الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثِيَاب الْمُشْرِكِين
قَال الْبُخَارِيُّ ج1ص81: بَاب الصَّلَاةِ فِي الْجُبَّةِ الشَّامِيَّةِ
(ت) ، عَنْ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه " أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَبِسَ جُبَّةً رُومِيَّةً ضَيِّقَةَ الكُمَّيْنِ "(1)
الشَّرْح:
قَوْلُهُ: (بَابُ الصَّلَاةِ فِي الْجُبَّةِ الشَّامِيَّةِ) هَذِهِ التَّرْجَمَةُ مَعْقُودَةٌ لِجَوَازِ الصَّلَاةِ فِي ثِيَابِ الْكُفَّارِ مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ نَجَاسَتُهَا، وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِالشَّامِيَّةِ مُرَاعَاةً لِلَفْظِ الْحَدِيثِ، وَكَانَتِ الشَّامُ إِذْ ذَاكَ دَارَ كُفْرٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ أَنَّ فِي بَعْضِ طُرُقِ حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ أَنَّ الْجُبَّةَ كَانَتْ صُوفًا وَكَانَتْ مِنْ ثِيَابِ الرُّومِ. وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم-لَبِسَهَا وَلَمْ يَسْتَفْصِلْ.
(1)(ت) 1768 ، (خ) 356 ، (م) 77 - (274)
قَال الْبُخَارِيُّ ج1ص81: وَقَالَ الحَسَنُ فِي الثِّيَابِ يَنْسُجُهَا المَجُوسِيُّ: «لَمْ يَرَ بِهَا بَأسًا» .فتح (1/ 473)
الشَّرْح:
قَوْلُهُ: (وَقَالَ الْحَسَنُ) أَيِ الْبَصْرِيُّ، وَ " يَنْسِجُهَا " بِكَسْرِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَضَمِّهَا وَبِضَمِّ الْجِيمِ.
قَوْلُهُ: (الْمَجُوسِيُّ) كَذَا لِلْحَمَوِيِّ وَالْكُشْمِيهَنِيِّ بِلَفْظِ الْمُفْرَدِ، وَالْمُرَادُ الْجِنْسُ. وَلِلْبَاقِينَ " الْمَجُوسُ " بِصِيغَةِ الْجَمْعِ.
قَوْلُهُ: (لَمْ يَرَ) أَيِ الْحَسَنُ، وَهُوَ مِنْ بَابِ التَّجْرِيدِ، أَوْ هُوَ مَقُولُ الرَّاوِي، وَهَذَا الْأَثَرُ وَصَلَهُ أَبُو نُعَيْمِ بْنُ حَمَّادٍ فِي نُسْخَتِهِ الْمَشْهُورَةِ عَنْ مُعْتَمِرٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْهُ وَلَفْظُهُ {" لَا بَاسَ بِالصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ الَّذِي يَنْسِجُهُ الْمَجُوسِيُّ قَبْلَ أَنْ يُغْسَلَ "} وَلِأَبِي نُعَيْمٍ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ عَنِ الرَّبِيعِ عَنِ الْحَسَنِ " لَا بَاسَ بِالصَّلَاةِ فِي رِدَاءِ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ، وَكَرِهَ ذَلِكَ ابْنُ سِيرِينَ " رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ. فتح (1/ 474)
قَال الْبُخَارِيُّ ج1ص81: وَصَلَّى عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: فِي ثَوْبٍ غَيْرِ مَقْصُورٍ "
الشَّرْح:
(غَيْرِ مَقْصُورٍ) أَيْ: خَامٍ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ كَانَ جَدِيدًا لَمْ يُغْسَلْ، رَوَى ابْنُ سَعْدٍ مِنْ طَرِيقِ عَطَاءِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيًّا صَلَّى وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ كَرَابِيسُ غَيْرُ مَغْسُولٍ. فتح (1/ 474)
مَذَاهِبُ الْفُقَهَاءِ فِي الْمَسْأَلَة:
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الصَّلاةُ فِي سَرَاوِيلِ الْمُشْرِكِينَ نَظِيرُ الأَكْلِ وَالشُّرْبِ مِنْ أَوَانِيهِمْ: إِنْ عَلِمَ أَنَّ سَرَاوِيلَهُمْ نَجِسَةٌ لا تَجُوزُ الصَّلاةُ فِيهَا، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ تُكْرَهُ الصَّلاةُ فِيهَا، وَلَوْ صَلَّى يَجُوزُ. (1)
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ أَنْ يُصَلَّى فَرْضٌ أَوْ نَفْلٌ بِلِبَاسِ كَافِرٍ، ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى، كِتَابِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ، بَاشَرَ جِلْدَهُ أَوْ لَمْ يُبَاشِرْهُ، كَانَ مِمَّا الشَّأنُ أَنْ تَلْحَقَهُ النَّجَاسَةُ كَالذَّيْلِ وَمَا حَاذَى الْفَرْجَ، أَوْ لا كَعِمَامَتِهِ وَالشَّالِ، جَدِيدًا أَوْ لا، إِلا أَنْ تُعْلَمَ أَوْ تُظَنَّ طَهَارَتُهُ، بِخِلافِ نَسْجِهِ أَيْ مَنْسُوجِ الْكَافِرِ، فَيُصَلَّى فِيهِ مَا لَمْ تَتَحَقَّقْ نَجَاسَتُهُ أَوْ تُظَنَّ لِحَمْلِهِ عَلَى الطَّهَارَةِ، وَكَذَا سَائِرُ صَنَائِعِهِ يُحْمَلُ فِيهَا عَلَى الطَّهَارَةِ عِنْدَ الشَّكِّ - وَلَوْ صَنَعَهَا فِي بَيْتِ نَفْسِهِ - خِلافًا لابْنِ عَرَفَةَ.
