المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الركن الرابعحكم الاجتهاد - نفائس الأصول في شرح المحصول - جـ ٩

[القرافي]

فهرس الكتاب

- ‌سؤال"قال النقشواني:قوله: (التعليل بالحكمة أولى من التعليل بالإضافي

- ‌سؤال"قال النقشواني: التعليل بالعدم إنما يعلل به إذا اشتمل على حكمة

- ‌جوابه"أنا نعلل عدم المعلول بعدم العلة

- ‌النوع الثانيقال الرازي: (القول في التراجيح العائدة إلى ما يدل على أن ذات العلة موجودة

- ‌القول في التراجيح الحاصلة بسبب الطرق الدالةعلى علية الوصف في الأصل

- ‌مسألة: الدوران الحاصل في صورة واحدة - راجح على الحاصل في صورتين

- ‌(مسألة)الدوران الحاصل في صورة راجح على الحاصل في صورتين:

- ‌النوع الرابع(في الترجيح الحاصلة بسبب دليل الحكم في الأصل)

- ‌النوع الخامسالقول في التراجيح الحاصلة بسبب كيفية الحكم

- ‌(سؤال)قال النقشواني: في قوله هاهنا: لو قدرنا تقديم العلة المثبتة للحكم الشرعي لزم النسخ مرتين، يناقضه ما تقدم له في تعارض خبرين:

- ‌النوع السادسفي التراجيح الحاصلة بسبب مكان العلة

- ‌(سؤال)وقع له في هذا الباب ترجيح المتعدية على القاصرة، مع أن القاصرة لا قياس فيها، ولا تعدية

- ‌(فائدة)قال إمام الحرمين في (البرهان): في ذلك ثلاثة مذاهب:

- ‌(سؤال)قال النقشواني: ترجيحة العلة للأكثر فروعًا على الأقل - يقتضي ترجيح التعليل بالمشترك على الفاروق، وهو باطل

- ‌(جوابه)أن إضافة الحكم للفاروق تكون إضافة له، وللمشترك، فلم يلزم إلغاء أحد المناسبتين

- ‌(فائدة)قال سيف الدين: في ترجيح الأقيسة ترجيحات:

- ‌(فائدة)قال سيف الدين: من الترجيحات ترجيح الحدود، وذلك من وجوه:

- ‌(فائدة)قال إمام الحرمين في (البرهان): إذا عضد أحد القياسين قول صحابي، إن علمنا مذهب الصحابي حجة كان ذلك انضمام دليلٍ إلى دليل

- ‌الكلام في الاجتهاد

- ‌الركن الأول في الاجتهاد

- ‌الركن الثاني في المجتهد

- ‌قوله: (يجوز أن يكون في أحكام الرسول عليه السلام ما صدر عن اجتهاد):

- ‌(سؤال)قوله: (إنه عليه السلام قادر على الوحي):

- ‌(سؤال)قوله: (مخالف الرسول عليه السلام كافر):

- ‌(سؤال)لو قلنا: إن الله - تعالى - جعل لجبريل عليه السلام الاجتهاد، كما جعله للنبي عليه السلام لم يلزم منه مفسدة

- ‌(سؤال)قوله: (لو جاز عليه الخطأ، لكنا مأمورين بالخطأ):

- ‌(تنبيه)

- ‌(فائدة)قال سيف الدين: (يدل على اجتهاده عليه السلام قوله تعالى:} وشاورهم في الأمر

- ‌(مسألة)في الاجتهاد لغير رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(سؤال)هذا الكلام مشكل؛ فإنه حكى المنع من الوقوع مطلقًا، ثم قال: وأجازه قوم بشرط الإذن

- ‌(فائدة)قال سيف الدين: الأكثرون على جواز الاجتهاد لمن عاصره صلى الله عليه وسلم ومنعه الأقلون

- ‌(مسألة)في شرائط المجتهد

- ‌(تنبيه)قال التبريزي: يكفي من النحو واللغة الذي يحصل الفهم من مقاصد الكلام دون التغلغل في مشكلات سرائره

- ‌(فائدة)قال سيف الدين: وشرط المجتهد أن يكون عالمًا بوجود الله - تعالى - وما يجب له من الصفات

- ‌الركن الثالثالمجتهد فيه

- ‌الركن الرابعحكم الاجتهاد

- ‌(سؤال)الآيات الواردة في ذم الظن يرد عليها أن الاعتقاد الجازم، وإن لم يطابق، فصاحبه لا يجوز خلافه

- ‌(تنبيه)قال التبريزى على قوله: (إن الله - تعالى - نصب على هذه المطالب أدلة قطعية): إنه ضعيف

- ‌(فائدة)قال الغزالي في (المستصفى): مسائل أصول الفقه نحو كون الإجماع حجة

- ‌(مسألة)اختلفوا في تصويب المجتهدين

- ‌(تنبيه)مذهب القياسين والفقهاء أن الراجح مصالح

- ‌(فائدة)قال سيف الدين: (وافق بشر المريسي على التأثيم ابن علية، وأبو بكر الأصم، ونفاة القياس كالظاهرية، والإمامية

- ‌(مسألة)

- ‌(فائدة)قال بعض المشايخ: إن السيف الآمدي قال: (الدليل على أن المصيب واحد، أن بعض المجتهدين أداه اجتهاده إلى أنه ليس كل مجتهد مصيبًا

- ‌(فائدة)قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام رحمه الله: (معنى قوله عليه السلام: (إذا اجتهد الحاكم فأخطأ فله أجر، وإن أصاب فله أجران) - أن الخطأ محمول على الخطأ في الأسباب

- ‌(مسألة)في نقض الاجتهاد

- ‌(تنبيه)قال التبريزي: (يجب على المجتهد ترك موجب اجتهاده لأجل حكم الحاكم في الظاهر، وفيما يحل له في الباطن)

- ‌(تنبيه)وقع في (التنبيه) للشيخ أبي إسحاق ما يشير إلى إمكان النقض

- ‌(تنبيه)الفرق بين ما يحدث من الحكم بالنذر، وبين ما يحدث بحكم الحاكم

- ‌(فائدة)قال سيف الدين: (اتفقوا على أن حكم الحاكم لا يجوز نقضه في المسائل الاجتهادية، لمصلحة الحكم

- ‌الكلام في المفتي والمستفتي

- ‌القسم الأولفي المفتي، وفيه مسائل:

- ‌(فائدة)قال سيف الدين: التقليد هو العمل بقول الغير من غير حجةٍ ملزمة

- ‌(فائدة)قال سيف الدين: (يشترط في المفتى شروط الاجتهاد مع العدالة حتى يوثق به

- ‌(فائدة)قال سيف الدين: (اختلفوا في جواز الاستفتاء والتقليد في المسائل العلمية الأصولية في العقائد

- ‌(فائدة)قال سيف الدين: (إذا أفتى، ثم حدث مثل تلك الواقعة اختلفوا

- ‌(مسألة)(هل يجوز لغير المجتهد الفتوى بما يحكيه)

- ‌(سؤال)الموجب لاعتبار قول الميت، والاعتماد عليه صدوره عمن اتصف بأهلية الاجتهاد، وذلك لا يضاد طريان الغفلة

- ‌(سؤال)قال النقشواني: (علي رضي الله عنه مجتهد، ورواية المقداد له من باب روايات الأخبار للمجتهدين، وذلك ليس من باب الفتوى)

- ‌(تنبيه)قال التبريزى: قد يحتج في المجتهد

- ‌(فائدة)قال سيف الدين: (من ليس بمجتهد، هل يجوز له الفتوى بمذهب الجمهور كما في زماننا)

- ‌(فائدة)ينبغي أن يحذر مما وقع في زماننا من تساهل بعض الفقهاء بالفتوى من الكتب الغريبة التي ليس فيها رواية المفتى عن المجتهد بالسند الصحيح

- ‌القسم الثانيفي المستفتي

- ‌(تنبيه)قال التبريزى: (الشيعة هم الذين قالوا بحصر كل مدرك إلا الدليل السمعي القاطع

- ‌(فائدة)قال سيف الدين: (العامي، ومن ليس له أهلية الاجتهاد إذا كان محصلاً لبعض العلوم المعتبرة في الاجتهاد يلزمه اتباع قول المجتهد

- ‌القسم الثالثفيما فيه الاستفتاء

- ‌(فائدة)قال سيف الدين: (اتفقوا على جواز تقليد العامي لمن عرفه بالعلم، وأهلية الاجتهاد، وعلى امتناع اتباعه لمن عرفه بالضد، واختلفوا في جواز استفتاء من لم يعرفه بعلم، ولا جهالة)

- ‌(مسألة)الرجل الذي تنزل به الواقعة إما أن يكون عاميا صرفًا

- ‌(سؤال)على استدلالهم بقوله تعالى: {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم} [

- ‌(سؤال)على قوله: (الآيات دالة على الوجوب)

- ‌(تنبيه)زاد التبريزى: فقال: (المجتهد لو جوز أن يكون عند غيره نص يل على حكم الواقعة، وجب عليه طلبه، ولم يجز له الاجتهاد

- ‌(مسألة)(لا يجوز التقليد في أصول الدين)

- ‌(تنبيه)قال التبريزى: استدلال المصنف باطل من وجهين:

- ‌(مسألة)قال سيف الدين: إذا اتبع العامي مجتهدًا في حكم صلاته، وعمل بقوله، اتفقوا على أن ليس له الرجوع عنه في ذلك الحكم

