المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌((تنبيه))نعني بالخالصة من المصالح ما لا مفسدة فيه ألبتة - نفائس الأصول في شرح المحصول - جـ ١

[القرافي]

فهرس الكتاب

- ‌الكلام في المقدمات

- ‌الفصل الأولفي تفسير أصول الفقه

- ‌تنبيه

- ‌السؤال الأول:

- ‌السؤال الثانى:

- ‌السؤال الثالث:

- ‌السؤال الرابع:

- ‌السؤال الخامس:

- ‌السؤال السادس:

- ‌السؤال السابع:

- ‌السؤال الثامن:

- ‌((تنبيه))

- ‌البرهان الثاني:

- ‌((تنبيه))

- ‌((تنبيه))إذا اجتمع في الحكم الشرعى دليلان يدلان عليه

- ‌((فائدة))متى قال الإمام في السؤال: لا يقال فالسؤال عنده ضعيف

- ‌((تنيبه))مقتضى قوله أن تكون أصول الفقه كلها ثلاثة أجزاء لا رابع لها

- ‌‌‌((تنبيه))

- ‌((تنبيه))

- ‌((فائدة))قال أبو الحسين في شرح ((العمد)): لا يجوز التقليد في أصول الفقه

- ‌الفصل الثانىفيما يَحْتَاجُ إِلَيْهِ أُصُولُ الفِقْهِ مِنَ المُقَدِّمَاتِ

- ‌الفصل الثالثفي تحديد العلم والظن

- ‌ الثاني

- ‌الأول قوله: ((حكم الذهن))

- ‌الثالث: قوله: ((بأمر على أمر))

- ‌الرابع:

- ‌الخامس: على قوله: ((إما أن يكون مطابقا أو لا يكون))

- ‌السادس:

- ‌السابع: ((على حصره الموجب في الحسى والعقلى والمركب منهما))

- ‌الثامن: على قوله: ((إن كان الموجب تصور طرفي القضية فهو البديهيات))

- ‌التاسع:

- ‌العاشر:

- ‌الحادي عشر:

- ‌الثانى عشر:

- ‌الثالث عشر:

- ‌الرابع عشر:

- ‌الخامس عشر: قوله: ((الذي لا يكون لموجب هو اعتقاد المقلد))

- ‌السادس عشر: قوله: ((الجازم غير المطابق وهو الجهل))

- ‌السابع عشر: قوله: ((التردد بين الطرفين إن كان على التسرية، فهو الشك))

- ‌((تنبيه))قوله: ((في الحسيات، ويقرب من العلوم الوجدانية))

- ‌((تنبيه))

- ‌الثامن عشر:

- ‌التاسع عشر:

- ‌العشرون:

- ‌((تنبيه))وافقه ((المنتخب)) و ((الحاصل)) وكذلك ((التحصيل))

- ‌((سؤال))إذا سلم له أن العلم والظن غير مكتسبين

- ‌((تنبيه))أسقط ((المنتخب)) هذا البحث، وقال ((الحاصل)): لا سبيل إلى تحديد العلم

- ‌((تنبيه))قال في ((المنتخب)): ((الظن رجحان الاعتقاد))

- ‌((تنبيه))قول الإمام في الأصل: ((ظاهرى التجويز)) احترازا

- ‌((فائدة))وقع في بعض نسخ ((المنتخب))

- ‌الفصل الرابعفي النظر والدليل والأمارة

- ‌قال القرافي: تقريره: يتحصل بالإيراد عليه

- ‌((تنبيه))في تعريف النظر

- ‌((فائدة))التصديق هو الخبر

- ‌((فائدة))فعيل يكون بمعنى فاعل

- ‌((فائدة))قال أبو الحسين في ((المعتمد)):

- ‌((تنبيه))تقدم في كون الحكم الشرعي معلوما أنه إذا اجتمع مقدمتان ظنية وقطعية

- ‌الفصل الخامسفي الحكم الشرعي

- ‌((سؤال))قوله تعالى ((أقيموا الصلاة))

