الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
آنِيَةُ الْمُشْرِكِين
آنِيَةُ أَهْلِ الْكِتَاب
(خ م ت د)، عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ رضي الله عنه قَالَ:(قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنَّا أَهْلُ سَفَرٍ ، نَمُرُّ بِالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسِ)(1) وفي رواية: (إِنَّا نُجَاوِرُ أَهْلَ الْكِتَابِ ، وَهُمْ يَطْبُخُونَ فِي قُدُورِهِمُ الْخِنْزِيرَ، وَيَشْرَبُونَ فِي آنِيَتِهِمُ الْخَمْرَ)(2)(أَفَنَأكُلُ فِي آنِيَتِهِمْ؟)(3)(فَقَالَ: " إِنْ وَجَدْتُمْ غَيْرَ آنِيَتِهِمْ فلَا تَأكُلُوا فِيهَا ، وَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَاغْسِلُوهَا)(4)(بِالْمَاءِ ثُمَّ كُلُوا فِيهَا وَاشْرَبُوا ")(5)
الشَّرْح:
(قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنَّا أَهْلُ سَفَرٍ ، نَمُرُّ بِالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسِ)(6)
وفي رواية: (إِنَّا نُجَاوِرُ أَهْلَ الْكِتَابِ) يَعْنِي بِالشَّامِ، وَكَانَ جَمَاعَةٌ مِنْ قَبَائِلِ الْعَرَبِ قَدْ سَكَنُوا الشَّامَ وَتَنَصَّرُوا مِنْهُمْ آلُ غَسَّانَ وَتَنُوخُ وَبَهْزٌ وَبُطُونٌ مِنْ قُضَاعَةَ مِنْهُمْ بَنُو خُشَيْنٍ آلُ أَبِي ثَعْلَبَةَ. فتح5478
قال العظيم أبادي: (إِنَّا نُجَاوِز أَهْلَ الْكِتَابِ): بِالزَّايِ الْمُعْجَمَة ، أَيْ: نَمُرّ، وَفِي بَعْض النُّسَخ: بِالرَّاءِ الْمُهْمَلَة. عون3839
اِعْلَمْ أَنَّ الْبُخَارِيَّ رحمه الله عَقَدَ بَابًا ج7ص90 بِلَفْظِ: بَابُ آنِيَةِ الْمَجُوسِ وَالْمَيْتَةِ. وَأَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ أَبِي ثَعْلَبَةَ. تحفة1560
قَالَ الْحَافِظُ: قَوْلُهُ (بَابُ آنِيَةِ الْمَجُوسِ) قَالَ ابْنُ التِّينِ: كَذَا تَرْجَمَ وَأَتَى بِحَدِيثِ أَبِي ثَعْلَبَةَ وَفِيهِ ذِكْرُ أَهْلِ الْكِتَابِ فَلَعَلَّهُ يَرَى أَنَّهُمْ أَهْلُ كِتَابٍ.
وَقَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: تَرْجَمَ لِلْمَجُوسِ وَالْأَحَادِيثُ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ لِأَنَّهُ بَنَى عَلَى أَنَّ الْمَحْذُورَ مِنْهُمَا وَاحِدٌ وَهُوَ عَدَمُ تَوَقِّيهِمُ النَّجَاسَاتِ.
وَقَالَ الْكِرْمَانِيُّ: أَوْ حُكْمُهُ عَلَى أَحَدِهِمَا بِالْقِيَاسِ عَلَى الْآخَرِ، أَوْ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْمَجُوسَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ أَهْلُ كِتَابٍ.
قُلْتُ: وَأَحْسَنُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ أَشَارَ إِلَى مَا وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ مَنْصُوصًا عَلَى الْمَجُوسِ، فَعِنْدَ التِّرْمِذِيِّ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ {سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ قُدُورِ الْمَجُوسِ، فَقَالَ: أَنْقُوهَا غَسْلًا وَاطْبُخُوا فِيهَا} وَفِي لَفْظٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبَى ثَعْلَبَةَ " {قُلْتُ إِنَّا نَمُرُّ بِهَذَا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ فَلَا تَجِدُ غَيْرَ آنِيَتِهِمْ،} الْحَدِيثَ، وَهَذِهِ طَرِيقَةٌ يُكْثِرُ مِنْهَا الْبُخَارِيُّ فَمَا كَانَ فِي سَنَدِهِ مَقَالٌ يُتَرْجِمُ بِهِ ثُمَّ يُورِدُ فِي الْبَابِ مَا يُؤْخَذُ الْحُكْمُ مِنْهُ بِطَرِيقِ الْإِلْحَاقِ وَنَحْوِهِ.
