الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القسم ولم يقسم غير المساوى إلى قسمين، بل قال: وإلا فالراجح ظن والمرجوح وهم.
((تنبيه))
وافقه ((المنتخب)) و ((الحاصل)) وكذلك ((التحصيل))
غير انه قال: المحسوسات، ولم يقل: هو العلم الحاصل من الحواس الخمس كما قال في الأصل، فيرد عليه مناقشة ((الجواليقى)).
وقال ((التريزى)): حكم الذهن بأمر على أمر إما أن يكون جازما أو لا، والجازم إما أن يكون طابقا أو لا، والمطابق إما أن يستند إلى العقل أولا، والمستند إما أن يستقل العقل بدركه أولا، وغير المستقل به إما أن يفتقر إلى النظر لا غير، أو الحس لاغير، أوإليهما، والمفتقر إليهما إما الفكر أو السمع، والفكر وشيء من سائر الحواس، فما هو بمشاركة الفكر وشئ من الحواس، فهو التجريبى والحدس، وما هو بمشاركة الفكر والسمع فهو المتواتر، وما هو بمشاركة الحس لا غير فهو الحس، ويدخل فيه الحس الباطن، وهو العلم الوجدانى، بمشاركة الفكر لاغير فهو النظرى، وما يتسقب لبه العقل هوالبديهي، وما لا يستند للعقل فتقليد، وغير المطابق منه جهل مركب، وغير الجازم إن استوى طرفها فشك، وإن ترجح أحدهما فالراجح ظن والمرجوح وهم، فلا يرد عليه السؤال السادس لأنه لم يذكر لفظ الموجب، ويرد عليه غيره، لأنه جعل الحكم مستندا لمجرد العقل، والفعل إنما هو غريزة قابلة لا موجبة، وما ليس بموجب لا يستند إليه حكم كصقال المرآة لا يوجب انطباعا لكنه قابل له، والممكن قابل للإيجاد، ولا يوجب إيجادا ولا وجودا.
قوله: ليس يجب أن يكون كل تصور مكتسبا، وإلا لزم التسلسل أو الدور إما في موضوعات متناهية أو غير متناهية.
تقريره: أن التصورات لا تكتسب إلا بالحدود، والحدلا يبد فيه من التصورات، ولو تصورات الجنس والفصل، وأقل ذلك تصور واحد وهو الحد الناقص، أو الرسم الناقص، فإنَّ المعرفات خمسة:
الحد التام: هو التعريف بالجنس وافصل، كتعريف الغنسان بأنه الحيوان الناطق.
والحد الناقص: وهو التعريف بالفصل وحده، كتعريفه بالفصل وحده نحو قولنا: الناطق.
والرسم التام: وهو التعريف بالجنس والخاصة نحو قولنا فيه: الحيوان الضاحك.
والرسم الناقص: وهو التعريف بالخاصة وحدها نحو قولنا: الضاحك.
وتبديل لفظ بلفظ مرادف له: هو أشهر من الاول عند السامع، نحو قولنا: ما الباقلاء؟ فنقول: الفول.
وعلى التقادير الخمسة لا بد من حصول صوة في نفس السامع يتوصل بها إلى معرفة ما قصد تعريفه، وتلك الصورة أيضا مكتسبة؛ لأن التقدير أن كل تصور مكتسب، فيفتقر في حصولها إلى صورة أخرى، والأخرى إلى أخرى، فإن رجعنا إلى بعض ما فارقناه من الصور لزم الدور، وإن ذهبنا إلى غير النهاية لزم التسلسل فالدور، ويكفي فيه موضوعان، يتوقف كل واحد منهما على تقدم الآخر عليه، فيكفي فيه موضوعات متناهية، والتسلسل لا بد فيه من موضوعات غير متناهية، وهما لا يجتمعان متى التزمنا الدور ذهبت الموضوعات إلى ما لا نهاية لها؛ لأنها لا تصير لازمة، وإن أمكن حصولها أيضا فإن الحالات قد تجتمع، لكن الكلام في لزمومها لا في اجتماعها، وحينئذ يتعين على الإمام أمران:
أحدهما: أن يدعى لزوم أحدهما، لا لزوم أحدهما عينا، ولا لزومهما معا، أما لزوم أحدهما عينا فلأنه إن التزم لزوم الدور يقول السائل: أذهب إلى غير النهاية ولا أرجع إلى بعض ما فارقته، فلا يلزم الدور فلا تتم دعواه في الدور، وإن عبر لزوم التسلسل يقول السائل: لا أذهب إلى غير النهاية بل أرجع إلى بعض ما فارقته، فيلزم الدور ولا يلزم التسلسل، فلا بد أن يعدل المستدل عن دعوى لزوم أحدهما عينا، وأما عدم لزومهما معا فلأن التردد بين صورتين من هذه إلى هذه، ومن هذه إلى هذه مرارا غير متناهية كاف ولا يلزم التسلسل، ولذلك يلزم التسلسل، ولا يلزم الدور بأن يذهب في التوقف إلى غير النهاية، ولا نرجع إلى بعض ما فارقناه.