- ‌((سؤال))ينتقض الحد بالاستفهام

- ‌((سؤال))المخاطبة مفاعلة لا تكون إلا من اثنين

- ‌((تنبيه))ينبغي أن يعلم أن خطاب التكليف والإباحة يندرج فيه الملك

- ‌((سؤال))((على هذا التقدير تكون ((أو)) مشتركة

- ‌((فائدة))قال بعضهم: ((هذا حكم بالتردد لا ترديد في الحكم))

- ‌((سؤال))قال النقشواني: ((إن أراد بالمكلفين من تعلق به الحكم الشرعي لزم الدور

- ‌ الصبيان هل هم مندوبون للصلاة والصوم أم لا

- ‌الفصل السادسفي تقسيم الأحكام الشرعية

- ‌ التقسيم الأول

- ‌((تنبيه))التقسم الدائر بين النفي والإثبات

- ‌((سؤال))قال النقشواني: إذا ظهرت الماهية أي فائدة في ذكر الحدود

- ‌الأول

- ‌الثالث: على قوله: على بعض الوجوه

- ‌الرابع:

- ‌الخامس:

- ‌السادس:

- ‌السابع: قوله: ((يذم)) بصيغة [الفعل] المضارع

- ‌الثامن: قال النقشواني: ينتقض جميع الحد بالمندوبات كلها

- ‌((تنبيه))وهم كثير من الأصوليين فقالوا في حد الواجب:

- ‌((تنبيه))إذا قلنا بأن المخير يذم تاركه على بعض الوجوه فما عدد تلك الوجوه وما ضابطها

- ‌((تنبيه))إذا حد الواجب بأنه الذي يستحق تاركه العقاب على تركه، لا يرد عليه سؤال العفو الذي أورده الإمام

- ‌((تنبيه))شرع الإمام رحمه الله في تقسيم الأحكام

- ‌((فائدة))قال سيف الدين: يبطل قول الحنفية في اشتراطهم قيد القطع في إطلاقهم لفظ الفرض بإجماع الأمة

- ‌((مسألة))قال الآمدي: ذهب بعض الناس إلى أن فرض الكفاية لا يسمى واجبا

- ‌((تنبيه))قال سيف الدين: المحرم هو ما ينتهض فعله سببا للذم شرعا

- ‌((مسألة))قال سيف الدين: يجوز عندنا تحريم أحد الشيئين لا بعينه

- ‌((فائدة))تقول العرب: حلال طِلق

- ‌((تنبيه))وافقه ((المنتخب))، وأسقطه ((التنقيح))

- ‌((مسألة))قال سيف الدين: اختلف في المباح هل هو حسن أم لا

- ‌((تنبيه))قال في ((المنتخب)): وقد يُسمى المندوب مرغبا فيه وسنة

- ‌((فائدة))الندب لغة:

- ‌((مسألة))قال سيف الدين: قال الأكثرون: المندوب ليس من التكليف

- ‌((فائدة))المكروه من الكريهة، وهي الشدة في الحرب

- ‌((مسألة))قال سيف الدين: اختلف في المكروه هل هو من التكليف كما تقدم في المندوب سؤالا وجوابا

- ‌التقسيم الثانيقال الرازي: الفعل إما أن يكون حسنا أو قبيحا

- ‌((تنبيه))خالفه ((الحاصل))

- ‌((تنبيه))قال أبو الحسين في ((المعتمد)): أهل ((العراق)) يطلقون القبيح على المحرم والمكروه

- ‌((سؤال))قال النَّقْشّوَانِيُّ: قوله في الوجه الثاني بعد هذا الجعل ((إما أن تبقى الحقيقة كما كانت أولا))

- ‌((فائدة))قال الغزالي: الأسباب ظاهرة في العبادات المتكررة كالصلاة والصوم والزكاة

- ‌التقسيم الرابعقال الرازي: الحكم قد يكون حكما بالصحة، وقد يكون حكما بالبطلان

- ‌((فائدة))قال الغَزَالي: يتخرج على الخلاف من قطع صلاته لأجل غريق

- ‌((سؤال))قد تصور صورة التعليل في الكلام الصحيح مع عدم التغاير

- ‌((سؤال))قضية التعليل تنعكس عليه

- ‌((سؤال))تفسيره للأجزاء بسقوط الأمر يشكل

- ‌((سؤال))توجد الصحة والإجزاء فيما لا يوجد فيه القضاء

- ‌((تنبيه))وافقه ((المنتخب)) و ((التحصيل)) وسكت عن ((التنقيح))

