الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشريك، ووجوده، ووقع التمانع، أن العلام حينئذ يستحيل وجوده لحصول التمانع، لا أنه يكون موجودا على نوع من اخلل، فقد سمى الذي لا تثبت حقيقته بوجه فاسدا، وهو خلاف ما قالوه فتأمل ذلك.
وقوله في تمثيل الفاسد: ((كعقد الربا، فإنه مشروعمن جهة أنه بيع، ممنوع من جهة اشتماله على الزيادة)) يلزم منه اندراج الباطل في تفسر الفاسد، فإن الباطل أياض لم ينه عنه منجهة أنه بيع، بل مشروع من ذلك الوجه، إنما المفاسد في متعلقاته من جهة العاقدين والعوضين، بل ينبغي أن يفسر بتفسير هو أخص من مطلق البيع، فنقول: مشروع من جهة أنه يبيع فضة بفضة، وهذا لا يصدق على الباطل فلا يندرج.
((تنبيه))
زاد في ((المنتخب)) بعد تفسير صحة العبادة والبطلان مقابل لها على اختلاف المذهبين.
معناه من قال: الصحة موافقة الأمر يوقل: البطلان مخالفة الأمر، ومن قال: الصحيح ما أسقط القضاء يقول: الباطل ما أمكن أن يتعقبه القضاء.
((فائدة))
قال الغَزَالي: يتخرج على الخلاف من قطع صلاته لأجل غريق
، فهي صحيحة عند المتكلمين، وباطلة عند الفقهاء.
قوله: ((وبقرب من هذا الباب البحث عن الإجزاء في العبادة إلى آخر التقسيم)).
اعلم أن الفرق واقع بين الصحة، والإجزاء من حيث الجملة؛ لأن الصحة في العقود دون الإجزاء، لأنه لا يصدق في العبادة، وله إشعار
بالوجوب، فيبعد أن يقال في صلاة النفل: إنها مجزئة من حيث إنها نفل، غير واجبة بالشروع، أوفي صدقة التطوع إنها مجزئة.
أما الفرق بين إجزاء العبادة وصحتها فصعب؛ لأن كل عبادة صحيحة عند الفقهاء مجزئة، وكل عبادة مجزئة صحيحة، فيعسر الفرق، وجميع المباحث والأسئلة الواردة على أحد البابين واردة في الآخر، وعلى هذا التقدير يعسر جعلهما بحثين أو مسألتين، غير أني قد استروحت من قوله عليه الصلاة والسلام لأبي بردة بن نيار في جذع الماعز:((تجزئك ولا تجزيء أحدا من بعدك)) أن الإجزاء أعم، فإن السيد إذا جعل على عبيده في الخراج كل واحد عشرة، فرحم بعضهم في بعض الأيام، فقال له: تجزئك ولا خمسة عما قرر عليك، بمعنى أنه يزيل الطلب عنك، لأنك أتيت بالمأمور على الوصف الذي تقاضاه الأمر كالجذع، فإنه ليس على الوصف الذي تقاضاه الأمر بالأضحية، وقد أسقط عنه عليه الصلاةوالسلام الطلب به، فيكون الإجزاء
أعم لكون زوال الطلب قد يكون بالفعل الموصوف بالأوصاف الوقاعة في الأمر، وقد يكون بدونها كالجذع، والصحة زواله بالفعل الواقع على وفق الأمر، ويمكن أن يقال: الإجزاء والصحة كل واحد أعم من الآخر من وجه، وأخص من وجه، لأن المتيمم في الحضر يصلي ويعيد عد الشافعي إذا وجد الماء، والعادم للماء والترا ب يصلي، ويعيد على أحد الأقوال، مع أن الصلاة الأولى صحيحة، وإعادة الثانية ليس لعدم الكمال، بل لعدم الإجزاء؛ لأنها واجبة فالصحة أعم من الإجزاء لوجودها بدونه، ومعنى عدم الإجزاء هاهنا أن الأولى لم تبرئ الذمة فهي كالركعتين من الظهر، والجزاء أيضا أعم لوجوده بدون الصحة في حديث أبي بردة المتقدم، فيكون كل واحد أعم وأخص من وجه؛ لثبوت عموم كل واحد منهما على الآخر، واجتماعهما في أكثر الصور، فهذا ما تيسر لي في الفرق، ولهذا الإلباس قال الإمام: يقرب من هذا البحث عن الإجزاء.
وقوله: ((لايوصف بالإجزاء إلا ما أمكن أن يوصف بالبطلان، وعدم الإجزاء كالصوم))
هذا على قاعدة لغويو أن العرب لاتوصف المحلى بشيء إلا إذا كان قابلا لضد، فلاتقول في الخراز: إنه أعمى وإن كان لا يبصر لعدم قبوله للبصر ولا أصم لعدم قبوله للسمع عادة، فكذلك العبادة إذا لم تقبل الوصف بالفساد لا توصف بالإجزاء، ثم تمثيله بمعرفة الله سبحانه وتعالى صحيح، فإنها متى تحقق الكشف كانت معرفة، وإن لم يتحقق الكشف
لم تكن المعرفة حاصلة، فما وصفت المعرفة بغير الإجزاء قط، ولا تقبله، نعم قد يشترط، في اعتبارها، وترتيب الثواب عليها أمور أخر، فإن وقوعها قبل الأمر بها لا ثواب فيه، ومع الكفر الفعلي، كإلقاء المصحف في القاذورات محبط لثوابها ونحو ذلك، فثوابها قد يكون وقد لا يكون.
