الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْخَارِج مِنْ اَلْحَيَوَان النَّجِس
اللَّبَن
إِنْ خَرَجَ اللَّبَنُ مِنْ حَيَوَانٍ حَيٍّ فَهُوَ تَابِعٌ لِلَحْمِهِ فِي إِبَاحَةِ التَّنَاوُلِ وَكَرَاهَتِهِ وَتَحْرِيمِهِ.
وَيُسْتَثْنَى مِنَ الْمُحَرَّمِ: الآدَمِيِّ، فَلَبَنُهُ مُبَاحٌ، وَإِنْ كَانَ لَحْمُهُ مُحَرَّمًا، لأَنَّ تَحْرِيمَهُ لِلتَّكْرِيمِ لا لِلاسْتِخْبَاثِ.
وَعَلَى هَذَا اتَّفَقَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ.
وَاسْتَثْنَى الْحَنَفِيَّةُ مِنَ الْمُحَرَّمِ أَوِ الْمَكْرُوهِ الْخَيْلُ، بِنَاءً عَلَى مَا نُقِلَ عَنِ الإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ مِنْ أَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ أَوْ مَكْرُوهَةٌ، فَفِي لَبَنِهَا عَلَى هَذَا رَأيَانِ:
(أَحَدُهُمَا) أَنَّهُ تَابِعٌ لِلَّحْمِ فَيَكُونُ حَرَامًا أَوْ مَكْرُوهًا.
(وَثَانِيهِمَا): - وَهُوَ الصَّحِيحُ - أَنَّهُ مُبَاحٌ، لأَنَّ تَحْرِيمَ الْخَيْلِ أَوْ كَرَاهَتَهَا لِكَوْنِهَا آلَةَ الْجِهَادِ لا لاسْتِخْبَاثِ لَحْمِهَا، وَاللَّبَنُ لَيْسَ آلَةَ الْجِهَادِ. وَنُقِلَ عَنْ عَطَاءٍ وَطَاوُسٍ وَالزُّهْرِيِّ أَنَّهُمْ رَخَّصُوا فِي لَبَنِ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ. وَإِنْ خَرَجَ اللَّبَنُ مِنْ حَيَوَانٍ مَأكُولٍ بَعْدَ تَذْكِيَتِهِ فَهُوَ مَأكُولٌ، وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَإِنْ خَرَجَ مِنْ آدَمِيَّةٍ مَيِّتَةٍ فَهُوَ مَأكُولٌ عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الآدَمِيَّ لا يَنْجُسُ بِالْمَوْتِ. (1) وَكَذَا أَيْضًا عِنْدَ بَعْضِ الْقَائِلِينَ بِأَنَّهُ يَنْجُسُ بِالْمَوْتِ كَأَبِي حَنِيفَةَ، فَإِنَّهُ مَعَ قَوْلِهِ بِنَجَاسَةِ الآدَمِيِّ الْمَيِّتِ يَقُولُ: إِنَّ لَبَنَ الْمَرْأَةِ الْمَيْتَةِ طَاهِرٌ مَأكُولٌ، خِلافًا لِلصَّاحِبَيْنِ.
وَإِنْ خَرَجَ اللَّبَنُ مِنْ مَيِّتَةِ الْمَأكُولِ، كَالنَّعْجَةِ مَثَلا، فَهُوَ طَاهِرٌ مَأكُولٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ. وَيَرَى صَاحِبَاهُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ أَنَّهُ حَرَامٌ لِتَنَجُّسِهِ بِنَجَاسَةِ الْوِعَاءِ، وَهُوَ ضَرْعُ الْمَيْتَةِ الَّذِي تَنَجَّسَ بِالْمَوْتِ.
وَحُجَّةُ الْقَائِلِينَ بِطَهَارَتِهِ وَإِبَاحَتِهِ قَوْله تَعَالَى: {وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةٌ نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ} . (2)
وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ عز وجل وَصَفَهُ بِكَوْنِهِ خَالِصًا فَلا يَتَنَجَّسُ بِنَجَاسَةِ مَجْرَاهُ، وَوَصَفَهُ بِكَوْنِهِ سَائِغًا وَهَذَا يَقْتَضِي الْحِلَّ، وَامْتَنَّ عَلَيْنَا بِهِ، وَالْمِنَّةُ بِالْحَلالِ لا بِالْحَرَامِ. (3)
(1) يلاحظ أن كلا من المالكية والشافعية والحنابلة لهم قولان ، والراجح عند الجميع طهارة ميتة الآدمي. وللحنفية قولان أيضا، والراجح عندهم النجاسة. الموسوعة الفقهية الكويتية ج5ص157
(2)
سورة النحل / 66.
(3)
البدائع 5/ 43، وحاشية ابن عابدين 1/ 135 و 5/ 194، 216، وتبيين الحقائق شرح كنز الدقائق 1/ 26، والخرشي على خليل 1/ 85، والمغني بأعلى الشرح الكبير 11/ 66، والشرح الكبير بأسفل المغني 1/ 303، ومطالب أولي النهى 1/ 233، ونهاية المحتاج 1/ 227.