباطل، وكل ما بني على الباطل فهو باطل.

فيجب على المسلم الحذر منه؛ لئلا يتعرض لسخط الله ولعنته وعقوبته، وتتعرض أمواله للمحق والدمار.

1 -

قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ (279)} [البقرة:278 - 279].

2 -

وقال الله تعالى: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (276)} [البقرة:276].

3 -

وَعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: لَعَنَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم آكِلَ الرّبَا، وَمُوكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ، وَقَالَ:«هُمْ سَوَاءٌ» . أخرجه مسلم (1).

- حكم العقود الفاسدة والمحرمة:

جميع العقود الباطلة والفاسدة منهي عنها، ويحرم تعاطيها والتعامل بها، ولا ينتقل المُلك فيها ولو تراضيا؛ لأن ما بني على الباطل فهو باطل.

ومن فعل ذلك فهو آثم؛ لأنه فَعَل ما لا يجوز له فعله، ويجب رد كل مال إلى مالكه ولو قبض، ولا ينفذ تصرف المشتري فيه، وعليه رده بنمائه،

وللمشتري أجرة مثله مدة مكثه عنده، ويضمنه إن تلف أو نقص كغيره.

وإن باع السلعة المملوكة بعقد فاسد لم يصح البيع؛ لأنه باع ملك غيره بغير

(1) أخرجه مسلم برقم (1598).

ص: 473

إذنه، وعلى المشتري رده.

قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (29)} [النساء:29].

- حكم عقود الجاهلية:

كل عقد وافق الشرع فهو صحيح، والعقود الفاسدة والمحرمة لها حالتان:

1 -

ما مضى منها في حال الكفر، وقَبَضه المتعاقدان قبل الإسلام.

فهذا يُقرّان على ما مضى منه؛ لأن الإسلام يهدم ما قبله.

قال الله تعالى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (275)} [البقرة:275].

2 -

ما مضى من الربا حال الكفر ولم يقبضه، فلا يحل له أخذه بعد الإسلام.

قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ (279)} [البقرة:278 - 279].

- حكمة تحريم الربا:

الربا من كبائر الذنوب، وقد حرمه الله ورسوله لما فيه من الأضرار العظيمة

على الناس، فهو يسبب العداوة بين الناس .. ويقتل مشاعر الشفقة والرحمة في الإنسان .. وينزع فضيلة التعاون والتناصر بين الناس .. ويؤدي إلى تضخم

ص: 474

أموال الأغنياء على حساب سلب مال الفقير.

وفيه ظلم للمحتاج .. واستغلال لحاجته، وتسلط الغني على الفقير .. وإغلاق باب الصدقة والإحسان بين الناس.

والربا أكل لأموال الناس بالباطل .. ونصب وظلم واحتيال على الخلق.

وفيه تعطيل للمكاسب، والتجارة، والصناعة، وما يحتاجه الناس.

فالمرابي بالربا يزيد ماله بدون تعب، فيترك التجارة والمصالح التي ينتفع بها الناس، فتفسد الحياة، ويضطرب الأمن، وترتفع الأسعار، وما أحد أكثر من الربا إلا كان عاقبة أمره إلى قلة.

1 -

قال الله تعالى: {وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ (39)} [الروم:39].

2 -

وقال الله تعالى: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (276)} [البقرة:276].

- أقسام الربا:

الربا ينقسم إلى قسمين:

ربا النسيئة .. وربا الفضل.

القسم الأول: ربا النسيئة: وهو الزيادة التي يأخذها البائع من المشتري مقابل التأجيل.

كأن يعطيه مائة ألف جنيه نقداً، على أن يردها عليه مائة وعشرة آلاف بعد

سنة.

ومن صور ربا النسيئة:

ص: 475

1 -

قلب الدين على المعسر:

بأن يكون له مال مؤجل على رجل ببيع أو قرض، فإذا حل الأجل قال له: أتقضي أم تربي؟

فإن وفّاه ماله، وإلا زاد هذا في الأجل، وزاد ذاك في المال، فيتضاعف المال على المدين، ويتراكم حتى يرهقه.

وهذا هو أصل الربا في الجاهلية، فحرمه الله عز وجل، وأوجب إنظار المعسر، ورغَّب في الإحسان إليه، وهو أخطر أنواع الربا؛ لعظيم ضرره، وشدة عقوبته.

وقد اجتمع فيه الربا بأنواعه:

ربا النسيئة .. وربا القرض .. وربا الفضل.

1 -

قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ (279) وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (280)} [البقرة:278 - 280].

