المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌التقسيم الثانيقال الرازي: الفعل إما أن يكون حسنا أو قبيحا - نفائس الأصول في شرح المحصول - جـ ١

[القرافي]

فهرس الكتاب

- ‌الكلام في المقدمات

- ‌الفصل الأولفي تفسير أصول الفقه

- ‌تنبيه

- ‌السؤال الأول:

- ‌السؤال الثانى:

- ‌السؤال الثالث:

- ‌السؤال الرابع:

- ‌السؤال الخامس:

- ‌السؤال السادس:

- ‌السؤال السابع:

- ‌السؤال الثامن:

- ‌((تنبيه))

- ‌البرهان الثاني:

- ‌((تنبيه))

- ‌((تنبيه))إذا اجتمع في الحكم الشرعى دليلان يدلان عليه

- ‌((فائدة))متى قال الإمام في السؤال: لا يقال فالسؤال عنده ضعيف

- ‌((تنيبه))مقتضى قوله أن تكون أصول الفقه كلها ثلاثة أجزاء لا رابع لها

- ‌‌‌((تنبيه))

- ‌((تنبيه))

- ‌((فائدة))قال أبو الحسين في شرح ((العمد)): لا يجوز التقليد في أصول الفقه

- ‌الفصل الثانىفيما يَحْتَاجُ إِلَيْهِ أُصُولُ الفِقْهِ مِنَ المُقَدِّمَاتِ

- ‌الفصل الثالثفي تحديد العلم والظن

- ‌ الثاني

- ‌الأول قوله: ((حكم الذهن))

- ‌الثالث: قوله: ((بأمر على أمر))

- ‌الرابع:

- ‌الخامس: على قوله: ((إما أن يكون مطابقا أو لا يكون))

- ‌السادس:

- ‌السابع: ((على حصره الموجب في الحسى والعقلى والمركب منهما))

- ‌الثامن: على قوله: ((إن كان الموجب تصور طرفي القضية فهو البديهيات))

- ‌التاسع:

- ‌العاشر:

- ‌الحادي عشر:

- ‌الثانى عشر:

- ‌الثالث عشر:

- ‌الرابع عشر:

- ‌الخامس عشر: قوله: ((الذي لا يكون لموجب هو اعتقاد المقلد))

- ‌السادس عشر: قوله: ((الجازم غير المطابق وهو الجهل))

- ‌السابع عشر: قوله: ((التردد بين الطرفين إن كان على التسرية، فهو الشك))

- ‌((تنبيه))قوله: ((في الحسيات، ويقرب من العلوم الوجدانية))

- ‌((تنبيه))

- ‌الثامن عشر:

- ‌التاسع عشر:

- ‌العشرون:

- ‌((تنبيه))وافقه ((المنتخب)) و ((الحاصل)) وكذلك ((التحصيل))

- ‌((سؤال))إذا سلم له أن العلم والظن غير مكتسبين

- ‌((تنبيه))أسقط ((المنتخب)) هذا البحث، وقال ((الحاصل)): لا سبيل إلى تحديد العلم

- ‌((تنبيه))قال في ((المنتخب)): ((الظن رجحان الاعتقاد))

- ‌((تنبيه))قول الإمام في الأصل: ((ظاهرى التجويز)) احترازا

- ‌((فائدة))وقع في بعض نسخ ((المنتخب))

- ‌الفصل الرابعفي النظر والدليل والأمارة

- ‌قال القرافي: تقريره: يتحصل بالإيراد عليه

- ‌((تنبيه))في تعريف النظر

- ‌((فائدة))التصديق هو الخبر

- ‌((فائدة))فعيل يكون بمعنى فاعل

- ‌((فائدة))قال أبو الحسين في ((المعتمد)):

- ‌((تنبيه))تقدم في كون الحكم الشرعي معلوما أنه إذا اجتمع مقدمتان ظنية وقطعية

- ‌الفصل الخامسفي الحكم الشرعي

- ‌((سؤال))قوله تعالى ((أقيموا الصلاة))