- ‌التقسيم الخامسالعبادة توصف بالقضاء والأداء والإعادة

- ‌((تنبيه))ينتفض حد الأداء على التفسيرين بقضاء رمضان

- ‌((تنبيه))

- ‌((تنبيه))على حدود الإمام تكون العبادة ثلاثة أقسام:

- ‌((فائدة))قال الغزالي رحمه الله تعالى: القضاء قد يطلف مجازا

- ‌((تنبيه))نفي من أوصاف العبادة القبول

- ‌التقسيم السادسقال الرازي: الفعل الذي يجوز للمكلف الإتيان به:

- ‌الفصل السابعفي أن حسن الأشياء وقبحها لا يثبت إلا بالشرع

- ‌((تنبيه))نعني بالخالصة من المصالح ما لا مفسدة فيه ألبتة

- ‌((تنبيه))ذكر مقدمة ونتيجة

- ‌((تنبيه))خالفه صاحب ((المنتخب)) فقال:

- ‌((سؤال))قال التبريزي:

- ‌((تنبيه))اللازم عن جوابه عن الحجة الأولى:

- ‌الفصل الثامنفي أن شكر المنعم غير واجب عقلا

- ‌المبحث الأولفي بيان حقيقة الشكر

- ‌المبحث الثالثفي تحقيق المتنازع فيه بيننا وبينهم

- ‌((فائدة))قال سيف الدين: الشرك عند الخصوم ليس معرفة الله تعالى

- ‌الفصل التاسعفي حكم الأشياء قبل الشرع

- ‌((سؤال))إذا كنا نبحث في المسألتين على تقدير تسليم القاعدة في الحسن والقبح

- ‌((تنبيه))الاستدلال بالفواكه وافق "المحصول" فيه "المستصفى"و"الإحكام

- ‌((تنبيه))زاد التبريزي في الجواب عن شبهة الإباحة

- ‌((فائدة))قال إمام الحرمين في "البرهان": يلزم القائلين بالحظر الأضداد التي لا انفكاك عن جميعها

- ‌((فائدة))في "المستصفى" قال: مذهب الأشعرية امتناع تعري الجواهر عن جميع الطعوم

- ‌‌‌((تنبيه))عند المعتزلة الأدلة السمعية مؤكدة لما علمه العقل

- ‌((تنبيه))

- ‌((تنبيه))نحن قائلون بأن الأحكام نفية قبل الشرائع

- ‌((تنبيه))حيث نفينا الأحكام قبل الرسل

- ‌الفصل العاشرفي ضبط أبواب أصول الفقه

- ‌((سؤال))قال النَّقْشّوَانِيُّ: لايصح قوله: إن الفعل لا يدرك إلا بالقول

- ‌((تنبيه))هذا الفصل بينه في كتاب "المعتمد

- ‌الكلام في اللغات

- ‌الباب الأولفي الأحكام الكلية للغات

- ‌النظر الأولفي البحث عن ماهية الكلام

- ‌((تنبيه))قال سراجُ الدِّينِ: النداء جملة مفيدة

- ‌((فائدة))قال سيف الدين: أكثر الأصوليين على ما نقله ((المحصول)) عن أبي الحسين من حد الكلام

- ‌((تنبيه))ليس من شرط الجملة المفيدة التي حدها النحاة الكلام

- ‌((تنبيه))قوله: الجملة الاسمية ما كانت من مبتدأ وخبر

- ‌((تنبيه))قال أبو الحسين في المعتمد: ليس من شرط الكلام أن يكون من حرفين

- ‌النظر الثانيفي البحث عن الواضع

- ‌فائدة: قال ابن حزم: اللغات أصلها لغة واحدة

- ‌((فائدة))قال المازري: فائدة الخلاف في هذه المسألة تظهر في جواز قلب اللغة

- ‌((فائدة))قوله الذي اعتمد عليه ابن متوتة

- ‌((فائدة))قال سيف الدين: ذهب أراب علم التكسير، وبعض المعتزلة إلى أن دلالة الألفاظ على معانيها لمناسبة

