المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المسألة العاشرةالاستدلال بعدم ما يدل على الحكم؛ على عدم الحكم - طريقة عول عليها بعض الفقهاء - نفائس الأصول في شرح المحصول - جـ ٩

[القرافي]

فهرس الكتاب

- ‌سؤال"قال النقشواني:قوله: (التعليل بالحكمة أولى من التعليل بالإضافي

- ‌سؤال"قال النقشواني: التعليل بالعدم إنما يعلل به إذا اشتمل على حكمة

- ‌جوابه"أنا نعلل عدم المعلول بعدم العلة

- ‌النوع الثانيقال الرازي: (القول في التراجيح العائدة إلى ما يدل على أن ذات العلة موجودة

- ‌القول في التراجيح الحاصلة بسبب الطرق الدالةعلى علية الوصف في الأصل

- ‌مسألة: الدوران الحاصل في صورة واحدة - راجح على الحاصل في صورتين

- ‌(مسألة)الدوران الحاصل في صورة راجح على الحاصل في صورتين:

- ‌النوع الرابع(في الترجيح الحاصلة بسبب دليل الحكم في الأصل)

- ‌النوع الخامسالقول في التراجيح الحاصلة بسبب كيفية الحكم

- ‌(سؤال)قال النقشواني: في قوله هاهنا: لو قدرنا تقديم العلة المثبتة للحكم الشرعي لزم النسخ مرتين، يناقضه ما تقدم له في تعارض خبرين:

- ‌النوع السادسفي التراجيح الحاصلة بسبب مكان العلة

- ‌(سؤال)وقع له في هذا الباب ترجيح المتعدية على القاصرة، مع أن القاصرة لا قياس فيها، ولا تعدية

- ‌(فائدة)قال إمام الحرمين في (البرهان): في ذلك ثلاثة مذاهب:

- ‌(سؤال)قال النقشواني: ترجيحة العلة للأكثر فروعًا على الأقل - يقتضي ترجيح التعليل بالمشترك على الفاروق، وهو باطل

- ‌(جوابه)أن إضافة الحكم للفاروق تكون إضافة له، وللمشترك، فلم يلزم إلغاء أحد المناسبتين

- ‌(فائدة)قال سيف الدين: في ترجيح الأقيسة ترجيحات:

- ‌(فائدة)قال سيف الدين: من الترجيحات ترجيح الحدود، وذلك من وجوه:

- ‌(فائدة)قال إمام الحرمين في (البرهان): إذا عضد أحد القياسين قول صحابي، إن علمنا مذهب الصحابي حجة كان ذلك انضمام دليلٍ إلى دليل

- ‌الكلام في الاجتهاد

- ‌الركن الأول في الاجتهاد

- ‌الركن الثاني في المجتهد

- ‌قوله: (يجوز أن يكون في أحكام الرسول عليه السلام ما صدر عن اجتهاد):

- ‌(سؤال)قوله: (إنه عليه السلام قادر على الوحي):

- ‌(سؤال)قوله: (مخالف الرسول عليه السلام كافر):

- ‌(سؤال)لو قلنا: إن الله - تعالى - جعل لجبريل عليه السلام الاجتهاد، كما جعله للنبي عليه السلام لم يلزم منه مفسدة

- ‌(سؤال)قوله: (لو جاز عليه الخطأ، لكنا مأمورين بالخطأ):

- ‌(تنبيه)

- ‌(فائدة)قال سيف الدين: (يدل على اجتهاده عليه السلام قوله تعالى:} وشاورهم في الأمر

- ‌(مسألة)في الاجتهاد لغير رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(سؤال)هذا الكلام مشكل؛ فإنه حكى المنع من الوقوع مطلقًا، ثم قال: وأجازه قوم بشرط الإذن

- ‌(فائدة)قال سيف الدين: الأكثرون على جواز الاجتهاد لمن عاصره صلى الله عليه وسلم ومنعه الأقلون

- ‌(مسألة)في شرائط المجتهد

- ‌(تنبيه)قال التبريزي: يكفي من النحو واللغة الذي يحصل الفهم من مقاصد الكلام دون التغلغل في مشكلات سرائره