2 -

وقال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (130)} [آل عمران:130].

2 -

ربا القرض:

وهو أن يقرض البنك أو الشخص أحداً مبلغاً من المال بزيادة معلومة مقابل

التأجيل، كأن يقرضه ألف ريال على أن يرده عليه بعد سنة ألفاً ومائة ريال مثلاً، أو على أقساط شهرية بفائدة معلومة.

ص: 476

وهذا النوع هو الشائع الآن في العالم، وهو حرام، وعقد باطل، وفاعله آثم.

- حكم القروض المصرفية:

أهم العمليات التي تجري في المصارف عمليتان، كلاهما محرم:

الأولى: الإقراض بفائدة: بأن يعطي الإنسان ماله للمصرف ليأخذ عليه فائدة سنوية 5% مثلاً.

وتسمى هذه العملية (الإيداع إلى أجل) وهي عملية ربوية محرمة.

الثانية: الاقتراض بفائدة: بأن يقترض الشخص أو الشركة من المصرف مبلغاً من المال، على أن يرده بعد سنة بفائدة مقدارها 7% مثلاً.

وهذه كذلك عملية ربوية محرمة.

قال الله تعالى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (275) يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (276)} [البقرة:275 - 276].

- حكم الزيادة على القرض:

إذا أقرض الإنسان غيره شيئاً، واشترط عليه أن يرد أفضل منه، أو اشترط نفعاً على المستقرض كأن يسكنه داره شهراً مثلاً.

فهذا الفعل محرم؛ لأنه قرض جر نفعاً فهو ربا، فإن لم يشترط المقرض،

وبذل المستقرض النفع أو الزيادة بنفسه جاز وأُجِر على شكره المعروف من أخيه.

ص: 477

عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم سِنٌّ مِنَ الإِبِلِ، فَجَاءَهُ يَتَقَاضَاهُ، فَقال:«أعْطُوهُ» . فَطَلَبُوا سِنَّهُ فَلَمْ يَجِدُوا لَهُ إِلا سِنّاً فَوْقَهَا، فَقال:«أعْطُوهُ» . فَقال: أوْفَيْتَنِي أوْفَى اللهُ بِكَ. قال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ خِيَارَكُمْ أحْسَنُكُمْ قَضَاءً» . متفق عليه (1).

3 -

ربا التأجيل:

وهو بيع كل جنسين اتفقا في علة ربا الفضل، مع تأخير قبضهما، أو قبض أحدهما، كبيع الذهب بالذهب مؤجلاً، والبر بالبر مؤجلاً.

وكذا بيع جنس بآخر من هذه الأجناس مؤجلاً كالذهب بالفضة، أو البر بالشعير مؤجلاً.

عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصّامِتِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «الذّهَبُ بِالذّهَبِ، وَالفِضّةُ بِالفِضّةِ، وَالبُرّ بِالبُرّ، وَالشّعِيرُ بِالشّعِيرِ، وَالتّمْرُ بِالتّمْرِ، وَالمِلحُ بِالمِلحِ، مِثْلاً بِمِثْلٍ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ، يَداً بِيَدٍ، فَإذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الأَصْنَافُ، فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ، إذَا كَانَ يَداً بِيَدٍ» . أخرجه مسلم (2).

القسم الثاني: ربا الفضل:

وهو بيع النقود بالنقود مع الزيادة، أو الطعام بالطعام مع الزيادة.

فهو بيع ربوي بمثله مع زيادة في أحد المثلين.

وربا الفضل محرم؛ لأنه وسيلة إلى ربا النسيئة، بل هو رباً حقيقي بقول الرسول صلى الله عليه وسلم، ولأنه يعتمد تارة على جهل الناس بأصناف الأنواع، وتارة يعتمد على استغلال حاجتهم إلى نوع معين.

(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2305) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1601).

(2)

أخرجه مسلم برقم (1587).

ص: 478

عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ بِلالٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِتَمْرٍ بَرْنِيٍّ، فَقال لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«مِنْ أيْنَ هَذَا» . قال بِلالٌ: كَانَ عِنْدَنَا تَمْرٌ رَدِيٌّ، فَبِعْتُ مِنْهُ صَاعَيْنِ بِصَاعٍ، لِنُطْعِمَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ ذَلِكَ:«أوَّهْ أوَّهْ، عَيْنُ الرِّبَا عَيْنُ الرِّبَا، لا تَفْعَل، وَلَكِنْ إِذَا أرَدْتَ أنْ تَشْتَرِيَ فَبِعِ التَّمْرَ بِبَيْعٍ آخَرَ، ثُمَّ اشْتَرِهِ به» . متفق عليه (1).