وَيَحْرُمُ أَنْ يُصَلَّى بِمَا يَنَامُ فِيهِ مُصَلٍّ آخَرُ، أَيْ غَيْرُ مُرِيدِ الصَّلاةِ بِهِ، لأَنَّ الْغَالِبَ نَجَاسَتُهُ بِمَنِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ، وَهَذَا إِذَا لَمْ يَعْلَمْ أَوْ يَظُنَّ أَنَّ مَنْ يَنَامُ فِيهِ مُحْتَاطٌ فِي طَهَارَتِهِ، وَإِلا صَلَّى فِيهِ، وَكَذَا يُصَلَّى فِيهِ إِذَا أَخْبَرَ صَاحِبُهُ بِطَهَارَتِهِ إِذَا كَانَ ثِقَةً.
وَأَمَّا مَا يُفْرَشُ فِي الْمَضَايِفِ وَالْقِيعَانِ وَالْمَقَاعِدِ فَتَجُوزُ الصَّلاةُ فِيهِ، لأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ النَّائِمَ عَلَيْهِ يَلْتَفُّ فِي شَيْءٍ آخَرَ غَيْرِ ذَلِكَ الْفَرْشِ، فَإِذَا حَصَلَ مِنْهُ شَيْءٌ مَثَلا فَإِنَّمَا يُصِيبُ مَا هُوَ مُلْتَفٌّ بِهِ، فَقَدِ اتَّفَقَ الأَصْلُ وَالْغَالِبُ عَلَى طَهَارَتِهَا. (2)
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لَوْ غَلَبَتِ النَّجَاسَةُ فِي شَيْءٍ وَالأَصْلُ فِيهِ الطَّهَارَةُ كَثِيَابِ مُدْمِنِي الْخَمْرِ، وَالنَّجَاسَةُ كَالْمَجُوسِ وَالْمَجَانِينِ وَالصِّبْيَانِ وَالْجَزَّارِينَ. . حُكِمَ لَهُ بِالطَّهَارَةِ عَمَلا بِالأَصْلِ، وَكَذَا مَا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى كَعَرَقِ الدَّوَابِّ وَلُعَابِهَا. . وَنَحْوِ ذَلِكَ. (3)
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ ثِيَابَ الْكُفَّارِ وَأَوَانِيَهُمْ طَاهِرَةٌ إِنْ جَهِلَ حَالَهَا كَمَا لَوْ عُلِمَتْ طَهَارَتُهَا، وَكَذَا آنِيَةُ مُدْمِنِي الْخَمْرِ وَثِيَابُهُمْ، وَآنِيَةُ مَنْ لابَسَ النَّجَاسَةَ كَثِيرًا وَثِيَابُهُمْ طَاهِرَةٌ.
وَتَصِحُّ الصَّلاةُ فِي ثِيَابِ الْمُرْضِعَةِ وَالْحَائِضِ وَالصَّبِيِّ وَنَحْوِهِمْ كَمُدْمِنِي الْخَمْرِ لأَنَّ الأَصْلَ طَهَارَتُهَا، مَعَ الْكَرَاهَةِ احْتِيَاطًا لِلْعِبَادَةِ، مَا لَمْ تُعْلَمْ نَجَاسَتُهَا فَلا تَصِحُّ الصَّلاةُ فِيهَا. (4)
(1) الفتاوى الهندية 5/ 347.
(2)
حاشية الدسوقي 1/ 61 ـ 62.
(3)
مغني المحتاج 1/ 29.
(4)
كشاف القناع 1/ 53.