- ‌(فائدة)كان الشيخ عز الدين يقول: (حيث قلنا بجواز التقليد، والانتقال في المذاهب؛ فإنما نقول به فيما لا ينقض فيه قضاء القاضي

- ‌(فائدة)إذا لم نجعله شرعًا، وكان في المسألة قولان: هل يصير القول الأخير مجمعًا عليه

- ‌‌‌(فائدة)قال بعض العلماء: (لا يجوز اتباع رخص المذاهب، بل يجوز الانتقال إلى مذهب بكماله)

- ‌(فائدة)

- ‌(مسألة)قال إمام الحرمين في (البرهان): (أجمع المحققون على أن العوام ليس لهم أن يتعلقوا بمذهب أعيان الصحابة رضي الله عنهم -بل عليهم أن يتبعوا مذاهب الأئمة

- ‌(مسألة)قال سيف الدين: (اختلفوا هل يجوز خلو عصر من الأعصار عن مجتهد يمكن تفويض الفتاوى إليه

- ‌(مسألة)قال الشيخ أبو إسحاق في (اللمع): من اجتمعت فيه شرائط الفتوى؛ فإن كان في الإقليم غيره، لم يتعين عليه الفتيا، والتعليم؛ بل هو فرض كفاية

- ‌(مسألة)قال الشيخ: أبو إسحاق في (اللمع): (لا يجوز للمستفتى أن يستفتى كل من يتزيا بزى أهل العلم

- ‌(مسألة)قال أبو الخطاب الحنبلي في (التمهيد): (لله -تعالى -على الأحكام أدلة من الكتاب، أو السنة، أو القياس، خلاف لمن قال: لا دليل على الحكم سوى ظن المجتهد

- ‌(مسألة)قال أبو الخطاب الحنبلي في (التمهيد): (إذا أفتاه، ولم يعمل بفتواه حتى مات المفتى، فهل يجوز له العمل بما أفتاه

- ‌(مسألة)قال العالمي الحنفي في كتابه: إذا اعتدل القولان عن المفتى اختلفوا فيه:

- ‌(مسألة)قال ابن برهان في كتاب (الأوسط): (إذا استفتى العامي في حادثة، ثم حدثت تلك الحادثة مرة أخرى، هل يجوز له الاكتفاء بتلك الفتوى

- ‌(مسألة)قال ابن برهان في كتاب (الأوسط): (لا يجوز تقليد المجتهد الميت، مع وجود المجتهد الحى؛ لأن الحى أولى)

- ‌(مسألة)قال ابن برهان: (من كان مقلدًا لصاحب مذهب، وقد أحاط بنصوص ذلك المذهب، وكان مجتهدًا بالقياس، كان مجتهدًا في ذلك المذهب

- ‌(مسألة)قال ابن برهان في كتاب (الأوسط): لا شك أن أهل العترة من أهل الاجتهاد

- ‌الكلام فيما اختلف فيه المجتهدون من أدلة الشرع

- ‌المسألة الأولى: في حكم الأفعال:

- ‌(سؤال)على استدلاله بالآية

- ‌(سؤال)على قوله: (تلك الحكمة إما عود النفع إليه، أو إلينا):

- ‌(تنبيه)قياسه -في هذه المسألة -في قوله: (انتفاع لا ضرر فيه على المالك قطعًا، ولا على المنتفع ظاهرًا، فيباح، كالاستصباح بسراج الغير):

- ‌(سؤال)على الاستدلال بالحديث:

- ‌(تنبيه)قال التبريزى: (النفع هو الزيادة من الوجه الموافق للمصلحة

- ‌المسألة الثانيةفي استصحاب الحال

- ‌(سؤال)

- ‌(تنبيه)قال التبريزى: (الاستصحاب ينقسم إلى:

- ‌(فائدة)قال سيف الدين: (في الاستصحاب مذهب ثالث، وهو الترجيح به دون كونه دليلاً)

- ‌(فرع)قال في (المحصول): (النافي لا دليل عليه):

- ‌المسألة الثالثةفي الاستحسان

- ‌ القرافي: قال النقشواني: أما ترتيبه كما ذكره أبو الحسين، ففيه نظر

- ‌(تنبيه)قال التبريزي: الكلام في صحة الاستحسان وفساده ينبني على فهم حقيقته

- ‌المسألة الرابعةقال الرازي: الحق أن قول الصحابي ليس بحجة، وقال قوم: إنه حجة مطلقًا

- ‌ القرافي: قوله: (أمر الله -تعالى -بالاعتبار، وذلك ينافى التقليد):

- ‌(فائدة)قال سيف الدين: (اتفقوا على أن مذهب الصحابي -في مسائل الاجتهاد -لا يكون حجة على غيره من الصحابة المجتهدين

- ‌(فائدة)قال الشيخ موفق الدين الحنبلي في كتاب (الروضة): (إذا اختلف الصحابة على قولين، لم يجز للمجتهد الأخذ بقول بعضهم من غير دليل

- ‌المسألة الخامسةقال الرازي: اختلفوا في أنه، هل يجوز أن يقول الله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم أو للعالم: (احكم، فإنك لا تحكم إلا بالصواب

- ‌(فائدة)قال أبو يعلى الحنبلي في (العمدة): هذه المسألة مبنية على أنه عليه السلام هل له أن يجتهد أم لا

- ‌المسألة السادسةمذهب الشافعي رضي الله عنه: أنه يجوز الاعتماد في إثبات الأحكام على الأخذ بأقل ما قيل

- ‌(فائدة)قال القاضي عبد الوهاب المالكي في (الملخص): (صورة هذه المسألة أن يجني رجل على سلعة، فيختلف المقومون في تقويمها

- ‌المسألة السابعةقال الرازي: قال قوم: يجب على المكلف الأخذ بأخف القولين؛ للنص والمعقول:

- ‌المسألة الثامنةالاستقراء المظنون: هو إثبات الحكم في كلى؛ لثبوته في بعض جزئياته

- ‌(سؤال)الاستدلال على عدم وجوب الوتر بكونه صلى الله عليه وسلم كان يؤديه على الراحلة مشكل

- ‌المسألة التاسعةفي المصالح المرسلة

- ‌(سؤال)قال بعض علماء العصر: إذا قلتم بالمصلحة المرسلة، فكيف تصنعون في العمومات، والأدلة

- ‌(سؤال)ما الفرق بين المصلحة المرسلة، والاستحسان

- ‌المسألة العاشرةالاستدلال بعدم ما يدل على الحكم؛ على عدم الحكم - طريقة عول عليها بعض الفقهاء

- ‌المسألة الحادية عشرةفي تقرير وجوهٍ من الأدلة التي يمكنالتمسك بها في المسائل الفقهية

- ‌ القرافي: قوفه: (المحكوم عليه كان معدومًا في الأزل، فلا يكون الحكم ثابتًا في الأزل؛ لأن ثبوت الحكم صفة الله - تعالى - وكلامه النفسي القديم

- ‌(تنبيه)قال التبريزي: (الحكم الشرعي لابد له من دليل شرعي، وهو قول الشارع

الفصل: ‌الركن الرابعحكم الاجتهاد

‌الركن الرابع

حكم الاجتهاد

قال الرازي: وفيه مسائل:

مسألة: ذهب الجاحظ وعبيد الله بن الحسن العنبري إلى أن كل مجتهد في الأصول مصيب، وليس مرادهم من ذلك مطابقة الاعتقاد؛ فإن فساد ذلك معلوم بالضرورة، وإنما المراد نفي الإثم، والخروج عن عهدة التكليف، واتفق سائر العلماء على فساد هذا القول.

حجة الجمهور أمور:

الأول: أن الله تعالى وضع على هذه المطالب أدلة قاطعة، ومكن العقلاء من معرفتها؛ فوجب ألا يخرجوا عن العهدة إلا بالعلم.

الثاني: أنا نعلم بالضرورة: أنه عليه الصلاة والسلام أمر اليهود والنصاري بالإيمان به، وذمهم على إصرارهم على عقائدهم، وقاتل بعضهم، وكان يكشف عمن بلغ منهم، ويقتله، ونعلم قطعًا أن المعاند العارف مما يقل، وإنما الأكثر مقلدة عرفوا دين آبائهم تقليدًا، ولم يعرفوا معجزة الرسول وصدقه.

الثالث: التمسك بقوله تعالى:} ذلك ظن الذين كفروا، فويل للذين كفروا من النار {وقوله تعالى:} وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم {.

وعلى الجملة: ذم المكذبين لرسول الله صلى الله عليه وسلم من الكفار مما لا ينحصر من الكتاب والسنة.

ص: 3842

أجاب الخصم عن الأول:

بأنا لا نسلم بأنه - تعالى - وضع على هذه المطالب أدلة قاطعة، ومكن العقلاء من معرفتها، وكيف لا نقول ذلك، ونرى الخلق مختلفين في الأديان والعقائد؛ من زمان وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام؟.

وإذا نظرنا في أدلة المختلفين في هذه المسائل، وأنصفنا، لم نجد واحدًا منهم مكابرًا قائلاً بما يقطع العقل بفساده.

سلمنا ذلك، لكن لا نسلم أن ذلك يقتضي كونهم مأمورين بالعلم؛ ولم لا يجوز أن يقال: إنهم أمروا بالظن الغالب، سواء كان مطابقًا، أو غير مطابقٍ؟.