- ما يقع فيه الربا:

الربا نوعان:

الربا في الديون .. والربا في البيوع.

1 -

الربا في الديون له صورتان:

الأولى: أن يكون للإنسان مال مؤجل على آخر، فإذا حل الأجل ولم يتمكن من السداد، قلب الدين على المعسر مقابل زيادة الأجل.

وهذا هو ربا النسيئة، وهو أصل ربا الجاهلية، وهو أخطر أنواع الربا؛ لعظيم ضرره، حيث اجتمع فيه الربا بأنواعه: ربا النسيئة، وربا الفضل، وربا القرض.

ولهذا حرمه الله عز وجل، وأعلن الحرب على آكله.

الثانية: أن يقرض الإنسان غيره مبلغاً من المال إلى أجل، على أن يرد عليه أكثر منه بعد حلول الأجل، كأن يقرضه ألف ريال على أن يرده عليه بعد سنة

ألفاً وخمسمائة مثلاً.

فهذا القرض محرم؛ لأن كل قرض جر منفعة فهو محرم، وإن بذل له المقترض زيادة بدون شرط فذلك مشروع؛ لأنه من حسن القضاء.

(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2312) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1594).

ص: 479

2 -

الربا في البيوع: وهو قسمان:

1 -

ربا الفضل: وهو بيع المال الربوي بجنسه متفاضلاً كأن يبيعه جراماً من الذهب بجرامين منه مع التسليم في الحال.

وهذا البيع محرم؛ لأنه وسيلة إلى ربا النسيئة.

2 -

ربا النسيئة: وهو الزيادة التي يأخذها البائع من المشتري مقابل التأجيل.

كأن يعطيه ألفاً نقداً على أن يرده بعد سنة ألفاً وخمسمائة مثلاً، أو يقلب الدين على المعسر مقابل التأجيل.

وهذا أخطر وأعظم أنواع الربا.

1 -

قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (130)} [آل عمران:130].

2 -

وقال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ (279)} [البقرة:278 - 279].

3 -

وَعَنْ أسَامَة رضي الله عنه أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لا رِباً إِلا فِي النَّسِيئَةِ» . متفق عليه (1).

- علة الأموال الربوية:

1 -

أصول الأموال الربوية ستة:

الأول: الأثمان: وهما الذهب والفضة.

الثاني: المطعومات: وهي: البر، والتمر، والشعير، والملح.

(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2179) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1596).

ص: 480

فالذهب والفضة أصول لغير المطعومات من الموزونات مثل الحديد، والنحاس، والرصاص وغيرها من الموزونات.

والبر والشعير أصول للحبوب كالعدس، والفول، والأرز ونحوها من المطعومات من البقول والحبوب.

والملح أصل للمطعومات المالحة .. والتمر أصل للمطعومات الحلوة.

فكل شيء بِيع بمثله متفاضلاً من غير المطعومات إن كان يباع بالوزن فلا يجوز إلا مِثلاً بمثل، يداً بيد.

وإن حوَّلته الصنعة فصار يباع بالعد لا بالوزن جاز بيعه متفاضلاً.

2 -

يقاس على هذه الأصناف الستة كل ما وافقها في العلة، وهي:

الثمنية: في الذهب والفضة، وفي الأربعة الباقية الكيل والطعم، أو الوزن والطعم.

عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصّامِتِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «الذّهَبُ بِالذّهَبِ، وَالفِضّةُ بِالفِضّةِ، وَالبُرّ بِالبُرّ، وَالشّعِيرُ بِالشّعِيرِ، وَالتّمْرُ بِالتّمْرِ، وَالمِلحُ بِالمِلحِ، مِثْلاً بِمِثْلٍ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ، يَداً بِيَدٍ، فَإذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الأَصْنَافُ، فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ، إذَا كَانَ يَداً بِيَدٍ» . أخرجه مسلم (1).

- أحكام ربا الفضل:

1 -

إذا كان البيع في جنس واحد ربوي فإنه يحرم فيه التفاضل والنسأ كأن يبيع الإنسان ذهباً بذهب، أو براً ببر ونحوهما.

فيشترط لصحة هذا البيع التساوي في الكمية، والقبض في الحال؛ لاتفاق

(1) أخرجه مسلم برقم (1587).

ص: 481

البدلين في الجنس والعلة.