- ‌((سؤال))ينتقض الحد بالاستفهام

- ‌((سؤال))المخاطبة مفاعلة لا تكون إلا من اثنين

- ‌((تنبيه))ينبغي أن يعلم أن خطاب التكليف والإباحة يندرج فيه الملك

- ‌((سؤال))((على هذا التقدير تكون ((أو)) مشتركة

- ‌((فائدة))قال بعضهم: ((هذا حكم بالتردد لا ترديد في الحكم))

- ‌((سؤال))قال النقشواني: ((إن أراد بالمكلفين من تعلق به الحكم الشرعي لزم الدور

- ‌ الصبيان هل هم مندوبون للصلاة والصوم أم لا

- ‌الفصل السادسفي تقسيم الأحكام الشرعية

- ‌ التقسيم الأول

- ‌((تنبيه))التقسم الدائر بين النفي والإثبات

- ‌((سؤال))قال النقشواني: إذا ظهرت الماهية أي فائدة في ذكر الحدود

- ‌الأول

- ‌الثالث: على قوله: على بعض الوجوه

- ‌الرابع:

- ‌الخامس:

- ‌السادس:

- ‌السابع: قوله: ((يذم)) بصيغة [الفعل] المضارع

- ‌الثامن: قال النقشواني: ينتقض جميع الحد بالمندوبات كلها

- ‌((تنبيه))وهم كثير من الأصوليين فقالوا في حد الواجب:

- ‌((تنبيه))إذا قلنا بأن المخير يذم تاركه على بعض الوجوه فما عدد تلك الوجوه وما ضابطها

- ‌((تنبيه))إذا حد الواجب بأنه الذي يستحق تاركه العقاب على تركه، لا يرد عليه سؤال العفو الذي أورده الإمام

- ‌((تنبيه))شرع الإمام رحمه الله في تقسيم الأحكام

- ‌((فائدة))قال سيف الدين: يبطل قول الحنفية في اشتراطهم قيد القطع في إطلاقهم لفظ الفرض بإجماع الأمة

- ‌((مسألة))قال الآمدي: ذهب بعض الناس إلى أن فرض الكفاية لا يسمى واجبا

- ‌((تنبيه))قال سيف الدين: المحرم هو ما ينتهض فعله سببا للذم شرعا

- ‌((مسألة))قال سيف الدين: يجوز عندنا تحريم أحد الشيئين لا بعينه

- ‌((فائدة))تقول العرب: حلال طِلق

- ‌((تنبيه))وافقه ((المنتخب))، وأسقطه ((التنقيح))

- ‌((مسألة))قال سيف الدين: اختلف في المباح هل هو حسن أم لا

- ‌((تنبيه))قال في ((المنتخب)): وقد يُسمى المندوب مرغبا فيه وسنة

- ‌((فائدة))الندب لغة:

- ‌((مسألة))قال سيف الدين: قال الأكثرون: المندوب ليس من التكليف

- ‌((فائدة))المكروه من الكريهة، وهي الشدة في الحرب

- ‌((مسألة))قال سيف الدين: اختلف في المكروه هل هو من التكليف كما تقدم في المندوب سؤالا وجوابا

- ‌التقسيم الثانيقال الرازي: الفعل إما أن يكون حسنا أو قبيحا

- ‌((تنبيه))خالفه ((الحاصل))

- ‌((تنبيه))قال أبو الحسين في ((المعتمد)): أهل ((العراق)) يطلقون القبيح على المحرم والمكروه

- ‌((سؤال))قال النَّقْشّوَانِيُّ: قوله في الوجه الثاني بعد هذا الجعل ((إما أن تبقى الحقيقة كما كانت أولا))

- ‌((فائدة))قال الغزالي: الأسباب ظاهرة في العبادات المتكررة كالصلاة والصوم والزكاة

- ‌التقسيم الرابعقال الرازي: الحكم قد يكون حكما بالصحة، وقد يكون حكما بالبطلان

- ‌((فائدة))قال الغَزَالي: يتخرج على الخلاف من قطع صلاته لأجل غريق

- ‌((سؤال))قد تصور صورة التعليل في الكلام الصحيح مع عدم التغاير

- ‌((سؤال))قضية التعليل تنعكس عليه

- ‌((سؤال))تفسيره للأجزاء بسقوط الأمر يشكل

- ‌((سؤال))توجد الصحة والإجزاء فيما لا يوجد فيه القضاء

- ‌((تنبيه))وافقه ((المنتخب)) و ((التحصيل)) وسكت عن ((التنقيح))

