المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل التاسعفي حكم الأشياء قبل الشرع - نفائس الأصول في شرح المحصول - جـ ١

[القرافي]

فهرس الكتاب

- ‌الكلام في المقدمات

- ‌الفصل الأولفي تفسير أصول الفقه

- ‌تنبيه

- ‌السؤال الأول:

- ‌السؤال الثانى:

- ‌السؤال الثالث:

- ‌السؤال الرابع:

- ‌السؤال الخامس:

- ‌السؤال السادس:

- ‌السؤال السابع:

- ‌السؤال الثامن:

- ‌((تنبيه))

- ‌البرهان الثاني:

- ‌((تنبيه))

- ‌((تنبيه))إذا اجتمع في الحكم الشرعى دليلان يدلان عليه

- ‌((فائدة))متى قال الإمام في السؤال: لا يقال فالسؤال عنده ضعيف

- ‌((تنيبه))مقتضى قوله أن تكون أصول الفقه كلها ثلاثة أجزاء لا رابع لها

- ‌‌‌((تنبيه))

- ‌((تنبيه))

- ‌((فائدة))قال أبو الحسين في شرح ((العمد)): لا يجوز التقليد في أصول الفقه

- ‌الفصل الثانىفيما يَحْتَاجُ إِلَيْهِ أُصُولُ الفِقْهِ مِنَ المُقَدِّمَاتِ

- ‌الفصل الثالثفي تحديد العلم والظن

- ‌ الثاني

- ‌الأول قوله: ((حكم الذهن))

- ‌الثالث: قوله: ((بأمر على أمر))

- ‌الرابع:

- ‌الخامس: على قوله: ((إما أن يكون مطابقا أو لا يكون))

- ‌السادس:

- ‌السابع: ((على حصره الموجب في الحسى والعقلى والمركب منهما))

- ‌الثامن: على قوله: ((إن كان الموجب تصور طرفي القضية فهو البديهيات))

- ‌التاسع:

- ‌العاشر:

- ‌الحادي عشر:

- ‌الثانى عشر:

- ‌الثالث عشر:

- ‌الرابع عشر:

- ‌الخامس عشر: قوله: ((الذي لا يكون لموجب هو اعتقاد المقلد))

- ‌السادس عشر: قوله: ((الجازم غير المطابق وهو الجهل))

- ‌السابع عشر: قوله: ((التردد بين الطرفين إن كان على التسرية، فهو الشك))

- ‌((تنبيه))قوله: ((في الحسيات، ويقرب من العلوم الوجدانية))

- ‌((تنبيه))

- ‌الثامن عشر:

- ‌التاسع عشر:

- ‌العشرون:

- ‌((تنبيه))وافقه ((المنتخب)) و ((الحاصل)) وكذلك ((التحصيل))

- ‌((سؤال))إذا سلم له أن العلم والظن غير مكتسبين

- ‌((تنبيه))أسقط ((المنتخب)) هذا البحث، وقال ((الحاصل)): لا سبيل إلى تحديد العلم

- ‌((تنبيه))قال في ((المنتخب)): ((الظن رجحان الاعتقاد))

- ‌((تنبيه))قول الإمام في الأصل: ((ظاهرى التجويز)) احترازا

- ‌((فائدة))وقع في بعض نسخ ((المنتخب))

- ‌الفصل الرابعفي النظر والدليل والأمارة

- ‌قال القرافي: تقريره: يتحصل بالإيراد عليه

- ‌((تنبيه))في تعريف النظر

- ‌((فائدة))التصديق هو الخبر

- ‌((فائدة))فعيل يكون بمعنى فاعل

- ‌((فائدة))قال أبو الحسين في ((المعتمد)):

- ‌((تنبيه))تقدم في كون الحكم الشرعي معلوما أنه إذا اجتمع مقدمتان ظنية وقطعية

- ‌الفصل الخامسفي الحكم الشرعي

- ‌((سؤال))قوله تعالى ((أقيموا الصلاة))

