الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أما بحسب نفس الأمر، فلا يختلف المسمى، ولا لفظه، وإن الاختلاف في هذه الإطلاقات إنما كان؛ لأن إطلاق لفظ المسمى شمروط باعتقاد أنه ذلك المسمى.
وقوله: الكذب إنما يمتنع أن لو كانت الدلالة قطعية.
هو كلام ذكره الإمام بعد هذا قدمه هو، فقال الإمام:(لو كان لفظ الخبر موضوعا لما في الخارج لتعذر الكذب) يعني أن اللفظ متى وجد وجد ذلك المعننى في الخارج، وهذا إنما يتم للإمام بأحد طريقين: إما أن يكون الاسم نفس المسمى، والخبر نفس المخبر، وهو باطل، أو يكون غيره، لكن تكون دلالته قطعية، وهو باطل أيضا، لأن دلالة الألفاظ ليست قطعية، فجاز تخلف مدلولها عنها، فيبطل قول الإمام مطلقا.
المبحث الرابع
اللفظ المشهور لا يجوز أن يكون موضوعا لمعنى خفي لا يعرفه إلا الخواص
.
مثاله: ما يقوله مثبتوا الأحوال إلى آخره، اعلم أن الأحوال جمع حال، والحال عندهم هي صفة لموجود، لا موجودة ولا معدومة، وزاد بعضهم فقال: لا معلومة، ولا مجهولة.
وتقريرها: بالمثال أولا ليشهد الكلام فيها أنها على قسمين: معللة وغير معلة، فالمعللة هي أحكام المعاني، فمتى قام معنى بمحل أوجب لمحله حكما منه، فالسواد يوجب لمحله أنه أسود، والبياض يوجب لمحله أنه أبيض، والعلم يوجب لملحله أنه عالم، وكذلك بقتيها، فكونه عالما معلل بقيام العلم به، وكذلك سائرها، فهذه عندهم أحوال معللقة بذلك، ومعنى ذلك الحكم هو اختصاص العلم بهذا الموصوف دون غيره، فذلك الإختصاص يسمى
عالمية، والعالمية مع المعروض لهذه العالمية يسمى عالما، فالعالمية جزء عالم، وكذلك بقيتها.
وغير المعللة: هي كون العلم علما والبياض بياضا، وكذلك سائر المعاني، فإذا قيل لك: لم كان العلم علما؟ لا يمكنك أن تقول: لأجل كذا، وإن كنت تقول: وجد في الخارج بقدرة الله - تعالى - لكن الكلام في الحقيقة سواء وجدت، أو عدمت يتعذر علينا تعليل خصوصيتها، وكذلك سائر المعاني والجواهر، والأقسام، والحقائق، والمعلومات، وحتى إذا قيل لك: لمَ كان المستحيل مستحيلا؟ لا تجد لذلك سبيلا، فهذه أحوال غير معللة، ولست صفات قائمة لمحالها حتى تقول: هي موجودة، ولا هي مسلوبة عن محالها حتى يقال: العلم بيس بعلم، فلذلك قالوا: ليست موجودة ولا معدومة، وكذلك اختصاص العلم بمحله نسبة وإضافة، والنسب والإضافات عندنا عدمية خلافا للفلاسفة، ولا هي مسلوبة عن محالها حتى يصدق على العالم أنه ليس بعالم، فلذلك قيل في الأخرى:((ليست موجودة ولامعدومة)) ولما وصل الفريق الآخر إلى هذا المقام قال: هذه ليست معلومة، لأن المعلوم إما موجود أو معدوم، وهذه ليست موجودة ولا معدومة، ولا هي مجهولة، لأنا حكمنا بها على محالها، والمجهول مطلقا لا يحكم به.
إذا تقرر هذا ظهر أن الحركة معنىيوجب لمحله كونه متحركا، ويكون كونه مترحكا حالا معللا بالحركة.
وقوله: ((إنها غير واقعة بالقادر))، بناء على قاعدة وهي أن القدرة صفة مؤثرة لا بد أن يكون أثرها وجوديا، وهي عدمية، فلا يكون بالقادر.
وقوله: ((لايعرفها إلا الأذكياء)) ممنوع؛ لأن العوام يفهمون الحركة، وكونه مترحكا، ويقولون: زيد متحرك، ولا يقولون: زيد حركة، ويقولون بأجمعهم: الحركة تنافي السكون، فهم متصورون للأمرين، غير أن هذه التدقيقات وتفاصيل المباحث ليست عندهم، وذلك لا يقدح في معرفتهم
بمسميات الألفاظ، ألا ترى أنهم يعرفون الحيوان والإنسان، وتفاصيل أحوالهما وخواصهما لا يعرفه إلا فضلاء الناس، ومن ذلك ما لا يعلهم إلا الله تعالى، فما قاله مندفع، أعني دليله على هذه الدعوى، ودعواه صحيحة في غير هذا المثال، وهل وقع أو ما وقع له مثال يحتمل ذلك؟ والغالب عدم وقوعه، وأنه لا يشتهر لفظ إلا ومسماه مشتهر.