الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَا يُبَاحُ لِلْمُحْدِثِ حَدَثًا أَكْبَر
قِرَاءَةُ الْقُرْآن
(خ) ، القَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ: خَرَجْنَا لَا نَرَى إِلَّا الحَجَّ، فَلَمَّا كُنَّا بِسَرِفَ حِضْتُ، فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا أَبْكِي، قَالَ:«مَا لَكِ أَنُفِسْتِ؟» . قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ:«إِنَّ هَذَا أَمْرٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ، فَاقْضِي مَا يَقْضِي الحَاجُّ، غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ» (1)
الشَّرْح:
قَالَ ابن رَشِيدٍ تَبَعًا لِابْنِ بَطَّالٍ وَغَيْرِهِ إِنَّ مُرَادَ البخاري الِاسْتِدْلَالُ عَلَى جَوَازِ قِرَاءَةِ الْحَائِضِ وَالْجُنُبِ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ رضي الله عنها لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَسْتَثْنِ مِنْ جَمِيعِ مَنَاسِكِ الْحَجِّ إِلَّا الطَّوَافَ وَإِنَّمَا اسْتَثْنَاهُ لِكَوْنِهِ صَلَاةً مَخْصُوصَةً وَأَعْمَالُ الْحَجِّ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى ذِكْرٍ وَتَلْبِيَةٍ وَدُعَاءٍ وَلَمْ تُمْنَعِ الْحَائِضُ مِنْ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَكَذَلِكَ الْجُنُبُ لِأَنَّ حَدَثَهَا أَغْلَظُ مِنْ حَدَثِهِ وَمَنْعُ الْقِرَاءَةِ إِنْ كَانَ لِكَوْنِهِ ذِكْرًا لِلَّهِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا ذُكِرَ وَإِنْ كَانَ تَعَبُّدًا فَيَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ خَاصٍّ وَلَمْ يَصِحَّ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ شَيْءٌ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مَجْمُوعُ مَا وَرَدَ فِي ذَلِكَ تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ عِنْدَ غَيْرِهِ لَكِنَّ أَكْثَرَهَا قَابِلٌ لِلتَّأوِيلِ كَمَا سَنُشِيرُ إِلَيْهِ وَلِهَذَا تَمَسَّكَ الْبُخَارِيُّ وَمَنْ قَالَ بِالْجَوَازِ غَيره كالطبري وبن الْمُنْذِرِ وَدَاوُدَ بِعُمُومِ حَدِيثِ كَانَ يَذْكُرُ اللَّهَ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ لِأَنَّ الذِّكْرَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ بِالْقُرْآنِ أَوْ بِغَيْرِهِ وَإِنَّمَا فَرَّقَ بَيْنَ الذِّكْرِ وَالتِّلَاوَةِ بِالْعُرْفِ. فتح الباري (1/ 408)
(1)(خ) 290
قَال الْبُخَارِيُّ ج1ص68: وَقَالَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ: «كُنَّا نُؤْمَرُ أَنْ يَخْرُجَ الحُيَّضُ فَيُكَبِّرْنَ بِتَكْبِيرِهِمْ وَيَدْعُونَ»
الشَّرْح:
وَأَمَّا حَدِيثُ أُمِّ عَطِيَّةَ فَوَصَلَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي الْعِيدَيْنِ وَقَوْلُهُ فِيهِ وَيَدْعُونَ كَذَا لِأَكْثَرِ الرُّوَاةِ وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ يَدْعِينَ بِيَاءٍ تَحْتَانِيَّةٍ بَدَلَ الْوَاوِ وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ التِّلَاوَةِ وَغَيْرِهَا ثُمَّ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ طَرَفًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي سُفْيَانَ فِي قِصَّةِ هِرَقْلَ وَهُوَ مَوْصُولٌ عِنْدَهُ فِي بَدْءِ الْوَحْيِ وَغَيْرِهِ وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَتَبَ إِلَى الرُّومِ وَهُمْ كُفَّارٌ وَالْكَافِرُ جُنُبٌ كَأَنَّهُ يَقُولُ إِذَا جَازَ مَسُّ الْكِتَابِ لِلْجُنُبِ مَعَ كَوْنِهِ مُشْتَمِلًا عَلَى آيَتَيْنِ فَكَذَلِكَ يجوز لَهُ قِرَاءَته كَذَا قَالَه بن رَشِيدٍ وَتَوْجِيهُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ إِنَّمَا هِيَ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ إِنَّمَا كَتَبَ إِلَيْهِمْ لِيَقْرَءُوهُ فَاسْتَلْزَمَ جَوَاز الْقِرَاءَة بِالنَّصِّ لَا بالاستنباط وَقد أُجِيب مِمَّن