- ‌((سؤال))ينتقض الحد بالاستفهام

- ‌((سؤال))المخاطبة مفاعلة لا تكون إلا من اثنين

- ‌((تنبيه))ينبغي أن يعلم أن خطاب التكليف والإباحة يندرج فيه الملك

- ‌((سؤال))((على هذا التقدير تكون ((أو)) مشتركة

- ‌((فائدة))قال بعضهم: ((هذا حكم بالتردد لا ترديد في الحكم))

- ‌((سؤال))قال النقشواني: ((إن أراد بالمكلفين من تعلق به الحكم الشرعي لزم الدور

- ‌ الصبيان هل هم مندوبون للصلاة والصوم أم لا

- ‌الفصل السادسفي تقسيم الأحكام الشرعية

- ‌ التقسيم الأول

- ‌((تنبيه))التقسم الدائر بين النفي والإثبات

- ‌((سؤال))قال النقشواني: إذا ظهرت الماهية أي فائدة في ذكر الحدود

- ‌الأول

- ‌الثالث: على قوله: على بعض الوجوه

- ‌الرابع:

- ‌الخامس:

- ‌السادس:

- ‌السابع: قوله: ((يذم)) بصيغة [الفعل] المضارع

- ‌الثامن: قال النقشواني: ينتقض جميع الحد بالمندوبات كلها

- ‌((تنبيه))وهم كثير من الأصوليين فقالوا في حد الواجب:

- ‌((تنبيه))إذا قلنا بأن المخير يذم تاركه على بعض الوجوه فما عدد تلك الوجوه وما ضابطها

- ‌((تنبيه))إذا حد الواجب بأنه الذي يستحق تاركه العقاب على تركه، لا يرد عليه سؤال العفو الذي أورده الإمام

- ‌((تنبيه))شرع الإمام رحمه الله في تقسيم الأحكام

- ‌((فائدة))قال سيف الدين: يبطل قول الحنفية في اشتراطهم قيد القطع في إطلاقهم لفظ الفرض بإجماع الأمة

- ‌((مسألة))قال الآمدي: ذهب بعض الناس إلى أن فرض الكفاية لا يسمى واجبا

- ‌((تنبيه))قال سيف الدين: المحرم هو ما ينتهض فعله سببا للذم شرعا

- ‌((مسألة))قال سيف الدين: يجوز عندنا تحريم أحد الشيئين لا بعينه

- ‌((فائدة))تقول العرب: حلال طِلق

- ‌((تنبيه))وافقه ((المنتخب))، وأسقطه ((التنقيح))

- ‌((مسألة))قال سيف الدين: اختلف في المباح هل هو حسن أم لا

- ‌((تنبيه))قال في ((المنتخب)): وقد يُسمى المندوب مرغبا فيه وسنة

- ‌((فائدة))الندب لغة:

- ‌((مسألة))قال سيف الدين: قال الأكثرون: المندوب ليس من التكليف

- ‌((فائدة))المكروه من الكريهة، وهي الشدة في الحرب

- ‌((مسألة))قال سيف الدين: اختلف في المكروه هل هو من التكليف كما تقدم في المندوب سؤالا وجوابا

- ‌التقسيم الثانيقال الرازي: الفعل إما أن يكون حسنا أو قبيحا

- ‌((تنبيه))خالفه ((الحاصل))

- ‌((تنبيه))قال أبو الحسين في ((المعتمد)): أهل ((العراق)) يطلقون القبيح على المحرم والمكروه

- ‌((سؤال))قال النَّقْشّوَانِيُّ: قوله في الوجه الثاني بعد هذا الجعل ((إما أن تبقى الحقيقة كما كانت أولا))

- ‌((فائدة))قال الغزالي: الأسباب ظاهرة في العبادات المتكررة كالصلاة والصوم والزكاة