أما وقوعها على الوجه المطلوب منها في ذاتها، فلا يتصور وقوع على غيره.
وأما تمثيله برد الوديعة فغير مسلم؛ لأنه إن أراد بالرد المستجمع لجميع الشرائط والأسباب، وانتفاء الموانع، فالعبادات والمأمورات الكل كذلك، وإن أراد أصل الرد كيف كان، قد يرد الوديعة لربها بعد جنونه، أو الحجر عليه فلا يبرأ بذلك، ويضمن، أويبعها ربها، فيتعين التسليم للمشترى، أو يرهنها فيسلمها للراهن، او يموت فيتعين التسليم للوارث، فأصل الرد في الوديعة يقبل الوجهين، فلا يصح التمثيل به قوله: إجزاء الفعل كون الإتيان به كافيا في السقوط التعبد به، وهو معنى قوله في الصحة: إنها موافقة الشريعة، فإنها متى وافقت الشريعة أسقطت التعبد بها، فظهر أنها موافقة الشريعة، فإنها متى وافقت الشريعة أسقطت التعبد بها، فظهر أنهما معنى واحد، إلا أن يتلمح ما تقدم، وكذلك قوله: ومنهم من فسره بسقوط القضاء هو قوهل في الصحة في المذهب المحكي عن الفقهاء: إن الصحيح ما أسقط القضاء، غير أنه هاهنا جعله نفس السقوط، وثمت سبب السقوط، وبين العدم وسببه فرق لا محالة، فإن كان مراده وال سبب السقوط، فهذا هو غير مذهب الفقهاء في الصحة، أو نفس الدم فهو غيره، وهو ظاهر لفظه.
وقوله: الآتي بالعفل غير مستجمع للشرائط، ثم يموت)).
يريد قبل خروج الوقت، لم يثبت الأمر ب القضاء في حقه؛ لأن القضاء إنما يتوجه لاأمر به إذا خرج الوقت، فقد وجد في حق هذا عدم القضاء،
فلو كان الإجزاء عدم القضاء لوجد الإجزاء هاهنا، ولم يوجد، فدل على أنه غيره، وكذلك من لم يفعل اصلا، ثم مات قبل خروج الوقت.
قوله: ((ولأن القضاء إنما يجب بأمر جديد)).
معناه: أن قاعدة الحصر تقتضي ترتيب الوجود على الوجود، والعدم على العدم، فإذا قال عليه السلام:((إنما الماء من الماء)).يترتب وجوب الغسل على وجودا لماء، وعدم الوجوب على عدم الماء، فيكون عدم القضاء مستفادا من عدم النص الجديد لا من الإجزاء، فلا يكون الإجزاء نفس عدم القضاء؛ لأنه لو كان نفسه لافاده، لأن الشيء يفيد نفسه بالضرورة، فلما كانت إفادته من غيره دل على أنه غيره.
وتقرير آخر: أن الإجزاء إذا كان عدم القضاء يلزم أن يكون عدم الإجزاء هو القضاء بالضرورة، فمتى كان الفعل غير مجزء كان القضاء واجبا بالضروة، فذلك يمنع أن القضاء إنما يجب بأمر جديد؛ لأنه على هذا التقدير لا يحتاج للأمر الجديد ألبتة، بل مجرد عدم الإجزاء كاف فيه، وذلك يبطل هذه القاعدة التي سنبينها في ((الأوامر)) أن القضاء إنما يجب بأمر جديد.
قوله: ((ولأنا نعلل وجوب القضاء بعدم الإجزاء، والعلة مغايرة للمعلول)).
ظاهر كلامه أن غير موجه، أن خصمه ادعى الإتحاد بين الإجزاء وعدم القضاء، وهو أثبت المغايرة بين عد الإجزاء والقضاء، فأثبت التعدد في محل لم يدع الخصم فيه الإتحاد، فا يتوجه كامله على خصمه.
ووجه تقريره: توجهه أن الإجزاء إذا عدم القضاء، واتحد هذان المفهومان، وكانا حقيقة واحدة، كانت هذه الحقيقة يناقضها عدم الإجزاء، لأنه نقيض الآخر الذي هو عدم القضاء عند الخصم، ونقيض الشيء هو نقيض ما هو نفسه، ويناقض أيضا هذه الحقيقة القضاء؛ لأنه نقيض عدم القضاء الذي هو عندا لخصم الإجزاء، فتكون هذه الحقيقة ثلاثة نقائض، نفسها، ونقيضان يقابلانهما عدم الإجزاء، والقضاء، والحقيقة الواحدة لا يناقضها إلا نقيض واحد، لأنه لا واسطة بين النقيضين، فعلى هذا يلزم من اتحاد الإجزاء، وعدم القضاء اتحاد عدم الإجزاء والقضاء حتى يكون النقيض المقابل واحدا، فيصح حينئذ أنه لو صح قول الخصم لاتحد عدم الإجزاء والقضاء، لكنهما غير متحدين، لأنا نعلل أحدهما بالآخر، فالإمام أبطل اتحاد الإجزاء، وعدم القضاء بإبطال اتحاد آخر هو لازم، وإبطال اللازم إبطال الملزوم، فهذا توجيه كلامه.