وثانيهما: أنه يتعين عليه أن يأتى بصيغة ((أو)) دون الواو؛ لأن الواو للجمع فيقتضى لزمومهما معا، و ((أو)) لأحد الشيئين، وهو اللازم للحق دون المجموع.
قال الخونجى: ((لو كانت العلوم كلها غير مكتسبة لما فقدنا شيئا، ولو كانت كلها مكتبسة لما حصلنا على شء، فيتعين أن البعض مكتسب، والبعض الآخر غير مكتسب)).
قوله: ((العلم ضرورى غير مكتسب؛ لأن كل أحد يدرك بالضرورة ألمه ولذته، ويدرك بالضرورة كونه عالما بهذه الأمور، ولولا أن العلم بحقيقة العلم ضرورى، وإلا لامتنع أن يكون علمه بكونه عالما بهذه الأمور ضروريا، ولأن التصديق موقوف على التصور، وكذلك القول في الظ،)).
تقريره: أن العلم باللذة - مثلا - ضرورى، وهو علم خاص قد حصل قبل الكسب، ومتى حصل الخاص حصل العام؛ لأنه في صمنه، فيكون العام الذي هو مطلق العلم قد حصل بدون كسب، وإذا حصل مطلق العلم بدون كسب يكون غنيا عن الكسب وهو المطلوب.
وكونه يعلم أنه عالم بهذه الأمور تصديق فيه تصوران:
أحدهما: موضوع القضية وهو زيد نفسه.
والثاني: محمول القضية وهو كونه عالما بهذه الأمور فصار علمه بهذه الأمور حاصلا بدون الكسب فيكون ضروريا، وهي معنى قوله: التصديق مسبوق بالتصور، يعنى أن تصور علمه، فهذه الأمور تقدم على الكسب، ولذلك يظن بالضرورة أن زيدا -مثلا- حى من غير كسب، وهذا ظن خاص حصل بدون كسب، ومتى حصل الخاص حصل العام في ضمنه بدون الكشب، فيكون مطلق الظن ضروريا غينا عن الكسب، وهو الممطلوب.
سؤال: إذا شرع في هذا الباب يثبت أن الأمور العامة ضرورية، لأن بعض أفرادها أو انواعها ضرورى، لزمه أن يكون الشك ضروريا، والوهم ضروريا والإنسان والحيوان والجسم والحجر وكل جنس علم منه فرد بالضرورة، وكذلك يلزمه أن مطلق النفس ضرورى، لأنى أعلم نفسى بالضرروة، وأنها
غير نفس زيد، وأنها باقية من أول العمر إلى آخره، وأنها عرض لها أحوال مختلفي أنا عالم بها، وهذا كله من غير كسب، ونفسى أخص من مطلق النفس، فيلزم أن يكون مطلق النفس ضروريا، مع أن النفس في غياة الإشكال قيل: هي جوهر، وقيل: هي عرض، وقيل: مجردة عن المواد لاداخل العالم ولاخارجه، وقيل: هي الروح، وقيل غيره.
وأخبرنى بعض الفضلاء أنه راى فيها للعقلاء ثلاثمائة قول في تصنيف لبعض العلماء، ومع هذا الاختلاف كيف يتصور الضرورة والساتغناء عن الكسب؟ قال الله تعالى:((ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيم من العلم إلا قليلا)) فأخبر سبحانه وتعالى أنه مما اختص بعمله دون خلقه، مع أنى أعلم أن لى روحا بالضرورة، وانها غير ورح زيد الذي مات، وغير أرواح جميع أنواع الحيوانات، وإن لزم أن تكون الروح والنفس ضرورى غنيتين عن الكسب فغيرهما بطريق الاولى، فلزم ألا يبقى شيء غير ضرورى، وهو خلاف الضروروة، وكيف يكون الإنسان ضروريا مع اختلاف العقلاء هل هو الشكل أوأمر آخر؟
واختلفوا في ذلك الأمر الآخر اختلفا شديدا، ومع شدة الاختلفا لا ضرورة، وكذلك اختلفوا في الجويان هل يدخل فيه النبات أم لا؟
فقالت فرقة عظيمة: النبات حيوان، ومنع ذلك آخرون، ومع شدة الاختلاف لا ضرورة، وهذا في الإنسان والحيوان المتعلقين بنا فما ظنك بغيهرما؟
جوابه: استدلاله رحمه الله صحيح، وهذا التهويل ايرد عليه، أما الإنسان والحيوان ونحوهما، فيلزم أن هذه الحقائق كلها ضرورية.
وأما اختلاف العقلا في الإنسان والحيوان، فهو خلاف وضع الفظ، لا في حقيقته ومعنها: هل لفظ الإنسان موضوع للشكل أو للنفس؟ وكذلك هل لفظ الحيوان موضوع للحساس فلا يكون النبات حيوانا لعدم حسه، أو للنامى فيكون النبات حيوانا لكون ينمو؟