المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌قوله: (يجوز أن يكون في أحكام الرسول عليه السلام ما صدر عن اجتهاد): - نفائس الأصول في شرح المحصول - جـ ٩

[القرافي]

فهرس الكتاب

- ‌سؤال"قال النقشواني:قوله: (التعليل بالحكمة أولى من التعليل بالإضافي

- ‌سؤال"قال النقشواني: التعليل بالعدم إنما يعلل به إذا اشتمل على حكمة

- ‌جوابه"أنا نعلل عدم المعلول بعدم العلة

- ‌النوع الثانيقال الرازي: (القول في التراجيح العائدة إلى ما يدل على أن ذات العلة موجودة

- ‌القول في التراجيح الحاصلة بسبب الطرق الدالةعلى علية الوصف في الأصل

- ‌مسألة: الدوران الحاصل في صورة واحدة - راجح على الحاصل في صورتين

- ‌(مسألة)الدوران الحاصل في صورة راجح على الحاصل في صورتين:

- ‌النوع الرابع(في الترجيح الحاصلة بسبب دليل الحكم في الأصل)

- ‌النوع الخامسالقول في التراجيح الحاصلة بسبب كيفية الحكم

- ‌(سؤال)قال النقشواني: في قوله هاهنا: لو قدرنا تقديم العلة المثبتة للحكم الشرعي لزم النسخ مرتين، يناقضه ما تقدم له في تعارض خبرين:

- ‌النوع السادسفي التراجيح الحاصلة بسبب مكان العلة

- ‌(سؤال)وقع له في هذا الباب ترجيح المتعدية على القاصرة، مع أن القاصرة لا قياس فيها، ولا تعدية

- ‌(فائدة)قال إمام الحرمين في (البرهان): في ذلك ثلاثة مذاهب:

- ‌(سؤال)قال النقشواني: ترجيحة العلة للأكثر فروعًا على الأقل - يقتضي ترجيح التعليل بالمشترك على الفاروق، وهو باطل

- ‌(جوابه)أن إضافة الحكم للفاروق تكون إضافة له، وللمشترك، فلم يلزم إلغاء أحد المناسبتين

- ‌(فائدة)قال سيف الدين: في ترجيح الأقيسة ترجيحات:

- ‌(فائدة)قال سيف الدين: من الترجيحات ترجيح الحدود، وذلك من وجوه:

- ‌(فائدة)قال إمام الحرمين في (البرهان): إذا عضد أحد القياسين قول صحابي، إن علمنا مذهب الصحابي حجة كان ذلك انضمام دليلٍ إلى دليل

- ‌الكلام في الاجتهاد

- ‌الركن الأول في الاجتهاد

- ‌الركن الثاني في المجتهد

- ‌قوله: (يجوز أن يكون في أحكام الرسول عليه السلام ما صدر عن اجتهاد):

- ‌(سؤال)قوله: (إنه عليه السلام قادر على الوحي):

- ‌(سؤال)قوله: (مخالف الرسول عليه السلام كافر):

- ‌(سؤال)لو قلنا: إن الله - تعالى - جعل لجبريل عليه السلام الاجتهاد، كما جعله للنبي عليه السلام لم يلزم منه مفسدة

- ‌(سؤال)قوله: (لو جاز عليه الخطأ، لكنا مأمورين بالخطأ):

- ‌(تنبيه)

- ‌(فائدة)قال سيف الدين: (يدل على اجتهاده عليه السلام قوله تعالى:} وشاورهم في الأمر

- ‌(مسألة)في الاجتهاد لغير رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(سؤال)هذا الكلام مشكل؛ فإنه حكى المنع من الوقوع مطلقًا، ثم قال: وأجازه قوم بشرط الإذن

- ‌(فائدة)قال سيف الدين: الأكثرون على جواز الاجتهاد لمن عاصره صلى الله عليه وسلم ومنعه الأقلون