2 -

إذا كان البيع في جنسين اتفقا في علة ربا الفضل، واختلفا في الجنس، فإنه يجوز التفاضل، ويحرم النساء كأن يبيع ذهباً بفضة، أو براً بشعير ونحوهما، فيجوز التفاضل، لكن بشرط القبض في الحال؛ لأنهما اختلفا في الجنس، واتحدا في العلة.

1 -

عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إِلا مِثْلا بِمِثْلٍ وَلا تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، وَلا تَبِيعُوا الوَرِقَ بِالوَرِقِ إِلا مِثْلا بِمِثْلٍ، وَلا تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، وَلا تَبِيعُوا مِنْهَا غَائِباً بِنَاجِزٍ» . متفق عليه (1).

2 -

عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الفِضّةِ بِالفِضّةِ، وَالذّهَبِ بِالذّهَبِ، إلاّ سَوَاءً بِسَوَاءٍ، وَأَمَرَنَا أَنْ نَشْتَرِيَ الفِضّةَ بِالذّهَبِ كَيْفَ شِئْنَا، وَنَشْتَرِيَ الذّهَبَ بِالفِضّةِ كَيْفَ شِئْنَا، قَالَ: فَسَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَداً بِيَدٍ؟ فَقَالَ: هَكَذَا سَمِعْتُ. متفق عليه (2).

3 -

إذا كان البيع بين جنسين ربويين لم يتفقا في العلة جاز الفضل والنسأ كأن يبيعه طعاماً بذهب، أو براً بفضة ونحو ذلك، فيجوز التفاضل والتأجيل؛ لاختلاف البدلين في الجنس والعلة.

4 -

إذا كان البيع بين جنسين ليسا ربويين جاز الفضل والنسأ فيجوز في كل شيء إلا الأموال الربوية كأن يبيع بعيراً ببعيرين، أو ثوباً بثوبين ونحو ذلك، فيجوز التفاضل والتأجيل، ونقداً ونسيئة.

(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2177) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1584).

(2)

متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2175) ، ومسلم برقم (1590) ، واللفظ له.

ص: 482

5 -

لا يجوز بيع أحد نوعي جنس بالآخر إلا أن يكونا في مستوى واحد في الصفة، فلا يباع الرطب بالتمر مثلاً؛ لأن الرطب ينقص إذا جف، فيحصل التفاضل المحرم، ويستثنى من ذلك بيع العرايا للحاجة.

1 -

عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ المُزَابَنَةِ. وَالمُزَابَنَةُ: بَيْعُ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ كَيْلا، وَبَيْعُ الزَّبِيبِ بِالكَرْمِ كَيْلا. متفق عليه (1).

2 -

وَعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَخَّصَ لِصَاحِبِ العَرِيَّةِ أَنْ يَبِيعَهَا بِخَرْصِهَا مِنَ التَّمْرِ. متفق عليه (2).

- حكم بيع الذهب المصوغ:

يباع الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، مثلاً بمثل، يداً بيد.

ولا يجوز بيع المصوغ من الذهب أو الفضة بجنسه متفاضلاً لأجل جودة الصنعة في أحدهما، لكن يبيع ما معه بمثله، أو يبيعه بالدراهم، ثم يشتري المصوغ.

عَنْ أبِي بَكْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إِلا سَوَاءً بِسَوَاءٍ، وَالفِضَّةَ بِالفِضَّةِ إِلا سَوَاءً بِسَوَاءٍ، وَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالفِضَّةِ، وَالفِضَّةَ بِالذَّهَبِ، كَيْفَ شِئْتُمْ» . متفق عليه (3).

- حكم بيع الذهب بذهب مخلوط مع غيره:

لا يجوز بيع ربوي بجنسه ومعهما أو مع أحدهما من غير جنسه كبيع الذهب بالذهب مع وجود الألماس في أحدهما، حتى يُفصل ويُعلم وزن الألماس

(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2171) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1542).

(2)

متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2173) ، ومسلم برقم (1539) ، واللفظ له.

(3)

متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2175) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1590).

ص: 483

والذهب.

عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ رضي الله عنه قَالَ: اشْتْرَيْتُ يَوْمَ خَيْبَرَ قِلَادَةً بِاثْنَيْ عَشَرَ دِيناراً، فِيهَا ذَهَبٌ وَخَرَزٌ، فَفَصّلتُهَا، فَوَجَدْتُ فِيهَا أَكْثَرَ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ دِينَاراً، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنّبِيّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:«لَا تُبَاعُ حَتّى تُفَصّلَ» . أخرجه مسلم (1).

