المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌النوع الثانيقال الرازي: (القول في التراجيح العائدة إلى ما يدل على أن ذات العلة موجودة - نفائس الأصول في شرح المحصول - جـ ٩

[القرافي]

فهرس الكتاب

- ‌سؤال"قال النقشواني:قوله: (التعليل بالحكمة أولى من التعليل بالإضافي

- ‌سؤال"قال النقشواني: التعليل بالعدم إنما يعلل به إذا اشتمل على حكمة

- ‌جوابه"أنا نعلل عدم المعلول بعدم العلة

- ‌النوع الثانيقال الرازي: (القول في التراجيح العائدة إلى ما يدل على أن ذات العلة موجودة

- ‌القول في التراجيح الحاصلة بسبب الطرق الدالةعلى علية الوصف في الأصل

- ‌مسألة: الدوران الحاصل في صورة واحدة - راجح على الحاصل في صورتين

- ‌(مسألة)الدوران الحاصل في صورة راجح على الحاصل في صورتين:

- ‌النوع الرابع(في الترجيح الحاصلة بسبب دليل الحكم في الأصل)

- ‌النوع الخامسالقول في التراجيح الحاصلة بسبب كيفية الحكم

- ‌(سؤال)قال النقشواني: في قوله هاهنا: لو قدرنا تقديم العلة المثبتة للحكم الشرعي لزم النسخ مرتين، يناقضه ما تقدم له في تعارض خبرين:

- ‌النوع السادسفي التراجيح الحاصلة بسبب مكان العلة

- ‌(سؤال)وقع له في هذا الباب ترجيح المتعدية على القاصرة، مع أن القاصرة لا قياس فيها، ولا تعدية

- ‌(فائدة)قال إمام الحرمين في (البرهان): في ذلك ثلاثة مذاهب:

- ‌(سؤال)قال النقشواني: ترجيحة العلة للأكثر فروعًا على الأقل - يقتضي ترجيح التعليل بالمشترك على الفاروق، وهو باطل

- ‌(جوابه)أن إضافة الحكم للفاروق تكون إضافة له، وللمشترك، فلم يلزم إلغاء أحد المناسبتين

- ‌(فائدة)قال سيف الدين: في ترجيح الأقيسة ترجيحات:

- ‌(فائدة)قال سيف الدين: من الترجيحات ترجيح الحدود، وذلك من وجوه:

- ‌(فائدة)قال إمام الحرمين في (البرهان): إذا عضد أحد القياسين قول صحابي، إن علمنا مذهب الصحابي حجة كان ذلك انضمام دليلٍ إلى دليل

- ‌الكلام في الاجتهاد

- ‌الركن الأول في الاجتهاد

- ‌الركن الثاني في المجتهد

- ‌قوله: (يجوز أن يكون في أحكام الرسول عليه السلام ما صدر عن اجتهاد):

- ‌(سؤال)قوله: (إنه عليه السلام قادر على الوحي):

- ‌(سؤال)قوله: (مخالف الرسول عليه السلام كافر):

- ‌(سؤال)لو قلنا: إن الله - تعالى - جعل لجبريل عليه السلام الاجتهاد، كما جعله للنبي عليه السلام لم يلزم منه مفسدة

- ‌(سؤال)قوله: (لو جاز عليه الخطأ، لكنا مأمورين بالخطأ):

- ‌(تنبيه)

- ‌(فائدة)قال سيف الدين: (يدل على اجتهاده عليه السلام قوله تعالى:} وشاورهم في الأمر

- ‌(مسألة)في الاجتهاد لغير رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(سؤال)هذا الكلام مشكل؛ فإنه حكى المنع من الوقوع مطلقًا، ثم قال: وأجازه قوم بشرط الإذن

- ‌(فائدة)قال سيف الدين: الأكثرون على جواز الاجتهاد لمن عاصره صلى الله عليه وسلم ومنعه الأقلون

- ‌(مسألة)في شرائط المجتهد

- ‌(تنبيه)قال التبريزي: يكفي من النحو واللغة الذي يحصل الفهم من مقاصد الكلام دون التغلغل في مشكلات سرائره

- ‌(فائدة)قال سيف الدين: وشرط المجتهد أن يكون عالمًا بوجود الله - تعالى - وما يجب له من الصفات

- ‌الركن الثالثالمجتهد فيه

- ‌الركن الرابعحكم الاجتهاد

- ‌(سؤال)الآيات الواردة في ذم الظن يرد عليها أن الاعتقاد الجازم، وإن لم يطابق، فصاحبه لا يجوز خلافه