- ‌(فائدة)قال سيف الدين: وشرط المجتهد أن يكون عالمًا بوجود الله - تعالى - وما يجب له من الصفات

- ‌الركن الثالثالمجتهد فيه

- ‌الركن الرابعحكم الاجتهاد

- ‌(سؤال)الآيات الواردة في ذم الظن يرد عليها أن الاعتقاد الجازم، وإن لم يطابق، فصاحبه لا يجوز خلافه

- ‌(تنبيه)قال التبريزى على قوله: (إن الله - تعالى - نصب على هذه المطالب أدلة قطعية): إنه ضعيف

- ‌(فائدة)قال الغزالي في (المستصفى): مسائل أصول الفقه نحو كون الإجماع حجة

- ‌(مسألة)اختلفوا في تصويب المجتهدين

- ‌(تنبيه)مذهب القياسين والفقهاء أن الراجح مصالح

- ‌(فائدة)قال سيف الدين: (وافق بشر المريسي على التأثيم ابن علية، وأبو بكر الأصم، ونفاة القياس كالظاهرية، والإمامية

- ‌(مسألة)

- ‌(فائدة)قال بعض المشايخ: إن السيف الآمدي قال: (الدليل على أن المصيب واحد، أن بعض المجتهدين أداه اجتهاده إلى أنه ليس كل مجتهد مصيبًا

- ‌(فائدة)قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام رحمه الله: (معنى قوله عليه السلام: (إذا اجتهد الحاكم فأخطأ فله أجر، وإن أصاب فله أجران) - أن الخطأ محمول على الخطأ في الأسباب

- ‌(مسألة)في نقض الاجتهاد

- ‌(تنبيه)قال التبريزي: (يجب على المجتهد ترك موجب اجتهاده لأجل حكم الحاكم في الظاهر، وفيما يحل له في الباطن)

- ‌(تنبيه)وقع في (التنبيه) للشيخ أبي إسحاق ما يشير إلى إمكان النقض

- ‌(تنبيه)الفرق بين ما يحدث من الحكم بالنذر، وبين ما يحدث بحكم الحاكم

- ‌(فائدة)قال سيف الدين: (اتفقوا على أن حكم الحاكم لا يجوز نقضه في المسائل الاجتهادية، لمصلحة الحكم

- ‌الكلام في المفتي والمستفتي

- ‌القسم الأولفي المفتي، وفيه مسائل:

- ‌(فائدة)قال سيف الدين: التقليد هو العمل بقول الغير من غير حجةٍ ملزمة

- ‌(فائدة)قال سيف الدين: (يشترط في المفتى شروط الاجتهاد مع العدالة حتى يوثق به

- ‌(فائدة)قال سيف الدين: (اختلفوا في جواز الاستفتاء والتقليد في المسائل العلمية الأصولية في العقائد

- ‌(فائدة)قال سيف الدين: (إذا أفتى، ثم حدث مثل تلك الواقعة اختلفوا

- ‌(مسألة)(هل يجوز لغير المجتهد الفتوى بما يحكيه)

- ‌(سؤال)الموجب لاعتبار قول الميت، والاعتماد عليه صدوره عمن اتصف بأهلية الاجتهاد، وذلك لا يضاد طريان الغفلة

- ‌(سؤال)قال النقشواني: (علي رضي الله عنه مجتهد، ورواية المقداد له من باب روايات الأخبار للمجتهدين، وذلك ليس من باب الفتوى)

- ‌(تنبيه)قال التبريزى: قد يحتج في المجتهد

- ‌(فائدة)قال سيف الدين: (من ليس بمجتهد، هل يجوز له الفتوى بمذهب الجمهور كما في زماننا)

- ‌(فائدة)ينبغي أن يحذر مما وقع في زماننا من تساهل بعض الفقهاء بالفتوى من الكتب الغريبة التي ليس فيها رواية المفتى عن المجتهد بالسند الصحيح

- ‌القسم الثانيفي المستفتي

- ‌(تنبيه)قال التبريزى: (الشيعة هم الذين قالوا بحصر كل مدرك إلا الدليل السمعي القاطع

- ‌(فائدة)قال سيف الدين: (العامي، ومن ليس له أهلية الاجتهاد إذا كان محصلاً لبعض العلوم المعتبرة في الاجتهاد يلزمه اتباع قول المجتهد