- حكم أخذ الذهب للمشاورة عليه:

من أخذ ذهباً من بائع ليريه أهله فله حالتان:

1 -

إما أن يقول: آخذ هذا الذهب بمائة ريال، فإن أعجب الأهل رجعت وأعطيتك الثمن، فهذا ربا النسيئة، فيحرم.

2 -

وإن أخذ الذهب، وأراه أهله فأعجبهم، فرجع ثانية إلى البائع، فساومه ثم نقده الثمن، فهذا البيع والشراء بهذه الصورة جائز لا حرج فيه.

- العلة في المطعومات:

العلة في المطعومات: الطعم مع الكيل أو الوزن.

فلا يجوز بيع كيلو من السكر بكيلوين، لأنه مطعوم موزون، ولا يجوز بيع كيس من الأرز بكيسين؛ لأنه مطعوم موزون، وهكذا في كل مطعوم يكال أو يوزن لا يباع متفاضلاً مع اتحاد الجنس.

لكن لو كان الطعام يباع بالعدد كالبطيخ فلا يجري فيه الربا، فيجوز بيعه مع

التفاضل مع القبض في الحال كأن يبيعه بطيخة ببطيختين مع القبض في الحال، فإذا جرى العرف ببيعه بالوزن فلا يجوز بيعه إلا مثلاً بمثل بلا تفاضل، وكذلك لا يجوز بيع كرتون من البرتقال بكرتونين مثله؛ لأنه مطعوم

(1) أخرجه مسلم برقم (1591).

ص: 484

موزون، لكن لو بيع بالعدد جاز التفاضل بشرط القبض في الحال.

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه قَالَ: أُتِيَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بِتَمْرٍ، فَقَالَ:«مَا هَذَا التّمْرُ مِنْ تَمْرِنَا» . فَقَالَ الرّجُلُ: يَا رَسُولَ اللهِ بِعْنَا تَمْرَنَا صَاعَيْنِ بِصَاعٍ مِنْ هَذَا، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:«هَذَا الرّبَا، فَرُدّوهُ. ثُمّ بِيعُوا تَمْرَنَا وَاشْتَرُوا لَنَا مِنْ هَذَا» . متفق عليه (1).

- حكم بيع المعدود:

1 -

كل ما يباع بالعدد، ولا يراعى فيه الوزن، يجوز بيعه متفاضلاً كالإبل، والسيارات، والآلات، والثياب، والأحذية وغير ذلك من المعدودات، لأن علة الربا في غير المطعومات إما الوزن والكيل، أو الثمنية.

وهذه ليست موزونة، ولا مكيلة، ولا أثماناً للأشياء، فيجوز بيعها بجنسها أو بغيره، متفاضلة أو متساوية، بثمن عاجل أو آجل.

2 -

إذا كان الشيء موزوناً من غير المطعومات كالحديد والنحاس ونحوهما، فلا يجوز بيعه إلا مثلاً بمثل، يداً بيد.

ولو أن هذا الموزون أخرجَته الصنعة عن كونه موزوناً إلى كونه معدوداً غير الأثمان كالذهب والفضة، وذلك كالحديد إذا صُنع منه آلة، أو سيارة، أو أبواب، فهذا يجوز بيعه متفاضلاً، فيجوز بيع سيارة بسيارتين، وبيع باب

ببابين، وبيع سيارة بثلاجة .. وهكذا في كل معدود غير الأثمان كالذهب والفضة.

(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2312) ، ومسلم برقم (1594) ، واللفظ له.

ص: 485

- حكم بيع الحيوان باللحم:

1 -

يجوز بيع الحيوان بالحيوان ما دام حياً، متساوياً أو متفاضلاً، سواء اتحد الجنس أو اختلف، كبيع شاة بشاة، أو بيع بعير ببعيرين، سواء كان البيع بثمن عاجل أو آجل؛ لأن الحيوان مال غير ربوي.

2 -

إذا صار الحيوان المأكول موزوناً أو مكيلاً جرى فيه الربا، فيجوز بيع لحم الجنس الواحد ببعضه، بشرط التماثل، والحلول، والتقابض.

ولا يجوز بيع كيلو من لحم الغنم بكيلوين من لحم الغنم؛ لاتحاد الجنس والعلة، ويجوز بيع كيلو من لحم الغنم بكيلوين من لحم البقر، لاختلاف الجنس، لكن مع القبض في الحال .. وهكذا.