- ‌(تنبيه)قال التبريزى على قوله: (إن الله - تعالى - نصب على هذه المطالب أدلة قطعية): إنه ضعيف

- ‌(فائدة)قال الغزالي في (المستصفى): مسائل أصول الفقه نحو كون الإجماع حجة

- ‌(مسألة)اختلفوا في تصويب المجتهدين

- ‌(تنبيه)مذهب القياسين والفقهاء أن الراجح مصالح

- ‌(فائدة)قال سيف الدين: (وافق بشر المريسي على التأثيم ابن علية، وأبو بكر الأصم، ونفاة القياس كالظاهرية، والإمامية

- ‌(مسألة)

- ‌(فائدة)قال بعض المشايخ: إن السيف الآمدي قال: (الدليل على أن المصيب واحد، أن بعض المجتهدين أداه اجتهاده إلى أنه ليس كل مجتهد مصيبًا

- ‌(فائدة)قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام رحمه الله: (معنى قوله عليه السلام: (إذا اجتهد الحاكم فأخطأ فله أجر، وإن أصاب فله أجران) - أن الخطأ محمول على الخطأ في الأسباب

- ‌(مسألة)في نقض الاجتهاد

- ‌(تنبيه)قال التبريزي: (يجب على المجتهد ترك موجب اجتهاده لأجل حكم الحاكم في الظاهر، وفيما يحل له في الباطن)

- ‌(تنبيه)وقع في (التنبيه) للشيخ أبي إسحاق ما يشير إلى إمكان النقض

- ‌(تنبيه)الفرق بين ما يحدث من الحكم بالنذر، وبين ما يحدث بحكم الحاكم

- ‌(فائدة)قال سيف الدين: (اتفقوا على أن حكم الحاكم لا يجوز نقضه في المسائل الاجتهادية، لمصلحة الحكم

- ‌الكلام في المفتي والمستفتي

- ‌القسم الأولفي المفتي، وفيه مسائل:

- ‌(فائدة)قال سيف الدين: التقليد هو العمل بقول الغير من غير حجةٍ ملزمة

- ‌(فائدة)قال سيف الدين: (يشترط في المفتى شروط الاجتهاد مع العدالة حتى يوثق به

- ‌(فائدة)قال سيف الدين: (اختلفوا في جواز الاستفتاء والتقليد في المسائل العلمية الأصولية في العقائد

- ‌(فائدة)قال سيف الدين: (إذا أفتى، ثم حدث مثل تلك الواقعة اختلفوا

- ‌(مسألة)(هل يجوز لغير المجتهد الفتوى بما يحكيه)

- ‌(سؤال)الموجب لاعتبار قول الميت، والاعتماد عليه صدوره عمن اتصف بأهلية الاجتهاد، وذلك لا يضاد طريان الغفلة

- ‌(سؤال)قال النقشواني: (علي رضي الله عنه مجتهد، ورواية المقداد له من باب روايات الأخبار للمجتهدين، وذلك ليس من باب الفتوى)

- ‌(تنبيه)قال التبريزى: قد يحتج في المجتهد

- ‌(فائدة)قال سيف الدين: (من ليس بمجتهد، هل يجوز له الفتوى بمذهب الجمهور كما في زماننا)

- ‌(فائدة)ينبغي أن يحذر مما وقع في زماننا من تساهل بعض الفقهاء بالفتوى من الكتب الغريبة التي ليس فيها رواية المفتى عن المجتهد بالسند الصحيح

- ‌القسم الثانيفي المستفتي

- ‌(تنبيه)قال التبريزى: (الشيعة هم الذين قالوا بحصر كل مدرك إلا الدليل السمعي القاطع

- ‌(فائدة)قال سيف الدين: (العامي، ومن ليس له أهلية الاجتهاد إذا كان محصلاً لبعض العلوم المعتبرة في الاجتهاد يلزمه اتباع قول المجتهد

- ‌القسم الثالثفيما فيه الاستفتاء

- ‌(فائدة)قال سيف الدين: (اتفقوا على جواز تقليد العامي لمن عرفه بالعلم، وأهلية الاجتهاد، وعلى امتناع اتباعه لمن عرفه بالضد، واختلفوا في جواز استفتاء من لم يعرفه بعلم، ولا جهالة)