وعلى هذا التقدير: يكون الآتي به معذورًا؛ ثم الذي يدل على أن التكليف، لم يقع إلا بالظن الغالب وجهان:

الأول: أن اليقين التام المتولد من الدليل المركب من المقدمات البديهية تركيبًا معلوم الصحة بالبديهة - إن أمكن، فهو عزيز نادر الوجود، لا يفي به إلا الفرد بعد الفرد؛ فلا يجوز أن يكون ذلك تكليفًا لكل الخلق؛ لأنه عليه الصلاة والسلام قال (بعثت بالحنيفية السهلة السحمة) وأي حرج فوق أن يكلف الإنسان في الساعة الواحدة معرفة ما عجز الخلق عن معرفته في خمسمائة سنة؟!.

الثاني: أنا كما نعلم بالضرورة: أن الصحابة ما كانوا متبحرين في دقائق الهندسة، والهيئة، والأرثماطيفي، نعلم بالضرورة: أنهم ما كانوا عالمين بهذه الأدلة والدقائق، والجواب عن شبهات الفلاسفة، مع أنه عليه الصلاة والسلام حكم بصحة إيمانهم؛ فدل ذلك على أن التكاليف ما وقع بالعلم.

ص: 3843

سلمنا أنهم كلفوا بالعلم في هذه الأصول؛ فلم قلت: إن المخطئ فيه معاقب؛ ودعوى الإجماع فيه غير جائزةٍ؛ لأنها دعوى لإجماعٍ في محل الخلاف؟!.

وعن الثاني: أنه عليه الصلاة والسلام كان يقبلهم؛ لجهلهم بالحق، أو لإصرارهم على ترك التعلم، وطلب المعرفة؟.

الأول ممنوع، والثاني مسلم؛ فلعله عليه الصلاة والسلام لما بالغ في إرشادهم إلى الحق، ثم إنهم لم يلتفتوا إلى بيانه، واشتغلوا باللهو والطرب، وأصروا على ترك الطلب - قتلهم، وأما من بالغ في الطلب والبحث، ولكن عجز عن الوصول؛ فلم قلت: إنه عليه الصلاة والسلام قتل مثل هذا الإنسان؟!.

سلمنا أنه قتله؛ لكن لم قلت: إنه لابد وأن يكون معاقبًا؟.

وعن الثالث: أنه ذم الكافر، والكفر في أصل اللغة هو: الستر، ومعنى الستر لا يتحقق إلا في حق المعاند الذي عرف الدليل، ثم أنكره، أو في حق المقلد المصر الذي يعرف من نفسه أنه لا يعرف الدليل على صحة الشيء، ثم إنه يقول به.

فأما العاجز المتوقف الذي بالغ في الطلب، فلم يصل، فهذا لا يكون ساترًا لشيء ظهر عنده؛ فلا يكون كافرًا.

ثم احتجوا على صحة قولهم: بأنه - تعالى - رحيم كريم، واستقراء أحكام الشرع يدل على أن الغالب على الشرع هو التخفيف والمسامحة؛ حتى إنه لو احتاج إلى أدني تعب في نفسه، أو في ماله في طلب الماء - سقط عنه فرض الوضوء، وأبيح له التيمم، فهذا الكريم الرحيم؛ كيف يليق بكرمه ورحمته، وعظم فضله أن يعاقب من أفنى طول عمره في الفكر والبحث والطلب؟!.

ص: 3844

هذا حاصل كلامهم؛ إلا أن الجمهور ادعوا انعقاد الإجماع على مذهبهم قبل حدوث هذا الخلاف.

مسألة: اختلفوا في تصويب المجتهدين في الأحكام الشرعية، وضبط المذاهب فيه على سبيل التقسيم: أن يقال: المسالة الاجتهادية إما أن يكون لله تعالى فيها قبل الاجتهاد حكم معين، أو لا يكون: فإن لم يكن لله تعالى فيها حكم، فهذا قول من قال:(كل مجتهد مصيب) وهم جمهور المتكلمين منا؛ كالأشعري والقاضي أبي بكر، ومن المعتزلة: كأبي الهذيل، وأبي علي، وأبي هاشم، وأتباعهم، ثم لا يخلوا: إما أن يقال: إنه وإن لم يوجد في الواقعة حكم، إلا أنه وجد ما لو حكم الله تعالى بحكم، لما حكم إلا به.

وإما ألا يقال بذلك أيضًا:

والأول: هو القول بالأشبه، وهو منسوب إلى كثيرٍ من المصوبين.

والثاني: قول الخلص من المصوبين.

أما إن قلنا: إن في الواقعة حكمًا عند الله، فذلك الحكم: إما ألا يكون عليه أمارة، ولا دلالة، أو عليه أمارة، وليس عليه دلالة، أو عليه دلالة:

أو القول الأول: وهو أنه حصل الحكم؛ ولكن من غير أمارةٍ، ولا دلالة: فهو قول طائفة من الفقهاء والمتكلمين، ونقل عن الشافعي رضي الله عنه أنه قال: (في كل واقعة ظاهر وإحاطة، ونحن ما كلفنا بالإحاطة. وهؤلاء زعموا أن ذلك الحكم مثل دفين يعثر عليه الطالب بالاتفاق، فلمن عثر عليه أجران، ولمن اجتهد، ثم غاب عنه - أجر واحد، وذلك الأجر على ما تحمل من الكد في الطلب، لا على نفس الخيبة.

ص: 3845

وأما القول الثاني: وهو: أن عليه دليلاً ظنيًا فها هنا أيضًا قولان: أحدهما: أن المجتهد لم يكلف بإصابته؛ لخفائه وغموضه، فلذلك كان المخطئ معذورًا، ومأجورًا، وهو قول كافة الفقهاء، وينسب إلى الشافعي، وأبي حنيفة رضي الله عنهما.

وثانيهما: أنه مأمور بطلبه أولاً: فإن أخطأ، وغلب على ظنه شيء آخر، فهناك يتعين التكليف، ويصير مأمورًا بأن يعمل بمقتضى ظنه؛ ويسقط عنه الإثم تحقيقًا.

وأما القول الثالث: وهو: أن عليه دليلاً قاطعًا: فهؤلاء اتفقوا على أن المجتهد مأمور بطلبه؛ لكنهم اختلفوا في موضعين:

أحدهما: أن المخطئ، هل يستحق الإثم والعقاب، أم لا؟ فذهب بشر المريي من المعتزلة: إلى أنه يستحق الإثم، والباقون اتفقوا: على أنه لا يستحق.

الثاني: أنه هل ينقض قضاء القاضي فيه؟.

قال الأصم: ينقض، وقال الباقون: لا ينقض، فهذا تفصيل المذاهب.

والذي نذهب إليه: أن لله تعالى في كل واقعةٍ حكمًا معينًا، وأن عليه دليلاً ظاهرًا، لا قاطعًا، وأن المخطئ فيه معذور، وقضاء القاضي فيه لا ينقض.

فلتكلم أولاً في بيان أن لله تعالى في كل واقعةٍ حكمًا معينًا:

لوجوه:

الأول: أن أحد المجتهدين، إذا اعتقد رجحان الأمارة الدالة على الثبوت، والمجتهد الثاني اعتقد رجحان الأمارة الدالة على العدم - فنقول: أحد هذين الاعتقادين خطأ، والخطأ منهي عنه.

ص: 3846

بيان الأول: أن إحدى الأمارتين: إما أن تكون راجحة على الأخرى، أو لا تكون: فإن كانت إحداهما راجحة على الأخرى كان اعتقاد رجحانه صوابًا.

أما اعتقاد رجحان الجانب الآخر، يكون غير مطابق للمعتقد؛ فيكون خطأ، وإن لم تكن إحداهما راجحة على الأخرى، كان كل واحدٍ من الاعتقادين غير مطابقٍ للمعتقد.

وعلى كل التقديرات: لا يكون الاعتقادان مطابقين، بل أحدهما يكون مطابقًا للمعتقد، فثبت أنه: كل مجتهدٍ ليس بمصيبٍ، بمعنى كون اعتقاده مطابقًا للمعتقد.

وهذه إحدى صور الخلاف، فإن اكتفينا به، جاز.

وإن أردنا بيان أن الكل ليس بمصيب بمعنى أنهم ما أتوا بما كلفوا به، قلنا: الدليل عليه أن الاعتقاد الذي لا يكون مطابقًا للمعتقد - جهل، والجهل بإجماع الأمة غير مأمورٍ به؛ فثبت أيضًا أن الكل ليسوا بمصيبين، بمعنى الإتيان بالمأمور به.

فإن قيل: (لا نسلم أن أحد الاعتقادين خطأ):

قوله: (لأن أحدهما اعتقد فيما ليس براجحٍ، أنه راجح وذلك خطأ):

قلنا: اعتقد فيما ليس براجحٍ أنه راجح في نفسه، أو أنه راجح في ظنه؟

الأول ممنوع، والثاني مسلم:

بيانه: أن المجتهد لا يعتقد كون أمارته راجحة على أمارة صاحبه في نفس الأمر، ولكنه يعتقد كونها راجحة في ظنه، والرجحان في ظنه حاصل؛ فكان

ص: 3847

الاعتقاد مطابقًا للمعتقد؛ غايته أنه لم يوجد الرجحان الخارجي؛ لكن عدم الرجحان الخارجي لا يوجب عدم الرجحان الذهني.

فثبت أن كل واحدٍ من الاعتقادين يمكن أن يكون صوابًا.