3 -

لا يجوز بيع الحيوان باللحم إذا كان من جنسه؛ لوجود الجهالة والغرر في أحد البدلين، كبيع شاة حية بشاة مذبوحة.

- شروط مبادلة الأموال الربوية:

1 -

يحل التبادل عند اتحاد الجنس كذهب بذهب، أو حنطة بحنطة.

وذلك بثلاثة شروط:

التماثل في البدلين .. والحلول .. والتقابض.

فإن اختل شرط حرم التبادل.

أما بيع الرطب بالتمر، والحب الجديد بالقديم، فهو ممنوع شرعاً؛ لعدم

تحقق المماثلة بين البدلين.

2 -

يحل التبادل عند اختلاف الجنس، واتحاد العلة، كذهب بفضة، أو حنطة بشعير، متساوياً أو متفاضلاً.

ص: 486

وذلك بشرطين:

الحلول بأن يكون العقد حالاً .. والتقابض في مجلس العقد.

فإن اختل شرط حرم التبادل.

3 -

يحل التبادل إذا اختلف الجنس والعلة:

بأن يكون أحد البدلين من الأثمان كالذهب أو الفضة أو النقود الورقية، والآخر من المطعومات كالتمر أو الشعير أو البر ونحو ذلك.

فهنا يجوز التبادل، والتفاضل، والتأجيل، كبيع صاع حنطة بعشر غرامات من الذهب، أو بدينار .. وهكذا.

هذا حكم الأموال الربوية مع بعضها.

4 -

أما إذا أُبدلت الأموال الربوية بغيرها كبيع معادن بذهب، وطعام بثياب، وسكر بنقود ورقية، ونحو ذلك.

فهذا يجوز البيع مطلقاً، ولا يشترط التماثل، ولا التقابض، ولا الحلول؛ لأن العقد غير ربوي، لأن أحد العوضين مال غير ربوي، ولأن الجنس مختلف، والعلة مختلفة.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «التّمْرُ بِالتّمْرِ، وَالحِنْطَةُ بِالحِنْطَةِ، وَالشّعِيرُ بِالشّعِيرِ، وَالمِلحُ بِالمِلحِ، مِثْلاً بِمِثْلٍ. يَداً بِيَدٍ،

فَمَنْ زَادَ أَوِ اسْتَزَادَ فَقَدْ أَرْبَى، إلاّ مَا اخْتَلَفَتْ أَلوَانُهُ». أخرجه مسلم (1).

- العلة في النقدين:

العلة في جريان الربا في النقدين: الذهب والفضة، هي مطلق الثمنية، فكل ما

(1) أخرجه مسلم برقم (1588).

ص: 487

يقوم مقامهما من العملات يأخذ حكمها، كالأوراق النقدية التي يتعامل بها الناس، وتقوَّم بها الأشياء كالريال والجنيه ونحوهما.

فالعملة الورقية نقد قائم بذاته، له حكم النقدين من الذهب والفضة؛ لأنه ثمن معتبر مثلهما، فتجب الزكاة فيه، ويجري فيه الربا بنوعيه النسيئة والفضل.

1 -

عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفّانَ رضي الله عنه أَنّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا تَبِيعُوا الدّينَارَ بِالدّينَارَيْنِ وَلَا الدّرْهَمَ بِالدّرْهَمَيْنِ» . أخرجه مسلم (1).

2 -

وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصّامِتِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «الذّهَبُ بِالذّهَبِ، وَالفِضّةُ بِالفِضّةِ، وَالبُرّ بِالبُرّ، وَالشّعِيرُ بِالشّعِيرِ، وَالتّمْرُ بِالتّمْرِ، وَالمِلحُ بِالمِلحِ، مِثْلاً بِمِثْلٍ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ، يَداً بِيَدٍ، فَإذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الأَصْنَافُ، فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ، إذَا كَانَ يَداً بِيَدٍ» . أخرجه مسلم (2).

- حكم بيع الأوراق النقدية:

الورق النقدي: نقد قائم بذاته، له حكم الذهب والفضة.

والنقود المالية أجناس مختلفة، تتعدد بتعدد جهات الإصدار كالريال، والجنيه، والدولار، والليرة، واليَنّ، والرُّبِّيَّة، واليورو، والدرهم، وغير ذلك

من عملات الدول، وكل عملة من هذه العملات جنس مستقل بذاته، تجب فيه الزكاة، ويجري فيه الربا بنوعيه النسيئة والفضل كما يلي:

1 -

إذا باع نقداً بجنسه كذهب بذهب، أو ورق نقدي بجنسه كريال بريال، وجب التساوي في المقدار، والقبض في الحال.

