الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فائدة)
قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام رحمه الله: (معنى قوله عليه السلام: (إذا اجتهد الحاكم فأخطأ فله أجر، وإن أصاب فله أجران) - أن الخطأ محمول على الخطأ في الأسباب
- كما تقدم بيانه في هذه المسألة - فمن حكم بالقصاص على من قتل في نفس الأمر، فله أجران:
أحدهما: على تحصيل مصلحة دفع الجناية، وحصر الأولياء بالتشفي، واستدامة الحياة بقتل الجناة.
والآخر: على سعيه، واجتهاده، وإذا حكم بالقصاص على من لم يقتل، لأن الشهود زور ولم يعلم، أو نحو ذلك، فله أجر سعيه واجتهاده فقط. ولم يحصل مصلحته في نفس الأمر، فلم يكن له غير أجر واحدٍ بخلاف المصيب له السعي، وتحصيل المصلحة، فله أجران.
(مسألة)
في نقض الاجتهاد
قوله: (إذا اتصل بالاجتهاد قضاء القاضي، فقد تأكد):
تقريره: أن الله - تعالى - جعل الأحكام على قسمين: منها: ما قرره في أصل شرعه، ومنها: ما لم يقرره.
فالذي قرره كالصلوات الخمس، ونحوها، وما لم يقرره قسمان:
منه ما وكله [للمكلف]، وهو نوع واحد: إيجاب المندوب بطريق واحد، وهو النذر، فمن شاء نذر مندوبًا صار واجبًا عليه.
والقسم الثاني: أقضية الأحكام في مواقع الاجتهاد، حيث تتقارب الأدلة،
وتختلف الفتاوى بجعل الشارع للحاكم، أن ينشئ حكمًا في تلك المواطن بما يراه من تلك الاحتمالات، أو الفتاوى المجتهد فيها، ويكون ذلك حكمًا على الخلق كلهم، اقتضى ذلك حكمه رفع الخصومات، وسد باب المشاجرات، فيستقر ما حكم به الحاكم، ولا يتمكن المفتى - بعد ذلك - من إباحة نقض، ولا إثبات ضده.
ولا يمكن رفع الخصومات من العالم إلا بذلك؛ إذ لو بقي باب القسامة مفتوحًا، لكان للخصم التمسك بقول المفتى الآخر، فهذه الحكمة الموجبة لجعل ذلك للحكام.
فحكم الحاكم في ذلك بيانه عن الله - تعالى - بإذن الله - تعالى - له في ذلك إجماعًا، فهو كنص وارد من الله - تعالى - وخصوص تلك الواقعة تقدم على دليل المجتهد العام، ويبقي المجتهد في غير هذه الصورة على مقتضى دليل عمومه.
مثاله: دل الدليل عند الشافعي رحمه الله على أن قول القائل للمرأة: إن تزوجتك فأنت طالق، على أن هذا الطلاق لا يلزم بحكم حاكم بوقوع الطلاق فيه في امرأة معينة.
فقول الشافعي هذا نص خاص قد ورد في خصوص هذه المرأة، فأفتى بعدم الطلاق فيما عدا هذه الصورة تمسكًا بالعموم بحسب الإمكان، وتقديمًا للخاص على العام، كما إذا قال الله تعالى:) لا تقتلوا زيدًا المشرك) بعد قوله تعالى:} فاقتلوا المشركين {؛ فإنا لا نقتله إجماعًا ويتمسك بالعموم في غيره، فكذلك هاهنا.
وهذا الذي ينشأ عن الحكم هو إلزام للفعل، أو الترك، أو إباحة، ولا يتصور فيه الندب، والكراهة؛ لعدم مناسبتها لدفع الخصومات.