سلمنا أن كل واحد منهما اعتقد الرجحان في نفس الأمر، ولكنه لم يجزم بذلك الرجحان؛ بل جوز خلافه؛ فلم قلت:(إن الاعتقاد إذا وجد معه هذا التجويز، كان منهيًا عنه، وخرج عليه الجهل؛ فإنه اعتقاد مخالف للمعتقد، مع الجزم):

والجواب: قوله: (اعتقد كونه راجحًا في ظنه، أو في نفس الأمر؟):

قلنا: الرجحان في الذهن: إما أن يكون نفس اعتقاد رجحانه في الخارج، أو أمرًا لا يثبت إلا معه؛ لأنا نعلم بالضرورة أنا لو اعتقدنا في الشيء كون وجوده مساويًا لعدمه، فمع هذا الاعتقاد: يمتنع أن يكون اعتقاد وجوده راجحًا على اعتقاد عدمه، فعلمنا أنه لابد عند حصول هذا الظن من اعتقاد كونه راجحًا في نفسه؛ إما لأن الظن نفس هذا الاعتقاد، أو لأنه لا ينفك عنه، وعلى كلا التقديرين، فالمقصود حاصل.

قوله: (هذا الاعتقاد، وإن كان غير مطابقٍ، لكنه غير جازمٍ):

قلنا: بل هو جازم؛ لأن اعتقاد كون الشيء أولى بالوجود - غير اعتقاد كونه موجودًا، واعتقاد كونه أولى بالوجود - حاصل مع الجزم - فإن المجتهد يقطع بأن أمارته؛ نظرًا إلى هذه الجهة، أولى بالاعتبار.

بلى؛ إنه غير جازمٍ بالحكم؛ لكن الجزم بالأولوية لا يقتضي الجزم بالوقوع؛

ص: 3848

كما أنا نقطع بأن الأولى بالغيم الرطب في زمان الخريف أن يكون ممطرًا، مع أنه قد لا يوجد المطر، وعدم المطر لا يقدح في تلك الأولوية، بل تلك الأولوية مقطوع بها، فكذا ها هنا؛ فثبت أنه حصل لأحد المجتهدين اعتقاد جازم غير مطابق؛ فيكون خطأ وجهلاً، ومنهيًا عنه.

الطريقة الثانية: المجتهد: إما أن يكون مكلفًا بالحكم؛ بناء على طريقٍ، أو لا بناءً على طريقٍ:

والثاني باطل؛ لأن القول في الدين بمجرد التشهي باطل؛ بإجماع المسلمين؛ فإذن: لابد من طريق.

فذلك الطريق إما أن يكون خاليًا عن المعارض، أو لم يكن خاليًا عنه:

فإن كان الأول: وهو كونه خاليًا عن المعارض، تعين ذلك الحكم بإجماع الأمة، فيكون تاركه مخطئًا، وإن كان له معارض: فإما أن يكون أحدهما راجحًا على الآخر، أو لا يكون:

فإن كان أحدهما راجحًا على الآخر، وجب العمل بالراجح؛ لأن الأمة مجمعة على أنه لا يجوز العمل بالأضعف عند وجود الأقوى، فيكون مخالفة مخطئًا، وإن لم يكن أحدهما رجحًا، فحكم تعارض الأمارتين: إما التخيير، أو التساقط، والرجوع إلى غيرهما:

وعلى كلا القولين فحكمه معين؛ فمخالفة يكون مخطئًا.

فثبت أن المصيب واحدٌ على كل التقديرات؛ فإن قيل: (لم لا يجوز أن يكون مكلفًا بالحكم، لا على طريق؟):

ص: 3849

قوله: (الحكم في الدين بمجرد التشهي غير جائزٍ):

قلنا: غير جائزٍ، في موضعٍ وجد فيه الدليل، أو في موضعٍ لم يوجد فيه الدليل؟.

الأول مسلم، والثاني ممنوع:

بيانه: أن العمل بالدليل مشروط بوجود الدليل، وإلا كان ذلك تكليفًا بما لا يطاق، وفي هذه المسائل الاجتهادية لا دليل؛ لأنه لو وجد، لكان تارك العمل به تاركًا للمأمور به، فيكون عاصيًا، فيكون مستحقًا للنار على ما مر تقريره في مسألة أن الأمر للوجوب، ولما أجمعوا على أنه لا يستحق النار، علمنا أنه لا دليل، وإذا لم يوجد الدليل، جاز العمل بمجرد الحدس والتوهم؛ كمن اشتبهت عليه أمارات القبلة، فإنه يجوز له العمل بمجرد الحدس والتوهم.

سلمنا أنه أمر بالحكم؛ بناءً على طريق؛ لكن لم لا يجوز أن يحصل في مقابلته طريق آخر؛ فيكون أحدهما راجحًا على الآخر؟.

قوله: (أجمعوا على وجوب العمل بالراجح):

قلنا: العمل بالراجح واجب على من علم ذلك الرجحان، أو على من لم يعلم؟

الأول مسلم، والثاني ممنوع:

بيانه: أن الأمارة الراجحة يجب العمل بها على من اطلع عليها، أما من لم يطلع عليها، فجاز أن يكلفه العمل بالأضعف؛ فإنه غير مستبعد في العقل أن تكون مصلحة أحد المجتهدين في العمل بأقوى الأمارات، ومصلحة الآخر في

ص: 3850

العمل بأضعفها، ومتى كان كذلك، فإن الله تعالى يخطر على قلب من مصلحته العمل بأقواها - وجوه الترجيح، ويشغل الآخر عنها، فيظن أنها أقوى الأمارات؛ لأن مصلحته العمل على أضعف الأمارات، والظن بكونها أقوى الأمارات مع كونها في نفسها أضعف الأمارات - لا يقبح؛ ألا ترى أنه لا يقبح الظن بكون زيد في الدار، وإن لم يكن فيها، وإذا ثبت أن هذا الذي قلنا جائز عقلاً؛ فما الدليل على أنه غير واقعٍ؟.

والجواب:

قوله: (إنما يجب العمل به عند وجود الدليل، وها هنا لا دليل):

قلنا: الدليل على وجود الدليل الظاهر إجماع الأمة على وجود الترجيح بأمور حقيقية، لا خيالية، ووجود الترجيح يستدعي وجود أصل الدليل؛ أعني: القدر المشترك بين الدليل اليقيني، والدليل الظاهري.

قوله: (يجوز العمل بالأضعف، إذا لم يعرف الأقوى):

قلنا: مقدار رجحان القوي على الضعيف: إما أن يكون الاطلاع عليه ممكنًا، أو لا يكون: فإن لم يكن ذلك، لم يكن ذلك القدر معتبرًا في حق المكلف؛ وإلا كان تكليفًا بما لا يطاق؛ فيكون القدر المعتبر بين الأمارتين في حق المكلف مساويًا، لا راجحًا.

وإن أمكن الاطلاع عليه، فإما أن يجب على المكلف تحصيل العلم بتلك الأمارة إلى أقصى الإمكان، أو لا يجب:

فإن كان الأول: كان من لم يصل في معرفتها إلى أقصى الإمكان تاركًا للواجب، فيكون مخطئًا.

ص: 3851

وإن كان الثاني: فهو محال؛ لأنه: إما أن يكون هناك حد ما، متى لم يصل إليه لم يكن معذورًا، وإذا وصل إليه، لم يكلف بالزيادة عليه، وإما ألا يكون الأمر كذلك:

فإن كان الأول: وجب أن يكون من لم يصل إلى ذلك الحد المعين مخطئًا، ومن وصل إليه، يكون مصيبًا، وهذا خلاف الإجماع؛ لأنه لم يدع أحد من الأمة حدًا معينًا في الاجتهاد بحيث إن المجتهد، متى لم يصل إليه، كان مخطئًا، وغير معذور، ومتى وصل إليه، كان مصيبًا.

وأما الثاني، وهو: ألا يكون هناك حد معين؛ فحينئذ: لا تكون التخطئة عند بعض المراتب أولى منها عند بعضٍ، فإما ألا يخطئ أصلاً؛ فيكون العمل بالظن، كيف كان، ولو مع ألف تقصير مصيبًا؛ وهذا باطل بالإجماع، أو لا يكون مخطئًا؛ إلا إذا وصل إلى النهاية الممكنة؛ وهو المطلوب.

الطريقة الثالثة: المجتهد يستدل بشيءٍ على شيءٍ، والاستدلال عبارة عن استحضار العلم بأمور يلزم من وجودها وجود المطلوب، واستحضار العلم بالشيء متوقف على وجود ذلك الشيء، فالاستدلال متوقف على وجود الدليل، ووجود ما يدل على الشيء متوقف على وجود ذلك الشيء، والاستدلال على الشيء يتوقف على وجود المدلول؛ لن دلالته عليه نسبة بينه وبين المدلول، والنسبة بين الأمرين متوقفة في الثبوت على كل واحدٍ منهما، فوجود المطلوب متقدم على الاستدلال بمراتب، والظن متأخر عن الاستدلال؛ لأنه نتيجته وأثره، فلو كان الحكم لا يحصل إلا بعد الظن، كان المتقدم على الشيء بمراتب - نفس المتأخر عن الشيء بمراتب؛ وهو محال.

ص: 3852

الطريقة الرابعة: المجتهد طالب، والطالب لابد له من مطلوب متقدمٍ في الوجود على وجود الطلب؛ فلابد من ثبوت حكمٍ قبل وجود الطلب؛ وإذا كان كذلك، كان مخالف ذلك الحكم مخطئًا.