- ‌(مسألة)في شرائط المجتهد

- ‌(تنبيه)قال التبريزي: يكفي من النحو واللغة الذي يحصل الفهم من مقاصد الكلام دون التغلغل في مشكلات سرائره

- ‌(فائدة)قال سيف الدين: وشرط المجتهد أن يكون عالمًا بوجود الله - تعالى - وما يجب له من الصفات

- ‌الركن الثالثالمجتهد فيه

- ‌الركن الرابعحكم الاجتهاد

- ‌(سؤال)الآيات الواردة في ذم الظن يرد عليها أن الاعتقاد الجازم، وإن لم يطابق، فصاحبه لا يجوز خلافه

- ‌(تنبيه)قال التبريزى على قوله: (إن الله - تعالى - نصب على هذه المطالب أدلة قطعية): إنه ضعيف

- ‌(فائدة)قال الغزالي في (المستصفى): مسائل أصول الفقه نحو كون الإجماع حجة

- ‌(مسألة)اختلفوا في تصويب المجتهدين

- ‌(تنبيه)مذهب القياسين والفقهاء أن الراجح مصالح

- ‌(فائدة)قال سيف الدين: (وافق بشر المريسي على التأثيم ابن علية، وأبو بكر الأصم، ونفاة القياس كالظاهرية، والإمامية

- ‌(مسألة)

- ‌(فائدة)قال بعض المشايخ: إن السيف الآمدي قال: (الدليل على أن المصيب واحد، أن بعض المجتهدين أداه اجتهاده إلى أنه ليس كل مجتهد مصيبًا

- ‌(فائدة)قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام رحمه الله: (معنى قوله عليه السلام: (إذا اجتهد الحاكم فأخطأ فله أجر، وإن أصاب فله أجران) - أن الخطأ محمول على الخطأ في الأسباب

- ‌(مسألة)في نقض الاجتهاد

- ‌(تنبيه)قال التبريزي: (يجب على المجتهد ترك موجب اجتهاده لأجل حكم الحاكم في الظاهر، وفيما يحل له في الباطن)

- ‌(تنبيه)وقع في (التنبيه) للشيخ أبي إسحاق ما يشير إلى إمكان النقض

- ‌(تنبيه)الفرق بين ما يحدث من الحكم بالنذر، وبين ما يحدث بحكم الحاكم

- ‌(فائدة)قال سيف الدين: (اتفقوا على أن حكم الحاكم لا يجوز نقضه في المسائل الاجتهادية، لمصلحة الحكم

- ‌الكلام في المفتي والمستفتي

- ‌القسم الأولفي المفتي، وفيه مسائل:

- ‌(فائدة)قال سيف الدين: التقليد هو العمل بقول الغير من غير حجةٍ ملزمة

- ‌(فائدة)قال سيف الدين: (يشترط في المفتى شروط الاجتهاد مع العدالة حتى يوثق به

- ‌(فائدة)قال سيف الدين: (اختلفوا في جواز الاستفتاء والتقليد في المسائل العلمية الأصولية في العقائد

- ‌(فائدة)قال سيف الدين: (إذا أفتى، ثم حدث مثل تلك الواقعة اختلفوا

- ‌(مسألة)(هل يجوز لغير المجتهد الفتوى بما يحكيه)

- ‌(سؤال)الموجب لاعتبار قول الميت، والاعتماد عليه صدوره عمن اتصف بأهلية الاجتهاد، وذلك لا يضاد طريان الغفلة

- ‌(سؤال)قال النقشواني: (علي رضي الله عنه مجتهد، ورواية المقداد له من باب روايات الأخبار للمجتهدين، وذلك ليس من باب الفتوى)

- ‌(تنبيه)قال التبريزى: قد يحتج في المجتهد

- ‌(فائدة)قال سيف الدين: (من ليس بمجتهد، هل يجوز له الفتوى بمذهب الجمهور كما في زماننا)