- ‌(مسألة)الرجل الذي تنزل به الواقعة إما أن يكون عاميا صرفًا

- ‌(سؤال)على استدلالهم بقوله تعالى: {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم} [

- ‌(سؤال)على قوله: (الآيات دالة على الوجوب)

- ‌(تنبيه)زاد التبريزى: فقال: (المجتهد لو جوز أن يكون عند غيره نص يل على حكم الواقعة، وجب عليه طلبه، ولم يجز له الاجتهاد

- ‌(مسألة)(لا يجوز التقليد في أصول الدين)

- ‌(تنبيه)قال التبريزى: استدلال المصنف باطل من وجهين:

- ‌(مسألة)قال سيف الدين: إذا اتبع العامي مجتهدًا في حكم صلاته، وعمل بقوله، اتفقوا على أن ليس له الرجوع عنه في ذلك الحكم

- ‌(فائدة)كان الشيخ عز الدين يقول: (حيث قلنا بجواز التقليد، والانتقال في المذاهب؛ فإنما نقول به فيما لا ينقض فيه قضاء القاضي

- ‌(فائدة)إذا لم نجعله شرعًا، وكان في المسألة قولان: هل يصير القول الأخير مجمعًا عليه

- ‌‌‌(فائدة)قال بعض العلماء: (لا يجوز اتباع رخص المذاهب، بل يجوز الانتقال إلى مذهب بكماله)

- ‌(فائدة)

- ‌(مسألة)قال إمام الحرمين في (البرهان): (أجمع المحققون على أن العوام ليس لهم أن يتعلقوا بمذهب أعيان الصحابة رضي الله عنهم -بل عليهم أن يتبعوا مذاهب الأئمة

- ‌(مسألة)قال سيف الدين: (اختلفوا هل يجوز خلو عصر من الأعصار عن مجتهد يمكن تفويض الفتاوى إليه

- ‌(مسألة)قال الشيخ أبو إسحاق في (اللمع): من اجتمعت فيه شرائط الفتوى؛ فإن كان في الإقليم غيره، لم يتعين عليه الفتيا، والتعليم؛ بل هو فرض كفاية

- ‌(مسألة)قال الشيخ: أبو إسحاق في (اللمع): (لا يجوز للمستفتى أن يستفتى كل من يتزيا بزى أهل العلم

- ‌(مسألة)قال أبو الخطاب الحنبلي في (التمهيد): (لله -تعالى -على الأحكام أدلة من الكتاب، أو السنة، أو القياس، خلاف لمن قال: لا دليل على الحكم سوى ظن المجتهد

- ‌(مسألة)قال أبو الخطاب الحنبلي في (التمهيد): (إذا أفتاه، ولم يعمل بفتواه حتى مات المفتى، فهل يجوز له العمل بما أفتاه

- ‌(مسألة)قال العالمي الحنفي في كتابه: إذا اعتدل القولان عن المفتى اختلفوا فيه:

- ‌(مسألة)قال ابن برهان في كتاب (الأوسط): (إذا استفتى العامي في حادثة، ثم حدثت تلك الحادثة مرة أخرى، هل يجوز له الاكتفاء بتلك الفتوى

- ‌(مسألة)قال ابن برهان في كتاب (الأوسط): (لا يجوز تقليد المجتهد الميت، مع وجود المجتهد الحى؛ لأن الحى أولى)

- ‌(مسألة)قال ابن برهان: (من كان مقلدًا لصاحب مذهب، وقد أحاط بنصوص ذلك المذهب، وكان مجتهدًا بالقياس، كان مجتهدًا في ذلك المذهب

- ‌(مسألة)قال ابن برهان في كتاب (الأوسط): لا شك أن أهل العترة من أهل الاجتهاد

- ‌الكلام فيما اختلف فيه المجتهدون من أدلة الشرع

- ‌المسألة الأولى: في حكم الأفعال:

- ‌(سؤال)على استدلاله بالآية

- ‌(سؤال)على قوله: (تلك الحكمة إما عود النفع إليه، أو إلينا):

- ‌(تنبيه)قياسه -في هذه المسألة -في قوله: (انتفاع لا ضرر فيه على المالك قطعًا، ولا على المنتفع ظاهرًا، فيباح، كالاستصباح بسراج الغير):

- ‌(سؤال)على الاستدلال بالحديث:

- ‌(تنبيه)قال التبريزى: (النفع هو الزيادة من الوجه الموافق للمصلحة

- ‌المسألة الثانيةفي استصحاب الحال

- ‌(سؤال)

