الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَيْتَة مَا لَهُ نَفْس سَائِلَة (الدَّمُ السَّائِل)
(خ س)، عَنْ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ:(سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ فَأرَةٍ سَقَطَتْ فِي سَمْنٍ)(1)(جَامِدٍ)(2)(فَمَاتَتْ ، فَقَالَ: " خُذُوهَا وَمَا حَوْلَهَا فَأَلْقُوهُ)(3)(وَكُلُوا سَمْنَكُمْ ")(4)
الشَّرْح:
(عَنْ مَيْمُونَةَ) هِيَ بِنْتُ الْحَارِثِ ، خَالَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ. فتح235
(سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ فَأرَةٍ سَقَطَتْ فِي سَمْنٍ جَامِدٍ فَمَاتَتْ) أَيْ: فِيهِ.
(فَقَالَ: خُذُوهَا وَمَا حَوْلَهَا) أَيْ مِنَ السَّمْنِ. فتح235
وَقَدْ تَمَسَّكَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ بِقَوْلِهِ " وَمَا حَوْلَهَا " عَلَى أَنَّهُ كَانَ جَامِدًا، قَالَ: لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَائِعًا لَمْ يَكُنْ لَهُ حَوْلٌ، لِأَنَّهُ لَوْ نُقِلَ مِنْ أَيٍّ جَانِبٍ مَهْمَا نُقِلَ لَخَلَفَهُ غَيْرُهُ فِي الْحَالِ فَيَصِيرُ مِمَّا حَوْلَهَا فَيُحْتَاجُ إِلَى إِلْقَائِهِ كُلِّهِ، كَذَا قَالَفتح5540
(فَأَلْقُوهُ) أَيْ: أَخْرِجُوا الْفَأرَةَ وَاطْرَحُوهَا وَمَا حَوْلَهَا. تحفة1798
لَمْ يَرِدْ فِي طَرِيقٍ صَحِيحَةٍ تَحْدِيدُ مَا يُلْقَى، لَكِنْ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ مُرْسَلِ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُ يَكُونُ قَدْرَ الْكَفِّ وَسَنَدُهُ جَيِّدٌ لَوْلَا إِرْسَالُهُ، وَقَدْ وَقَعَ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى الْقَطَّانِ عَنْ مَالِكٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ " فَأَمَرَ أَنْ يُقَوَّرَ مَا حَوْلَهَا فَيُرْمَى بِهِ " وَهَذَا أَظْهَرُ فِي كَوْنِهِ جَامِدًا مِنْ قَوْلِهِ " وَمَا حَوْلَهَا " فَيَقْوَى مَا تَمَسَّكَ بِهِ ابْنُ الْعَرَبِيِّ ، وَأَمَّا مَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ مَرْفُوعًا مِنَ التَّقْيِيدِ فِي الْمَاخُوذِ مِنْهُ ثَلَاثُ غُرُفَاتٍ بِالْكَفَّيْنِ فَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ، وَلَوْ ثَبَتَ لَكَانَ ظَاهِرًا فِي الْمَائِعِ. فتح5540
(وَكُلُوا سَمْنَكُمْ) يَعْنِي: بَاقِيَهُ.
(فَائِدَةٌ):
رَوَى هذا الحديث عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، وَلَهُ فِيهِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ إِسْنَادٌ آخَرُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَفْظُهُ " {سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم-عَنِ الْفَارَةِ تَقَعُ فِي السَّمْنِ قَالَ: إِذَا كَانَ جَامِدًا فَأَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا وَإِنْ كَانَ مَائِعًا فَلَا تَقْرَبُوهُ} " (5).فتح236
قَوْلِهِ: (فَلَا تَقْرَبُوهُ) قال في فِي شَرْحِ السُّنَّةِ: أي: أَكْلًا وَطُعْمًا لَا اِنْتِفَاعًا. تحفة1798
وَحَكَى التِّرْمِذِيُّ عَنِ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ فِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ هَذِهِ: هِيَ خَطَأٌ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِيهِ: إِنَّهَا وَهْمٌ. وَأَشَارَ التِّرْمِذِيُّ إِلَى أَنَّهَا شَاذَّةٌ وَقَالَ الذُّهْلِيُّ فِي الزُّهْرِيَّاتِ: الطَّرِيقَانِ عِنْدَنَا مَحْفُوظَانِ لَكِنَّ طَرِيقَ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ أَشْهَرُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. فتح236
