الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْحَدَثُ الْأَصْغَر
الْحَدَثُ الأَصْغَرُ ، مِنْهُ: الْبَوْلُ ، وَالْغَائِطُ ، وَالرِّيحُ ، وَالْمَذْيُ ، وَالْوَدْيُ ، وَخُرُوجُ الْمَنِيِّ بِغَيْرِ لَذَّةٍ.
وَزَوَالُ هَذَا الْوَصْفِ يَكُونُ بِالْوُضُوءِ.
(1)[المائدة: 6]
(خ م حم)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" لَا يَقْبَلُ اللهُ صَلَاةَ أَحَدِكُمْ إِذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ ")(1)(فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ حَضْرَمَوْتَ: مَا الْحَدَثُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟، قَالَ: فُسَاءٌ أَوْ ضُرَاطٌ)(2).
الشَّرْح:
(" لَا يَقْبَلُ اللهُ صَلَاةَ أَحَدِكُمْ) الْمرَاد بِالْقبُولِ هُنَا: مَا يُرَادِفُ الصِّحَّةَ ، وَهُوَ الْإِجْزَاءُ ، وَحَقِيقَةُ الْقَبُولِ ، ثَمَرَةُ وُقُوعِ الطَّاعَةِ مُجْزِئَةً رَافِعَةً لِمَا فِي الذِّمَّةِ ، وَلَمَّا كَانَ الْإِتْيَانُ بِشُرُوطِهَا مَظِنَّةَ الْإِجْزَاءِ الَّذِي الْقَبُولُ ثَمَرَتُهُ ، عَبَّرَ عَنْهُ بِالْقَبُولِ مَجَازًا.
وَأَمَّا الْقَبُولُ الْمَنْفِيُّ فِي مِثْلِ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ أَتَى عَرَّافًا لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ) فَهُوَ الْحَقِيقِيُّ ، لِأَنَّهُ قَدْ يَصِحُّ الْعَمَلُ ، وَيَتَخَلَّفُ الْقَبُولُ لِمَانِعٍ ، وَلِهَذَا كَانَ بَعْضُ السَّلَفِ يَقُولُ:" لَأَنْ تُقْبَلَ لِي صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ جَمِيعِ الدُّنْيَا " ، قَالَه ابن عُمَرَ ، قَالَ: لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى قَالَ: {إِنَّمَا يتَقَبَّلُ اللهُ من الْمُتَّقِينَ} .فتح (1/ 235)
(إِذَا أَحْدَثَ) أَيْ: وُجِدَ مِنْهُ الْحَدَثُ ، وَالْمُرَادُ بِهِ: الْخَارِجُ مِنْ أَحَدِ السَّبِيلَيْنِ. فتح135
(فُسَاءٌ أَوْ ضُرَاطٌ) فَسَّرَ أَبُو هُرَيْرَةَ الْحَدَثَ بِذَلِكَ تَنْبِيهًا بِالْأَخَفِّ عَلَى الْأَغْلَظِ ، وَلِأَنَّهُمَا قَدْ يَقَعَانِ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِمَا.
وَأَمَّا بَاقِي الْأَحْدَاثِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا بَيْنَ الْعُلَمَاءِ ، كَمَسِّ الذَّكَرِ ، وَلَمْسِ الْمَرْأَةِ وَالْقَيْءِ مِلْءَ الْفَمِ ، وَالْحِجَامَةِ ، فَلَعَلَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ لَا يَرَى النَّقْضَ بِشَيْءٍ مِنْهَا ، وَعَلَيْهِ مَشَى الْمُصَنِّفُ كَمَا سَيَأتِي فِي بَابِ مَنْ لَمْ يَرَ الْوُضُوءَ إِلَّا من المخرجَيْن.
وَقِيلَ: إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ اقْتَصَرَ فِي الْجَوَابِ عَلَى مَا ذُكِرَ لِعِلْمِهِ أَنَّ السَّائِلَ كَانَ يَعْلَمُ مَا عَدَا ذَلِكَ. وَفِيهِ بُعْدٌ. فتح135
(حَتَّى يَتَوَضَّأُ) أَيْ: بِالْمَاءِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ، وَقَدْ رَوَى النَّسَائِيُّ بِإِسْنَادٍ قَوِيٍّ عَنْ أَبِي ذَرٍّ مَرْفُوعًا " الصَّعِيدُ الطَّيِّبُ وَضُوءُ الْمُسْلِمِ "(3) فَأَطْلَقَ الشَّارِعُ عَلَى التَّيَمُّمِ أَنَّهُ وَضُوءٌ لِكَوْنِهِ قَامَ مَقَامَهُ. فتح135
فَوائِدُ الْحَدِيث:
اسْتُدِلَّ بِالْحَدِيثِ عَلَى بُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِالْحَدَثِ ، سَوَاءٌ كَانَ خُرُوجُهُ اخْتِيَارِيًّا أَمِ اضْطِرَارِيًّا.
وَعَلَى أَنَّ الْوُضُوءَ لَا يَجِبُ لِكُلِّ صَلَاةٍ ، لِأَنَّ الْقَبُولَ انْتَفَى إِلَى غَايَةِ الْوُضُوءِ ، وَمَا بَعْدَهَا مُخَالِفٌ لِمَا قَبْلَهَا ، فَاقْتَضَى ذَلِكَ قَبُولَ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْوُضُوءِ مُطْلَقًا. فتح135
مَذَاهِبُ الْفُقَهَاءِ فِي الْمَسْأَلَة:
قَالَ ابن بَطَّالٍ: فِيهِ رَدٌّ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ فِي قَوْلِهِ: " إِنَّ الْمُحْدِثَ فِي صَلَاتِهِ يَتَوَضَّأُ وَيَبْنِي " ، وَوَافَقَهُ ابن أَبِي لَيْلَى.
وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ: يَسْتَأنِفُ الصَّلَاةَ ، وَاحْتَجَّا بِهَذَا الْحَدِيثِ ، وَفِي بَعْضِ أَلْفَاظِهِ:(لَا صَلَاةَ إِلَّا بِطُهُورٍ) ، فَلَا يَخْلُو حَالَ انْصِرَافِهِ أَنْ يَكُونَ مُصَلِّيًا أَوْ غَيْرِ مُصَلٍّ ، فَإِنْ قَالُوا: هُوَ مُصَلٍّ ، رُدَّ ، لِقَوْلُهُ:(لَا صَلَاةَ إِلَّا بِطُهُورٍ).
وَمِنْ جِهَةِ النَّظَرِ أَنَّ كُلَّ حَدَثٍ مَنَعَ مِنِ ابْتِدَاءِ الصَّلَاةِ ، مَنَعَ مِنَ الْبِنَاءِ عَلَيْهَا ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ سَبَقَهُ الْمَنِيُّ ، لَاسْتَأنَفَ اتِّفَاقًا. فتح (12/ 329)
(1)(خ) 6554 ، (م) 225
(2)
(حم) 8064 ، (خ) 135
(3)
الترمذي الطهارة (124) ،النسائي الطهارة (322)