الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نَوَى بِالطَّهَارَةِ مَا لَا تُشْرَع لَهُ اَلطَّهَارَة
فَإِنْ نَوَى بِالطَّهَارَةِ مَا لا تُشْرَعُ لَهُ الطَّهَارَةُ؛ كَالتَّبَرُّدِ وَالأَكْلِ وَالْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ وَنَحْوِهِ، وَلَمْ يَنْوِ الطَّهَارَةَ الشَّرْعِيَّةَ، لَمْ يَرْتَفِعْ حَدَثُهُ؛ لأَنَّهُ لَمْ يَنْوِ الطَّهَارَةَ، وَلا مَا يَتَضَمَّنُ نِيَّتَهَا، فَلَمْ يَحْصُلْ لَهُ شَيْءٌ، كَاَلَّذِي لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا. المغني (مكتبة القاهرة-د. ط -1388هـ 1968م) ج1 ص84
إنْ نَوَى جَعْلَ الْغُسْلِ لِغَيْرِ الطَّهَارَةِ، لَمْ يَبْطُلْ مَا مَضَى مِنْ طَهَارَتِهِ؛ لأَنَّهُ وَقَعَ صَحِيحًا، فَلَمْ يَبْطُلْ بِقَطْعِ النِّيَّةِ بَعْدَهُ، كَمَا لَوْ نَوَى قَطْعَ النِّيَّةِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْوُضُوءِ، وَمَا أَتَى بِهِ مِنْ الْغُسْلِ بَعْدَ قَطْعِ النِّيَّةِ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ؛ لأَنَّهُ وُجِدَ بِغَيْرِ شَرْطِهِ. فَإِنْ أَعَادَ غُسْلَهُ بِنِيَّةٍ قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ، صَحَّتْ طَهَارَتُهُ؛ لِوُجُودِ أَفْعَالِ الطَّهَارَةِ كُلِّهَا مَنْوِيَّةً مُتَوَالِيَةً. وَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ، انْبَنَى ذَلِكَ عَلَى وُجُوبِ الْمُوَالاةِ فِي الْوُضُوءِ، فَإِنْ قُلْنَا: هِيَ وَاجِبَةٌ. بَطَلَتْ طَهَارَتُهُ؛ لِفَوَاتِهَا، وَإِنْ قُلْنَا: هِيَ غَيْرُ وَاجِبَةٍ أَتَمَّهَا. المجموع (مكتبة الإرشاد-السعودية- ومكتبة المطيعي-د. ط-د. ت) ج1 ص366 - 367
وَاتَّفَقَ الأَصْحَابُ عَلَى أَنَّهُ لَوْ تَوَضَّأَ لِمَا لا يُسْتَحَبُّ لَهُ الطَّهَارَةُ لا يَرْتَفِعُ حَدَثُهُ. قَالَ أَصْحَابُنَا: قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ وَالْجُلُوسُ فِي الْمَسْجِدِ وَالأَذَانُ وَالتَّدْرِيسُ وَزِيَارَةُ قَبْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالسَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَالْوُقُوفُ بِعَرَفَاتٍ وَقِرَاءَةُ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَدِرَاسَةُ الْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ، فَفِي كُلِّ هَذِهِ الصُّوَرِ الْوَجْهَانِ، ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ: وَمِمَّا لا يُسْتَحَبُّ لَهُ الْوُضُوءُ دُخُولُ السُّوقِ، وَالسَّلامُ عَلَى الأَمِيرِ، وَلُبْسُ الثَّوْبِ، وَالصِّيَامُ، وَعَقْدُ الْبَيْعِ، وَالنِّكَاحُ، وَالْخُرُوجُ إلَى السَّفَرِ، وَلِقَاءُ الْقَادِمِ، قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ: وَكَذَا زِيَارَةُ الْوَالِدَيْنِ. قَالَ الْبَغَوِيّ: وَكَذَا "367" عِيَادَةُ: الْمَرِيضِ وَزِيَارَةُ الصَّدِيقِ وَالنَّوْمُ وَالأَكْلُ. وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ فِي النَّوْمِ غَيْرُ مَقْبُولٍ بَلْ يُسْتَحَبُّ الْوُضُوءُ لِلنَّوْمِ. مِمَّنْ صَرَّحَ بِهِ مِنْ أَصْحَابِنَا الْمَحَامِلِيُّ فِي اللُّبَابِ وَدَلِيلُهُ الأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ مِنْهَا حَدِيثُ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنهما قَالَ: " قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إذَا أَتَيْت مَضْجَعَك فَتَوَضَّأ وُضُوءَك لِلصَّلاةِ ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّك الأَيْمَنِ وَقُلْ: اللَّهُمَّ أَسْلَمْت نَفْسِي إلَيْكَ " إلَى آخِرِ الْحَدِيثِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ. مواهب الجليل (دار الفكر-الطبعة الثالثة-1412هـ-1992م) ج1 ص237
وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ: قَاعِدَةُ هَذَا أَنَّ مَنْ نَوَى مَا لا يَصِحُّ إلا بِطَهَارَةٍ كَالصَّلاةِ وَمَسِّ الْمُصْحَفِ وَالطَّوَافِ فَيَجُوزُ أَنْ يَفْعَلَ بِذَلِكَ الطُّهْرِ غَيْرَهُ، وَمَنْ نَوَى شَيْئًا لا يُشْتَرَطُ فِيهِ الطَّهَارَةُ كَالنَّوْمِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ ظَاهِرًا وَتَعْلِيمِ الْعِلْمِ فَلا يَجُوزُ أَنْ يَفْعَلَ بِذَلِكَ الْوُضُوءِ غَيْرَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ: يَسْتَبِيحُ لأَنَّهُ نَوَى أَنْ يَكُونَ عَلَى أَكْمَلِ الْحَالاتِ فَنِيَّتُهُ مُسْتَلْزِمَةٌ لِرَفْعِ الْحَدَثِ عَنْهُ انْتَهَى بِلَفْظِهِ.
وَمَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ نُجَيْمٍ فِي مَبْحَثِ " إِذَا عَيَّنَ وَأَخْطَأَ " أَنَّ الْوُضُوءَ وَالْغُسْلَ لا دَخْلَ لَهُمَا فِي هَذَا الْبَحْثِ لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ فِيهِمَا. وَقَالُوا: إِنَّ مَنْ دَخَلَ الْمَاءَ مَدْفُوعًا، أَوْ مُخْتَارًا لِقَصْدِ التَّبَرُّدِ، أَوْ لِمُجَرَّدِ إِزَالَةِ الْوَسَخِ صَحَّ وُضُوءُهُ. وَأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَنْوِ وَتَوَضَّأَ وَصَلَّى فَصَلاتُهُ صَحِيحَةٌ؛ لأَنَّ الشَّرْطَ مَقْصُودُ التَّحْصِيلِ لِغَيْرِهِ لا لِذَاتِهِ، فَكَيْفَمَا فَعَلَ حَصَلَ الْمَقْصُودُ وَصَارَ كَسَتْرِ الْعَوْرَةِ وَبَاقِي شُرُوطِ الصَّلاةِ وَلا يَفْتَقِرُ اعْتِبَارُهَا إِلَى أَنْ تُنْوَى. (1)
(1) شرح فتح القدير 1/ 32.