- ‌(فائدة)ينبغي أن يحذر مما وقع في زماننا من تساهل بعض الفقهاء بالفتوى من الكتب الغريبة التي ليس فيها رواية المفتى عن المجتهد بالسند الصحيح

- ‌القسم الثانيفي المستفتي

- ‌(تنبيه)قال التبريزى: (الشيعة هم الذين قالوا بحصر كل مدرك إلا الدليل السمعي القاطع

- ‌(فائدة)قال سيف الدين: (العامي، ومن ليس له أهلية الاجتهاد إذا كان محصلاً لبعض العلوم المعتبرة في الاجتهاد يلزمه اتباع قول المجتهد

- ‌القسم الثالثفيما فيه الاستفتاء

- ‌(فائدة)قال سيف الدين: (اتفقوا على جواز تقليد العامي لمن عرفه بالعلم، وأهلية الاجتهاد، وعلى امتناع اتباعه لمن عرفه بالضد، واختلفوا في جواز استفتاء من لم يعرفه بعلم، ولا جهالة)

- ‌(مسألة)الرجل الذي تنزل به الواقعة إما أن يكون عاميا صرفًا

- ‌(سؤال)على استدلالهم بقوله تعالى: {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم} [

- ‌(سؤال)على قوله: (الآيات دالة على الوجوب)

- ‌(تنبيه)زاد التبريزى: فقال: (المجتهد لو جوز أن يكون عند غيره نص يل على حكم الواقعة، وجب عليه طلبه، ولم يجز له الاجتهاد

- ‌(مسألة)(لا يجوز التقليد في أصول الدين)

- ‌(تنبيه)قال التبريزى: استدلال المصنف باطل من وجهين:

- ‌(مسألة)قال سيف الدين: إذا اتبع العامي مجتهدًا في حكم صلاته، وعمل بقوله، اتفقوا على أن ليس له الرجوع عنه في ذلك الحكم

- ‌(فائدة)كان الشيخ عز الدين يقول: (حيث قلنا بجواز التقليد، والانتقال في المذاهب؛ فإنما نقول به فيما لا ينقض فيه قضاء القاضي

- ‌(فائدة)إذا لم نجعله شرعًا، وكان في المسألة قولان: هل يصير القول الأخير مجمعًا عليه

- ‌‌‌(فائدة)قال بعض العلماء: (لا يجوز اتباع رخص المذاهب، بل يجوز الانتقال إلى مذهب بكماله)

- ‌(فائدة)

- ‌(مسألة)قال إمام الحرمين في (البرهان): (أجمع المحققون على أن العوام ليس لهم أن يتعلقوا بمذهب أعيان الصحابة رضي الله عنهم -بل عليهم أن يتبعوا مذاهب الأئمة

- ‌(مسألة)قال سيف الدين: (اختلفوا هل يجوز خلو عصر من الأعصار عن مجتهد يمكن تفويض الفتاوى إليه

- ‌(مسألة)قال الشيخ أبو إسحاق في (اللمع): من اجتمعت فيه شرائط الفتوى؛ فإن كان في الإقليم غيره، لم يتعين عليه الفتيا، والتعليم؛ بل هو فرض كفاية

- ‌(مسألة)قال الشيخ: أبو إسحاق في (اللمع): (لا يجوز للمستفتى أن يستفتى كل من يتزيا بزى أهل العلم

- ‌(مسألة)قال أبو الخطاب الحنبلي في (التمهيد): (لله -تعالى -على الأحكام أدلة من الكتاب، أو السنة، أو القياس، خلاف لمن قال: لا دليل على الحكم سوى ظن المجتهد

- ‌(مسألة)قال أبو الخطاب الحنبلي في (التمهيد): (إذا أفتاه، ولم يعمل بفتواه حتى مات المفتى، فهل يجوز له العمل بما أفتاه

- ‌(مسألة)قال العالمي الحنفي في كتابه: إذا اعتدل القولان عن المفتى اختلفوا فيه:

- ‌(مسألة)قال ابن برهان في كتاب (الأوسط): (إذا استفتى العامي في حادثة، ثم حدثت تلك الحادثة مرة أخرى، هل يجوز له الاكتفاء بتلك الفتوى

- ‌(مسألة)قال ابن برهان في كتاب (الأوسط): (لا يجوز تقليد المجتهد الميت، مع وجود المجتهد الحى؛ لأن الحى أولى)

- ‌(مسألة)قال ابن برهان: (من كان مقلدًا لصاحب مذهب، وقد أحاط بنصوص ذلك المذهب، وكان مجتهدًا بالقياس، كان مجتهدًا في ذلك المذهب

- ‌(مسألة)قال ابن برهان في كتاب (الأوسط): لا شك أن أهل العترة من أهل الاجتهاد

- ‌الكلام فيما اختلف فيه المجتهدون من أدلة الشرع

- ‌المسألة الأولى: في حكم الأفعال:

- ‌(سؤال)على استدلاله بالآية

- ‌(سؤال)على قوله: (تلك الحكمة إما عود النفع إليه، أو إلينا):

- ‌(تنبيه)قياسه -في هذه المسألة -في قوله: (انتفاع لا ضرر فيه على المالك قطعًا، ولا على المنتفع ظاهرًا، فيباح، كالاستصباح بسراج الغير):

- ‌(سؤال)على الاستدلال بالحديث:

- ‌(تنبيه)قال التبريزى: (النفع هو الزيادة من الوجه الموافق للمصلحة

- ‌المسألة الثانيةفي استصحاب الحال

- ‌(سؤال)

- ‌(تنبيه)قال التبريزى: (الاستصحاب ينقسم إلى:

- ‌(فائدة)قال سيف الدين: (في الاستصحاب مذهب ثالث، وهو الترجيح به دون كونه دليلاً)

- ‌(فرع)قال في (المحصول): (النافي لا دليل عليه):

- ‌المسألة الثالثةفي الاستحسان

- ‌ القرافي: قال النقشواني: أما ترتيبه كما ذكره أبو الحسين، ففيه نظر

- ‌(تنبيه)قال التبريزي: الكلام في صحة الاستحسان وفساده ينبني على فهم حقيقته

- ‌المسألة الرابعةقال الرازي: الحق أن قول الصحابي ليس بحجة، وقال قوم: إنه حجة مطلقًا

- ‌ القرافي: قوله: (أمر الله -تعالى -بالاعتبار، وذلك ينافى التقليد):

- ‌(فائدة)قال سيف الدين: (اتفقوا على أن مذهب الصحابي -في مسائل الاجتهاد -لا يكون حجة على غيره من الصحابة المجتهدين

- ‌(فائدة)قال الشيخ موفق الدين الحنبلي في كتاب (الروضة): (إذا اختلف الصحابة على قولين، لم يجز للمجتهد الأخذ بقول بعضهم من غير دليل

- ‌المسألة الخامسةقال الرازي: اختلفوا في أنه، هل يجوز أن يقول الله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم أو للعالم: (احكم، فإنك لا تحكم إلا بالصواب

- ‌(فائدة)قال أبو يعلى الحنبلي في (العمدة): هذه المسألة مبنية على أنه عليه السلام هل له أن يجتهد أم لا

- ‌المسألة السادسةمذهب الشافعي رضي الله عنه: أنه يجوز الاعتماد في إثبات الأحكام على الأخذ بأقل ما قيل

- ‌(فائدة)قال القاضي عبد الوهاب المالكي في (الملخص): (صورة هذه المسألة أن يجني رجل على سلعة، فيختلف المقومون في تقويمها

- ‌المسألة السابعةقال الرازي: قال قوم: يجب على المكلف الأخذ بأخف القولين؛ للنص والمعقول:

- ‌المسألة الثامنةالاستقراء المظنون: هو إثبات الحكم في كلى؛ لثبوته في بعض جزئياته