- ‌القسم الثالثفيما فيه الاستفتاء

- ‌(فائدة)قال سيف الدين: (اتفقوا على جواز تقليد العامي لمن عرفه بالعلم، وأهلية الاجتهاد، وعلى امتناع اتباعه لمن عرفه بالضد، واختلفوا في جواز استفتاء من لم يعرفه بعلم، ولا جهالة)

- ‌(مسألة)الرجل الذي تنزل به الواقعة إما أن يكون عاميا صرفًا

- ‌(سؤال)على استدلالهم بقوله تعالى: {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم} [

- ‌(سؤال)على قوله: (الآيات دالة على الوجوب)

- ‌(تنبيه)زاد التبريزى: فقال: (المجتهد لو جوز أن يكون عند غيره نص يل على حكم الواقعة، وجب عليه طلبه، ولم يجز له الاجتهاد

- ‌(مسألة)(لا يجوز التقليد في أصول الدين)

- ‌(تنبيه)قال التبريزى: استدلال المصنف باطل من وجهين:

- ‌(مسألة)قال سيف الدين: إذا اتبع العامي مجتهدًا في حكم صلاته، وعمل بقوله، اتفقوا على أن ليس له الرجوع عنه في ذلك الحكم

- ‌(فائدة)كان الشيخ عز الدين يقول: (حيث قلنا بجواز التقليد، والانتقال في المذاهب؛ فإنما نقول به فيما لا ينقض فيه قضاء القاضي

- ‌(فائدة)إذا لم نجعله شرعًا، وكان في المسألة قولان: هل يصير القول الأخير مجمعًا عليه

- ‌‌‌(فائدة)قال بعض العلماء: (لا يجوز اتباع رخص المذاهب، بل يجوز الانتقال إلى مذهب بكماله)

- ‌(فائدة)

- ‌(مسألة)قال إمام الحرمين في (البرهان): (أجمع المحققون على أن العوام ليس لهم أن يتعلقوا بمذهب أعيان الصحابة رضي الله عنهم -بل عليهم أن يتبعوا مذاهب الأئمة

- ‌(مسألة)قال سيف الدين: (اختلفوا هل يجوز خلو عصر من الأعصار عن مجتهد يمكن تفويض الفتاوى إليه

- ‌(مسألة)قال الشيخ أبو إسحاق في (اللمع): من اجتمعت فيه شرائط الفتوى؛ فإن كان في الإقليم غيره، لم يتعين عليه الفتيا، والتعليم؛ بل هو فرض كفاية

- ‌(مسألة)قال الشيخ: أبو إسحاق في (اللمع): (لا يجوز للمستفتى أن يستفتى كل من يتزيا بزى أهل العلم

- ‌(مسألة)قال أبو الخطاب الحنبلي في (التمهيد): (لله -تعالى -على الأحكام أدلة من الكتاب، أو السنة، أو القياس، خلاف لمن قال: لا دليل على الحكم سوى ظن المجتهد

- ‌(مسألة)قال أبو الخطاب الحنبلي في (التمهيد): (إذا أفتاه، ولم يعمل بفتواه حتى مات المفتى، فهل يجوز له العمل بما أفتاه

- ‌(مسألة)قال العالمي الحنفي في كتابه: إذا اعتدل القولان عن المفتى اختلفوا فيه:

- ‌(مسألة)قال ابن برهان في كتاب (الأوسط): (إذا استفتى العامي في حادثة، ثم حدثت تلك الحادثة مرة أخرى، هل يجوز له الاكتفاء بتلك الفتوى

- ‌(مسألة)قال ابن برهان في كتاب (الأوسط): (لا يجوز تقليد المجتهد الميت، مع وجود المجتهد الحى؛ لأن الحى أولى)

- ‌(مسألة)قال ابن برهان: (من كان مقلدًا لصاحب مذهب، وقد أحاط بنصوص ذلك المذهب، وكان مجتهدًا بالقياس، كان مجتهدًا في ذلك المذهب

- ‌(مسألة)قال ابن برهان في كتاب (الأوسط): لا شك أن أهل العترة من أهل الاجتهاد

- ‌الكلام فيما اختلف فيه المجتهدون من أدلة الشرع

- ‌المسألة الأولى: في حكم الأفعال:

- ‌(سؤال)على استدلاله بالآية

- ‌(سؤال)على قوله: (تلك الحكمة إما عود النفع إليه، أو إلينا):

- ‌(تنبيه)قياسه -في هذه المسألة -في قوله: (انتفاع لا ضرر فيه على المالك قطعًا، ولا على المنتفع ظاهرًا، فيباح، كالاستصباح بسراج الغير):

- ‌(سؤال)على الاستدلال بالحديث:

- ‌(تنبيه)قال التبريزى: (النفع هو الزيادة من الوجه الموافق للمصلحة

- ‌المسألة الثانيةفي استصحاب الحال

- ‌(سؤال)

- ‌(تنبيه)قال التبريزى: (الاستصحاب ينقسم إلى:

- ‌(فائدة)قال سيف الدين: (في الاستصحاب مذهب ثالث، وهو الترجيح به دون كونه دليلاً)

- ‌(فرع)قال في (المحصول): (النافي لا دليل عليه):

- ‌المسألة الثالثةفي الاستحسان

- ‌ القرافي: قال النقشواني: أما ترتيبه كما ذكره أبو الحسين، ففيه نظر

- ‌(تنبيه)قال التبريزي: الكلام في صحة الاستحسان وفساده ينبني على فهم حقيقته

- ‌المسألة الرابعةقال الرازي: الحق أن قول الصحابي ليس بحجة، وقال قوم: إنه حجة مطلقًا

- ‌ القرافي: قوله: (أمر الله -تعالى -بالاعتبار، وذلك ينافى التقليد):

- ‌(فائدة)قال سيف الدين: (اتفقوا على أن مذهب الصحابي -في مسائل الاجتهاد -لا يكون حجة على غيره من الصحابة المجتهدين

- ‌(فائدة)قال الشيخ موفق الدين الحنبلي في كتاب (الروضة): (إذا اختلف الصحابة على قولين، لم يجز للمجتهد الأخذ بقول بعضهم من غير دليل

- ‌المسألة الخامسةقال الرازي: اختلفوا في أنه، هل يجوز أن يقول الله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم أو للعالم: (احكم، فإنك لا تحكم إلا بالصواب

- ‌(فائدة)قال أبو يعلى الحنبلي في (العمدة): هذه المسألة مبنية على أنه عليه السلام هل له أن يجتهد أم لا

- ‌المسألة السادسةمذهب الشافعي رضي الله عنه: أنه يجوز الاعتماد في إثبات الأحكام على الأخذ بأقل ما قيل

- ‌(فائدة)قال القاضي عبد الوهاب المالكي في (الملخص): (صورة هذه المسألة أن يجني رجل على سلعة، فيختلف المقومون في تقويمها

- ‌المسألة السابعةقال الرازي: قال قوم: يجب على المكلف الأخذ بأخف القولين؛ للنص والمعقول:

- ‌المسألة الثامنةالاستقراء المظنون: هو إثبات الحكم في كلى؛ لثبوته في بعض جزئياته

- ‌(سؤال)الاستدلال على عدم وجوب الوتر بكونه صلى الله عليه وسلم كان يؤديه على الراحلة مشكل

- ‌المسألة التاسعةفي المصالح المرسلة

- ‌(سؤال)قال بعض علماء العصر: إذا قلتم بالمصلحة المرسلة، فكيف تصنعون في العمومات، والأدلة

- ‌(سؤال)ما الفرق بين المصلحة المرسلة، والاستحسان

- ‌المسألة العاشرةالاستدلال بعدم ما يدل على الحكم؛ على عدم الحكم - طريقة عول عليها بعض الفقهاء

- ‌المسألة الحادية عشرةفي تقرير وجوهٍ من الأدلة التي يمكنالتمسك بها في المسائل الفقهية

- ‌ القرافي: قوفه: (المحكوم عليه كان معدومًا في الأزل، فلا يكون الحكم ثابتًا في الأزل؛ لأن ثبوت الحكم صفة الله - تعالى - وكلامه النفسي القديم

- ‌(تنبيه)قال التبريزي: (الحكم الشرعي لابد له من دليل شرعي، وهو قول الشارع

الفصل: ‌المسألة العاشرةالاستدلال بعدم ما يدل على الحكم؛ على عدم الحكم - طريقة عول عليها بعض الفقهاء

‌المسألة العاشرة

الاستدلال بعدم ما يدل على الحكم؛ على عدم الحكم - طريقة عول عليها بعض الفقهاء

.

وتحريره: أن الحكم الشرعي لابد له من دليل، والدليل إما نص، أو، إجماع أو قياس، ولم يوجد واحد من هذه الثلاثة؛ فوجب ألا يثبت الحكم.

إنما قلنا: (إن الحكم الشرعي لابد له من دليل) لأن الله - تعالى - لو أمرنا بشيءٍ، ولم يضع عليه دليلا، لكان ذلك تكليف ما لا يطاق؛ وإنه غير جائزٍ.

وإنما قلنا: (إن الدليل: إما نص، أو إجماع، أو قياس) لثلاثة أوجه:

أحدها: قصة معاذ؛ فإنها تدل على انحصار الأدلة في الكتاب، والسنة، والقياس، زدنا فيه الإجماع بدليلٍ منفصلٍ؛ فيبقي الباقي على الأصل.

وثانيها: أن الأدلة الدالة على الأحكام كانت معدومة في الأزل، وقد بينا أن الأصل في كل أصلٍ تحقق بقاؤه على ما كان، فهذا الدليل يقتضي ألا يوجد شيء من أدلة الأحكام، ترك العمل به في النص، والإجماع، والقياس؛ فوجب أن يبقي فيما عدا هذه الثلاثة على الأصل.

وثالثها: أنه لو حصل نوع آخر من الأدلة، لكان ذلك من الأمور العظام؛ لأن ما يجب الرجوع إليه في الشرع، نفيًا، وإثباتًا في الوقائع الحاضرة، والمستقبلة - لا شك أنه من الأمور العظام، فلو كان ذلك موجودًا، لوجب اشتهاره، ولو كان كذلك، لعرفناه بعد البحث والطلب؛ فلما لم نجد شيئًا آخر، سوى هذه الثلاثة - علمنا الانحصار، وإنما قلنا:(إنه لم يوجد واحًد من هذه الثلاثة) لما سنبينه.

ص: 4099

أما النص؛ فلوجهين:

أحدهما: أنا اجتهدنا في الطلب، فما وجدنا، وهذا القدر عذر في حق المجتهد بالإجماع؛ فوجب أن يكون عذرًا في حق المناظر؛ لأنه لا معنى للمناظرة إلا بيان ما لأجله قال بالحكم.

وثانيهما: أنه لو وجد في المسألة نص، لعرفه المجتهدون ظاهرًا، ولو عرفوه، لما حكموا على خلافه ظاهرًا؛ فحيث حكموا على خلافه، علمنا عدمه.

أما الإجماع: فهو منفي؛ لأن المسألة خلافية، ولا إجماع مع الخلاف.

وأما القياس: فمنفي لوجهين:

أحدهما: أن القياس لابد فيه من أصلٍ، والأصل هو الصورة الفلانية، والفارق الفلاني موجود، ومع الفارق لا يمكن القياس؛ أقصى ما في الباب أن يقال: لم لا يجوز القياس على صورةٍ أخرى؟ ز

فنقول: لأنا بعد الطلب لم نجد شيئًا يمكن القياس عليه، إلا هذه الصورة، وهذا القدر عذر في حق المجتهد؛ فوجب أن يكون عذرًا في حق المناظر؛ على ما بيناه.

وثانيهما: أن سائر الأصول كانت معدومة؛ فوجب بقاؤها، على العدم؛ تمسكًا بالاستصحاب؛ فهذا تمام تقرير هذه الدلالة.

واعلم أن كل مقدمةٍ لا يمكن تمشية الدليل إلا بها، فلو كانت تلك المقدمة مستقلة بالإنتاج، كان التمسك بها في أول الأمر أولى.

ورأينا أن هذه الدلالة لا يمكن تمشيتها إلا بإحدى مقدمتين:

إحداهما: أن عدم الوجدان بعد الطلب يدل على عدم الوجود.