- ‌النظر الثالثفي البحث عن الموضوع

- ‌النظر الرابعفي البحث عن الموضوع له

- ‌الأول الأقرب أنه لا يجب أن يكون لكل معنى لفظ يدل عليه

- ‌فصلوما تكلمت به الفرس والعرب على لفظ واحد

- ‌فصلوتركت الفرس ألفاظا كثيرة وأخذتها

- ‌البحث الثاني:ليس الغرض من وضع اللغات أن تفاد بالألفاظ المفردة ومعانيها

- ‌((تنبيه))زاد التبريزي فقال: أما وقوع المخبر عنه

- ‌المبحث الثالثفي أن اللفظ ما وضع للدلالة على الموجودات الخارجية

- ‌((فائدة))الكليات ثلاثة: طبيعي، ومنطقي، وعقلي

- ‌((تنبيه))قال التبريزي: موضوع اللفظ هو ما يحتاج للتعبير عنه

- ‌((تنبيه))زاد سراج الدين لقائل أن يقول: اختلاف اللفظ الموضوع للخارجي ممنوع في نفس الأمر

- ‌المبحث الرابعاللفظ المشهور لا يجوز أن يكون موضوعا لمعنى خفي لا يعرفه إلا الخواص

الفصل: ‌((تنبيه))نعني بالخالصة من المصالح ما لا مفسدة فيه ألبتة

الحقائق حينئذ، فإن المفيد هو التكليف، وأي شيء كلف الله - تعالى - به كان مصلحة، وهذا يبطل أصلكم، وأما حظ أصحابنا من هذا الإشكال، فهو أنه يتعذر عليهم أن يقولوا: إن الله - تعالى - راعى مطلق المصلحة، ومطلق المفسدة على سبيل التفضل؛ لأن المباحات فيها ذلك، ولم يراع، بل يقولون: إن الله - تعالى - ألغى بعضها في المباحات، واعتبر بعضها، وإذا سئلوا عن ضابط المعتبر مما ينبغي ألا يعتبر عسر الجواب، بل سبيلهم استقراء الواقع فقط، وهذا وإن كان يخل بنمط من الاطلاع على بعض أسرار الفقه، غير أنهم يقولون:((يفعل الله ما يشاء)) [إبراهيم:27]، و "يحكم ما يريد " [المائدة: 1]، "لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون " [الأنبياء:23]، ويعتبر الله - تعالى - ما يشاء لا غرو في ذلك.

وأما المعتزلة الذين يوجبون ذلك عقلا يكون هذا الأمر عندهم في غاية الصعوبة، لأنهم إذا فتحوا هذا الباب تزلزلت قواعد الاعتزال.

((تنبيه))

نعني بالخالصة من المصالح ما لا مفسدة فيه ألبتة

، وهو عزيز في الواقع وبالراجحة ما فيه مفسدة مرجوحة، كالقود والحدود فإن فيه آلام الجناة غير أن مفسدة مصلحة الزجر أجرح، وكذلك المفسدة الراجحة كالإسكار معه مصلحة في الخمر من إثارة الحرارة الغريزية، والبلاغم والسوداء إلى غير ذلك مما ذكره أهل الطب غير أن ذلك مرجوح بالنسبة إلى مفسدة إفساد العقول، والمفسدة الخالصة نادرة كالمصلحة الخالصة.