- ‌التقسيم الخامسالعبادة توصف بالقضاء والأداء والإعادة

- ‌((تنبيه))ينتفض حد الأداء على التفسيرين بقضاء رمضان

- ‌((تنبيه))

- ‌((تنبيه))على حدود الإمام تكون العبادة ثلاثة أقسام:

- ‌((فائدة))قال الغزالي رحمه الله تعالى: القضاء قد يطلف مجازا

- ‌((تنبيه))نفي من أوصاف العبادة القبول

- ‌التقسيم السادسقال الرازي: الفعل الذي يجوز للمكلف الإتيان به:

- ‌الفصل السابعفي أن حسن الأشياء وقبحها لا يثبت إلا بالشرع

- ‌((تنبيه))نعني بالخالصة من المصالح ما لا مفسدة فيه ألبتة

- ‌((تنبيه))ذكر مقدمة ونتيجة

- ‌((تنبيه))خالفه صاحب ((المنتخب)) فقال:

- ‌((سؤال))قال التبريزي:

- ‌((تنبيه))اللازم عن جوابه عن الحجة الأولى:

- ‌الفصل الثامنفي أن شكر المنعم غير واجب عقلا

- ‌المبحث الأولفي بيان حقيقة الشكر

- ‌المبحث الثالثفي تحقيق المتنازع فيه بيننا وبينهم

- ‌((فائدة))قال سيف الدين: الشرك عند الخصوم ليس معرفة الله تعالى

- ‌الفصل التاسعفي حكم الأشياء قبل الشرع

- ‌((سؤال))إذا كنا نبحث في المسألتين على تقدير تسليم القاعدة في الحسن والقبح

- ‌((تنبيه))الاستدلال بالفواكه وافق "المحصول" فيه "المستصفى"و"الإحكام

- ‌((تنبيه))زاد التبريزي في الجواب عن شبهة الإباحة

- ‌((فائدة))قال إمام الحرمين في "البرهان": يلزم القائلين بالحظر الأضداد التي لا انفكاك عن جميعها

- ‌((فائدة))في "المستصفى" قال: مذهب الأشعرية امتناع تعري الجواهر عن جميع الطعوم

- ‌‌‌((تنبيه))عند المعتزلة الأدلة السمعية مؤكدة لما علمه العقل

- ‌((تنبيه))

- ‌((تنبيه))نحن قائلون بأن الأحكام نفية قبل الشرائع

- ‌((تنبيه))حيث نفينا الأحكام قبل الرسل

- ‌الفصل العاشرفي ضبط أبواب أصول الفقه

- ‌((سؤال))قال النَّقْشّوَانِيُّ: لايصح قوله: إن الفعل لا يدرك إلا بالقول

- ‌((تنبيه))هذا الفصل بينه في كتاب "المعتمد

- ‌الكلام في اللغات

- ‌الباب الأولفي الأحكام الكلية للغات

- ‌النظر الأولفي البحث عن ماهية الكلام

- ‌((تنبيه))قال سراجُ الدِّينِ: النداء جملة مفيدة

- ‌((فائدة))قال سيف الدين: أكثر الأصوليين على ما نقله ((المحصول)) عن أبي الحسين من حد الكلام

- ‌((تنبيه))ليس من شرط الجملة المفيدة التي حدها النحاة الكلام

- ‌((تنبيه))قوله: الجملة الاسمية ما كانت من مبتدأ وخبر

- ‌((تنبيه))قال أبو الحسين في المعتمد: ليس من شرط الكلام أن يكون من حرفين

- ‌النظر الثانيفي البحث عن الواضع

- ‌فائدة: قال ابن حزم: اللغات أصلها لغة واحدة

- ‌((فائدة))قال المازري: فائدة الخلاف في هذه المسألة تظهر في جواز قلب اللغة

- ‌((فائدة))قوله الذي اعتمد عليه ابن متوتة

- ‌((فائدة))قال سيف الدين: ذهب أراب علم التكسير، وبعض المعتزلة إلى أن دلالة الألفاظ على معانيها لمناسبة