- ‌التقسيم الرابعقال الرازي: الحكم قد يكون حكما بالصحة، وقد يكون حكما بالبطلان

- ‌((فائدة))قال الغَزَالي: يتخرج على الخلاف من قطع صلاته لأجل غريق

- ‌((سؤال))قد تصور صورة التعليل في الكلام الصحيح مع عدم التغاير

- ‌((سؤال))قضية التعليل تنعكس عليه

- ‌((سؤال))تفسيره للأجزاء بسقوط الأمر يشكل

- ‌((سؤال))توجد الصحة والإجزاء فيما لا يوجد فيه القضاء

- ‌((تنبيه))وافقه ((المنتخب)) و ((التحصيل)) وسكت عن ((التنقيح))

- ‌التقسيم الخامسالعبادة توصف بالقضاء والأداء والإعادة

- ‌((تنبيه))ينتفض حد الأداء على التفسيرين بقضاء رمضان

- ‌((تنبيه))

- ‌((تنبيه))على حدود الإمام تكون العبادة ثلاثة أقسام:

- ‌((فائدة))قال الغزالي رحمه الله تعالى: القضاء قد يطلف مجازا

- ‌((تنبيه))نفي من أوصاف العبادة القبول

- ‌التقسيم السادسقال الرازي: الفعل الذي يجوز للمكلف الإتيان به:

- ‌الفصل السابعفي أن حسن الأشياء وقبحها لا يثبت إلا بالشرع

- ‌((تنبيه))نعني بالخالصة من المصالح ما لا مفسدة فيه ألبتة

- ‌((تنبيه))ذكر مقدمة ونتيجة

- ‌((تنبيه))خالفه صاحب ((المنتخب)) فقال:

- ‌((سؤال))قال التبريزي:

- ‌((تنبيه))اللازم عن جوابه عن الحجة الأولى:

- ‌الفصل الثامنفي أن شكر المنعم غير واجب عقلا

- ‌المبحث الأولفي بيان حقيقة الشكر

- ‌المبحث الثالثفي تحقيق المتنازع فيه بيننا وبينهم

- ‌((فائدة))قال سيف الدين: الشرك عند الخصوم ليس معرفة الله تعالى

- ‌الفصل التاسعفي حكم الأشياء قبل الشرع

- ‌((سؤال))إذا كنا نبحث في المسألتين على تقدير تسليم القاعدة في الحسن والقبح

- ‌((تنبيه))الاستدلال بالفواكه وافق "المحصول" فيه "المستصفى"و"الإحكام

- ‌((تنبيه))زاد التبريزي في الجواب عن شبهة الإباحة

- ‌((فائدة))قال إمام الحرمين في "البرهان": يلزم القائلين بالحظر الأضداد التي لا انفكاك عن جميعها

- ‌((فائدة))في "المستصفى" قال: مذهب الأشعرية امتناع تعري الجواهر عن جميع الطعوم

- ‌‌‌((تنبيه))عند المعتزلة الأدلة السمعية مؤكدة لما علمه العقل

- ‌((تنبيه))

- ‌((تنبيه))نحن قائلون بأن الأحكام نفية قبل الشرائع

- ‌((تنبيه))حيث نفينا الأحكام قبل الرسل

- ‌الفصل العاشرفي ضبط أبواب أصول الفقه

- ‌((سؤال))قال النَّقْشّوَانِيُّ: لايصح قوله: إن الفعل لا يدرك إلا بالقول

- ‌((تنبيه))هذا الفصل بينه في كتاب "المعتمد

- ‌الكلام في اللغات

- ‌الباب الأولفي الأحكام الكلية للغات

- ‌النظر الأولفي البحث عن ماهية الكلام

- ‌((تنبيه))قال سراجُ الدِّينِ: النداء جملة مفيدة

- ‌((فائدة))قال سيف الدين: أكثر الأصوليين على ما نقله ((المحصول)) عن أبي الحسين من حد الكلام

