الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اَلْمُتَّصِل بِالْحَيَوَانِ النَّجِس
الشَّعْر
شَعْرُ الْحَيَوَانِ غَيْرِ مَأكُولِ اللَّحْمِ الْمُتَّصِلِ بِهِ فَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى طَهَارَتِهِ، وَاسْتَثْنَى الْحَنَفِيَّةُ الْخِنْزِيرَ وَاسْتَثْنَى الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ الْخِنْزِيرَ وَالْكَلْبَ لأَنَّ عَيْنَهُمَا نَجِسَةٌ.
أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَذَهَبُوا إِلَى طَهَارَةِ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ لأَنَّ الأَصْلَ عِنْدَهُمْ أَنَّ كُلَّ حَيٍّ طَاهِرٌ.
أَمَّا شَعْرُ الْمُنْفَصِلِ عَنْهُ، فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ هُوَ طَاهِرٌ بِنَاءً عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ مَا أُبِينَ مِنْ حَيٍّ فَهُوَ مَيِّتٌ، إِلا مَا لا تَحُلُّهُ الْحَيَاةُ كَالشَّعْرِ.
وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا كَانَ نَجِسَ الْعَيْنِ كَالْخِنْزِيرِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ.
أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَهُوَ طَاهِرٌ عِنْدَهُمْ إِذَا جُزَّ، لا إِذَا نُتِفَ. (1)
ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى نَجَاسَةِ شَعْرِ الْخِنْزِيرِ فَلا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ لأَنَّهُ اسْتِعْمَالٌ لِلْعَيْنِ النَّجِسَةِ.
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ لَوْ خُرِزَ خُفٌّ بِشَعْرِ الْخِنْزِيرِ لَمْ يَطْهُرْ مَحَلُّ الْخَرْزِ بِالْغَسْلِ أَوْ بِالتُّرَابِ لَكِنَّهُ مَعْفُوٌّ عَنْهُ، فَيُصَلَّى فِيهِ الْفَرَائِضُ وَالنَّوَافِلُ لِعُمُومِ الْبَلْوَى. وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ يَجِبُ غَسْلُ مَا خُرِزَ بِهِ رَطْبًا وَيُبَاحُ اسْتِعْمَالُ مُنْخُلٍ مِنَ الشَّعْرِ النَّجِسِ فِي يَابِسٍ لِعَدَمِ تَعَدِّي نَجَاسَتِهِ، وَلا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِي الرَّطْبِ لانْتِقَالِ النَّجَاسَةِ بِالرُّطُوبَةِ.
وَأَبَاحَ الْحَنَفِيَّةُ اسْتِعْمَالَ شَعْرِهِ لِلْخَرَّازِينَ لِلضَّرُورَةِ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى طَهَارَةِ شَعْرِ الْخِنْزِيرِ فَإِذَا قُصَّ بِمِقَصٍّ جَازَ اسْتِعْمَالُهُ وَإِنْ وَقَعَ الْقَصُّ بَعْدَ الْمَوْتِ، لأَنَّ الشَّعْرَ مِمَّا لا تَحِلُّهُ الْحَيَاةُ، وَمَا لا تَحِلُّهُ الْحَيَاةُ لا يَنْجَسُ بِالْمَوْتِ، إِلا أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ غَسْلُهُ لِلشَّكِّ فِي طَهَارَتِهِ وَنَجَاسَتِهِ. أَمَّا إِذَا نُتِفَ فَلا يَكُونُ طَاهِرًا. (2)
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى نَجَاسَةِ شَعْرِ الْمَيْتَةِ إِلا مَا يَطْهُرُ جِلْدُهُ بِالدِّبَاغِ وَدُبِغَ، وَكَذَلِكَ الشَّعْرُ الْمُنْفَصِلُ مِنَ الْحَيَوَانِ غَيْرِ الْمَأكُولِ وَهُوَ حَيٌّ.
وَاسْتَدَلُّوا لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} . وَهُوَ عَامٌّ فِي الشَّعْرِ وَغَيْرِهِ. وَالْمَيْتَةُ اسْمٌ لِمَا فَارَقَتْهُ الرُّوحُ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهِ بِدُونِ تَذْكِيَةٍ شَرْعِيَّةٍ، وَهَذِهِ الآيَةُ خَاصَّةٌ فِي تَحْرِيمِ الْمَيْتَةِ وَعَامَّةٌ فِي الشَّعْرِ وَغَيْرِهِ، وَهِيَ رَاجِحَةٌ فِي دَلالَتِهَا عَلَى الآيَةِ الأُولَى وَهُوَ قَوْله تَعَالَى:{وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ} . لأَنَّ قَوْله تَعَالَى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} وَرَدَ لِبَيَانِ الْمُحَرَّمَاتِ وَالآيَةُ الأُولَى وَرَدَتْ لِلامْتِنَانِ.
وَاسْتَدَلُّوا مِنَ الْمَعْقُولِ بِأَنَّ كُلَّ حَيَوَانٍ يَنْجُسُ بِالْمَوْتِ يَنْجُسُ شَعْرُهُ وَصُوفُهُ. (3)
وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ عَلَى الْمَذْهَبِ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ بَقِيَّةِ أَجْزَائِهِ، فَمَا كَانَ طَاهِرًا فَشَعْرُهُ طَاهِرٌ وَمَا كَانَ نَجِسًا فَشَعْرُهُ نَجِسٌ. (4)
وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَحْمَدَ اخْتَارَهَا ابْنُ تَيْمِيَّةَ أَنَّ شَعْرَ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ وَمَا تَوَلَّدَ مِنْهُمَا طَاهِرٌ. (5)
(1) حاشية ابن عابدين 1/ 138، 139، المجموع 1/ 240، 241، 242، حاشية الدسوقي 1/ 49 و 53، الشرح الصغير 1/ 42، 44، 49، 50
(2)
بدائع الصنائع 1/ 63، حاشية الدسوقي 1/ 49، وأسنى المطالب 1/ 21، وكشاف القناع 1/ 56.
(3)
المجموع 1/ 230 ـ 231، 236 ـ 237، مغني المحتاج 1/ 78.
(4)
المغني 1/ 81، الإنصاف 1/ 93. بدائع الصنائع 1/ 63
(5)
الفروع 1/ 235