- ‌النظر الثالثفي البحث عن الموضوع

- ‌النظر الرابعفي البحث عن الموضوع له

- ‌الأول الأقرب أنه لا يجب أن يكون لكل معنى لفظ يدل عليه

- ‌فصلوما تكلمت به الفرس والعرب على لفظ واحد

- ‌فصلوتركت الفرس ألفاظا كثيرة وأخذتها

- ‌البحث الثاني:ليس الغرض من وضع اللغات أن تفاد بالألفاظ المفردة ومعانيها

- ‌((تنبيه))زاد التبريزي فقال: أما وقوع المخبر عنه

- ‌المبحث الثالثفي أن اللفظ ما وضع للدلالة على الموجودات الخارجية

- ‌((فائدة))الكليات ثلاثة: طبيعي، ومنطقي، وعقلي

- ‌((تنبيه))قال التبريزي: موضوع اللفظ هو ما يحتاج للتعبير عنه

- ‌((تنبيه))زاد سراج الدين لقائل أن يقول: اختلاف اللفظ الموضوع للخارجي ممنوع في نفس الأمر

- ‌المبحث الرابعاللفظ المشهور لا يجوز أن يكون موضوعا لمعنى خفي لا يعرفه إلا الخواص

الفصل: ‌التقسيم الثانيقال الرازي: الفعل إما أن يكون حسنا أو قبيحا

‌التقسيم الثاني

قال الرازي: الفعل إما أن يكون حسنا أو قبيحا

.

وتحقيق القول فيه: أن الإنسان إما أن يصدر عنه فعله وليس هو على حالة التكليف، وإما أن يصدر عنه الفعل وهو على حالة التكليف.

والأول كفعل النائم، والساهي، والمجنون، والطفل فهذه الأفعال لا يتوجه نحو فاعليها ذم ولا مدح، وإن كان قد يتعلق بها وجوب ضمان وأرشٍ في مالهم ويجب إخراجه على وليهم.

والثاني: ضربان؛ لأن القادر عليه المتمكن من العلم بحاله إن كان له فعله فهو الحسن وإن لم يكن فهو القبيح.

ثم قال أبو الحسين البصري رحمه الله: القبيح هو: الذي ليس للمتمكن منه ومن العلم بقبحه أن يفعله ومعنى قولنا: ((ليس له أن يفعله)) معقول لا يحتاج إلى تفسير ويتبع ذلك أن يستحق الذم بفعله، ويحد أيضا بأنه الذي على صفة لها تأثير في استحقاق الذم.

وأما الحسن، فهو: ما للقادر عليه، المتمكن من العلم بحاله، أن يفعله

وأيضا: ما لم يكن على صفة تؤثر في استحقاق الذم.

وأقول: هذه الحدود غير وافية بالكشف عن المقصود.

أما الأول، فنقول ما الذي أردت بقولك:((ليس له أن يفعله)

فإنه يقال

ص: 280

للعاجز عن الفعل ليس له أن يفعله، ويقال للقادر على الفعل، إذا كان ممنوعا عنه حسا: ليس له أن يفعله، ويقال للقادر إذا كان شديد النفرة عن الفعل: ليس له أن يفعله، وقد يقال للقادر إذا زجره الشرع عن الفعل: إنه ليس له أن يفعله

والتفسيران الأولان غير مرادين لا محالة، والثالث غير مراد أيضا لأن الفعل قد يكون حسنا مع قيام النفرة الطبيعية عنه وبالعكس.

والرابع أيضا غير مراد؛ لأنه يصير القبيح مفسرا بالمنع الشرعي.

فإن قلت: المراد منه القدر المشترك بين هذه الصور الأربع من مسمى المنع.

قلت: لا نسلم أن هذه الصور الأربع تشترك في مفهوم واحد؛ وذلك لأن المفهوم الأول معناه: أنه لا قدرة له على الفعل، وهذا إشارة إلى العدم، والمفهوم الرابع معناه: أنه يعاقب عليه؛ وهذا إشارة إلى الوجود، ونحن لا نجد بينهما قدرا مشتركا.