- ‌(سؤال)الاستدلال على عدم وجوب الوتر بكونه صلى الله عليه وسلم كان يؤديه على الراحلة مشكل

- ‌المسألة التاسعةفي المصالح المرسلة

- ‌(سؤال)قال بعض علماء العصر: إذا قلتم بالمصلحة المرسلة، فكيف تصنعون في العمومات، والأدلة

- ‌(سؤال)ما الفرق بين المصلحة المرسلة، والاستحسان

- ‌المسألة العاشرةالاستدلال بعدم ما يدل على الحكم؛ على عدم الحكم - طريقة عول عليها بعض الفقهاء

- ‌المسألة الحادية عشرةفي تقرير وجوهٍ من الأدلة التي يمكنالتمسك بها في المسائل الفقهية

- ‌ القرافي: قوفه: (المحكوم عليه كان معدومًا في الأزل، فلا يكون الحكم ثابتًا في الأزل؛ لأن ثبوت الحكم صفة الله - تعالى - وكلامه النفسي القديم

- ‌(تنبيه)قال التبريزي: (الحكم الشرعي لابد له من دليل شرعي، وهو قول الشارع

الفصل: ‌قوله: (يجوز أن يكون في أحكام الرسول عليه السلام ما صدر عن اجتهاد):

وأما تفاريع الفقه: فلا حاجة إليها؛ لأن هذه التفاريع ولدها المجتهدون بعد أن فازوا بمنصب الاجتهاد، فكيف تكون شرطًا فيه؟!.

واعلم: أن الإنسان كلما كان أكمل في هذه العلوم التي لابد منها في الاجتهاد - كان منصبه في الاجتهاد أعلى وأتم، وضبط القدر الذي لابد منه على التعيين - كالأمر المتعذر.

مسألة: الحق أنه يجوز أن تحصل صفة الاجتهاد في فن، دون فن؛ بل في مسألة دون مسألة؛ خلافًا لبعضهم.

لنا: أن الأغلب من الحادثة في الفرائض: أن يكون أصلها في الفرائض، دون المناسك، والإجارات، فمن عرف ما ورد من الآيات، والسنن، والإجماع، والقياس في باب الفرائض - وجب أن يتمكن من الاجتهاد.

وغاية ما في الباب أن يقال: لعله شذ منه شيء؛ ولكن النادر لا عبرة به؛ كما أن المجتهد المطلق، وإن بالغ في الطلب، فإنه يجوز أن يكون قد شذ عنه أشياء.

(الركن الثاني: المجتهد)

‌قوله: (يجوز أن يكون في أحكام الرسول عليه السلام ما صدر عن اجتهاد):

قال القرافي: تقريره: أن المراد ها هنا - بالأحكام: الأحكام الصادرة عنه عليه السلام بطريق الفتوى.

أما ما صدر عنه عليه السلام بتصرف القضاء، وفصل الخصومات - مجمع عليه أنه لا يفتقر إلى الوحي، وإن كان حكمًا شرعيًا.

فلذلك قال عليه السلام: (فأقضي له على نحو ما أسمع، فمن قضيت له بشيءٍ من حق أخيه، فلا يأخذه؛ فإنما أقطع له قطعة من النار).

فلو كان بالوحي لما توقف على السماع، ولما استوجب الأخذ النار؛ فإنه مأذون فيه من قبل الله تعالى.

ص: 3806

وهذا الأخير فيه نظر؛ فإن إعطاء أهل الحرب فداء الأساري مأمور به إجماعًا من قبل الله تعالى، والكفار آثمون بأخذه، بناء على أنهم مخاطبون بالفروع، وقاطع الطريق إذا عجز عنه إلا بإعطاء التافه اليسير جاز الإعطاء له، وهو حرام عليه.

وكذلك من عجز عن منعه من الزنا بامرأة إلا بدفع مال وجب الدفع، والأخذ عليه حرام.

وبالجملة: التصرف في الأحكام الشرعية بالقضاء، لا يتوقف على الوحي، وليس هو المراد - هاهنا - إجماعًا.