- ‌((تنبيه))ليس من شرط الجملة المفيدة التي حدها النحاة الكلام

- ‌((تنبيه))قوله: الجملة الاسمية ما كانت من مبتدأ وخبر

- ‌((تنبيه))قال أبو الحسين في المعتمد: ليس من شرط الكلام أن يكون من حرفين

- ‌النظر الثانيفي البحث عن الواضع

- ‌فائدة: قال ابن حزم: اللغات أصلها لغة واحدة

- ‌((فائدة))قال المازري: فائدة الخلاف في هذه المسألة تظهر في جواز قلب اللغة

- ‌((فائدة))قوله الذي اعتمد عليه ابن متوتة

- ‌((فائدة))قال سيف الدين: ذهب أراب علم التكسير، وبعض المعتزلة إلى أن دلالة الألفاظ على معانيها لمناسبة

- ‌النظر الثالثفي البحث عن الموضوع

- ‌النظر الرابعفي البحث عن الموضوع له

- ‌الأول الأقرب أنه لا يجب أن يكون لكل معنى لفظ يدل عليه

- ‌فصلوما تكلمت به الفرس والعرب على لفظ واحد

- ‌فصلوتركت الفرس ألفاظا كثيرة وأخذتها

- ‌البحث الثاني:ليس الغرض من وضع اللغات أن تفاد بالألفاظ المفردة ومعانيها

- ‌((تنبيه))زاد التبريزي فقال: أما وقوع المخبر عنه

- ‌المبحث الثالثفي أن اللفظ ما وضع للدلالة على الموجودات الخارجية

- ‌((فائدة))الكليات ثلاثة: طبيعي، ومنطقي، وعقلي

- ‌((تنبيه))قال التبريزي: موضوع اللفظ هو ما يحتاج للتعبير عنه

- ‌((تنبيه))زاد سراج الدين لقائل أن يقول: اختلاف اللفظ الموضوع للخارجي ممنوع في نفس الأمر

- ‌المبحث الرابعاللفظ المشهور لا يجوز أن يكون موضوعا لمعنى خفي لا يعرفه إلا الخواص

الفصل: ‌الفصل التاسعفي حكم الأشياء قبل الشرع

‌الفصل التاسع

في حكم الأشياء قبل الشرع

انتفاع المكلف بما ينتفع به إما أن يكون اضطراريا كالتنفس في الهواء وغيره وذلك لا بد من القطع بأنه غير ممنوع عنه إلا إذا جوزنا تكليف ما لا يطاق

وإما أن لا يكون اضطراريا كأكل الفواكه وغيرها

فعند المعتزلة البصرية وطائفة من فقهاء الشافعية والحنفية أنها على الإباحة

وعند المعتزلة البغدادية وطائفة من الإمامية وأبي علي بن أبي هريرة من فقهاء الشافعية أنها على الحظر

وعند أبي الحسن الأشعري وأبي بكر الصيرفي وطائفة من الفقهاء أنها على الوقف

وهذا الوقف تارة يفسر بأنه لا حكم وهذا لا يكون وقفا بل قطعا بعدم الحكم

وتارة بأنا لا ندري هل هناك حكم أم لا وإن كان هناك حكم فلا ندري أنه إباحة أو حظر

لنا

أن قبل الشرع ما ورد خطاب الشرع فوجب أن لا يثبت شيء من الأحكام لما ثبت أن هذه الأحكام لا تثبت إلا بالشرع

أما القائلون بالاباحة فقد تمسكوا بأمور ثلاثة

الأول ما اعتمد عليه أبو الحسين البصري وهو أن تناول الفاكهة مثلا منفعة خالية عن أمارات المفسدة ولا مضرة فيه على المالك فوجب القطع

ص: 403

بحسنه، أما أنه منفعة فلا شك فيه وأما أنه خال عن امارات المفسدة فلأن الكلام فيما إذا كان كذلك

وأما أنه لا ضرر فيه على المالك فظاهر وأما أنه متى كان كذلك حسن الانتفاع به فلأنه يحسن منا الاستظلال بحائط غيرنا والنظر في مرآته والتقاط ما تناثر من حب غلته من غير إذنه إذا خلا عن أمارات المفسدة وإنما حسن ذلك لكونه منفعة خالية عن أمارات المفسدة غير مضرة بالمالك لأن العلم بالحسن دائر مع العلم بهذه الأوصاف وجودا وعدما وذلك دليل العلية