ص: 4100

وثانيهما: أن الأمر الفلاني كان معدومًا؛ فيحصل الان ظن بقائه على العدم.

وهاتان المقدمتان، لو صحتا، لكانتا مستقلتين بإنتاج المطلوب؛ فإنه يقال في أول المسألة:(الحكم الشرعي لابد له من دليلٍ، ولم يوجد الدليل؛ لأني اجتهدت في الطلب، وما وجدته؛ وذلك يدل على عدم الوجود) أو يقال: (ولم يوجد الدليل؛ لأن هذه الدلائل كانت معدومة في الأزل، والأصل في كل معدومٍ بقاؤه على عدمه).

وإذا ثبت هذا، فقد حصل ظن عدم الدليل؛ فيتولد منه القطع بأنه لو وجد الحكم، لوجد الدليل، مع ظن أنه لم يوجد ظن عدم الحكم؛ والعمل بالظن واجب.

فتقرير هذه الدلالة على هذا الوجه أقل مقدماتٍ، وأشد تلخيصا؛ فكان إيرادها على هذا الوجه أولى.

فإن قيل: قوله: (الدليل: إما نص، أو إجماع، أو قياس:

قلنا: هذا لا يتم على قولك؛ لأنك ذكرت هذه العبارة دليلاً في هذه المسألة الشرعية؛ وإنها ليست بنص، ولا إجماعٍ، ولا قياسٍ؛ وعند هذا: يلزم أحد محذورين؛ وهو: أنه إما ألا يكون هذا الكلام دليلاً في المسألة؛ حتى يتم الحصر، أو يبطل الحصر؛ حتى يتم هذا دليلاً في المسألة:

فإن قلت: الكلام عليه من وجهين:

أحدهما: أني أقول: (دليل الحكم الشرعي: إما نص، أو إجماع، أو قياس، ومدلول دليلي انتفاء الصحة؛ فإن هذا الانتفاء كان حاصلاً قبل الشرع،

ص: 4101

فالإخبار عنه يكون إخبارًا عن أمرٍ لا تتوقف معرفته على الشرع؛ فلا يكون شرعيًا.

وثانيهما: أني لا أنفي الصحة إلا بالإجماع؛ لأن الإجماع منعقد على أنه متى لم يوجد شيء من هذه الأشياء، وجب نفي الحكم؛ فيكون الدليل في الحقيقة هو الإجماع):

قلت: أما الجواب عن الأول: فهو أنه لما ثبت انتفاء الصحة، لزم ثبوت البطلان، ضرورة تعذر القول بالوقف؛ فيكون كلامك دليلا على البطلان بواسطة دلالته على انتفاء الصحة؛ فيكون دليلاً على حكمٍ شرعي؛ فيعود المحذور المذكور.

وعن الثاني: أن الإجماع لم يدل على عدم الصحة ابتداء؛ بل دل على أنه مهما عدم النص، والإجماع، والقياس، لزم عدم الحكم؛ فيكون الإجماع دليلا على أن عدم هذه الثلاثة دليل على عدم الحكم، وعدم هذه الثلاثة مغاير لهذه الثلاثة؛ فيعود الكلام المتقدم.

السؤال الثاني: أنك جعلت عدم الثبوت دليل العدم؛ فهل تجعل عدم دليل العدم دليل الثبوت، أم لا؟!.

فإن لم يقل به، فقد ناقض؛ لأن نسبة دليل الثبوت إلى الثبوت؛ كنسبة دليل العدم إلى العدم!! فإن لزم من عدم دليل الثبوت عدم الثبوت - لزم من عدم دليل العدم عدم العدم.

وإن لم يلزم هاهنا، لم يلزم هناك أيضًا؛ إذ لا فرق بينهما في العقل، وإن اعترف بذلك، لزم المحذور من وجهين:

ص: 4102

أحدهما: أن عدم دليل العدم دليل على عدم العدم، وعدم العدم وجود؛ فعدم دليل العدم دليل على الوجود؛ فقد حصل سوى النص، والإجماع، والقياس - دليل آخر على الوجود؛ فيبطل حصرهم.

والثاني وهو: أنه إذا كان عدم دليل العدم دليلاً على الوجود؛ لم يلزم انتفاء الوجود إلا ببيان عدم دليل العدم، وعدم العدم وجود: فإذن: لا يلزم انتفاء الوجود إلا بوجود دليل العدم؛ لكنك لو ذكرت دليل العدم، لاستغنيت عما ذكرت من الدلالة.

السؤال الثالث: أنك لو اقتصرت في نفي النص على عدم الوجدان، فهذا الطريق إن صح، وجب الاكتفاء به في نفي القياس؛ لأنه حاصل فيه، وإن لم يصح، لم يجز التعويل عليه في هذا المقام.

فإن قلت: (إنما تعرضت لنفي قياسٍ معينٍ؛ لأن المخالف يعتقده قياسًا ودليلاً، وليس في النصوص ما يعتقده دليلاً):

قلت: المخالف كما يعتقد في قياسٍ كونه حجة له، فكذلك قد يعتقد في بعض النصوص كونه حجةً له؛ فكان يلزم التعرض للأمرين.

السؤال الرابع: لم قلت: إنه لما وجد الفرق بين الصورتين، تعذر القياس، وذلك لأن الفرق إنما يكون قادحا، لو لم يجز تعليل الحكم الواحد بعلتين، فأما إذا كان جائزًا، احتمل كون الحكم في الأصل معللاً بالوصف الذي تعدي إلى الفرع، وبالوصف الذي لم يتعد غليه معًا؛ فلا يكون ذلك قادحًا في القياس.

السؤال الخامس: أن هذا النظم لا ينفك عن القلب؛ فإن المستدل إذا قال مثلاً في بيع الغائب: (لا نص، ولا إجماع، ولا قياس في صحته؛ فوجب ألا تثبت صحته):

ص: 4103

فيقال: وتحريم أخذ المبيع من البائع بعد جريان هذا البيع على المشتري، أو تحريم أخذ الثمن من المشتري على البائع - حكم شرعي؛ فلا يثبت إلا بنص، أو إجماعٍ، أو قياسٍ، ولم يوجد ذلك؛ فوجب ألا يثبت):

والجواب: هذه الدلالة لا تتم إلا مع التمسك بأن الأصل في كل ثابت بقاؤه على ما كان، وأنه إنما يجوز العدول عن هذا الأصل، إذا وجد دليل يوجب العدول عنه، وذلك الدليل لا يكون إلا نصا، أو إجماعًا، أو قياسًا.

وعلى هذا: يسقط السؤال؛ وذلك لأنا نقول مثلاً في مسألة بيع الغائب: 0لا شك أن قبل جريان هذا البيع، كان المبيع ملكًا للبائع، والأصل في كل ثابت بقاؤه على ما كان، إلا أنا نترك التمسك بهذا الأصل عند وجود نص، أو إجماع، أو قياس يدل على خلافه، ولم يوجد واحد من هذه الثلاثة؛ فلم يوجد ما يوجب العدول عن التمسك بذلك الأصل، وإذا كان كذلك، وجب الحكم ببقائه على ما كان.

وحاصل الكلام: أني إنما ادعيت الحصر فيما يدل على تغيير الحكم عن مقتضى الأصل، والحكم الذي أنتجته من هذا الدليل ليس من باب تغير الحكم، بل هو من باب إبقاء ما كان على ما كان؛ فلم يكن إدعاء الحصر في تلك الصورة قادحًا في صحة هذه الدلالة.

وإذا عرفت هذا، فالعبارة الصحيحة عن هذا الدليل: أن يقال: حكم الشرع إبقاء ما كان على ما كان، إلا إذا وجدت دلالة شرعية مغيرة، والدلالة المغيرة: إما نص، أو إجماع، أو قياس، ولم يوجد واحد من هذه الثلاثة، فلم توجد الدلالة المغيرة؛ فوجب بقاؤه على ما كان.

ص: 4104

فإن قلت: (التمسك باستصحاب الأصل كافٍ فأي حاجةٍ إلى هذا التطويل؟):

قلت: المناظر تلو المجتهد، ومعلوم أن المجتهد لا يجوز له التمسك باستصحاب حكم الأصل، إلا إذا بحث واجتهد في طلب هذه الأدلة المغيرة.