فإن قلت: (لا نسلم أن المجتهد يطلب حكم الله - تعالى - بل إنما يطلب غلبة الظن:

ومثاله: من كان على ساحل البحر، فقيل له: إن غلب على ظنك السلامة، أبيح لك الركوب، وإن غلب على ظنك العطب، حرم عليك الركوب، وقبل حصول الظن لا حكم لله تعالى عليك، وإنما حكمه يترتب على ظنك بعد حصوله، فهو يطلب الظن دون الإباحة، والتحريم):

قلت: المجتهد إما أن يطلب الظن، كيف كان، أو ظنًا صادرًا عن النظر في أمارة تقتضيه؟.

الأول: باطل بإجماع الأمة؛ فثبت أنه يطلب ظنًا صادرًا عن النظر في الأمارة، والنظر في الأمارة متوقف على وجود الأمارة، ووجود الأمارة متوقف على وجود المطلوب؛ فثبت أن طلب الظن متوقف على وجود المدلول بمراتب، فلو كان وجود المدلول متوقفًا على حصول الظن، لزم الدور، وهذا غير ما قررنا في الطريقة الثانية.

واحتج القائلون بأنه لا حكم لله تعالى في الواقعة بأمورٍ:

أحدهما: لو كان في الواقعة لله حكم، لكان: إما أن يكون عليه دليل؛ وأعني بالدليل: القدر المشترك بين ما يفيد الظن، وبين ما يفيد اليقين، أو لا يكون:

ص: 3853

والقسمان باطلان؛ فبطل القول بثبوت الحكم، أما الملازمة فظاهرة؛ وإنما قلنا:(إنه لا يجوز أن يكون عليه دليل) لأنه لو كان عليه دليل، لكان المكلف متمكنًا من تحصيل العلم، أو الظن به؛ فكان الحاكم بغيره حاكمًا بغير ما أنزل الله تعالى، فيلزم تكفيره؛ لقوله تعالى:} ومن لم يحكم بما أنزل الله، فأولئك هم الكافرون {وتفسيقه؛ لقوله تعالى:} ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون {والقطع بأنه من أهل النار؛ لأنه يكون تاركًا لما أمر الله به، وتارك المأمور به عاص، والعاصي من أهل النار؛ لقوله تعالى:} ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارًا خالدًا فيها {ولما أجمعت الأمة على فساد هذه اللوازم، علمنا أنه ليس على الحكم دليل.

فإن قلت:) هذه العمومات مخصوصة؛ لأن أدلة هذه الأحكام غامضة، فيكون التكليف باتباعها حرجًا، وذلك منفي؛ بقوله تعالى:} وما جعل عليكم في الدين من حرجٍ {.

قلت: غموض أدلة هذه الأحكام لا يزيد على غموض أدلة المسائل العقلية، مع كثرة مقدماتها، وكثرة الشبه فيها، وكون الخطأ فيها كفرًا وضلالا، فكذا هاهنا.

وإنما قلنا: (إنه لا يجوز ألا يكون عليه دليل) لأنه لو كان كذلك، لكان التكليف به تكليفًا بما لايطاق؛ وإنه غير جائز؛ فثبت بما ذكرنا فساد القسمين، ويلزم من فسادهما القطع بأنه لا حكم في الواقعة البتة.

وثانيها: أن الأمة مجمعة على أن المجتهد مأمور بأن يعمل على وفق ظنه، ولا

ص: 3854

معنى لحكم الله إلا ما أمر به، وإذا كان مأمورًا بالعمل بمقتضى ظنه، فإذا عمل به، كان مصيبًا؛ لأنه يقطع بأنه عمل بما أمره الله به؛ فوجب أن يكون كل مجتهدٍ مصيبًا.

وثالثها: لو وجد الحكم، لوجد عليه دليل قاطع، لكن لم يوجد عليه دليل قاطع؛ فوجب ألا يوجد الحكم ألبتة.

بيان الملازمة: هو أن بتقدير وجود الحكم: إما أن يوجد عليه دليل، أو لا يوجد عليه دليل: فإن لم يوجد عليه دليل ألبتة، كان التكليف بذلك الحكم تكليف ما لا يطاق، وإن وجد عليه دليل، فذلك الدليل: إما أن يكون مستلزمًا لذلك المذكور، قطعًا أو ظاهرًا، أو لا قطعًا ولا ظاهرًا، والقسمان الأخيران باطلان:

أما أنه لا يجوز ألا يستلزمه قطعًا: فالأمر فيه ظاهر؛ لأن الذي يكون كذلك، استحال أن يتوصل به إلى ثبوت المدلول.

وأما أنه لا يجوز ألا يستلزمه ظاهرًا: فلأن هذا الدليل: إما أن يمكن وجوده بدون المدلول، أو لا يمكن:

فإن لم يكن، كان مستلزمًا له قطعًا لا ظاهرًا، وإن أمكن وجود الدليل بدون ذلك المدلول في بعض الصور، فلو استلزمه في صورة أخرى، فلا يخلوا: إما أن تتوقف صيرورته مستلزمًا على انضمام قيد إليه أو لا تتوقف:

فإن توقف على انضمام قيد إليه، كان المستلزم للمدلول ذلك المجموع، لا ذلك الذي فرضناه أولاً دليلاً، وإن لم يتوقف على انضمام قيد إليه، فذلك الشيء تارة ينفك عن المدلول، وأخرى يستلزمه من غير انضمام قيدٍ إليه، لا

ص: 3855

بالنفي ولا بالإثبات؛ فيلزم رجحان أحد طرفي الممكن على الآخر من غير مرجح؛ وذلك محال.

وإذا ثبت أن المستلزم هو ذلك المجموع، فذلك المجموع: إن أمكن انفكاكه عن المدلول، استحال أن يستلزم المدلول إلا بقيد آخر، فإما أن يتسلسل؛ وهو محال، أو ينتهي إلى شيءٍ يمتنع انفكاكه عن المدلول؛ فحينئذٍ: يكون دليلاً قطعيًا لا ظاهرًا.

فإن قلت: (الدليل الظاهر: هو الذي يستلزم كون المدلول أولى بالوجود، أو كونه غير منته إلى الوجوب، وهذا المعنى ملازم له أبدًا!!):

قلت: الأولوية التي لا تنتهي إلى حد الوجوب ممتنعة؛ لأن مع تلك الأولوية: إن امتنع العدم، فذلك هو الوجوب، وإن لم يمتنع، فتلك الأولوية يمكن حصولها مع الوجود تارة، ومع العدم أخرى، ورجحان أحدهما على الآخر، إن توقف على انضمام قيدٍ زائدٍ، لم يكن الحاصل أولاً كافيًا في الرجحان.

وإن لم يتوقف، لزم رجحان الممكن من غير مرجحٍ، وهو محال؛ فثبت بهذا البرهان القاطع أن الذي لا يستلزم الشيء قطعًا، استحال أن يستلزمه بوجه من الوجوه، لا ظنًا، ولا ظاهرًا؛ فثبت أنه لو وجد في الواقعة حكم معين، لوجد عليه دليل قاطع ولما انعقد الإجماع على أنه ليس كذلك، علمنا أنه ليس في الواقعة حكم ألبتة.

ورابعها: لو حصل في الواقعة حكم معين، لكان ما عداه باطلاً، ولو كان كذلك، لزم أمور أربعة.

أحدها: يلزم ألا يجوز لأحدٍ من الصحابة أن يولي بعضهم بعضًا؛ مع

ص: 3856

علمهم بكونهم مخالفين لهم في مذاهبهم؛ لأن التمكين من ذلك تمكين من ترويج الباطل؛ وإنه غير جائز، لكنه قد وقع ذلك؛ روي أن أباب بكرٍ رضي الله عنه ولي زيدًا، مع أنه كان يخالفه في الجد.

وولي علي رضي الله عنه شريحًا، مع أنه كان يخالفه في كثيرٍ من الأحكام.

وثانيها: يلزم ألا يمكنه من الفتوى، وقد كانوا يفعلون ذلك.

وثالثها: كان يجب أن ينقضوا أحكام مخالفيهم، وأن ينقض الواحد منهم حكم نفسه الذي رجع عنه؛ لأن كثيرًا منهم قضي بقضايا مختلفةٍ، لكن لم ينقل عن أحد منهم: أنه نقض حكم غيره، ولا حكم نفسه عند رجوعه عنه.

ورابعها: أنهم اختلفوا في الدماء والفروج، والخطأ في ذلك يكون كبيرًا، لأنه لا فرق بين أن يمكن غيره بفتواه بالباطل؛ من القتل، وأخذ المال، وبين أن يقتل ويأخذ المال، ويصرفه إلى غير المستحق، ابتداءً من كونه كبيرًا، ويجب تفسيق فاعله، والبراءة عنه، ولما لم يوجد شيء من هذه اللوازم الأربعة، علمنا أنه لا حكم في الواقعة أصلاً.

فإن قلت: (فلم لا يجوز أن يقال: ذلك الخطأ كان من باب الصغائر؛ فلا جرم لم يجب الامتناع عن التولية، ولا المنع من الفتوى، ولا البراءة، ولا التفسيق؟):

سلمنا أنه كبيرة؛ فلم لا يجوز أن يقال: هذه الأمور إنما تلزم لو حصل في هذه المسائل طريق مقطوع به، أما إذا كثرت وجوه الشبه، وتزاحمت جهات التأويلات والترجيحات - صار ذلك سببًا للعذر، وسقوط اللوم؟.