وهذه المعاني قائمة في مسألتنا فوجد الجزم بالحسن

فإن قلت هب أنكم لم تعلموا فيه مفسدة ولكن احتمال مفسدة لا تعلمونها قائم فلم لا يكون ذلك كافيا في القبح قلت هذا مدفوع من وجهين

الأول أن العبرة في قبح التصرف بالمفسدة المستندة إلى الأمارة فأما المفسدة الخالية عن الأمارة فلا عبرة بها ألا تراهم يلومون من قام من تحت حائط لا ميل فيه لجواز سقوطه ولا يلومونه إذا كان الجدار مائلا ويلومون من امتنع عن أكل طعام شهي لتجويز كونه مسموما من غير أمارة ولا يلومونه على الامتناع عند قيام أمارة فعلمنا أن مجرد الاحتمال لا يمنع

الثاني لو قبح الإقدام لتجويز كونه مفسدة لقبح الاحجام عنه لتجويد كونه مصلحة وفيه وجوب الانفكاك عن كل واحد منهما وهو تكليف ما لا يطاق

الوجه الثاني في أصل المسألة أن الله تعالى خلق الطعوم في الأجسام مع إمكان أن لا يخلقها فيها وذلك يقتضي أن يكون له تعالى فيها غرض يخصها،

ص: 404

وإلا كان عبثا ويستحيل أن يعود الغرض إلى الله تعالى لامتناع ذلك عليه فلا بد وأن يكون الغرض عائدا إلى غيره

فأما أن يكون الغرض هو الإضرار أو الإنفاع أو لا هذا ولا ذلك

والأول باطل أما أولا فباتفاق العقلاء وأما ثانيا فلأنه لا يحصل الضرر إلا بإدراكها فإذا كان الضرر مقصودا والإدراك من لوازم الضرر كان مأذونا فيه لأن لازم المطلوب مطلوب

ولا يجوز أن يكون الغرض أمرا وراء الإضرار والإنفاع لأنه باطل بالاتفاق

فثبت أن الغرض هو الإنفاع وذلك الإنفاع لا يعقل إلا على أحد ثلاثة أوجه

إما بأن يدركها وإما بأن يجتنبها لكون تناولها مفسدة يستحق الثواب باجتنابها وإما بأن يستدل بها

وفي كل ذلك إباحة إدراكها لأنه إنما يستحق الثواب بتجنبها إذا دعت النفس إلى إدراكها وفيه تقدم إدراكها وإنما يستدل بها إذا عرفت والمعرفة بها موقوفة على إدراكها لأن الله تعالى لم يخلق فينا المعرفة بها من دون الإدراك

فصح أنه لا فائدة بها إلا إباحة الانتفاع بها الوجه الثالث أنه يحسن من العقلاء التنفس في الهواء وأن يدخلوا منه أكثر مما تحتاج إليه الحياة ومن رام أن لا يزيد على قدر ما يحتاج إليه عده العقلاء من المجانين والعلة في حسنه أنه انتفاع لا نعلم فيه مفسدة وهي قائمة في مسألتنا وهذه الدلالة هي عين الدلالة الأولى واستنشاق الهواء مثال ذلك.

ص: 405

أما القائلون بالحظر فقد احتجوا بأنه تصرف في ملك الغير بغير إذنه فوجب أن لا يجوز قياسا على الشاهد

واحتج الفريقان على فساد قولنا إنه لا حكم بوجهين

الأول إن قولكم لا حكم هذا حكم بعدم الحكم والجمع بين إثبات الحكم وعدمه تناقض والثاني أن هذه التصرفات إما أن تكون ممنوعا عنها فتكون على الحظر أو لا تكون فتكون على الإباحة ولا واسطة بين النفي والإثبات