((تنبيه))

ليس مراد المعتزلة بأن الأحكام عقلية أن الأوصاف مستقلة بالأحكام، ولا

ص: 353

أن العقل هو الموجب أو المحرم، بل معناه أن العقل عندهم أدرك أن الله - تعالى - لحكمته البالغة يكلف بترك المفاسد، وتحصيل المصالح، فالعقل أدرك أن الله - تعالى - أجب وحرم، لا أن العقل أوجب وحرم، ويكون النزاع معهم في أن العقل لأدرك ذلك أم لا؟

فنحن نقول: الذي ادركه العقل أن ذلك جائز على الله تعالى، ولا يلزم من الجواز الوقوع، وهم يقولون: بل هو عند العقل من قبيل الواجبات، لا من قبيل الجائزات، فكما يوجب العقل أن الله - تعالى - يجب أن يكون عليما قديرا متصفا بصفات الكمال، فكذلك أدرك وجوب مراعاة الله - تعالى - للمصالح، والمفاسد، فهذا هو موطن نزاع الفريقين فاعلمه، فأكثر الفقهاء ما يفهم إلا أن العقل عند المعتزلة هوا لموجب وليس كذلك.

الثالث: على قوله: ((وقد يعلم نظرا كالصدق الضار، والكذب النافع)) لم يبين ما الذي يعلمه العقل من ذلك، وإذا تبين فهل هو حكم واحد في جميع هذا القسم أو أحكامه مختلفة؟ ذلك كله لم يتعرض لتلخيصه، مع أنه قصد التلخيص وتحقيقه أن الكذب الضار مفسدة مطلقا لكونه كذبا، ولكونه صارا، فيكون قبيحا، ومراتبه في القبح على قدر مرتبته بما حصل من الضرر، ولاصدق النافع مصلحة مطلقا، لأن كونه صدقا مصلحة، وسجية كريمة، وكونه نافعا مصلحة للغير، فيكون حسنا من غير نظر، ومرتبته في الحسن على قدر ماحصل للغير من النفع.

أما الصدق الضار فاجتمع فيه مصلحة الصدق ومفسدة الضرر، فيحتاج العقل بنظر أيهما راجح أو هما مستويان؟

فقد يكون الضرر لا يقدح في الحسن، كصدق الشهود الموجب للقصاص وغيره، فإنه ضار بمن عليه الحق، وقد يكون قادحا كمن صدق ظالما في إخباره عن مالم معصوم، فأخذه الظالم، ثم في هذا المقام يختلف الحال

ص: 354

فليس صدق قاضي الإقليم المقتضي لضياع فليس على اليتيم بقبيح، بل لو كذب ليحفظ ذلك كان قبيحا، فإن كذب العظيم الذي هو قدوة الإسلام لا يباح بمثل هذا، وصدقه لضياع الأموال العظيمة قبيح، وصدق الرجل الحقير المضيع للمال المتوسط قبيح، فحينئذ يتعين النظر في كل صورة على حيالها بحسب حال الصادق، أو الكاذب، وبحسب حال المترتب على ذلك الصدق أو الكذب، وتعبر المفاسد والمصالح، وما يعارضها في كل صورة بحسبها، فإن رجح جانب القبح قضينا به، أو جانب الحسن قضينا به، وإن استوى الأمران، وفسرنا الحسن بما ليس فيه مفسدة خالصة، ولا راجحة كان موطن التساوي حسنا، فعلى هذا تخلتف الأحكام في هذا القسم اختلافا كثيرا، ولا يكون حكمه واحدا، وهو مرادهم بأنه مدرك العقل بالنظر، لأنه أدرك بالنظر حكما واحدا في الجميع.

الرابع: على قوله: إن لم يتمكن من الترك، فقد ثبت الاضطرار، ولأن غير المتمكن له معنيان:

أحدهما: المكره كالذي يحمل ويدخل به الدار.

والثاني: الفاعل المختار المتمكن من الفعل والترك إذا استجمع لكل ما لا بدل له منه في التأثير، فإن أثره حينئذ يصير واجب الوقوع، وما كان واجب الوقوع لا يتمكن أحد من تركه، وكذلك إذا استجمع لله - تعالى - جميع ما يتوقف على تأثيره من تعلق قدرته وعلمه، وحضور زمان مراد إرادته، وجميع الشروط الواجبة في ذلك الأثر وجب ذلك الأثر من الله تعالى، فهذه قاعدة عقلية لا يستثنى منها شيء، وعدم التمكين بهذا التفسير لا ينافي الحسن والقبح، لأن الفعل إنما وقع باختيار الفاعل حينئذ وإيثاره، فأمكن مدحه وذمه، فهو حينئذ إن فسر عدم التمكن بهذا القسم منعناه عدم

ص: 355

الحسن والقبح، وإن فسره بالقسم الآخر منعنا الحصر في الاضطراري والاتفاقي لبقاء هذا القسم.

