الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخامس:
أن الواجب والمخير، والموسع، وعلى الكفاية يرجع إلى الواجب المعبر في التحقيق الذي يذم تاركه على كل الوجوه.
وتحريره أن مفهوم إحدى الخصال، أو الأزمان، أوالطوائف هو متعلق الوجوب، ولا تخيير فيه، والخصوصيات هي متعلق التخيير لا وجوب فيها، فالواجب واجب مطلقا من غير تخيير، وما فيه التخيير لا وجوب فيه، فحيث وجد الوجوب ذم تاركه على كل الوجوه، فلا معنى للاحتراز عنها، وسيأتي بسطه في الواجب المخير.
السادس:
أن الحد غير جامع، بل كل حد وقع فيه ترتيب شيء على تقدير الترك.
بيانه: أن المطيع يفعل الواجب من غير تفريط صدق على فعله أنه واجب، وصدق عليه أن ليس بتارك، لأن فاعل، والفاعل ليس بتارك، والقاعدة:
أن المترتب على تقدير ينتفي عند انتقاء ذلك التقدير، فالذم أو غيره المترتب على تقدير الترك ينتفي عند انتفاء الترك فينتفي الترك وما رتب عليه، ومجموعهما هو الحد، فقد انفتى الحد عن جميع الواجبات المفعولة من غير تقصير مع صدق الوجوب عليها، فالحد غير جامع، سواء قلنا: ما يذم تاركه أو يعاقب تاركه، أو يستحق العقاب تاركه، وجيمع هذه الأمور المترتبة على تقدير الترك.
جوابه: على قاعدة شرعية غريبة وهي أن القيود المذكورة في الحد ليست حدا، وإنما هي متعلق الحد.
وتقرير القاعدة أن التحديد يقع لذوات الأوصاف، وتارة يقع بحيثيات الأوصاف، فإذا قلنا: السخي هو الذي يبذل المال بسهولة.
معناه: هو الذي بحيث إذا بذل المال بذله بسهولة، أي هو الذي بحيث إذا أخرجه أخرجه بسهولة، وقد لا يخرج شيئا غيره لعدم سبب يقتضي ذلك، لكن كونه بحيث هو كذلك لا يبطل بعدم الإخراج، فجعلنا الضابط هو الحيثية في
الإخراج لا نفس الإخراج، والإخراج هو متعلق الحد لا نفس الحد، فلما خرج لم يخرج عدمه مع وجود المحدود، لأنه متعلق الحد لا نفس الحد، وكذلك حد الواجب هاهنا بحيثية الذم على تركه، لا نفس هذه القيود، بل هذه القيود متعلق الحيثية، وليست حدا.
ومعناه: الواجب ((هو الذي بحيث إذا ترك ذم تاركه، ولا شك أن الواجب إذا فعل من غير تقصير، هذه الحيثية ثابتة له، وهي الحد لا متعلقها الذي هو القيود، فما وجد المحدود فهو جامع، واندفع السؤال وأنا ذاكر لك مثلا من هذا الباب حتى تتضح لك القاعدة.
فإذا قلنا: الواجب هو الذي رجح فعله على تركه في نظرا لشرع على وجه يمتنع التقصير، فهذا تحديد بالأوصاف لا بحيثية الأوصاف، ا، المندوب هو الذي رجح فعله، ويجوز تركه في نظر الشرع هو تحديد بذوات الأوصاف.
ولو قلنا: يثاب فاعله كان تحديدا بحيثية الوصف، لأنه قد لا يفعل، وما يخرج بعدم فعله عن كونه واجبا، لكن الحيثية لا تفارقه مفعولا ومتروكا.
وإذا قلنا: المباح ما استوى طرفاه في انظر الشرع كان تحديدا بذوات الأوصاف.
وإذا قلنا: إنه الذي أعلم فاعله أنه لا نفع له ولا ضرر عليه في الآخرة، كان بحيثية الأوصاف، فإنه قد لايفعل، فلا يصدق أن له فاعلا يتناول الإعلام، ومع ذلك لا يخرج عن كونه مابحا، لانه بحيث لو فعل لكان الأمر مباحا كذلك، وأكثر الحدود إنما تقع بذوات الأوصاف، فلا جرم لم يتنبه للحدود بحيثيات الأوصاف لعلتها، فيعتقد أن الحدود إذا وجد بدونها يكون الحد غير جامع، وليس كذلك، ويعتقد أيضا أن تلك الأوصاف المذكورة هي الحد وليس كذلك، فقد تذكر أوصاف الحد ولا يكون حدا، بل حيثية كما تقدم، ولاجرم بعد هذا عن الإفهام، فإن المعهود أن الأوصاف المذكورة والقيود الملفوظ بها هي الحد لا غير، فوقع الغلط في هذا الموطن الذي لا يكون إلا بحيثيات الأوصاف لا بالأوصاف، فتأمل ذلك فهو غريب التقرير نادر الوقوع.