وأما قوله: ((ويتبع ذلك أن يستحق الذم بفعله))

قلنا: لما فسرت القبيح: بأنه الذي يستحق الذم بفعله، وجب تفسير الاستحقاق والذم.

فأما الاستحقاق، فقد يقال: الأثر يستحق المؤثر، على معنى أنه يفتقر إليه لذاته، ويقال: المالك يستحق الانتفاع بملكه؛ على معنى أنه يحسن منه ذلك الانتفاع.

والأول ظاهر الفساد، والثاني يقتضي تفسير الاستحقاق بالحسن، مع أنه فسر الحسن بالاستحقاق؛ حيث قال: الحسن هو الذي لا يستحق فاعله الذم فيلزم الدور، وإن أراد بالاستحقاق معنى ثالثا فلا بد من بيانه.

ص: 281

وأما الذم فقد قالوا إنه قول أو فعل أو ترك قول أو ترك فعل ينبىء عن اتضاع حال الغير.

فنقول: إن عنيت بالإتضاع: ما ينفر عنه طبع الإنسان ولا يلائمه فهذا معقول لكن يلزم عليه أن لا يتحقق الحسن والقبح في حق الله تعالى؛ لما أن النفرة الطبيعية عليه ممتنعة؛ وإن عنيت به أمرا آخر فلا بد من بيانه.

وأعلم: أن هذه الاشكالات غير واردة على قولنا؛ لأنا نعني بالقبيح: المنهي عنه شرعا، وبالحسن ما لا يكون منهيا عنه شرعا، وتندرج فيه أفعال الله تعالى، وأفعال المكلفين من الواجبات والمندوبات والمباحات وأفعال الساهي والنائم والبهائم.

وهو أولى من قول من قال: الحسن ما كان مأذونا فيه شرعا لأنه يلزم عليه أن لا تكون أفعال الله تعالى حسنة، ولو قلت:((الحسن: هو الذي يصح من فاعله أن يعلم أنه غير ممنوع عنه شرعا)) خرج عنه فعل النائم والساهي والبهيمة، ويدخل فيه فعل الله تعالى، لأن وجوب ذلك العلم لا ينافي صحته وبالله التوفيق.

قال القرافي: قوله: ((الفعل إما أن يكون حسنا أو قبيحا)).

أي التقسيم الثالث

تقريره: أن الكلام الذي نقله هو كلام أبي الحسين في ((المعتمد)) نص المسطرة.

ومعنى قوله: ((القادر عليه)) احترازا عن العاجز، فإن العجز عن الواجب يبطل حسنه، وعن ترك المحرم يبطل قبحه، ((والعالم بحاله))، احترازا من

ص: 282

الواطئ أجنبية يظنها امرأته، فإنه غير عاصٍ، وكذلك الواطيء لزوجته يظنها أجنبية فإنه عاص.

مع أن الفعل في نفس الأمر في الأول قبيح، وفي الثاني حسن، وإنما أحيل المدح، والذم يسبب عدم العلم، فلذلك اشترط العلم بحال الفعل، فإن كان مأذونا له في أحد الوصفين فهو الحسن، وإلا فهو القبيح.

وقوله: ((على صفة تؤثر في استحقاق الذم)).

يريد بالصفة لامفسدة على أصله في الاعتزال، فإنه كلام ((أبي الحسين))، وجعل الحسن ما ليس فيه هذه الصفة، ولم يشترط فيه أن يكون فيه مصلحة، كما قلنا نحن: الحسن ما ليس منهيا عنه، ولم تشترط أن يكون مأمورا به ليعم تناوله عندهم وعندنا.

وقوله في تفسير ليس له أن يفعله: والرابع غير مراد؛ لأنه يصير القبيح مفسرا بالمنع الشرعي.

معناه: وأ، تم لا تقولون به إنما يفسر القبح بالمنع الشرعي أهل النسة، أما المعتزلة فلا.

