الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حُكْمُ شَعْرُ الْحَيَوَانِ الْمَأكُولِ اللَّحْمِ
شَعْرُ الْحَيَوَانِ الْمَأكُولِ اللَّحْمِ الْمُتَّصِلِ بِهِ إِذَا أُخِذَ مِنْهُ وَهُوَ حَيٌّ فَقَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى طَهَارَتِهِ، وَمِثْلُهُ الصُّوفُ وَالْوَبَرُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ} (1) وَالآيَةُ سِيقَتْ لِلامْتِنَانِ وَهِيَ عَامَّةٌ فِي الْمُتَّصِلِ وَالْمُنْفَصِلِ وَيَأتِي الْخِلافُ فِي شُمُولِهَا بِشَعْرِ الْحَيَوَانِ الْمَيِّتِ.
وَأَجْمَعَتِ الأُمَّةُ عَلَى طَهَارَةِ شَعْرِ الْحَيَوَانِ الْمَأكُولِ اللَّحْمِ إِذَا جُزَّ مِنْهُ وَهُوَ حَيٌّ لِمَسِيسِ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ فِي الْمَلابِسِ وَالْمَفَارِشِ لأَنَّهُ لَيْسَ فِي شَعْرِ الْمُذَكَّيَاتِ كِفَايَةٌ لِحَاجَةِ النَّاسِ.
أَمَّا شَعْرُ الْحَيَوَانِ الْمَأكُولِ اللَّحْمِ الْمُنْفَصِلُ عَنْهُ فِي الْحَيَاةِ: فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إِلَى طَهَارَتِهِ إِذَا جُزَّ جَزًّا. أَمَّا إِذَا نُتِفَ فَأُصُولُهُ الَّتِي فِيهَا الدُّسُومَةُ نَجِسَةٌ، وَالأَصْلُ عِنْدَهُمْ أَنَّ مَا أُبِينَ مِنْ حَيٍّ. فَهُوَ مَيِّتٌ إِلا إِذَا كَانَ لا تَحُلُّهُ الْحَيَاةُ كَالشَّعْرِ وَالصُّوفِ وَالْوَبَرِ فَهُوَ طَاهِرٌ.
وَاشْتَرَطَ الْمَالِكِيَّةُ أَنْ يُجَزَّ جَزًّا بِخِلافِ مَا نُتِفَ نَتْفًا فَإِنَّ أُصُولَهُ تَكُونُ نَجِسَةً.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى طَهَارَتِهِ إِذَا جُزَّ وَاسْتَدَلُّوا بِالآيَةِ وَالإِجْمَاعِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ.
قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَغَيْرُهُ: وَكَانَ الْقِيَاسُ نَجَاسَتَهُ كَسَائِرِ أَجْزَاءِ الْحَيَوَانِ الْمُنْفَصِلَةِ فِي الْحَيَاةِ وَلَكِنْ أَجْمَعَتِ الأُمَّةُ عَلَى طَهَارَتِهَا.
أَمَّا إِذَا انْفَصَلَ شَعْرُ الْحَيَوَانِ الْمَأكُولِ اللَّحْمِ فِي حَيَاتِهِ بِنَفْسِهِ أَوْ نُتِفَ فَفِيهِ أَوْجُهٌ: الصَّحِيحُ مِنْهَا أَنَّهُ طَاهِرٌ لأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْجَزِّ، وَإِنْ كَانَ مَكْرُوهًا، وَالْجَزُّ فِي الشَّعْرِ كَالذَّبْحِ، فِي الْحَيَوَانِ وَلَوْ ذُبِحَ الْحَيَوَانُ لَمْ يَنْجُسْ، فَكَذَلِكَ إِذَا جُزَّ شَعْرُهُ.
وَالثَّانِي: إِنَّهُ نَجِسٌ سَوَاءٌ انْفَصَلَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِنَتْفٍ لأَنَّ مَا أُبِينَ مِنْ حَيٍّ فَهُوَ مَيِّتٌ.
وَدَلِيلُ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ. حَدِيثُ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ رضي الله عنه قَالَ: " قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم. الْمَدِينَةَ وَهُمْ يَجُبُّونَ أَسْنِمَةَ الإِبِلِ وَيَقْطَعُونَ أَلْيَاتِ الْغَنَمِ، فَقَالَ: مَا قُطِعَ مِنَ الْبَهِيمَةِ وَهِيَ حَيَّةٌ فَهِيَ مَيْتَةٌ ".
غَيْرَ أَنَّ الشَّافِعِيَّةَ اسْتَثْنَوْا الشَّعْرَ لِلإِجْمَاعِ عَلَى طَهَارَتِهِ لِحَاجَةِ النَّاسِ إِلَيْهِ وَقَصَرَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ الْحَدِيثَ عَلَى مَا تَحُلُّهُ الْحَيَاةُ وَلِذَا اسْتَثْنَوْا الشَّعْرَ.
وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ عَلَى الْمَذْهَبِ أَنَّ شَعْرَ كُلِّ حَيَوَانٍ كَبَقِيَّةِ أَجْزَائِهِ مَا كَانَ طَاهِرًا فَشَعْرُهُ طَاهِرٌ، وَمَا كَانَ نَجِسًا فَشَعْرُهُ نَجِسٌ، لا فَرْقَ بَيْنَ حَالَةِ الْحَيَاةِ وَحَالَةِ الْمَوْتِ.
فِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ نَجِسٌ، وَفِي أُخْرَى طَاهِرٌ. (2)
(1) سورة النحل / 80.
(2)
حاشية ابن عابدين 1/ 138، 139، المجموع 1/ 240، 241، 242، حاشية الدسوقي 1/ 49 و 53، الشرح الصغير 1/ 42، 44، 49، 50، المغني 1/ 81، الإنصاف 1/ 93. بدائع الصنائع 1/ 63