الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قلت: الدلالة في الموضعين إنما جاءت من جهة أنه صلى الله عليه وسلم معصوم، والمعصوم لا يتصور منه فعل المحرم، ولا ترك الواجب، وأدلة العصمة سمعية، فما دل الفعل إلا بالقول فاندفع السؤال عن الفعل والترك.
فإن قلت: استوى الفعل والقول في أنهما لا يدلان على الأحكام الشرعية بذاتيهما، بل لابد للقول من الوضع، ولا بد للفعل من القول، فكلاهما محتاج لغيره، فلم يجعل أحدهما مقدما على الآخر هاهنا، وفي باب التعارض والترجيح.
قلت: مسّلم أن كليهما مفتقر إلى غيره، لكن القول لا يحتاج للفعل، بل الوضع، والفعل يحتاج للقول، ثم النزاع، والنظر هاهنا إنما هو في كون الفعل دالا على حكم علينا لا على حكم عليه، وعلى كونه يدل على عدم الوجوب، والترك يدل على عدم التحريم، إنما ذلك بالنسبة إلى النبي عليه الصلاة والسلام، فلا يرد سؤالا علينا.
((تنبيه))
هذا الفصل بينه في كتاب "المعتمد
"، لكن بلفظ أقرب من هذا للصواب، فقال: ينبغي أن ينظر فائدة الخطاب في نفسه، ثم يتكلم في شمول تلك الفائدة وخصوصها، وإجمالها، وتفصيلها، فيتقدم الأمر على النهي، لتقدم الإثبات على النفي، ثم يقدم الخصوص والعموم على المجمل والمبين؛ لأن الكلام في الظاهر أولى من الخفي، ويقدم المجمل والمبين على الأفعال؛ لأنهما من قبيل الخطاب، وتقدم الأفعال على النسخ؛ لأن النسخ يدخل الأفعال ويقع بها كالخصاب، ويقدم النسخ على الإجماع؛ لأن الخطاب مثبت الإجماع، ويقدم الإجماع على القياس؛ لأنه طريق صحة
القياس، وتقدم هذه الأبواب على المفتي، لأنه إنما يفتي بعد هذه الأبواب، هذا كلام حسن، وقال نحوه في شرح كتاب ((العمد))، وفي ((المعتمد)) أحسن تلخيصا، لأنه صنعه بعده لنفسه، وذلك شرح ((للعمد)) التي هي كلام القاضي شيخه.