قوله: (احتجوا بقوله تعالى:} فاعتبروا ....... {):

قلنا: قد تقدم ما هو على هذا الموضع في كتاب (القياس).

قوله: (فيكون مأمورًا بالقياس، وإلا قدح في عصمته):

قلنا: هذا كلام غير منتظم، إنما ينتظم إن لم يقسم مع أنه مأمور حتى يكون عاصيًا؛ فيقدح ذلك في العصمة، أما كونه ليس مأمورًا لا يقدح ذلك في العصمة، وكم من شيء نحن مأمورون به، وليس هو عليه السلام مأمورًا به.

فإنا مأمورون بالتقليد للعلماء، وبرواية نصوص الدين، والنظر في التخريج، والتعديل، وتدوين العلوم والقرآن والقراءات وكتب النحو واللغة، وغير ذلك من الأحكام؛ مع أنه عليه السلام لم يؤمر بشيء من ذلك، ولم يقدح ذلك في عصمته، وكيف يقدح عدم التكليف في العصمة؟ إنما يقدح ترك المكلف به بعد التكليف.

قوله: (ترجيح الراجح على المرجوح من مقتضيات العقول):

قلنا: لا نسلم؛ فإن إخبار العدل الواحد في الدماء وغيرها راجح صدقه على كذبه، ولم يحكم بموجب صدقه، ولا بكذبه؛ بل تركنا القسمين، ولم يقض العقل، ولا الشرع فيهما بشيء.

ص: 3807

فكذلك الجماعة من الصبيان، والنسوان، والكفار، والفساق، وقرائن الأحوال والتهم الظاهرة في السراق وغيرهم، كل ذلك ملغى عقلاً وشرعًا.

فإن أردتم بالترجيح الحكم بموجب الراجح، بطل بهذه النقوض.

وإن أردتم بالترجيح أنه يرجح عند العقل، فمسلم، لكنه لبس صورة النزاع، إنما النزاع في القسم الأول.

قوله: (أفضل العبادات أحمزها):

قلنا: إن الله - تعالى - لم يطلب المشقة من العباد، إنما طلب منه تحصيل المصالح، فإن لم تحصل إلا بمشقة عظم الأجر؛ لصعوبة الطريق في تحصيل تلك المصلحة؛ ولأنه يكون حظ النفس فيه بعيدًا، فيفوت

ص: 3808

الإخلاص، أما لو كان للجامع، أو للحج طريقان: أحدهما أشق، فأراد أن يفعل الأشق سلوكًا لتكثير ثوابه، كان غالطًا؛ بل هذا منهي عنه، لا ثواب فيه.

وربما كان فيه العقاب على قدر مفسدة المشقة.

وكذلك: لو تيسر له ماء ساخن في البرد للطهارة، والغسل، فأراد تركه، واستعمال البارد بالثلج؛ ليكون ذلك أشق عليه نهي عنه؛ لقوله - تعالى -:} ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة {، وقوله عليه السلام:(إن لنفسك عليك حقًا).

وإنما تحسن المشقة إذا تعينت طريقًا للمصلحة، وأما المشقة من حيث هي مشقة فلا فائدة.

(أحمزها) بالحاء المهملة، والزاي المعجمة.

وكثير من الفقهاء يقولونها (بالجيم)، وهو غلط نقله صاحب (الصحاح)، وغيره.

قوله: (لو لم يعمل بالاجتهاد كانت الأمة أفضل منه في هذا الباب):

قلنا: قد تقدم أن الأمة عملت بأوامر لم تتوجه جهته عليه السلام فما هو جوابكم هو جوابنا.

ص: 3809

والجواب الصحيح في ذلك كله - أن القاعدة: أن المفضول يجوز أن يختص بما ليس للفاضل، كما قال عليه السلام:(أقرؤكم أبي، وأقضاكم على، وأعلمكم بالحلال والحرام معاذ بن جبلٍ، وأفرضكم زيد، والصديق رضي الله عنه أفضل من الجميع).