سلمنا صحة دليلكم؛ لكنه معارض بوجوهٍ:

الأول: ما روي عن الصحابة من التصريح؛ روي عن الصديق الأكبر -

ص: 3857

رضي الله عنه - أنه قال في الكلالة: (أقول فيها برأيي، فإن كان صوابًا، فمن الله تعالى، وإن كان خطأ، فمني، وأستغفر الله) وعن عمر رضي الله عنه أنه حكم بحكمٍ، فقال له بعض الحاضرين:(هذا، والله، هو الحق) وحكم بحكم آخر، فقال له الرجل:(هو، والله، الحق) فقال له عمر: (إن عمر لا يعلم أنه أصاب الحق، لكنه لا يألو جهدًا) وقال أيضًا لكاتبه: (اكتب: (هذا ما رأي عمر، فإن كان صوابًا، فمن الله، وإن كان خطأ، فمنه).

وقال علي لعمر في قصة المجهضة: (إن قاربوك، فقد غشوك، وإن اجتهدوا، فقد أخطئوا) وقال ابن مسعود في المفوضة: (أقول فيها برأيي، فإن كان صوابًا، فمن الله، وإن كان خطأ، فمني ومن الشيطان، والله ورسوله منه بريئان) ونقل: أن جماعة الصحابة خطئوا ابن عباسٍ في إنكار العول، وقال ابن عباسٍ:(ألا يتقي الله زيد بن ثابتٍ).

الثاني: أن الصحابة اختلفوا قبل العقد لأبي بكر رضي الله عنه فقالت الأنصار: (منا أمير، ومنكم أمير) وكانوا مخطئين؛ لمخالفتهم قوله عليه الصلاة والسلام (الأئمة من قريشٍ) ولم يلزم من ذلك الخطأ إظهار البراءة والتفسيق، فكذا ها هنا.

الثالث: اختلفوا في أن مانع الزكاة، هل يقاتل؟! وقضي عمر في الحامل المعترفة بالزنا بالرجم، وكان ذلك على خلاف النص، ولم يلزم تفسيق عمر، فكذا هاهنا!.

وأما قوله في الوجه الرابع: (إنهم اختلفوا في الدماء والفروج، والخطأ فيها كبير):

ص: 3858

قلنا: لا نسلم؛ فإنه لما لم يمتنع أن تكون الأقوال المختلفة صوابًا؛ على مذهبكم؛ فلم لا يجوز أن يكون الخطأ فيها صغيرًا؟.

وقوله: (لا فرق بين القتل والغصب ابتداء، وبين التمكين منهما بالفتوى الباطلة):

قلنا: لا نسلم؛ ولم لا يجوز أن يكون تمسكه في ذلك بما يشبه الدليل سببًا لسقوط العقاب والتفسيق؟.

قلت: أما الجواب عن الأول: فالذي يدل على أنه لو كان خطأ، لكان من الكبائر، لا من الصغائر: أن تارك العمل به تارك للعمل المأمور به؛ فيكون عاصيًا؛ فيكون مستحقًا للنار.

وعن الثاني: أن غموض الأدلة، وكثرة الشبه فيها ها هنا أقل مما في العقليات مع أن المخطئ فيها كافر، أو فاسق.

وعن الثالث: أن نقول: ترك البراءة والتفسيق مع التمكين من الفتوى والعمل منقول عن هؤلاء الذين نقلتم عنهم التصريح بالتخطئة؛ فلابد من التوفيق، وقد تعذر صرفه إلى كون الخطأ صغيرًا؛ لما بينا فساده؛ فإذن: لا طريق في التوفيق إلا صرف ما نقلناه إلى قسمٍ، وما نقلتموه إلى قسمٍ آخر؛ وذلك لأنا لا ندعي التصويب في كل المسائل الشرعية؛ حتى يضرنا ما ذكرتموه، أما أنتم فتدعون الخطأ في كل الاختلافات، فيضركم ما ذكرناه، فنحمل التخطئة على ما إذا وجد في المسألة نص قاطع، أو على ما إذا لم يستقص المجتهد في وجوه الاستدلال، وقوله: (إن يكن صوابًا، فمن الله، وإن يكن خطأ، فمني، ومن

ص: 3859

الشيطان) معناه: إن استقضيت في وجوه النظر والاستدلال، فمن الله، وإن قصرت، فمني، ومن الشيطان.

وأما المعارضة الثانية، فجوابها: أن الأنصار ما سمعوا ذلك الحديث؛ فلا جرم لم يستحقوا التفسيق والبراءة؛ بخلاف هذه المسائل؛ فإن كل واحدٍ من المجتهدين عرف حجة صاحبه، وأطلع عليها، فلو كان مخطئاً، لكان مصرًا على الخطأ بعد اطلاعه عليه، فأين أحد البابين من الباب الآخر؟.

وهذا هو الجواب أيضًا عن اختلافهم في مانعي الزكاة، وقصة المجهضة.

قوله على الوجه الرابع: لما جاز أن تكون المذاهب المختلفة في الدماء والفروج خفيةً؛ فلم لا يجوز أن يكون الخطأ فيها صغيرًا، لا كبيرًا؟):

قلنا: قد ذكرنا الدليل على أن الخطأ في هذا الباب لابد وأن يكون كبيرًا، ولأنه روي أنه عليه الصلاة والسلام قال:(من سعي في دم مسلمٍ، ولو بشطر كلمة جاء يوم القيامة مكتوبًا بين عينيه: آيس من رحمة الله). فهذا وأمثاله من الأحاديث التي لا حد لها يدل على أنه لو كان المفتي في هذه الوقائع مخطئًا، لكان خطؤه كبيرةً، لا صغيرةً.

وخامسها: لو كان المجتهد مخطئًا، لما حصل القطع بكون الخطأ فيه مغفورًا، وقد حصل ذلك، فهو ليس بمخطئ.

بيان الملازمة: أنه لو حصل القطع بكون الخطأ مغفورًا، لكان في ذلك الوقت: إما أن يجوز المخطئ كونه مخلاً بنظرٍ يلزمه فعله، أو لا يجوز ذلك:

فإن لم يجوز ذلك، كان كالساهي عن النظر الزائد، فلم يكن مكلفًا بفعله،

ص: 3860

وإذا لم يكن مكلفًا بفعله، لم يستحق العقاب بتركه؛ فلا يكون مخطئًا؛ وقد فرض مخطئًا؛ هذا خلف.

وإن جوز كونه مخلاً بنظرٍ زائدٍ، لم يخل: إما أن يعلم في تلك الحالة: أنه مغفور له إخلاله بذلك النظر الزائد، أو لا يعلم ذلك:

فإن علم ذلك، لم يصح؛ لأن المجتهد لا يعلم المرتبة التي إذا انتهي إليها، غفر له ما بعدها؛ لأنه إن اقتصر على أول المراتب، لم يغفر له ما بعدها وما من مرتبةٍ ينتهي إليها، إلا ويجوز ألا يغفر له ما بعدها، ولا تتميز بعض تلك المراتب من بعضٍ، ولأنه لو عرف تلك المرتبة، لكان مغري بالمعصية؛ لأنه علم أنه لا مضرة عليه في ترك النظر الزائد، مع كونه مثابًا عليه.

فثبت أنه لا يعرف تلك المرتبة، وإذا لم يعرفها، جوز ألا يغفر له إخلاله بما بعدها من النظر، وجوز أيضًا في كل مخطئ من المجتهدين: أنهم ما انتهوا إلى المرتبة التي يغفر لهم ما بعدها؛ وفي ذلك تجويز كونهم غير مغفورٍ لهم.

فثبت أنه لو كان مخطئًا، لما حصل القطع بكونه مغفورً له؛ لكنه حصل القطع بذلك؛ لأنهم اتفقوا من لدن عصر الصحابة إلى يومنا هذا: أن ذلك مغفور لهم، فعلمنا أن المجتهد ليس بمخطئٍ.

وسادسها: قوله عليه الصلاة والسلام: (أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم، اهتديتم) خير الناس في تقليد أعيان الصحابة، وكان الصحابة مختلفين في المسائل، فلو كان بعضهم مخطئًا في الحكم، أو الاجتهاد، لكان قد حثهم على الخطأ والمصير إليه، وإنه لا يجوز.

وسابعها: قوله عليه الصلاة والسلام لمعاذٍ، لما رتب الاجتهاد على

ص: 3861

السنة، والسنة على الكتاب:(أصبت)؛ حكم بتصويبه مطلقًا، ولم يفصل بين حالة وحالةٍ، فعلمنا أن المجتهد مصيب على الإطلاق.

والجواب عن الأول: أن على الحكم دليلاً ظاهرًا، لا قطعيا.

قوله: (لزم كفر تاركه، وفسقه؛ بالآيات):

قلنا: عندنا أن المجتهد قبل الخوض في الاجتهاد كان تكليفه أن يطلب ذلك الحكم الذي عينه الله تعالى، ونصب عليه الدليل الظاهر، فإذا اجتهد، وأخطأ، ولم يصل إلى ذلك الحكم، وغلب على ظنه شيء آخر، تغير التكليف في حقه، وصار مأمورًا بأن يعمل بمقتضى ظنه، وعلى هذا التقدير: يكون حاكمًا بما أنزل الله - تعالى لا بغير ما أنزل الله، فيسقط ما ذكروه من الاستدلال.

