الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
انْغِمَاسُ الآدَمِيِّ فِي مَاءِ الْبِئْرِ
اتَّفَقَ فُقَهَاءُ الْمَذَاهِبِ عَلَى أَنَّ الآدَمِيَّ إِذَا انْغَمَسَ فِي الْبِئْرِ، وَكَانَ طَاهِرًا مِنَ الْحَدَثِ وَالْخَبَثِ، وَكَانَ الْمَاءُ كَثِيرًا، فَإِنَّ الْمَاءَ لا يُعْتَبَرُ مُسْتَعْمَلا، وَيَبْقَى عَلَى أَصْلِ طَهُورِيَّتِهِ. وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يُنْزَحُ مِنْهُ عِشْرُونَ دَلْوًا. (1)
وَيَقُولُ ابْنُ قُدَامَةَ الْحَنْبَلِيُّ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُنَجِّسَ الْكَافِرُ الْمَاءَ بِانْغِمَاسِهِ؛ لأَنَّ الْخَبَرَ وَرَدَ فِي الْمُسْلِمِ. (2)
وَإِذَا انْغَمَسَ فِي الْبِئْرِ مَنْ بِهِ نَجَاسَةٌ حُكْمِيَّةٌ، بِأَنْ كَانَ جُنُبًا أَوْ مُحْدِثًا، فَإِنَّهُ يُنْظَرُ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ مَاءُ الْبِئْرِ كَثِيرًا أَوْ قَلِيلا، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ نَوَى بِالانْغِمَاسِ رَفْعَ الْحَدَثِ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ بِقَصْدِ التَّبَرُّدِ أَوْ إِحْضَارِ الدَّلْوِ.
فَإِنْ كَانَ الْبِئْرُ مَعِينًا - أَيْ مَاؤُهُ جَارٍ - فَإِنَّ انْغِمَاسَ الْجُنُبِ وَمَنْ فِي حُكْمِهِ لا يُنَجِّسُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ رِوَايَةُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مَالِكٍ. (3)
وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ إِنْ لَمْ يَنْوِ رَفْعَ الْحَدَثِ. (4)
وَهُوَ اتِّجَاهُ مَنْ قَالَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ: إِنَّ الْمَاءَ الْمُسْتَعْمَلَ طَاهِرٌ لِغَلَبَةِ غَيْرِ الْمُسْتَعْمَلِ، أَوْ لأَنَّ الانْغِمَاسَ لا يُصَيِّرُهُ مُسْتَعْمَلا، وَعَلَى هَذَا فَلا يُنْزَحُ مِنْهُ شَيْءٌ. (5)
وَيَرَى الشَّافِعِيَّةُ كَرَاهَةَ انْغِمَاسِ الْجُنُبِ وَمَنْ فِي حُكْمِهِ فِي الْبِئْرِ، وَإِنْ كَانَ مَعِينًا، لِخَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" لا يَغْتَسِلْ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ وَهُوَ جُنُبٌ ". (6)
وَهُوَ رِوَايَةُ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ. (7)
وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ إِنْ نَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ. (8)
وَإِلَى هَذَا يَتَّجِهُ مَنْ يَرَى مِنَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ الْمَاءَ بِالانْغِمَاسِ يَصِيرُ مُسْتَعْمَلا، وَيَرَى أَنَّ الْمَاءَ الْمُسْتَعْمَلَ نَجِسٌ يُنْزَحُ كُلُّهُ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ يُنْزَحُ أَرْبَعُونَ دَلْوًا لَوْ كَانَ مُحْدِثًا، وَيُنْزَحُ جَمِيعُهُ لَوْ كَانَ جُنُبًا أَوْ كَافِرًا؛ لأَنَّ بَدَنَ الْكَافِرِ لا يَخْلُو مِنْ نَجَاسَةٍ حَقِيقِيَّةٍ أَوْ حُكْمِيَّةٍ، إِلا إِذَا تَثَبَّتْنَا مِنْ طَهَارَتِهِ وَقْتَ انْغِمَاسِهِ. (9)
(1) البدائع 1/ 74
(2)
المغني 1/ 41 ط.
(3)
المدونة 1/ 27، 28 ط السعادة
(4)
كشاف القناع 1/ 27 ط أنصار السنة.
(5)
البدائع 1/ 74 ومجمع الأنهر 1/ 31
(6)
شرح الروض 1/ 71 نشر المكتبة الإسلامية، وحاشية البجيرمي على الخطيب 1/ 73، 74 ط 1370 هـ. وحديث:" لا يغتسل أحدكم. . . " رواه مسلم، والنسائي، وابن ماجه عن أبي هريرة.
(7)
المدونة 1/ 27، 28.
(8)
كشاف القناع 1/ 27
(9)
البدائع 1/ 75