وَالْحُكْمُ فِي آنِيَةِ الْمَجُوسِ لَا يَخْتَلِفُ مَعَ الْحُكْمِ فِي آنِيَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ لِأَنَّ الْعِلَّةَ إِنْ كَانَتْ لِكَوْنِهِمْ تَحِلُّ ذَبَائِحُهُمْ كَأَهْلِ الْكِتَابِ فَلَا إِشْكَالَ، أَوْ لَا تَحِلُّ كَمَا سَيَاتِي الْبَحْثُ فِيهِ بَعْدَ أَبْوَابٍ فَتَكُونُ الْآنِيَةُ الَّتِي يَطْبُخُونَ فِيهَا ذَبَائِحَهُمْ وَيُغْرِقُونَ قَدْ تَنَجَّسَتْ بِمُلَاقَاةِ الْمَيْتَةِ، فَأَهْلُ الْكِتَابِ كَذَلِكَ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُمْ لَا يَتَدَيَّنُونَ بِاجْتِنَابِ النَّجَاسَةِ وَبِأَنَّهُمْ يَطْبُخُونَ فِيهَا الْخِنْزِيرَ وَيَضَعُونَ فِيهَا الْخَمْرَ وَغَيْرَهَا، وَيُؤَيِّدُ الثَّانِيَ مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالْبَزَّارُ عَنْ جَابِرٍ {" كُنَّا نَغْزُو مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَنُصِيبُ مِنْ آنِيَةِ الْمُشْرِكِينَ فَنَسْتَمْتِعُ بِهَا فَلَا يَعِيبُ ذَلِكَ عَلَيْنَا "} لَفْظُ أَبِي دَاوُدَ، وَفِي رِوَايَةِ الْبَزَّارِ " {فَنَغْسِلُهَا وَنَاكُلُ فِيهَا} ".
قَوْلُهُ (وَالْمَيْتَةُ) قَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: نَبَّهَ بِذِكْرِ الْمَيْتَةِ عَلَى أَنَّ الْحَمِيرَ لَمَّا كَانَتْ مُحَرَّمَةً لَمْ تُؤَثِّرْ فِيهَا الذَّكَاةُ فَكَانَتْ مَيْتَةً، وَلِذَلِكَ أَمَرَ بِغَسْلِ الْآنِيَةِ مِنْهَا. فتح5496
(وَهُمْ يَطْبُخُونَ فِي قُدُورِهِمُ الْخِنْزِيرَ، وَيَشْرَبُونَ فِي آنِيَتِهِمُ الْخَمْرَ)(أَفَنَأكُلُ فِي آنِيَتِهِمْ؟)
(فَقَالَ: " إِنْ وَجَدْتُمْ غَيْرَ آنِيَتِهِمْ فلَا تَأكُلُوا فِيهَا ، وَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَاغْسِلُوهَا بِالْمَاءِ ، ثُمَّ كُلُوا فِيهَا وَاشْرَبُوا ")
تَمْسَّكَ بِهَذَا الْأَمْرِ مَنْ رَأَى أَنَّ اسْتِعْمَالَ آنِيَّةِ أَهْلِ الْكِتَابِ تَتَوَقَّفُ عَلَى الْغَسْلِ ، لِكَثْرَةِ اسْتِعْمَالِهِمُ النَّجَاسَةَ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَتَدَيَّنُ بِمُلَابَسَتِهَا.
قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى تَعَارُضِ الْأَصْلِ وَالْغَالِبِ ، وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ هَذَا الْحَدِيثُ بِأَنَّ الظَّنَّ الْمُسْتَفَادَ مِنَ الْغَالِبِ رَاجِحٌ عَلَى الظَّنِّ الْمُسْتَفَادِ مِنَ الْأَصْلِ.
وَأَجَابَ مَنْ قَالَ بِأَنَّ الْحُكْمَ لِلْأَصْلِ حَتَّى تَتَحَقَّقَ النَّجَاسَةُ بِجَوَابَيْنِ:
أَحَدُهُمَا أَنَّ الْأَمْرَ بِالْغَسْلِ مَحْمُولٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ احْتِيَاطًا جَمْعًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا دَلَّ عَلَى التَّمَسُّكِ بِالْأَصْلِ.
وَالثَّانِي أَنَّ الْمُرَادَ بِحَدِيثِ أَبِي ثَعْلَبَةَ حَالُ مَنْ يَتَحَقَّقُ النَّجَاسَةُ فِيهِ، وَيُؤَيِّدُهُ ذِكْرُ الْمَجُوسِ ، لِأَنَّ أَوَانِيَهُمْ نَجِسَةٌ ، لِكَوْنِهِمْ لَا تَحِلُّ ذَبَائِحُهُمْ.
وَقَالَ النَّوَوِيُّ: الْمُرَادُ بِالْآنِيَةِ فِي حَدِيثِ أَبِي ثَعْلَبَةَ آنِيَةُ مَنْ يَطْبُخُ فِيهَا لَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَيَشْرَبُ فِيهَا الْخَمْرَ كَمَا وَقَعَ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ " {إِنَّا نُجَاوِرُ أَهْلَ الْكِتَابِ، وَهُمْ يَطْبُخُونَ فِي قُدُورِهِمُ الْخِنْزِيرَ وَيَشْرَبُونَ فِي آنِيَتِهِمُ الْخَمْرَ} فَقَالَ " فَذَكَرَ الْجَوَابَ.