وقوله: ((لا يجد مشتركا بين الوجود والعدم)) ممنوع، بل النقيضان مشتركان في التناقض، وهما وجود وعدم، ويشترك الوجود والعدم في الإمكان في الممكن الخاص، والمعلومية، والمذكورية، وأنهما ليسا بسواد، ولا بياض، ولا جسم، ولا حجر، وغير ذلك مما لا نهاية له من الأمور السلبية المشتركة بينهما، مع أن أبا الحسين لم يذكر إلا قوله: ليس له أن يفعله، وهذا سلب أمكن الاشتراك فيه، نعم لو ادعي الاشتراك في أمر ثبوتي تعذر بين الوجود والعدم في ذاتيهما لا في أمر خارج عنهما، فإن وجود الحركة وعدمها يعتوران على الجسم، والجسم مشترك بينهما خارج عنهما، وكذلك العلم وعدمه، والإرادة وعدمها محالها مشتركة بين هذه النقائض.

ص: 283

وهي وجودية، وظهر أن الوجود والعدم يشتركان في الأمور الوجودية والعدمية، فدعوى عدم الاشتراك لا تتم.

وقوله في تفسير الاستحقاق: ((الأول ظاهر الفساد)).

يعني: أن الذم ليس مؤثرا في فاعل القبيح، بل الذم لا يؤثر لفي شيء لتعذر التأثير في الكلام، والذم إنما هو كلام، وإلزامه الدور على الثاني غير لازم؛ لأن مدلول الاستحقاق قد يكون مجهولا لشخص، والحسن معلوما له، وبالعكس عند شخص آخر، والحدود والرسوم إنما هي بحسب حال السائل، فرب شخص يعرف الحقيقة لازما، فيعرف له بذلك اللازم، وغيره بجهله، فلا يعرف له به، أو يقول: ليس معنى أن المالك يستحق الانتفاع بملكه أنه يحسن منه ذلك، بل معناه أن الله - تعالى - أذن له فيه، وهو أخص من الحسن؛ لأن الحسن هو الذي لا نهى فيه، وعدم النهي أعم من ثبوت الإذن، بدليل فعل البهائم، وحينئذ نقول: لفظ الإذن لم يقع في تفسير الحسن أصلا فلا دور، وقد تكون الألفاظ يجهل منها ما هي موضوعة له، وإن كانت المعاني في أنفسها معلومة كما تقدم بسطه في حد العلم، وإنه يصح تعريفه بالمعلوم كما تقدم تمامه.

ثم نقول هاهنا معنى ثالث: هو الاستحقاق المقصود في القبيح، وهو ملائمة الذم لفاعل القبيح في نفوس العقلاء الملائمة بين الذم والفاعل غير التأثير والإذن الشرعي، وهذا المعنى ظاهر متبادر للذهن عند سماع هذه اللفظة إذا قال القائل: المحسن يستحق الثناء الجميل، والمسيء يستحق العقاب الوبيل.

معناه: أن ذلك ملائم للطباع، ومناسب عند العقول، كما أن عقاب المحسن منافر عند الطبع، فهذه الملائمة والمنافرة معلومة بالضرورة للعقلاء، ومتبادرة عند سماع اللفظ، فاندفع السؤال.

وقوله: ((الذم قول أو تركه أو فعل أو تركه)).

مثال القول: الشتم.

ص: 284

مثال تركه: ترك رد الجواب عند تعيينه.

مثال الفعل: الضرب.

مثال ترك القيام في المحافل عند تعيينه، ويرد عليه أن الذم في اللغة إنما هو اللفظ ليس إلا، والأقسام الثلاثة لا تسمى ذما، فتفسير الذم بها لا يصح.