قالا البخاري: حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ يُونُسَ عَنْ الزُّهْرِيِّ {عَنْ الدَّابَّةِ تَمُوتُ فِي الزَّيْتِ وَالسَّمْنِ وَهُوَ جَامِدٌ أَوْ غَيْرُ جَامِدٍ الْفَارَةِ أَوْ غَيْرِهَا قَالَ بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِفَارَةٍ مَاتَتْ فِي سَمْنٍ فَأَمَرَ بِمَا قَرُبَ مِنْهَا فَطُرِحَ ثُمَّ أُكِلَ} (خ) 5539
قَالَ الْحَافِظُ: الزُّهْرِيَّ كَانَ فِي هَذَا الْحُكْمِ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ السَّمْنِ وَغَيْرِهِ وَلَا بَيْنَ الْجَامِدِ مِنْهُ وَالذَّائِبِ، لِأَنَّهُ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي السُّؤَالِ ثُمَّ اسْتَدَلَّ بِالْحَدِيثِ فِي السَّمْنِ، فَأَمَّا غَيْرُ السَّمْنِ ، فَإِلْحَاقُهُ بِهِ فِي الْقِيَاسِ عَلَيْهِ وَاضِحٌ، وَأَمَّا عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ الذَّائِبِ وَالْجَامِدِ ، فَلِأَنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ فِي اللَّفْظِ الَّذِي اسْتَدَلَّ بِهِ، وَهَذَا يَقْدَحُ فِي صِحَّةِ مَنْ زَادَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنِ الزُّهْرِيِّ التَّفْرِقَةَ بَيْنَ الْجَامِدِ وَالذَّائِبِ ، كَمَا ذُكِرَ قَبْلُ عَنْ إِسْحَاقَ، وَهُوَ مَشْهُورٌ مِنْ رِوَايَةِ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ عَلَى أَنَّهُ اخْتُلِفَ عَنْ مَعْمَرٍ فِيهِ، فَأَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى عَنْ مَعْمَرٍ بِغَيْرِ تَفْصِيلٍ، نَعَمْ وَقَعَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ وَصْفُ السَّمْنِ فِي الْحَدِيثِ بِأَنَّهُ جَامِدٌ، وَتَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ فِي الطَّهَارَةِ وَكَذَا وَقَعَ عِنْدَ أَحْمَدَ مِنْ رِوَايَةِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَكَذَا عِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ مِنْ رِوَايَةِ حَجَّاجِ بْنِ مِنْهَالٍ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، وَكَذَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ سُفْيَانَ وَتَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَى الزِّيَادَةِ الَّتِي وَقَعَتْ فِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ عَنْ سُفْيَانَ وَأَنَّهُ تَفَرَّدَ بِالتَّفْصِيلِ عَنْ سُفْيَانَ دُونَ حُفَّاظِ أَصْحَابِهِ مِثْلِ أَحْمَدَ وَالْحُمَيْدِيِّ وَمُسَدَّدٍ وَغَيْرِهِمْ، وَوَقَعَ التَّفْصِيلُ فِيهِ أَيْضًا فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ عُمَرَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ،
وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الصَّوَابَ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ، وَهَذَا الَّذِي يَنْفَصِلُ بِهِ الْحُكْمُ فِيمَا يَظْهَرُ لِي بِأَنَّ التَّقْيِيدَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ مِنْ قَوْلِهِ، وَالْإِطْلَاقُ مِنْ رِوَايَتِهِ مَرْفُوعًا، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ عِنْدَهُ مَرْفُوعًا مَا سَوَّى فِي فَتْوَاهُ بَيْنَ الْجَامِدِ وَغَيْرِ الْجَامِدِ، وَلَيْسَ الزُّهْرِيُّ مِمَّنْ يُقَالُ فِي حَقِّهِ لَعَلَّهُ نَسِيَ الطَّرِيقَ الْمُفَصَّلَةَ الْمَرْفُوعَةَ لِأَنَّهُ كَانَ أَحْفَظَ النَّاسِ فِي عَصْرِهِ فَخَفَاءُ ذَلِكَ عَنْهُ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ. فتح5539