وَأَمَّا الْفُقَهَاءُ فَمُرَادُهُمْ مُطْلَقُ آنِيَّةِ الْكُفَّارِ الَّتِي لَيْسَتْ مُسْتَعْمَلَةً فِي النَّجَاسَةِ ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهَا وَلَوْ لَمْ تُغْسَلْ عِنْدَهُمْ، وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى الْغَسْلَ ، لِلْخُرُوجِ مِنَ الْخِلَافِ ، لَا لِثُبُوتِ الْكَرَاهَةِ فِي ذَلِكَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ اسْتِعْمَالُهَا بِلَا غَسْلٍ مَكْرُوهًا بِنَاءً عَلَى الْجَوَابِ الْأَوَّلِ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنَ الْحَدِيثِ، وَأَنَّ اسْتِعْمَالَهَا مَعَ الْغَسْلِ رُخْصَةٌ إِذَا وَجَدَ غَيْرَهَا ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ جَازَ بِلَا كَرَاهَةٍ ، لِلنَّهْيِ عَنِ الْأَكْلِ فِيهَا مُطْلَقًا ، وَتَعْلِيقُ الْإِذْنِ عَلَى عَدَمِ غَيْرِهَا مَعَ غَسْلِهَا.
وَتَمَسَّكَ بِهَذَا بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ لِقَوْلِهِمْ إِنَّهُ يَتَعَيَّنُ كَسْرُ آنِيَّةِ الْخَمْرِ عَلَى كُلِّ حَالٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لَا تَطْهُرُ بِالْغَسْلِ، وَاسْتَدَلَّ بِالتَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ ، لِأَنَّ الْغَسْلَ لَوْ كَانَ مُطَهِّرًا لَهَا ، لَمَا كَانَ لِلتَّفْصِيلِ مَعْنًى.
وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَمْ يَنْحَصِرْ فِي كَوْنِ الْعَيْنِ تَصِيرُ نَجِسَةً بِحَيْثُ لَا تَطْهُرُ أَصْلًا ، بَلْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ التَّفْصِيلُ لِلْأَخْذِ بِالْأَوْلَى، فَإِنَّ الْإِنَاءَ الَّذِي يُطْبَخُ فِيهِ الْخِنْزِيرُ يُسْتَقْذَرُ وَلَوْ غُسِلَ ، كَمَا يُكْرَهُ الشُّرْبُ فِي الْمِحْجَمَةِ وَلَوْ غُسِلَتِ اسْتِقْذَارًا.
وَمَشَى ابْنُ حَزْمٍ عَلَى ظَاهِرِيَّتِهِ فَقَالَ: لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ آنِيَّةِ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا بِشَرْطَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنْ لَا يَجِدَ غَيْرَهَا. وَالثَّانِي غَسْلُهَا.
وَأُجِيبَ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ أَمْرَهُ بِالْغَسْلِ عِنْدَ فَقْدِ غَيْرِهَا دَالٌّ عَلَى طَهَارَتِهَا بِالْغَسْلِ، وَالْأَمْرُ بِاجْتِنَابِهَا عِنْدَ وُجُودِ غَيْرِهَا لِلْمُبَالَغَةِ فِي التَّنْفِيرِ عَنْهَا كَمَا فِي حَدِيثِ سَلَمَةَ الْآتِي بَعْدُ فِي الْأَمْرِ بِكَسْرِ الْقُدُورِ الَّتِي طُبِخَتْ فِيهَا الْمَيْتَةُ، فَقَالَ رَجُلٌ أَوْ نَغْسِلُهَا؟ فَقَالَ: أَوْ ذَاكَ. فَأَمَرَ بِالْكَسْرِ لِلْمُبَالَغَةِ فِي التَّنْفِيرِ عَنْهَا ، ثُمَّ أَذِنَ فِي الْغَسْلِ تَرْخِيصًا، فَكَذَلِكَ يُتَّجَهُ هَذَا هُنَا وَاللهُ أَعْلَمُ. فتح5478
قَالَا الْخَطَّابِيُّ: وَالْأَصْلُ فِي هَذَا أَنَّهُ إِذَا كَانَ مَعْلُومًا مِنْ حَالِ الْمُشْرِكِينَ أَنَّهُمْ يَطْبُخُونَ فِي قُدُورِهِمْ الْخِنْزِيرَ وَيَشْرَبُونَ فِي آنِيَتِهِمْ الْخَمْرَ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ اِسْتِعْمَالُهَا إِلَّا بَعْدَ الْغَسْلِ وَالتَّنْظِيفِ فَأَمَّا ثِيَابُهُمْ وَمِيَاهُهُمْ فَإِنَّهَا عَلَى الطَّهَارَةِ كَمِيَاهِ الْمُسْلِمِينَ وَثِيَابِهِمْ إِلَّا أَنْ يَكُونُوا مِنْ قَوْمٍ لَا يَتَحَاشَوْنَ النَّجَاسَاتِ أَوْ كَانَ مِنْ عَادَاتِهِمْ اِسْتِعْمَالُ الْأَبْوَالِ فِي طَهُورِهِمْ فَإِنَّ اِسْتِعْمَالَ ثِيَابِهِمْ غَيْرُ جَائِزٍ إِلَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهَا لَمْ يُصِبْهَا شَيْءٌ مِنْ النَّجَاسَاتِ. تحفة1797
