الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المؤثر؛ لأن الحادث الموجود في أول أزمنة وجوده، وأول أزمنة الوجود هو أول صدوره عن المؤثر، ولا يصدر عن المؤثر إلا إذا استجمع لكل ما لابد منه في التأثير، وإذا استجمع لكل ما لابد منه في التأثير وجب الأثر.
والواجب مستغن عن المؤثر من حيث هو واجب، فالحادث -حينئذ -فيه اعتبارا: إن اعتبرناه من حيث ذاته، فو ممكن قابل للوجود، والعدم مفتقر إلى المؤثر، وهو من هذا الاعتبار ليس بحادث.
وإن اعتبرناه من حيث هو موجود حادث كان واجبًا مستغنيًا عن المؤثر، فظهر أن الحدث بما هو حادث مستغن، فيبطل قولكم: الحاث مفتقر إلى المؤثر.
(سؤال)
على قوله: (عدم حدوث الحادث أكثر من عدم الباقي؛ لأنه يصدق على ما لا نهاية له أنه لم يحدث بخلاف عدم الباقي بعلة حدوثه):
بأن نقول: إذا كان عدم ما لم يوجد أكثر من عم ما وج يقتضي ذلك، أنا إذا تحققنا وقوع عدم، وجهلنا هل هو عدم من عدميات ما لم يوج، أو من عدميات ما وجد؟
غلب على ظننا أنه من عدميات ما لم يوج؛ لأن الدائر بين الغالب، والنادر يحكم العقل بإضافته إلى الغالب، وليس يقتضي ما ذكرتموه أنا إذا تصورنا وجود الباقي وعدمه، رجح -عندنا -وجوده على عدمه.
والنزاع إنما هو في مرجوحية عدم الباقي بالنسبة إلى وجوده، لا في مرجوحية عدم الباقي بالنسبة إلى عدم ما لم يوجد، فأين أحدهما من الآخر؟ فما تتنازع فيه لا يفيده دليلكم، وما يفيده دليلكم لا يتنازع فيه.
(تنبيه)
قال التبريزى: (الاستصحاب ينقسم إلى:
استصحاب الدليل من عموم، أو إطلاق، وهو حجة؛ فإن حاصله يرجع إلى التمسك بذلك الدليل، وإجراءاته على ظاهره.
وإلى استصحاب الإجماع المتفقة على انعقاد الصلاة بالتيمم قبل وجود الماء إلى حالة وجود الماء، وهذا ممنوع؛ لأن الإجماع يناقضه نفس الخلاف، فكيف يمكن دعوى شموله حالة وجود الماء؟
وإلى استصحاب حالة معهودة من ثبوت، أو انتفاء فيما بعد.
وقد اختلفوا فيه، والمختار أنه حجة، وإليه ذهب المزني، وغيره.
ثم قال: وقول المصنف: (إن الاستصحاب لابد منه في الدين، والعرف والشرع)، غلو كبير، وخروج عن محل النظر.
فإن النظر في أن مجرد العلم بحالة، هل يوجب رجحان اعتقاد البقاء عليها؟ وإلا فل شك في أنه يقترن بالوجود ما يوجب ما يوجب رجحان اعتبار بقائه، وليس استقرار العوائد؛ بمجرد العهد بالوجود ما لم يتكرر تكررًا ينفى احتمال الاتفاق قطعًا، ولهذا وجب الجزم، حتى لو طرًا خلفه في معرض المعجزة جزم بكذبه، وأما عدم الناسخ فلا يستند إلى مجرد العلم بعدمه السابق، بل لابد فيه من بحث يوجب الاطلاع عليه بتقدير الوجود قطعًا، أو ظنًا؛ ليدل عدم الاطلاع.
وأما الغائب عن الأهل، والوطن، فلو اعتقد بقاء كل حالة على ما عهدها من قبل، نسب إلى سلامة القلب، بل يشك في البعض، ويجزم في البعض، ويظن في البعض، ويقطع بالتغيير في البعض، على حسب ما أنس من العوائد المعهودة في الموت، والحياة، والصحة، والسقم، والنوم، ودخول الحمام، وتناول الطعام.