والجواب عن الأول أن الحكم العقلي في الأصل ممنوع

سلمناه لكن لا نسلم كونه معللا بالوصف المذكور والاعتماد في اثبات العلية على الدوران العقلي قد أبطلناه

وعن الثاني بالقدح فيما ذكروه من التقسيم ثم بالنقض بالمطعومات الموذية المهلكة وعن حجة أصحاب الحظر بأن الإذن معلوم بدليل العقل كالاستظلال بحائط الغير فلم قلتم إن هذا القياس لا يدل عليه؟

وعن التناقض بأن نقول أي تناقض في الإخبار عن عدم الإباحة والحظر؟

وعن الأخير أن مرادنا بالوقف أنا لا نعلم أن الحكم هو الحظر أو الإباحة وإن فسرناه بالعلم بعدم الحكم قلنا هذا القدر ليس إباحة، بدليل أنه حاصل في فعل البهيمة مع أنه لا يسمى مباحا بل المباح هو الذي أعلم فاعله أو دل

ص: 406

على أنه لا حرج عليه في الفعل والترك

وإذا بينا أنه لم يوجد هذا الإعلام لا عقلا ولا شرعا لم يكن مباحا والله أعلم.

قال القرافي: الفصل التاسع في حكم الأشياء قبل ورود الشرع إلى آخره، فحكى الخلاف فيما لا يكون العبد مضطرا إليه، كأكل الفاكهة، وحكاية الحظر عن بعض المعتزلة في الأفعال مطلقا يلزم منه تحريم إنقاذ الغرقى، وإطعام الجوعان، وكسوة العريان، ونصر المظلوم، وجميع المصالح تكون حينئذ محرمة عندهم، وهذا مما تأباه قواعد الاعتزال إباء شديدا، فأين هذا من وجوب رعاية المصالح عقلا؟

وإيجاب الإثابة عليها عقلا في حق الله تعالى، بحيث إنهم يحيلون على الله تعالى عدم الإثابة، وكذلك حكايته عن بعضهم الإباحة مطلقا يقتضي إباحة القتل، وإفساد العقول، والأعراض، وأخذ الأموال، وجميع أنواع الظلم والفساد، وهذا تأباه قاعدة الإعتزال، لأن المعتزلة جزم العقل عندهم بأن الله تعالى أناط التحريم بالمفاسد، ورد السمع أم لا، ويجوبن ذلك في حق الله تعالى، فبين إباحة المفاسد ومذهبهم بعد شديد.

وأما سيف الدين وإمام الحرمين في "البرهان"، والأبياري والمازري وغيرهم، فجزموا بان هذه المذاهب إنما هي في القسم الثالث من الأقاسم عند المعتزلة، وهو ما لم يقض العقل فيه بتحسين ولا بتقبيح، كمقادير العبادات، وتخصيصها ببعض الأزمة ونحو ذلك.

وأما صاحب "المستصفى" فقال ولم يجزم: يحتمل أن يكون ذلك فيما لم يجزم العقل فيه بتحسين ولا تقبيح.

والصواب قول إمام الحرمين ومن وافقه لما تقدم، وحكى القاضي عبد

ص: 407

الوهاب المالكي في ((الملخص)) هذ المسألة، كما حكاها "المحصول" وقال: ذهب أبوالفرج المالكي وكثر من أصحاب الشافعي وحكى في كتاب "الإفادة" الحظر عن الشيخ أبي بكر الأبهري من الماليكة، وحكي الوقف عن ابن المنتاب المالكي فوافق جماعة من أهل السنة المعتزلة، وخالفوهم في المستند بمستندهم السمع لا العقل، كما عند المعتزلة، فتمسكوا على الإباحة في كل شيء قبل الشرائع بقوله تعالى:((خلق لكم ما في الأرض جميعا))، وبقوله تعالى:"أعطى كل شيء خلقه " وبقوله تعالى: "قل: من حرم زينة الله التي

ص: 408

أخرج لعباده والطيبات من الزرق "، وتمسكوا على التحريم بقوله تعالى:"يحل لهم الطيبات " دل على أنها قبل ذلك غير محللة وبقوله تعالى: "وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا " دل ذلك على أن ما لم يأتنا لا نباشره، وذلك هو التحريم، وبقوله تعالى: "يسألونك ماذا أحل لهم" دل ذلك على أن الأصل التحريم، ويسألون ما أبيح منه، ولأن قاعدة الشرع إذا دار الفعل بين الإباحة والتحريم حرم، كالأجنبية مع الأخت الملتبسة، وكالمذكاة مع الميتة، فكل فريق يقول: إذا فقد دليل خاص حمل على الحظر إن كان القائل به، أو على الإباحة إن كان القائل به، فتظهر فائدة ذلك عند تعارض الأدلة، أو عند عدمها، فهاذ نوع آخر من الخلاف غير المحكى عن المعتزلة.

وقال أبوالحسين في ((المعتمد)): المآكل والمشارب على الإباحة.

وقال معتزلة ((بغداد)) وطائقة من الإمامية وبعض الفقهاء وأبي علي بن

ص: 409

أبي هريرة من فقهاء الشافعية: محظورة، وتوقف قوم في حظرها، وهذا مغاير للمصنف وسيف الدين، فهذا تلخيص محل الخلاف في هذ المسألة.

وقوله: الوقف يفسر تارة بأنه لا حكم وحسن تسمية هذا وقفا بأن الجازم بمذهب يتوقف على الفتيا بضده، ولذلك نقول: المتقي يتوقف عن حدود الله، بمعنى يمتنع من الدخول فيها ولم يبين أن المذهبيين للأشعري، وحكى سيف الدين وغيره مذهب الأشعري الجزم بعدم الحكم.

وقوله: ((لنا أن هذه الأحكام لا تثبت إلا بالشرع)).

قال كثير من الفضلاء:

ص: 410

هذا رجوع منه عن قاعدة الحسن والقبح التي سلمها، وبحث على فرضها وتقديرها، فإنها تقتضي ثبوت الأحكام بالعقل، فدعواه الحصر في السمع رجوع عما سلمه، وليس كما قالوا؛ لأنه قد تقدم أن المسلم إنما هو ولاية العقل على الحكم، ولا يلزم من تسليم كون العقل بحيث يحكم أن يكون حكم لجواز تعذر المدرك، كما أن العقل له أن يحكم في علم الحساب بالإجماع، ولا يتوقف على السمع، ولكن إذا اشتد عليه المدرك في تلك المسألة الحسابية لا يحكم اتافقا، وقد نص الحساب على أن المسائل الحسابية ثلاثة أقسام:

منها ما يخرج بالحساب المفتوح وبحساب الجبر، ومنها ما لا يخرج إلا بحساب الجبر، ومنها ما لا يخرج أبدا، فكذلك ها هنا، نسلم لهم أن العقل يستقل بربط الأحكام الإلهية بالمدارك، ولكن إذا تعذر عليه وقف، ولم يحكم كذلك هاهنا لما بين في مسألة شكر المنعم أن المدرك إما لفائدة أو عدمها، والقسمان باطلان، فبطل المدرك، فلا جزم قال بعدها هاهنا لما بينت أن هذه الأحكام لا تثبت إلا بالشرع مع أنه لو لم يقتدم منه استدلال لما كان قوله رجوعا عما سلم لعدم التناقض بين تسليم الولاية على الحكم، واستحقاقه عقلا، وبين منع المدرك العقلي، بل لو منع المدارك مطلقا لم يلزم ذلك فاعلمه.

وقوله: "خلق الطعوم في الأجسام مع إمكان ألا يخلقها، فلا بد من عرض، ويستحيل عوده إلى الله تعالى ".

يرد عليه ما تقدم في شكر المنعم أن مذهبهم أن حكمة الله تعالى تقضتي له لذاته أن يظهر الإحسان والفضل، وأنواع البدائع في الإيجاد وغيره، وأن هذا من صفات كماله، وصفات كماله عائدة إليه تعالى، فلهم منع هذا المقام بناء على هذا الأصل

ص: 411

وقوله: ((غرض الإضرار باطل باتفاق العقلاء)).