قَالَ فِي سُبُلِ السَّلَامِ (دار الحديث-د. ط-د. ت) ج1 ص44 - 46: اِسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى نَجَاسَةِ آنِيَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَهَلْ هُوَ لِنَجَاسَةِ رُطُوبَتِهِمْ أَوْ لِجَوَازِ أَكْلِهِمْ الْخِنْزِيرَ وَشُرْبِهِمْ الْخَمْرَ أَوْ لِلْكَرَاهَةِ، ذَهَبَ إِلَى الْأَوَّلِ الْقَائِلُونَ بِنَجَاسَةِ رُطُوبَةِ الْكُفَّارِ، وَاسْتَدَلُّوا أَيْضًا بِظَاهِرِ قَوْلِهِ تَعَالَى:{إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} ، وَالْكِتَابِيُّ يُسَمَّى مُشْرِكًا إِذْ قَدْ قَالُوا (الْمَسِيحُ اِبْنُ اللهِ) (وَعُزَيْرٌ اِبْنُ اللهِ). وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ إِلَى طَهَارَةِ رُطُوبَتِهِمْ وَهُوَ الْحَقُّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ} وَلِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ مِنْ مَزَادَةِ مُشْرِكَةٍ، وَلِحَدِيثِ جَابِرٍ عِنْدَ أَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُدَ: كُنَّا نَغْزُو مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَنُصِيبُ مِنْ آنِيَةِ الْمُشْرِكِينَ وَأَسْقِيَتِهِمْ وَلَا يَعِيبُ ذَلِكَ عَلَيْنَا. وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا كَانَ بَعْدَ الِاسْتِيلَاءِ وَلَا كَلَامَ فِيهِ، قُلْنَا فِي غَيْرِهِ مِنْ الْأَدِلَّةِ غَنِيَّةٌ عَنْهُ فَمِنْهَا مَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم دَعَاهُ يَهُودِيٌّ إِلَى خُبْزِ شَعِيرٍ وَإِهَالَةٍ سَنِخَةٍ فَأَكَلَ مِنْهَا. قَالَ فِي الْبَحْرِ: لَوْ حُرِّمَتْ رُطُوبَتُهُمْ لَاسْتَفَاضَ بَيْنَ الصَّحَابَةِ نَقْلُ تَوَقِّيهِمْ لِقِلَّةِ الْمُسْلِمِينَ حِينَئِذٍ مَعَ كَثْرَةِ اِسْتِعْمَالَاتِهِمْ الَّتِي لَا يَخْلُو مِنْهَا مَلْبُوسًا وَمَطْعُومًا، وَالْعَادَةُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ تَقْضِي بِالِاسْتِفَاضَةِ. قَالَ: وَحَدِيثُ أَبِي ثَعْلَبَةَ إِمَّا مَحْمُولٌ عَلَى كَرَاهَةِ الْأَكْلِ فِي آنِيَتِهِمْ لِلِاسْتِقْذَارِ لَا لِكَوْنِهَا نَجِسَةً إِذْ لَوْ كَانَتْ نَجِسَةً لَمْ يَجْعَلْهُ مَشْرُوطًا بِعَدَمِ وُجْدَانِ غَيْرِهَا، إِذْ الْإِنَاءُ الْمُتَنَجِّسُ بَعْدَ إِزَالَةِ نَجَاسَتِهِ هُوَ وَمَا لَمْ يَتَنَجَّسْ عَلَى سَوَاءٍ وَلِسَدِّ ذَرِيعَةِ الْمُحَرَّمِ، أَوْ لِأَنَّهَا نَجِسَةٌ لِمَا يُطْبَخُ فِيهَا لَا لِرُطُوبَتِهِمْ كَمَا تُفِيدُهُ رِوَايَةُ أَبِي دَاوُدَ وَأَحْمَدَ بِلَفْظِ: إِنَّا نُجَاوِرُ أَهْلَ الْكِتَابِ وَهُمْ يَطْبُخُونَ فِي قُدُورِهِمْ الْخِنْزِيرَ وَيَشْرَبُونَ فِي آنِيَتِهِمْ الْخَمْرَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" إِنْ وَجَدْتُمْ غَيْرَهَا" الْحَدِيثَ، وَحَدِيثُهُ الْأَوَّلُ مُطْلَقٌ وَهَذَا مُقَيَّدٌ بِآنِيَةٍ يُطْبَخُ فِيهَا مَا ذُكِرَ وَيُشْرَبُ فَيُحْمَلُ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ، وَأَمَّا الْآيَةُ فَالنَّجَسُ لُغَةً الْمُسْتَقْذَرُ فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ، وَقِيلَ مَعْنَاهُ ذُو نَجَسٍ لِأَنَّ مَعَهُمْ الشِّرْكَ الَّذِي هُوَ بِمَنْزِلَةِ النَّجَسِ؛ وَلِأَنَّهُمْ لَا يَتَطَهَّرُونَ وَلَا يَغْتَسِلُونَ وَلَا يَتَجَنَّبُونَ النَّجَاسَاتِ فَهِيَ مُلَابِسَةٌ لَهُمْ، وَبِهَذَا يَتِمُّ الْجَمْعُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ آيَةِ الْمَائِدَةِ وَالْأَحَادِيثِ الْمُوَافِقَةِ لِحُكْمِهَا، وَآيَةُ الْمَائِدَةِ أَصْرَحُ فِي الْمُرَادِ اِنْتَهَى مَا فِي السُّبُلِ.
وَقَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى: ذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى الْمَنْعِ مِنْ اِسْتِعْمَالِ آنِيَةِ الْكُفَّارِ حَتَّى تُغْسَلَ إِذَا كَانُوا مِمَّنْ لَا تُبَاحُ ذَبِيحَتُهُ، وَكَذَلِكَ مَنْ كَانَ مِنْ النَّصَارَى بِمَوْضِعٍ مُتَظَاهِرًا فِيهِ بِأَكْلِ لَحْمِ الْخِنْزِيرِ مُتَمَكِّنًا فِيهِ أَوْ يَذْبَحُ بِالسِّنِّ وَالظُّفْرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَأَنَّهُ لَا بَأسَ بِآنِيَةِ مَنْ سِوَاهُمْ جَمْعًا بِذَلِكَ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ. وَاسْتَحَبَّ بَعْضُهُمْ غَسْلَ الْكُلِّ لِحَدِيثِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: حَفِظْت مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " دَعْ مَا يَرِيبُك إِلَى مَا لَا يَرِيبُك"، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ اِنْتَهَى. تحفة1560
نيل الأوطار (دار الحديث-الطبعة الأولى-1413هـ-1993م) ج1 ص95 - 96: وَأَيْضًا قَدْ أَذِنَ اللَّهُ بِأَكْلِ طَعَامِهِمْ وَصَرَّحَ بِحِلِّهِ وَهُوَ لا يَخْلُو مِنْ رُطُوبَاتِهِمْ فِي الْغَالِبِ.
فَوائِدُ الْحَدِيث:
فِيهِ أَنَّ مَنْ اُضْطُرَّ إِلَى آنِيَة مَنْ يَطْبُخ فِيهَا الْخِنْزِير وَغَيْره مِنْ الْمُحَرَّمَات وَيَشْرَب فِيهَا الْخَمْر فَلَهُ أَنْ يَغْسِلهَا ثُمَّ يَسْتَعْمِلهَا فِي الْأَكْل وَالشُّرْب. عون2857
مَذَاهِبُ الْفُقَهَاءِ فِي الْمَسْأَلَة:
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَهُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ إِلَى جَوَازِ اسْتِعْمَالِ آنِيَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ، إِلا إِذَا تُيُقِّنَ عَدَمُ طَهَارَتِهَا. فَقَدْ نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّ " سُؤْرَ الآدَمِيِّ وَمَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ طَاهِرٌ؛ لأَنَّ الْمُخْتَلِطَ بِهِ اللُّعَابُ، وَقَدْ تَوَلَّدَ مِنْ لَحْمٍ طَاهِرٍ فَيَكُونُ طَاهِرًا. وَيَدْخُلُ فِي هَذَا الْجَوَابِ الْجُنُبُ وَالْحَائِضُ وَالْكَافِرُ. "(7) وَمَا دَامَ سُؤْرُهُ طَاهِرًا فَاسْتِعْمَالُ آنِيَتِهِ جَائِزٌ مِنْ بَابِ أَوْلَى. وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رُوِيَ " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْزَلَ وَفْدَ ثَقِيفٍ فِي الْمَسْجِدِ " وَكَانُوا مُشْرِكِينَ، وَلَوْ كَانَ عَيْنُ الْمُشْرِكِ نَجِسًا لَمَا فَعَلَ ذَلِكَ. وَلا يُعَارَضُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} لأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ النَّجَسُ فِي الاعْتِقَادِ (8) وَمِنْ بَابِ أَوْلَى أَهْلُ الْكِتَابِ وَآنِيَتُهُمْ. وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ} وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُغَفَّلٍ قَالَ " دُلِّيَ جِرَابٌ مِنْ شَحْمٍ يَوْمَ خَيْبَرَ، فَالْتَزَمْتُهُ وَقُلْتُ: وَاللَّهِ لا أُعْطِي الْيَوْمَ أَحَدًا مِنْ هَذَا شَيْئًا. فَالْتَفَتُّ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَبْتَسِمُ ". وَرَوَى أَنَسٌ " أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَضَافَهُ يَهُودِيٌّ بِخُبْزِ شَعِيرٍ وَإِهَالَةٍ سَنِخَةٍ ".
