الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما وجه تقديم الأدين؛ فلأن الدين يحث على استيعاب النظر، فيأمن من الخطأ.
(فائدة)
قال سيف الدين: (اتفقوا على جواز تقليد العامي لمن عرفه بالعلم، وأهلية الاجتهاد، وعلى امتناع اتباعه لمن عرفه بالضد، واختلفوا في جواز استفتاء من لم يعرفه بعلم، ولا جهالة)
.
قال: والحق امتناعه.
وكذلك حكي هذا الخلاف الغزالي في (المستصفى)، وأختار ما اختاره سيف الدين.
(مسألة)
الرجل الذي تنزل به الواقعة إما أن يكون عاميا صرفًا
.
قوله: (إن كان عاميًا صرفًا حل له الاستفتاء):
قلنا: هذا يتخرج على الخلاف المتقدم مع القدرية والجبائى.
قوله: (يجوز تقليد غير الصحابة لهم):
تقريره: قوله عليه السلام: (أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم).
فجعلهم هداة لغيرهم، ولم يجعل غيرهم كذلك.
قوله: (يجوز له التقليد فيما يخصه):
تقريره: أنه ضرورة بخلاف ما لا يتعلق به.
قوله: (لنا: قوله تعالى: {فاعتبروا} [الحشر: 2]:
قلنا: قد تقدم الكلام على هذه الآية في القياس.
قوله: (يحرم عليه التقليد كما في أصول الدين).
قلنا: الفرق أن أصول الدين إذا أخطأ فيه، اعتقد ما لا يجوز على الله -تعالى -وإذا أخطأ في الفروع، اعتقد ما هو جائز على الله -تعالى -وهذا فرق عظيم.
وأيضًا فإن أصول الين منحصرة، أمكنة تحصلها من أول عمره، أمنا الفروع فغير معلومة، ولا منضبطة، ولا متناهية، وفيها عسر، وهذا فرق آخر.
قوله: (المطلوب في الفروع الظن، وهو حاصل بالتقليد):
قلنا: ق تقم كلام الغزالي في أن اتباع المجتهدين ليس من باب التقليد، وأن التقليد هو أخذ القول بغير حجة، وأن أخذ قول المفتى بحجة هو الإجماع.
وكذلك تقم النقل فيه عن سيف الدين.
قوله: (يتنقص بقضاء القاضي؛ فإنه لا يجوز له خلافه، وإن كان متمكنًا من معرفة الحكم، فإنه لا معنى للتقليد، إلا وجوب العمل عليه غير حجة):
قلنا: لا نسلم أنه متمكن من معرفة الحكم؛ فإنه قد يحصر عليه المدارك في البينة.
سلمنا: أنه متمكن، لكن لا نسلم أنه مقلد؛ لأن الإجماع قام على وجوبه للعدول، فهو ليس تقليدًا كما تقدم نقله عن سيف الدين أول هذا الباب.
ثم قولكم: (لا معنى للتقليد إلا وجوب العمل من غير حجة):
قلنا: التقليد غير وجوب العمل، بل التقليد هو أخذ القول عن قائله بغير
حجة ملزمة، وقد يجب العمل به، وقد لا يجب، بل قد يحرم كما في تقليد الكفار لأحبارهم.
وكذلك: الجواب عن قوله: (إن من دنا من رسول صلى الله عليه وسلم -يجوز أن يسأل من غير الرسول صلى الله عليه وسلم).
قوله: (حديث المقداد مع على رضي الله عنه -في أمر المذى الذي تقدم يقتضى جوازه):
ويمكن أن يقال: تلك حالة ضرورة من وجوه:
أحدها: أن سؤال علي رضي الله عنه مع أن ابنته عليه السلام -تحته مؤذ له عليه السلام -وسوء أدب، بل معصية كبيرة.
وثانيهما: أن فيه ضررًا كبيرًا على علي رضي الله عنه من جهة فرط الحياء من ذلك، لاسيما مع سيد الأولين والآخرين.
وثالثهما: احترام فاطمة عليها السلام -فإن سؤال الرجال عن المذى وكثرته، يدل على فرط المجامعة، والحاجة لذلك، وذوو الأقدار ينفرون من الحديث في هذا، ويتأذون به.
وقد قال عليه السلام: (إن فاطمة بضعة منى يؤذيني ما يؤذيها)، فيعود ذلك إلى القسم الأول.
قوله: (في حجج الخصم: قوله تعالى: {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} [النحل: 43]:
قلنا: هذا وإن سلمنا أنه عام في الأشخاص، فهو يطلق في الأحوال، فيحمل على حالة عم الاجتهاد، وعدم أهليته، وكذلك: قوله تعالى: {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم} [النساء: 59].
وكذلك: الجواب عن قوله تعالى: {فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة} [التوبة: 122].
قال: (فإن قلت: إن عليا خالف فيه):
تقريره: أن عليا رضي الله عنه -كان من أهل الشورى الذين عينهم عمر رضي الله عنه.
ويروى أن عبد الرحمن بن عوف بدأ به في البيعة قبل عثمان، فقال له:(أبايعك على كتاب الله -تعالى -وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم -وسيرة الشيخين).
فقال: لا كراهية فيه؛ لظاهر اللفظ؛ لأنه يشعر أنه يلزمه ألا يجتهد، وأن يكون تابعًا لهما فيما اجتهد فيه مع أهلية الاجتهاد، وذلك لا يجوز. فتركه عبد الرحمن بن عوف، وبعث إلى عثمان، فقال له تلك المقالة، فقلبها؛ لأنه فهم من السيرة اتباع العدل، والإنصاف، والحجة البيضاء، وعدم اتباع الهوى، وهذا هو واجب عليه فيما اشترط عليه، إلا ما يجب عليه فعله، قبل ذلك القول، ولكل وجه حسن رضي الله عنهم أجمعين:
قوله: (يجب العمل بالظن، دفعًا للضر المظنون).
قلنا: قد تقدم الجواب عن هذا مرارًا، وأن الشرع لم يعتبر من الظنون إلا مراتب خاصة، فلم قلتم: إن هذا منها؟.
قوله: (الآية تقتضى وجوب السؤال، وهو غير واجب بالاتفاق):