- ‌(تنبيه)قال التبريزى: (الاستصحاب ينقسم إلى:

- ‌(فائدة)قال سيف الدين: (في الاستصحاب مذهب ثالث، وهو الترجيح به دون كونه دليلاً)

- ‌(فرع)قال في (المحصول): (النافي لا دليل عليه):

- ‌المسألة الثالثةفي الاستحسان

- ‌ القرافي: قال النقشواني: أما ترتيبه كما ذكره أبو الحسين، ففيه نظر

- ‌(تنبيه)قال التبريزي: الكلام في صحة الاستحسان وفساده ينبني على فهم حقيقته

- ‌المسألة الرابعةقال الرازي: الحق أن قول الصحابي ليس بحجة، وقال قوم: إنه حجة مطلقًا

- ‌ القرافي: قوله: (أمر الله -تعالى -بالاعتبار، وذلك ينافى التقليد):

- ‌(فائدة)قال سيف الدين: (اتفقوا على أن مذهب الصحابي -في مسائل الاجتهاد -لا يكون حجة على غيره من الصحابة المجتهدين

- ‌(فائدة)قال الشيخ موفق الدين الحنبلي في كتاب (الروضة): (إذا اختلف الصحابة على قولين، لم يجز للمجتهد الأخذ بقول بعضهم من غير دليل

- ‌المسألة الخامسةقال الرازي: اختلفوا في أنه، هل يجوز أن يقول الله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم أو للعالم: (احكم، فإنك لا تحكم إلا بالصواب

- ‌(فائدة)قال أبو يعلى الحنبلي في (العمدة): هذه المسألة مبنية على أنه عليه السلام هل له أن يجتهد أم لا

- ‌المسألة السادسةمذهب الشافعي رضي الله عنه: أنه يجوز الاعتماد في إثبات الأحكام على الأخذ بأقل ما قيل

- ‌(فائدة)قال القاضي عبد الوهاب المالكي في (الملخص): (صورة هذه المسألة أن يجني رجل على سلعة، فيختلف المقومون في تقويمها

- ‌المسألة السابعةقال الرازي: قال قوم: يجب على المكلف الأخذ بأخف القولين؛ للنص والمعقول:

- ‌المسألة الثامنةالاستقراء المظنون: هو إثبات الحكم في كلى؛ لثبوته في بعض جزئياته

- ‌(سؤال)الاستدلال على عدم وجوب الوتر بكونه صلى الله عليه وسلم كان يؤديه على الراحلة مشكل

- ‌المسألة التاسعةفي المصالح المرسلة

- ‌(سؤال)قال بعض علماء العصر: إذا قلتم بالمصلحة المرسلة، فكيف تصنعون في العمومات، والأدلة

- ‌(سؤال)ما الفرق بين المصلحة المرسلة، والاستحسان

- ‌المسألة العاشرةالاستدلال بعدم ما يدل على الحكم؛ على عدم الحكم - طريقة عول عليها بعض الفقهاء

- ‌المسألة الحادية عشرةفي تقرير وجوهٍ من الأدلة التي يمكنالتمسك بها في المسائل الفقهية

- ‌ القرافي: قوفه: (المحكوم عليه كان معدومًا في الأزل، فلا يكون الحكم ثابتًا في الأزل؛ لأن ثبوت الحكم صفة الله - تعالى - وكلامه النفسي القديم

- ‌(تنبيه)قال التبريزي: (الحكم الشرعي لابد له من دليل شرعي، وهو قول الشارع

الفصل: ‌النوع الثانيقال الرازي: (القول في التراجيح العائدة إلى ما يدل على أن ذات العلة موجودة

‌النوع الثاني

قال الرازي: (القول في التراجيح العائدة إلى ما يدل على أن ذات العلة موجودة

":

اعلم أن العلم بوجود تلك الذوات: إما أن يكون بديهيا، أو حسيا، أو استدلاليا، والاستدلال: إما أن يفيد العلم، أو الظن، وعلى التقديرين: فذلك الدليل: إما أن يكون عقليًا محضًا، أو نقليا محضًا، أو مركبًا منهما: فلنتكلم في هذه الأقسام: فنقول: أما إذا كان الطريق مفيدًا لليقين، سواء كان بديهيًا، أو حسيًا، أو استدلاليا يقينيا، وسواء كان عقليا محضا، أو نقليا محضًا، أو مركبًا منهما، وسواء كثرت المقدمات، أو قلت، فإنه لا يقبل الترجيح، وكلام أبي الحسين يدل على أنه يقبل - أما أن القطعيات لا تقبل الترجيح: فلما تقدم.

