الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والإجماع أى أدلتها، ومنه أصول الفقه، وأصل الشئ رجحانه عند العقل، ومنه الأصل براءة الذمة أى الراجح؛ لأن الإنسان ولد بريئا من الحقوق كلها، فإذا خطر ببالنا أن ذمته اشتغلت بحق الله تعالى، أو للخلق، أو لم تشتغل؛ ولم يقم دليل على شئ من ذلك كان احتمال عدم الشغل راجحا على احتمال الشغل في العقل، ومنه الأصل في الكلام الحقيقة، أى هي الراجحة عند السامع على المجاز، والأصل عدم الاشتراك أى الراجح عدم الاشتراك على الاشتراك، والأصل بقاء ما كان على ما كان أى الراجح بقاؤه على تغيره عن حاله، والأصل الرابع الصورة المقيس عليها في القياس، فإنهم يسمونها أصلا، وليست من هذه الأقسام، فالأصول حينئذ أربعة متباينة بالحد، والحقيقة واللفظ بينهما مشترك.
((تنيبه))
مقتضى قوله أن تكون أصول الفقه كلها ثلاثة أجزاء لا رابع لها
، وإن طالت المصنفات فيها وكثرت، الأدلة والاستدلال والمستدل.
فالأول: الأوامر والنواهي والعموم والقياس والإجماع ونحوها.
والثانى: التعارض والترجيح.
والثالث: هو باب المجتهد وصفته والمقلد وصفته، وعلى كلامه خمسة أسئلكة:
الأول: أن قوله: ((مجموع طرق الفقه))، وقال: احترزت به عن الباب الواحد يلزمه أحد الأمرين: إما أن يقول في حد الفقه: مجموع أبواب الفقه، ألا يقول هاهنا لفظ المجموع.
وتقريره: أن للفقه أبوابا أكثر من أبواب أصول الفقه بكثير، وأهل العرف يسمون فقيها من عرف جملة غالبة من الفقه كما تقدم تقريره،
وكذلك من عرف جملة غالبة من أصلو الفقه سمونه أصوليّاً، ولا يمكن لأحد أن يقول: إن من جهل بابا واحدا من أصول الفقه وإن صغر، وإن قل أن أهل العرف يمتنعون من إطلاق الفظة الأصولى عليه، بل بعض الكتب المختصرة لم تستوعب فيها أبواب أصول الفقه، ومع ذلك يسمون العالم بها أصوليا كما يسمون العالم بمختصرات الفقه فقبها لكونه حصَّل جملة غالبة في الموضعين، بل المخالف في صيغة العموم والأمر كالقاضى ونحوه يلزم ألا يسمى أصوليّا عند خصومه، وكذلك كل أصولى خالف أصلا لا ختلال المجموع بالقياس إليه، وإذا استوى البابان لزم احد الأمرين ضرورة، والذي يظهر أن الإسقاط في اشتراط المجموع هو الصواب، وقد أسقطه كثير من المصنفين ووافقه أبو الحسين في شرح ((العمد)) وغيره.
الثانى: قوله: على سبيل الإجمال مع أنَّ القاعدة أن كل قيد في حد إنما يُحتَرَزُ به من ضده، وقد تقدم أن العلم الإجمالي معرفي الشئ من بعض وجوهه، والتفصيلي معرفة الشيء من جميع وجوهه، تقدم ذلك في أول الشرح مبسوطاً، فحينئذ الإجمال إنما يحترز به عن التفصيل، وقد قال: إنه احترز به عن حال الفقيه في علمه بوجود الأدلة في الصور المعينة، مع أن الفقيه فاته بعض الوجوه، وهو كون تلك الأدلة التى هي حظ الأصولى، فحينئذ كل واحد من الفقيه والأصولى إنما حصل له العلم بهذه الطرق على سبيل الإجمال، فاندرك الفقيه في حد الأصول فما قصد أن يكون مخرجا انعكس موجباً.
الثالث: أن وجود الأدلة في صور الأحكام كوجود الحقائق في البقاع والأزمان، ووجود الحقائق في البقاع والأزمان لا يكون وجوها فيها حتى بعد الجهل بها يخل بالعلم بتلك الحقيقة؛ لأن من جهل حقيقة الإنسان وعلم أن منه في الأرض الفلانية، أو الزمان الفلانى أفراداً لا يقال: إنه جاهل بحقيقة
الإنسان، وكذلك من علم حقيقة السواد، فكذلك من علم حقيقة الإجماع، وجهل انقعاده في مسألة القراض لا يقال: إنه جاهل بحيقة الإجما ع؛ لأن وجوده في القراض كوجود السواد في ثوب زيد، وإنما يعد وجها في الحقيقة ما كان قارا فيها، كمن علم الإنسان من جهة كونه ناطقا لا من جهة كونه ضاحكا بالقوة، أو كاتبا بالقوة، ونحو ذلك، فإنه لم يعلم الإنسان على التفصيل، فظهر أن إخراج حظ الفقيه من الأدلة لا يصير العلم بأصول الفقه إجماليا بغير هذا الوجه، أما بهذا الوجه فلا.
الرابع: أن من جملة أصول الفقه كيفية حال من لم يجز له الاستدلال بهذه الأدلة على الأحكام ليعتمد على ما يظهر له وهو المقلد، فإن صفته إنما تذكر في أصول الفقه، وما ذكرها كما ذكر صفة المستدل، فإن قال: إن صفته تعلم بطريق اللزوم من معرفة صفة المستدل، بمعنى أن من ليس موصوفا بصفة الاجتهاد فهو المقلد.
قلنا: وكذلك تُعْلم صفة المجتهدين من صفة المقلد بطريق اللزوم، بمعنى أن من ليس بمقلد فهو مجتهد، وهذا التعريف المتضارب الشئ لا يجوز في الحدود، فلا يقال في الحركة: ما ليس بسكون، ولا لسكون ما ليس بحركة؛ لأنه تعريف الشئ بما لا يعرف إلا بعد معرفته.
الخامس: قال النًّقْشَوَانى: إنه فسَّر الطريق بما يكون النظر الصحيح فيه مقصيا للعلم، أو الظن بالحكم الشرعى، والذي ينظر لتحصيل العلم، أو الظن الخاص هو الفقيه، فيلزم أن يكن أصول الفقه فقهاً، وهذا السؤال غير متجه؛ لأنا إذا قُلْنا في حد الماء: هو الذي إذا شربه الحيوان روى به، فهذا تعريف بخاصة، ولا يلزم دخول الحيوان في حد الماء، وكذلك إذا قلنا: