المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌((تنبيه))اللازم عن جوابه عن الحجة الأولى: - نفائس الأصول في شرح المحصول - جـ ١

[القرافي]

فهرس الكتاب

- ‌الكلام في المقدمات

- ‌الفصل الأولفي تفسير أصول الفقه

- ‌تنبيه

- ‌السؤال الأول:

- ‌السؤال الثانى:

- ‌السؤال الثالث:

- ‌السؤال الرابع:

- ‌السؤال الخامس:

- ‌السؤال السادس:

- ‌السؤال السابع:

- ‌السؤال الثامن:

- ‌((تنبيه))

- ‌البرهان الثاني:

- ‌((تنبيه))

- ‌((تنبيه))إذا اجتمع في الحكم الشرعى دليلان يدلان عليه

- ‌((فائدة))متى قال الإمام في السؤال: لا يقال فالسؤال عنده ضعيف

- ‌((تنيبه))مقتضى قوله أن تكون أصول الفقه كلها ثلاثة أجزاء لا رابع لها

- ‌‌‌((تنبيه))

- ‌((تنبيه))

- ‌((فائدة))قال أبو الحسين في شرح ((العمد)): لا يجوز التقليد في أصول الفقه

- ‌الفصل الثانىفيما يَحْتَاجُ إِلَيْهِ أُصُولُ الفِقْهِ مِنَ المُقَدِّمَاتِ

- ‌الفصل الثالثفي تحديد العلم والظن

- ‌ الثاني

- ‌الأول قوله: ((حكم الذهن))

- ‌الثالث: قوله: ((بأمر على أمر))

- ‌الرابع:

- ‌الخامس: على قوله: ((إما أن يكون مطابقا أو لا يكون))

- ‌السادس:

- ‌السابع: ((على حصره الموجب في الحسى والعقلى والمركب منهما))

- ‌الثامن: على قوله: ((إن كان الموجب تصور طرفي القضية فهو البديهيات))

- ‌التاسع:

- ‌العاشر:

- ‌الحادي عشر:

- ‌الثانى عشر:

- ‌الثالث عشر:

- ‌الرابع عشر:

- ‌الخامس عشر: قوله: ((الذي لا يكون لموجب هو اعتقاد المقلد))

- ‌السادس عشر: قوله: ((الجازم غير المطابق وهو الجهل))

- ‌السابع عشر: قوله: ((التردد بين الطرفين إن كان على التسرية، فهو الشك))

- ‌((تنبيه))قوله: ((في الحسيات، ويقرب من العلوم الوجدانية))

- ‌((تنبيه))

- ‌الثامن عشر:

- ‌التاسع عشر:

- ‌العشرون:

- ‌((تنبيه))وافقه ((المنتخب)) و ((الحاصل)) وكذلك ((التحصيل))

- ‌((سؤال))إذا سلم له أن العلم والظن غير مكتسبين

- ‌((تنبيه))أسقط ((المنتخب)) هذا البحث، وقال ((الحاصل)): لا سبيل إلى تحديد العلم

- ‌((تنبيه))قال في ((المنتخب)): ((الظن رجحان الاعتقاد))

- ‌((تنبيه))قول الإمام في الأصل: ((ظاهرى التجويز)) احترازا

- ‌((فائدة))وقع في بعض نسخ ((المنتخب))

- ‌الفصل الرابعفي النظر والدليل والأمارة

- ‌قال القرافي: تقريره: يتحصل بالإيراد عليه

- ‌((تنبيه))في تعريف النظر

- ‌((فائدة))التصديق هو الخبر

- ‌((فائدة))فعيل يكون بمعنى فاعل

- ‌((فائدة))قال أبو الحسين في ((المعتمد)):

- ‌((تنبيه))تقدم في كون الحكم الشرعي معلوما أنه إذا اجتمع مقدمتان ظنية وقطعية

- ‌الفصل الخامسفي الحكم الشرعي

- ‌((سؤال))قوله تعالى ((أقيموا الصلاة))

- ‌((سؤال))ينتقض الحد بالاستفهام

- ‌((سؤال))المخاطبة مفاعلة لا تكون إلا من اثنين

- ‌((تنبيه))ينبغي أن يعلم أن خطاب التكليف والإباحة يندرج فيه الملك

- ‌((سؤال))((على هذا التقدير تكون ((أو)) مشتركة

- ‌((فائدة))قال بعضهم: ((هذا حكم بالتردد لا ترديد في الحكم))

- ‌((سؤال))قال النقشواني: ((إن أراد بالمكلفين من تعلق به الحكم الشرعي لزم الدور

- ‌ الصبيان هل هم مندوبون للصلاة والصوم أم لا

- ‌الفصل السادسفي تقسيم الأحكام الشرعية

- ‌ التقسيم الأول

- ‌((تنبيه))التقسم الدائر بين النفي والإثبات

- ‌((سؤال))قال النقشواني: إذا ظهرت الماهية أي فائدة في ذكر الحدود

- ‌الأول

- ‌الثالث: على قوله: على بعض الوجوه

- ‌الرابع:

- ‌الخامس:

- ‌السادس:

- ‌السابع: قوله: ((يذم)) بصيغة [الفعل] المضارع

- ‌الثامن: قال النقشواني: ينتقض جميع الحد بالمندوبات كلها

- ‌((تنبيه))وهم كثير من الأصوليين فقالوا في حد الواجب:

- ‌((تنبيه))إذا قلنا بأن المخير يذم تاركه على بعض الوجوه فما عدد تلك الوجوه وما ضابطها

- ‌((تنبيه))إذا حد الواجب بأنه الذي يستحق تاركه العقاب على تركه، لا يرد عليه سؤال العفو الذي أورده الإمام

- ‌((تنبيه))شرع الإمام رحمه الله في تقسيم الأحكام

- ‌((فائدة))قال سيف الدين: يبطل قول الحنفية في اشتراطهم قيد القطع في إطلاقهم لفظ الفرض بإجماع الأمة

- ‌((مسألة))قال الآمدي: ذهب بعض الناس إلى أن فرض الكفاية لا يسمى واجبا

- ‌((تنبيه))قال سيف الدين: المحرم هو ما ينتهض فعله سببا للذم شرعا

- ‌((مسألة))قال سيف الدين: يجوز عندنا تحريم أحد الشيئين لا بعينه

- ‌((فائدة))تقول العرب: حلال طِلق

- ‌((تنبيه))وافقه ((المنتخب))، وأسقطه ((التنقيح))

- ‌((مسألة))قال سيف الدين: اختلف في المباح هل هو حسن أم لا

- ‌((تنبيه))قال في ((المنتخب)): وقد يُسمى المندوب مرغبا فيه وسنة

- ‌((فائدة))الندب لغة:

- ‌((مسألة))قال سيف الدين: قال الأكثرون: المندوب ليس من التكليف

- ‌((فائدة))المكروه من الكريهة، وهي الشدة في الحرب

- ‌((مسألة))قال سيف الدين: اختلف في المكروه هل هو من التكليف كما تقدم في المندوب سؤالا وجوابا

- ‌التقسيم الثانيقال الرازي: الفعل إما أن يكون حسنا أو قبيحا

- ‌((تنبيه))خالفه ((الحاصل))

- ‌((تنبيه))قال أبو الحسين في ((المعتمد)): أهل ((العراق)) يطلقون القبيح على المحرم والمكروه

- ‌((سؤال))قال النَّقْشّوَانِيُّ: قوله في الوجه الثاني بعد هذا الجعل ((إما أن تبقى الحقيقة كما كانت أولا))

- ‌((فائدة))قال الغزالي: الأسباب ظاهرة في العبادات المتكررة كالصلاة والصوم والزكاة

- ‌التقسيم الرابعقال الرازي: الحكم قد يكون حكما بالصحة، وقد يكون حكما بالبطلان

- ‌((فائدة))قال الغَزَالي: يتخرج على الخلاف من قطع صلاته لأجل غريق

- ‌((سؤال))قد تصور صورة التعليل في الكلام الصحيح مع عدم التغاير

- ‌((سؤال))قضية التعليل تنعكس عليه

- ‌((سؤال))تفسيره للأجزاء بسقوط الأمر يشكل

- ‌((سؤال))توجد الصحة والإجزاء فيما لا يوجد فيه القضاء

- ‌((تنبيه))وافقه ((المنتخب)) و ((التحصيل)) وسكت عن ((التنقيح))

- ‌التقسيم الخامسالعبادة توصف بالقضاء والأداء والإعادة

- ‌((تنبيه))ينتفض حد الأداء على التفسيرين بقضاء رمضان

- ‌((تنبيه))

- ‌((تنبيه))على حدود الإمام تكون العبادة ثلاثة أقسام:

- ‌((فائدة))قال الغزالي رحمه الله تعالى: القضاء قد يطلف مجازا

- ‌((تنبيه))نفي من أوصاف العبادة القبول

- ‌التقسيم السادسقال الرازي: الفعل الذي يجوز للمكلف الإتيان به:

- ‌الفصل السابعفي أن حسن الأشياء وقبحها لا يثبت إلا بالشرع

- ‌((تنبيه))نعني بالخالصة من المصالح ما لا مفسدة فيه ألبتة

- ‌((تنبيه))ذكر مقدمة ونتيجة

- ‌((تنبيه))خالفه صاحب ((المنتخب)) فقال:

- ‌((سؤال))قال التبريزي:

- ‌((تنبيه))اللازم عن جوابه عن الحجة الأولى:

- ‌الفصل الثامنفي أن شكر المنعم غير واجب عقلا

- ‌المبحث الأولفي بيان حقيقة الشكر

- ‌المبحث الثالثفي تحقيق المتنازع فيه بيننا وبينهم

- ‌((فائدة))قال سيف الدين: الشرك عند الخصوم ليس معرفة الله تعالى

- ‌الفصل التاسعفي حكم الأشياء قبل الشرع

- ‌((سؤال))إذا كنا نبحث في المسألتين على تقدير تسليم القاعدة في الحسن والقبح

- ‌((تنبيه))الاستدلال بالفواكه وافق "المحصول" فيه "المستصفى"و"الإحكام

- ‌((تنبيه))زاد التبريزي في الجواب عن شبهة الإباحة

- ‌((فائدة))قال إمام الحرمين في "البرهان": يلزم القائلين بالحظر الأضداد التي لا انفكاك عن جميعها

- ‌((فائدة))في "المستصفى" قال: مذهب الأشعرية امتناع تعري الجواهر عن جميع الطعوم

- ‌‌‌((تنبيه))عند المعتزلة الأدلة السمعية مؤكدة لما علمه العقل

- ‌((تنبيه))

- ‌((تنبيه))نحن قائلون بأن الأحكام نفية قبل الشرائع

- ‌((تنبيه))حيث نفينا الأحكام قبل الرسل

- ‌الفصل العاشرفي ضبط أبواب أصول الفقه

- ‌((سؤال))قال النَّقْشّوَانِيُّ: لايصح قوله: إن الفعل لا يدرك إلا بالقول

- ‌((تنبيه))هذا الفصل بينه في كتاب "المعتمد

- ‌الكلام في اللغات

- ‌الباب الأولفي الأحكام الكلية للغات

- ‌النظر الأولفي البحث عن ماهية الكلام

- ‌((تنبيه))قال سراجُ الدِّينِ: النداء جملة مفيدة

- ‌((فائدة))قال سيف الدين: أكثر الأصوليين على ما نقله ((المحصول)) عن أبي الحسين من حد الكلام

- ‌((تنبيه))ليس من شرط الجملة المفيدة التي حدها النحاة الكلام

- ‌((تنبيه))قوله: الجملة الاسمية ما كانت من مبتدأ وخبر

- ‌((تنبيه))قال أبو الحسين في المعتمد: ليس من شرط الكلام أن يكون من حرفين

- ‌النظر الثانيفي البحث عن الواضع

- ‌فائدة: قال ابن حزم: اللغات أصلها لغة واحدة

- ‌((فائدة))قال المازري: فائدة الخلاف في هذه المسألة تظهر في جواز قلب اللغة

- ‌((فائدة))قوله الذي اعتمد عليه ابن متوتة

- ‌((فائدة))قال سيف الدين: ذهب أراب علم التكسير، وبعض المعتزلة إلى أن دلالة الألفاظ على معانيها لمناسبة

- ‌النظر الثالثفي البحث عن الموضوع

- ‌النظر الرابعفي البحث عن الموضوع له

- ‌الأول الأقرب أنه لا يجب أن يكون لكل معنى لفظ يدل عليه

- ‌فصلوما تكلمت به الفرس والعرب على لفظ واحد

- ‌فصلوتركت الفرس ألفاظا كثيرة وأخذتها

- ‌البحث الثاني:ليس الغرض من وضع اللغات أن تفاد بالألفاظ المفردة ومعانيها

- ‌((تنبيه))زاد التبريزي فقال: أما وقوع المخبر عنه

- ‌المبحث الثالثفي أن اللفظ ما وضع للدلالة على الموجودات الخارجية

- ‌((فائدة))الكليات ثلاثة: طبيعي، ومنطقي، وعقلي

- ‌((تنبيه))قال التبريزي: موضوع اللفظ هو ما يحتاج للتعبير عنه

- ‌((تنبيه))زاد سراج الدين لقائل أن يقول: اختلاف اللفظ الموضوع للخارجي ممنوع في نفس الأمر

- ‌المبحث الرابعاللفظ المشهور لا يجوز أن يكون موضوعا لمعنى خفي لا يعرفه إلا الخواص

الفصل: ‌((تنبيه))اللازم عن جوابه عن الحجة الأولى:

أنه عندنا تعلق كلامه النفسي بذلك، والتعلق عدمي، فالحاكم الشرعي عدمي، لأن الكلام من حيث هو كلام ليس بحكم، بل قد يكون حبرا أو حكما، فلا يتعين الحكم حتى يوجد بغير تعلق مخصوص، والتعلقات عدميات لرجوعها إلى النسبة بين المتعلقات والمتعلقات، والنسب عدمية، والعدمي يجوز أن يؤثر فيه العدمي، كما أن عدم العلة علة لعدم المعلول، وعدم اسبب سبب لعدم السبب، فهذا فرق عظيم بين هذا، وبين إسناد العالم لمؤثر عدمي.

وفرق آخر، وهو أن هذه الأوصاف عندهم توجب عقلا أن الله - تعالى - يربط بها الأحكام، لا أنها هي الرابطة للأحكام بأنفسها، فهذا فرق آخر وبينه سراج الدين على معنى آخر، فقال: هو قد فسر القبح بمعنى عدمي بقوله: ليس لفاعله أن يفعله، فيصح تعليله بالعدم، ويرد على قوله عند حصول العدم: تصير العلة مؤثرة في معلولها، فاستلزام العلة أمر حدث مع حدوث هذا العدم، فيكون العدم علة هذا الاستلزام.

قلنا: لا نسلم، بل لم لا يجوز أن يكون الاستلزام ناشئا عن ذات العلة، وحدوث هذا العدم شرط؟

((تنبيه))

اللازم عن جوابه عن الحجة الأولى:

أن الخصم شرع يثبت مذهبه بهذه الحجة، فبين الإمام أنها لا تثبته، بل إما أن تبطله، أو تبطل هي في نفسها، وعلى التقديرين لا يثبت مذهبهم، لأن الترجيح من غير مرجح إن لم يكن محالا بطلت الحجة في نفسها، لأن من ألزم خصمه لازما ليس بمحال لم يلزمه شيئا، وإن كان الترجيح من غير مرجح حالا لزم الجبر، فيبطل مذهبهم، فظهر لزوم أحد الأمرين، وعدم إنتاجها لمذهبهم.

قوله: "الاستدلال بالمعجز بمبني على مقامين:

ص: 368

أحدهما: أن الله تعالى إنما خلق ذلك المعجز لأجل التصديق.

الثاني: أن كل من صدقه الله تعالى فهو صادق، والحسن والقبح إنما يقع في المقام الثاني دون الأول ".

وتقريره: أن الحسن والقبح يقتضي أن الله تعالى لا يتصرف إلا لمصلحة، أما تعيين مصلحة معينة لا يقتضيها الحسن والقبح، فلعل خلق المعجز لغرض آخر، فلا ينتقض الحسن والقبح، وأما الثاني وهومن صدقه الله فهو صادق، فلو لم يكن صادقا كان قبيحا، كيف يصدق الله من ليس بصادق على أصولهم؟ فلا أثر له إلا في المقام الثاني، وإذا كان المعجز لا لغرض التصديق لا يوهم تصديق الكاذب، كما أن المؤذن إذا أذن في غير الوقت أوهم دخول الوقت، لأن الأذان لا يكون إلا لغرض إفهام دخول الوقت، أما مشي المؤذن على السطح لا يوهم دخول الوقت، لانه ليس لغرض إفهام دخول الوقت، كذلك هاهنا قوله، فثبت أن الإلزام الذي اورده علينا في إحدى المقدمتين وارد عليهم في المقدمة الأخرى، وكل ما هو جوابهم عن تقرر إحدى المقدمتين فهو جوابنا في تقرير المقدمة الأخرى.

معناه: أن البحث في المقدمة الأولى التي هي أن المعجز ليس لغرض التصديق، أو هي لغرض التصديق كما قالوه، وقلنا: أدى إلى إيرادهم أن الإيهام على الله تعالى محال لقبح، فأوردنا عليهم المتشابهات، وهي إنزال أمر يوهم التحسين، وهو ليس بمراد، ولم يقبح ذلك لاحتماله وجوها أخر من المصالح، فلما تقرر لنا في هذا المقام هذا البحث نفعنا في المقام الثاني، وهو أن من صدقه هل يجب أن يكون صادقا؟ لأن غاية هذا التصديق من الله تعالى له إن أظهر على يديه ما يدل على صدقه دلالة لا يحصل الجزم بالنبوة منها إلا بعد النظر الصحيح المحصل للعلم وبعد النظر الصحيح لا يقع لبس؛ فإن اللبس إنما يكون قبل ذلك.

ص: 369

أما نظرنا في معجزة المدعي وقرائن أحواله وسجاياه هل تقبل الكذب أم لا؟

وهل غرضه الدنيا أم لا؟ إلى غير ذلك من جميع ما يتوهم أنه باعث على الكذب، فحينئذ يحصل العلم ويقع الفرق بينه وبين الكذابين بالضروة، بحيث لا يبقى لبس، فمجرد إظهار المعجز ليس كافيا في حصول العلم بالنبوة حتى ينظر في جميع الأحوال، فما يجيبون به عن المتشابهات التي أوردناها عليهم في البحث عن المقدمة الأولى، نحن نجيب به عن المقدمة الثانية، وهي تصديق الله تعالى بالمعجز، لأنه عند عدم النظر كالمتشابهات عند عدم النظر، فلا يصح حينئذ إظهار المعجز على يد الكاذب، فإن النظر يفضحه، ويبين أنه كاذب ليس بنبي، فلا يكون ذلك قبيحا، كما أن النظر بين الآيات المتشابهات بين أنها ليست لما دل عليه ظاهرها، بل معنى آخر، فبطل المقام الأول؛ لأن غرض التصديق لا يتعين، وبطل المقام الثاني، لأنا قلنا: إنه كالمتشابهات، وأن جوابهما واحد، فبطل المقامان، فاندفعت الشبهة.

وقوله في الجواب عن إظهار المعجز على يد الكاذب: "لو كان الفعل يتوقف على الغرض لزم الجبر" ممنوع، لجواز أن يكون متوقفا عليه، وهو بعض ما يتوقف عليه، فيلزم من عدمه العدم، ولا يجب الوجود عند حضوره، ويصدق التوقف.

وقوله: "المعاريض لا بد فيها من زيادة أو نقصان، أوتقييد أو تخصيص ".

مثال الزيادة: أن يسألك الظالم عن زيد، من عند؟ فتقول: حيوان، وتزيد في نفسك ناطق، ولا تظهره له، وتفهمه هو أنه حيوان بهيم.

ومثال النقصان: أن تقول: هو ولدي، وتريد في نفسك أنك تعامله معالمة الأبناء، فينقص وصف البنوة، ويبقى زيد وحده، كما قال الخليل

ص: 370

صلوات الله عليه في امراته، هي أختي يريد في الإسلام، فنقص من اللفظ وصف الأخوة.

ومثال تقيد المطلق: أن تقول: هو الذي في عينه بياض، وتريد البياض المحيط بالسواد، وهو بياض خاص مقيد.

ومثال تخصيص العام قولك للظالم: ليس في الدار أحد، وتريد بهذا النفي غير من يريد الظالم، وأكثر ما تقع المعاريض في الاستعمال بالمجاز والمشترك، ولم يذكرها، فالمجاز كقول الصديق رضي الله عنه في رسول الله صلى الله عليه وسلم:((هو رجل يهديني السبيل))، يوهم أنه

ص: 371

خفير الطريق، ومراده سبيل الآخرة، وهومجاز عن الطريق الحس ليوهم الرجل بذلك فلا يعرفه، وكان ذلك حين خروجهم للمدينة في الهجرة، والاشتراك كقول رسول الله صلى الله عليه وسلم للذي سأله من أنتم؟

وكان عليه السلام يجب إيهامه أنهم غير المسلمين لئلا يعرف به عدوه، فقال له:"نحن من ماء"، وماء قبيلة في اليمن، وأراد عليه السلام "من ماء مهين" [المرسلات: 20].

وتقرير قوله: الموقوف على الشرع، إنما هو التصديق بالحسن والقبح لا تصورهما أنا نجور أن الله تعالى يبتع الأحكام المصالح والمفاسد، فإنا لا

ص: 372

نحيل مذهب المعتزلة بل نحيل وجوب ذلك. فنحن متصورون حينئذ لذلك لرابط قبل الشرع، فإذا ورد الشرع به جزمنا حينئذ به وحكمنا، فهذا هو التصديق، وقد تقدم في النظر اشتقاق التصور والتصديق وحيقيتهما.

((تنبيه))

لما تقدم كثرة القوادح في دليل الإمام، حسن ذكر غيره من المدارك لئلا تبقى المسألة بغير مدرك.

قال سيف الدين: قال أصحابنا مدارك:

الأول: لو كان الكذب قبيحا لذاته، لكان القائل إذا قال: إن بقيت ساعة أخرى كذبت، فبقي ساعة أخرى إن قالوا: صدقه حسن، يلزم حسن الكذب، حتى يصدق، أو كذبه حسن لزم حسن الكذب، وهو المطلوب.

الثاني: لو قبح الظلم لكونه ظلما لتقدمت العلة على معلولها، لأن الظلم إنما يكون بأخذ المال بغير حقه، وأنتم قبل الأخذ تفضون فيه بالقبح ولذلك ليس له أن يفعله، فيلزم تقدم القبح قبل الظالم، وهو تقدم المعلوم العقلي على علته.

الثالث: قال سيف الدين: لنفسه، وقال: هو العمدة أن الحسن والقبح غير الأفعال، لإمكان الذهول عنها، مع العلم بالفعل وهما ثبوتيان، لأن نقيضهما لا حسن ولا قبح الذي يوصف به العدم، وصفة العدم عدم، فهما ثبوتيان، وهما صفة الفعل عندهم، فيلزم قيام العرض بالعرض، لكن قيام العرض بالعرض محال؛ لأن العرض الذي هو المحل لا بد وأن يقوم بالجوهر لا معنى له إلا أن وجوده في حيز الجوهر تبعا له فيه، وقيام أحد العرضين لآخر لا معنى له إلا قيامه بالجوهر في حيزه تبعا له، فيكون قائما

ص: 373

بالجواهر، فلا يكون صفة للفعل وهو المطلوب، ولا يرد عليه وصفنا الفعل بكونه ممكنا، ومعلوما، ومقدروا، لأن هذه أمور سلبية لصدقها على العدم، فإنه معلوم وممكن، أما المقدورية فإنها نسبة بين القدرة ولاممكن، فإن قالوا الحسن والقبح نسبي، فهذا هو مذهبنا، أنه يختلف بحسب ما يتعلق به خطاب الله تعالى.

قلت: هذه الوجوه عليها مباحث، فيرد على الأول أن قوله الأول "أكذب إن بقيت " قبيح، لانه وعد بالقبيح، وصدقه ثاينا حسن، ولايزلمه حسن الكذب؛ لأنا لم نحس بالأول.

وعلى الثاني، أنا إنما قضينا بالقبح على تقدير الوقوع فمنعناه الآن، لأنه مما يقع على تقدير وقوعه القبيح.

وعلى الثالث: أنه ينقض بالحسن والقبح العقليين في ملاءمة الطبع، ومنافرته وصفات الكمال وصفات النقص، ثم قول: الحسن والقبح ذاتيان للفعل وهما حكمان، والأحكام الذاتية ليست أعراضا قائمة بمحالها، كما نقول السواد سواد لذاته، والبياض بياض لذاته، وكذلك سائر الأعراض، وما لزم قيام الرعض بالعرض، لأنها أحكام للمعاني لا أنها معان في أنفسها، فكذلك هاهنا، بل أقول في إبطال الحسن والقبح، رعاية المصالح غير واجبة على الله تعالى عقلا، فالحسن والقبح العقليان باطلان.

بيان الأول: أن الله تعالى خلق العالم في وقت معين مع إمكان خلقه فيما قبله بمائة ألف سنة، أو بعده بمائة ألف سنة، ضرورة استواء إيجاده بالنسبة إلى الأزمنة المتخيلة، والله تعالى عالم بما يترتب في خلق العالم من المصالح، فتأخيره يقتضي عدم رعاية حصول المصالح، لأن الله تركها في مائة ألف سنة، لم يحصلها فيها، بل

في تلك المدة، فلا تكون غاية حصول المصالح واجبة في حق الله تعالى.

ص: 374

أو تقول: خلق العالم إما أن يكون مصلحة، وإما ألا يكون، فإن كان يلزم تفويت المصالح، وإن لم يكن كان خلقه عريا عن المصالح، فالله تعالى، لا يجب أن يكون تصرفه ملزوما للمصالح، ولا تكون راعيتها واجبة، إذا تقرر عدم وجوب رعاية المصالح، فلا يجب في العقل أن الله تعالى يربط أحكامه بها، بل يجوز ذلك ونقيضه، فتبطل قاعدة الحسن والقبح العقليين، وغلط من فسره بالعقاب أو الذم أو غير ذلك، فإن المثوبات والعقوبات فرع ربط الأحكام بالمصالح والمفاسد، إذ العقوبات فرع العصيان، والعصيان فرع الأحكام، فافهم هذا الموضع، فأكثر الجماعة كإمام الحرمين في "البرهان" وغيره اعتمد على أن الحسن والقبح يرجع إلى تصرف الله تعالى في أمر مغيب عنا من الثواب والعقاب لا مدخل له في المصالح والمفاسد المتعلقة بنا، وليس كذلك، بل هم يقولون: إنما ترتب ذلك للمفاسد والمصالح، وذلك غيب عندهم، لأنه معلوم عندهم بالعقل وجوبه منجهة أنهم إذا علموا أن الفعل مشتمل على مفسدة خالصة أو راجحة علموا أن اللهتعالى أناط بها المنع، ونفي عنها العقوبة، كل ذلك معلوم عندهم بالعقل، فتسقط كلمات الجماعة في الرد عليهم، وظهر أن ما ذكرته برهان على إبطال قولهم، وهو من قول الشافعي رضي الله عنه إذا سلم القدرية العلم خصموا، أي: خصموا في جيمع هذه المسائل، ولذلك هذه الحجة ما نشأت إلا عن كون الله تعالى عالما بما في العالم من المصالح والحكم، ومع ذلك أخر خلقه آلافا من السنين.

وقوله: "إذا بينا فساد الحسن والقبح العقليين، فقد صح مذهبنا في أن شكر المنعم غير واجب عقلا، ولا حكم قبل الشرع، لكن أصحابنا سلموا الحسن والقبح العقليين، وأبطلوا المسألتين بعد التسليم".

ص: 375

يرد عليه أن هذا الكلام غير معقول من وجهين:

أحدهما: أن إذا سلمنا قاعدة الحسن والقبح، فقد سلمنا أن الأحكام مرتبطة بالمصالح الخالصة أو الراجحة، والمفاسد الخالصة أو الراجحة، وعلى هذا تكون الأحكام واقعة قبل الشرع ضرورة، ضرورة وقووع تلك المصالح والمفاسد قبل الشرع، وإذا كانت الاحكام واقعة قبل الشرع كان وجوب شكر المنعم ثابتا قبل الشرع، لأنه من جملة الأحكام، فعلم أنه متى سلمنا قاعدة الحسن والقبح فقد سلمنا المسألتين، فنزاعنا بعد ذلك في المسألتين نزاع فيما سلمناه، وذلك باطل، وإنما يحسن النزاع بعد التسليم في غير المسلم، وهذا بعضه بل كله، لأنا إذا قلنا: لا حكم للأشياء قبل الشرع لم يخل حكما من الاحكام، فلم يخل من الحسن والقبخ شيئا، والتقدير أنا سلمناه كله، فهذا من أفحش التناقض.

وثانيهما: أنا إذا بينا أنه لا حكم للأشياء قبل الشرع، فقد نفينا جميع الوجوبات، والتحريمات، والمندوبات، والمكروهات، والإباحات، ووجوب شكر المنعم من جملة الوجوبات، فيندرج في تلك المسألة، فلا معنى لجعلها مسألة أخرى، إذ هي فرد من أفرادها، وما بالنا حينئذ إذا جوزنا مثل هذا ألا نبين عدم وجوب اصلاة، مسألة أخرى، وكذلك وجوب الصوم وغير ذلك، فما وجه الاقتصار على نفي هذا الوجوب وحده؟

والجواب عن الأول: أنه النزاع من المعتزلة في قاعدة الحسن والقبح، في أن العقل هل له ولاية على أن يحكم بأن الله تعالى حكم بربط الأحكام بالمصالح والمفاسد أم لا؟ فنحن نمنع ذلك، ونقول: لم يحكم العقل إلا بجواز الربط، لا بالربط نفسه بناء على جواز تكليف ما لا يطالق، فيجوز أن يوجب الله تعالى علينا ويحرم من غير بعثة، وهم يقولون: بل أدركنا بالعقل أن الله تعالى يجب له لحكمته البالغة ألا يدع مفسدة في وقت من

ص: 376

الأوقات إلا حرمها، ويعاقب عليها، ولا مصلحة في وقت من الأوقات إلا أوجبها ويثبت عليها تحقيقا لكونه حكيما، ولوا ذلك لفاتت الحكمة من جانب الربوبية، وهو باطل، لاتفاق المسلمين على أن الله تعالى حكيم، فنحن حينئذ نسلم لهم أن العقل مولى على ذلك، ولا يلزم من تسليم الولاية على الحكم وقوع الحكم، لتوقف الحكم على مدرك يستنقد إليه، فنحن ننازع في المسألتين في وجود المستند، فلا يقع حكم قبل الشرع، لعدم المستند الذي لأجله يحكم العقل، لا لعدم ولايته على الحكم، ولذلك قلنا: لو وجب الشكر لوجب، إما لمصلحة أو لمفسدة إلى آخر التقسيم والاستدلال، فلم يبين إلا عدم المدرك، ولم ينازع في الولاية، فظهر حينئذ أن المسلم غير المتنازع فيه.

وعن الثاني: أن المسألة الثانية لم تتناول شكر المنعم.

وبيانه: أن معنى قولنا وقولهم في الأحكام قبل ورود الشرائع أن الأحكام تتبع المصالح، والمفاسد الكائنة في أنفس الأفعال، وذلك متحقق في كل فعل على حدثته وإن لم يلاحظ فيه غيره، وشكر المنعم الوجوب فيه بالنسبة إلى مناسبة وملاءمة بين فعل الشكر، وبين فعل المشكرو الذي هو الإحسان السابق في حق الشاكر فأحدهما غير الآخر.

وبيانه بالمثال: أنك إذا أنقضت غريقا من البحر كان تعيين الإنقاذ متضمنا لمصلحته، وهي حفظ حياته عليه، ثم إن كان الغريق أحسن إليك قبل ذلك حصلت ملاءمة أخرى بين الإنقاذ، وبين إحسانه السابق، ومن هذا الوجه كان الإنقاذ شكرا، وهذه الملاءمة الحاصلة بين الفعلين غير المصلحة التي هي في نفس الإنقاذ وهي حفظ حياته عليه، ولذلك أمكن وقوعها منفكة عن الشكر في حق من لم يحسن إليك، وقد يوجد الشكر منفكا عن المصلحة في نفس الفعل في حق من طلب منك فعلا عاريا عن المصلحة والمفسدة.

ص: 377

لاعتقاده أنه فيه مصلحة ومفسدة، فإنك إذا أطعته بفعل ذلك كان ذلك شكرا، وحصلت فيه الملاءمة بين إحسانه إليك، وبين ذلك الفعل مع عروه في نفسه عن المصالح، عكس الإنقاذ المتضمن للحياة في حق من لم يحسن إليك، وإذا أمكن انفكاك الشكر عن المصلحة في نفس الفعل، وانفكاك المصلحة في نفس الفعل عن الشكر، كان ضربين قطعا.

فقولنا: "لا حكم للأشياء قبل ورود الشرع".

معناه: تابعة للمصالح والمفاسد في أنفس الأفعال، وبقيت الملاءمة التي هي الشكر الخارجة عن الفعل لم يتعرض لها، فيتعين أن يكونا مسألتين، واندفع الإشكالان بفضل الله تعالى وإلهامه لمقاصد العلماء وتحرير أقوالهم.

ص: 378