فإن قلت: الضروري أولى من النظري؛ لأن الضروري لا يقبل الشك والشبهة، والنظري يقبل ذلك.

قلت: النظري واجب الحصول عند حصول جميع مقدماته المنتجة له، كما أن البديهي واجب الحصول عند حصول تصور طرفيه، وكما أن النظري يزول عند زوال أحد الأمور التي لابد منها في حصول جميع مقدماته المنتجة له - فكذلك الضروري يزول عند زوال أحد التصورات التي لابد منها؛ فإذن: لا فرق في وجود الجزم عند حضور موجباته في البابين، بل الفرق هو أن النظري يتوقف على أمور أكثر مما يتوقف عليه الضروري؛ فلا جرم كان زوال النظري أكثر من زوال الضروري، فأما وجوب الوجود، وامتناع العدم عند حصول كل

ص: 3750

ما لابد منه: فلا فرق بين الضروري والنظري فيه ألبتة؛ أما إذا كان الطريق الدال على وجود العلة ظنيا: فقد قيل: كلما كانت المقدمات المنتجة لذلك الظن أقل، كان القياس أقوى؛ لأن المقدمات، متى كانت أقل، كان احتمال الخطأ أقل، ومتى كان احتمال الخطأ أقل، كان ظن الصواب أقوى.

واعلم أن هذا الكلام على عمومه ليس بحق؛ لأن الظن يقبل التفاوت في القوة والضعف، فإذا فرضنا دليلاً كانت مقدماته قليلة، إلا أن كل واحدة منها كانت مظنونة ظنًا ضعيفًا، ودليلاً آخر ظنيًا معارضًا للأول مقدماته كثيرة إلا أن كل واحدة منها، كانت مظنونة ظنا قويا، فالقوة الحاصلة في أحد الجانبين بسبب قلة الكمية قد تصير معارضة من الجانب الآخر؛ بسبب قوة الكيفية، وقد تكون قوة الكيفية في أحد الجانبين، أزيد من قلة الكمية في الجانب الآخر؛ حتى إن الدليل الظني الذي يكون مركبًا من مائة مقدمةٍ قد يفيد ظنًا أقوى من الظن الحاصل من الدليل المركب من مقدمتين؛ فإذن لابد من اعتبار هذا التفصيل الذي ذكرناه.

إذا عرفت هذا، فنقول: الدليل الظني الذي يدل على وجود العلة: إما أن يكون نصًا، أو إجماعًا، أو قياسًا:

أما القياس: فالكلام فيه كما في الأول، ولا يتسلسل، بل ينتهي إلى النص، أو الإجماع.

أما النص: فطرق الترجيح فيه ما تقدم في القسم الثالث من هذا الكتاب.

وأما الإجماع: فإن كانا قطعيين، لم يقبل الترجيح، وإن كان أحدهما قطعيًا، والآخر ظنيًا، لم يقبل الترجيح؛ لأن الإجماع المعلوم مقدم على المظنون، أما إذا كانا مظنونين، فهذا يقع على وجهين.

ص: 3751

أحدهما: الإجماعان المختلف فيهما عند المجتهدين كالإجماع الذي يحدث عن قول البعض، وسكوت الباقين.

وثانيهما: الإجماع المنقول بطريق الآحاد، فهذان القسمان في محل الترجيح.

وأما الذي يقال: إن أحدهما متفق عليه، والآخر مختلف فيه: فإن أريد به عدم الاختلاف في أحدهما، ووقوعه في الآخر، فذلك ليس من باب الترجيح؛ لأن تقدم المعلوم على المظنون قطعي، وإن عنى به قلة الاختلاف في أحدهما، وكثرته في الآخر، فلا نسلم أن هذا القدر يوجب الترجيح.

ولنختم هذا الفصل بشيء، وهو: أنه إذا تعارض قياسان، وكان وجود الأمر الذي جعل علة لحكم الأصل في أحد القياسين معلومًا، وفي الآخر مظنونًا - كان الأول راجحًا؛ لما بينا: أن القياس الذي بعض مقدماته معلوم - راجح على ما كان كل مقدماته مظنونًا.