مَنَعَ ذَلِكَ وَهُمُ الْجُمْهُورُ بِأَنَّ الْكِتَابَ اشْتَمَلَ عَلَى أَشْيَاءَ غَيْرِ الْآيَتَيْنِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ ذَكَرَ بَعْضَ الْقُرْآنِ فِي كِتَابٍ فِي الْفِقْهِ أَوْ فِي التَّفْسِيرِ فَإِنَّهُ لَا يَمْنَعُ قِرَاءَتَهُ وَلَا مَسَّهُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ لِأَنَّهُ لَا يُقْصَدُ مِنْهُ التِّلَاوَةُ وَنَصَّ أَحْمَدُ أَنَّهُ يَجُوزُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْمُكَاتَبَةِ لِمَصْلَحَةِ التَّبْلِيغِ وَقَالَ بِهِ كَثِيرٌ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَمِنْهُمْ مَنْ خَصَّ الْجَوَازَ بِالْقَلِيلِ كَالْآيَةِ وَالْآيَتَيْنِ قَالَ الثَّوْرِيُّ لَا بَأسَ أَنْ يُعَلِّمَ الرَّجُلُ النَّصْرَانِيَّ الْحَرْفَ مِنَ الْقُرْآنِ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ وَأَكْرَهُ أَنْ يُعَلِّمَهُ الْآيَةَ هُوَ كَالْجُنُبِ وَعَنْ أَحْمَدَ أَكْرَهُ أَنْ يَضَعَ الْقُرْآنَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ وَعَنْهُ إِنْ رَجَى مِنْهُ الْهِدَايَةَ جَازَ وَإِلَّا فَلَا وَقَالَ بَعْضُ مَنْ مَنَعَ لَا دَلَالَةَ فِي الْقِصَّةِ عَلَى جَوَازِ تِلَاوَةِ الْجُنُبِ الْقُرْآنَ لِأَنَّ الْجُنُبَ إِنَّمَا مُنِعَ التِّلَاوَةَ إِذَا قَصَدَهَا وَعَرَفَ أَنَّ الَّذِي يقرأه قُرْآنٌ أَمَّا لَوْ قَرَأَ فِي وَرَقَةٍ مَا لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ مِنَ الْقُرْآنِ فَإِنَّهُ لَا يُمْنَعُ وَكَذَلِكَ الْكَافِرُ. فتح (1/ 408)
(م)، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:" كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَذْكُرُ اللهَ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ "(1)
(1)(م) 117 - (373) ، (ت) 3384 ، (د) 18 ، (جة) 302
قَال الْبُخَارِيُّ ج1ص68: وَلَمْ يَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِالقِرَاءَةِ لِلْجُنُبِ بَأسًا.
الشَّرْح:
أثر بن عَبَّاس وَقد وَصله ابن الْمُنْذر بِلَفْظ إِن ابن عَبَّاس كَانَ يَقْرَأُ وِرْدَهُ وَهُوَ جُنُبٌ. فتح (1/ 408)
قَال الْبُخَارِيُّ ج1ص68: وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: «لَا بَأسَ أَنْ تَقْرَأَ الآيَةَ»
الشَّرْح:
أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ أَثَرَ إِبْرَاهِيم وَهُوَ النَّخعِيّ إشعارا بِأَنَّ مَنْعَ الْحَائِضِ مِنَ الْقِرَاءَةِ لَيْسَ مُجْمَعًا عَلَيْهِ وَقَدْ وَصَلَهُ الدَّارِمِيُّ وَغَيْرُهُ بِلَفْظِ أَرْبَعَةٌ لَا يقرؤون الْقُرْآنَ الْجُنُبُ وَالْحَائِضُ وَعِنْدَ الْخَلَاءِ وَفِي الْحَمَّامِ إِلَّا الْآيَةَ وَنَحْوَهَا لِلْجُنُبِ وَالْحَائِضِ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ نَحْوُ قَوْلِ إِبْرَاهِيمَ وَرُوِيَ عَنْهُ الْجَوَازُ مُطْلَقًا وَرُوِيَ عَنْهُ الْجَوَازُ لِلْحَائِضِ دُونَ الْجُنُبِ وَقَدْ قِيلَ إِنَّهُ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ. فتح (1/ 407)
، وَعَنْ حماد بن أبي سليمان قال: سألت سعيد بن جبير عن الجنب يقرأ؟ ، فلم يَرَ به بأسا وقال: أليس في جوفه القرآن؟. (1)
(1) قال الألباني في تمام المنة ص118: هذا جيد ، لكن لَا يخفى أن الأمر لَا يخلو من كراهة ، لحديث:" إني كرهت أن أذكر الله إِلَّا على طُهر " انظر (الصحيحة: 834)
قَال الْبُخَارِيُّ ج1ص68: وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو سُفْيَانَ، أَنَّ هِرَقْلَ دَعَا بِكِتَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَرَأَ فَإِذَا فِيهِ:" بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَ {يَا أَهْلَ الكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ .. الآيَةَ} "(1)
الشَّرْح:
أثر بن عَبَّاس وَقد وَصله بن الْمُنْذر بِلَفْظ إِن بن عَبَّاس كَانَ يَقْرَأُ وِرْدَهُ وَهُوَ جُنُبٌ. فتح (1/ 408)
(1)[آل عمران: 64]