الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وجوبه أو ندبيته بأمر النبي صلى الله عليه وسلم أو بإدامته فعله؛ لأن السنة مأخوذة من الإدامة، ولذلك يقال: الختان من السنة ولا يراد به أنه غير واجب.
وسادسها: أنه إحسان، وذلك إذا كان نفعا موصلا إلى الغير مع القصد إلى نفعه.
وأما المكروه، فيقال بالاشتراك على أحد أمور ثلاثة:
أحدها: ما نهي عنه نهي تنزيه، وهو الذي أشعر فاعله بأن تركه خير من فعله، وإن لم يكن على فعله عقاب.
وثانيها: المحظور وكثيرا ما يقول الشافعي رحمه الله: أكره كذا وهو يريد به التحريم.
وثالثها: ترك الأولى كترك صلاة الضحى، ويسمى ذلك مكروها، لا لنهي ورد عن الترك بل لكثرة الفضل في فعلها والله أعلم.
قال القرافي: قوله: ((خطاب الله تعالى إذا تعلق بشيء، إما أن يكون طلبا جازما، وإما ألا يكون، إلى قوله: فانقسمت الأحكام الشرعية إلى هذه الخمسة)).
قلنا: قد تقدم أن حكم الله تعالى هو كلامه القديم، وأن الخطاب إنما يفهم منه المخاطبة الحادثة، وأن خطاب الله تعالى هو الكتاب والسنة اللذان هما أدلة الأحكام لا الأحكام.
((تنبيه))
التقسم الدائر بين النفي والإثبات
، لا يلزم منه كون تلك الأقسام على ذلك
العدد من غير زيادة، ولا نقصان، ولا الحصر في ذلك العدد، وإنما هو عناية المتكلم، وتفسير لما في نقسه، فإن نورع في ذلك وقف الحال.
بيانه: أنك تعلم أن العالم ثلاثة أقسام: جماد ونبات وحيوان لا رابع لها، مع أنه أمكن أن أذكر تقسيما بين النفي والإثبات يقتضي أنهما قسمان أو عشرة، فأقول: المعلوم الكائن في مجوجودات العالم إما أن يكون حساسا أو لا، فإن كان حساسا فهو الحيوان، وإلا فهو الجماد، فثبت الحصر باثنين، أو أقول إن كان حساسا فلا يخلو إما أن يكون ناطقا أولا، فإن كان ناطقا فهو الحيوان، وإلا فهو الإنسان، وإن لم يكن حساسا فلا يخلو إما أن يكون ناميا أو لا، فإن كان ناميا فهو النبات، وإن لم يكن ناميا فلا يخلو إما أن يكون نائعا أو لا، فإن كان مانعا فهو الماء، وإلا فهو الجماد، إلى غير ذلك من التفاسير الفاسدة، والأقسام الرديئة التي ليست بمطابقة، فإن تفسير الناطق بالحيوان غَلَط وكذلك النامي بالجماد ونحوه، وإنما أردت أن أبين لك أن التقسيم يكون محصرا قطعا، وتفسير ذلك القسم بما يقوله المقسم قد يكون صحيحا، وقد تكون العدة أكثر مما قاله أو أقل، فلا نعتبر لمراده، بمعنى أني أريد بهذا القسم هذا المعنى، وقد يكون صحيحا وقد يكون فاسدا، إذا تقرر ذلك فاختلف الناس في عدد الأحكام فقيل: خمسة كما قاله وهو المشهور.
وقيل: أربعة، والمباح ليس من الشرع.
ومنشأ الخلف فيه: هل يراد به عدم الحرج والثواب في الفعل والترك، وذلك ثابت قبل الشرع، وما هو ثابت قبل الشرع لا يكون شرعيا؟ أو يراد به إعلام صاحب الشرع بذلك؟ ولا شك أن إعلام الشرع لا يثبت قبل الشرع فيكون شرعا، وهو المشهور.
وقيل: اثنان، وفسرت الإباحة بنفي الحرج عن الإقدام على الفعل،
فيندرج فيها الواجب، والمندوب، والمكروه، والمباح، ولا يخرج سوى الحرام، وهذا هو تفسير المتقديمن، والثابت في موارد السنة، وإنما فسره بمستوى الطرفين المتأخرون، قوال عليه السلام:((أبغض المباحات إلى الله الطلاق)) و ((أفعل)) لا يضاف إلا لجنسه، فلا يقال: زيد أفضل الحمير، فيكون الطلاق من جملة المباح، مع أن الرجحان يقتضي جانب الترك، والرجحان مع المساواة محال، فلا يستقيم الحديث إلا على تفسير الإباحة بعدم الحرج في الإقدام حتى يندرج فيها المكروه والراجح الترك، ويكون من أشد مراتب المكروه.
قوله: ((وقد ظهر بهذا التقسيم ماهية كل واحد منها فلنذكر الآن حدودها)).