الخامس: على قوله: المرجح إما أن يكون من العبد، أو من غيره، أو لا منه ولا من غيره، فإنه غير حاصر، وبقي أن يقول: البعض منه والبعض الآخر من غيره، أوبعضه منه، وبعضه الآخر لا من غيره، او بعضه من غيره، والبعض الآخر لا من العبد، وهذه الأقسام لم يتعرض لها من أن الواقع عند المعتزلة هو القسم الأول أن البعض من العبد، والبعض من غيره.

وتقريره عندهم: أن الله - تعالى - خلق النساء الجميلة، وخلق الإدراك في البصر لذلك وخلق مزاج الشاب ولذة الجماع، ولما حصل ذلك وأدرك الشاب الجميلة أحدث من قبل نفسه عندهم عزما وإرادة وأفعالا بها كمل المرجح لوقوع الزنا، وكذلك جميع الصور فالقسم المقصود بالبحث لم يذكره.

السادس: على قوله: إذا كن المرجح من العبد يلزم التسلسل فنقول: لم لايمجوز أن يكون من العبد وتنتهي المرجحات إلى مرجح لا مرجح له، فيكون ذلك المرجح اتفاقيا، ولا يكون القبيح الذي وقع الكلام فيه اتفاقيا ولا اضطراريا؟

أما أنه ليس اتفاقيا، فلأنه لمرجح، وأما أنه غير اضطراري فبتمكنه من الترك، والاتفاق إنما وقع في مرجح بعيد لم يدع فيه الحصر والإضطرار والاتفاق، فلا يحصل مقصود المستدل من أن السرقة نفسها التي الكلام فيها منحصرة في الأمرين، ثم نقول: التسلسل يلزم فيها إذا كان المرجح من الغير بعين ما نقوله فيها إذا كان المرجح من العبد.

السابع: على هذا المقام أيضا أن التسلسل غير لازم، وإن لم تكن بعض المرجحات اتفاقيا، فإن لقائل أن يقول: يتوقف المرجح العاشر على الأول مثلا، فيكون اللازم الدور، فلا تتم دعوى لزوم التسلسل، وإن ادعى الدور

ص: 356

بقول السائل لا يلزم، بل يذهب لغير النهاية، فيتعين أن يدعى أحد الأمرين إما الدور او التسلسل، لا أحدهما بعينه، وإذا كان أحدهما هو اللازم الذي هو أعم من احدهما عينا لا يكون أحدهما عينا هو اللازم؛ فإنه لا يلزم من لزوم الأعم لزوم الاخص لعدم لزوم الأخص للأعم.

الثامن: على قوله: إن توقف المرجح من الغير على ضميمة يعود الكلام فيها ويلزم التسلسل.

يرد عليه أن اللازم أحد الأمرين كما تقدم، لا التسلسل عينا.

التاسع: على قوله: لم لا يجوز أن يكون المرجح من الغير، ويجوز معه الفعل والترك؟ ولا يكون الفعل اتفاقيا بأن يكون ذلك المرجح هو الإرادة القديمة، والإرادة إنما هي إرادة كانت قديمة، أو حادثة تقبل في ذاتها الذي لها في ذاتها، وصحة تعلقها بكل واحد من النقيضين بدلا عن الآخر تتعلق باحدهما عينا من غير احتياج لمرجح يرجح أحدهما بها، وهذا هو خاصيتها إن ترجح من غير مرجح، كما أن من خاصية العلم الكشف لذاته، وخاصية الحياة تصحيح المحل لقبول الإدراكات والإرادات وغيرها لذاتها، فكل معنى له خصوص لذاته غير معلل، بل يقتضي ذلك لذاته، كذلك الإرادة تقتضي الترجيح من غير مرجح لذاتها، وكذلك إرادة الله - تعالى - كما يصح تلعقها بوجود العالم بدلا عن عدمه يصح تعلقها بعدمه بدلا عن وجوده، وقد تعلقت بوجوده بدلا عن عدمه لا لمرجح آخر.