(1) أخرجه مسلم برقم (1585).

(2)

أخرجه مسلم برقم (1587).

ص: 488

2 -

إذا باع نقداً بنقد من غير جنسه كذهب بفضة، أو ريال سعودي بجنيه مصري، أو دولار أمريكي بِيَنٍّ ياباني ونحو ذلك، فهنا يجوز التفاضل في المقدار، ويجب التقابض في المجلس.

3 -

إذا افترق المتصارفان قبل قبض الكل أو البعض، صح العقد فيما قُبض، وبطل فيما لم يُقبض كأن يعطيه ديناراً كويتياً ليصرفه بعشرة دراهم إماراتية، فلم يجد إلا خمسة دراهم، فيصح العقد في نصف الدينار، ويبقى نصفه أمانة عند البائع.

4 -

من صرف عشرة ريالات من الورق بتسعة من المعدن فهو مرابي، والإثنان شريكان في الإثم.

- معنى الصرف:

الصرف: هو بيع نقد بنقد، وهو جائز، سواء اتحد الجنس كصرف مائة ريال سعودي بمائة ريال مفرقة، أو اختلف الجنس كصرف دينار كويتي بريال قطري، أو دولار أمريكي بدرهم إماراتي.

وسواء كان النقد من الذهب أو الفضة، أو من الأوراق النقدية المتعامل بها.

- حكم التفرق قبل القبض في الصرف:

لا يجوز للمتصارفين أن يتفرقا إلا بعد استلام كل منهما كامل المبلغ الذي

يستحقه.

فمن أراد صرف مائة ريال، ولم يجد في المحل أو المصرف إلا سبعين ريالاً، لا يجوز له أن يأخذ الموجود، ويترك الباقي ليستلمه فيما بعد؛ لأن هذا ربا، لأن بيع العملات وصرفها لا بد فيه من التقابض في مجلس العقد.

ص: 489

- حكم بطاقة الائتمان:

يجوز إصدار بطاقة الائتمان المغطاة والتعامل بها إذا لم تتضمن شروطها دفع الفائدة الربوية عند التأخر في السداد، ويجوز البيع والشراء بها في السلع والذهب والعملات، ولا مانع من منح حاملها امتيازات غير محرمة كالتخفيض في الأسعار، وأخذ التاجر على مُصدِرها نسبة معينة مقابل تلك الخدمة.

- حكم البيع والشراء من المرابي:

البيع والشراء من المسلم قربة وطاعة لله؛ لأن فيها إعانة على البر والتقوى.

ويجوز البيع والشراء من الكفار والمرابين إذا لم يتعارض مع الشرع، فلا حرج على الإنسان أن يتعامل مع الغير كالمرابي في السلع المنفكة، كما لو باع على المرابي سيارة أو طعاماً، فله أخذ القيمة؛ لأنها في مقابل عين مباحة يملكها.

وكون المشتري يتعامل بالربا، لا يوجب سريان التحريم عليه، بل إثمه على كاسبه.

عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قالتِ: اشْتَرَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم طَعَاماً مِنْ يَهُودِيٍّ

بِنَسِيئَةٍ، وَرَهَنَهُ دِرْعاً لَهُ مِنْ حَدِيدٍ. متفق عليه (1).

- مميزات المصارف الإسلامية:

المصرف الإسلامي: مؤسسة مالية تقوم بجمع المال، وتنميته لصالح المشتركين، وفق الأصول الشرعية.

(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2251) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1603).

ص: 490

وأهم تلك الأصول الشرعية:

اتباع قواعد الحلال والحرام في الإسلام .. واجتناب المعاملات الربوية .. والعقود المحظورة .. وتوزيع الأرباح حسب الاتفاق .. والتجارة في الأشياء المباحة .. ومساعدة أهل الحاجة عن طريق القرض الحسن .. وإمهال الغريم عند العسر .. وصرف الزكاة على من أصابه عسر أو ضيق من الأسر الفقيرة .. والتعاون بدعم الأعمال الخيرية التي تنفع المسلمين .. وتيسير فرص العمل للأمة .. وبناء المساكن وبيعها بأقل تكلفة .. والعدل في توزيع الأرباح.

- حكم التعامل مع المصارف الإسلامية:

المصرف الإسلامي يلتزم جانب الحلال في أعماله ومعاملاته، ويجتنب الحرام فيما يقوم به من عقود ومشاركة واستثمار، فالأجدر بالمسلم أن يودع فيه، ويقترض منه عند الحاجة، ويحوِّل بواسطته، ويشارك في مرابحاته؛ ليستفيد ويفيد، ويشجع إخوانه الصادقين.