مع اختصاصهم بالأفضلية في هذه الصفات.

وكذلك آدم عليه السلام أبو البشر، ونوح أنذر قومه نحو ستمائة سنة، وغير ذلك من الصفات التي حصلت للكثير من الأنبياء، دونه عليه السلام وهو أفضل من الجميع.

وكل شريف عامي أفضل من الأئمة الأربعة: مالك، والشافعي، وأبو حنيفة، وأحمد في نسبه، وكل واحد منهم أفضل.

وكل شريفة عامية حصل لها من النسب ما لم يحصل لعائشة، وخديجة، وغيرهما مع القطع بالأفضلية فيهن، وهو كثير، فكذلك هاهنا.

قوله: (في كل الأحكام بالاجتهاد متعذر؛ لأنه لابد من النص في الأصول):

ص: 3810

قلنا: قد تقدم في القياس - الخلاف في إثبات جملة الشريعة بالقياس، فيمتنع بناء على ذلك الخلاف.

قوله: (إنه عليه السلام قال: (العلماء ورثة الأنبياء)، فيثبت له عليه السلام الاجتهاد حتى يرثوه):

قلنا: هذا لا يتجه، فإنا إذا قلنا: زيد وارث عمرو - يقتضي أن ما ثبت لعمرو ينتقل لزيد، أما أن كل ما لزيد لابد أن يثبت لعمرو فباطل جزمًا؛ فإن الوارث قد يكون له أموال لم تكن لمورثه قط.

وهذا في البطلان فيه شبه بقول المنطقين: (إن الموجبة الكلية لا تنعكس).

فإذا قلنا: (كل إنسان حيوان) لا تنعكس كل حيوان إنسان) كذلك هاهنا لا تنعكس كل ما للوارث للموروث فيه شبه به وإن لم يكن منه، فظهر أن هذا الموضع غير مفيد المطلوب.

وقوله: (إنه تقييد من غير دليل): غير متجه؛ بل ليس هاهنا تقييد، ولا تخصيص، بل النص غير مقيد بغير ذلك.

ص: 3811

قوله: (بعض السنن مضافة للنبي عليه السلام، فلو كان الكل بالوحي لم يختص ذلك به عليه السلام:

قلنا: الوحي قسمان:

وحي تعبدنا بتلاوته، وهو معجزة، وهو القرآن.

ووحي لم يتعبد بتلاوته، ولا هو معجزة.

فالحكم الثابت بهذا الوحي هو المضاف له عليه السلام؛ لأن الوحي ربما لم يبده لنا فأضفنا الحكم له.

فإن أردتم غير هذا، فهو ممنوع.

قوله: (إنه عليه السلام (اجتهد في فداء أساري بدر):

تقريره: أنه نزل عقيب هذا قول تعالى:} ما كان لبني أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض {.

وفي مسلم قال عليه السلام لعمر رضي الله عنه: (عرض على عذاب قومك أدني من هذه الشجرة) أي: في أمر الفداء ...... الحديث بطوله، ولو كان بالوحي كان مأذونًا فيه، ولم يكن إنكار، ولا عذاب،

ص: 3812

والعذاب هاهنا لم يكن إلا أنه كان مع النبي عليه السلام فيما قاله بالاجتهاد.

قال العلماء: اختصوا بالعذاب، وإن ساووا في الاجتهاد؛ لأنهم قصروا، ورسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقصر.

وإذا اجتهد الحاكم، ولم يصب كان له أجر من غير عقوبة.

وكان عمر رضي الله عنه مجتهدًا مصيبًا، ورسول الله صلى الله عليه وسلم مجتهدًا مطيعًا، وأولئك الجماعة مجتهدون مقصرون.