يريد أن القائل قائلان: قائل بعدم الغرض ألبتة، وهم السنية، وقائل

ص: 412

بغرض هو الإحسان، وهو مذهب المعتزلة، فرغض الإضرار لم يقل به أحد.

قوله: ((وأما ثانيا فلأن الضرر لا يحصل إلا بإدراكها)) ويرد بالإدراك المباشرة بالعقل؛ لقوله: فيكون مأذونا فيه، وعلى هذا نمنع توقف الضرر على الإدراك مطلقا لجواز أن يتضرر الإنسان بما لا يدركه، كما تتأذى الناس بريح الوباء، وغيره من مجاورة الجبال، والسباخ، والبحار، ومواضع القتال عن بعد، والأكثر لا يعلم أن ذلك سبب الضرر بالأمراض، والأسقام، وغيرها، ولأن القائلين بأحكام النجوم قالوا: إن منها ما يضر الضرر العظيم؛ لأن الله تعالى خلقه كذلك كالعقاقير، ومع ذلك فلا يتناولها أحد، ولا يباشرها، بل ولا يعتقد ذلك فيها، ونحن وإن لمن نعتقد ذلك فيها، فذلك لعدم دلالة العادة في استقرائها على ذلك، فلو دل الاستقراء على أن ذلك منها أكثرى كالعقاقير الطبية اعتقدنا ما قالوه، كما اعقتدنا ذلك

ص: 413

في العقاقير مع تجويزنا ذلك قطعا، وإذا كان من الجائزات فعلى تقدير وقوعه لا يتوقف الضرر على الإدراك، بل الشمس والقمر مؤثران بإذن الله تعالى في العالم من غير إدراك اتفاقا بتغيير الفصول الأربعة، وإنضاج الثمار، وتجفيف الحبوب، والمقطوع من الخشب في ليالي الظلام لا يسوس بخلاف المقمرة.

وقوله: "الانتفاع لا يكون إلا بثلاثة أوجه " الحصر ممنوع لجواز أن ينتفع بها بوجه رابع؛ كما ينتفع بالجبال بإرساء الأرض ولمجاورة البحر الملح لإصلاح أجساد الحيوانات، حتى قيل: إن البلد البعيد عن البحر الملح أكثر من نصف شهر يضعف حاله، لأن هواه يملح الأجساد، ويذهب عنها العفن كالملح في لحوم الذبائح إذا رفع، قالوا: وهذا حكمة من حكمة خلق الله تعالى له، وبالجملة فأنواع الانتفاع بالمخلوقات كثيرة في باطن الإنسان وظاهره، وقريبة وبعيدة، بغير ما ذكره فالحصر ممنوع.

وقوله: "وفي كله إباحة إداركها" ويريد بالإدراك المباشرة حتى تشتهيها نفسه عند الإجتناب ممنوع، فإن الإنسان قد يشتاق لاشيء بالأخبار وقرائن الأحوال، ولذلك إن العميان يحبون على السماع، ونحوه كثير في العالم، والالتذاذ أيضا لا يتوقف على الإدراك، بل يلتذ الإنسان أيضا بالسماع، والاستدلال وغيره، ودلالة الصنعة على صانعها غير متوقفة على المباشرة، لأنا نستدل بالكواكب وأفلاكها، وغير ذلك من أجزاء العالم ولم نباشرها.

وقوله في الجواب عن الأول: ((إن الحكم العقلي في الأصل ممنوع)).

معناه: أن القياس من شرطه أن يكون من باب واحد، فتقاس العاديات على العاديات، والعقليات على العقليات، والشرعيات على الشرعيات، لأن القياس لا بد فيه من جامع هو مدرك الحكم في الأصل، والفرع مساوٍ له فيه، فثبت ذلك الحكم في الفرع، هذا يقتضي اشتراكهما في موجبات

ص: 414