وقوله: ((يدل على اتضاح حال الغير))، الغير هاهنا المذموم، أي: يتضح حاله عند الذام، فكذلك لما فسره بالنفرة استحال في حق الله - تعالى - لتعذر النفرة الطبيعية عليه، ويرد عليه أن الذم لفظ دال كما قال على النفرة، ولا يلزم من فني المدلول وتعذره في حق الله - تعالى - انتفاء الدال الذي هو الذم، والتحديد إنما وقع به، وما تعين نفيه في حقا لله تعالى، فإنا لآيات الدالة على التجسيم استحال مدلولها في حق الله - تعالى - ما بطل كونها دالة على تلك الأمور من التجسيم، فإن الدلالة الظنية قد توجد بدون مدلولها، فالقبيح هو الذي يحسن ورود هذه الألفاظ الدالة على النفرة في حق فاعله، سواء تحققت النفرة في نفس الذام أم لا، وكذلك إن آخذناه بذم الشخص على الفعل الحسن لغرض من الأغراض، وهو يعتقد أنه فعل حسن، ولا نفرة في نفسه، ومع ذلك لا يقال: إنه ليس بذم، فالحاصل أن التحديد وقع بالذم / وهو باق في حق الله - تعالى - ولم يقع بمدلوله فلا يضر انتفاؤه.

وقوله: ((هذه الإشكالات غير واردة على قولنا، لأن القبيح عندنا هو المنهى عنه شرعا، والحسن ما ليس منهيا عنه)).

يرد عليه أن القبيح عندنا يعتمد المفاسد كما أن الأمر يعتمد المصالح، فقلنا بالصفحة كما قالوا بها، غير أنا قلنا على سبيل التفصيل، وهم قالوا بها على سبيل الوجوب، وعندنا المحرم ملزوم للذم فقد قلنا بالذم، وعندنا ليس له

ص: 285

أن يفعله شرعا، فيرد علينا جميع ما ورد عليهم في الصفة والاستحقاق والذم، وجميع الأسئلة.

قوله: ((وإذا قلنا: الحسن هو الذي يصح من فاعله أن يعلم أنه غير ممنوع عنه دخل فيه فعل الله - تعالى -؛ لأن وجوب ذلك العلم لا ينافي صحته)).

تقريره: أن الصحة والقبول، والإمكان معنى واحد ينقسم إلى: الإمكان العام، والإمكان الخاص، فالإمكان العام: هو سلب الضرورة عن أحد الطرفين، والإمكان الخاص: سلب الضرورة عن الطرفين معا، أعني طرفي الوجود والعدم.

بيانه: أن الواجب وجوده ضروري، وعدمه ليس ضروريا، فقد سلبنا الضرورة عن أحد طرفيه وهو العدم، والمستحيل عدمه ضروريا، ووجوده ليس ضروريا، فقد سلبنا الضرورة عن أحد طرفيه وهو الوجود، والممكن لا ضرورة في وجوده ولا في عدمه، فقد سلبنا عن أحدهما، فعلم أن سلب الضرورة عن أحد الطرفين يصدق على الواجب والممكن ولامستحيل، والإمكان الخاص لا يصدق إلا على الممكن خاصة، فهو يريد بقوله: يصح من فاعله أن يعلم بالتفسير الأعم الصادق على الواجب الوجود، فلذلك قال: وجوبه لا ينفاي صحته، لما سبق إلى الذهن أن الصحة لا يفهم منها إلا المعنى الأخص المنافي للوجوب، فأخبر أنه يريد المعنى الأعم.

((سؤال))

قال النقشواني: جعل الإمام الحكم الشرعي منفسما إلى أقسام، هذا هو القسم الثاني، فيكون الحكم الشرعي منقسما إلى الحسن والقبيح، فيكون الحسن والقبيح حكمين شرعيين، مع أنه حدا لحكم بأنه خطاب الله تعالى المتعلق بفعل المكلفين، فعلى هذا بطل قوله: إنه يندرج في الحسن فعل الله

ص: 286

تعالى؛ لأنه ليس خطابه المتعلق بفعل المكلفين، ولذلك لا يندرج فعل البهائم والنائم والساهي، والأفعال قبل ورود الشرع يلزمه أن تكون حسنة، وأنها خطاب الله تعالى، فثبت خطاب الله تعالى حيث انتفي خطابه، وهو تناقض ظاهر.