فإذا لم يجد في الواقعة شيئًا منها، حل له فيما بينه وبين الله تعالى: أن يحكم بمقتضى الاستصحاب، فأما قبل البحث عن وجود هذه الدلائل المغيرة، فلا يجوز له التمسك بالاستصحاب أصلاً، فلما ثبت أن الأمر في المجتهد كذلك، وجب أن يكون في حق المناظر كذلك؛ لأنه لا معنى للمناظرة المشروعة إلا بيان وجه الاجتهاد.

وأما الجواب عن السؤال الثاني فهو: أن الاستدلال بعدم المثبت أولى من الاستدلال بعدم النافي على الوجود؛ وبيانه من وجوهٍ:

أحدها: أنا لو استدللنا بعدم المثبت على العدم، لزمنا عدم مالا نهاية له؛ وذلك غير ممتنعٍ، أما لو استدللنا بعدم النافي على الوجود، لزمنا إثبات ما لا نهاية له؛ وهو محال.

وثانيها: أنا نستدل بعدم ظهور المعجز على يد الإنسان، على أنه ليس بنبي، ولا نستدل بعدم ما يدل على أنه ليس برسولٍ، على كونه رسولاً.

وثالثها: أنه لا يقال: (إن فلانًا ما نهاني عن التصرف في ماله؛ فأكون مأذونًا في التصرف) ويقال: (إنه لم يأذن لي في التصرف في ماله؛ فأكون ممنوعًا).

ورابعها: أن دليل كل شيءٍ على حسب ما يليق به؛ فدليل العدم العدم، ودليل الوجود الوجود.

ص: 4105

سلمنا أنه ليس أحد الطريقين أولى من الآخر؛ لكن ذلك يقتضي أن يتعارضا، ويتساقطا؛ وحينئذٍ: يبقي مقتضى الأصل، وهو بقاء ما كان على ما كان.

وأما السؤال الثالث: فليس سؤالاً علميا، بل هو شيء يتعلق بالوضع، والاصطلاح؛ فلا يليق الخوض في أمثاله في الكتب العلمية.

وأما السؤال الرابع: فجوابه: أنا بينا في هذا الكتاب: أنه لا يجوز تعليل الحكم الواحد بعلتين مستنبطتين، وأن سؤال الفرق سؤال قادح.

وأما السؤال الخامس: فساقط؛ لأنا لم نقل: إنه يلزم من عدم النص، والإجماع، والقياس - بقاء ما كان على ما كان، إلا بعد أن بينا أن الأصل في الثابت بقاؤه على ما كان، فمعارضة الخصم إنما تلزم لو ثبت أن الأصل في الشيء ألا يبقي على ما كان؛ ولما كان ذلك باطلاً، كانت معارضته باطلة.

المسألة العاشرة

الاستدلال بعدم الدليل على عدم الحكم

قال القرافي: قوله: (قصة معاذ تدل على انحصار الأدلة في الكتاب، والسنة، والإجماع، والقياس):

قلنا: قوله: (اجتهد برأيي) أعم من القياس، فلا يثبت الحصر؛ لأن الاستدلال بالمصلحة المرسلة، وبعدم اللازم على عدم الملزوم، وبوجود الملزوم على وجود اللازم - ليس بقياس، وهو من الاجتهاد.

وهذا هو السؤال على الوجه الثالث: أنه لو كان دليل آخر لاشتهر، فنقول: قد اشتهر، وهو هذا ونحوه.

ص: 4106

قوله: (لو دل دليل انتفاء الصحة):

تقريره: أن مدلول هذا الدليل عدم صحة ما يصلح أن يكون دليلاً شرعيًا، وعدم الصحة من العدميات الأزلية.

فيستصحب قوله: (كلامك دليل على البطلان بواسطة دلالته على انتفاء الصحة، فيكون دليلاً على حكم شرعي، فيعود المحذور):

تقريره: أن النافي للصحة يستلزم البطلان والمنع، فيكون المعنى: أن الشرع يمنع من الاستدلال بغير هذه الثلاثة، والمنع حكم شرعي، استنفدته من هذه الدلالة المغايرة للنص، والإجماع، والقياس، فبطل الحصر به.

***********************

ص: 4107