وهذا هو الجواب أيضًا عن الحجة الثانية؛ لأنا نسلم أن المجتهد بعد أن اجتهد، وغلب على ظنه أن الحكم كذا؛ فإنه يكلف بأن يعمل بمقتضى ذلك الظن، وحكم الله تعالى في هذه الحالة في حقه ليس إلا ذلك؛ لكن لم لا يجوز أن يقال:(إنه قبل الخوض في الاجتهاد كان مأمورًا بذلك الحكم الذي عينه الله تعالى، ونصب عليه الدليل؛ لكنه بعد الاجتهاد ووقوع الخطأ، تغير التكليف) وما ذكروه لا ينفي هذا الاحتمال.

وأيضًا:

فهذه الدلالة منقوضة بما إذا كان النص موجودًا في المسألة، والمجتهد طلبه، ولم يجده، ثم غلب على ظنه بمقتضى القياس خلاف ذلك الحكم، فإن كان تكليفه في هذه الحالة أن يعمل بمقتضى ذلك القياس، مع انعقاد الإجماع على

ص: 3862

كونه مخطئًا في هذه الصورة، فما جعلوه جوابًا لهم عن هذه الصورة، فهو جوابنا عما قالوه.

واعلم أن من المصوبة من منع التخطئة في هذه الصورة، والمعتمد ما قدمناه.

وهو الجواب عن الوجه الثالث الذي ذكروه وعن الوجه الرابع؛ لأنه إنما يجب البراءة والتفسيق، لو كان عاملاً بغير حكم الله تعالى، لكنه بعد الخطأ مكلف بأن يعمل بمقتضى ظنه، فيكون عاملاً بحكم الله تعالى؛ فلا يلزم شيء مما ذكروه.

وعن الخامس: أن المرتبة التي عندها يحكم بكونه مغفورً هي: أن يأتي بما يقدر عليه من غير تقصيرٍ.

وعن السادس: أنه معارض بقوله عليه الصلاة والسلام (من اجتهد وأخطأ فله أجر واحد).

وأيضًا: فهو خبر واحد، وما ذكرناه دلائل قاطعة؛ فلا يحصل التعارض، وهو الجواب عن الوجه السابع.

واعلم أنا نريد أن نتكلم في فروع القول بالتصويب:

مسألة: الذين قالوا: ليس في الواقعة حكم معين، منهم: من قال بالأشبه؛ على التفسير الذي لخصناه، ومنهم: من لم يقل به، وهو الحق.

لنا: أن ذلك الأشبه: إما أن يكون هو العمل بأقوى الأمارات، أو غيره:

فإن كان الأول: فأقوى الأمارات: إما أن يكون موجودًا، أو لا يكون: فإن

ص: 3863

كان موجودًا، كان الأمر به واردا؛ لإجماع الأمة على وجوب العمل بأقوى الأمارات؛ فحينئذٍ: يكون الحكم بذلك الأشبه واردًا؛ وقد فرضناه غير واردٍ؛ هذا خلف.

وإن كان أقوى الأمارات غير موجودٍ، لم يكن الأشبه أيضًا موجودًا؛ لأنا فرضنا أن الأشبه هو نفس أقوى الأمارات.

وأما إن كان الأشبه شيئًا غير العمل بأقوى الأمارات: فإما أن تكون مفسدة للمكلف، أو مصلحة له، أو لا مفسدة ولا مصلحة:

والأول: باطل؛ لأنه ليس في الأمة أحد يقول: إنه يجب أن يكون في كل واقعة حكم، لو نص الله تعالى على الحكم، لنص عليه، مع أنه يكون مفسدةً.

وأما الثاني: وهو أن يكون مصلحةً: فإما أن تجب على الله - تعالى - رعاية المصالح، أو لا تجب: فإن وجبت، وجب عليه التنصيص على ذلك الحكم؛ ليتمكن المكلف من استيفاء تلك المصلحة، وإن لم تجب عليه رعاية المصلحة، جاز منه - تعالى - أن ينص على غير ذلك الحكم، وذلك يبطل القول بأنه لو نص على الحكم لما نص إلا عليه.

وأما الثالث: وهو: أن يكون ذلك الأشبه لا مصلحةً، ولا مفسدةً، فهذا إنما يمكن لو قلنا:(إنه لا تجب عليه رعاية المصالح) وكل من قال بهذا القول قال: إنه لا يتعين عليه تعالى أن يحكم على وجهٍ معينٍ، بل له أن يحكم كيف شاء، وذلك يمنع من القول بتعين الأشبه.

واحتج القائلون بالأشبه بالنص، والمعقول:

أما النص: فقوله عليه الصلاة والسلام: (إذا اجتهد الحاكم، وأخطأ، فله

ص: 3864

أجر واحد) صرح بالتخطئة، وهذه التخطئة ليست لأجل مخالفة حكمٍ واقع؛ لأنا قد دللنا على أنه لا حكم؛ فلابد وأن يكون لأجل كونه مخالفًا لحكمٍ مقدر، وهو الأشبه.

وأما المعقول: فهو: أن المجتهد طالب، والطالب لابد له من مطلوبٍ، ولما لم يكن المطلوب معينًا وقوعًا، وجب أن يكون معينًا تقديرًا.

والجواب: أن ذلك الأشبه، إن كان هو العمل بأقوى الأمارات، فهو حق، وهو قولنا.

وإن كان غيره، مع أن الله - تعالى - لم ينص عليه - ولا أقام عليه دلالة، ولا أمارة - فكيف يكون مخطئًا بالعدول عنه، وكيف ينقص ثوابه، إذا لم يظفر بما لم يكلف بإصابته، ولا سبيل إلى إصابته، وهذا هو بعينه الجواب عن الوجه المعقول.

مسألة: القائلون بأن المصيب واحد احتجوا:

بأن القول بتصويب الكل يفضي إلى وقوع منازعةٍ لا يمكن قطعها، وهذا كما إذا نكح رجل امرأةً، وكانا مجتهدين، ثم قال:(أنت بائن) ثم راجعها، والزوج شافعي يري الرجعة، والمرأة حنفية ترى الكنايات بواثن، فها هنا الزوج متمكن شرعًا من مطالبتها بالوطء، والمرأة مأمورة بالامتناع، وهذه منازعة لا يمكن قطعها.

قال المصوبون: هذا الإشكال وارد عليكم أيضًا؛ فإن أهل التحقيق منكم ساعدوا على أنه يجب على المجتهد العمل بموجب ظنه، إذا لم يعرف كونه مخطئًا، فهذا الإلزام أيضًا واردٌ عليكم.

ص: 3865

ولما كان هذا الإشكال واردًا على المذهبين، وجب أن نذكر تقسيمًا في باين الحوادث النازلة بالمكلفين؛ ليظهر أنه لا نزاع فيها؛ فنقول: الحادثة: إما أن تنزل بمجتهدٍ، أو بمقلدٍ:

فإن نزلت بمجتهد: فإما أن يختص به، أو تتعلق بغيره: فإن اختصت به، عمل بما يؤديه إليه اجتهاده، فإن استوت عنده الأمارات، تخير بينها، أو يعاود الاجتهاد إلى أن يظهر الرجحان، وإن تعلقت بغيره؛ فإن كان يجري فيه الصلح؛ نحو التنازع في مالٍ - اصطلحا فيه، أو رجعا إلى حاكمٍ يفصل بينهما، إن وجد، فإن لم يوجد، رضيا من يحكم بينهما، ومتى حكم، لم يكن لهما الرجوع عنه.

وإن لم يجر الصلح فيه؛ كما ذكرنا في مسألة الكنايات - فإنهما يرجعان إلى من يفصل بينهما، سواء كان صاحب الحادثة مجتهدًا وحاكمًا، أو لم يكن؛ فإن الحاكم لا يجوز له أن يحكم لنفسه على غيره، بل ينصب من يقضي بينهما.

وإن كان مقلدًا: فإن كانت الحادثة تخصه، عمل على ما اتفق عليه من الفتوى، وإن اختلفوا، عمل بفتوى الأعلم الأورع، فإن استويا، تخير بينهما، وإن كانت تتعلق بغيره، عمل - كما بيناه - في حق المجتهدين.

مسألة: في نقض الاجتهاد: المجتهد إذا تغير اجتهاده، ففيه بحثان:

الأول: أن المجتهد، كيف يعمل؟.

والثاني: أن العامي الذي عمل بفتواه، كيف يعمل؟.

أما الأول فنقول: المجتهد إذا أفضى اجتهاده إلى أن الخلع فسخ؛ فنكح امرأةً

ص: 3866

خالعها ثلاثًا، ثم تغير اجتهاده: فإما أن يكون قد قضى القاضي بصحة ذلك النكاح قبل تغير اجتهاده، أو ما قضى بذلك:

فإن كان الأول: بقي النكاح صحيحًا؛ لأن قضاء القاضي، لما اتصل به، فقد تأكد، فلا يؤثر فيه تغير الاجتهاد.

وإن كان الثاني: لزم تسريحها، ولم يجز له إمساكها على خلاف اجتهاده.

وأما الثاني: وهو ما إذا أمسك العامي زوجته بفتوى المفتي؛ بأن الخلع فسخ، فإذا تغير اجتهاد المفتي، فالصحيح: أنه يجب عليه تسريحها؛ كما إذا تغير اجتهاد متبوعة عن القبلة في أثناء الصلاة، فإنه يتحول إلى الجهة الأخرى؛ بخلاف قضاء القاضي؛ فإنه متى اتصل بالحكم المجتهد فيه، استقر.

واعلم أن قضاء القاضي لا ينتقض؛ بشرط ألا يخالف دليلاً قاطعًا، فإن خالفه، نقضناه.