فإذا قيل: لم يرجح وجود العالم بالزمن المعين، وجميع الأقوال الواقعة له دون أضدادها الجائزة عليه قبل الإرادة.

فإذا قيل: لم تعلقت الإرادة بهذه الأحوال دون أضدادها؟

قيل: ذلك لذات الإرادة، وكذلك الإرادة الحادثة لازما للشيء لذاته لا

ص: 357

تختلف باختلاف القدم والحدوث، كالعلم له الكشف حادثا وقديما، وكذلك الحياة وجميع المعاني.

وبرهان تصحيح كون الإرادة لاتفتقر إلى مرجح أن الترجيح من غير مرجح، كما هو محال فهو واجب، إذ لو لم يكن واجبا وافتقر كل مرجح إلى مرجح استحال أصل الترجيح للزوم التسلسل حينئذ أو الدور، فيكون أصل الترجيح موقوفا على المحال فيكون محالا، فحينئذ يجب أن يكون مرجح لا مرجح له، وذلك هو الإرادة بشهادة العقل أن ذلك لها لذاتها، كما شهد العقل أن الكشف لذات العلم من غير مرجح، والمصحح لقيام العلوم الحياة، فظهر حينئذ أن المرجح قد يكون من الغير، ويجوز معه لاوجود والعدم، ويقع الوجود دون العدم، ولايلزم الإتفاق، ولذلك يقول: لم لا يجوز أن يكون مرجح العبد هو إرادته، وهي مستغينة عن المرجح فلا يلزم التسلسل.

العاشر: أن جميع ما ذكره لازم في حق الله تعالى، بأن يقال: إما أن يمكن الترك في فعل الله - تعالى - أو لايمكن إلى آخر التقسيم، فيلزم أن أفعال الله - تعالى - إما اتفاقية لا مدخل له فيها، فلا توصف بالحسن، وهو خلاف إجماع الفيقين، أو اضطراريه فيكون الله سبحانه وتعالى مجبورا على أفعاله، أو يكون موجبا بالذات، وهو خلاف إجماع الفريقين، ومن أراد الجواب عن هذا فهو ببعض الأسئلة المتقدمة، إما سؤال الإرادة وهو السؤال السابع، أو بالسؤال الرابع، وهو تفسير غير المتمكن بالمستجمع لكل ما لا بد له من في التأثير.

الحادي عشر: أن يعلم بالضرورة أن الحيوانات لها أفعال اختيارية، بل ذلك هو حد لاحيوان في قولنا: هو الجسم الحساس المتحرك بالإرادة، فصار التحرك

ص: 358

بالإرادة والاختيار هو فصله، وفصل الجنس يجب الاشتراك فيه بين جميع أنواعه، وأشخاص أنواعه، فالأفعال الاختيارية يشترك فيها بين جميع الحيوانات

ص: 359

بالضرورة، فيكون هذا الاستدلال على خلاف الضرورة، فلا يسمع كذبة السوفسطائية المشككة في الضرورة.

ص: 360

الثاني عشر: أن دليله وإن سلم له جميع دعواه، ولا يمكن أن ينتجه.

أما أنه ما أنتج جميع دعواه، فلأنه ادعى أول الفصل أن حسن الأشياء وقبحها لا يثبت إلا بالشرع، ثم كان نتيجة دليله أن القبح العقلي باطل.

ولم يتعرض للحسن، فصارت الدعوى عامة والدليل خاص، فلا يسمع.

وأما أنه لا يمكن أن ينتج دعواه؛ فلأن الحسن عند المعتزلة ما للمتمكن منه العالم بحالة أن يفعله، وهذا يندرج فيه أفعال الله تعالى، ولا خلاف أن حسن أفعال الله - تعالى - وخلقه للعالم لا يتوقف على وورد النص، بل يدرك العقل، ولذلك عندنا الحسن ما ليس منهيا عنه، وماليس منها يندرج

ص: 361