قال الله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (2)} [المائدة:2].

- حكم التعامل مع البنوك الربوية:

1 -

يجب على المسلمين إذا احتاجوا إلى الإيداع والتحويل والاستثمار أن يكون بواسطة المصارف الإسلامية، فإن لم توجد جاز للضرورة الإيداع في غيرها، لكن بدون فائدة ربوية.

2 -

يحرم على المسلم العمل في أي بنك أو مؤسسة تأخذ أو تعطي الربا؛ لأنه من التعاون على الإثم والعدوان، والمال الذي يأخذه العامل من البنك أو المؤسسة الذي يعمل فيه سحت وحرام يعاقب عليه إن لم يتب منه.

ص: 491

عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: لَعَنَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم آكِلَ الرّبَا، وَمُوكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ، وَقَالَ:«هُمْ سَوَاءٌ» . أخرجه مسلم (1).

- حكم الأموال الربوية بعد التوبة:

إذا منَّ الله عز وجل على المرابي، وتاب إلى الله عز وجل، وله وعنده أموال مجتمعة من الربا، ويريد التخلص مها فلا يخلو من حالين:

1 -

أن يكون الربا له في ذمم الناس لم يقبضه، فهذا يأخذ رأس ماله، ويترك ما زاد عليه من الربا.

2 -

أن تكون أموال الربا مقبوضة عنده، فهذا ينقسم إلى قسمين:

الأول: بالنسبة لمن دفع له الربا من مصرف ربوي أو غيره، فهذا لا يرد إليه المال، ولا يأكله؛ لأنه كسب خبيث، ولكن يتخلص منه بالتبرع به، أو جَعْله في مشاريع عامة نافعة كتعبيد الطرق، وبناء السدود، وحفر الآبار ونحو ذلك.

الثاني: بالنسبة لمن قبض الأموال الربوية، فهذا له حالتان:

1 -

أن يكون جاهلاً بأن هذه المعاملة محرمة، فتكون الأموال له، ولا شيء عليه

كحديث عهد بالإسلام، ومن عاش في بادية بعيدة.

قال الله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (275)} [البقرة:275].

2 -

أن يكون عالماً بحرمة المعاملة الربوية، ثم تاب منها صادقاً فهي له؛ لأن الله لم يأمر برد الربا، وإنما أمر بعدم أخذه مستقبلاً.

(1) أخرجه مسلم برقم (1598).

ص: 492

قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ (279)} [البقرة:278 - 279].

- عقوبة آكل الربا:

الربا من الذنوب العظيمة التي حذرنا الله ورسوله منها، وقد أعلن جل جلاله الحرب على آكله وموكله من بين سائر الذنوب.

فالمرابي جان على نفسه وعلى الأمة، فعقوبته غليظة في الدنيا والآخرة فهو معاقب بحرب من الله ورسوله .. ولعنِ الله له .. ومحق أمواله الربوية .. ونقصان أمواله .. والعذاب في الآخرة.

1 -

قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ (279)} [البقرة:278 - 279].

2 -

وقال الله تعالى: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (276)} [البقرة:276].

3 -

وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقَاتِ» . قالوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا هُنَّ؟ قال:«الشِّرْكُ بِاللهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلا بِالحَقِّ، وَأكْلُ الرِّبَا، وَأكْلُ مَالِ اليَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ الغَافِلاتِ» . متفق عليه (1).

4 -

وَعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: لَعَنَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم آكِلَ الرّبَا، وَمُوكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ،

(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2766) ، واللفظ له، ومسلم برقم (89).

ص: 493

وَشَاهِدَيْهِ، وَقَالَ:«هُمْ سَوَاءٌ» . أخرجه مسلم (1).

- فضل التوبة إلى الله:

1 -

قال الله تعالى: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ (54) وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (55)} [الزُّمَر:53 - 55].

2 -

وقال الله تعالى: {فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (39)} [المائدة:39].

3 -

وقال الله تعالى: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (17) وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (18)} [النساء:17 - 18].

4 -

وعَنْ أنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «اللهُ أفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ أحَدِكُمْ، سَقَطَ عَلَى بَعِيرِهِ، وَقَدْ أضَلَّهُ فِي أرْضِ فَلاةٍ» . متفق عليه (2).

(1) أخرجه مسلم قم (1598).

(2)

متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6309) ، واللفظ له، ومسلم برقم (2747).

ص: 494