"القول في الترجيح بدليل العلة"

قال القرافي: قوله: (العلم بوجود العلة قد يكون بديهيا، أو حسيا، أو استدلاليا بعقل محض، أو نقل محض، أو مركب منهما":

تقريره: أن البديهي كالعلم بكون سم الأفاعي علة الضرر للحيوان في العادة والحس، كإزالة العنق؛ فإنه يعلم وجوده بالحس، وهو علة الموت والعقل الصرف، نحو: كون العلم علة العالمية.

وكذلك كل معنى مع حكمه في محلة من الأعراض وغيرها، والنقل كقوله تعالى:} كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم {.

والمركب منهما كما إذا دل السمع على أن القلتين في الماء يدفعان الخبث، ودل العقل بالحرز أن هذا الماء قلتان فأكثر.

ص: 3752

وكذلك الحدود علل الزجر بالسمع، ومقاديرها يغلب حصولها بالعقل؛ فإن مراتب الأعداد لا تحس، بل تعقل.

قوله: (الظن يقبل التفاوت في القوة والضعف".

قلنا: هذا مقام مشكل؛ فإن القواعد تقتضي أن العرض لا يقوم بالعرض، وقوة الشيء وضعفه صفة له، ونحن نجد الظن [يتزايد] حتى يقارب العلم، وكذلك الرجاء، والخوف، واللذة، والجوع، والعطش، والشجاعة، والبخل كلها تقبل الزيادة والنقص.

فهل ذلك بسبب أن هذه المعاني تقبل القوة، ويوصف بها دون غيرها؟ كما أن العلوم الحسية أجلى من العقلية لذاتها، أو قوة هذه الأمور ترجع إلى كثرة أفرادها في جوهر النفس، فيزيد الظن عبارة عن قيام فرد آخر بجوهر آخر.

وكذلك بقية المعاني حتى يصل إلى حد يجب الانتقال منه إلى العلم، فيقوم فرد من أفراد العلم بجوهر واحد.

وتقدم تلك الأفراد من الظنون حينئذ، وهذا في خبر التواتر وغيره، وهذا هو الذي أجده قريبًا للعقل والقواعد، ولكنه لا يتم على القول بأن النفس ذات [جوهر]، وهو قول الأستاذ أبي إسحاق الإسفراييني، وغيره يخالفه في ذلك، فيعسر عليهم الجواب.

قوله: (الأقل مقدمات أرجح":

قلنا: اشترط المحققون أن الأقل إنما يرجح على الأكثر إذا كان بعض الأكثر حتى يكون ثم مقدمات مشتركة، ويختص أحد الجانبين بمزيد أما القليل الأجنبي، فقد يكون الكثير أرجح منه.

فإن من وجد ألف دينار في جدارٍ يكتفي بمقدمة واحدة، وهي أخذ تلك الألف بيده من الجدار.

ص: 3753

وتحصيلها بالزراعة، أو بالمتجر يحتاج إلى مقدمات كثيرة جدا، ومع ذلك فإنا نجد المحصلين لذلك بالمتجر كثيرًا، ولم نر أحدًا حصله بتلك المقدمة الواحدة.

فكون الوجدان في الجدار بعض مقدمات المتجر كان المتجر أعسر، ومرجوحًا قطعًا.

قوله: (إن أريد بالاتفاق والاختلاف وقوع الاختلاف في أحدهما دون الآخر، فليس من باب الترجيح؛ لأن تقديم المعلوم على المظنون قطعي، وإن أريد أن قلة الخلاف أرجح من كثرته، فلا نسلم أن ذلك يوجب الترجيح":

قلنا: إن أردت بتقديم المعلوم تقديمه لكونه أرجح، فتقديم الراجح على المرجوح مطلقًا معلوم بالإجماع، ومن ضروريات الدين، وإن أردت أن المظنون يصير باطلاً، ويتعين المعلوم، والترجيح على الباطل لا يتأتي فصحيح، لكن لا نسلم تعين هذا القسم؛ لأن المعلوم يقبل النسخ.

فلعلة نسخ بغير هذا المطنون، وبقي هذا المطنون سالمًا عن المعارض، لكن الأصل عدم النسخ.

ولما كانت هذه المقدمة ظنية، فصار في المعلوم مقدمة ظنية تقبل الترجيح.

وقولكم: قلة الخلاف لا توجب الترجيح - ممنوع، بل كثرة الخلاف توجب كثرة تطرق الخطأ باعتبار كل قول على حياله.

وقلة الخطأ توجب الرجحان

********************

ص: 3754