وقد أَخَذَ الْجُمْهُورُ بِحَدِيثِ مَعْمَرٍ الدَّالِّ عَلَى التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْجَامِدِ وَالذَّائِبِ ، وَنَقَلَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ الِاتِّفَاقَ عَلَى أَنَّ الْجَامِدَ إِذَا وَقَعَتْ فِيهِ مَيْتَةٌ طُرِحَتْ وَمَا حَوْلَهَا مِنْهُ إِذَا تُحُقِّقَ أَنَّ شَيْئًا مِنْ أَجْزَائِهَا لَمْ يَصِلْ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْهُ وَأَمَّا الْمَائِعُ فَاخْتَلَفُوا فِيهِ فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهُ يَنْجُسُ كُلُّهُ بِمُلَاقَاةِ النَّجَاسَةِ وَخَالَفَ فَرِيقٌ: مِنْهُمُ الزُّهْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ. فتح236
وَاسْتُدِلَّ بِقَوْلِهِ فِي الرِّوَايَةِ الْمُفَصَّلَةِ " وَإِنْ كَانَ مَائِعًا فَلَا تَقْرَبُوهُ " عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِي شَيْءٍ، فَيَحْتَاجُ مَنْ أَجَازَ الِانْتِفَاعَ بِهِ فِي غَيْرِ الْأَكْلِ كَالشَّافِعِيَّةِ وَأَجَازَ بَيْعَهُ كَالْحَنَفِيَّةِ إِلَى الْجَوَابِ - أَعْنِي الْحَدِيثَ - فَإِنَّهُمُ احْتَجُّوا بِهِ فِي التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْجَامِدِ وَالْمَائِعِ، وَقَدِ احْتَجَّ بَعْضُهُمْ بِمَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ عُمَرَ عِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ " {إِنْ كَانَ السَّمْنُ مَائِعًا انْتَفَعُوا بِهِ وَلَا تَاكُلُوهُ} " وَعِنْدَهُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ جُرَيْجٍ مِثْلُهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الصَّحِيحَ وَقْفُهُ ، وَعِنْدَهُ مِنْ طَرِيقِ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي فَارَةٍ وَقَعَتْ فِي زَيْتٍ قَالَ:" اسْتَصْبِحُوا بِهِ وَادْهُنُوا بِهِ أُدُمَكُمْ " وَهَذَا السَّنَدُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ ، إِلَّا أَنَّهُ مَوْقُوفٌ. فتح5540
وَأَمَّا ذِكْرُ السَّمْنِ وَالْفَارَةِ فَلَا عَمَلَ بِمَفْهُومِهِمَ. وَجَمَدَ ابْنُ حَزْمٍ عَلَى عَادَتِهِ فَخَصَّ التَّفْرِقَةَ بِالْفَارَةِ، فَلَوْ وَقَعَ غَيْرُ جِنْسِ الْفَارِ مِنَ الدَّوَابِّ فِي مَائِعٍ لَمْ يَنْجُسْ إِلَّا بِالتَّغَيُّرِ.
وَضَابِطُ الْمَائِعِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ أَنْ يَتَرَادَّ بِسُرْعَةٍ إِذَا أُخِذَ مِنْهُ شَيْءٌ.
وَاسْتُدِلَّ بِقَوْلِهِ " فَمَاتَتْ " عَلَى أَنَّ تَاثِيرَهَا فِي الْمَائِعِ إِنَّمَا يَكُونُ بِمَوْتِهَا فِيهِ الفأر فِي السمن فَلَوْ وَقَعَتْ فِيهِ وَخَرَجَتْ بِلَا مَوْتٍ لَمْ يَضُرَّهُ، وَلَمْ يَقَعْ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ التَّقْيِيدُ بِالْمَوْتِ، فَيَلْزَمُ مَنْ لَا يَقُولُ بِحَمْلِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ أَنْ يَقُولَ بِالتَّاثِيرِ وَلَوْ خَرَجَتْ وَهِيَ فِي الْحَيَاةِ، وَقَدِ الْتَزَمَهُ ابْنُ حَزْمٍ فَخَالَفَ الْجُمْهُورَ أَيْضًا. فتح5540
قَالَ الْحَافِظُ: قَوْلُهُ (بَابُ إِذَا وَقَعَتِ الْفَارَةُ فِي السَّمْنِ الْجَامِدِ أَوِ الذَّائِبِ) أَيْ هَلْ يَفْتَرِقُ الْحُكْمُ أَوْ لَا؟ وَكَأَنَّهُ (البخاري) تَرَكَ الْجَزْمَ بِذَلِكَ لِقُوَّةِ الِاخْتِلَافِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الطَّهَارَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يَنْجُسُ إِلَّا بِالتَّغَيُّرِ. فتح5538
وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْفَارَةَ طَاهِرَةُ الْعَيْنِ، وَأَغْرَبَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فَحَكَى عَنِ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهَا نَجِسَةٌ. فتح5540
(1)(خ) 233 ، (ت) 1798
(2)
(س) 4259 ، (حم) 26846
(3)
(س) 4259 ، (خ) 5218
(4)
(خ) 233 ، (ت) 1798 ، (س) 4258 ، (د) 3841
(5)
(ت) 1798 ، (د) 3842 ، (س) 4260 ، (حب) 1392 ، وقال الألباني: ضعيف بهذا التمام - "الضعيفة"(1532)