الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سلمنا: أنه يدل على عدم التحريم مطلقًا، لكن العام في الأشخاص مطلق في الأحوال، والأزمنة، والبقاع، والأحوال.
والدعوى عامة في جميع الأزمنة، والبقاع، والأحوال، فتكون الدعوى عامة، والدليل عليها خاصًا، فلا يسمع عند النظار.
(تنبيه)
قال التبريزى: (النفع هو الزيادة من الوجه الموافق للمصلحة
، والضرر هو النقصان من الوجه المخالف، وقيل: الضرر ألم القلب، ولا شك أن ألم القلب أثر الصدر.
ولهذا يصح أن يقال: تضرر؛ فتألم قلبه، وقد لا يقترن به الألم؛ إما لعدم أهلية المدرك، كما في حق الصبي، والمجنون؛ أو لكمال قوة النفس، كما في حق الزاهد المعرض، أو الكريم الذي تأبى نفسه الالتفات إلى الأعراض، ولا يوجب ذلك خروج احتراق دورهم، وتلف أموالهم عن كونها ضررًا -في حقهم -عند العقلاء).
ثم قال في الآية: (يتعين حملها على عموم الانتفاع في حق عموم الأشخاص؛ لأن النظر والاستدلال حاصل بوجودها، فيضيع فائدة الامتنان بالحق له، ومقابلة الفرد بالفرد تخصيص ينافيه الإطلاق).
ثم قال: وكلام المصنف غير واف بالمقصود؛ فإن اختصاصنا بالنفع لا يوجب إباحة الانتفاع، بمعنى الاستعمال؛ فإن المفهوم منه كون المقصود من خلقه، أو الحامل على خلقه نفع العباد، فيحصل الانتفاع لهم، وهذا لا يلزم من إباحة التصرف؛ فإنه متوقف على العلم بكيفيته.
ويحصل النفع المطلوب منها، واستعمالها على الوجه المفضي إلى المقصود، وقد يوجد ذلك فيها، وقد لا يوجد.
ولهذا ينتظم من الأب، والسيد، أن يقول لولده، أو عبده: اشتريت لك هذا المتاع، ولتنقل، وإما أن تتصرف فيه؛ لأن زمانه لم يحضر، كالفحم في الصيف.
ويقول الطبيب للمريض: (جعلت لك هذه العقاقير) فيزيل ملكها، ولا يلزم منه الإذن في إيقاع فعل الانتفاع، حتى يتبين له كيفية الانتفاع بتفصيل وجه التركيب، وتعين قدر الاستعمال، ووقته، فكذلك في الشرع؛ فإن درك وجوه المصالح الطيبة من آحاد العقاقير، وقصور نظر المكلف عن مبلغ نظر الشارع له أبلغ من قصور نظر الصغير، والمريض عن مبلغ نظر الولي.
قلت: قوله: (الضرر هو النقصان من الوجه المخالف):
ينبغي أن يقول: من الوجه الموافق بأن نقصان المخالف نفع.
ويحمل قوله: من الوجه المخالف أي: من وجه يكون مخالفًا لطبعه، أي النقص يخالف الطبيعة.
وقوله: (الاستدلال حاصل بوجودها، فتضيع فائدة الامتنان) -لا يتجه؛ لأن الاستدلال من أعظم الوجوه التي يمن به، وبتهيئة سببه.
وقوله: (مقابلة الفرد بالفرد تخصيص، وتقييد ينافيه الإطلاق) -لا يتم؛ لأن الإطلاق لا ينافى التقييد، وإلا لما اجتمع المطلق مع المقيد، وكان جزءه، ولا ينافى الإطلاق -أيضًا -مقابلة الفرد بالفرد؛ لأن الإطلاق يحتمله -كما تقدم -أن مقابلة الجمع بالجمع وقع في اللغة على وجوه، فهو يحتملها لا ينافيها.
* * *