الركن الرابع

حكم الاجتهاد

قال القرافي: قوله: (وضع الله - تعالى - على هذه المطالب أدلة يقينية، ومكن العقلاء من معرفتها):

قلنا: أما الوضع فمسلم، وأما تمكين جميع العقلاء فممنوع؛ لأن التمكين عبارة عن كون الإنسان بحيث لو تحرك بجميع قوته في النظر والفكر وصل إلى ذلك المطلوب غالبًا.

وهذا إنما يكون مع صلاحية المزاج، وجودة العقل، وأما البهيمية فليس لها التمكن من معرفة دقائق الأدلة العقلية؛ بل ولا ظواهرها، والبلهان كثير، والنسوان قريب من البهائم، فلا مكنة لهم، وإن أردتم أن الله - تعالى - مكن بعض العقلاء، فمسلم، ولكن النزاع في الكلية لا في الجزئية.

ص: 3867

قوله: (إذا نظرنا في أدلة المخالفين لم نجد واحدًا منهم مكابرًا، قائلاً بما يقطع العقل بفساده).

قلنا: أما المكابرة فتندر، وهي موجودة.

وأما قطع العقل بفساد المدرك فضروري، غير أن ذلك القطع بالفساد يفتقر إلى نظر من عارف بقواعد الأدلة، وكونه قطعيًا بعد النظر لا يمنع كونه قطعيًا، فهذه الدعوى باطلة قطعًا.

بل القطع حاصل بفساد أدلة الفرق الزائغة.

قوله: (لم لا يجوز أن يقال: أن يكونوا مأمورين بالظن الغالب؟):

قلنا: لأن النصوص وردت في ذم الظن - كما تقدم - فتعين ألا يكون مأمورًا به.

قوله: (اليقين التام هو المتولد من الدليل المركب من المقدمات البديهية):

قلنا: لا نسلم توقف اليقين على ذلك؛ بل يحصل من المقدمات النظرية الناشئة عن البديهات، كما يحصل اليقين في مسائل الحساب في الجبر والمقابلة، وغيره بمقدمات نظرية راجعة إلى مقدمات بديهية، ويطول الخطب، وتكثر المقدمات النظرية، ومع ذلك - في آخر الأمر - يحصل القطع بمقدار ذلك الحساب، فليس اليقين موقوفًا على مقدمات كلها بديهية.

قوله: (يكلف الإنسان في الساعة الواحدة معرفة ما عجز الخلق عن معرفته في خمسمائة سنة، وذلك ينافي ما بعث به النبي صلى الله عليه وسلم من الحنيفية السهلة السمحة):

قلنا: هذه المقدمات كلها غير صحيحة.

أما تكليفه في الساعة الواحدة، فلم يقل به، النظر في زمان يحتاجه لذلك النظر، بحسب طوله وقصره.

ص: 3868

وأما عجز الخلق عن ذلك، فتهويل بالباطل؛ فإن ما وقع به التكليف من قواعد العقائد لم يعجز الخلق كلهم عنه؛ بل من تصدى إليه من أهل النظر حصله، وإنما يقع العجز عنه من التقصير.

بل المعجوز عنه هو المطالب التي وراء رتبة التكليف، كالمعرفة بكنه حقيقة الله - تعالى - وجميع صفات الله - تعالى - على التفصيل بحيث لا يشذ منها شيء، ونحو ذلك.

هذا هو المعجوز عنه.

أما وجود الصانع - تعالى - وصفاته السبعة التي دلت عليها الصنعة، وصفاته الذاتية، كوجوب الوجود، والأزلية، والأبدية، والصفات السلبية، نحو كونه - تعالى - ليس بجوهر، ولا عرض، ونحو ذلك.

فهذا هو مورد التكليف، ولم يحصل العجز عنه؛ بل تعداه الفضلاء إلى مراتب أخرى من هذا الفن، وحصل لهم العلم فيها.

أما كون الشريعة سهلة سمحة، فذلك خاص بالفروع الشرعية.

أما أصول الديانات، فلم يطرد ذلك فيها، بل المعلوم من الدين بالضرورة، أن الطوائف الذين لا أهلية لهم في النظر، ولا تحصيل العلوم كفار مخلدون.

نحو: يأجوج، ومأجوج، وما قاربهم من بلاد الأتراك من المغول، والتتار، والبلغار ونحو ذلك من البلاد الشمالية الخارجة عن الاعتدال، بسبب توغلها في الشمال، وكذلك الأمم التي توغلت في الجنوب، نحو الزنج، وأكثر بلاد التكرور وغيرهم من الطوائف المشوهين الخلق، المنحرفين الطباع، لا يألفون، ولا يؤلفون في الجزر من البحر الملح وغيره.

فهؤلاء - كلهم - في غاية البعد عن النظر في المعجزة - فضلاً - عن غيرها.

ص: 3869

ومع ذلك فمن المعلوم بالضرورة أنهم كفار يقاتلون، ويقتلون ويغتمون ويؤسرون، وغير ذلك من أحكام الكفار الجارية عليهم.

ومن المعلوم أن السهولة، والتخفيف يأبي هذه الأحوال، فدل على أن أصول الديانات مختصة بأحكام دون فروعها.

وكذلك شرع الإكراه بالقتل والقتال، وأخذ الذراري، والأموال، والجلاء عن الأوطان، في تحصيل الإيمان منهم، ويعتد به منهم - في هذه الحالة - بإجراء أحكام الإسلام عليهم.

والفروع مع الإكراه لا تعتبر، ولا يجرى في أحكامها، فاختصت الأصول بالإكراه، وأن المصيب فيها واحد، وأن الظن فيها والتقليد غير معتبر، وأن العاجز غير معذور، والمخطئ آثم.

وسبب ذلك: عظم خطرها، وعلو منصبها؛ لتعلقها بجهة الحق سبحانه وتعالى والفروع مصالح للعباد، فخف أمرها، وكانت السهولة مختصة بها في أضداد الفروع المتقدمة.

قوله: (الصحابة - رضوان الله عليهم - ما كانوا متبحرين في دقائق الهندسة، والهيئة، والأرثماطيقي، ولا هذه الأدلة الدقيقة، ولا الجواب عن شبهات الفلاسفة):

قلنا: المعلوم لأهل الاطلاع على أحوال الصحابة خلاف ذلك من جل الصحابة رضوان الله عليهم.

فقد روي عن علي: أنه قال له ابن عباس بـ (البقيع) ليلة: حدثني - في (الحمد لله رب العالمين) - فقال له: إن الوقت لا يسع، فقال له في (بسم الله الرحمن الرحيم).

فقال له: إن الوقت لا يسع، فقال له: في (الباء).

ص: 3870

قال: فأخذ يحدثني في (الباء) من العشاء إلى أن طلع الفجر.

وكان علي رضي الله عنه يستخرج وقائع (صفين) من قوله - تعالى-:} حم، عسق {.

وكان يقول: إني لأعلم بطرق السماء من طرق الأرض، ولو انكشف الغطاء ما ازددت يقينًا.

وكان من أعلم الناس بالأرثماطيقي، حكاياته في علم الفرائض في ذلك مشهورة حيث قال حين سئل عن زوجة، وأبوين، وبنتين، فقال:(صار ثمنها تسعًا؛ لأن أصلها من أربعة وعشرين؛ لاجتماع السدس والثمن، ويعال للزوجة بثمانية، وهي الثمن، فتصير سبعة وعشرين، فيصير ثمنها تسعًا).

قال الشعبي: لم أر أحسب من علي بن أبي طلاب رضي الله عنه ووقفت له امرأة فقالت: إن أخي قد مات، وترك ستمائة دينار، فلم يعطني عاملك إلا دينارًا.

فقال لها: لعل أخاك قد ترك ابنتين، وزوجة، وجدة، واثني عشر أخًا وأنت؟ فقالت: نعم.

فقال: ليس لك إلا دينار.

يريد رضي الله عنه أن الثلثين أربعمائة للابنتين، والسدس للجدة مائة، والثمن للزوجة خمسة وسبعون يبقي خمسة وعشرون بين الإخوة:} للذكر مثل حظ الأنثيين {، فينوب كل أخٍ ديناران، وينوبها دينار.

وحكايته في الفرائض، وغيرها كثيرة جدًا.

فالصحابة - رضوان الله عليهم - كانوا بحار علوم، فكيف يدعى عليهم عدم المعرفة بالحساب، وغيره؟.

ص: 3871

بل كانوا متبحرين في كل فن؛ فإن الموجب لعلومهم ليس الدرس، والتكرار، ومطالعة الكتب حتى يقال: لم يشتغلوا إلا بالكتب الفلانية، فيختص عليهم بتلك الكتب، بل الموجب هو نور النبوة، ونسبته إلى جميع العلوم نسبة واحدة، فيكونون متبحرين في جميع العلوم.

نعم هذه العبارات والاصطلاحات الحادثة، لا يلزم أن يكونوا عالمين بها، والجهل بها لا يخل بالعلوم، ولذلك شهد عليه السلام لهم، فقال:(أقضاكم علي، وأفرضكم زيد، وأقرؤكم أبي، وأعلمكم بالحلال والحرام معاذ بن جبلٍ، ورضيت لأمتي ما رضي لها ابن أم عبدٍ) - يعني عبد الله بن مسعود، و (خذوا شطر دينكم عن هذه الحميراء) - يعني: عائشة رضي الله عنها.

قوله: (سلمنا أنه قتل مثل هذا الإنسان، لكن لم قلت: إنه يعاقب؟):

تقريره: أن القتل قد يكون بدون العقاب، كالمرجوم - بعد التوبة عن

ص: 3872