وَتَوَضَّأَ عُمَرُ مِنْ جَرَّةِ نَصْرَانِيَّةٍ. (9)
وَصَرَّحَ الْقَرَافِيُّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ فِي الْفُرُوقِ بِأَنَّ جَمِيعَ مَا يَصْنَعُهُ أَهْلُ الْكِتَابِ وَالْمُسْلِمُونَ الَّذِينَ لا يُصَلُّونَ وَلا يَسْتَنْجُونَ وَلا يَتَحَرَّزُونَ مِنَ النَّجَاسَاتِ، مِنَ الأَطْعِمَةِ وَغَيْرِهَا، مَحْمُولٌ عَلَى الطَّهَارَةِ، وَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ عَلَيْهِ النَّجَاسَةَ. (10)
وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ أُخْرَى لِلْحَنَابِلَةِ، أَنَّهُ يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُ أَوَانِي أَهْلِ الْكِتَابِ، إِلا أَنْ يُتَيَقَّنَ طَهَارَتُهَا، فَلا كَرَاهَةَ، وَسَوَاءٌ الْمُتَدَيِّنُ بِاسْتِعْمَالِ النَّجَاسَةِ وَغَيْرُهُ. وَدَلِيلُهُمْ مَا رَوَى " أَبُو ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيُّ رضي الله عنه قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا بِأَرْضِ أَهْلِ كِتَابٍ، أَنَأكُلُ فِي آنِيَتِهِمْ؟ فَقَالَ: لا تَأكُلُوا فِي آنِيَتِهِمْ إِلا إِنْ لَمْ تَجِدُوا عَنْهَا بُدًّا، فَاغْسِلُوهَا بِالْمَاءِ، ثُمَّ كُلُوا فِيهَا ". وَأَقَلُّ أَحْوَالِ النَّهْيِ الْكَرَاهَةُ، وَلأَنَّهُمْ لا يَجْتَنِبُونَ النَّجَاسَةَ، فَكُرِهَ لِذَلِكَ. عَلَى أَنَّ الشَّافِعِيَّةَ يَرَوْنَ أَنَّ أَوَانِيَهُمُ الْمُسْتَعْمَلَةَ فِي الْمَاءِ أَخَفُّ كَرَاهَةً. (11)
الفتاوى الهندية (دار الفكر-الطبعة الثانية1310هـ) ج5 ص347: قَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَيُكْرَهُ الأَكْلُ وَالشُّرْبُ فِي أَوَانِي الْمُشْرِكِينَ قَبْلَ الْغَسْلِ وَمَعَ هَذَا لَوْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ فِيهَا قَبْلَ الْغَسْلِ جَازَ وَلا يَكُونُ آكِلا وَلا شَارِبًا حَرَامًا وَهَذَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِنَجَاسَةِ الأَوَانِي فَأَمَّا إذَا عَلِمَ فَأَنَّهُ لا يَجُوزُ أَنْ يَشْرَبَ وَيَأكُلَ مِنْهَا قَبْلَ الْغَسْلِ وَلَوْ شَرِبَ أَوْ أَكَلَ كَانَ شَارِبًا وَآكِلا حَرَامًا وَهُوَ نَظِيرُ سُؤْرِ الدَّجَاجَةِ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ كَانَ عَلَى مِنْقَارِهَا نَجَاسَةٌ فَإِنَّهُ لا يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ بِهِ
البيان والتحصيل (دار الغرب الإسلامي-الطبعة الثانية-1408 هـ- 1988 م) ج1 ص138: وسئل عن الوضوء من بيوت النصارى، فربما كانوا عبيدا للمسلمين، فقال: إني لأكره ذلك، هم أنجاس لا يتطهرون.
قال محمد بن رشد: فإن فعل فلا إعادة عليه؛ لأنه أخف من سؤر النصراني الذي قد اختلف فيه قوله على ما قد تقدم القول فيه من أول سماع ابن القاسم.
الذخيرة (دار الكتب العلمية-الطبعة الأولى-1422 هـ- 2001 م) ج3 ص395 - 397: قَالَ صَاحِبُ الإِكْمَالِ: أَوَانِي أَهْلِ الْكِتَابِ الَّتِي تُطْبَخُ فِيهَا الْمَيْتَاتُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ تُغْسَلُ وَتُسْتَعْمَلُ
تحفة المحتاج (دار إحياء التراث العربي-د. ط-د. ت) ج1 ص124 - 127: يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُ أَوَانِي الْكُفَّارِ وَمَلْبُوسِهِمْ وَمَا يَلِي أَسَافِلَهُمْ أَيْ مِمَّا يَلِي الْجِلْدَ أَشَدُّ وَأَوَانِي مَائِهِمْ أَخَفُّ، وَكَذَلِكَ الْمُسْلِمُ الَّذِي ظَهَرَ مِنْهُ عَدَمُ تَصَوُّنِهِ عَنْ النَّجَاسَاتِ، وَيُسَنُّ إذَا جَنَّ اللَّيْلُ تَغْطِيَةُ الإِنَاءِ وَلَوْ بِعَرْضِ عُودٍ وَأَلْحَقَ بِهِ ابْنُ الْعِمَادِ الْبِئْرَ وَإِغْلاقَ الأَبْوَابِ وَإِيكَاءَ السِّقَاءِ مُسْمِيًا لِلَّهِ تَعَالَى فِي الثَّلاثَةِ وَكَفُّ الصِّبْيَانِ وَالْمَاشِيَةِ أَوَّلَ سَاعَةٍ مِنْ اللَّيْلِ وَإِطْفَاءُ الْمِصْبَاحِ لِلنَّوْمِ، وَيُسَنُّ ذِكْرُ اسْمِ اللَّهِ عَلَى كُلِّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ كُرْدِيٌّ وَمُغْنِي وَ (قَوْلُهُ أَوَانِي الْكُفَّارِ) أَيْ وَإِنْ كَانُوا يَتَدَيَّنُونَ بِاسْتِعْمَالِ النَّجَاسَةِ كَطَائِفَةٍ مِنْ الْمَجُوسِ يَغْتَسِلُونَ بِبَوْلِ الْبَقَرِ تَقَرُّبًا إلَى اللَّهِ تَعَالَى (وَقَوْلُهُ وَكَذَلِكَ الْمُسْلِمُ الَّذِي إلَخْ) أَيْ كَمُدْمِنِي الْخَمْرِ وَالْقَصَّابِينَ الَّذِينَ لا يَحْتَرِزُونَ عَنْ النَّجَاسَةِ مُغْنِي وَشَيْخُنَا.
مغني المحتاج (دار الكتب العلمية-الطبعة الأولى-1415هـ-1994م) ج1 ص138: أَوَانِي الْمُشْرِكِينَ إنْ كَانُوا لا يَتَعَبَّدُونَ بِاسْتِعْمَالِ النَّجَاسَةِ كَأَهْلِ الْكِتَابِ فَهِيَ كَآنِيَةِ الْمُسْلِمِينَ
البجيرمي على الخطيب (دار الفكر-د. ط-1415هـ-1995م) ج1 ص118 - 119: وَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُ أَوَانِي الْمُشْرِكِينَ إنْ كَانُوا لا يَتَعَبَّدُونَ بِاسْتِعْمَالِ النَّجَاسَةِ كَأَهْلِ الْكِتَابِ فَهِيَ كَآنِيَةِ الْمُسْلِمِينَ
المغني (مكتبة القاهرة-د. ط -1388هـ 1968م) ج1 ص61 - 62: فَأَهْلُ الْكِتَابِ يُبَاحُ أَكْلُ طَعَامِهِمْ وَشَرَابِهِمْ، وَالأَكْلُ فِي آنِيَتِهِمْ، مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ نَجَاسَتُهَا. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: لا تَخْتَلِفُ الرِّوَايَةُ فِي أَنَّهُ لا يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُ أَوَانِيهِمْ؛ وَذَلِكَ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ} وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغَفَّلِ، قَالَ:" دُلِّيَ جِرَابٌ مِنْ شَحْمٍ يَوْمَ خَيْبَرَ، فَالْتَزَمْته، وَقُلْت: وَاَللَّهِ لا أُعْطِي أَحَدًا مِنْهُ شَيْئًا. فَالْتَفَتُّ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَبْتَسِمُ. " رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ بِمَعْنَاهُ.
وَرُوِيَ أَنَّ " النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَضَافَهُ يَهُودِيٌّ بِخُبْزٍ وَإِهَالَةٍ سَنِخَةٍ. " رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ، فِي " الْمُسْنَدِ " وَكِتَابِ " الزُّهْدِ "، وَتَوَضَّأَ عُمَرُ مِنْ جَرَّةِ نَصْرَانِيَّةٍ. وَهَلْ يُكْرَهُ لَهُ اسْتِعْمَالُ أَوَانِيهِمْ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ: إحْدَاهُمَا: لا يُكْرَهُ؛ لِمَا ذَكَرْنَاهُ.
وَالثَّانِيَة يُكْرَهُ لِمَا رَوَى أَبُو ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيُّ، قَالَ: قُلْت " يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّا بِأَرْضِ قَوْمٍ أَهْلِ كِتَابٍ، أَفَنَأكُلُ فِي آنِيَتِهِمْ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إنْ وَجَدْتُمْ غَيْرَهَا فَلا تَأكُلُوا فِيهَا، وَإِنْ لَمْ تَجِدُوا غَيْرَهَا فَاغْسِلُوهَا وَكُلُوا فِيهَا " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، "62" وَأَقَلُّ أَحْوَالِ النَّهْيِ الْكَرَاهَةُ؛ وَلأَنَّهُمْ لا يَتَوَرَّعُونَ عَنْ النَّجَاسَةِ، وَلا تَسْلَمُ آنِيَتُهُمْ مِنْ أَطْعِمَتِهِمْ، وَأَدْنَى مَا يُؤَثِّرُ ذَلِكَ الْكَرَاهَةُ، وَأَمَّا ثِيَابُهُمْ فَمَا لَمْ يَسْتَعْمِلُوهُ، أَوْ عَلا مِنْهَا؛ كَالْعِمَامَةِ وَالطَّيْلَسَانِ وَالثَّوْبِ الْفَوْقَانِيِّ، فَهُوَ طَاهِرٌ، لا بَأسَ بِلُبْسِهِ، وَمَا لاقَى عَوْرَاتِهِمْ؛ كَالسَّرَاوِيلِ وَالثَّوْبِ السُّفْلانِيِّ وَالإِزَارِ، فَقَالَ أَحْمَدُ: أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُعِيدَ، يَعْنِي: مَنْ صَلَّى فِيهِ. فَيَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ: أَحَدهمَا وُجُوبُ الإِعَادَةِ وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي. وَكَرِهَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ، الإِزَارَ وَالسَّرَاوِيلاتِ؛ لأَنَّهُمْ يَتَعَبَّدُونَ. بِتَرْكِ النَّجَاسَةِ، وَلا يَتَحَرَّزُونَ مِنْهَا، فَالظَّاهِرُ نَجَاسَةُ مَا وَلِيَ مَخْرَجَهَا.
وَالثَّانِي لا يَجِبُ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الْخَطَّابِ؛ لأَنَّ الأَصْلَ الطَّهَارَةُ، فَلا تَزُولُ بِالشَّكِّ.
الإنصاف (دار إحياء التراث العربي-الطبعة الثانية-د. ت) ج1 ص84 - 85: (وَثِيَابُ الْكُفَّارِ وَأَوَانِيهِمْ، طَاهِرَةٌ مُبَاحَةُ الاسْتِعْمَالِ، مَا لَمْ تُعْلَمْ نَجَاسَتُهَا). هَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا. وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ.
الإنصاف (دار إحياء التراث العربي-الطبعة الثانية-د. ت) ج1 ص84 - 85: قَالَ الْخِرَقِيُّ فِي شَرْحِهِ، وَابْنُ أَبِي مُوسَى: لا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ قُدُورِ النَّصَارَى حَتَّى تُغْسَلَ. وَزَادَ الْخِرَقِيُّ: وَلا أَوَانِي طَبْخِهِمْ، دُونَ أَوْعِيَةِ الْمَاءِ وَنَحْوِهَا. انْتَهَى. وَقِيلَ: لا يُسْتَعْمَلُ قِدْرُ كِتَابِيٍّ قَبْلَ غَسْلِهَا
كشاف القناع (دار الفكر-وعالم الكتب-د. ط- 1402هـ-1982م) ج1 ص53: (وَثِيَابُ الْكُفَّارِ كُلُّهُمْ) أَهْلِ الْكِتَابِ كَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَغَيْرِهِمْ كَالْمَجُوسِ وَعَبَدَةِ الأَوْثَانِ (وَأَوَانِيهِمْ) أَيْ أَوَانِي الْكُفَّارِ كُلِّهِمْ (طَاهِرَةٌ إنْ جُهِلَ حَالُهَا).
(1)(ت) 1464 ، (حم) 17768
(2)
(د) 3839 ، (خ) 5161
(3)
(خ) 5161 ، (م) 8 - (1930)
(4)
(خ) 5170
(5)
(ت) 1464 ، (خ) 5161 ، (م) 8 - (1930) ، (حم) 17768
(6)
(ت) 1464 ، (حم) 17768
(7)
فتح القدير 1/ 75، والحطاب 1/ 122، والمغني 1/ 68
(8)
العناية مع فتح القدير 1/ 75
(9)
توضي عمر من جرة نصرانية رواه الشافعي والبيهقي بإسناد صحيح (المجموع 1/ 300 ط المكتبة العالمية.)
(10)
الحطاب 1/ 122
(11)
المجموع 1/ 263، 264، ونهاية المحتاج 1/ 127 ط مصطفى الحلبي، والمغني مع الشرح 1/ 68