الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والعاصي ممتنع عن طاعة الأمر، فسمى فعله معصية من العصيان، والمحرم الممنوع والمحظور أشد منه في المنع من جهة شدة الوعيد، ومنه الحظيرة التي تعمل حول مراعي الغنم تمنعها من السباع، فالوعيد هو كذلك الحائط حول الغنم؛ لأن الوعيد يمنع الإقدام كما تمنع هي السباع، والذنب مأخوذ من الطرف ومنه أذناب الدواب؛ لأنها أطرافها وهي أخسها، فالمذنب اتصف بأخس الأحوال، وصار لسبب ذلك من أطراف الناس، والزجر المنع بالقول العنيف المتصمن للوعيد، والزجر قد يكون بغير القول، بل بتحقق الفعل المؤلم عند المخالفة، والقبيح ما فيه نفرة النفوس، فاستعماله في حق الله - تعالى - مجاز تشبيه.
((تنبيه))
قال سيف الدين: المحرم هو ما ينتهض فعله سببا للذم شرعا
بوجه ما من حيث هو فعل له، قال: فالقيد الأول لخروج الواجب والمندوب، والثاني لإخراج المخير كما تقدم في الواجب، والثالث لإخراج المباح إذا استلزم تركه واجبا، فإنه يذم عليه لكن من جهة أنه ترك واجبا، وقد تقدم أن المخير لا يدخل في هذا الباب، ووافقه على دخول المخير أبو عمرو بن الحاجب في ((مختصره))، وهو وهم لما تقدم، وأما بقية القيود فحسنة، وقد علمت أن الهذه الحدود مستبعدة من جهة أن المقصود تحديد للأحكام، ولم تحدد إلا متعلقاتها، فحكم الله - تعالى - التحريم لا المحرم، والحد إنما ذكر للمحرم الذي هو فعل العبد.
((مسألة))
قال سيف الدين: يجوز عندنا تحريم أحد الشيئين لا بعينه
خلافا
للمعتزلة، لإمكان أن يقول: حرمت عليك كلام زيد أو عمرو،
حرمت عليك كلام أحدهما لا بعينه، ولست أحرم عليك الجمع، ولا واحدا بعينه، وهذا معقول غير ممنوع، وليس المحرم المجموع لتصريحه بنقيضه.
وجوابه: قد تقدم، ونحن نمنع أن ما قاله متصور في غيرتحريم المجموع، فإنه إذا قال: خصوص أحدهما لا أريده فلم يبق بعد الخصوص إلا المشترك، وإذا منعه من إدخال الماهية المشتركة في الوجود امتنع كل فرد؛ لأنه لو دخل
فرد لدخل في ضمنه المشترك، وإذا امتنع كل فرد صار المحرم ((كل)) لا ((كلي))، لتحريم الخنازير يحرم كل خنزير، لا المشترك الكلي بين الخنازير فما قاله غير متصور أصلا، والحق في هذا ما نسبه للمعتزلة دون مانسبه لأصحابنا.
قوله: ((المباح ما أعلم فاعله، أو دل على أنه لا ضرر عليه في فعله، ولا في تركه، ولايقع في الآخرة إلى قوله .... : في المندوب)).
هذا كما تقدم تعريف بحيثية الوصف لا بذات الوصف كما تقدم في حد الواجب؛ فإن المباح قد لايكون له فاعل حتى يعلم، ولا يخرج عن كونه مباحا.
ثم قوله: ((اعلم)) يحتمل أمورا؛ لأن العرب تقول: أعلم وعلَّم -بتشديد اللام - إذا وضع علامة على الشيء، ومنه قول كتاب القضاة في السجلات وأعلم تجب شهادة كل واحد منهما علامة الأداء والقبول، وأعَلْم زيد عمرا إذا أخبره، وأعلمه إذا حصل له العلم، وتكون الهمزة للتعدية لمفعول ثالث، والمدخول في العلم نحو أنْجد، وأَتْهَمَ، وأصبح، وأمسى إذا دخل نجد، وتِهَامة، والصباح، والمساء.
والدليل أيضا في الإصطلاح: لما أفاد علما، وفي اللغة للمرشد كيف كان