جوابه: أن التقسيم قد يقع في الأعم والأخص مطلقا، فيجب صدق المقسم إلى جميع أقسام المقسم إليه، كتقسيم الحيوان إلى الناطق والبهيم، وتقسيم الناطق إلى الرجل والمرأة، فيجب صدق الحيوان على الرجل والمرأة، وجميع أقسامها؛ لأن المقسم أعم مطلقا، وتارة يقع التقسيم في الأعم من وجه، كتقسيم الحيوان إلى الأبيض والأسود، فلا يجب صدق الحيوان على جميع ما ينقسم إليه الأبيض والأسود، فلا يجب صدق الحيوان على جميع ما ينقسم إليه الأبيض ومن الجير واللبن، ولا جميع ما ينقسم إليه الأسود من القار والقطران، إذا تقرر هذا فمن التزم أصل التقسيم الذي هو أعم من التقسيم في الأعم مطلقا لا يرد عليه ما يلزم على أحد نوعيه، كما أن من التزم أنه قتل حيوانا لا يلزمه ما يلزم من قتل إنسانا، ولا من قال معي عدد أن يلزمه أن يكون زوجا، ولايلزمه لوازم الزوجية التي هي أحد أنواع العدد، لأنه إنما التزم الأعم، كذلك التقسيم إنما التزم التقسيم الذي هو أعم مطلقا، والحكم هاهنا أعم من الحسن من وجه، لا عموم مطلقا، والحسن ينقسم إلى ما هو حكم، وإلى ما ليس فيه حكم، كما ينقسم الأبيض إلى ما هو حيوان، وإلى ما ليس بحيوان، فكما لا يلزم صدق الحيوان على الجير لا يلزم صدق الحكم الشرعي على فعل الله تعالى، وما قيل معه، وهذا الجواب جليل ينفعنا في تقسيم العلم إلى التصور والتصديق، مع انقسام التصديق إلى العلم والجهل، فيلزم صدق العلم على الجهل، وفي تقسيم حكم الذهن بأمر على أمر، ثم قسم إلى الشك الذي لا حكم فيه، وقد تقدم تقريره، فتأمل هذا الجواب تجد نفعه إن شاء الله تعالى.

ص: 287

قَالَ سراج الدين: إنما تتم الإشكالات بإثبات الحصر في الأقسام المذكورة، ونفي كل واحد منها بخصوصه وعمومه، ولم تقم الدلالة على واحد منهما.

يريد بالإشكالين قول الإمام: ((ليس له أن يفعله))، أنه يقال لأربعة، والكل باطل هذا أحدهما.

والثاني: إشكال الاستحقاق فهو يعني أن التقسيم في الإشكالين وقع بين الثواب، والتقسيم إنمنا يكون حاصرا إذا وقع بين النفي والإثبات، أو بين ثوابت معلوم الحصر فيها بالضرورة نحو: العدد إما زوج أو فرد، وزيد إما متحرك أو ساكن، وليس هذا منها، فالحصر ليس بثابت ولا حاصل.

وقوله: ((نفي كل واحد منها بخصوصه وعمومه)).

يريد أن القسم قد ينتفي من حيث خصوصه، ويبقى عمومه كما ينتفي الإنسان من حيث هو ناطق، ويبقى عمومه، وهو كونه حيوانا، كذلك هاهنا اشتركت الأقسام كلها في أنه ليس له أن يفعله، فسلب هذه اللام الدالة على المكنة، والإذن، والاختصاص هو مشترك، ولعله يبقى بعد نفي كل واحد من الخصوصيات وحده لصلاحيته للاستقبال؛ فإن الكلي قد يكون نوعا أخيرا لا يحتاج لنوع آخر يكون فيه، أو في نوع آخر غير المذكورات، وكذلك أقسام الذم هي مشتركة في مطلق الدال على اتضاح حال المذموم في نفس الذام، فلعله يبقى مستقلا بعد نفي الأقسام، أو في نوع آخر غير المكذورة؛ لعدم إقامة الدليل على الحصر في هذه الأقسام. هذا تقرير كلامه.

وجوابه: أن هذا الكلام من سراج الدين إنما يلزم إذا دعى نفي هذه الأمور، أما من ادعى نفي إفادتها للتعريف، فيكفيه أن يقول: إنه لم يفهم من لفظك المحاول للتعريف إلا كذا، وتعين أمر أو أكثر من غير حصر، ونقول: هذا الذي فهمته من كلامك لا يصلح للتعريف، وعمومه ما فهمته

ص: 288