ص: 3813

قوله: (بعض الصحابة - رضوان الله عليهم - راجعه في منزل نزله، والأحكام الشرعية لا تجوز مراجعته فيها):

قلنا: إذا كانت عن اجتهاد، فلمن ظهر في نظره معارض راجح أو سؤال صحيح على ذلك المدرك الذي تمسك به المجتهد أن يسير إليه؛ لينتقل ذهنه إليه، ويكون ذلك من باب التعاون على المعروف والطاعة.

ونحن: مأمورون بالنصح معه عليه السلام ومع الخلق كلهم برهم وفاجرهم، في جميع الأحوال؛ لاسيما في الأمور المهمة من الدين، فلا تنافي بين المراجعة والأحكام الشرعية.

قوله: (الاجتهاد لا يفيد إلا الظن، وهو عليه السلام قادر على تلقيه من جهة الوحي، والقادر على العلم لا يجوز له الاكتفاء بالظن):

قلنا: لا نسلم هذا لا طردًا، ولا عكسًا؛ لأن الاجتهاد، قد تكون له مقدمات يقينية، فيحصل العلم - كما تقدم في القياس - أنه قد يعلم تعليل الأصل بكذا، ويعلم وجود العلة في الفرع، فيحصل اليقين.

وأما الوحي: فقد يكون بالظاهر، وقد يكون بالنص.

والظاهر: لا يفيد اليقين، وسماعه عليه السلام من جبريل كسماع الصحابة من النبي عليه السلام والصحابي إذا سمع الظاهر، لم يقطع بأنه المراد منه ظاهره إلا بقرائن خارجه عن دلالة اللفظ، وقد لا تحصل تلك القرائن؛ بل الأصل عدمها في الموطنين، فلا يحصل إلا الظن في الجهتين.

وبه: ظهر الفرق بين معاين القبلة، وبين هذه المسألة.

قوله: (لو جاز له عليه السلام الاجتهاد، لجار لجبريل عليه السلام.

قلنا: الفرق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكلف بسياسة الأمة، وتحصيل مصالح الدنيا والآخرة للخلق إجمالاً وتفصيلاً.

ص: 3814

وقد يعجزه ذلك في البعض بالنص، فيحصله بالاجتهاد، وجبريل عليه السلام لم يكلف بشيء من أمور الخلق بل بالتبليغ فقط، وهو نقل صرف، لا مدخل للاجتهاد فيه.

قوله: (إذا أفتى عليه السلام بالحكم صار مقطوعًا به؛ كما في الإجماع):

تقريره: أن الحكم يكون مدرك النبي عليه السلام ومدرك الإجماع فيه ظنيًا، فإذا أفتى به حصل القطع من جهة الدليل الدال على العصمة، وإن ذلك حق قطعًا، فيحصل في ذلك الحكم القطع من جهة الدليل الدال على العصمة، لا من جهة الدليل الظني، ولا مانع أن يحصل ما دل عليه الظن دليل يفيد القطع، كما يقول الفقهاء: هذه المسألة يدل عليها الكتاب والسنة والإجماع، والقياس، فيجمعون بين أخبار الآحاد، والقياس، والإجماع، والأولان ظنيان، والإجماع قطعي.

قوله: (لو جاز عليه عليه السلام الخطأ، لكنا مأمورين باتباعه فيه):

قلنا: قوله عليه السلام: (فمن قضيت له بشيءٍ من حق أخيه، فلا يأخذه، وإنما أقطع له قطعة من النار) يقتضي أنه قد يقضي لزيد بما لا يستحق مع أن مخالفته في جميع أقضيته عليه السلام مستوف أوامر، ونحن مأمورون بالتسلم له عليه السلام في جميع أحكامه.

قوله: (احتجوا بقوله تعالى:} عفا الله عنك لم أذنت لهم {):

قلنا: قال القاضي عياض في (الشفاء): (إن معنى هذه الآية: أن الله - تعالى - كان خيره بين الإذن لهم وعدمه، فاختار الإذن لهم، فأعلمه الله - تعالى - أن المصلحة كانت تقتضي عدم الإذن، حتى يتبين له

ص: 3815